مشاهدة النسخة كاملة : عبقرية الشاطبي
سارة بنت محمد
2010-03-08, 02:38 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مَنْ مِنَّا لا يعْرف الشَّاطِبِيَّ - القاسِم بن فيرّه الشَّاطِبِيَّ ؟
أشهر من ألَّف منظُومة في علْم القراءات ، يتردد اسمه فيِ كل إِذاعاتِ القُرآن الكريم على مستوى العالم : قراءَة فُلانٍ عن فلانٍ من طَريقِ الشَّاطِبَيَّة
وقد تناول الشراح هذا النظم المبهر بالشَّرحِ ، ولكن اهتموا جداً بشرحه كَقَصِيدةٍ فيِ عِلْمِ القراءات
والقارئ لمقدمة هذا النَّظْمِ الـمُبْهر يرى قصِيدةً أخلاقيةً ووعْظاً رقيقاً ودعوة شرعية ورِقَّة في انتِقَاءِ الكلمات وعذوبة المعاني و..عَبْقَرِّية في اختيارِ الألفاظِ
فكلما نظرتُ في أبياتها شعرتُ أن هذا الشاطبيُ عبقريةٌ نادرةٌ ...أَلانَ الله له الحروف فقيدَّها تقييدا أعْجَزَ من بعده ...
وبالإضافةِ لعبقريةِ هذا الإمامُ ....تَجِدُ تواضعاً خلاباً ...وديناً وورعاً حريٌّ بالتأملِ في حالهِ وحالنا
فاليوم نتناول الشاطبية لا كحرز الأماني في علم القراءات ولكن ، مُقَدِّمتها فقط ، كشعر رقيق عذب ينم عن عبقرية الشاطبي
ولا ينكر إنسان أن القصيدة نفسها تدل على عَبْقَرِيَّته ، بل إن الذي يستطيع فك رَمْزَها وشَفْرتها عبقري والذي جمعها في صدره حفظاً عبقريٌ ، فكيف بكاتِبها؟! ، فيا عجبى على هؤلاء الذين يَفْخَرون في الشرق والغرب بكتَّابهم وكتاباتهم ولو عرفوا من هو الشاطبي وكيف صاغ قصيدته لماتوا من الحَسْرةِ والحَسَدِ!
لكني كلما شرعت في بسط شرح لهذه الأبياتِ الرائعةِ ، لا أَجِدُ بلاغة لغوية تُعبِّر عما أشعر به في النَّظْم ، وكلما ذكرتُ تعلقاً لغوياً يَنُم عن عبقرية هذا الإمام القارئ ـ أخشى أن أكون جانبتُ الصوابَ وأبعدتُ النجعة.
فقلت لعل أهْل اللغة في هذا المجلسِ العلميِ يشاركونا هذا العمل فنجعل إن شاء الله كل فترة - حسب التيسير- أبياتاً من المقدمة - فقط ، لكي نتذوقُ جمالَ هذه الأبيات ونستنبطُ حلاوةَ معانيها وعبقرية من حاك منها هذا النسيجِ الديباجيِ الرقيقِ.
وفي الأخير نجمع الشرح متصلا إن شاء الله تعالى.
واسمحوا لي أن أعرض مع نَفِيسِ بِضاعَتِكُم بِضَاعتي المُزْجاةَ على ركَاكَتِها وتَكَلُّفها فترفقوا بنا إن وجدتم زللا وغضوا الطَرْفَ عن مَسَاوِئِ العَمَلا
وأقول كما قال الشاطبي
فَإِن كَانَ خِطْأً فَادَّارِكْهُ بِفَضْلَةٍ مِنَ الْحِلْمِ ولْيُصْلِحْهُ مَنْ جَادَ مِقْوَلاً
ماجد مسفر العتيبي
2010-03-08, 05:48 PM
الاخت الفاضلة سارة بن محمد جزاك الله كل خير وبارك فيك
ورحم الله الامام الشاطبي وأعلى درجته
أم هانئ
2010-03-09, 11:41 AM
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرًا وبارك فيك أختنا الكريمة
سارة بنت محمد
2010-03-17, 11:10 AM
الأخ ماجد ، الأخت أم هانئ
بارك الله فيكما وأجزل لكما العطاء
أبو إلياس الرافعي
2010-03-17, 11:45 PM
الأخت الكريمة، والأستاذة المتفننة، والواعظة المدققة، والكتابة المتعبة: سارة بنت محمد.
كتاباتك رائقة والله، نفعك الله بها، ونفعنا بها، وأسأل الله أن يزيدك علمًا وفضلاً. ونسألك المزيد والمزيد.
ومن طرائف هذه الألفية أن الإمام الشاطبي قال: لو كان في أصحابي بركة لاستخرجوا منها ما لا يخطر ببالهم.
وقيل: إنه يستخرج من هذه الألفية اثنا عشر علمًا!!
وقد أخبرني الشيخ علي ونيس - حفظه الله - أنه حفظها في رمضان من الرمضانات.
أبو مهند المصري
2010-03-18, 02:25 AM
ما أحلى الكلام في ذكر العلاَّم. هنيئا لأختنا هذه النفحات، سائلا الله أن يفيض عليها من البركة وأن يرزقها اللمسة في الكلمة حتى تقع على وترٍ في القلب فيقرأ كل واحد منا القرآن - إن كان عنه بعيدا -.
سارة بنت محمد
2010-03-31, 09:30 AM
الأخ أبو إلياس الرافعي
الأخ أبو مهند المصري
جزاكما الله خيرا وبارك فيكما ورزقكما من خيري الدنيا والآخرة
سارة بنت محمد
2010-03-31, 09:31 AM
يَقُول العلامةُ المفضَالُ ،صاحبُ السَّبقِ والإِصرارِ ،الذي أَلَانَ اللهُ لَهُ الكَلَامَ ،فانْبَهَرَ بعلْمِهِ كُلُّ الأَنَامِ
بَدأتُ ببسْــمِ اللهِ فيِ النَّظْمِ أولًا.... تَبَـارَكَ رَحْمَانًا رَحِيمًا ومَوئِلا
جَرتْ عادةُ العلماءِ وطريقةُ الفضلاءِ على أن يبدأَ المتحدثُ والمؤلفُ بذكرِ اللهِ تعالى والثَّناءِ عليهِ سبحانَهُ، فاختارَ الشاطبيُ البسملةَ في بدايةِ الأبياتِ فقال :" بدأتُ ببسمِ اللهِ" وهذه البدايةُ موافقةٌ لأولِ ما نزلَ مِنَ القُرآنِ مِنْ قولهِ عَزَّ وجل: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذيِ خَلَقَ" سورة اقرأ الآية 1[1] (http://majles.alukah.net/showthread.php?p=348970#_ftn1) ، ومُوافقةٌ لما ابتدأَ بهِ الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ كُتُبَهُ إلى المُلُوكِ يَدْعُوهُم إِلى الإسْلامِ ،كما أنَّ أولَ آيةٍ في كِتَابِ اللهِ هي البسملةُ على قولِ من قالَ بأَنَّها آيةٌ من الفاتحةِ.
ثم جعلَ الشطرَ الثاني كالسَّببِ للشطرِ الأوَّل فهو ابتدأَ نظمه بِذِكْرِ اسْمِ اللهِ تعالى (الرَّحمنِ الرَّحيمِ) لأنَّ اللهَ تعالى هُوَ خَيْرُ مَلاذٍ يستعينُ به المرء على ما دقَّ وجلَّ من حَوَائجِ الدُّنيا والآخرةِ.
فهُو الرَّحمنُ الذي وَسِعَتْ رحمتُه كُلَّ الخَلائِقِ أجمعينَ، وهُوَ الرَّحيمُ الذي اخْتَصَّ بالتوفيقِ عبادِهِ الصَّالحينَ ، فَلِمَنْ يَلْجَأُ وَبِمَنْ يَسْتَعِينُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْرَعَ فيِ أَمرٍ جلَلِ كِهَذَا الذي شَرَعَ فيهِ الإمامُ؟! وبِمَنْ يَلُوذُ ولمنْ يتضرعُ أنْ يوفِّقَهُ لتيسيرِ العُلومِ لِكُلِّ الأنامِ؟!
للهِ وحدَهُ جلَّ وعَلَا .
فوالله إنا لنحسبُ أنَّ اللهَ تعالى قَدْ فَتَحَ لهُ منْ هذا البابِ – الإستعانةُ بِهِ وصِدقِ اللجُوءِ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ- مَا جَعَلَ نَظْمَهُ عَقْدًا نَضِيدًا لا مَثِيلَ لَهُ في التَّركيبِ .
وتأمل هذا البيتَ الفريدَ ، الذي ذكرَ فيهِ البسمَلَةَ واسمَي اللهِ الرَّحمنِ ، الرَّحيمِ ، وأشارَ إلى الاسْتِعَانةِ بِهِ سُبْحَانَهُ فيِ كُلِّ أمرٍ ، وحَقِّقِ العِلَاقَةَ بَيْنَهَا وبَيْنَ شرحِ معاني فاتحةِ كِتابِ اللهِ !
فكأنَّ الشاطبيَ عندما ابتدأ نظمه أرادَ أنْ ينبهَنَا إلى مَعَاني أوَّلَ سُوَرِ كتابِ اللهِ تعالى وفيهِ إشارةٌ خفيةٌ لموضوعِ النَّظْمِ وتَعَلُّقثه بكتابِ اللهِ عزَّ وجَلَّ.
[1] (http://majles.alukah.net/showthread.php?p=348970#_ftnre f1) انظر أول قتح الباري – كتاب الوحي
سارة بنت محمد
2010-03-31, 10:01 AM
ثم أتْبَعَ ذِكْرَ اللهِ والثَّنَاءِ عَلَيْهِ ذِكْرُ النبيِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ :
وَثَنَّيتُ صَلَّى اللهُ رَبِّي عَلَى الرِّضَا .... مُحَمَّدً المُهْدَى إِلى النَّاسِ مُرْسَلا
وهذا مما جرتْ عليهِ العوائدُ أيضًا :أن يلي الثناءَ على اللهِ تعالى ، الثناءُ على النبيِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فإن أوَّلَ رُكْنٍ في الإسْلَامِ هُوَ شَهَادةُ التَّوحيدِ لربِّ العبيدِ ، والشهادةُ لخاتمَ النَّبيينَ أنَّهُ هُو الرَّسولُ الأمينُ عليه من اللهِ أفْضَلُ الصَّلواتِ وأتَمَّ التَّسليمِ، وهَذِه الشَّهادةُ هِي شِعَارُ الإسلامِ ينادَى بها في كلِّ آذانٍ .
والصَّلاةُ على النبيِ صلى الله عليه وسلم مأمورٌ بها قال تعالى:" إِنَّ اللهَ وملائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" سورة الأحزاب 56
وقال صلى الله عليه وسلم : "البَخِيلُ مَنْ ذُكِرتُ عِنْدَهُ ثُمَّ لم يُصَلِّ عَلَيَّ " صححه أحمد شاكر في مسند الإمام أحمد ، وصححة الألباني في الصحيحة ، من حديث الحسين بن عليّ رضي الله عنهما
وانظُرْ إلى وَصْفِهِ نَبِيِ الرَّحْمَةِ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ : (الرِّضَا)
فهُوَ مَنِ ارْتَضَاهُ اللهُ هاديًا للبشرِ أجميعنَ..
وهُوَ مَنِ ارتَضَاهُ اللهُ خليلًا وفَضَّلهُ عَلَى كُلِّ النَّبيينَ..
وهُوَ المُرتَضَى إِمامًا لجميعِ المُسْلِمِينَ ..
وهُوَ المُرْتَضَى إمامًا للفُقَهَاءِ و القُرَّاءِ والمُحَدِّثينَ ..
وكُلُّ مَن يُقَدِّمُ عَلَى قَوْلِهِ قَولَ شَخْصٍ كَائِنًا مَن كَانَ فَهُوَ أَفَّاكٌ أَثيمٌ..
لا يُؤْمِنُ مِنَّا مَنْ لا يَرتَضِيهِ مُبَلِّغًا للْوَحْيِ مُبِينٌ..
صُلواتُ رَبِّي عَلَيْهِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ.."وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" سورة النساء 115
وتأملْ في قولِهِ (مُهدَى) ،فإنَّ الرَّسُولَ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ هُوَ خَيْرُ هَدِيَّةٍ وأفضلُ نعمةٍ للبشرِ، من آمن به سَلِمَ ومن أَعْرَضَ عنه غَرِمَ ، فلا يَسَعُ المرءَ إلا قَبُولُ هديةِ ربِّ العامينَ والإيمانُ برسالةِ البشيرِ النذيرِ.
قال صلى الله عليه وسلم : "إنَّمَا أنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ" [1] (http://majles.alukah.net/showthread.php?p=348971&posted=1#_ftn1) صححه الألباني في بلوغ المرام ومشكاة المصابيح عن أبي هريرة.
ومما زَادَنِي فَخْرًا وتِيهًا ...وكِدْتُ بِأَخْمُصِي أَطُلِ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تحتَ قَولِكَ يا عِبَاديِ ...وأنْ أَرْسَلْتَ أَحْمَدَ ليِ نَبِيَّا
صلى الله على نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي قال الله تعالى عنه :" لَقَدْ جَاءَكُم رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" سورة التوبة 128
وفي رأيي أنَّ في البَيتِ تَنَصُّلًا تامًا من عقائدِ المبتدعةِ الغلاةِ الذينَ يدَّعونَ أنَّ عليًا رضيَ اللهُ عنهُ أوْلى من رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ بالرسالةِ ، يظهرُ ذلكَ فيِ لفظِ (الرضا) حيثُ هُو الرِّضا مطلقًا لا يُرتَضَى غيرَهُ خَاتمَ المرسلينَ.
[1] (http://majles.alukah.net/showthread.php?p=348971&posted=1#_ftnref1) لمزيد من المعاني انظر إبراز المعاني
سارة بنت محمد
2010-03-31, 10:02 AM
أعتذر أن الكلمات قصرت عن بيان المراد وتدنت عن مستوى طلاب العلم والأدباء
ولا أظن أني أحتاج أن أطالب ببيان أي خطأ أو تعقيب على أي صعيد للاستفادة
جزاكم الله خيرا
أم هانئ
2010-04-04, 03:00 PM
أحسنت أحسن الله إليك
متابعون إن شاء الله تعالى .
صقر أبوزيد
2010-04-05, 11:59 PM
بارك الله فيكِ أخت سارة بنت محمد وزادك علمًا وفقهًا
زيدينا من هذه الدرر زادكِ الله نورًا
صقر أبوزيد
2010-04-06, 12:02 AM
زادكِ الله درايةً وعلمًا
زيدينا من هذه الدرر
قس بن ساعده
2010-04-08, 10:39 PM
أجدت وأفدت بارك الله فيك وجعل علمك لك لا عليك
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.