مشاهدة النسخة كاملة : تيسير الوصول إلى علم الأصول
أبو صهيب أشرف المصري
2009-12-27, 11:51 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحو لي أن أطرح أبحاثي في علم الأصول بصورة ميسيرة لأهم وآكد قضايا الأصول مما لا يسع المتفقهَ الجهلُ له
بوركتم جميعا
أبو مروان
2009-12-27, 09:08 PM
متابعون إن شاء الله لذلك ونحن في الانتظار :)
أبو صهيب أشرف المصري
2009-12-28, 09:17 AM
جزاك الله خيرا
أبدأ قريبا إن شاء الله
وسيكون الكلام مرتبا ومشكولا وجله من كلام أهل العلم، إن شاء الله
وما علي إلى حسن التريب والصياغة أحيانا والتبيين أحيانا أخرى
السائر
2009-12-28, 06:06 PM
توكل على الله يا أخي الكريم
أسأل الله تعالى أن يوفقنا لمرضاته
أبو صهيب أشرف المصري
2009-12-31, 10:55 AM
مقــــــــدمـــ ـــــات
مهمات
أولا
عِلْمُ أُصُولِ الفِقْهِ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ القَوَاعِدِ العَامَّةِ المُجْمَلَةِ يَتَوَسَّلُ بِهَا الفَقِيهُ إِلَى مَعْرِفَةِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنَ الأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّ ةِ. مِثَالُ ذَلِكَ بِاخْتِصَارٍ: قَاعِدَةُ: "الأَصْلُ فِي الأَمْرِ الوُجُوبُ" يَتَوَسَّلُ الفَقِيهُ بِهَذِهِ القَاعِدَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ بَعْضِ نُصُوصِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) أَمْرٌ دَاخِلٌ تَحْتَ القَاعِدَةِ المَذْكُورَةِ؛ فَالصَّلَاةُ إِذَنْ وَاجِبَةٌ.هَذَا وَلَمْ يَكُنْ عِلْمُ أُصُولِ الفِقْهِ مُدَوَّنًا زَمَنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ مَبَاحِثُ مُحَرَّرَةٌ ، وَلَا مَسَائِلُ مُقَرَّرَةٌ؛ إِذْ لَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ -قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ e فِي حَاجَةٍ إِلَى ذَلِكَ، وَذَا لِأَمْرَيْنِ:
أ- تَجَدُّدُ الشَّرِيعَةِ بِالنَّسْخِ وَالتَّقْيِيدِ وَالتَّخْصِيصِ: فَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُؤَصِّلَ أَصْلًا عَلَى مَا لَا يُعْلَمُ ثُبُوتُهُ أَبَدًا، فَالأَصْلُ بِدَلَالَةِ لَفْظِهِ لَا يَكُونُ أَصْلًا إِلَا إِذَا كَانَ ثَابِتًا رَاسِخًا.
ب- حُرْمَةُ الاجْتِهَادِ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ e دُونَ إِذْنِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ اجْتِهَادًا فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ لَاسِيَّمَا فِيمَا تَعُمُّ بِهِ البَلْوَى، كَنَوَاقِضِ الوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اللَّهُمَّ إِذَا لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ e مَوْجُودًا فِي مُحِيطِ الوَاقِعَةِ وَيَتَعَذَّرُ الاتِّصَالُ بِهِ وَقْتَهَا، أَوْ مَا يَكُونُ فِيمَا قُرِّرَ أَصْلُهُ فِي الشَّرِيعَةِ أَوْ فِيمَا سَكَتَ عَنْهُ وَكَانَ مُبَاحًا بِالعَادَةِ أَوِ العَقْلِ ثُمَّ يَؤُولُ ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَى النَّبِيِّ فَيُقِرُّهُ أَوْ يَرْفُضُهُ
ج- كَذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الصَّحَابَةُ t فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِ-بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ-لِصَفَاءِ أَذْهَانِهِم وَتَخَرُّجِهِم عَلَى يَدِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ، وَإِدْرَاكِهِم أَسَالِيبَ اللُّغَةِ وَأَسْرَارَها. كَمَا أَنَّهُم كَانُوا لَا يُحِبُّونَ الافْتِرَاضَ فِي المَسَائِلِ أَوِ التَّفْرِيعِ عَلَيْهَا دُونَ حَاجَةٍ.
هَذَا كُلُّهُ جَعَلَ الصَّحَابَةَ يَسِيرُونَ عَلَى دَرْبِ الاجْتِهَادِ بِسُهُولَةٍ وَيُسْرٍ، قَدْ تَأَصَّلَتْ فِي نُفُوسِهِم وَقَرَائِحِهِم مَبَاحِثُ أُصُولِ الفِقْهِ قَبْلَ أَنْ تَتَأَصَّلَ فِي القَرَاطِيسِ، وَالآثَارِ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ:
· مَسْأَلَةُ الجَمْعِ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ اليَمِينِ، وَالَّتِي تَعَرَّضَ لَهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ tفَأَجَابَ عُثْمَانُ t بِقَوْلِهِ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَ ا آيَةٌ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ. قَالَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَوْ كَانَ لِي مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ وَجَدْتُ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ لَجَعَلْتُهُ نَكَالًا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أُرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.
أخرجه مالك عن الزهري وإسناده صحيح،
وقد رواه الدارقطني بإسناده عن الزهري به
مصرحا باسم علي t من غير شك والله أعلم.
يَعْنِي بِآيَةِ التَّحْلِيلِ قَوْلَه تَعَالَى { وَالْمُحْصَنَات ُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } وَبِآيَةِ التَّحْرِيمِ قَوْلَه تَعَالَى { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } .. وَهَذَا مَا عُرِفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَاعِدَةِ: تَقْدِيمُ الحَاظِرِ عَلَى المُبِيحِ إِذَا تَعَارَضَا.([1] (http://majles.alukah.net/newreply.php?do=postreply&t=47472#_ftn1))
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَمْثِلَةِ كَثِيرٌ. ثُمَّ جَاءَ جِيلُ التَّابِعِينَ فَوَرِثُوا عِلْمَ وَمَنْهَجَ الصَّحَابَةِ فِي الفَهْمِ وَالاسْتِدْلَال ِ حَتَّى صَارَ سَجِيَّةً لَهُم أَيْضًا. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ-وَهُوَ تَابِعِيٌّ-وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي المَرْأَةِ الحَامِلِ المُتَوَفَّى زَوْجُهَا تَضَعُ حَمْلَهَا، قَالَا تَحِلُّ لِلزَّوَاجِ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ آيَةَ الطَّلَاقِ { وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } نَزَلَتْ بَعْدَ آيَةِ البَقَرَةِ (( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)).
أخرجه البخاري وبعض أهل السنن المعنى
وَهَذَا مَا عُرِفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَخْصِيصِ العَامِّ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ.
([1]) أو بالقاعدة الفقهية " الأَصْلُ فِي الأَبْضَاعِ التَّحْرِيمِ."
أبو مروان
2010-01-01, 10:33 PM
موفق بإذن الله، تابع وعندما يقترب موعد الامتحان أخبرنا حتى نستعد بارك الله فيك :)
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-02, 10:40 PM
جزاكم الله خيرا
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-02, 10:43 PM
ثانيا
لَمَّا تَوَسَّعَتِ الدَّوْلَةُ الإِسْلَامِيَّة ُ وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا بِمُخْتَلِفِ طَرَائِقِهِم وَمَسَالِكِهِم فِي الحَيَاةِ_ تَكَاثَرَتِ المَسَائِلُ وَتَشَعَّبَتْ بِطَرِيقَةٍ لَمْ تَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابِهِ الكِرَامِ، وَلَمْ يُصَرِّحِ القُرْآنُ أَوِ السُّنَّةُ بِحُكْمِهَا، فَاضْطُرَّ الفُقَهَاءُ إِلَى الاجْتِهَادِ فِي ضَوْءِ مَا وَرِثُوهُ مِنْ عِلْمِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ مَعَ مَا مَعَهُم مِنْ عَقْلٍ وَلُغَةٍ.
لَكِنَّ ذَلِكَ -وَإِنْ سَدَّ ثَغْرَةً فِي الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ- قَدْ فَتَحَ عَلَيْهِم بَابًا عَظِيمًا مِنَ الاخْتِلَافِ فِي أَحْكَامِ المَسْأَلَةِ الوَاحِدَةِ، كُلُّ فَقِيهٍ وَمَا أُوتِي مِنْ عِلْمٍ وَفَهْمٍ، وَلَمْ تَكُنْ ثَمَّةَ سَبِيلٌ وَاحِدٌ يَطْرُقُهُ هَؤُلَاءِ لِلتَّقْلِيلِ مِنْ هُوَّةِ الاخْتِلَافِ بَلْ وَمِنْ حِدَّتِهِ أَيْضًا. حَتَّى جَاءَ الإِمَامُ الفَذذُ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فَنَظَّرَ لمِسَالِكِ الاجْتِهَادِ وَضَبَطَهَا بِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ الغَرَّاءِ حَتَّى قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ الْخُصُوصَ وَالْعُمُومَ حَتَّى وَرَدَ الشَّافِعِيُّ.
فَكَانَ الكِتَابُ الَّذِي أَمْلَاهُ عَلَى تَلَامِذَتِهِ وَالَّذِي كَانَ رِسَالَةً إِلَى أَحَدِ أَقْرَانِهِ. فَكَتَبَ عَنْ أَدِلَّةِ الشَّرِيعَةِ الإِجْمَالِيَّة ِ: القُرآنِ وَالسُّنَّةِ وَالنَّسْخِ وَالإِجْمَاعِ وَالقِيَاسِ ... إِلَخ
وَلَا يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّ الفُقَهَاءَ كَانُوا يَسِيرُونَ وَفْقَ هَوَاهُم كَلَّا، بَلْ مِنْهُم أَئِمَّةٌ كِبَارٌ مَلَؤُوا الدُّنْيَا عِلْمًا وَفِقْهًا، لَكِنَّ المَقْصُودَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَعَايِيرُ مُحَدَّدَةٌ وَوَاضِحَةٌ تَضْبُطُ الاجْتِهَادَ فِي فَهْمِ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ فِي الاسْتِنْبَاطِ مِنْهَا، أَوْ حَتَّى الاخْتِيَارِ مِنْ أَقْوَالِهِم. فَوَقَعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي هُوَّةِ التَّعَصُّبِ الذَّمِيمِ وَرَدِّ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ بِحُجَجٍ وَاهِيَةٍ، أَوْ صَرْفِ ظَاهِرِهَا عَلَى نَحْوٍ مُخَالِفٍ لِلمَشْهُودِ لَهُ شَرْعًا.
أبو مروان
2010-01-02, 10:50 PM
بوركت يمينك :)
أسامة ضيف الله
2010-01-02, 11:45 PM
بارك الله فيكم*** نتابع
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-04, 09:19 PM
أحسن الله إليكم وغفر لي ولكم وجزاكم الله خيرا
ثالثا
فكَانَ الشَّافِعِيُّ أَوَّلَ مَنْ دَوَّنَ عِلْمَ أُصُولِ الفِقْهِ اسْتِقْلَالًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ وَذَلِكَ فِي رِسَالَتِهِ المَشْهُورَةِ بِـ"الرِّسَالَة". وَعَلى هَذَا الضَّرْبِ سَارَ عُلَمَاءُ المُسْلِمِينَ فَأَخَذُوا يُوَسِّعُونَ مَبَاحِثَهُ وَيُكْثِرُونَ مَسَائِلَهُ، فَسَلَكُوا فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ مَنَاهِجَ:
1. المنهج الفروعي: وَسَمَّاهُ البَعْضُ بِالمَنْهَجِ الحَنَفِيِّ لِأَنَّهُم أَوَّلُ مَنْ بَدَعَهُ. وَهُوَ المَنْهَجُ الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الأُصُولِ مِنْ فُرُوعِ الأَئِمَّةِ بَلْ وَالتَّصَرُّفِ فِي القَوَاعِدِ أَحْيَانًا إِذَا لَمْ تُلَائِمْ أَحْكَامَ الأَئِمَّةِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَلْصَقُ إِلَى الفِقْهِ مِنْهَا إِلَى الأُصُولِ. وَمِمَّنْ كَتَبُوا فِيهَا: البَزْدَوِيُّ وَالدَّبُوسِيُّ وَالجَصَّاصُ الرَّازِيُّ ثَلَاثَتُهُم فِي كِتَابِ "الأُصُولِ"، وَالنَّسَفِيُّ فِي كِتَابِ "المَنَارِ"
2. المنهج الكلامي: وَسَمَّاهُ بَعْضُهُم بِالمَنْهَجِ الشَّافِعِيِّ نِسْبَةً لِأَرْبَابِ المَدْرَسَةِ الشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ كَتَبَ فِيهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ .وَهُوَ تَحْقِيقُ الأُصُولِ وَفْقًا لِلمَنْقُولِ وَالمَعْقُولِ دُونَ التِفَاتٍ لِكَلَامِ أَحَدٍ. وَيَتَمَيَّزُ هَذَا المَنْهَجُ عَنْ سَابِقِهِ بِكَثْرَةِ الافْتِرَاضَاتِ وَمُنَاقَشَةِ المُحَالَاتِ وَقِلَّةِ التَّفْرِيعَاتِ . مَعَ ضَرْبِ الأَمْثِلَةِ. فَكَانَ مِنْ بَاكُورَةِ الإِنْتَاجِ العِلْمِيِّ عَلَى هَذَا المَنْهَجِ كِتَابُ أَبِي المَعَالِي الجُوَيْنِيِّ "البُرْهَانُ"، وَكِتَابُ أَبِي حَامِدٍ الغَزَّالِيِّ "المُسْتَصْفِي"، وَغَيْرُهُمَا. وَجَاءَ مِنْ بَعْدِهِم جِيلٌ سَارُوا عَلَى هَذَا المَنْهَجِ أَمْثَالُ: فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ فِي "المَحْصُولِ" وَسِيفِ الدِّينِ الآمِدِيِّ فِي "الإِحْكَامِ"، وَالبَيْضَاوِيّ ِ فِي المِنْهَاجِ، مُلَخِّصِينَ تِلْكَ الكُتُبَ السَّابِقَةِ.
3. المنهج الشمولي: وَهُوَ مَا يَجْمَعُ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْن ِ-الكَلَامِيَّةِ وَالفُرُوعِيَّة ِ-لِتَحْقِيقِ الغَايَةِ مِنْ عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ وَهِيَ التَّنْظِيرُ الصَّحِيحُ لِقَضَايَا الشَّرْعِ وَالتَّطْبِيقُ العَمَلِيُّ لَهَا. وَمِمَّنْ كَتَبُوا فِيهِ: مظهر الدين أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّاعَاتِي الحَنَفِيُّ فِي "بَدِيعِ النِّظَامِ" الجَامِعِ بَيْنَ أُصُولِ البَزْدَوِيِّ وَالإِحْكَامِ. وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ البُخَارِيُّ فِي "تَنْقِيحِ الأُصُولِ" الجَامِعِ بَيْنَ أُصُولِ البَزْدَوِيِّ وَالمَحْصُولِ ثُمَّ شَرَحَهُ فِي "التَّوْضِيحِ فِي حَلِّ غَوَامِضِ التَّنْقِيحِ"، ثُمَّ شَرَحَهُ سَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَزَانِي فِي "شَرْحِ التَّلْوِيحِ عَلَى التَّوْضِيحِ" .
وَبَدَأَ الابْتِكَارُ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا العِلْمِ لِدَعْوَى مَزْعُومَةٍ بِأَنَّ الاجْتِهَادَ تَوَقَّفَ فَاقْتَصَرَ التَّأْلِيفُ عَلَى النَّظْمِ وَالتَّرْتِيبِ وَالشَّرْحِ.
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-04, 09:22 PM
تنبيه: هذا الطرح كان معدا لإحدى الهيئات وكان ممنوعا ذكر المراجع ولما توقف العمل عليه بدأ أطرحه في المنتديات ولعلي إن تهيأت ذكرت المراجع إن شاء الله
تنبيه آخر: ما أنا إلا جامع ومرتب ومهذب أنتقي أحسن الكلام وأوفق بينه والله المستعان
والسلام
مولاي أحمد بن محمد أمناي
2010-01-04, 10:29 PM
1. المنهج الفروعي:....وَالد َبُوسِيُّ .
كثيرون من ينطقها بتشديد الدال وهذا خطأ، والصحيح أنها مخففة (أنظر ذلك في شذرات الذهب لابن العماد، و الجواهر المضية في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء القرشي، و مغاني الأخيار لمحمود بن أحمد الغيتابي).
كذا أشير إلى نقص في المناهج المشار إليها!.
ولا أنسى أن أشيد بإبداعك فقد لمسناه منك من قبل في موضوعك: "أصول الفقه على طريقة المحدثين".
بارك الله فيك ونفع ،،،
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-04, 10:41 PM
كثيرون من ينطقها بتشديد الدال وهذا خطأ، والصحيح أنها مخففة (أنظر ذلك في شذرات الذهب لابن العماد، و الجواهر المضية في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء القرشي، و مغاني الأخيار لمحمود بن أحمد الغيتابي).
كذا أشير إلى نقص في المناهج المشار إليها!.
ولا أنسى أن أشيد بإبداعك فقد لمسناه منك من قبل في موضوعك: "أصول الفقه على طريقة المحدثين".
بارك الله فيك ونفع ،،،
أمتعنا الله بملاحظاتك أخي الكريم ولست هناكم والله، ولكن لي سؤال -وأما السائل فلا تنهر-
كيف يكون التخفيف في حرف الدال وهي من الشمسيات ؟؟
أم لعلك تقصد بتخفيف الباء ؟
بارك الله فيك
مولاي أحمد بن محمد أمناي
2010-01-04, 11:02 PM
أمتعنا الله بملاحظاتك أخي الكريم ولست هناكم والله، ولكن لي سؤال -وأما السائل فلا تنهر-
كيف يكون التخفيف في حرف الدال وهي من الشمسيات ؟؟
أم لعلك تقصد بتخفيف الباء ؟
بارك الله فيك
اي نعم هو كما إليه أشرتَ، فقد وهمت (لأنني كتبته وإقامة الصلاة على عجلة).
وأذكر أن بعض المحدثين يُضبط اسمه بتشديد الباء (ينظر ذلك في توضيح المشتبه لابن ناصر).
رياض النضرة
2010-01-05, 01:06 AM
أحسن الله إليكم وغفر لي ولكم وجزاكم الله خيرا
ثالثا
فكَانَ الشَّافِعِيُّ أَوَّلَ مَنْ دَوَّنَ عِلْمَ أُصُولِ الفِقْهِ اسْتِقْلَالًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ وَذَلِكَ فِي رِسَالَتِهِ المَشْهُورَةِ بِـ"الرِّسَالَة". وَعَلى هَذَا الضَّرْبِ سَارَ عُلَمَاءُ المُسْلِمِينَ فَأَخَذُوا يُوَسِّعُونَ مَبَاحِثَهُ وَيُكْثِرُونَ مَسَائِلَهُ، فَسَلَكُوا فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ مَنَاهِجَ:
1. المنهج الفروعي: وَسَمَّاهُ البَعْضُ بِالمَنْهَجِ الحَنَفِيِّ لِأَنَّهُم أَوَّلُ مَنْ بَدَعَهُ. وَهُوَ المَنْهَجُ الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الأُصُولِ مِنْ فُرُوعِ الأَئِمَّةِ بَلْ وَالتَّصَرُّفِ فِي القَوَاعِدِ أَحْيَانًا إِذَا لَمْ تُلَائِمْ أَحْكَامَ الأَئِمَّةِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَلْصَقُ إِلَى الفِقْهِ مِنْهَا إِلَى الأُصُولِ. وَمِمَّنْ كَتَبُوا فِيهَا: البَزْدَوِيُّ وَالدَّبُوسِيُّ وَالجَصَّاصُ الرَّازِيُّ ثَلَاثَتُهُم فِي كِتَابِ "الأُصُولِ"، وَالنَّسَفِيُّ فِي كِتَابِ "المَنَارِ"
2. المنهج الكلامي: وَسَمَّاهُ بَعْضُهُم بِالمَنْهَجِ الشَّافِعِيِّ نِسْبَةً لِأَرْبَابِ المَدْرَسَةِ الشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ كَتَبَ فِيهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ .وَهُوَ تَحْقِيقُ الأُصُولِ وَفْقًا لِلمَنْقُولِ وَالمَعْقُولِ دُونَ التِفَاتٍ لِكَلَامِ أَحَدٍ. وَيَتَمَيَّزُ هَذَا المَنْهَجُ عَنْ سَابِقِهِ بِكَثْرَةِ الافْتِرَاضَاتِ وَمُنَاقَشَةِ المُحَالَاتِ وَقِلَّةِ التَّفْرِيعَاتِ . مَعَ ضَرْبِ الأَمْثِلَةِ. فَكَانَ مِنْ بَاكُورَةِ الإِنْتَاجِ العِلْمِيِّ عَلَى هَذَا المَنْهَجِ كِتَابُ أَبِي المَعَالِي الجُوَيْنِيِّ "البُرْهَانُ"، وَكِتَابُ أَبِي حَامِدٍ الغَزَّالِيِّ "المُسْتَصْفِي"، وَغَيْرُهُمَا. وَجَاءَ مِنْ بَعْدِهِم جِيلٌ سَارُوا عَلَى هَذَا المَنْهَجِ أَمْثَالُ: فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ فِي "المَحْصُولِ" وَسِيفِ الدِّينِ الآمِدِيِّ فِي "الإِحْكَامِ"، وَالبَيْضَاوِيّ ِ فِي المِنْهَاجِ، مُلَخِّصِينَ تِلْكَ الكُتُبَ السَّابِقَةِ.
3. المنهج الشمولي: وَهُوَ مَا يَجْمَعُ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْن ِ-الكَلَامِيَّةِ وَالفُرُوعِيَّة ِ-لِتَحْقِيقِ الغَايَةِ مِنْ عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ وَهِيَ التَّنْظِيرُ الصَّحِيحُ لِقَضَايَا الشَّرْعِ وَالتَّطْبِيقُ العَمَلِيُّ لَهَا. وَمِمَّنْ كَتَبُوا فِيهِ: مظهر الدين أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّاعَاتِي الحَنَفِيُّ فِي "بَدِيعِ النِّظَامِ" الجَامِعِ بَيْنَ أُصُولِ البَزْدَوِيِّ وَالإِحْكَامِ. وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ البُخَارِيُّ فِي "تَنْقِيحِ الأُصُولِ" الجَامِعِ بَيْنَ أُصُولِ البَزْدَوِيِّ وَالمَحْصُولِ ثُمَّ شَرَحَهُ فِي "التَّوْضِيحِ فِي حَلِّ غَوَامِضِ التَّنْقِيحِ"، ثُمَّ شَرَحَهُ سَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَزَانِي فِي "شَرْحِ التَّلْوِيحِ عَلَى التَّوْضِيحِ" .
وَبَدَأَ الابْتِكَارُ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا العِلْمِ لِدَعْوَى مَزْعُومَةٍ بِأَنَّ الاجْتِهَادَ تَوَقَّفَ فَاقْتَصَرَ التَّأْلِيفُ عَلَى النَّظْمِ وَالتَّرْتِيبِ وَالشَّرْحِ.
أخي بارك الله فيك!
هل يمكنك من فضلك ضرب أمثلة على كل واحد من هاته الأقسام لمزيد التوضيح؟
وجزاك الله خيرا
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-05, 08:52 AM
أخي الكريم كم أنا سعيد بهذه المداخلات وتيك الملاحظات مهما يكن من أمر
بالنسبة لطلبك فالأمر كما ترى مجرد مقدمة نظرية تعد مدخلا ثقافيا لهذه الدراسة، وبالنسبة للأمثلة فيمكن مطالعة الكتب المذكورة أعلاه وإن كنت لا أرجح ذلك لأن الفائدة العملية قليلة
لكن على أية حال يحضرني الآن مما ذكر في شأن المنهج الحنفي قولهم: القاعدة أن اللفظ لا يستعمل في حقيقته ومجازه معا والمشترك لا يستعمل إلا في معنى واحد من معانيه. قم من فروعه مذهبهم أن الابن يحرم عليه الزواج بمن زنى بها أبوه مستدلين بقوله تعالى {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم ....} مفسرين النكاح بمعنى الوطء. ومن فروعهم أيضا أن الولد لا يجوز له نكاح من عقد عليها أبوه مستدلين بنفس الآية ، مفسرين النكاح فيها بمعنى العقد أيضا
وبذلك استعملوا المعنين معا فعدلوا القاعدة بقولهم: لا مانع ما استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه معا أو في معنييه إذا كان مشتركا متى كان ذلك في سياق النفي كما هنا
وبالنسبة للأمثلة على المناهج الأخرى فدونك المصنفات المذكورة. وإن كان لك ملاحظة أخي الكريم فأتحفنا بها ولا تبخل علينا فأنا لازلت أتزي بزي المتعلمين ولم أخلع بعدُ عباءة المستفيدين
لكن رجاء عدم إطالة النفس في مثل هذه المسائل
جزاك الله خيرا
أبو مروان
2010-01-06, 01:12 AM
متابعون جزاك الله خيرا
متى الامتحان؟ المادة بدأت تطول وتتشعب :):)
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-06, 12:05 PM
متابعون جزاك الله خيرا
متى الامتحان؟ المادة بدأت تطول وتتشعب :):)
هل أنت جاد ؟!
أبو مروان
2010-01-06, 11:44 PM
بالنسبة لطول المادة نعم تحتاج منا إلى تمحيص وتلخيص وحفظ.
أما بالنسبة للامتحان فالأمر يعود إليكم ، إن شئتم وضع بعض الأسئلة قصد الاختبار والمنافسة فلكم ذلك وإلا فاعتبر الأمر مجرد انبساط أخي :)
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-09, 10:23 PM
رابعا
وَمِنَ المُؤْسِفِ حَقًّا أَنَّ عِلْمَ أُصُولِ الفِقْهِ تَشَبَّعَ بِمَسَائِلِ الكَلَامِ وَالفَلْسَفَةِ، وَأُدْخِلَ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَى حَدِّ الإِلْغَازِ وَالإِعْجَازِ، وَتَكادُ عِبَارَاتُهُ لَا تَكُونُ عَرِبِيَّةَ المَبْنَى، عِلَاوَةً عَلَى الاخْتِصَارِ المُخِلِّ أَحْيَانًا. وَنُمَثِّلُ لِذَلِكَ بِكِتَابِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ الهُمَامِ لِأَنَّكَ إِذَا جَرَّدْتَهُ مِنْ شُرُوحِهِ وَحَاوَلْتَ أَنْ تَفْهَمَ مُرَادَ قَائِلِهِ فَكَأَنَّمَا تُحَاوِلُ المَعْمِيَّاتِ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ جَمْعُ الجَوَامِعِ لِقَاضِي القُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيِّ، فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ جَمْعِ الأَقَاوِيلِ المُخْتَلِفَةِ بِعِبَارَةٍ لَا تُفِيدُ قَارِئًا وَلَا سَامِعًا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلْوٌ مِنَ الاسْتِدْلَالِ عَلَى مَا يُقَرِّرُهُ مِنَ القَوَاعِدِ. وَلَمْ يَتَخَلَّصْ عِلْمُ أُصُولِ الفِقْهِ مِنْ مَبَاحِثِ الكَلَامِ وَالفَلْسَفَةِ إِلَّا فِي العُصُورِ المُتَأَخِّرَةِ .
خامسا
وَأَسْعَى بِهَذِهِ الدِّرَاسةِ إِلَى تَجْرِيدِ عِلْمِ الأُصُولِ مِنْ هَذِهِ الجَدَلِيَّاتِ وَتِلْكَ التَّعْقِيدَاتِ ؛ مُعْتَمِدًا مَا أَمْكَنَ النَّصَّ الشَّرْعِيَّ أَوَّلًا فِي التَّأْصِيلِ وَالتَّقْرِيرِ. وَمَسْلَكُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الشَّاطِبِيُّ فِي كِتَابِهِ المَاتِعِ -المُوَافَقَاتِ- : " كُلُّ مَسْأَلَةٍ مَرْسُومَةٍ فِى أُصُولِ الفِقْهِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا فُرُوعٌ فِقْهِيَّةٌ أَو آدَابٌ شَرْعِيَّةٌ أَوْ لَا تَكُونُ عَوْنًا فِى ذَلِكَ فَوَضْعُهَا فِى أُصُولِ الفِقْهِ عَارِيَةً وَالَّذِي يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا العِلْمَ لَمْ يَخْتَصَّ بِإِضَافَتِةٍ إِلَى الفِقْهِ إِلَّا لِكَوْنِهِ مُفِيدًا لَهُ وَمُحَقِّقًا لِلاجْتِهَادِ فِيهِ فَإِذَا لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِأَصْلٍ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ فَرْعٌ فِقْهِيٌّ مِنْ جُمْلَةِ أُصُولِ الفِقْهِ وَإِلَّا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَكُونَ سَائِرُ العُلُومِ مِنْ أُصُولِ الفِقْهِ كَعِلْمِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالاشْتِقَاقِ وَالتَّصْرِيفِ وَالمَعَانِي وَالبَيَانِ وَالعَدَدِ وَالمِسَاحَةِ وَالحَدِيثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ العُلُومِ الَّتِى يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا تَحْقِيقُ الفِقْهِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا مِنْ مَسَائِلِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ كُلُّ مَا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ الفِقْهُ يُعَدُّ مِنْ أُصُولِهِ وَإِنَّمَا اللَّازِمُ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يُضَاُف إِلَى الفِقْهِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ فِقْهٌ فَلَيْسَ بِأَصْلٍ لَهُ ..." ا.هـ
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-11, 10:20 PM
سادسا
أَمَّا الأُصُولُ الَّتِي اخْتَلَفَ حَوْلَهَا العُلَمَاءُ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الاخْتِلَافِ أَثَرٌ عَمَلِيٌّ، فَإِنَّا لَنْ نَتَوَسَّعَ فِي تَحْقِيقِهَا وَتَحْرِيرِهَا وَإِنَّما سَنَعْرِضُ لِهَذَا وَذَاكَ؛ قَالَ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ فِى أُصُولِ الفِقْهِ يَنْبَنِي عَلَيْهَا فِقْهٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مِنَ الخِلَافِ فِيهَا خِلَافٌ فِي فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الفِقْهِ فَوَضْعُ الأَدِلَّةِ عَلَى صِحَّةِ بَعْضِ المَذَاهِبِ أَوْ إِبْطَالِهِ عَارِيَةً أَيْضًا.
سابعا
أَمَّا المَسَائِلُ الَّتِي لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا عَمَلٌ أَصْلًا فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِدْخَالِهَا فِي هَذَا البَرْنَامَجِ لِأَنَّ القَصْدَ مِنْهُ هُوَ تَقْرِيبُ عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ، وَتَجْرِيدُهُ عَمَّا شَوَّشَهُ وَعَقَّدَهُ، يَقُولُ الشَّاطِبِيُّ: كُلُّ مَسْأَلَةٍ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا عَمَلٌ فَالخَوْضُ فِيهَا خَوْضٌ فِيمَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى اسْتِحْسَانِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ وَأَعْنِى بِالعَمَلِ عَمَلَ القَلْبِ وَعَمَلَ الجَوَارِحِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَطْلُوبٌ شَرْعًا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ اسْتِقْرَاءُ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّا رَأَيْنَا الشَّارِعَ يُعْرِضُ عَمَّا لَا يُفِيدُ عَمَلًا مُكَلَّفًا بِهِ؛ فَفِي القُرْآنِ الكَرِيمِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ} فَوَقَعَ الجَوَابُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ العَمَلُ إِعْرَاضًا عَمَّا قَصَدَهُ السَّائِلُ مِنَ السُّؤَالِ عَنِ الهِلَالِ لِمَ يَبْدُو فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ دَقِيقًا كَالخَيْطِ ثُمَّ يَمْتَلِئُ حَتَّى يَصِيرَ بَدْرًا ثُمَّ يَعُودُ إِلَى حَالَتِهِ الأُولَى... ا.هـ
انتهت المقدمات
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-12, 08:46 PM
الْكِتَابُ الأَوَّلُ
الْكَلام عَلَى الأَحْكَام
القِسْمُ الأَوَّلُ
الأحكامُ التَّكْلِيفِيَّ ةُُ
تَصْدِيرٌ
سُمِّيَتْ هَذِه الْأَنْوَاعُ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِالتَّكْلِيفِي َّةِ لِأَنَّ الْمُكُلَّفَ مُخَاطَبٌ بِهَا إِمَّا أَمْرًا أَوْ نَهْيًا أَوْ تَخْيِيرًا عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-21, 09:14 PM
فصل الإيجاب
الإِيجَابُ: الإلزام بالعمل.([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))
وَالفِعْلُ المَطْلُوبُ عَلَى ذَلِكَ الوَجْهِ يُسَمَّى وَاجِبًا: كَالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وَإِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وفاعله امتثالا موعود بالجنة، وتاركه من غير مرخص متوعد بالنار
مثاله: قَولُه تَعَالَى:
{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَرَسُولُ اللَّهِ e فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَجَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ سَلَّمَ فَقَالَ وَعَلَيْكَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ فَأَعْلِمْنِي قَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ وَتَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا.
متفق عليه
? البَيَانُ:
فِي هَذِهِ النُّصُوصِ المَذْكُورَةِ بَعْضُ المَأْمُورَاتِ الَّتِي أُمِرَ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الحَتْمِ وَالإِلْزَامِ، كَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَإِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَاسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمِنْ ثَمَّةَ يَجِبُ فِعْلُهُا وَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا، وَعَلَى ذَلِكَ يُثَابُ فَاعِلُهَا امْتِثَالًا، وَيُعَاقَبُ تَارِكُهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ، هَذَا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ.
? لَكِنْ كَيْفَ يُعْرَفُ حُكْمُ الوُجُوبِ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الأَحْكَامِ ؟ وَكَيْفَ تُسْتَفَادُ دَلَالَةُ الْإِلْزَامِ ؟ لِلإِيجَابِ أَدِلَّةٌ ودلالات تَدُلُّ عَلَيْهِ إِذَا وُجِدَتْ عُلِمَ مِنْهَا الوُجُوبُ وَإِذَا لَمْ تُوجَدِ انْتَفَى الوُجُوبُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ. سَوفَ تُذْكَرُ في حِينِهَا عَلَى الرَّاجِحَ مِنْهَا تَبَعًا لِلدَّلِيلِ دُونَ الوُلُوجِ فِي الخِلَافِ.
_______________
([1]) لم أعرفه بأي من تعريفات الأصوليين رغبة في ذكرها في كتاب دلالة الأدلة، حيث أذكر طرق استنباط الوجوب ومن ثمة معرفة الواجب، لأن التعريفات الأصولية له لها علاقة باستنباطه، فقولهم مثلا: ما أمر به على سبيل الحتم والإلزام، يحتاج تحقيق معنى الأمر ودلالاته على الوجوب مما جعلني أرجئه إلى كتاب دلالة الأدلة وطرق الاستنباط ، كما أن الأحكام الشرعية في الواقع الخارجي تكون آخر ما يصل إليه الفقيه ، وقد ذكرت هنا لاحتياج تلك المصطلحات في جميع مسائل الأصول تقريبا ، فاكتفيت بتعريفه بأقرب عبارة حتى ولو كانت لا تجري على ما يعرف بالجامع المانع لأن المقصود هو تصور الاصطلاح . هذا اجتهادي والله أعلم
أبو صهيب أشرف المصري
2010-01-30, 10:31 PM
أقسام الواجب
? يُقَسَّمُ الْوَاجِبُ إِلَى أَقْسَامٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَهُنَاكَ تَقْسِيمٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ أَدَائِهِ وَآخَرُ بِاعْتِبَارِ تَقْدِيرِهِ وَثَالِثٌ بِاعْتِبَارِ تَعَيُّنِهِ وَرَابِعٌ بِاعْتِبَارِ الْمُطَالَبِ بِأَدَائِهِ. هَذِهِ أَهَمُّ تَقْسِيمَاتِهِ وَأَشْهَرَهُا. وَنَتَكَلَّم ُفيِماَ يَلِي عَنْ كُلِّ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ بِمَا تَيَسَّرَ:
أَوَّلًا: الْوَاجِبُ بِالنَّظَرِ إِلَى وَقْتِ أَدَائِهِ
1) وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ: هُوَ مَا اتَّسَعَ وَقْتُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ.
مِثَالُهُ: الصَّلَاةُ، فَقَدْ أَقَّتَ الشَّارِعُ لَهَا أَوْقَاتًا تَتَّسِعُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، فَيُمْكِنُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ إِتْبَاعُهَا بِصَلَاةٍ أُخْرَى فِي نَفْسِ الْوَقْتِ، كَمَا يُمْكِنُ أَدَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ، أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَّنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلَ ظِلِّهِ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتْ الشَّمْسُ وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ وَصَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الْأَوَّلِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتْ الْأَرْضُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ.
أخرجه الترمذي وقال الألباني حسن صحيح
وَقَدْ صَحَّ النَّبِيُّ e أَنَّهُ كَانَ يَكْتَنِفُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ بِمِثْلِهَا نَافِلَةً فِي وَقْتِهَا كَالرَّوَاتِبِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ.
فَكُلُّ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَأْقِيتٌ عَلَى الْفَوْرِ فَالْأَصْلُ فِيهِ السَّعَةُ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُبَادَرَةُ لِفِعْلِهِ أَوْلَى فَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً: يَقُولُ تَعَالَى
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.
2) وَاجِبٌ مُضَيَّقٌ: وَهُوَ مَا اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ وَقْتِهِ فَلَا يَسَعُ غَيْرَهُ مِنْ جِنْسِهِ.
مِثَالُهُ: صِيَامُ رَمَضَانَ، لَا يَتَّسِعُ وَقْتُه-شَهْرَ رَمَضَانَ-لِغَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ، فَلَا يُمْكِنُ صِيَامُ النَّافِلَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ. وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَّسِعَ لِغَيْرِ جِنْسِهِ كَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ يَقُولُ تَعَالَى:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
ويقول:
{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}
فَلَا يُمْكِنُ أَدَاءُ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامٍ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِـ لَا قَضَاءً وَلَا نَذْرًا وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ
أبو سعد المراكشي
2012-02-20, 02:59 AM
ما شاء الله، أتحفتنا أخي المبارك، جزاكم الله خيرا
هل من مزيد
أبو صهيب أشرف المصري
2012-02-20, 09:06 PM
أحسن الله إليك
كنت أود الإكمال لكن يمنعني أمور
تغير المواعيد والأعمال والأولويات بعد الثورة
قمت بإعادة النظر فيه وأضفت ونقحت ولم يتسن الوقت للتنسيق والترتيب
اللهم علمنا ما ينفعنا
أبو سعد المراكشي
2012-02-20, 10:18 PM
اللهم آمين، لا عليك أخي اطرحه و نحن نتكفل بتنسيقه إن شاء الله
جزاكم الله خيرا
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.