المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة ونقد لكتاب : ( يسألونك في الدين والحياة ) .



د . علي رضا بن عبدالله
2007-07-21, 05:58 PM
للدكتور أحمد الشرباصي : الأستاذ بجامعة الأزهر ، مجموعة من

الأسئلة والأجوبة جمعها في كتاب سماه :
(( يسألونك في الدين والحياة )) في سبع مجلدات كبيرة .
وقد استعرضت الكثير من موضوعات الكتاب فوجدتها لا تخلو من
انتقادات بعضها أشد من بعض بحسب خطورة الموضوع الذي
تناوله المؤلف ! ففي مجال العقيدة أولاًً :
1 - ذكر الشيخ الشرباصي في كتابه ( ج6 / ص199 ) عند
الإجابة عن سؤال في معنى قول الله تعالى :
( الرحمن على العرش استوى ) ؟
بأن : ( العرش كناية عن العز والسلطان والملك ) !!
ثم قال : ( واستوى على العرش أي ارتفع وعلا ، واستولى وملك )!
ثم نقل عن الزمخشري تفسير الاستواء !
وأقول للشرباصي :
لقد انحرفتم عن مفهوم السلف للاستواء الذي هو :
العلو والارتفاع ؛ لا : الاستيلاء والملك !
فقد خلطتم الحق بالباطل ، وجعلتم من مذهب السلف ومذهب الفرق الضالة مزيجاً باطلاً .
أما نقلكم عن الزمخشري فما أعجبه من نقل !
فالزمخشري من كبار المعتزلة ،
وكتابه ( الكشاف ) في التفسير من كتب الضلال المليئة بالآراء الاعتزالية ، والأحاديث الموضوعة والواهية !
ثم إن العرش ليس كناية عن العز و.... و.... !
بل العرش هو السرير ذو القوائم بلغة العرب ، وهذا الذي تحمله الملائكة - مع استغناء الله تعالى عن العرش وعن حملته - هذا عند أهل العلم من السلف الصالح ؛ أما المنحرفون عن هذه العقيدة فهي عندهم : الملك !
فيكون قوله تعالى : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) الحاقة : 17 أي : ويحمل ملكه يومئذ ثمانية !!
وقوله تعالى : ( وكان عرشه على الماء ) هود : 7 أي : وكان ملكه على الماء ! فهل يقول هذا عاقل يدري ما يقول ؟
وهكذا القول في العز والسلطان سواء بسواء ! والصحيح الذي عليه السلف هو ما قاله مالك رحمه الله :
( الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ) وهذا صحيح عن مالك ثابت من وجوه .

2 - يمدح المؤلف الصوفية الطرقية بأنهم كانوا أحد أسباب انتشار الإسلام في كثير من البلاد ! ( ج5 / 205 - 219 ) .
ثم أخذ يدلل على كلامه بأمثلة يذكر خلالها كبار القائلين بمذهب وحدة الوجود الكفري الإلحادي القائم على أساس : أن الله هو عين ما نراه من أشياء في هذه الحياة !! تعالى الله عما يقول الملحدون علواً كبيراً ، فيذكر ( الحاج بكطاش ولي ) صاحب الطريقة البكطاشية الخرافية الوثنية الشركية البدعية ! وهو من معبودات النصيرية الترك في تركيا ! ويمثل بآخر هو ( السنوسي ) صاحب الطريقة السنوسية القائمة
على الاستغاثة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام من دون الله تعالى ! بل وعلى مذهب الوحدة الذي ذكرناه ، وعلى كثير من الخرافات التي أنت واجدها عند قراءتك كتابه : ( إيقاظ الوسنان ) في الفصل الخير من الكتاب الذي أفسد به كل ما بناه في بدايات الكتاب من دعوة صحيحة لترك التقليد ، والعمل بالكتاب والسنة !
فكان بهذا على مذهب شيخ الطريقة : ابن عربي الملحد الظاهري في الفقه ، الباطني الصوفي الحلولي الوجودي في العقيدة والفكر !! ومن هذا المنبر فأنا أدعو المؤلف ومن اغتر بكلامه للرجوع إلى
مطالعة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في موضوع التصوف والصوفية وضلالاتهم وانحرافاتهم عن صراط الله وسنة نبيه وهدي الصحابة والسلف الصالح !
وليقرأ بعد ذلك كتب العلامة إحسان إلهي ظهير عن ضلال الصوفية وصلتها بالهندوكية والمجوسية والنصرانية والبوذية وغيرها من ديانات الكفر والشرك !
أما أهم شبهة للمؤلف فهي أن هؤلاء القوم أدخلوا الناس في دين الله تعالى كما هو حال التبليغيين الضالين ؛ وهذه الشبهة ظاهرها فيها الرحمة والعدل ، وباطنها من قبلها العذاب !
وقد سئل أحد العلماء عن إدخال المجوس إلى مذهب الرافضة ؟
فقال : لم يزد هذا الذي دخل مذهب الرفض من مذهب المجوسية
على أن انتقل من زاوية من النار إلى زاوية أخرى !!

3 - يمدح المؤلف البدوي الذي لا يعرف عنه علم ولا فضيلة ولا فقه ! بل يشيد بضريحه الذي يزار في ( طنطا ) ! وبالمسجد الذي أقيم على القبر ! وبالمولد البدوي الذي يحتفل فيه حشد كبير كل عام !!
انظر - وسل الله السلامة - كتابه ( ج1 / 527 - 528 ) .

4 - يخطيء المؤلف خطأ قاتلا ً بإطلاقه عبارة :
( اشتراكية الإسلام ) على دين الحق الذي ارتضاه الله لعباده ، ألا وهو الإسلام ؛ فيقول بأن ذلك هو روح الإسلام و ..... و ....( ج3 / 205 – 206 ) .
وأقول : هذه من الألفاظ التي يجب الاحتراز منها ؛ لأن الإسلام هو الإسلام وكفى : عقائده ، وأحكامه العادلة الرحيمة ، فهذا هو الأجدى في تسميته لا تقليد اليساريين والكفار والأخذ منهم !
انظر ( معجم المناهي اللفظية ) ص 46 – 47
5 - يجمع المؤلف جمعاً خطيراً بين المذاهب الضالة كالشيعة ( والأولى أن يقال : الرافضة ) والزيدية والمعتزلة والجبرية والقدرية على أنها جميعاً مذاهب إسلامية ، وهي من الفرق الإسلامية ، ويلين معهم العبارة فيقول :
( وجمهور المسلمين لا يؤيد المعتزلة والجبرية ) !! ( ج5 / 210 ) . ويقول عن الشيعة :
( المذهب الشيعي ينسب إلى شيعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشيعة بيته رضوان الله عليهم أجمعين ) !!
وكأني بالمؤلف قد أغفل أو تغافل - وأحلاهما مر - عن كفريات الرافضة الإمامية بل والجعفرية في قولهم بتبديل القرآن وتحريفه ، وبقذفهم الصديقة رضي الله عنها بالزنا ، وتكفيرهم الصحابة قاطبة إلا نفراً يعدون على الأصابع ، مع الغلو والشرك في علي وآل البيت !
6 - يزعم المؤلف أن المسيحية نسبة إلى المسيح عيسى بن مريم عليه السلام !! كما يدعي أن عبادة الأصنام والأوثان لا توجد في بلاده !
وليت شعري ! ألم يذهب إلى ( الحسين ) و ( البدوي ) و....... ليرى الطواف حول القبور ، وطلب المدد والحاجات لكشف الملمات !! ( ج5 / 237 ) .
7 - يقع المؤلف في عقيدة سماع الأموات بل
وحضورهم بيننا وإدراكهم لما يجري في هذا العالم ؛ فيغضبون ويرضون !! ( ج2 / 332 ) .
وهذا مصادم لعقيدة المسلمين كما في قوله تعالى : ( وما أنت بمسمع من في القبور ) فاطر :22
بل قد صرح علماء الأحناف بأن من قال : ( أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر ) . ( البحر الرائق ) 5 / 124 .
8 - يصرح المؤلف بمذهبه الماتريدي في كلام الله تعالى ، وأنه ما يخلقه في جبريل عليه السلام من قوة خاصة تجعله يفهم كلام الله سبحانه بالطريقة التي يريدها ! ( ج6 / 388 ) .
وهذا سبق فيه أبا منصور الماتريدي ( والذي ينتسب إليه الماتريدية ) : ابن كلاب وغيره من أهل البدع الذين يلتقون مع القائلين بخلق القرآن ، وهم لا يشعرون !
والصواب الذي لا مرية فيه عند أهل السنة والجماعة من السلف الصالح هو أن كلام الله تعالى بصوت يُسمَع ، وأنه تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء ،
وأن نوع الكلام قديم ، وإن لم يكن الصوت المعين قديماً .
أما كيفية الكلام فهذا ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، ولكن الله تعالى تكلم بالقرآن فسمعه منه جبريل عليه السلام وسمعه محمد صلى الله عليه وآله وسلم من جبريل ، وسمعه الصحابة من رسول الله عليه الصلاة والسلام . انظر لمزيد من الإيضاح ( شرح العقيدة الطحاوية ) ص 179 - 203 .
أما عن مجال الحديث الشريف ثانياً :
فقد كشف المؤلف عن عظم جهله في هذا الجانب ؛ بذكره للأحاديث الموضوعة والضعيفة ، والاستدلال بها في ( فتاواه ) !
فقد ذكر ( ج7 / 154 ) مجموعة من أحاديث العقل المتفق بين علماء الحديث على كونها مكذوبة وموضوعة !!
انظر كلام ابن القيم في ( المنار المنيف في الصحيح والضعيف ) ص 66 - 76 ؛
فقد ذكر المؤلف حديث : ( ازدد عقلاً تزدد من ربك تقرباً ) .
وحديث : ( لكل شيء دعامة ، ودعامة المؤمن عقله ، فبقدر عقله تكون عبادته ) !

وحديث : ( ما اكتسب رجل من عقل يهدي - كذا والصواب : ( ما اكتسب رجل أفضل من عقل يهدي - صاحبه إلى هدى ، ويرده عن ردى . وما تم إيمان عبد ولا استقام دينه حتى يكمل عقله ) .
وحديث : ( العقل نور في القلب يفرق به بين الحق والباطل ) .
وهذه الأحاديث الموضوعة المتهم بها :
داود بن المحبر الوضاع وغيره ،
وقد أفردت لذكرها عدة حلقات في زاويتي : ( لا تكذب عليه متعمداً ) صلى الله عليه وآله وسلم .
والمؤلف لا يفرق بين مصادر الحديث الأولية ( المسندة ) وبين تلك الثانوية التي تنقل عن الأولية نقلاً لا تفتيش فيه ؛ وإنما هو التقميش !
فقد ذكر في ( ج2 / 411 ) جواباً على أحد الأسئلة عن حديث : ( لو تكاشفتم ما تدافنتم ) ؟
فما كان جواب الدكتور إلا أن قال : ذكره ابن الأثير في ( النهاية في غريب الحديث والأثر ) !
وأقول لهذا الذي نصب نفسه مفتياً للأمة :
ليس كتاب ( النهاية ) من مصادر الحديث الأولية المسندة حتى تحيل إليه قراءك أولاً ، وهو إلى ذلك لا يعتني بذكر درجة الحديث صحة وضعفاً بل : ووضعاً كهذا الحديث المكذوب الذي تلهج به كتب اللغة والأدب كما بينته بحمد الله تعالى في بعض مقالاتي .
أما الأحاديث الضعيفة والشديدة الضعف ،
فقد أعرضت عن ذكرها هاهنا حتى لا يطول هذا البحث جداً ، وما لا يدرك كله لا يترك جله !
وختاماً أوصي المؤلف بالرجوع لعقيدة السلف الصالح ومنهجهم ، وتصفية كتابه من الموضوع والواهي والضعيف ، والاكتفاء عنها بالصحيح والحسن ؛ ففيهما والحمد لله غنية عن ما لا يثبت من الأحاديث كما قال العلماء ؛ وعلى قراء كتابه أن يستوثقوا من صحة الأحاديث الموجودة في هذه ( الفتاوى ) حتى يكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه . اللهم اجعلنا هداة مهتدين .

وكتب : علي رضا بن عبد الله بن علي رضا

سليمان الخراشي
2007-07-21, 06:07 PM
بارك الله فيك ..
ليتك تضغط الأسطر وتملأها بالكلمات ؛ لكي لا يطول المقال . وفقك الله .

خالد العامري
2007-07-21, 06:30 PM
بارك الله فيك، وليتك أيضاً يا شيخ علي تترفق في ردودك بإخوانك المسلمين فذلك أدعى لقبولهم ما عندك من الحق وأبلغ في نصحهم.

وجزاك الله خيراً.

د . علي رضا بن عبدالله
2007-07-21, 09:59 PM
شكراً للأخوين الفاضلين ؛ وشكراً على نصيحتيهما ؛ ولعل : ( لكل مقام مقالاً ) واللين في موضعه طيب .

سلمان أبو زيد
2007-07-21, 11:11 PM
بارك اللَّـهُ فيكم يا شيخ علي رضا .