ناصر الدعوة
2010-02-07, 03:34 AM
الحمد لله الداعي إلى بابه ، الموفق من شاء لصوابه ، أنعم بإنزال كتابه ، يشتمل على مُحْكَم ومتشابه ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ، وأما الراسخون في العلم فيقولون آمنا به ، أحمده على الهدى وتيسير أسبابه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من عقابه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أكمل الناس عملا في ذهابه وإيابه ، صلى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكر أفضل أصحابه ، وعلى عمر الذي أعز الله به الدين واستقامت الدنيا به ، وعلى عثمان شهيد داره ومحرابه ، وعلى علي المشهور بحل المشكِل من العلوم وكشف نقابه ، وعلى آله وأصحابه ومن كان أولى به ، وسلم تسليما .
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد عرف ابن حجر رحمه الله الصحابي في كتابه الاصابة بقوله
وأصح ما وقفت عليه من ذلك [ أن ] الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم | مؤمنا به ، ومات على الإسلام ؛ فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، | ومن لم يره لعارض كالعمى . ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى . وقولنا : ' به ' يخرج من لقيه مؤمنا بغيره ، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة . وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل ؟ محل احتمال . ومن هؤلاء بحيرا الراهب ونظراؤه . ويدخل في قولنا : ' مؤمنا به ' كل مكلف من الجن والإنس ؛ فحينئذ يتعين ذكر من حفظ ذكره من الجن الذين آمنوا به بالشرط المذكور ، وأما إنكار ابن الأثير على أبي موسى تخريجه لبعض الجن الذين عرفوا في كتاب الصحابة فليس بمنكر لما ذكرته . وقد قال ابن حزم في كتاب الأقضية من المحلى : من ادعى الإجماع فقد كذب على الأمة ؛ فإن الله تعالى قد أعلمنا أن نفرا من الجن آمنوا وسمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فهم صحابة فضلاء ؛ فمن أين للمدعي إجماع أولئك ؟ وهذا الذي ذكره في مسألة الإجماع لا نوافقه عليه ؛ وإنما أردت نقل كلامه في كونهم صحابة . وهل تدخل الملائكة ؟ محل نظر ؛ قد قال بعضهم : إن ذلك ينبني على أنه هل كان | مبعوثا إليهم أو لا ؟ وقد نقل الإمام فخر الدين في أسرار التنزيل الإجماع على أنه صلى الله عليه وسلم
لم يكن مرسلا إلى الملائكة . ونوزع في هذا النقل ؛ بل رجح الشيخ تقي الدين السبكي أنه كان مرسلا إليهم . واحتج بأشياء يطول شرحها . وفي صحة بناء | هذه المسألة على هذا الأصل نظر لا يخفى . وخرج بقولنا : ' ومات على الإسلام ' من لقيه مؤمنا به ثم ارتد ، ومات على ردته والعياذ بالله . وقد وجد من ذلك عدد يسير ؛ كعبيد الله بن جحش الذي كان زوج أم حبيبة ؛ فإنه أسلم معها ، وهاجر إلى الحبشة ، فتنصر هو ومات على نصرانيته . وكعبد الله بن خطل الذي قتل وهو متعلق بأستار الكعبة ، وكربيعة بن أمية ابن خلف على ما سأشرح خبره في ترجمته في القسم الرابع من حرف الراء . ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت ، سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا ؛ وهذا هو الصحيح المعتمد . والشق الأول لا خلاف في دخوله وأبدى بعضهم في الشق الثاني احتمالا ؛ وهومردود لإطباق أهل الحديث على عد الأشعث بن قيس في الصحابة ، وعلى تخريجأحاديثه في الصحاح والمسانيد ؛ وهو ممن ارتد ثم عاد إلى الإسلام في خلافة أبي بكر . وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين ؛ كالبخاري ، وشيخه أحمد ابن حنبل ، ومن تبعهما ؛ ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة : كقول من قال : لا يعد صحابيا إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة : من طالت مجالسته ، أو حفظت روايته ، أو ضبط أنه غزا معه ، أو استشهد بين يديه ؛ وكذا من اشترط في صحة الصحبة بلوغ الحلم ، أو المجالسة ولو قصرت . وأطلق جماعة أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي . وهو محمول على من بلغ سن التمييز ؛ إذ من لم يميز لا تصح نسبة الرؤية إليه . نعم يصدق إن النبي صلى الله عليه وسلم رآه فيكون صحابيا من هذه الحيثية ، ومن حيث الرواية يكون تابعيا ؛
وهل يدخل من رآه ميتا قبل أن يدفن كما وقع ذلك لأبي ذؤيب الهذلي الشاعر ؟إن صح محل نظر . والراجح عدم الدخول . ومما جاء عن الأئمة من الأقوال المجملة في الصفة التي يعرف بها كون الرجل صحابيا وإن لم يرد التنصيص على ذلك - ما أورده ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق لا بأس به ، أنهم كانوا في الفتوح لا يؤمرون إلا | الصحابة . وقول ابن عبد البر : لم يبق بمكة ولا الطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم ، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع . ومثل ذلك قول بعضهم في الأوس والخزرج : إنه لم يبق منهم في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا من دخل في الإسلام ، وما مات النبي صلى الله عليه وسلم وأحد منهم يظهر الكفر . والله أعلم . ( الفصل الثاني في الطريق إلى معرفة كون الشخص صحابيا ) وذلك بأشياء : أولها أن يثبت بطريق التواتر أنه صحابي ، ثم بالاستفاضة والشهرة ، ثم بأن يروى عن آحاد من الصحابة أن فلانا له صحبة مثلا ؛ وكذا عن آحاد التابعين ، بناء على قبول التزكية من واحد ؛ وهو الراجح ثم بأن يقول هو إذا كان ثابت العدالة والمعاصرة : أنا صحابي . أما الشرط الأول - وهو العدالة - فجزم به الآمدي وغيره ؛ لأن قوله قبل أن تثبت عدالته : أنا صحابي أو ما يقوم مقام ذلك - يلزم من قبو قوله إثبات عدالته ؛ لأن الصحابة كلهم عدول ، فيصير بمنزلة قول القائل : أنا عدل ؛ وذلك لا يقبل
هذا وثصلى الله وسلم على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والتابعين لهم باحسان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم ابو عبدالرحمن عبدالله الاثري المغربي
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد عرف ابن حجر رحمه الله الصحابي في كتابه الاصابة بقوله
وأصح ما وقفت عليه من ذلك [ أن ] الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم | مؤمنا به ، ومات على الإسلام ؛ فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ، | ومن لم يره لعارض كالعمى . ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى . وقولنا : ' به ' يخرج من لقيه مؤمنا بغيره ، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة . وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل ؟ محل احتمال . ومن هؤلاء بحيرا الراهب ونظراؤه . ويدخل في قولنا : ' مؤمنا به ' كل مكلف من الجن والإنس ؛ فحينئذ يتعين ذكر من حفظ ذكره من الجن الذين آمنوا به بالشرط المذكور ، وأما إنكار ابن الأثير على أبي موسى تخريجه لبعض الجن الذين عرفوا في كتاب الصحابة فليس بمنكر لما ذكرته . وقد قال ابن حزم في كتاب الأقضية من المحلى : من ادعى الإجماع فقد كذب على الأمة ؛ فإن الله تعالى قد أعلمنا أن نفرا من الجن آمنوا وسمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فهم صحابة فضلاء ؛ فمن أين للمدعي إجماع أولئك ؟ وهذا الذي ذكره في مسألة الإجماع لا نوافقه عليه ؛ وإنما أردت نقل كلامه في كونهم صحابة . وهل تدخل الملائكة ؟ محل نظر ؛ قد قال بعضهم : إن ذلك ينبني على أنه هل كان | مبعوثا إليهم أو لا ؟ وقد نقل الإمام فخر الدين في أسرار التنزيل الإجماع على أنه صلى الله عليه وسلم
لم يكن مرسلا إلى الملائكة . ونوزع في هذا النقل ؛ بل رجح الشيخ تقي الدين السبكي أنه كان مرسلا إليهم . واحتج بأشياء يطول شرحها . وفي صحة بناء | هذه المسألة على هذا الأصل نظر لا يخفى . وخرج بقولنا : ' ومات على الإسلام ' من لقيه مؤمنا به ثم ارتد ، ومات على ردته والعياذ بالله . وقد وجد من ذلك عدد يسير ؛ كعبيد الله بن جحش الذي كان زوج أم حبيبة ؛ فإنه أسلم معها ، وهاجر إلى الحبشة ، فتنصر هو ومات على نصرانيته . وكعبد الله بن خطل الذي قتل وهو متعلق بأستار الكعبة ، وكربيعة بن أمية ابن خلف على ما سأشرح خبره في ترجمته في القسم الرابع من حرف الراء . ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت ، سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا ؛ وهذا هو الصحيح المعتمد . والشق الأول لا خلاف في دخوله وأبدى بعضهم في الشق الثاني احتمالا ؛ وهومردود لإطباق أهل الحديث على عد الأشعث بن قيس في الصحابة ، وعلى تخريجأحاديثه في الصحاح والمسانيد ؛ وهو ممن ارتد ثم عاد إلى الإسلام في خلافة أبي بكر . وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين ؛ كالبخاري ، وشيخه أحمد ابن حنبل ، ومن تبعهما ؛ ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة : كقول من قال : لا يعد صحابيا إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة : من طالت مجالسته ، أو حفظت روايته ، أو ضبط أنه غزا معه ، أو استشهد بين يديه ؛ وكذا من اشترط في صحة الصحبة بلوغ الحلم ، أو المجالسة ولو قصرت . وأطلق جماعة أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي . وهو محمول على من بلغ سن التمييز ؛ إذ من لم يميز لا تصح نسبة الرؤية إليه . نعم يصدق إن النبي صلى الله عليه وسلم رآه فيكون صحابيا من هذه الحيثية ، ومن حيث الرواية يكون تابعيا ؛
وهل يدخل من رآه ميتا قبل أن يدفن كما وقع ذلك لأبي ذؤيب الهذلي الشاعر ؟إن صح محل نظر . والراجح عدم الدخول . ومما جاء عن الأئمة من الأقوال المجملة في الصفة التي يعرف بها كون الرجل صحابيا وإن لم يرد التنصيص على ذلك - ما أورده ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق لا بأس به ، أنهم كانوا في الفتوح لا يؤمرون إلا | الصحابة . وقول ابن عبد البر : لم يبق بمكة ولا الطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم ، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع . ومثل ذلك قول بعضهم في الأوس والخزرج : إنه لم يبق منهم في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا من دخل في الإسلام ، وما مات النبي صلى الله عليه وسلم وأحد منهم يظهر الكفر . والله أعلم . ( الفصل الثاني في الطريق إلى معرفة كون الشخص صحابيا ) وذلك بأشياء : أولها أن يثبت بطريق التواتر أنه صحابي ، ثم بالاستفاضة والشهرة ، ثم بأن يروى عن آحاد من الصحابة أن فلانا له صحبة مثلا ؛ وكذا عن آحاد التابعين ، بناء على قبول التزكية من واحد ؛ وهو الراجح ثم بأن يقول هو إذا كان ثابت العدالة والمعاصرة : أنا صحابي . أما الشرط الأول - وهو العدالة - فجزم به الآمدي وغيره ؛ لأن قوله قبل أن تثبت عدالته : أنا صحابي أو ما يقوم مقام ذلك - يلزم من قبو قوله إثبات عدالته ؛ لأن الصحابة كلهم عدول ، فيصير بمنزلة قول القائل : أنا عدل ؛ وذلك لا يقبل
هذا وثصلى الله وسلم على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والتابعين لهم باحسان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم ابو عبدالرحمن عبدالله الاثري المغربي