المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الرؤية والسمع لله عز وجل الذي هو مطلق الإدراك يكون بمشيئته؟



زوجة وأم
2010-01-06, 10:51 PM
السـلام عليكم ورحمة الله
سأل أحد الاخوة عن مسألة مهمة وهي هل صفتي السمع والبصر لله متعلقة بمشيئته أم لا

وقد بحثت في عدد من الكتب المرتبطة بالعقيدة وبحثت عن طريق جوجل ولكن لم أجد شيئا في هذا الموضوع سوى هذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (من مجموع الفتاوى) :

و" الْمَقْصُودُ هُنَا " أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ إذَا خَلَقَ الْمَخْلُوقَاتِ رَآهَا وَسَمِعَ أَصْوَاتَ عِبَادِهِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ؛ إذْ كَانَ خَلْقُهُ لَهُمْ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَبِذَلِكَ صَارُوا يُرَوْنَ وَيُسْمَعُ كَلَامُهُمْ وَقَدْ جَاءَ فِي
الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ يَخُصُّ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ بَعْضَ الْمَخْلُوقَاتِ كَقَوْلِهِ : { ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : مَلِكٌ كَذَّابٌ وَشَيْخٌ زَانٍ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ } وَكَذَلِكَ فِي " الِاسْتِمَاعِ " قَالَ تَعَالَى : { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } أَيْ اسْتَمَعَتْ . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءِ كَإِذْنِهِ لِنَبِيِّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ } وَقَالَ : { لَلَّهُ أَشَدُّ إذْنًا إلَى صَاحِبِ الْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ } فَهَذَا تَخْصِيصٌ بِالْإِذْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ لِبَعْضِ الْأَصْوَاتِ دُونَ بَعْضٍ . وَكَذَلِكَ ( سَمِعَ ) الْإِجَابَةَ كَقَوْلِهِ : { سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ } وَقَوْلِ الْخَلِيلِ : { إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } وَقَوْلِهِ : { إنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } يقتضي التَّخْصِيصَ بِهَذَا السَّمْعِ فَهَذَا التَّخْصِيصُ ثَابِتٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُوَ تَخْصِيصٌ بِمَعْنَى يَقُومُ بِذَاتِهِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ - كَمَا تَقَدَّمَ - وَعِنْدَ الْنُّفَاةِ هُوَ تَخْصِيصٌ بِأَمْرِ مَخْلُوقٍ مُنْفَصِلٍ لَا بِمَعْنَى يَقُومُ بِذَاتِهِ . وَتَخْصِيصُ مَنْ يُحِبُّ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مُنْتَفٍ عَنْ غَيْرِهِمْ . لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ هَلْ يُقَالُ : إنَّ نَفْسَ الرُّؤْيَةِ وَالسَّمْعِ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الْإِدْرَاكِ هُوَ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ فَلَا يُمْكِنُ وُجُودُ مَسْمُوعٍ وَمَرْئِيٍّ
وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ كَالْعِلْمِ ؟ أَوْ يُقَالُ : إنَّهُ أَيْضًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَيُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَى بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ ؟ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ : وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مَنْ لَا يَجْعَلُ ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ يَجْعَلُونَهُ مُتَعَلِّقًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَقَدْ يَقُولُونَ : مَتَى وُجِدَ الْمَرْئِيُّ وَالْمَسْمُوعُ وَجَبَ تَعَلُّقُ الْإِدْرَاكِ بِهِ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ جِنْسَ السَّمْعِ وَالرُّؤْيَةِ يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجوني قَالَ : مَا نَظَرَ اللَّهُ إلَى شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ إلَّا رَحِمَهُ وَلَكِنَّهُ قَضَى أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَيْهِمْ . وَقَدْ يُقَالُ : هَذَا مِثْلُ الذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْته فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْته فِي مَلَإِ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْته هَرْوَلَةً } فَهَذَا الذِّكْرُ يَخْتَصُّ بِمَنْ ذَكَرَهُ فَمَنْ لَا يَذْكُرُهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ هَذَا الذِّكْرُ وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَأَطَاعَهُ ذَكَرَهُ بِرَحْمَتِهِ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ الذِّكْرِ الَّذِي أَنْزَلَهُ أَعْرَضَ عَنْهُ كَمَا قَالَ : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا } { قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَا تُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } . وَقَدْ فَسَّرُوا هَذَا النِّسْيَانَ بِأَنَّهُ . . . (1) وَهَذَا النِّسْيَانُ ضِدُّ ذَلِكَ الذِّكْرِ وَفِي الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ الْكَافِرِ يُحَاسِبُهُ قَالَ : { أَفَظَنَنْت أَنَّك مُلَاقِيَّ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ فَالْيَوْمَ أَنْسَاك كَمَا نَسِيتنِي } فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ أَهْلَ طَاعَتِهِ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَيْضًا وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ خَلَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَعَلِمَ مَا سَيَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَهُ وَلَمَّا عَمِلَ عَلِمَ مَا عَمِلَ وَرَأَى عَمَلَهُ فَهَذَا النِّسْيَانُ لَا يُنَاقِضُ مَا عَلِمَهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حَالِ هَذَا. ا.هـ
______
(1) بياض بالأصل



أولا: فهمت بعضا مما قاله شيخ الإسلام وليس كله، أي أن المسألة لم تتضح كليًّا بعد، فهل أجد كلاما آخر لشيخ الإسلام أو لغيره من السلف وعلماء السنة قديما أو حديثا في هذه المسألة حتى أفهمها بشكل أفضل؟
ثانيا: القولان اللذان ذكرهما شيخ الإسلام هل هما لأهل السنة، يعني ان هناك خلاف بين السلف في هذه المسألة؟ أم انهم لم يختلفوا في هذه المسألة واحد القولين ليس لأهل السنة؟

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-06, 11:15 PM
لي وجهة نظر في هذا الموضوع
وقد أكون مخطئاً في نظر الكثيرين
ولكن حسبي أن ما اخترته هو ما تعلمته من سلفنا الصالح .
والذى أراه هو عدم الخوض في مثل هذا أو مناقشته
والعلماء الكبار ممن تكلم في العقيدة وناقش أهل البدع أو رد عليهم كابن تيمية وغيره يبقى كلامه في الرد عليهم ولا نخوض فيه...أو ننشره بين العوام .

أسـامة
2010-01-06, 11:40 PM
والذى أراه هو عدم الخوض في مثل هذا أو مناقشته

بارك الله فيك... أوافقك... وفقك الله.

عدنان البخاري
2010-01-06, 11:59 PM
هذه مسألة هامة ومفيدة.
وسأعود إليها بعدُ إن شاء الله.

جذيل
2010-01-07, 12:16 AM
الذي اراه هو طريقة السلف , وهو الحديث عن ذلك بين العامة عند الاعتراض او الصرف ..
فالقولان اللذان نقلهما شيخ الاسلام عن صفتي السمع و البصر ليسا في اثباتهما او نفيهما , بل في امر آخر , والخلاف الذي ذكره باختصار في كون الصفتين :
اما انهما صفتان لازمتان للذات لا تنفك عنها , كالعلم ..
واما انهما من الصفات الاختيارية المتعلقة بالمشيئة ..
وليس مقصوده ذكر الخلاف في اثباتهما او نفيهما .
ثم ذكر ان كونهما من الصفات الاختيارية التي يفعلهما متى شاء هو قول من ذكر من السلف ..
والله تعالى اعلم

عدنان البخاري
2010-01-07, 12:58 AM
/// هذا تعجيل بشيءٍ يتعلق بسؤالكِ الأول:

/// قال ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض: «قول الخلال في كتاب السنة:
وقال أبو بكر الخلال في كتاب السنة (أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- قيل له: أهل الجنة ينظرون إلى ربهم عز و جل ويكلمونه ويكلمهم؟ قال : نعم ينظر وينظرون إليه ويكلمهم ويكلمونه كيف شاء وإذا شاء)
......
فقول أحمد : ( إنه ينظر إليهم ويكلمهم كيف شاء وإذا شاء ) وقوله : ( هو على العرش كيف شاء وكما شاء ) وقوله : ( هو على العرش بلا حد كما قال : { ثم استوى على العرش } كيف شاء المشيئة إليه والاستطاعة له ليس كمثله شيء )
قلت : وهو خالق كل شيء وهو كما وصف نفسه سميع بصير شيء يبين أن نظره وتكليمه وعلوه على العرش واستواءه على العرش مما يتعلق بمشيئته واستطاعته..».

/// وقال رحمه الله أيضًا في مجموع الفتاوى: «... وكذلك السمع و البصر و النظر قال الله تعالى وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله هذا فى حق المنافقين وقال فى حق التائبين وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وقوله فسيرى الله دليل على أنه يراها بعد نزول هذه الآية الكريمة.
والمنازع اما ان ينفى الرؤية واما ان يثبت رؤية قديمة ازلية.
وكذلك قوله ثم جعلناكم خلائف فى الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون ولام كى تقتضى ان ما بعدها متأخر عن المعلول.
فنظره كيف يعملون هو بعد جعلهم خلائف.
وكذلك قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى الى الله والله يسمع تحاوركما اخبر انه يسمع تحاورهما حين كانت تجادل وتشتكى الى الله.
وقال النبى اذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد يسمع الله لكم فجعل سمعه لنا جزاء وجوابا للحمد فيكون ذلك بعد الحمد، والسمع يتضمن مع سمع القول قبوله واجابته ومنه قول الخليل ان ربى لسميع الدعاء وكذلك قوله لموسى اننى معكما اسمع وارى.
و المعقول الصري يدل على ذلك فإنَّ المعدوم لا يرى ولا يسمع بصريح العقل واتفاق العقلاء.
لكن قال من قال من السالمية انه يسمع ويرى موجودا فى علمه لا موجودا بائنا عنه ولم يقل انه يسمع ويرى بائنا عن الرب، فاذا خلق العباد وعملوا وقالوا فاما ان نقول انه يسمع اقوالهم ويرى اعمالهم واما لا يرى ولا يسمع فان نفى ذلك فهو تعطيل لهاتين الصفتين وتكذيب للقرآن وهما صفتا كمال لا نقص فيه فمن يسمع ويبصر أكمل ممن لا يسمع ولا يبصر.
والمخلوق يتصف بأنه يسمع ويبصر فيمتنع اتصاف المخلوق بصفات الكمال دون الخالق سبحانه وتعالى.
وقد عاب الله تعالى من يعبد من لا يسمع ولا يبصر فى غير موضع ولأنه حى والحى اذا لم يتصف بالسمع والبصر اتصف بضد ذلك وهو العمى والصمم وذلك ممتنع وبسط هذا له موضع آخر.
وإنَّما المقصود هنا انه اذا كان يسمع ويبصر الاقوال والاعمال بعد أن وجدت فإما ان يقال أنه تجدد وكان لا يسمعها ولا يبصرها فهو بعد ان خلقها لا يسمعها ولا يبصرها.
وان تجدد شىء فاما ان يكون وجودا او عدما.
فان كان عدما فلم يتجدَّد شىءٌ.
وان كان وجودا فاما أن يكون قائما بذات الله او قائما بذات غيره.
والثانى يستلزم ان يكون ذلك الغير هو الذى يسمع ويرى فيتعين ان ذلك السمع والرؤية الموجودين قائم بذات الله وهذا لا حيلة فيه!
والكلابية يقولون فى جميع هذا الباب المتجدد هو تعلق بين الامر والمأمور وبين الارادة والمراد وبين السمع والبصر والمسموع والمرئي.
فيقال لهم: هذا التعلُّق إمَّا أنْ يكون وجودًا، وإمَّا أنْ يكون عدمًا.
فإن كان عدمًا فلم يتجدَّد شيءٌ؛ فإنَّ العَدَم لا شيءٌ، وإنْ كان وجودًا بطل قولهم...».

زوجة وأم
2010-01-07, 01:06 AM
كما أن هذه المسألة مرتبطة بفهم آية معينة سأكتب موضوعا آخر لها - إن شاء الله - حيث انه لدي بعض الاستفسارات في معنى تلك الآية واقوال العلماء فيها

انتهيت من كتابة الموضوع:

http://majles.alukah.net/showthread.php?t=48201


وسأعود لقراءة الردود الجديدة في هذا الموضوع لاحقا إن شاء الله

ابن الرومية
2010-01-07, 01:42 AM
كذا نقل عن بعض السلف ما أصله شيخ الاسلام مما نقله الشيخ عدنان من عدم التفريق بين اصلهم في الكلام و اصلهم في الرؤية كما بينه الامام الدارمي و الامام الأشعري

قال سليمان بن حرب : القرآن غير مخلوق وأخذته من كتاب الله تعالى قال الله تعالى :
( لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ) من الآية ( 77 / 3 ) وكلام الله ونظره واحد يعني غير مخلوق

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-07, 02:40 AM
أمر آخر أود أن ألفت النظر إليه ولا أقصد أحداً بعينه .
قد يفخر البعض أو يدخله العجب بقدرته على مناقشة مثل هذه الأمور وأود أن أوضح أن من تركها قد تركها رغبة عنها لا قصوراً في فهمه أو ضعفاً في تصورها ، ولا عجزاً في مواهبه عن مناقشتها بل لمآلاتها ...
فلما خاضوا تلك البحار ونجاهم الله برحمته رجعوا إلى الشاطئ وقعدوا عنده يحذرون من يخوض من الغرق .
ولو تكلموا فيها لما شق احد لهم غبار .
وفق الله الجميع إلى ما يرضاه .

عدنان البخاري
2010-01-07, 07:33 AM
/// وقال رحمه الله في درء التَّعارض (2/239-241): «دعوى المدِّعي أنَّ الجمهور إنَّما يلزمهم تجدُّد الإضافات والأحوال والأعدام، لا تجدُّد الحادث الذي وُجِد بعد العَدَم، ذاتًا كان أوصفةً =دعوى ممنوعة، لم يُقِم عليها دليلًا، بل الدليل يدلُّ على أنَّ أؤلئك الطوائف يلزمهم قيام أمورٍ وجوديةٍ حادثةٍ بذاتهٍ، مثال ذلك: أنَّه سبحانه وتعالى يسمع ويرى ما يخلق من الأصوات والمرئيَّات.
وقد أخبر القرآن بحدوث ذلك في مثل قوله: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾، وقوله تعالى: ﴿ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون﴾.
وقد أخبر بسمعه ورؤيته في مواضع كثيرة، كقوله لموسى وهارون : ﴿إنِّني معكما أسمع وأرى﴾، وقوله: ﴿الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين﴾، وقوله: ﴿لقد سمع الله قول الذين قالوا إنَّ الله فقير ونحن أغنياء﴾، ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله﴾.
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات! لقد كانت المجادلة تشتكي إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في جانب البيت، وإنَّه ليخفى عليَّ بعض كلامها، فأنزل الله تعالى: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله﴾. ومثل هذا كثيرٌ.
فيُقال لهؤلاء: أنتم معترفون وسائر العقلاء بما هو معلوم بصريح العقل أنَّ المعدوم لا يُرَى موجودًا قبل وجوده، فإذا وُجِد فرآه موجودًا وسمع كلامَه فهل حصل أمرٌ وجوديٌّ لم يكن قبل أولم يحصل شيءٌ؟
فإن قيل: لم يحصل أمرٌ وجوديٌ، وكان قبل أن يخلق لا يراه، فيكون بعد خلقه لا يراه أيضًا.
وإن قيل: حصل أمرٌ وجودي.
فذلك الوجودي إمَّا أن يقوم بذات الرَّب.
وإمَّا إن يقوم بغيره، فإن قام بغيره لزم أن يكون غير الله هو الذي رآه، وإن قام بذاته عُلِم أنَّه قام به رؤية ذلك الموجود الذي وجد، كما قال تعالى: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾.
وما سمّوه إضافات وأحوالًا وتعلّقات وغير ذلك يقال لهم: هذه أمورٌ موجودة أوليست موجودة، فإن لم تكن موجودةً فلا فرق بين حاله قبل أن يرى ويسمع، وبعد أن يرى ويسمع؛ فإنَّ العَدَم المستمرَّ لا يوجب كونه صار رائيًا سامعًا.
وإنْ قلتم: بل هي أمورٌ وجوديةٌ فقد أقررتم بأنَّ رؤية الشيء المعيَّن لم تكن حاصلة ثمَّ صارت حاصلة بذاته وهي أمر وجودي...».

أبو الفداء
2010-01-07, 08:28 AM
الحمد لله وحده.
/// شكر الله للأخت الفاضلة طرح هذه المسألة المفيدة، وقد ترد على أذهان بعض الناس - لا سيما حديثي العهد بالإسلام في بلاد الغرب (وهم يتنازعهم في تلك البلاد قطبان متضادان: قطب الإلحاد المحض وقطب الوثنية المحضة) - شبهات بهذا الشأن، فيحتاج الأمر إلى ضبط للفهم.
وأرجو ألا يتحسس الإخوة من طرح مثل هذه المسألة للنقاش العلمي بقولهم إن قوما من العلماء قد خاضوا فيها حتى غرقوا فرجعوا يقولون للعامة إياكم والكلام فيها!! فالمنع المطلق غلو، تماما كما أن الخوض بلا ضابط ولا حد ودون الحاجة الملجئة إلى ذلك غلو! فالغلو إما إفراط وإما تفريط! وليس تفويض المفوضة في الصفات إلا من غلوهم في الجهة المقابلة لخوض الفلاسفة فيها، ففرطوا في طلب ما أنزله الله وحذروا الناس منه كما أفرط الفلاسفة في الجهة المقابلة في طلب ما ليس لهم به سلطان!
فالقصد أن طالب العلم ينبغي أن يتحلى ببصيرة - من فهم السلف وصنيعهم رضي الله عنهم - يرى بها الحد الذي من جاوزه في الكلام في مثل هذه المسائل = نُهي وزُجر وقيل له "هذا سبيل قد ضل من قبلك كثير ممن خاض فيه ولم يرجعوا بشيء، فأقصر، فالسلامة لا يعدلها شيء"!
ولا يقولن قائل إن تقسيم الصفات إلى صفات فعلية وصفات ذاتية (مثلا) هذا تقسيم حادث لم يتكلم به السلف، ومن ثم فالسلامة في ألا نتكلم به! هذا غير صحيح، بل تكلم السلف بمثله ولم يمتنعوا ما دعت الحاجة إلى ذلك التقسيم، وحدوث التصنيف والتقسيم والاصطلاح في أبواب العلم لا يمنع لمجرد كونه حادثا! وقد قسم أئمة السلف من التابعين ومن تبعهم ومن تبع أتباعهم تقاسيم كثيرة في مختلف أبواب العلم ولم يستقبح أحدهم ذلك لمجرد حدوثه، فقسموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام، وقسموا الأعمال والأقوال إلى أربعة أقسام، وقسموا الدين إلى أصول وفروع، وغير ذلك من تقاسيم وتراتيب علمية دعت إليها الحاجة ولم تخرج إلا من جملة فهوم السلف الأول للكتاب والسنة.


/// والمسألة التي بين أيدينا مسألة دقيقة ترد الشبهة فيها من جهة تصور البعض أن حال عدم النظر إلى مخلوق من المخلوقات أو عدم سماعه يلزم منه النقص في الموصوف به، فمن هنا تخوف من تخوف من القول بأن من المخلوقات ما لا ينظر إليه الخالق جل وعلا أو لا يسمعه.. ولكن هذا التصور فاسد من وجوه:
/// /// لو كان يلزم من عدم النظر إلى مخلوق من المخلوقات في حال من الأحوال ورود النقص في حق الخالق جل وعلا للزم مثل ذلك من حال عدم الكلام - مثلا - وليس يلزم، فالله لم يزل متكلما بما يشاء متى يشاء، وكذا فهو سبحانه لم يزل ناظرا إلى ما يشاء من خلقه متى يشاء، مستمعا إلى ما يشاء من خلقه متى يشاء. والنقص من عدم السماع أو الإبصار لمعيَّن من المخلوقات في حقنا نحن المخلوقين إنما يكون بالنظر إلى كون علمنا بالأشياء لا يأتينا إلا من السمع أو البصر، فإن لم نر الشيء أو نسمعه فإننا نحتاج إلى من يخبرنا عنه حتى نكتسب المعرفة به (كعلم يسبقه الجهل) وليس الأمر كذلك في حق الله سبحانه وتعالى، فصفة العلم في حقه جل وعلا أزلية وهي منفكة عن السمع والبصر، وإحاطة علمه بالموجودات سابقة على خلق المخلوقات، فلا يخرج منها شيء قط! فهو سبحانه إن شاء ألا ينظر إلى مخلوق من مخلوقاته فإن هذا لا يعني أنه سبحانه قد انتقصت بذلك إحاطته بأحوال ذلك المخلوق! بل هو سبحانه - وإن شاء ألا ينظر إلى عبد من عباده - لا يحتجب عن علمه شيء في حال من الأحوال، وهو القائل جل وعلا: ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)) [قـ : 16]
/// /// وفي الحقيقة فعند التأمل في معنى السمع والإبصار لآحاد المسموعات والمنظورات، فإننا نرى أنه حتى في المخلوقين فإن معنى كون المخلوق ليس بناظر إلى شيء آخر من المخلوقات في أي حال من الأحوال = ليس يلزم منه - بمجرده - النقص في حق ذلك المخلوق، إذ هو اختار وشاء ألا ينظر بمحض مشيئته، وليس لعجزه عن ذلك، ولو شاء لنظر! أما ما كان من عجز المخلوق عن رؤية شيء يريد رؤيته فهذا ولا ريب يتنزه عنه الخالق جل وعلا، ((عَالِمِ الْغَيْبِ لا يعزبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)) (سبأ : 3)
فالقصد أن مجرد معنى عدم النظر لشيء من المخلوقات في حال من الأحوال هذا لا يلزم منه النقص لا في حق المخلوق ولا في حق الخالق جل وعلا!
وأنت إذا ما علمت أنه ما من كلمة تنطق بها إلا والله عليم بها وهي عنده في كتاب من قبل أن تخلق السماوات والأرض، لم يشكل عليك معنى عدم سماع الله لك في أي حال من أحوالك، فهو سبحانه وتعالى منزه عن نقائص المخلوقين، لا يشغله سمع عن سمع ولا بصر عن بصر، ولا يخفى عليه شيء.
/// /// والصفات إما ذاتية وإما فعلية، فالأولى لا تتعلق بالمشيئة إذ لا تنفك عنها الذات في حال من الأحوال، وأما الثانية فتتعلق بالمشيئة.. إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، سبحانه وتعالى. فالسمع والبصر كالكلام من جهة كون أصل القدرة على ذلك ملازمة لذات الله تعالى لا تنفك عنها، إذ لم يزل الله تعالى متكلما متى شاء بما يشاء، لم تحدث تلك الصفة لذاته بعد أن لم تكن! وكذا لم يزل ناظرا ومستمعا لما يشاء متى يشاء. ولكن كما هو ظاهر فإن صفتي السمع والبصر لهما تعلق بالموجودات المخلوقة، فإن لم يوجد ما يُسمع في الوجود لم يوجد فعل السمع من الله تعالى، وكذا يقال في البصر. فكل حال انعدم فيها المسموع، انعدم فيها فعل السمع ممن تتصف ذاته بالسمع، وهذا بصريح العقل.. بخلاف صفة الكلام فإن الله إن شاء أن يتكلم وليس في الوجود غيره لفعل، ولا يقال إنه ليس يوجد من يخاطَب بكلامه جل وعلا فيمتنع أن يتكلم والحال كذلك.. هذا من التألي على الله والقول عليه بغير علم!
فإن كان لا يمكن - عقلا - أن يقع فعل السمع بلا مسموع، فإن الكلام لا يقال فيه مثل هذا، والله أعلم.

ابن خويز
2010-01-07, 12:40 PM
إخواني الأفاضل:

أولا: لا بد من فهم صفات الله تعالى قبل الخوض في دقائق مباحثها، وبهذا يزول اللبس إن شاء الله.

تطلق صفة البصر ويراد بها البصر العام، أي رؤية الله تعالى لخلقه ومراقبته لأعمالهم وأقوالهم ونياتهم، كما في قوله:( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَايُمْسِكُهُنّ َ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) (الملك:19)
وقوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (سـورة البقـرة:110)
فلا يجوز أن يقال في هذا المعنى أن الله لا يرى صنفا من الناس أو جنسا من الأعمال، لأنه يستلزم كذب خبر الله، وسبحانه جل في علاه.
إنما يبقى البحث مع كونه –في هذا المعنى- لا يغيب عنه شيء مطلقاً، هل هذه الصفة-في هذا المعنى- من الصفات الاختيارية أو من الصفات الذاتية؟
كونها صفة اختيارية أقرب؛ لأن الصفات الذاتية لا تتعلق بغير الذات وهذا من معاني كونها ذاتية، ومعلوم بأوليات العقل ومفهومات النقل أن البصر كما له تعلق البصير فله تعلق بالمبصَر، وهذا المعنى غائب عند بحثه في الصفات الذاتية.
إلا أن الله قضى أن لا يتخلف عن بصره شيء، فقد يكون اللبس حصل من هنا.

وتطلق صفة البصر ويراد بها بصر الرحمة والعفو أي بقيد الرحمة والعفو، كما في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) {آل عمران/77}
وهنا يصح يقال أن الله يرى أصنافا من الناس دون أصناف لتفاوت أعمالهم، فهي على هذا من الصفات الاختيارية والخلاف هنا أضعف.
نعم، قد يقال هنا أن الله قضى أن ينظر إلى المطيع يعني نظر الرحمة، فصفة نظره إلى المطيع صفة ذاتية، فالجواب زائدا على ما سبق في المعنى الأول أن كونه تعالى قادر على أن ينظر إلى المطيع نظر الرحمة وقادر على أن لا ينظر أكمل من كونه غير قادر إلا على أن ينظر إلى المطيع نظر الرحمة، وإنما يصح هذا على مذهب من يرى أن فعل الأحسن غير واجب على الله وهو مذهب الأشاعرة، وهذ المعنى لا يجوز ذكره في المعنى الأول لأن الأكمل إحاطة الله بجميع خلقه بصرا وما سوى ذلك فهو نقص، وقد يقال هذا في المعنى الثاني أيضا على مذهب من يرى أن فعل الأحسن واجب على الله.

وتطلق صفة البصر ويراد بها بصر المحاسبة والمجازاة ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:( إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم) رواه أحمد ومسلم وابن ماجه عن أبي هريرة.

فليس المعنى أن الله لا يرى الصور والأجسام وهو البصير سبحانه إنما المعنى لا يحاسب العباد على ما جبلوا عليه فيما لا يدخل في طوقهم فعله أو يدخل لكنه خارج حيز التكليف.

هنا نكتة تساوي رحلة في طلب العلم، وهي أن يقال: لماذا عبر في المعنى الأول بلفظ البصر وفي المعنيين التاليين له بلفظ النظر؟

لا جائز عندي أن يقال لا لمعنى، فإن كان لمعنى فلا بد من ذكره وهو أن يقال:

لما كانت الصفة في المعنى الأول لما هو في الحال غير مؤجل عبر عنها بلفظ البصر الدال على وجود الصفة في الحال، ولما كانت الصفة في المعنيين التاليين للأول لما هو مؤجل غير حال كما في قول الحق: ( وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وكما في الحديث السابق لأن المجازاة على الأعمال في يوم الفصل، ذكر الله من الألفاظ ما يناسب التأجيل وهو النظر لأن فيه معنى الانتظار والتأجيل كما في قول الحق حكاية عن إبليس: ( قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ){الأ عراف/14}أي أجلني . فانظر كيف راعى مناسبة اللفظ للمعنى تجده حقا وبالحق نزل.

زوجة وأم
2010-01-07, 06:11 PM
أليست الرؤية أعم من النظر ؟
يعني أن النظر رؤية خاصة

عدنان البخاري
2010-01-07, 06:43 PM
أليست الرؤية أعم من النظر ؟
يعني أن النظر رؤية خاصة
/// قال أبوهلال العسكري في الفروق اللغوية: "الفرق بين النظر والرؤية: أن النظر طلب الهدى، والشاهد قولهم: نظرت فلم أر شيئا.
وقال علي بن عيسى: النظر طلب ظهور الشئ، والناظر الطالب لظهور الشئ والله ناظر لعباده بظهور رحمته إياهم، ويكون الناظر الطالب لظهور الشئ بإدراكه من جهة حاسة بصره أو غيرها من حواسه ويكون الناظر إلى لين هذا الثوب من لين غيره، والنظر بالقلب من جهة التفكر، والانظار توقف لطلب وقت الشئ الذي يصلح فيه قال والنظر أيضا هو الفكر والتأمل لاحوال الاشياء.
ألا ترى أن الناظر على هذا الوجه لابد أن يكون مفكرا والمفكر على هذا الوجه يسمى ناظرا وهو معنى غير الناظر وغير المنظور فيه.
ألا ترى أن الانسان يفصل بين كونه ناظرا وكونه غير ناظر.
ولا يوصف القديم بالنظر لان النظر لا يكون إلا مع فقد العلم.
ومعلوم أنه لا يصلح النظر في الشئ ليعلم ألا وهو مجهول، والنظر يشاهد بالعين فيفرق بين نظر الغضبان ونظر الراضي.
واخرى فإنه لو طلب جماعة الهلال ليعلم من رآه منهم ممن لم يره مع أنهم جميعا ناظرون.
فصح بهذا أن النظر تقليب العين حيال مكان المرئي طلبا لرؤيته.
والرؤية هي إدراك المرئي، ولما كان الله تعالى يرى الاشياء من حيث لا يطلب رؤيتها صح أنه لا يوصف بالنظر".

ابن العباس
2010-01-07, 07:24 PM
القول بأن عدم نظره إليهم أي نظر رحمة أو نظر اعتبار وما أشبهه, ليس من التأويل المذموم , بل هذا من المبالغة في تقريعهم دون اقتضاء ذلك نفي صفة النظر أو البصر,إلخ
كما يقول القائل لشخص كرهه:لن أنظر إليك بعد اليوم, فينظر إليه بعينه ومع هذا يكون متلبساً بمعنى ما وعد به من عدم النظر إليه, لأن الله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء, وسع سمعه الأصوات
ووسع بصره جميع ما انتهى إليه من خلقه , فدعوى أنه لا ينظر إليهم بمعنى :لا يبصرهم, أشبه بدعوى أنه تعالى إذا شاء :لا يعلم عن بعض مخلوقاته شيئا -تعالى الله عن ذلك-, فليتفطن لهذه المعاني الجليلة
وليلاحظ الأريب أن الله استعمل كلمة النظر في هذا المقام,دون البصر
وبهذا المعنى السابق :لا أتصور عاقلا يخالف فيه

زوجة وأم
2010-01-07, 08:10 PM
ولا يوصف القديم بالنظر لان النظر لا يكون إلا مع فقد العلم.
ومعلوم أنه لا يصلح النظر في الشئ ليعلم ألا وهو مجهول، والنظر يشاهد بالعين فيفرق بين نظر الغضبان ونظر الراضي.
واخرى فإنه لو طلب جماعة الهلال ليعلم من رآه منهم ممن لم يره مع أنهم جميعا ناظرون.
فصح بهذا أن النظر تقليب العين حيال مكان المرئي طلبا لرؤيته.
والرؤية هي إدراك المرئي، ولما كان الله تعالى يرى الاشياء من حيث لا يطلب رؤيتها صح أنه لا يوصف بالنظر".

قول ابي هلال العسكري بأن الله عز وجل لا يُوصف بالنظر مخالف للصواب، فالله عز وجل وصف نفسه بالنظر

قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني في كتابه "الحجة في بيان المحجة":

وقال ابن فورك : لا يجوز وصفه بأنه ناظر نظراً هو رؤية لأنه لا يجوز أن نثبت له إلا ما وصف بها نفسه ، أو وصفه رسوله.
وليس كما ذكر ابن فورك : فإن الله عز وجل قد وصف بهذه الصفة ، ووصفه بها رسوله [ ] ، وقال تعالى : ( ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ) فوصف نفسه بالنظر .
وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي [ ] قال : ' إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وألوانكم ، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ' .
515 - وروي إذا كان أول ليلة في رمضان نظر الله إليهم ، ومن نظر إليه لم يعذبه . قالوا : وإذا جاز وصفه بالرؤية جاز وصفه بالنظر . وأما قولهم : روي
' إن الله عز وجل لم ينظر إلى الدنيا مذ خلقها ' . فليس إذ نفينا النظر في حال دل على نفي ذلك في الجملة ، كما قال تعالى : ( ولا يكلمهم الله يوم القيامة ) ولم يدل على نفي الكلام بالجملة . ا.هـ.
___

إضافة إلى ذلك
اثبتها السلف الصالح
قال الإمام عبد الله بن أحمد في كتابه السنة:
حدثني عباس بن عبد العظيم سنة ست وعشرين ومائتين سمعت سليمان ابن حرب قال القرآن ليس بمخلوق فقلت له انك كنت لا تقول هذا فما بدا لك قال استخرجته من كتاب الله عز و جل لا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم فالكلام والنظر واحد // إسناده صحيح

فهنا اثبت أن النظر صفة مثل أن الكلام صفة وانهما غير مخلوقين

عدنان البخاري
2010-01-07, 08:13 PM
بارك الله فيكِ.. لم أنقل كلام أبي هلال للاحتجاج به في انحرافه العقدي، بل للتفريق اللغوي في مسألة النظر والرؤية، وما ذكره لا شك في غلطه بأدنى نظر، وله مثلها في مواضع كثيرة من كتابه المذكور.
وكتب أهل اللغة مليئة من مثل هذا

أبو الفداء
2010-01-07, 08:18 PM
تنبيه مهم:


/// غاية ما قررته في المشاركة الآنفة - وحتى لا يساء فهمه - أن السمع والبصر صفات ذات - من جهة بقاء القدرة عليها من قبل الخلق وأزلية ملازمتها لذات الله تعالى - وصفات أفعال من جهة حدوث آحاد أفعال النظر والسمع وارتباط تلك الأفعال بوجود المسموع والمنظور، فإن لم يوجد ما يُسمع وما يُنظر فلا توجد أفعال السمع والبصر. وهذا ما قرره شيخ الإسلام فيما تقدم نقله عنه، رحمه الله.


/// أما أن يقال إنه قد يوجد شيء من المخلوقات يشاء الرب ألا يبصره أو ألا يسمعه، فلا نقول به إذ لا نجد دليلا عليه (وإن كان قد نسبه شيخ الإسلام إلى بعض السلف كما في النقل في أول الصفحة، وذكر الخلاف)، ولكني أردت تقرير معنى أنه إن ثبت فلا يلزم منه نقص في حق الله تعالى، إذ إحاطة علمه جل وعلا بخقله إحاطة مطلقة كاملة، وهي لا تقوم على مدخلات السمع والبصر والإدراك كما هو حال المخلوقين.


/// وأما التفريق اللغوي بين معنى النظر ومعنى الرؤية فصحيح، إذ الأولى أعم من الثانية، ويدخل فيها التفكر في المرئيات والمسموعات (في حق المخلوقين: يقال نظر في شيء أي قلبه في ذهنه) ويدخل فيها الكلأ والرحمة والمغفرة والمحاسبة وغير ذلك من معان أشمل، ولهذا فإن إيراد آية ((ولا ينظر إليهم)) في هذا المحل مصادرة على المطلوب، إذ لا تعلق لهذه الآية بصفة البصر أصلا، وليست من آيات الصفات! والذي يدعي أنها تعني "لا يبصرهم" هذا مخالف لما عليه سلف الأمة وخلفها في فهم الآية.


/// الذي قرره شيخ الإسلام رحمه الله فيما نُقل عنه = أن الله تعالى قد يخص بعض عباده بآحاد من أفعال السمع والبصر هي أخص وأفضل مما يكون من إحاطة سمعه وبصره لعامة المخلوقات، إذ فيها معنى زائد على مجرد الإدراك السمعي أو البصري. ففيما ثبت عن الرسول عليه السلام المفاضلة في صفة السمع بين ما يجعله الله تعالى للنبي الذي يتغنى بالقرءان، وما يجعله لغيره من الخلق، فهو سبحانه أسمع لهذا من غيره، كما يكون صاحب القينة أسمع لها من غيرها، ولا يلزم من ذلك نقص في حقه سبحانه (كالنقص الذي يكون في حق صاحب القينة من كونه لا يسمع سواها حال سماعها) إذ الله تعالى لا يشغله سمع عن سمع ولا بصر عن بصر، فليُتأمل.


/// ونظير هذا التفاضل في صفة السمع - بالمناسبة - التفاضل في صفة الكلام، فالله تعالى بعض كلامه في القرءان أفضل من بعض، ولا يلزم من مجرد التفاضل أن يكون المفضول ناقصا أو معيبا، سبحانه، تعالت صفاته كلها عن ذلك علوا كبيرا.


/// قول أخي ابن خويز




تطلق صفة البصر ويراد بها البصر العام، أي رؤية الله تعالى لخلقه ومراقبته لأعمالهم وأقوالهم ونياتهم، كما في قوله:



( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَايُمْسِكُهُنّ َ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) (الملك:19(


وقوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (سـورة البقـرة:110)


فلا يجوز أن يقال في هذا المعنى أن الله لا يرى صنفا من الناس أو جنسا من الأعمال، لأنه يستلزم كذب خبر الله، وسبحانه جل في علاه



هذه النصوص فيها تقرير صفة إبصار الله تعالى لجميع خلقه وإحاطته بهم في جميع أحوالهم، وهذا لم ينفه أحد ولا قال أحد بخلافه.




وتطلق صفة البصر ويراد بها بصر الرحمة والعفو أي بقيد الرحمة والعفو، كما في قوله


: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (آل عمران/77)


وهنا يصح يقال أن الله يرى أصنافا من الناس دون أصناف لتفاوت أعمالهم، فهي على هذا من الصفات الاختيارية والخلاف هنا أضعف.




هذا فيه نظر، إذ البصر والنظر لا يستويان كما تقدم. ونحن لم نقل إن من مخلوقات الله ما قضى سبحانه ألا يبصره أو لا يراه، ولكن منها ما قضى ألا ينظر إليه، وينبغي التنبه إلى الفرق بين المعنيين. وقولك - وفقك الله - يرى أصنافا ولا يرى أخرى = غلط!


/// قوله





فصفة نظره إلى المطيع صفة ذاتية




ليست كذلك، بل هي صفة فعل وهذا واضح، فهو يجعلها لمن يستحقها بإرادته سبحانه، وما كان متعلقا بالإرادة فليس من صفات الذات!


/// قوله وفقه الله





كونه تعالى قادر على أن ينظر إلى المطيع نظر الرحمة وقادر على أن لا ينظر أكمل من كونه غير قادر إلا على أن ينظر إلى المطيع نظر الرحمة، وإنما يصح هذا على مذهب من يرى أن فعل الأحسن غير واجب على الله وهو مذهب الأشاعرة، وهذ المعنى لا يجوز ذكره في المعنى الأول لأن الأكمل إحاطة الله بجميع خلقه بصرا وما سوى ذلك فهو نقص، وقد يقال هذا في المعنى الثاني أيضا على مذهب من يرى أن فعل الأحسن واجب على الله




هذا فيه التباس كبير. فالنظر بنظر الرحمة لمن كتب الله لهم الرحمة ليس بواجب على الله عند أهل السنة، وهو فعل من أفعاله يجعله سبحانه تفضلا على من يشاء من عباده، وليس تخلفه عن أعيان من الخلق بل ليس تخلفه عن سائر البشر بما يلزم منه النقص في صفات الله جل وعلا.. نسأل الله أن نكون من أهل نظره سبحانه. أما خروجك من هذا المعنى ودخولك في لزوم إبصار الله تعالى لجميع خلقه في كل الأوقات ولزوم النقص من عدم ذلك فقد تقدم الرد على هذا بما نقله الشيخ عدنان من كلام شيخ الإسلام، وبما زدته عليه من تعقيب.


/// قوله وفقه الله:





وتطلق صفة البصر ويراد بها بصر المحاسبة والمجازاة ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:



( إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم) رواه أحمد ومسلم وابن ماجه عن أبي هريرة.



هذا خلط آخر إذ هذا الحديث كآية آل عمران = ليس من نصوص الصفات! فلا يقال يطلق "البصر" ويراد به بصر المحاسبة! هذا ليس من معاني البصر في اللغة أصلا! أما النظر فصحيح.
والله أعلى وأعلم

زوجة وأم
2010-01-07, 09:54 PM
ولهذا فإن إيراد آية ((ولا ينظر إليهم)) في هذا المحل مصادرة على المطلوب، إذ لا تعلق لهذه الآية بصفة البصر أصلا، وليست من آيات الصفات! والذي يدعي أنها تعني "لا يبصرهم" هذا مخالف لما عليه سلف الأمة وخلفها في فهم الآية.

أخي الكريم
كيف لا تكون من نصوص الصفات وقد استدل بها السلف الصالح في صفة الكلام لله عز وجل
كما أن الإمام سليمان بن حرب قال في هذه الآية بأن الكلام والنظر واحد، أي انهما صفتان لله عز وجل غير مخلوقتان
وما الدليل على أن الآية ليست على ظاهرها؟
خاصة وأن النظر أخص من الرؤية، أي أنه يراهم ولكن لا ينظر إليهم نظرة خاصة .. نظرة رحمة مثل ما فسرها مجموعة من علماء أهل السنة
وهو مثل صفة الكلام في الآية، فليس المقصود انه لا يكلمهم مطلقا ولكنه لا يكلمهم كلاما يسرهم.

كما قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني:
فليس إذ نفينا النظر في حال دل على نفي ذلك في الجملة ، كما قال تعالى : ( ولا يكلمهم الله يوم القيامة ) ولم يدل على نفي الكلام بالجملة .

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-07, 10:09 PM
أخي الكريم
كيف لا تكون من نصوص الصفات وقد استدل بها السلف الصالح في صفة الكلام لله عز وجل
كما أن الإمام سليمان بن حرب قال في هذه الآية بأن الكلام والنظر واحد، أي انهما صفتان لله عز وجل غير مخلوقتان
وما الدليل على أن الآية ليست على ظاهرها؟
خاصة وأن النظر أخص من الرؤية، أي أنه يراهم ولكن لا ينظر إليهم نظرة خاصة .. نظرة رحمة مثل ما فسرها مجموعة من علماء أهل السنة
وهو مثل صفة الكلام في الآية، فليس المقصود انه لا يكلمهم مطلقا ولكنه لا يكلمهم كلاما يسرهم.

كما قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني:
فليس إذ نفينا النظر في حال دل على نفي ذلك في الجملة ، كما قال تعالى : ( ولا يكلمهم الله يوم القيامة ) ولم يدل على نفي الكلام بالجملة .

[/right]
ما هو الضابط في رأيكم في كون نص ما في الصفات من نصوص الصفات أو ليس منها ؟

أبو الفداء
2010-01-07, 11:21 PM
أخي الكريم
كيف لا تكون من نصوص الصفات وقد استدل بها السلف الصالح في صفة الكلام لله عز وجل
كما أن الإمام سليمان بن حرب قال في هذه الآية بأن الكلام والنظر واحد، أي انهما صفتان لله عز وجل غير مخلوقتان
وما الدليل على أن الآية ليست على ظاهرها؟
خاصة وأن النظر أخص من الرؤية، أي أنه يراهم ولكن لا ينظر إليهم نظرة خاصة .. نظرة رحمة مثل ما فسرها مجموعة من علماء أهل السنة
وهو مثل صفة الكلام في الآية، فليس المقصود انه لا يكلمهم مطلقا ولكنه لا يكلمهم كلاما يسرهم.

كما قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني:
فليس إذ نفينا النظر في حال دل على نفي ذلك في الجملة ، كما قال تعالى : ( ولا يكلمهم الله يوم القيامة ) ولم يدل على نفي الكلام بالجملة .

[/right]
الذي أقصده أنها ليست نصا صريحا في إثبات صفة البصر حتى يكون النفي فيها نفيا لآحاد أفعال البصر، وإنما تثبت لله نظرا خاصا يلزم لصحة معناه ثبوت صفة البصر لله تعالى كأصل، فهي تدل على صفة البصر بدلالة التضمن، وليس المطابقة كما هو الحال مع نصوص الصفات التي هي حجة عند أهل السنة في إثبات هذه الصفة، والله أعلم.
وأما قولك ما الدليل على أن الآية ليست على ظاهرها، فأقول إن معنى النظر الذي قررنا الفرق اللغوي بينه وبين البصر هو الظاهر منها وهو ما فهمه السلف وأجمع عليه المفسرون! إذ هو سبحانه لم يقل "ولا يبصرهم" أو "ولا يراهم" ولكن قال "ولا ينظر إليهم"، فالمخلوقات كلها تستوي في معنى إبصار الله تعالى لها، لا فرق في ذلك بين البر والفاجر، فعندما يأتي هذا النفي في سياق التحقير والازدراء فإننا نقول إن النظر - كما دلت اللغة على الفرق بينه وبين معنى الإبصار - يكون نظرا خاصا مقرونا بمعنى إضافي فوق معنى الإبصار الذي يكون لجميع المخلوقات، فهذا ما ينفيه الرب عنهم في ذلك المقام، كما ينفي الكلام الخاص الذي يأنس به المؤمنون والأبرار في مثل هذا، ولا يعني أنه لا يكلم هؤلاء الفجار بإطلاق!
فالقصد أن هذا هو معناها الظاهر المتبادر إلى الأذهان، وهو الذي عليه تفاسير السلف، والذي يجردها عن المعنى الزائد على مجرد الإبصار (الذي تزيد به لفظة "نظر" على "أبصر" أو "رأى") هذا هو المطالب بدليل ناقل! وإن استدل بعض الأئمة بهذه الآية في مقام إثبات صفة البصر فهو من باب دلالة التضمن، وفي الباب ما هو أولى وأقوى منها دلالة على المطلوب في إثبات صفة البصر، والله أعلم.

ابن الرومية
2010-01-08, 03:25 AM
ما هو الضابط في رأيكم في كون نص ما في الصفات من نصوص الصفات أو ليس منها ؟
الشيخ الفاضل..الضابط هو ما ذكره الاخوة من احتفاء الآية بقرائن من آيات اخر او احاديث او نحو العربية ما يدل دلالة ظاهرية على ان الآية لا يقصد بها مطلق الاتباث اي اثبات الصفة فلا تكون من آيات الباب في بيان الصفة و ان دلت على معنى الصفة بدلالة التضمن لا بدلالة الظاهر...بينما آيات أخرى قد تدل بمجرد ظاهرها على الصفة من جهة الاتباث فتكون أصلا لباب اثبات الصفة من جهة الاثبات.. وقد يختلف السلف لذلك في عد الآية من آيات الصفات او من عدم عدها بحسب دلالة القرائن التفسيرية و ما صح عندهم من المعنى الظاهر للآية...و لذلك قد يفسر بعضهم الآية بالصفة نفسها ...و قد يفسر بعضهم الآخر الآية بمقتضى الصفة او ما تؤول اليه لما صح عنده من دلالة ظاهر الآية اعتمادا على قرائن صحت عنده على معنى أخص من مجرد معنى الصفة مع اتفاق الجميع على اثبات أصل الصفة كما في المثال هنا من تفسير النظر بالرحمة و الثواب..و مثل هذا كثير من تفاسير السلف على سبيل المثال ما أورده الامام ابن جرير في صفة الغضب :

قال أبو جعفر: واختُلِف في صفة الغضب من الله جلّ ذكره:
فقال بعضهم: غضبُ الله على من غضب عليه من خلقه، إحلالُ عقوبته بمن غَضبَ عليه، إمّا في دنياه، وإمّا في آخرته، كما وصف به نفسه جلّ ذكره في كتابه فقال:( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ أَجْمَعِينَ ) [سورة الزخرف: 55] .
وكما قال:( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ

وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ ) [ سورة المائدة : 60 ].
وقال بعضهم: غضب الله على من غضب عليه من عباده، ذم منه لهم ولأفعالهم، وشتم لهم منه بالقول.
وقال بعضهم: الغضب منه معنى مفهوم، كالذي يعرف من معاني الغضب، غير أنه -وإن كان كذلك من جهة الإثبات - فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم.
لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات، ولكنه له صفة، كما العلم له صفة، والقدرة له صفة، على ما يعقل من جهة الإثبات ، وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد، التي هي معارف القلوب، وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها

أبو الفداء
2010-01-08, 08:34 AM
قال أبو جعفر: واختُلِف في صفة الغضب من الله جلّ ذكره:
فقال بعضهم: غضبُ الله على من غضب عليه من خلقه، إحلالُ عقوبته بمن غَضبَ عليه، إمّا في دنياه، وإمّا في آخرته، كما وصف به نفسه جلّ ذكره في كتابه فقال:( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ أَجْمَعِينَ ) [سورة الزخرف: 55] .
وكما قال:( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ


وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ ) [ سورة المائدة : 60 ].
وقال بعضهم: غضب الله على من غضب عليه من عباده، ذم منه لهم ولأفعالهم، وشتم لهم منه بالقول.
وقال بعضهم: الغضب منه معنى مفهوم، كالذي يعرف من معاني الغضب، غير أنه -وإن كان كذلك من جهة الإثبات - فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم.
لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات، ولكنه له صفة، كما العلم له صفة، والقدرة له صفة، على ما يعقل من جهة الإثبات ، وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد، التي هي معارف القلوب، وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها
لم توفق في اختيار المثال يا أخي الكريم، بارك الله فيك .. فهذه كلها من تفاسير المتكلمين، وهي مشهورة في تفسير ابن جرير رحمه الله، ينقلها بقوله "وقال بعضهم" هكذا. فهذا النقل الذي تفضلتَ به ينقل الخلاف بينهم في إثبات صفة الغضب نفسها، لا في نص من النصوص هل يدل عليها أم لا، وصفة الغضب لا خلاف فيها بين السلف، ثابتة على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى كغيرها من الصفات.
/// من الأمثلة على خلاف السلف فيما يدخل في نصوص الصفات وما لا يدخل، خلافهم في حديث "أتيته هرولة"، (وهو خلاف في أصل إثبات الصفة من عدمه إذ لا نص بهذا المعنى سواه)، وحديث "فإن الله لا يمل حتى تملوا" (وهو أيضا خلاف في إثبات صفة الملل على الوجه اللائق به سبحانه)،
/// ومنه خلافهم في بعض النصوص هل تؤخذ منها الصفة (مع ثبوتها من نصوص أخرى) أم لا، كخلافهم في تأويل قوله تعالى ((يوم يكشف عن ساق)) هل تؤخذ منه الصفة أو لا تؤخذ، وإلا ففي إثبات صفة الساق حديث صحيح، فيه الساق مضافة إلى الرب جل وعلا ولا خلاف - بين الصحابة والتابعين - في دلالتها على الصفة.. وهكذا..
/// والضابط في معرفة ما إذا كان النص يدخل في نصوص الصفات أو لا يدخل، النظر في المنقولات عن السلف الأول، فإن وجد خلاف بينهم في تأويل النص - بغض النظر عما إذا كانت الصفة المختلف في ثبوتها منه: ثابتة من نص غيره أو لا - اعتبر هذا الخلاف وكان له حظ من النظر، وجاز للمجتهد أن يخرج ذلك النص من نصوص الصفات (بمرجحات خارجية ظهرت له) حيث يكون له سلفٌ في ذلك ممن هم أعلم الناس بفهم تلك النصوص، وأما إن كان الخلاف وقع متأخرا عليهم بين المتكلمين، ولا يُنقل إلينا عن الصحابة والتابعين إلا عد النص هذا من نصوص الصفات، فلا يلتفت إلى هذا الخلاف ولا عبرة به، والله أعلم.

عدنان البخاري
2010-01-08, 02:26 PM
وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي [ ] قال : ' إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وألوانكم ، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ' .
وروي إذا كان أول ليلة في رمضان نظر الله إليهم ، ومن نظر إليه لم يعذبه . قالوا : وإذا جاز وصفه بالرؤية جاز وصفه بالنظر . وأما قولهم : روي
' إن الله عز وجل لم ينظر إلى الدنيا مذ خلقها ' . فليس إذ نفينا النظر في حال دل على نفي ذلك في الجملة ، كما قال تعالى : ( ولا يكلمهم الله يوم القيامة ) ولم يدل على نفي الكلام بالجملة . ا.هـ

/// أصرحُ من هذا وأصحُّ حديث مسلمٍ عن عياض بن حمار المجاشعي ررر أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال ذات يوم فى خطبته: «.. وإنَّ الله نَظَر إلى أهل الأرض فمَقَتَهم، عربِهِم وعجمِهِم، إلَّا بقايا من أهل الكتاب..» الحديث بطوله.

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-08, 02:44 PM
الشيخين الكريمين أبا الفداء - ابن الرومية
الضابط فيما أعلمه في كون نص ما من نصوص الصفات أو ليس منها هو نفسه الضابط في صرف النص عن ظاهره .
فإذا كان هناك نص يفهم منه صفة ما بظاهره كاليد أو العين فلا يحل صرفه عن ظاهره إلا بنص من كتاب أو سنة أو إجماع متيقن مثل أي نص في غير العقيدة مع اعتقاد عدم التشبيه والآية المحكمة في هذا الأمر (ليس كمثله شيء) .
مع النظر إلى السياق فمثلاً الهرولة الواردة في الحديث يظهر من سياق الكلام تأويلها وأنها من أساليب العرب كقولنا إذا أتيتني ماشياً قابلتك طائراً .
فإن وجد نص اُختلف فيه وجب الرجوع إلى الكتاب والسنة لرفع الخلاف.
*فائدة:
-لا يجوز استنتاج صفة لم ينص عليها كالشم والظل تعالى الله عما يصفون .

عدنان البخاري
2010-01-08, 02:48 PM
فمثلاً الهرولة الواردة في الحديث يظهر من سياق الكلام تأويلها وأنها من أساليب العرب كقولنا إذا أتيتني ماشياً قابلتك طائراً ..
/// الكلام عن صفة الهرولة لله تعالى:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16410&highlight=%C7%E1%C5%CC%E3%C7%D A+%C7%E1%E5%D1%E6%E1%C9+%E1%ED %D3%CA+%C8%D5%DD%C9

أبو الفداء
2010-01-08, 02:52 PM
فإذا كان هناك نص يفهم منه صفة ما بظاهره كاليد أو العين فلا يحل صرفه عن ظاهره إلا بنص من كتاب أو سنة أو إجماع متيقن مثل أي نص في غير العقيدة مع اعتقاد عدم التشبيه والآية المحكمة في هذا الأمر (ليس كمثله شيء) .
فإن وجد نص اُختلف فيه وجب الرجوع إلى الكتاب والسنة لرفع الخلاف
/// قولك :"إلا بنص من كتاب أو سنة أو إجماع متيقن" غير محرر بارك الله فيك، والأصوب أن تقول "إلا بدليل أو قرينة صحيحة" .. وإلا فالذي وقف على نصوص عن بعض الصحابة والسلف تحيل المعنى في نص من النصوص عن الظاهر، وتمسك بقولهم خلافا لغيرهم من الصحابة والسلف أيضا ممن حملوا النص على ظاهره، هذا ما حكمه عندك ؟؟
هذا عندي يقف على دليل يسوِّغ له الخلاف، وهو قرينة صالحة عنده لحمل النص على هذا المحمل، وقد لا تكون إلا قولا واحدا لواحد من الصحابة رضي الله عنهم، فهو سلفه في مذهبه، إذ لا إجماع حينئذ يمكن إثباته. وأكثر الصفات المختلف فيها ونصوص الصفات المختلف فيها هكذا حالها عند التأمل.
/// أما قولك: "فإن وجد نص اُختلف فيه وجب الرجوع إلى الكتاب والسنة لرفع الخلاف"
فأضعف منه تحريرا، إذ الجميع يزعمون الرجوع إلى الكتاب والسنة لرفع الخلاف! بداية ممن وافق الأشاعرة في مسألة أو مسأتلين ووصولا إلى من تمحض بالتجهم! فالدليل المطلوب لرفع الخلاف ليس موجودا في أكثر هذه المسائل في الكتاب والسنة، ولكن فيما جاءنا من فهم السلف الأول، وإن كان من نصوص الآحاد التي لا مخالف لها من طبقتها..
فلو قلت "وجب الرجوع إلى فهم السلف وما ورد عنهم من آثار" لأصبت.
/// الدقة في تحرير القواعد الكلية أمر خطير يا إخوان بارك الله فيكم، فتنبهوا لهذا.

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-08, 02:58 PM
/// قولك :"إلا بنص من كتاب أو سنة أو إجماع متيقن" غير محرر بارك الله فيك، والأصوب أن تقول "إلا بدليل أو قرينة صحيحة" .. وإلا فالذي وقف على نصوص عن بعض الصحابة والسلف تحيل المعنى في نص من النصوص عن الظاهر، وتمسك بقولهم خلافا لغيرهم من الصحابة والسلف أيضا ممن حملوا النص على ظاهره، هذا ما حكمه عندك ؟؟
.....
هو كمن وجد خلافاً في مسألة فقهية اختلف فيها سلفنا من الصحابة وكل لديه دليل أو اختلفوا في فهم الدليل ...فهو ينظر في برهان كل فريق إن كان أهلاً للنظر ويعمل بما ترجح عنده ولا تثريب على المخالف ...


أما قولك: "فإن وجد نص اُختلف فيه وجب الرجوع إلى الكتاب والسنة لرفع الخلاف"
فأضعف منه تحريرا، إذ الجميع يزعمون الرجوع إلى الكتاب والسنة لرفع الخلاف! بداية ممن وافق الأشاعرة في مسألة أو مسأتلين ووصولا إلى من تمحض بالتجهم! فالدليل المطلوب لرفع الخلاف ليس موجودا في أكثر هذه المسائل في الكتاب والسنة، ولكن فيما جاءنا من فهم السلف الأول،

دليل الترجيح موجود في الكتاب والسنة عرفه من عرفه وجهله من جهله
أما قولكم ((فيما جاءنا من فهم السلف الأول)) لو أجمع السلف الأول على فهم كان إجماعاً ملزماً وإن اختلفوا رجعنا إلى النظر في برهان كل فريق إن كان أحدنا أهلاً للنظر ويعمل بما ترجح عنده ...

الدقة في تحرير القواعد الكلية أمر خطير يا إخوان بارك الله فيكم، فتنبهوا لهذا.
هذا لا نختلف فيه والقاعدة الكلية هي رد التنازع إلى الكتاب والسنة .
وقواعد صرف النصوص عن ظاهرها واحدة في أصول الدين وفروعه.
**ملاحظة : في اعتقادي وما أدين به أن حديث الآحاد يفيد العلم اليقيني والعمل .

أبو الفداء
2010-01-08, 03:00 PM
هو كمن وجد خلافاً في مسألة فقهية اختلف فيها سلفنا من الصحابة وكل لديه دليل أو اختلفوا في فهم الدليل ...فهو ينظر في برهان كل فريق إن كان أهلاً للنظر ويعمل بما ترجح عنده ولا تثريب على المخالف ...
فما برهان الصحابي الذي تبحث عنه إن وجدت عنه نصا في تفسير صفة من الصفات في كتاب الله، فتجعله شرطا لقبول تأويله، مع العلم بأن لسان العرب يتسع للقولين المختلفين في هذا التأويل جميعا؟ هل هذا البرهان نص من الكتاب أو السنة؟
(وأرجو التمثيل على إجراء هذا الشرط بنص من نصوص الصفات المختلف فيها بين الصحابة)

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-08, 03:06 PM
/// الكلام عن صفة الهرولة لله تعالى:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=16410&highlight=%c7%e1%c5%cc%e3%c7%d a+%c7%e1%e5%d1%e6%e1%c9+%e1%ed %d3%ca+%c8%d5%dd%c9
بارك الله فيكم شيخ عدنان
قرأته في وقت نشره وابتعدت عن استمرار المشاركة فيه :)
وهو رابط ثري لبحث المسألة

ابن الرومية
2010-01-08, 04:30 PM
لم توفق في اختيار المثال يا أخي الكريم، بارك الله فيك .. فهذه كلها من تفاسير المتكلمين، وهي مشهورة في تفسير ابن جرير رحمه الله،
:)
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=314995&postcount=5

ابن الرومية
2010-01-08, 04:46 PM
كلامك أخي ابا الفداء هو الذي يبتعد عن تحرير محل النزاع بارك الله فيك...فالنزاع هو في نفس خلاف السلف في عد آية من آيات الصفات او عدم عدهار لم كان ذلك وعلى ما كان اعتمادهم.؟؟؟...فا ن قيل الضابط الذي اعتمد عليه السلف في اختلافهم في عد الآيات هو نفس اختلافهم او اتفاقهم..كان احالة على نفس المتنازع فيه و المنظور اليه و المبحوث فيه...فنحن نبحث عن الضابط الذي اعتمد عليه السلف في خلافهم هذا...لا موقف من أتى بعدهم من هذا الخلاف

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-08, 04:53 PM
فما برهان الصحابي الذي تبحث عنه إن وجدت عنه نصا في تفسير صفة من الصفات في كتاب الله، فتجعله شرطا لقبول تأويله، مع العلم بأن لسان العرب يتسع للقولين المختلفين في هذا التأويل جميعا؟ هل هذا البرهان نص من الكتاب أو السنة؟
(وأرجو التمثيل على إجراء هذا الشرط بنص من نصوص الصفات المختلف فيها بين الصحابة)
أدرك المغزى من هذا السؤال :)
*********
هناك مثال واضح لما ذكرتم
ما أعلمه في النظر إلى الخلاف في صفة الساق (وهذا الأمر حسب علمي الضعيف فلا ينسب إلى أي اتجاه ..
يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون (القلم42)
قال ابن عباس : { يوم يكشف عن ساق }:
هو يوم كرب وشدة وفي رواية عن أمر عظيم، كقول الشاعر: وقامت الحرب بنا عن ساق
وذكرت روايات أخرى عن ابن عباس بمعنى مقارب...
نبحث عن سند وثبوت ذلك عن ابن عباس لنعلم هل الأمر فيه خلاف أو إجماع .
إذا ثبت الأثر عن ابن عباس ...إذا هناك خلاف
ظاهر الآية لا يدل على أن ذلك صفة لله؛ لأنه سبحانه لم يضف الساق إليه، وإنما ذكره مجردا عن الإضافة منكرا.
الحديث الشريف جاء في الصحيحين بتصريح بالساق

رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا"
وحمل الساق على الشدة والهول كما ذكره ابن عباس رضي الله عنه له وجه في اللغة على ما هو معلوم من كلام العرب ..وتقول العرب لسنة الجدب : كشفت ساقها
لكن ظاهر الحديث (ساقه) يحسم الأمر ...سواء كان الحديث آحاداً أم متواتراً لأن كلاهما يفيد العلم .
لكن قد يعترض عليه بما ذكره ابن حجر في فتح الباري ((...ووقع في هذا الموضع " يكشف ربنا عن ساقه " وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم فأخرجها الإسماعيلي كذلك ثم قال في قوله " عن ساقه " نكرة . ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ " يكشف عن ساق " قال الإسماعيلي : هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة ، لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين ، تعالى الله عن ذلك ليس كمثله شيء .))
وقد يرد عليه أن رواية البخاري مقدمة على غيره
قال ابن حجر : وقال الخطابي : تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق
أقول وأنا مثلهم وسامح الله الشيخ أبا الفداء وابن الرومية لأنهما جعلانى أخوض في هذه الأمور وهذه الموضوعات فالتباحث معهما وبعض إخواننا شيق وممتع :) .
** الكلام في عقيدة الأسماء والصفات أتحسس منه وألفت نظر القاريء الكريم أن ما يذكر في مثل هذه الموضوعات من المباحثات وليست فتاوى وعلى المؤمن تعلم عقيدته الصحيحة من المصادر المعتبرة .

أبو الفداء
2010-01-08, 04:58 PM
كلامك أخي ابا الفداء هو الذي يبتعد عن تحرير محل النزاع بارك الله فيك...فالنزاع هو في نفس خلاف السلف في عد آية من آيات الصفات او عدم عدهار لم كان ذلك وعلى ما كان اعتمادهم.؟؟؟...فا ن قيل الضابط الذي اعتمد عليه السلف في اختلافهم في عد الآيات هو نفس اختلافهم او اتفاقهم..كان احالة على نفس المتنازع فيه و المنظور اليه و المبحوث فيه...فنحن نبحث عن الضابط الذي اعتمد عليه السلف في خلافهم هذا...لا موقف من أتى بعدهم من هذا الخلاف
بارك الله فيك، لم أقل إن الضابط هو نفس اختلافهم، ولكن أقرر أمرا غاب في تقعيد أخي أبي محمد وفقه الله، حيث قال إن المرجع الكتاب والسنة والإجماع، وهذا لا ينحل به الإشكال حتى ينضاف إليه ضابط فهم السلف رضي الله عنهم وقرائن الترجيح لذلك الفهم.
ولو تأملتَ في مشاركتي الآنفة لوجدتني أريد عين ما تريده من إبطال الزعم بأن مجرد ثبوت خلافهم يكفينا ليذهب كل ذاهب منا بنظره استقلالا يقول ما وجدت في الكتاب والسنة فبه أقول، وهذا - وإن لم يكن أبو محمد يقصده - مفتوحة له الذريعة في صياغته لضابط تقرير أي النصوص يدخل وأيها لا يدخل في الصفات! القصد أيها الفاضل تحرير أنواع الأدلة في هذا الصنف من المباحث، إذ القواعد الكلية والحدود ينبغي أن تكون جامعة مانعة كما تعلم، وأكثر ما يقع فيه طلبة العلم من فساد إنما سببه ضعف التحرير في القواعد الكلية..

عدنان البخاري
2010-01-08, 04:58 PM
قال ابن حجر : وقال الخطابي : تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق
أقول وأنا مثلهم .
/// لم التهيُّب من الخوض في صفة السَّاق وهي مثل باقي الصفات? وخاصَّةً أنَّك تحيلنا على المصادر المعتبرة في قولك:


** الكلام في عقيدة الأسماء والصفات أتحسس منه وأنبه على أن ما يذكر في مثل هذه الموضوعات من المباحثات وليست فتاوى وعلى المؤمن تعلم عقيدته الصحيحة من المصادر المعتبرة .
/// ثم هل رأيت كلامًا يذكره الإخوة تقريرًا دون اعتماد على "المصادر المعتمدة" حتى تشكِّك الناس فيما نذكره ههنا.
/// ولا ينبغي للمرء أن يكون متشكِّكًا في عقيدته ويتهيَّب الكلام عليه، فإنَّه توحيد! فماذا يعتقد إذن؟!

أبو الفداء
2010-01-08, 05:12 PM
أدرك المغزى من هذا السؤال :)
*********
هناك مثال واضح لما ذكرتم
ما أعلمه في النظر إلى الخلاف في صفة الساق (وهذا الأمر حسب علمي الضعيف فلا ينسب إلى أي اتجاه ..
يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون (القلم42)
قال ابن عباس : { يوم يكشف عن ساق }:
هو يوم كرب وشدة وفي رواية عن أمر عظيم، كقول الشاعر: وقامت الحرب بنا عن ساق
وذكرت روايات أخرى عن ابن عباس بمعنى مقارب...
نبحث عن سند وثبوت ذلك عن ابن عباس لنعلم هل الأمر فيه خلاف أو إجماع .
إذا ثبت الأثر عن ابن عباس ...إذا هناك خلاف
ظاهر الآية لا يدل على أن ذلك صفة لله؛ لأنه سبحانه لم يضف الساق إليه، وإنما ذكره مجردا عن الإضافة منكرا.
الحديث الشريف جاء في الصحيحين بتصريح بالساق

رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا"
وحمل الساق على الشدة والهول كما ذكره ابن عباس رضي الله عنه له وجه في اللغة على ما هو معلوم من كلام العرب ..وتقول العرب لسنة الجدب : كشفت ساقها
لكن ظاهر الحديث (ساقه) يحسم الأمر ...سواء كان الحديث آحاداً أم متواتراً لأن كلاهما يفيد العلم .
لكن قد يعترض عليه بما ذكره ابن حجر في فتح الباري ((...ووقع في هذا الموضع " يكشف ربنا عن ساقه " وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم فأخرجها الإسماعيلي كذلك ثم قال في قوله " عن ساقه " نكرة . ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ " يكشف عن ساق " قال الإسماعيلي : هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة ، لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين ، تعالى الله عن ذلك ليس كمثله شيء .))
وقد يرد عليه أن رواية البخاري مقدمة على غيره
قال ابن حجر : وقال الخطابي : تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق
أقول وأنا مثلهم وسامح الله الشيخ أبا الفداء وابن الرومية لأنهما جعلانى أخوض في هذه الأمور وهذه الموضوعات فالتباحث معهما وبعض إخواننا شيق وممتع :) .


** الكلام في عقيدة الأسماء والصفات أتحسس منه وألفت نظر القاريء الكريم أن ما يذكر في مثل هذه الموضوعات من المباحثات وليست فتاوى وعلى المؤمن تعلم عقيدته الصحيحة من المصادر المعتبرة .

بارك الله فيك .. ولكنك لم تجب عن سؤالي بما تفضلتَ به.. دع عنك هذا المثال الذي فيه حديث صحيح يظهر للناظر أنه يوافق مراد الآية فيجعله قرينة لترجيح قول على قول فيها (وإن لم يكن دليلا صريحا في تأويل الآية).. فهذه حالة قليلة الحدوث في النصوص المختلف على دخولها في الصفات كما لا يخفاك

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-08, 05:17 PM
/// لم التهيُّب من الخوض في صفة السَّاق وهي مثل باقي الصفات? وخاصَّةً أنَّك تحيلنا على المصادر المعتبرة في قولك:


/// ثم هل رأيت كلامًا يذكره الإخوة تقريرًا دون اعتماد على "المصادر المعتمدة" حتى تشكِّك الناس فيما نذكره ههنا.
/// ولا ينبغي للمرء أن يكون متشكِّكًا في عقيدته ويتهيَّب الكلام عليه، فإنَّه توحيد! فماذا يعتقد إذن؟!

لا أشكك في أحد أخي الكريم وإنما الكلام في العقائد خطير وما يهمنى هو ألا يعتمد أحد على كلامي لئلا أتحمل تبعات من يتابعنى في كلام قد أرجع عنه غداً
ولا شأن لي بغيري .

عدنان البخاري
2010-01-08, 05:30 PM
لا أشكك في أحد أخي الكريم وإنما الكلام في العقائد خطير وما يهمنى هو ألا يعتمد أحد على كلامي لئلا أتحمل تبعات من يتابعنى في كلام قد أرجع عنه غداً
ولا شأن لي بغيري .
ولأنَّ الكلام في العقائد خطيرٌ فهذا ما نحن بصدد تحريره والتحقيق فيه.
وما دام أن الكلام السابق يعنيك وحدك فالحمدلله.
وخير الكلام ما قلَّ ودلَّ.

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-08, 05:49 PM
بارك الله فيك .. ولكنك لم تجب عن سؤالي بما تفضلتَ به.. دع عنك هذا المثال الذي فيه حديث صحيح يظهر للناظر أنه يوافق مراد الآية فيجعله قرينة لترجيح قول على قول فيها.. فهذه حالة قليلة الحدوث في النصوص المختلف على دخولها في الصفات كما لا يخفاك
وهل هناك نص نقل فيه الخلاف في الصفة الواردة فيه عن الصحابة غير هذا النص في نظركم الكريم؟
فحسب كلام ابن القيم لا يوجد غيرها ..

أبو الفداء
2010-01-08, 05:59 PM
بارك الله فيك، لم ينقل عن الصحابة خلاف في تأويل الصفة، وهذا كلام يحتاج إلى ضبط حتى لا يلتبس على القارئ، وإنما الذي نُقل خلاف السلف في بعض النصوص فيما إذا كانت تدخل في نصوص الصفات أو لا تدخل، وقد تقدم ذكر أمثلة لهذه النصوص.

ابن الرومية
2010-01-09, 05:41 AM
و أحب أن اشارككم في المذاكرة بتأملين اثنين فيما ظاهره الاختلاف بين الاخوة و لكن عند التامل يبدو أن الجميع على اتفاق

التأمل الأول ما ذكره ابو الفداء انه غاب عن تقعيد ابي محمد في تفسير آي الصفات - و هو منطبق على تفسير غيرها ايضا من آي الأحكام و غيرها- حيث قال إن المرجع الكتاب والسنة والإجماع..و انه يجب ان يضاف اليه فهم السلف الصالح و قرائن هذا الفهم..مع انه ان تأمل المرء وجد ان هذا داخل في دليل الاجماع ان لم يكن هو عينه..خاصة عند من لا يعتبر غير اجماع الصحابة او القرون المفضلة و من اعتبر اجماع غيرهم فيقر باستحالة مخالفة الاجماع الحديث للاجماع القديم فعاد الأمر الى فهم السلف الصالح و ان اختلفوا لم يكن لأحد الخروج عن اقوالهم في شيء وجد المقتضى للقول بغير ما قالوه...فان تأملنا المسألة في باب الصفات تبين انها تعامل بمثل ما تعامل به المسائل الفقهية من مراتب الأدلة..
و التأمل الثاني هو في التهيب المتنازع عليه بين ابي محمد و ابي عمر ..و الذي يبدو ولله أعلم انه ايضا مما نتفق عليه جميعنا اذ قد استفاض عن السلف التهيب عن الخوض في هذا المجال و البحث في دقائقه و الاشتغال بما تحته عمل ونعلم هذا جميعا من معنى النهي عن الخوض في المتشابه بشتى مستوياته النسبية سواء المشتبه على مستوى الجماعة الكبيرة و المدة الزمنية الطويلة كالحروف المقطعة او كيفيات الصفات الالهية او التعمق في معانيها او حقائق الجنة والنار او موضع الدجال او مكان هاروت و ماروت...الخ او على مستوى الفرد و المدة الزمنية القليلة كاشتباه الأب على الفرد من الصحابة...و كل مستويات المتشابه التي يتهيب منها يجمع بينها ان لا عمل تحتها فينهى عن الخوض فيها لانعدام القرائن المادية التي تخول للادراك البشري الوصول الى نتائج واقعية و بالتالي عدم جدوى طلب اليقين فيه....فأما المتشابه النسبي الذي تحته عمل فيطلب معرفته و البحث عن اليقين فيه كمتشابه الربا و الكلالة مما خفي على فرد من افراد الصحابة و لم يزل يطلبه ..و في المغيبات ومنها ابواب الصفات تشترك فيها منطقتين..منطقة صغيرة مما تحته عمل و هي المعاني الظاهرة و منطقة كبيرة ليس تحتها عمل و ليس فيها الا التألي على الله.. و بينهما منطقة متوسطة هي فقه هذه المعاني مما مثاله سؤال اختنا الكريمة ...فأما المنطقة الأولى فظاهر تصريح السلف بها و نشرها و بثها بين الناس لكونها مما يحتاجونه في صلاح اعمال قلوبهم و ضبط بوصلة الرجاء و الخوف و الحب لخالقهم على معانيها و كان ذلك غالبا بالاكتفاء بقراءة الآيات و الأحاديث ولهذا استفاض عنهم انكار التهيب على هذا المستوى مما كان يبديه البعض من ورع بارد او تشنج او انقباض او نفور مما يقتضيه المعنى الظاهر حين رواية مثل هذه الآثار .. أما المنطقة الثانية فظاهر انكارهم الشديد على الخائض فيها و التهيب التام عن الكلام فيها...اما المنطقة المتوسطة و فيها يقع سؤال الأخت فهو مما صح عنهم و استفاض عنهم الأمران المعمول بهما في المنطقتين المذكورتين...أي الاشتغال بها مع التهيب..فالاشتغا ل بها لأنه احيانا قد تدعو الحاجة الى بيان أصول المعاني الظاهرة و لوازمها القريبة ككلامهم في الذات و الحد والمباينة و التعلق و الحدوث و الفرق بينه و بين الخلق و علاقة الصفات بعضها ببعض و تقسيماتها الخ..فيشتغلون ببيان ذلك للحاجة الى مزيد ايضاح للمعاني الظاهرة من خلال بيان اصولها ..اما للرد على من ردها الى غير اصلها و اما لزيادة بيان للقلب المتعبد المتعطش لمزيد من الاطمئنان في القصد و الطلب و اما لغير ذلك من العوارض...ثم انهم في نفس الوقت يتهيبون من الكلام في هذه المنطقة كثيرا لمجاورة حدودها لحدود المنطقة المنكرة..فلكون الخوض الكثير فيها مظنة للانزلاق للمنطقة المحظورة استفاض عنهم الكثير في هذا المعنى من الاقتصار فقظ على الحاجة و تقديرها بقدرها و توجيه الهمم و القوى الى الاشتغال في المنطقة الأولى الصافية النقية تماما ..و اشهرو أفضل من بين ثمرة هذا الامام الشافعي في قوله العظيم ...سلني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت أخطأت ولا تسألني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت كفرت...

أبو الفداء
2010-01-09, 07:48 AM
أحسنت التحرير يا ابن الرومية، بارك الله فيك ونفع بك.
ولكن ملاحظتي على تقعيد أبي محمد سببها أن قوما جعلوا ثبوت الإجماع "المتيقن" عن الصحابة في التفسير هو وحده الحجة في فهم الصفات، فمهما جاءهم المرء بأقوال عن آحاد الصحابة والسلف قالوا له "اثبت لنا أنهم أجمعوا بيقين، وإلا فما يدريك لعله خرج منهم من يقول بقولنا هذا (المخالف لتلك المنقولات جميعا) ولم ينقل إلينا قوله؟؟"
ففي الحقيقة إن من لم يفهم معنى الإجماع على حقيقته التي أشرتَ أنت إليها، وأدندن أنا حولها في كثير من المواضع في هذا المجلس، فإنه لن يكون له إلا التخبط في هذا الباب كما في غيره من الأبواب، وسيؤول أمره - لا محالة - إلى التذبذب والاضطراب في العلميات والشذوذ في العمليات!
فحتى نتأكد من كون القاعدة تفيد دخول قول الواحد من الصحابة أو من السلف الذي لا مخالف له من طبقته (مع وجود الداعي الشديد للبيان والرد والمخالفة لقوله من علماء زمانه كما تفضلتَ) في الحجج المعتبرة في هذا الباب، وحتى نتأكد من بيان معنى أن ثبوت الخلاف في نص من النصوص عن الصحابة أو من تبعهم من تلامذتهم على جملة من الأقوال التي وردت إلينا، يمنع الخروج على تلك الأقوال بقول لم ينقل عنهم بدعوى أن هذا ما أفضى إليه نظر الناظر في الكتاب والسنة ولعله قال به بعض السلف ولم يصل إلينا، ولبيان أن الناظر حينئذ يبحث ولابد عن قرائن إضافية خارجة على نصوص الكتاب والسنة نفسها لترجيح أحد تلك الأقوال على الآخر، ينبغي أن يكون الكلامُ أدق تحريرا من هذا، لا سيما في مسألة معلوم تربص الطوائف المخالفة لأهل السنة فيها بكل كلمة توافق هواهم، والله المستعان.

ابن خويز
2010-01-09, 02:38 PM
أخي الكريم أبا الفداء

عفوا لتأخر المداخلات

ليس فيما قلته آنفا خلط فلنعد القراءة معاً:

أولا: النظر إذا عدي ب (إلى) فهو بمعنى الرؤية باتفاق أهل السنة، ما قرأت فيه لهم خلافا
وإذا كان الأمر كذلك فمعنى قول الله تعالى : ( ولا ينظر إليهم) أي لا يراهم بقيد الرحمة والعفو وليس المعنى أنهم محجوبون عنه بالكلية فهو يراهم من حيث عموم رؤيته لخلقه، ولا يراهم رؤية تقتضي رحمته لهم وعفوه عنهم.

والقول بأن النظر إذا عدي ب (إلى) فهو بمعنى الرؤية، ومع هذا فقول الله تعالى : ( ولا ينظر إليهم) ليس بمعنى أنه لا يراهم بقيد الرحمة والعفو قول متناقض.

والفرق مهما يكن بين النظر والرؤية فقد اتفقت الكلمة أن النظر إذا عدي ب(إلى) فهو بمعنى الرؤية.

وأما المعنى الثالث الذي ذكرته: بأن البصر يطلق ويراد به بصر المحاسبة ، قلت أنه ليس من نصوص الصفات؟ لماذا؟ وهل ذكر ابن عباس أو مجاهد أو ابن مسعود أو غيرهم أن هذه الآية من نصوص الصفات وتلك الآية لا؟!
أو أن هذا الحديث من نصوص الصفات وأن الحديث الآخر لا؟!

ثم لا زال أهل السنة يفسرون آية آل عمران كما ذكرت فلماذا النكير؟

وما قلته في النظر المعدى ب(إلى) أنقله هنا.

وبارك الله فيكم

أبو الفداء
2010-01-09, 03:36 PM
والقول بأن النظر إذا عدي ب (إلى) فهو بمعنى الرؤية، ومع هذا فقول الله تعالى : ( ولا ينظر إليهم) ليس بمعنى أنه لا يراهم بقيد الرحمة والعفو قول متناقض.
بارك الله فيك .. أين فهمتَ هذا من كلامي؟
الذي قررته أن النظر معنى زائد على البصر، حتى مع تعديته بإلى، والزيادة ههنا في كونه يراهم بعين الرحمة كما تفضلتَ وكما تقدم من كلامي، فأين قلتُ أنا إنه "لا يراهم بقيد الرحمة"؟؟

والفرق مهما يكن بين النظر والرؤية فقد اتفقت الكلمة أن النظر إذا عدي ب(إلى) فهو بمعنى الرؤية
ليس على وجه المرادفة والمطابقة في المعنى، ولكن على وجه الزيادة في المعنى، أي أنه يبصرهم وزيادة..
تأمل الكلام - بارك الله فيك - بروية قبل الاعتراض عليه.

قلت أنه ليس من نصوص الصفات؟ لماذا؟
تقدم الجواب عن هذا في مشاركات عدة.. وليس المراد بأنها ليست من نصوص الصفات نفي دلالتها على صفة البصر، فتأمل.

ابن خويز
2010-01-09, 03:45 PM
أهلا وسهلا بأبي الفداء،

قلت: "الذي قررته أن النظر معنى زائد على البصر، حتى مع تعديته بإلى، والزيادة ههنا في كونه يراهم بعين الرحمة كما تفضلتَ وكما تقدم من كلامي، فأين قلتُ أنا إنه "لا يراهم بقيد الرحمة"؟؟

قلت: "وقولك - وفقك الله - يرى أصنافا ولا يرى أخرى = غلط!"

وفقك الله أخي

أبو الفداء
2010-01-09, 04:03 PM
أهلا وسهلا بأبي الفداء،

قلت: "الذي قررته أن النظر معنى زائد على البصر، حتى مع تعديته بإلى، والزيادة ههنا في كونه يراهم بعين الرحمة كما تفضلتَ وكما تقدم من كلامي، فأين قلتُ أنا إنه "لا يراهم بقيد الرحمة"؟؟

قلت: "وقولك - وفقك الله - يرى أصنافا ولا يرى أخرى = غلط!"

وفقك الله أخي
سبحان الله!
هذا ما قلته بحرفه:

هذا فيه نظر، إذ البصر والنظر لا يستويان كما تقدم. ونحن لم نقل إن من مخلوقات الله ما قضى سبحانه ألا يبصره أو لا يراه، ولكن منها ما قضى ألا ينظر إليه، وينبغي التنبه إلى الفرق بين المعنيين. وقولك - وفقك الله - يرى أصنافا ولا يرى أخرى = غلط!

فأين في هذا ما يفهم منه أني أقول إنه "لا يراهم بقيد الرحمة"؟؟؟
بل أقرر ضد هذا المعنى تماما كما هو واضح!

ابن خويز
2010-01-09, 05:00 PM
أخي الحبيب:
هل ترى صحة القول ب:"أن الله لا يراهم بقيد الرحمة"؟
إن قلت نعم، فهذا ما قلته في البداية أنه يصح أن يقال أن الله يرى أناسا دون آخرين بهذا المعنى أي بقيد رحمته. لكنك قلت أنه غلط.

وإن قلت: لا. فهنالك إشكال لأنك قلت:"فأين في هذا ما يفهم منه أني أقول إنه "لا يراهم بقيد الرحمة"؟؟؟
بل أقرر ضد هذا المعنى تماما كما هو واضح! "

بارك الله فيكم

أبو الفداء
2010-01-09, 05:26 PM
أوافقك على قولك "لا يراهم بقيد الرحمة" طالما أنك تريد به ما نريده من قولنا "نظر الرحمة" أي الرؤية التي يزيد عليها الرحمة والرضوان..
ولكن لا أوافقك على ما يتوهم القارئ منه نفيك للرؤية مطلقا عن هؤلاء، فالذي قلتُ إنه غلط هو كونه سبحانه يرى أصنافا ولا يرى أخرى ..
فقد قلتَ أنت:



وهنا يصح يقال أن الله يرى أصنافا من الناس دون أصناف لتفاوت أعمالهم، فهي على هذا من الصفات الاختيارية والخلاف هنا أضعف.

وهذا يُفهم منه أن الله لا يرى أصنافا - مطلقا - لحرمانهم من رحمته، إذ أنت تدخل الآية في الدلالة على الصفات الاختيارية في سياق نقاش حول صفة الرؤية بمطلقها هل هي اختيارية أم لا، لهذا علقت أنا على ما يظهر من الكلام بأنه غلط.
فإن كنت تنفي الآن هذا المعنى فقد اتفقنا والحمد لله، ولكن يبقى الخلل في عبارتك، وهو ما أنبه عليه، وفقك الله.

أبو محمد الطنطاوي
2010-01-09, 10:59 PM
بارك الله في الشيخين الفاضلين ابن الرومية وأبي الفداء
وأريد أن أوضح نقطة لن أطيل فيها كثيراً لأن مناقشتها ستخرج الموضوع عن سياقه كما أنها من الموضوعات الشائكة التى طال النقاش فيها سابقاً وفي أماكن عديدة .
أقول للشيخ أبي الفداء أن كلامي كنت أقصده فعلاً وأن فهم السلف إن كان إجماعاً حقيقياً فالحجة الإجماع وإن اختلفوا فهل يجوز أن نخرج عن أقوالهم باعتبار أنه لا يقين من وصول جميع الأقوال إلينا ونتبنى قولاً جديداً أو نرجح بينها وهذه مسألة شائكة مشهورة ...
وبذلك أخالف الشيخ أبا الفداء في بعض ما طرحه في هذه النقطة وفي مفهوم الإجماع وأنواعه بما لا سبيل إلى مناقشته هنا في هذا الموضوع
ويبقى أن نقول : كلنا إخوان وإن اختلفنا في مسألة أو مسائل ولكل وجهة هو موليها
نسأل الله أن يهدينا إلى ما يحبه ويرضاه وأن يحسن خاتمتنا وأن يجمعنا على حوض نبيه صلى الله عليه وسلم .
والسلام عليكم

ابن خويز
2010-01-10, 10:11 AM
أحسنت أخي أبا الفداء
هذا هو المقصود

أسأل الله الهداية لي وللجميع