مشاهدة النسخة كاملة : هل ينسب علماء السلف المكان لله تعالى ؟ ( الله موجود بلا مكان)
نحن نعتقد أن الله تعالى مستو على عرشه ، وعرشه فوق سماواته ، وأنه تعالى بائن من خلقه , وأن المكان مخلوق و أحد مخلوقاته.
و قول الله موجود بلا مكان , هو قول صحيح و لا بأس به . فالله فوق المكان و فوق جميع مخلوقاته و المكان احد مخلوقاته تعالى .
أتمنى تصحيح قولي اعلاه ان وجد فيه خطاء .
ابن العباس
2009-12-26, 08:05 PM
قول الله موجود بلا مكان , هو قول صحيح و لا بأس به
سددك الله بل به بأس إذ هو لفظ مشكل, يستفصل عن معناه فيعرف بمقتضى الجواب إن كان به بأس أو لا
سددك الله بل به بأس إذ هو لفظ مشكل, يسفصل عن معناه فيعرف بمقتضى الجواب إن كان به بأس أو لا
أهلا بك اخي ابن العباس . هلا فصلت لنا ماهي المشكلة مع تلك العبارة !
طبعا العبارة استنتجتها من احد محاضرات المحدث الالباني رحمه الله الموجودة في موقع اليوتيوب بعنوان
(هل لله مكان؟ للامام الالباني)
ملاحظة :
الامر الذي دعاني الى كتابة الكلام اعلاه , هو ردا على الشبهة التالية :
كيف للخالق ان يسكن في داخل المكان ؟ فالله موجود قبل خلق المكان ؟
روى البُخَارِيّ وغيره عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-، قَالَ: {قال أهل اليمن لرَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر، فقَالَ: كَانَ الله ولم يكن شيء قبله} .
فمعنى كان الله و لم يكن شئ قبله يعني ان الله كان قبل المكان لان المكان احد مخلوقاته .
و علماء السلف يقرون بأن الله فوق العرش و فوق جميع مخلوقاته .
من هنا انا استنتجت الجواب التالي :
ان الله فوق المكان لان المكان احد مخلوقاته .
و وجدت مقطع صوتي للامام الالباني يؤيد ماذهبت اليه .
اما قول ان الله موجود بلامكان ؟ ان كان يقصد به ان الله يسكن في المكان فهذا خطاء و هذا اعتقاد اغلب اعداء العقيدة السلفية حيث ان اغلبهم يعتقد اننا نقول بان الله يسكن في السماء .
وهذا خطاء فالله في السماء ( العلو ) فوق السماء ( المبنية ) و فوق المكان و فوق جميع مخلوقاته .
أبو الفداء
2009-12-26, 09:03 PM
بارك الله فيك .. القصد بالاستفصال: السؤال عن حقيقة ما تريد أو ما يريده المتكلم من إطلاقه لفظة (المكان) في حق الله تعالى. فإن كان يريد أن يقرر أن الله في السماء، مستقر في علوه فوق عرشه سبحانه وتعالى (على النحو الذي يليق بذاته)، وذلك جوابا لسؤال السائل (أين الله) الذي هو سؤال مشروع عما يوصف من حيث المعنى بأنه (مكان) أو (جهة)، فهذا لا إشكال فيه!
يعني لو تحول السؤال "أين الله؟" إلى "في أي مكان يوجد الله تعالى؟" هل يتغير معناه ؟
كلا! المعنى واحد! فالسؤال عن الله تعالى بلفظة "أين" هذا سؤال عن المكان! وأول من سأله إنما هو النبي صلى الله عليه وسلم!! والجواب المعتمد عند أهل السنة لهذا السؤال هو ما أقره عليه السلام من كونه سبحانه وتعالى في السماء فوق عرشه! فمن حيث المعنى هذا السؤال وجوابه بم يوصف؟ يوصف بأنه سؤال عن جهة أو مكان، ولا إشكال من جهة المعنى في ذلك!
ولكن في المقابل فإن كان مراد المتكلم بالمكان ما تكون عليه المخلوقات فيما نراه من تحيزها داخل المكان المخلوق، فيشبه الخالق بخلقه ويتصور له من حقيقة المكان ما لا يكون إلا للمخلوقين، فإن هذا مردود قطعا ولا يجوز! ومن هذا التصور دخلت الشبهة عند المتكلمين بصفة عامة، فراحوا يستنكرون على أهل السنة إثباتهم لله صفة الاستواء والعلو على عرشه وعلى سائر المخلوقات (حقيقة) وأنه في السماء (حقيقة)! فلولا أنهم يتوهمون أن إثبات هذه الصفات والمعاني جميعا يلزم منه التشبيه بالمخلوقات لما تحرجوا منها هذا التحرج! فالله تعالى بائن من خلقه غير مخالط ولا مشابه لشيء مما خلق ولا تحده حدود ما خلق، سبحانه وتعالى، وهو مع ذلك مستقر فوق السماء في جهة العلو، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
ابن العباس
2009-12-26, 09:17 PM
جزى الله الأخ المبجل أبا الفداء على تبرعه بالجواب فقد أفاد وأجاد
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-26, 09:46 PM
المعنى الذي أراده الأخ منيف صحيح؛ لأنه أراد بالمكان = المخلوق
لكن ينبه إلى أن عقيدة السلف = إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفى الله عن نفسه، لا نجاوز القرآن والحديث الثابث ..
وعلى هذا؛ فلفظ المكان لم يرد في الكتاب أو السنة لا نفيًا ولا إثباتًا ..
وباب الرد أوسع من باب التقرير = وموقفنا من الألفاظ التي صارت مجملة باستعمال مستعمليها كالمكان وغيرها = الإستفسار ...
كما بين الأخوة أعلاه ..
والله أعلم ..
ابن جريج
2009-12-26, 10:13 PM
أخي الكريم : منيف
لفظ المكان والجهة والعرض والجسم ونحوها مما لم يرد نفيه ولا إثباته في كتاب أو سنة إنما هو من المجملات التي تحتاج إلى بيان واستفصال كما قرره شيخ الاسلام في عامة كتبه عند رده على المتفلسفة والجهمية والمعتزلة ومتأخري الأشعرية ؛ فإن هؤلاء يستعملون هذه الألفاظ لنفي المعاني الثابتة عن الله في القرآن والسنة ..
فنفوا بالمكان والجهة صفة العلو ، ونفو بالعرض صفة المحبة والرضا ، وهذا كله بني على مقدمات باطلة لم يسلم بها أهل السنة.
وعلى هذا ،، فإن قصد بالمكان أن شيئا ما قد أحاط بالله فهذا ما لا يجوز مسلم أن يعتقده ..
وإن قصد به الجهات الست ، فهنا موطن النزاع ومعترك الخصام
فأهل السنة يثبتون الفوقية والعلو - ذاتا ومعنى - لله تعالى ، لأن الله وصف بها نفسه في القرآن في كثر ما آية .
ولذا .. فإن التعبير بأن الله فوق المكان فيه إشكال على نحو ما تقرر سلفا ، والمأثور عن السلف قولهم : فوق العرش ، على العرش ، مرتفع عنه ، فهذا هو الأسلم ، والله أعلم .
فإن كان يريد أن يقرر أن الله في السماء، مستقر في علوه فوق عرشه سبحانه وتعالى (على النحو الذي يليق بذاته)، وذلك جوابا لسؤال السائل (أين الله) الذي هو سؤال مشروع عما يوصف من حيث المعنى بأنه (مكان) أو (جهة)، فهذا لا إشكال فيه!
يعني لو تحول السؤال "أين الله؟" إلى "في أي مكان يوجد الله تعالى؟" هل يتغير معناه ؟
كلا! المعنى واحد! فالسؤال عن الله تعالى بلفظة "أين" هذا سؤال عن المكان! وأول من سأله إنما هو النبي صلى الله عليه وسلم!! والجواب المعتمد عند أهل السنة لهذا السؤال هو ما أقره عليه السلام من كونه سبحانه وتعالى في السماء فوق عرشه! فمن حيث المعنى هذا السؤال وجوابه بم يوصف؟ يوصف بأنه سؤال عن جهة أو مكان، ولا إشكال من جهة المعنى في ذلك!
جزاك الله خيرا أخي أبو الفداء.
لدي ملاحظة بسيطة :
السؤال كما ذكرت انت صحيح انه مشروع فقول " أين الله " أو " في اي مكان يوجد الله تعالى " هو سؤال مشروع حتى لو قصد به "مكان الله " ؟
و يكون الجواب عليه كمايلي :
بأن الله في جهة العلو و ليس في مكان العلو او نكتفي بالقول بأنه في العلو او في السماء ( اي باتجاه العلو ) .
لان العلو ليس مكانا بل جهة .
كذلك لا نستطيع قول : الله يوجد في مكان فوق العرش ؟ لانه لا مكان فوق العرش ؟ و العرش سقف المخلوقات كماهو معلوم .
ولا اتذكر احدا من السلف وصف العلو بأنه مكان ؟
اتمنى تصحيح كلامي اعلاه ان ورد به خطاء و في انتظار جوابكم .
أبو الفداء
2009-12-26, 11:28 PM
بارك الله فيك ..
/// المعنى واحد إن قلنا إن الله في جهة العلو أو قلنا إنه في مكان عليّ فوق خلقه..
وكما لا يلزم التشبيه من إخبارنا عنه سبحانه بالأولى فكذا الشأن في الثانية! وسواء الجهة أو المكان فلا إشكال - من جهة المعنى اللغوي - في الإخبار بهما عن الله تعالى على التفصيل الذي تقدَّم.
/// التفريق بين الجهة والمكان في الإخبار عنه تعالى بأن العلو جهة وليس مكانا كما تفضلتَ = تكلُّف لما لا موجب له!
/// ولو أثبتَّ الجهة ونفيت المكان لوقعت في التناقض! وبيان ذلك أن يقال، هل يجوز - لغة وعقلا - أن يقال إن الله له جهة ولكن لا مكان له؟؟ أو يقال "إنه في جهة، ولكن ليس في مكان"؟؟ وهل يتصور العقل موجودا له جهة ولكن لا مكان له؟؟؟
/// الجهة لغة هي مقصد المتحرك أو المكان الذي يولي إليه وجهه، فهي لا تنفك عن المكان حقيقة وتصورا! وأنت لا تولي وجهك إلا إلى مكان، سواء قصدته وأمكنك الذهاب إليه أو لم يمكنك ذلك! وعندما تشير إلى السماء فمن حيث المعنى أنت تشير إلى مكان! ومجرد قولنا إنه سبحانه موجود في السماء فوق عرشه، يعرفنا بمكانه، والسؤال بلفظة "أين" سؤال عن المكان باتفاق النحاة.. ولا يلزم من ذلك التسوية بين الله وبين عرشه في كون الأخير مخلوقا محاطا بمخلوقات مثله!
والله أعلم.
أبو محمد الطنطاوي
2009-12-26, 11:40 PM
....لكن ينبه إلى أن عقيدة السلف = إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفى الله عن نفسه، لا نجاوز القرآن والحديث الثابث ..
وعلى هذا؛ فلفظ المكان لم يرد في الكتاب أو السنة لا نفيًا ولا إثباتًا ..
......
ولذلك لا ينبغي الخوض في هذا ولا نزيد عما ورد في الكتاب والسنة
أبو الفداء
2009-12-26, 11:44 PM
ولذلك لا ينبغي الخوض في هذا ولا نزيد عما ورد في الكتاب والسنة
بارك الله فيك. إثبات معاني الصفات عند شرحها أو الإخبار بها = هو من إثبات الصفات ولا يوصف بأنه زيادة على ما في الكتاب والسنة! والخوض فيه إنما يكون بقدر الحاجة.
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-26, 11:48 PM
ولذلك لا ينبغي الخوض في هذا ولا نزيد عما ورد في الكتاب والسنة
في باب التقرير = نعم .. ونؤمن بأنه حق على حقيقته ..
وأما باب الرد؛ فهو أوسع ! فلينتبه
والله أعلم ..
أبو محمد الطنطاوي
2009-12-27, 12:11 AM
....وأما باب الرد؛ فهو أوسع ! فلينتبه
والله أعلم ..
لا أسلم بهذا
بل إن إمام السنة والصابر على المحنة أحمد بن حنبل لم يفعل مثل ذلك في الرد ولم يزد على ما ورد في النصوص .
ابن الرومية
2009-12-27, 03:35 AM
بل إن إمام السنة والصابر على المحنة أحمد بن حنبل لم يفعل مثل ذلك في الرد ولم يزد على ما ورد في النصوص
و في غير ذلك زاد شيخنا الكريم..فالأمر يختلف حين تكون السنة مستضعفة محاصرة و حين يكون لها الهيمنة و منتشرة ...و ان كان الأولى السكوت و الاقتصار على الفاظ الكتاب و السنة و ما اجمع عليه الناس في القرون المفضلة
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-27, 04:43 AM
بل إن إمام السنة والصابر على المحنة أحمد بن حنبل لم يفعل مثل ذلك في الرد ولم يزد على ما ورد في النصوصهذا كلام من لم يعرف كلام الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في هذا الباب أو لم يقف عليه! ...
وإلا أخبرني ... أين في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن القرآن كلام الله غير مخلوق ...
ألم يصلك ويبلغك يا أبا محمد أن الإمام أحمد بن حنبل كان يبدع الواقفة في القرآن؟! ..
ألم يبلغك أن الإمام أحمد كان يقول : "من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر ، ومن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع"
ولا أدل على ما قلتُ، ما جرى بين أحمد بن حنبل وابن أبي دوؤاد من مناظرة جاء فيها :
قال ابن أبي دوؤاد : القرآن غير مخلوق، أعرفه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أم لم يعرفوه؟
فرد الإمام أحمد : اسكتو نسكت ..
-راجع غير مأمور ردود السلف الصالح على المخالفين، ترى العجب العجاب..
يؤيد ما قلتُ آنفا ..
والله الموفق سبحانه ..
أبو عبد الرحمن من دمشق
2009-12-27, 11:03 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فالسؤال عن الله تعالى بلفظة "أين" هذا سؤال عن المكان! وأول من سأله إنما هو النبي صلى الله عليه وسلم!! .
هذا لا يُسَلَّمُ به
فالسؤال بـ "أين" عن المكان هو لِما يُحيطُ به المكان.
ولا تحمل هذا المعنى لغير ذلك.
ألا تقول لغاضب: أين حِلمُك؟
ولجاهل: أين عقلُك
وهلمّ جرا.....
فهل أنت تسأل عن مكانِهما؟
وقول من قال: إن الله فوقَ المكان قبل ان يخلق المكان
غير مفهوم
فكيفَ تكون (فوقَ) ولا مكان
إنّ فوقَ من لوازم المكان، وكذلك (تحت) وأخواتهما
إلا أن تكون فوقَ يُرادُ بها معنىً صحيح غير فوقية المكان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو الفداء
2009-12-27, 12:12 PM
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فالسؤال بـ "أين" عن المكان هو لِما يُحيطُ به المكان.
ولا تحمل هذا المعنى لغير ذلك.
إن كنت تتخذ هذا أصلا لاستعمال لفظة (أين) في لسان العرب (كما هو ظاهر كلامك)، فأنى لك بهذا الأصل يا أخانا الكريم؟
وما دليلك على أن هذا السؤال لا يراد به معرفة الجهة أو المكان الذي توجد فيه ذات الله جل وعلا على الحقيقة؟؟
لفظة "أين" هنا السؤال بها عن المكان (كما هو أصلها)، وهذا لا يتناطح فيه كبشان، ودليله الظاهر جدا: جواب الجارية إذ قالت "في السماء"، وأقرها النبي عليه السلام على ذلك ووصفها بالإيمان .. فبأي قرينة نقلتها أنت عن هذا المعنى الظاهر؟
ثم كيف يقول عاقلٌ يدري معنى الكلام، ويجري على أصول أهل السنة في التعامل مع الأسماء والصفات أن سؤال السائل "أين الله"، يُحمل على مثل قولك للغاضب "أين حلمك" أو "أين عقلك"؟؟؟؟ ما هذا الكلام؟؟
وقول من قال: إن الله فوقَ المكان قبل ان يخلق المكان
غير مفهوم
من الذي تفوه بهذا القول ؟ فنحن لانعلم أين كان الله قبل ان يخلق المكان . و أعتقد بأنه لايجوز قول تلك العبارة . فقول اين الله قبل خلق العرش او أين الله قبل أن يخلق المكان او كيف يستوي الخالق على عرشه وما الى ذلك .. هو قول بدعة و لا يجوز الخوض فيه .
قال الامام مالك رحمه الله : (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)
فأعتقد ان القول بإن الله فوقَ المكان قبل ان يخلق المكان هو قول بدعة و الله أعلم .
فكيفَ تكون (فوقَ) ولا مكان
إنّ فوقَ من لوازم المكان، وكذلك (تحت) وأخواتهما
فوق هنا يقصد بها إتجاه العلو . و المكان له حدود فهو مخلوق من المخلوقات . و اعيد قول الإمام مالك رحمه الله : "الكيف مجهول" فنؤمن بالصفة أياً كانت هذه الصفة وأما السؤال عن الكيفية فإنا لا نتخيله ولا نتصوره لأنه غير معقول و ليس لنا عقل لديه القدرة على إدراك ذلك.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
فأهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك ، ولكنهم في هذا الإيمان يتحاشون التمثيل ، أو التكييف ، أي أنهم لايمكن أن يقع في نفوسهم أن نزوله كنزول المخلوقين ، أو استوائه على العرش كاستوائهم ، أو إتيانه للفصل بين عباده كإتيانهم لأنهم يؤمنون بأن الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشو رى: الآية11) ويعلمون بمقتضى العقل مابين الخالق والمخلوق من التباين العظيم في الذات ، والصفات ، والأفعال ، ولايمكن أن يقع في نفوسهم كيف ينزل؟ أو كيف استوى على العرش؟ أو كيف يأتي للفصل بين عباده يوم القيامة ؟ أي أنهم لايكيفون صفاته مع إيمانهم بأن لها كيفية لكنها غير معلومة لنا ، وحينئذٍ لايمكن أبداً أن يتصوروا الكيفية ، ولايمكن أن ينطقوا بها بألسنتهم أو يعتقدوها في قلوبهم .يقول تعالى :( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)(الإس راء:36) . ويقول: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:33) .و لأن الله أجل و أعظم من أن تحيط به الأفكار قال تعالى : (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (طـه:110) .
و أنت متى تخيلت أي كيفية فعلى أي صورة تتخيلها؟! إن حاولت ذلك فإنك في الحقيقة ضال، و لا يمكن أن تصل إلى حقيقة لأن هذا أمر لا يمكن الإحاطة به ، و ليس من شأن العبد أن يتكلم فيه أو أن يسأل عنه . و لهذا قال الإمام مالك - رحمه الله - فيما اشتهر عنه بين أهل العلم حين سأله رجل فقال : يا أبا عبد الله : ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء - يعني العرق و صار ينزف عرقاً - لأنه سؤال عظيم . ثم قال تلك الكلمة المشهورة :( الاستواء معلوم و الكيف مجهول ، و الإيمان واجب ، و السؤال عنه بدعة ) و روى عنه أنه قال : ( الاستواء غير مجهول ، و الكيف غير معقول ، و الإيمان به واجب ، و السؤال عنه بدعة ) .فإذن نحن نعلم معاني صفات الله ، و لكننا لا نعلم الكيفية ، و لا يحل لنا أن نسأل عن الكيفية و لا يحل لنا أن نكيف ، كما أنه لا يحل لنا أن نمثل أو نشبه لأن الله تعالى يقول في القرآن : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشو رى: الآية11) . فمن أثبت له مثيلاً في صفاته فقد كذب القرآن ، و ظن بربه ظن السوء و قد تنقص ربه حيث شبهه و هو الكامل من كل وجه بالناقص ، و قد قيل :
ألم تر أن السيـف ينقص قــدره
إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
ان اردت الاطلاع على بقية كلام الشيخ فهو موجود في موقعه بعنوان ( أسماء الله و صفاته وموقف أهل السنة منها) . و هنا الرابط :
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_16945.shtml
عبدالمومن براهيم الجزائري
2009-12-27, 12:33 PM
(في عشرين من الأنواع تجمع عددا من النصوص تثبت علو الله تبارك وتعالى بالإضافة إلى أدلة الفطرة و إلى أدلة العقل ,كلّ هذه الأشياء تتواكب بإثبات هذا الوصف لله تبارك وتعالى ,فيأتي كثير من الفرق المنحرفة عن القرآن و السنة و عما كان عليه السلف الصالح , يروي البخاري و البيهقي وغيرهم عن الأوزعي أنه قال -كنا والتابعون متوافرون نقول :إن الله تبارك وتعالى في السماء و على العرش استوى- التابعون متوافرون يقولون هده عقيدة التابعين ’و التابعون أخذوها من الصحابة ’ والصحابة أخذوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن القرآن و السنة وجاء الجهم بن صفوان و قال إن الله في كل مكان , وجاء ناس آخرون و أغرقوا في الضلال فقالوا إنّ الله لا فوق و لا تحت ولا يمين ولا يسار ولا داخل العالم ولا خارجه.... وهذه الصفات لا تنطبق إلا على المعدوم و العياد بالله ............................
ثم يقول: و ينقل كلام السلف في من ينكر صفات علو الله لماذا يكفرهم ؟ لأنهم عطلوا صفة العلو لله وعطلوا غيرها , ولكنه يأتي على رأس قائمة هذه الصفات إنكار علو الله واستواءه على عرشه , فكانو إذا كفروا جهما إنما يكفرونه لأنه أنكر علو الله واستواءه على عرشه , وتجد كثيرا من المدارس التي تنتمي إلى السنة على هذا المذهب الجهمي الضال................)
الدر النضيد من محاظرات العقيدة والتوحيد
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-27, 01:01 PM
هذا لا يُسَلَّمُ به
فالسؤال بـ "أين" عن المكان هو لِما يُحيطُ به المكان.
ولا تحمل هذا المعنى لغير ذلك.
ألا تقول لغاضب: أين حِلمُك؟لا أحد ينازعكَ في أن "أين" تأتي بغير المعنى الذي ذُكر أعلاه،،
ولا أحد ينازعكَ في أن العرب استعملت "أين" في غير السؤال عن المكان،،
لكن من يحدد لنا المعنى الذي جاءت به؟ ..
هل هو عقلي وعقلك؟!
لا شك أن كل عاقلٍ سيجيب بأن المحدد هو السياق ..
لا يشك عارف باللغة العربية أن سياق حديث الجارية جاء للمكان والجهة؛ كما ذكر ذلك الشيخ أبي الفداء ..
وحمل معناه على غير ما جاء به السياق = تحريف!
والله المستعان ..
أبو الفداء
2009-12-27, 03:12 PM
من الذي تفوه بهذا القول ؟ فنحن لانعلم أين كان الله قبل ان يخلق المكان . و أعتقد بأنه لايجوز قول تلك العبارة . فقول اين الله قبل خلق العرش او أين الله قبل أن يخلق المكان او كيف يستوي الخالق على عرشه وما الى ذلك .. هو قول بدعة و لا يجوز الخوض فيه .
رويدك يا أخي الكريم، ما هكذا تورد الإبل
وإلا فأين أنت من سؤال أبي رزين العقيلي للنبي صلى الله عليه وسلم * قال:
يا رسول الله ، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال : كان في عماء ، ما تحته هواء ، وما فوقه هواء ، وخلق عرشه على الماء "
/// قال أهل العلم العماء عند العرب يراد به السحاب الرقيق (وقيل الكثيف)، (قال أبو عبيد: لا يُدرى كيف كان هذا السحاب) وقيل إنه الماء الذي كان عليه عرش الله تعالى (قالوا السحاب يحمل الماء، فأطلق الحامل وأراد المحمول)، وقيل المراد بقوله "في عماء": "عدم ما سواه" (قاله أحمد بن منيع عن يزيد بن هارون) وهذا التوجيه يعضده ورود رواية بلفظ "كان في عما" هكذا بالقصر، فهي أصرح في أن معناه "ليس معه شيء". ويعضد ذلك المعنى أيضا ما في الصحاح من أن الله تعالى "كان ولم يكن شيء معه" و"كان ولم يكن شيء غيره"
/// و"ما" هنا إما أن تكون للوصل (بمعنى الذي) أو للنفي.. وإلى كل من القولين ذهب جماعة من العلماء.
/// فمن حملها على الوصل قال إن الضمير في "فوقه" و"تحته" عائد على ذلك العماء، وقال البيهقي إن "في" هنا بمعنى "على" كما في قوله تعالى "في جذوع النخل" أي عليها.. (قاله البيهقي في الأسماء والصفات)، وقال المراد أنه سبحانه كان فوق ذلك العماء، الذي هو موصوف (والله أعلم بحقيقته) بأن فوقه هواء وتحته هواء.
/// وأما من جعلها للنفي لا للوصل، فقال إن الضمير يعود على الذات الإلهية، والمراد أنه سبحانه لم يكن يوجد شيء فوقه ولا تحته، ولعله يعضد ذلك الوجه ما ورد من الرواية بزيادة نفي ثالث على النفيين بقوله: " وَمَا ثَمَّ خَلْقٌ"، فتكون تلك المنفيات المعطوفات لتوكيد معنى "العماء" على هذا الوجه. ولهذا كان مما قيل في معنى العماء: "كان حيث لا تدركه عقول بني آدم"
/// وعلى أي الوجهين فإنه لا يقال – وهو القصد هنا - إن السؤال عن مكان الله تعالى قبل خلق السماوات والأرض سؤال مبتدع أو لا يصح، ولا يطلق عليه ما أطلقه مالك رحمه الله على من يسأل في الاستواء، إذ إن مالكا يريد بالتبديع من يسأل عن كيف الاستواء لا عن معناه، فتنبه! والسائل هنا "أين كان الله قبل خلق السماوات والأرض" لا يسأل عن كيفية وإنما عن معنى لا إشكال في نسبته إلى الله تعالى أو في السؤال عنه. ولم يقل أحد من السلف – على الرغم من كلام بعض أهل العلم في السند وكلام بعضهم في المتن – إن هذا السؤال مبتدع أو منكر، ولم يعترض أحدهم على متن الحديث بهذا الاعتراض.
/// نحن معاشر البشر لا ندرك ولا نفهم المكان إلا بنسبة الموجودات إلى بعضها البعض، فالشيء الذي يوصف بأنه فوق، لا يوصف بهذه الصفة إلا لوجود شيء آخر "تحت" ينسب إليه! فعلى القول بأن العماء المراد به سحاب كان الله تعالى فوقه فلا إشكال، ويقال فيه كما يقال في علوه سبحانه على العرش. وأما على القول بأن المراد: كان لا يوجد في الوجود شيء إلا الله تعالى (وهذا ما أميل إليه والله أعلم)، فإننا نقول إن نفي الموجودات مما سوى الله تعالى لا يلزم منه نفي معنى المكان عنه، بدليل أن جواب السؤال جاء بأنه سبحانه كان في عماء، ولم يقل النبي (لم يكن له مكان) ولا قال "لم يكن المكان قد خلق بعد"! أو كما يقول بعض المتكلمة (لم يكن الأين قد أٌيِّن بعد)!! فكلمة المكان التي نجيز إطلاقها في حق الله تعالى (وهي معنى الجواب على السؤال عنه سبحانه بأين) لا نقصد بها المكان المخلوق! وكذا لم يكن جوابه عليه السلام النكير على أبي رزين أو نهيه عن مثل هذا السؤال، بل أجابه عليه السلام (بأنه "كان فوق سحاب لا شيء حوله" على أحد الوجهين أو بأنه "كان ولا شيء معه" على الوجه الآخر) لأن العقل السوي لا يتصور موجودا لا مكان له، ولا يمكن أن يتصف موجودٌ من الموجودات بهذا المعنى (أنه لا مكان له)، والله أعلى وأعلم. فكما نقول إنه قبل خلق السماوات والأرض لم يكن الزمان كما ندركه، ومع ذلك يجوز لنا أن نسأل ماذا كان الله فاعلا قبل خلق السماوات والأرض (أي في زمان متقدم على خلقهما الله به عليم)، فكذا نقول في المكان، ولكن لا نعطل المعنيين فيما قبل خلق السماوات والأرض بدعوى أن العقل يحيلهما على الله تعالى، فليس كذلك، والله أعلم.
/// سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن هذا الحديث فأجاب:
"هذا الحديث معناه أنه كان في سحاب ، قال العلماء معنى العماء السحاب ، وقال بعضهم الغليظ، وقال بعضهم الرقيق، والحديث في سنده بعض المقال ، والله - جل وعلا - له صفات الكمال من كل الوجوه ، ومنزه عن صفات النقص والعيب من كل الوجوه - سبحانه وتعالى - كما قال عز وجل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وقال عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [(11) سورة الشورى]. وهذا الحديث مشهور من حديث أبي رزين العقيلي من رواة وكيع بن حدس ، وهذا الرجل وكيع ليس من المشهورين بالثقة ، وفي هذا الحديث أن الرسول لما سئل : أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء). فإن صح فالمعنى مثل ما قال العلماء علماء اللغة العماء السحاب ، قال بعضهم السحاب الرقيق ، وقال بعضهم السحاب الغليظ ، هذا معناه إن صح. جزاكم الله خيراً"
http://www.binbaz.org.sa/mat/10310
--------------------
* الحديث أخرجه ابن حبان وصححه والترمذي وحسنه وأخرجه ابن ماجة وأحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وغيرهم، وضعفه بعض أهل العلم، ومن المعاصرين الألباني والأرنؤوط رحمهما الله. والذي يظهر لي أنه لا ينزل عن منزلة الحسن، كما ذهب ابن حبان والترمذي، والجهالة بحال وكيع بن حدس عند من قال بها – إن سلمنا بها - لا تضر فيما أرى، والله أعلم.
أبو محمد الطنطاوي
2009-12-27, 03:55 PM
و...و ان كان الأولى السكوت و الاقتصار على الفاظ الكتاب و السنة و ما اجمع عليه الناس في القرون المفضلة
بارك الله فيكم
هذا كلام من لم يعرف كلام الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في هذا الباب أو لم يقف عليه! ...
وإلا أخبرني ... أين في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن القرآن كلام الله غير مخلوق ...
ألم يصلك ويبلغك يا أبا محمد أن الإمام أحمد بن حنبل كان يبدع الواقفة في القرآن؟! ..
ألم يبلغك أن الإمام أحمد كان يقول : "من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر ، ومن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع"
ولا أدل على ما قلتُ، ما جرى بين أحمد بن حنبل وابن أبي دوؤاد من مناظرة جاء فيها :
قال ابن أبي دوؤاد : القرآن غير مخلوق، أعرفه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أم لم يعرفوه؟
فرد الإمام أحمد : اسكتو نسكت ..
-راجع غير مأمور ردود السلف الصالح على المخالفين، ترى العجب العجاب..
يؤيد ما قلتُ آنفا ..
والله الموفق سبحانه ..
أسلوبك منفر يا أبا أويس
ولو رددت بأسلوبك لأوجعتك
لكن أخوة الإيمان تمنعني
ولا تظن أن من يخاطبك من الناس لم يقرأ لابن تيمية كتبه العقدية أو يقرأ سيرة إمام السنة أحمد ابن حنبل فربما قرأها وخاض في هذه البحار وأنت ما زلت لم تطلب العلم بعد تحبو على الشاطيء وبعد جهد وتعب أيقن أن هذا مغامرة كادت تودى به فآثر السلامة ولا أفضل من السلامة
نعود إلى الموضوع :
يبدو أنك لم تفهم قصدى
سأضرب مثالاً :
عندما يقول أحد العلماء في شرح النزول ((ليس حركة ولا نقلة)) نقول ليته لم يكتبها واكتفى بالنزول وأنه يليق به سبحانه ولا ندري كيف...إلخ
فلو جاءه من ينفي الصفات وسأله ((أيخلو العرش عند نزوله أم لا))
لا ينبغي أن يرد ويقول نعم أو لا
وإلا تحكم وذكر ما ليس له به علم أو خاض في أشياء لم يتكلم بها أحد والكلام في العقائد ليس كالكلام في غيرها
بل يقول كما قال مالك النزول معلوم والكيف مجهول ولا يرد على السؤال
ولو خضنا في هذا الباب لضل الكثيرون
أما من دخل في جدال مع أهل الباطل كالأئمة ابن تيمية وابن حزم وغيرهم فهم اضطروا للرد على هؤلاء وبنفس طرقهم كما قال الشيخان أبو الفداء وابن الرومية لكن أظن أن طريقة الإمام أحمد أسلم ...
وفقكم الله .
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-27, 04:15 PM
مع أنك حملتَ كلامي على غير محمله ..
لكن أسألك أن تتجاوز عني وتسامحني
ولو رددتَ علي فأوجعتني، لم يضرني ذلك شيئًا ..
بل لو رددت علي وصححت خطأ وقعتُ فيه، ما همني بعدها أأوجعت أم تلطفت؟!
ولا تظن أن من يخاطبك من الناس لم يقرأ لابن تيمية كتبه العقدية أو يقرأ سيرة إمام السنة أحمد ابن حنبل فربما قرأها وخاض في هذه البحار وأنت ما زلت لم تطلب العلم بعدمع أن كلامي لا يحتمل ما سطرته يمينك هنا ..
ولك يقم في نفسي ظنٌّ فيمن يخاطبني أبدًا في أنه لم يقرأ ولم ولم ..
بل أظن كما تظن؛ أنك خضت في هذا البحر قبل أن أطلب العلم ..
لكن ألا ترى أن هذا لا يغير من الحق شيء .. أليس الحق كان قبلي وقبلك؟!..
ألا ترى أن إصابة الحق فضل من الله يؤتيه من يشاء .. وليس للكبير فضل فيه على الصغير !!
يا أخي تأملت كلامك الأخير، فوجدتُ أنك تقول :
ما من دخل في جدال مع أهل الباطل كالأئمة ابن تيمية وابن حزم وغيرهم فهم اضطروا للرد على هؤلاء وبنفس طرقهمأليس كلامك هذا = باب الرد أوسع ؟!
إن كان كذلك فما قصة قولك تعقيبًا على هاتيك الجملة :
لا أسلم بهذا
بل إن إمام السنة والصابر على المحنة أحمد بن حنبل لم يفعل مثل ذلك في الرد ولم يزد على ما ورد في النصوص .أظنني فهمت!
وأرجو أن يكون فهمي خطأ ..
هل فهمتَ من الجملة السابقة؛ إيجاب توسيع باب الرد على كل راد؟!!
إن كان هذا ما فهمتَهُ فاسمح لي يا أخي أبا محمد أن أهمس في أذنك قائلا : أخطأت الفهم وكفى!
أما باقي كلامك :
فلا أرى له مناسبة ..
والله المستعان ..
دمت موفقًا أخي الكريم
أبو عبد الرحمن من دمشق
2009-12-28, 10:51 AM
لا أحد ينازعكَ في أن "أين" تأتي بغير المعنى الذي ذُكر أعلاه،،
ولا أحد ينازعكَ في أن العرب استعملت "أين" في غير السؤال عن المكان،،
لكن من يحدد لنا المعنى الذي جاءت به؟ ..
هل هو عقلي وعقلك؟!
لا شك أن كل عاقلٍ سيجيب بأن المحدد هو السياق ..
لا يشك عارف باللغة العربية أن سياق حديث الجارية جاء للمكان والجهة؛ كما ذكر ذلك الشيخ أبي الفداء ..
وحمل معناه على غير ما جاء به السياق = تحريف!
والله المستعان ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يُسلَّمُ لك يا أخي!!
فإقرارك بإخراج "أين" عن المكانية في "أين عقلك" ونحوِها، وإنكارُك هذا الإخراج في "أين الله"
غير سديد؛ بارك الله فيك.
فأنت لم تُخرِجها في الأولى إلا بدليل عقلي، يتفق عليه عقلي وعقلك وعقلُ كل عاقل؛ لأن عقلَ المسؤول عن عقله في "أين عقلك" لا مكانَ له.
وعدم الإخراج لإثباتِ مكانٍ لله عز وجلّ ـ لا على جهة المكان الحسّي ـ وإجراءُ "أين" على ظاهرٍ متوهَّمٍ تناقُضٌ.
ودليلي: أنني وأنت وكل مسلم مؤمنون بأنّه لا مكانَ حسياً لله تبارك وتعالى.
الذي بقيَ أنّك ـ ومن وافقك ـ تُريدون أن تُثبتوا لله تعالى مكاناً لا كالأمكنة (غير مادّيٍّ أو حسّيّ)، وذلك لا تصريحاً من النصوص بل فهماً لها.
وهذا الفهمُ مفتقرٌ إلى الدليل الصريح؛ وهو منقوضٌ بالمسلَّمِ به من أنْ لا مكانَ حسياً لله تعالى.
أعني: لا نصّ شرعياً يُثبتُ ـ بصريح الدلالة ـ المكانَ لله جل وعلا؛ فإثباته بمجرّد ظاهرٍ مصروفٍ لنصٍّ ما غير صواب.
تلخيص العبارة: إثباتُ مكانٍ ـ لا كالأمكنة ـ لله تعالى لا دليل صريحاً عليه، وغاية الأمر أنه مبنيٌّ على استنتاجٍ اجتهاديٍّ للبعضِ مُعارَضٍ بالدليل النقلي والعقلي.
أرجو أن أكون أوصلتُ فكرتي بجلاء وحُسن بيان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-28, 02:34 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يُسلَّمُ لك يا أخي!!
فإقرارك بإخراج "أين" عن المكانية في "أين عقلك" ونحوِها، وإنكارُك هذا الإخراج في "أين الله"
غير سديد؛ بارك الله فيك.
فأنت لم تُخرِجها في الأولى إلا بدليل عقلي، يتفق عليه عقلي وعقلك وعقلُ كل عاقل؛ لأن عقلَ المسؤول عن عقله في "أين عقلك" لا مكانَ له.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
بل السياق الذي جاءت فيه = يحدد المعنى
وما لي أراك اقتصرت على مثالٍ واحدٍ؛ فأنا تكلمت بالعموم ..
ثم ضربتَ مثالاً .. ففهمته بفهمٍ وووو
ثم جعلت ذلك قاعدة عامة ..
إن الألفاظ العربية لا تفهم إلا من سياقاتها ..
أما قولك أن العقل لا مكان له = فغير مسلم ..
ومن أين لك أن العقلي والعقول اتفقت على أن العقل لا مكان له؟!
فإني قد أسئل مثل سؤالك -أين عقلك- فأفهم منه المكانية وأسئل مرة آخرى فافهم منه غير المكانية ..
والسبب = القرائن والمقيدات التي حفت بالكلام والمتكلم ...
فما دخل العقول؟!
وعدم الإخراج لإثباتِ مكانٍ لله عز وجلّ ـ لا على جهة المكان الحسّي ـ وإجراءُ "أين" على ظاهرٍ متوهَّمٍ تناقُضٌ.
ودليلي: أنني وأنت وكل مسلم مؤمنون بأنّه لا مكانَ حسياً لله تبارك وتعالى.
اسمحلي أن أقول أن دليلك يقتصر عليك وحدك وليس كل مسلم ..
فإن قولك أن لا مكانَ حسيٍ لله تبارك تعالى أشكل علي جدا ..
فما تقصد بالمكان الحسي؟!
الذي بقيَ أنّك ـ ومن وافقك ـ تُريدون أن تُثبتوا لله تعالى مكاناً لا كالأمكنة (غير مادّيٍّ أو حسّيّ)، وذلك لا تصريحاً من النصوص بل فهماً لها.
وهذا الفهمُ مفتقرٌ إلى الدليل الصريح؛ وهو منقوضٌ بالمسلَّمِ به من أنْ لا مكانَ حسياً لله تعالى.
أين ذلك في كلامنا ..
نحن نثبت أن الله في السماء .. ومن قال أن هذا النص ليس على ظاهره = فهو الذي ينفي عن الله صفة من صفاته؛ سواء سميت مكانًا أو لم تسمى مكانًا ..
وطريق إثباتنا لهذا = النص .. أما العقل فهو لا يجحد ولا يرد ما جاء به النص
أعني: لا نصّ شرعياً يُثبتُ ـ بصريح الدلالة ـ المكانَ لله جل وعلا؛ فإثباته بمجرّد ظاهرٍ مصروفٍ لنصٍّ ما غير صواب.
بل هناك نصوص كثيرة ..
منها حديث الجارية .. الذي أراك تحاول صرفه عن ظاهره؛ مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الجارية وشهد لها بالإيمان
ولو كان كلامها مصروف الظاهر، لبينه النبي صلى الله عليه سلم ولم يترك المسألة لعقلي وعقلك وعقول الناس؟!
وأما صرف النص عن ظاهره = فتحكم عقلي لا دليل عليه!
تلخيص العبارة: إثباتُ مكانٍ ـ لا كالأمكنة ـ لله تعالى لا دليل صريحاً عليه، وغاية الأمر أنه مبنيٌّ على استنتاجٍ اجتهاديٍّ للبعضِ مُعارَضٍ بالدليل النقلي والعقلي.
هل أفهم من كلامك ..
أن الله عزوجل ليس مستو على عرشه حقيقة بمعنى غير موصوف بصفة العلو (=العلو الحقيقي) ..
وإن أردت أن تعبر عن العلو الحقيقي بلفظ العلو الحسي فلا مانع لدي بشرط أن يكون قصدك المعنى الذي وضع له ..
فهل تنفيه؟!!
أرجو أن أكون أوصلتُ فكرتي بجلاء وحُسن بيان.
مع الآسف.. أوصلتَ فكرتك بإجمالٍ فوقه إجمال!!
والله المستعان ..
راجية عفو الله
2009-12-28, 04:36 PM
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
أبو الفداء
2009-12-28, 05:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يُسلَّمُ لك يا أخي!!
فإقرارك بإخراج "أين" عن المكانية في "أين عقلك" ونحوِها، وإنكارُك هذا الإخراج في "أين الله"
غير سديد؛ بارك الله فيك.
الذي يُفهم من كلامك هذا أن الأصل عندك في "أين" إخراجها عن المكانية!! وهذا لازم للكلام يجب ألا يخفى على طالب العلم! فمن أين جئت بهذا الأصل؟؟؟؟
فأنت لم تُخرِجها في الأولى إلا بدليل عقلي، يتفق عليه عقلي وعقلك وعقلُ كل عاقل؛ لأن عقلَ المسؤول عن عقله في "أين عقلك" لا مكانَ له.
من الذي قال إنها حملت على غير المكانية في المثال الذي ذكرته أنت بدليل "عقلي"؟؟ بل بقرينة من كلام المتكلم وسياق الكلام!! فمثل هذا السؤال "أين عقلك" قد يخاطب به طالب في المدرسة مثلا ليرى المدرس هل يعلم الطالب مكان العقل أو لا يعلم!
ثم هل أنت تؤمن بأن العقل لا مكان له؟؟؟؟
هذا يخالفك فيه سائر أصحاب العقول! والقرءان يبطله!!
وإلا فأين أنت من قوله تعالى ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) [الحج : 46]؟؟؟؟
وأين أنت من الكلام بيننا وبين الملاحدة والماديين الذين يجعلون العقل في الدماغ وينكرون أن يكون له علاقة بالقلب كما نصت النصوص عندنا!
فمن الذي قال إن عقل المخاطب بهذا السؤال يحمله لا محالة على إخراج السؤال بأين هنا عن المكانية؟؟؟؟ هذا لزوم باطل لا يصح!
وعدم الإخراج لإثباتِ مكانٍ لله عز وجلّ ـ لا على جهة المكان الحسّي ـ وإجراءُ "أين" على ظاهرٍ متوهَّمٍ تناقُضٌ.
القرينة في المثال الذي سقته أنت على أن عبارة "أين عقلك" لا يراد بها المكانية، أن المسؤول بها في حال من الغضب والسائل بها في مقام عتاب له على مساءة خرجت منه! فيتوجه الفهم تلقائيا بسبب تلك القرائن المحتفة بالكلام إلى خلاف المكانية!
ولكن لو اختلف السياق وتغيرت القرائن لما لزمنا حملها على ذلك الفهم!!
بل أنا أجزم بأنك لو جئت إلى أحدٍ من الناس وسألته "أين عقلك"، وذلك دون مقدمات للكلام ودون إظهار أي قرائن تفيد معنى الاتهام بغياب العقل عند المخاطب، فإنه سيعجب من السؤال.. لا لأنه لا مكان للعقل على الحقيقة، ولكن لأن مكان العقل معلوم ومعدود من المسلمات عند عامة الناس التي لا يعتاد السؤال عنها!!
فعن أي تناقض تتكلم يا أخانا؟؟؟
ودليلي: أنني وأنت وكل مسلم مؤمنون بأنّه لا مكانَ حسياً لله تبارك وتعالى.
لا أسلم لك بهذه الدعوى حتى أستفصل منك عن معنى قولك "حسيا"!! وإلا فذات الله لها وجود حقيقي بائن عن غيرها من الموجودات، وهي موصوفة بما لا يفهم منه العقل - السوي السالم من الشبهات والفلسفات - إلا معنى المكانية الحقيقية! ولا يلزم من ذلك المعنى عند العقل السوي تشبيهٌ ولا تمثيلٌ ولا قياسٌ على المخلوقات!!!
الذي بقيَ أنّك ـ ومن وافقك ـ تُريدون أن تُثبتوا لله تعالى مكاناً لا كالأمكنة (غير مادّيٍّ أو حسّيّ)، وذلك لا تصريحاً من النصوص بل فهماً لها.
قولك "لا تصريحا بل فهما" = تشقيق لفظي مردود!!
وهل يأخذ الناس من النص إلا الفهم؟؟ ليس للناس من النصوص إلا الفهم!
فإن اتفقوا فيه فلا إشكال، وإن اختلفوا فينظر في النزاع بحسبه ويقدر بقدره!
وأما قولك مكان "غير مادي أو حسي" فهو تزيُّد منك لا نرتضيه!! العقل يوجب لكل ما يسأل عنه بأين فيكون الجواب بأنه "في العلو وفي السماء" = معنى المكانية (وتأمل كلمة معنى).. فهذا هو معنى قولك "في السماء" هنا لغة وعقلا! فهو في السماء - سبحانه وتعالى - على الحقيقة، على النحو الذي يليق بذاته! ولا يلزم من نسبة هذا المعنى له سبحانه أن يكون "متحيزا" محاطا به كما هو شأن المخلوقين، وكما يتوهم أهل الكلام!! هذا اللازم الباطل لا تتصوره إلا أذهانهم الفاسدة، ولم يقل به أحد من الصحابة قط!!! لم نر الجارية تتحرج من نسبة هذا المعنى لله تعالى جوابا للسؤال، ولم نر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستدرك جوابها بما ينفي عن العقل ذلك المعنى!! فهل كتم النبي عليه السلام البيان وقت الحاجة (ويالها من حاجة!)؟؟؟؟
سلِّم قبلك يا أخي من هذه اللوازم والتصورات الباطلة كما كانت قلوب الصحابة والسلف رضي الله عنهم، وليسعك ما وسعهم دون عسف ولا تفلسف ولا خوض فيما لا سلطان لنا به!!
الطائر يوصف بأنه في السماء، والله تعالى موصوف كذلك بأنه في السماء! كلاهما يوصفان بمعنى المكان، ولكن يقينا ليس يلزم من وصف الله تعالى بهذا المعنى ما ينقدح في الأذهان من وصف الطائر بمثله!! فهو سبحانه فوق مخلوقاته بائن منها ليس كمثله شيء! هكذا فهم الصحابة والسلف تلك النصوص ولم يتكلفوا فيها ما تكلفت، ولا شرطوا لقبولها التأويل!!
فلنقف عند هذا القدر ولا نحمل الكلام ما لا يحتمله!!
وهذا الفهمُ مفتقرٌ إلى الدليل الصريح؛ وهو منقوضٌ بالمسلَّمِ به من أنْ لا مكانَ حسياً لله تعالى.
أعني: لا نصّ شرعياً يُثبتُ ـ بصريح الدلالة ـ المكانَ لله جل وعلا؛ فإثباته بمجرّد ظاهرٍ مصروفٍ لنصٍّ ما غير صواب.
تخليط عجيب!
/// قولك "منقوض بالمسلم به من أن الله لا مكان له (حسيا)" مردود عليك لما تقدم بيانه.
/// قولك "لا نص شرعيا يثبت بصريح الدلالة" جدلٌ محض وطلب لما يتصور! فعندما يأتيني نص يفيد استواء الله تعالى على عرشه وعلوه عليه ويأتي الجواب لسؤال "أين الله" بأنه سبحانه في السماء، ولا يرد في النص مزيد على هذا، فإننا لتسليمنا بأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، وبنائنا على هذا الأصل الأصيل، لا نطالب بالمزيد من النصوص لإثبات المعاني الواضحات، ولنسبة تلك الصفات لله على حقيقتها!!
لا ننتظر أن يرد إلينا نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كل ما أخبرتكم به من صفات الله تعالى فهو على حقيقته، فاليد يد والعين عين والنزول نزول على الحقيقة"!! إذ عقولنا ولله الحمد سالمة من ذلك المعارض الباطل الذي توهمتموه أنتم!!
وإلا فما معنى مطالبتك بالدليل "الصريح الدلالة"؟؟؟؟
/// أما قولك "مصروف لنص ما غير صواب" فلم أفهمه حقيقة!! ما هو النص الغير صواب؟؟
تلخيص العبارة: إثباتُ مكانٍ ـ لا كالأمكنة ـ لله تعالى لا دليل صريحاً عليه، وغاية الأمر أنه مبنيٌّ على استنتاجٍ اجتهاديٍّ للبعضِ مُعارَضٍ بالدليل النقلي والعقلي.
ليس ثمّ لا دليل عقلي ولا نقلي لدفع هذا الفهم، وأمهلك من الآن إلى السنة القادمة لتقدم لنا هذا الدليل الذي يعارضه، من كلام الصحابة رضي الله عنهم!! وإن جئتني بقاعدة في التأويل فأطالبك بإثباتها من كلامهم أيضا .. كقولكم "كل ما عارض المعقول من الصفات فإنه يؤول"!! هات الدليل "الصريح عليها"!!
أسأل الله أن يلهمني وإياك رشدنا.
أرجو أن أكون أوصلتُ فكرتي بجلاء وحُسن بيان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أبو عبد الرحمن من دمشق
2009-12-29, 11:55 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لإخوتي ما أدلَوا به، وإنّ لي على تعقُّباتهم الحميدة تعقُّبات:
أولاً:
حصرُهم إيايَ في زاوية مثال "أين عقلك"، وهروبهم إلى حيث أنه يُمكن أن يُعتبر الرأس مكان العقل؛ على ما يقول الطَّبَعيون.
وأنه قد يسأل السائل: "أين عقلك" فتُفهم منه المكانية حيناً، وغير المكانية حيناً...
هذا الحصر حيدة، فالاقتصار على المثال غير سديد ولا منصِف؛ لأنه عُلِمَ أنني أمثِّلُ به، على غير المادّي المحسوس مما يُسأل عنه؛ لأنني مثلت قبلُ بـ "أين حلمك"، وأستطيع أن أمثّل بـ "أين كرمك"، و"أين أخلاقك" و"أين صبرك" وبما لا يكاد يُحصى من الأمثلة.
فمرادي ما لا مكان له حسياً، والعرب عندما تكلمت بمثل هذه ووضعته لم تعبأ ـ وهي تعرف ـ أن الرأس محل العقل، والقلب محل الحب، واليد محل الكرم؛ لا على اعتبار أنه أمكنةٌ لازمة، بل أمكنة ظُهورٍ هذه المعاني إلى حيز الوجود أفعالاً على ما يسميه البعض بالمجاز المرسل بعلاقة المكانية.
ثانياً:
دعوايَ بأن كل المسلمين متفقون على أنه لا مكان حسياً لله تبارك وتعالى والذي قال بشأنها الأخ أبو أويس:
اسمحلي أن أقول أن دليلك يقتصر عليك وحدك وليس كل مسلم .. فإن قولك أن لا مكانَ حسيٍ لله تبارك تعالى أشكل علي جدا .. فما تقصد بالمكان الحسي؟!
أبيّنها بالقول:
المكان الحسي: هو المكان المعروف من أمكنة هذا الوجود الذي له أبعاد، أي: له فوق وتحت ويمين وشمال
ـ عذراً: تعريف البدهيات من أصعب الأشياء ـ.!!!
وأنا أكرر أن لا مسلم يقول بأن الله عز وجلّ له مكان من هذا القبيل! والقائل:" الله في السماء" هو الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم!!! والخلاف حول تفسيره:::: فالبعض يصر على تسمية السماء مكاناً سواءٌ أكانت هذه السماء مكاناً حسياً أم هي مكانٌ غير خاضع لنواميس الحسّ المعهودة في أمكنة الوجود المخلوق.
وأنا قلت وأعيد: إن ذلك ليس لم تنطق به النصوص صراحةً، أي: نسبة المكان إلى الله تعالى، والتوقف فيه أسلم بلا ريب، والإمعان فيه إيغالٌ فيما لا تُحمدُ عقباه من مذاهب المبتدعة التي لا يريدها أحدٌ من الإخوة هنا بحال.
وإنّ أحداً لم يأتِ بنصٍّ صحيح صريح يثبت المكان إلا أنّه اورد حديثُ الجارية، وبعض الآيات التي فيها "في السماء" وأين صرحت هذه الأدلة بالمكان؟
فلم يبقَ إلا أنه فهمٌ، وهذا الفهمُ مفتقرٌ إلى الدليل الصريح؛ وهو منقوضٌ بالمسلَّمِ به من أنْ لا مكانَ حسياً لله تعالى. كما قلتُ مراراً وتكراراً. وإلا فما يُسمّى هذا الكلام:
! فعندما يأتيني نص يفيد استواء الله تعالى على عرشه وعلوه عليه ويأتي الجواب لسؤال "أين الله" بأنه سبحانه في السماء، ولا يرد في النص مزيد على هذا، فإننا لتسليمنا بأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، وبنائنا على هذا الأصل الأصيل، لا نطالب بالمزيد من النصوص لإثبات المعاني الواضحات، ولنسبة تلك الصفات لله على حقيقتها!!
لا ننتظر أن يرد إلينا نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كل ما أخبرتكم به من صفات الله تعالى فهو على حقيقته، فاليد يد والعين عين والنزول نزول على الحقيقة"!! إذ عقولنا ولله الحمد سالمة من ذلك المعارض الباطل الذي توهمتموه أنتم!!
وإلا فما معنى مطالبتك بالدليل "الصريح الدلالة"؟؟؟
وأذكِّـر بأن السلف الصالح وعلى رأسهم الإمام احمد أقام الدنيا على مثل "لفظي بالقرآن مخلوق" التي قالها بعض السلف من طبقته كالبخاري وغيره؛ ذلك لأن فيها ما لم تُصرّح به النصوص
وأما قول الأخ في حديث الجارية:
ولو كان كلامها مصروف الظاهر، لبينه النبي صلى الله عليه سلم ولم يترك المسألة لعقلي وعقلك وعقول الناس؟! وأما صرف النص عن ظاهره = فتحكم عقلي لا دليل عليه!
فأجيبه: وهل كلّ ما تتعبد الله تعالى به من العقيدة نصّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن أين لك لفظة "بذاته" في قول البعض: "استوى بذاته، وقول: "حقيقة" في قول القائل: "ينزل حقيقة"
وإذا عُلِّلَ هذا بردّ من أتى به على الجهمية والمعطلة ووو فنقول له: هذا اجتهادٌ شكره الله تعالى وآجرَ عليه بإذنه
لكن أن تكون هذه "الزيادات" بل "التزيدات" ديناً ـ كائناً من كان قائلها مع التقدير والتبجيل والاحتفاظ بالمكانة لكل علماء الأمة ـ فهذا غير مقبول.
والخلاف حول صرف الظاهر ناشئ عن عدم الاتفاق على معنى الظاهر، وهو برغم وضع تعريفاتٍ لدى العقديّين والأصوليين له؛ إلا أن تنزيل هذه التعريفات على الواقع هو المُشكل فيما بين المتحاورين.
فقائل يقول: انا يظهرُ لي من نصوص النزول ـ مثلاً ـ نزولٌ الانتقال (نزول المخلوقات)
وقائل: أنا يظهر لي نزولٌ لا يماثل نزول المخلوقين، يليق بجلاله.
والفريقان متفقان على أن مماثلَ نزول المخلوقين من النزول مرفوضٌ غير مراد، ولكن المعارك تدور حول اعتبارِ كلا القائلَينِ (ظاهره) أو (فهمه هو للظاهر) هو ظاهر النصّ.
وبها تدور المعارك حول خلافٍ لا شيء فيه إلا حب الانتصار على الآخر، وحجز مقعد له في قطار المبتدعة!!!
وأما الأخ الذي قال لي: الذي يُفهم من كلامك هذا أن الأصل عندك في "أين" إخراجها عن المكانية!! وهذا لازم للكلام يجب ألا يخفى على طالب العلم! فمن أين جئت بهذا الأصل؟؟؟؟
فأقول له ومن أين لك أنني قلت: إن الأصل في "أين" إخراجها عن المكانية
بل الذي قلت بين لا يحتاج إلى إعادة، وخلاصته هي في المحسوسات مكانية، وفي غير المحسوسات غير مكانية.
وقال أيضاً: من الذي قال إنها حملت على غير المكانية في المثال الذي ذكرته أنت بدليل "عقلي"؟؟ بل بقرينة من كلام المتكلم وسياق الكلام!!
وأقول له: القرينة، ورؤيتها، واعتبارها أليست دليلاً عقليا؟ أو عملاً عقلياً، وهل القرينة شيءٌ منصوصٌ عليه، أم هي شيءٌ مفهومٌ من النصّ (المختلف فيه)؟!
وأما قوله:
وإلا فذات الله لها وجود حقيقي بائن عن غيرها من الموجودات، وهي موصوفة بما لا يفهم منه العقل - السوي السالم من الشبهات والفلسفات - إلا معنى المكانية الحقيقيةفعادت القضية جذعة في المراد من المكانية الحقيقة
وهل لي أن آخذ بظاهر قول الأخ الحقيقة فأحمله على المكان الذي يعرفه المخلوقون من الكون المخلوق فأرميه بما لا يُريد ولا يقصد من التجسيم
واما قضية أنه ! ولا يلزم من ذلك المعنى عند العقل السوي تشبيهٌ ولا تمثيلٌ ولا قياسٌ على المخلوقات!!!
فالعقل السويّ متنازعٌ في سوائه، ولقد شُنِّعَ عليّ وعلى غيري الاتكاء على العقل، وقيل لي: عقلي، وعقلك...
ورمي العقل الذي يحذر التجسيم بأنه غير سويّ لمزٌ غير لائق ديناً وخلقاً.
وأما قول أخي:
قولك "لا تصريحا بل فهما" = تشقيق لفظي مردود!! وهل يأخذ الناس من النص إلا الفهم؟؟ ليس للناس من النصوص إلا الفهم! فإن اتفقوا فيه فلا إشكال، وإن اختلفوا فينظر في النزاع بحسبه ويقدر بقدره!
فأسلّم له به تماماً إلا وصفه لكلامي بالتشقيق؛ فما هو منه، ولا داعيَ لهذه الكلمات واللكمات.
وأما قوله:
وأما قولك مكان "غير مادي أو حسي" فهو تزيُّد منك لا نرتضيه!!
فكذلك لا أرتضي تزيد "حقيقة" وبذاته" ...هذه بتلك يا شاطر!!!
والتحرجات والتحرزات التي دعت إلى ذي دعت إلى تي، إلا أنّ الأولى تسمى تحرزات التشبيه والتجسيم، والإخرى تسمى تحرزات التعطيل ونفي الصفات.
ولا ضيرَ في أيٍّ منها ما لم تتحول إلى سيفٍ يُوضع على الأعناق.
وأما قوله: سلِّم قبلك يا أخي من هذه اللوازم والتصورات الباطلة كما كانت قلوب الصحابة والسلف رضي الله عنهم، وليسعك ما وسعهم دون عسف ولا تفلسف ولا خوض فيما لا سلطان لنا به!!
وهو يريد "سلِّم قلبك". وأنا أسأل الله تعالى لي وله سلامة القلب من الفتن والإحن.
وأما إلزامُ الصحابةِ بما يراه فهو استنطاقٌ لهم بما لم ينطقوا به.
وغاية الوارد عنهم عدم الخوض في أمثال هذه الحمآت التي نخوض فيها نسأل الله السلامة.
وقوله" هكذا فهم الصحابة والسلف تلك النصوص ولم يتكلفوا فيها ما تكلفت، ولا شرطوا لقبولها التأويل!!
فلنقف عند هذا القدر ولا نحمل الكلام ما لا يحتمله!!
أقول له: لا فضّ فوك؛ قف عند ما وقفوا حالاً ومقالاً، ولا تلتزم ما لم يلتزموه؛ تقليداً لمجتهدٍ او مجتهدين اجتهدوا اجتهاداً له أسبابه، ولكنه ليس ملزماً لأحد غيرِهم، إلا أن يلتزم هو؛ فيتحمل التبعة!
وأما القول:
، لا نطالب بالمزيد من النصوص لإثبات المعاني الواضحات، ولنسبة تلك الصفات لله على حقيقتها!! لا ننتظر أن يرد إلينا نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كل ما أخبرتكم به من صفات الله تعالى فهو على حقيقته، فاليد يد والعين عين والنزول نزول على الحقيقة"!! إذ عقولنا ولله الحمد سالمة من ذلك المعارض الباطل الذي توهمتموه أنتم!!
وإلا فما معنى مطالبتك بالدليل "الصريح الدلالة"؟؟؟؟
والقول: ليس ثمّ لا دليل عقلي ولا نقلي لدفع هذا الفهم، وأمهلك من الآن إلى السنة القادمة لتقدم لنا هذا الدليل الذي يعارضه، من كلام الصحابة رضي الله عنهم!! وإن جئتني بقاعدة في التأويل فأطالبك بإثباتها من كلامهم أيضا .. كقولكم "كل ما عارض المعقول من الصفات فإنه يؤول"!! هات الدليل "الصريح عليها"!!
فلا أراهما إلا متناقضين لمن أنعم النظر بهدوء.
وأما قول أخي:
أسأل الله أن يلهمني وإياك رشدنا
فأقول له: اللهم آمين آمين آمين
وأزيد عليه: ويسلم قلوبنا من الشقاق بفضله ورحمته.
هذا ما سمح به الوقت الضيق، والله المستعان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو الفداء
2009-12-29, 01:55 PM
الحمد لله وحده
قرأتُ جواب الأخ أبي عبد الرحمن، وسأرد عليه ردا مفصلا، وردا آخر مجملا لمن يكره قراءة الكلام الطويل، وأبدأ أولا بتقرير استيائي من ألفاظ ظهرت في رده لا تليق بطلبة العلم، كقوله (هذه بتلك يا شاطر)!! فأرجو أن يترفع عن أمثال هذه الألفاظ فيما يلي من مشاركاته، والله المستعان.
أما بعد فأقول إن الأخ يدور جوابه كله في مدار كلمة لا يريد الانفكاك عن إلزامنا بها ولا تلزمنا.. فهو يرمي من يفسر وجود الله تعالى في السماء بجهة العلو أو بمكان العلو بأنه واقع (بسبب تلك الكلمة) في التشبيه ولابد.. والكلمة هي "حسي" أو "الحسية".. والغموض والاشتباه في مراده منها هو ما جر علينا هذا النزاع في المثال الذي ساقه، إذ اتضح أنه لا يريد منه العقل ككيان مخلوق له وجود حقيقي وحلول في جسم الإنسان على الحقيقة، ولكن يريد الأشياء المعنوية التي تطلق على سبيل الكناية والمجاز (وهذا كما بينت لا يفهم إلا من السياق والقرائن التي قد تكون سباقا ولحاقا للنص أو قرائن خارجة على النص، يفهم منها مراد المتكلم)
فأنا أكرر سؤالي للأخ: لماذا جعلت إطلاقنا لمعنى المكان ملازما لمعنى "الحسية"؟؟
يقول إن وصف المكان بأن له اتجاهات أصلية (فوق وتحت وشمال ويمين) هو من لوازم كونه مخلوقا، وهذا كلام غير صحيح.. فالمكان يطلق ويراد به نسبة شيء موجود إلى شيء آخر موجود أيضا في إدراك الناس وتصورهم، بعلاقة لغوية ظرفية. فلا شيء يوصف بأنه "فوق" أو في جهة العلو إلا بالنسبة إلى شيء آخر يوصف بأنه "تحت" ولابد... هذا من مسلمات العقل المعنوية التي لا دخل لها بحقيقة هذا الشيء أو ذاك، فقد يكون أحد هذين الشيئين المذكورين في هذا المثال هو الكون المخلوق كله بكل ما فيه، الذي يوصف - على حد تصوري لمراد صاحبنا - بالحسية أو المادية! هذا إن كان يريد بكلمة "حسي" ما هو مخلوق ومركب مما يختص به الكون المخلوق، فلا يوصف به شيء خارجه (وهو ما يظهر لي)! فعلى هذا التحرير فإن معنى المكان أو الجهة وما يرتبط به من اتجاهات منفك عقلا عن معنى "الحسي" الذي يصر أخونا على إلزامنا به!
ونفس هذا الكلام نقوله في نزول الله تبارك وتعالى.. فهو نزول حقيقي من جهة المعنى، لا نعطله أو نصرفه عن حقيقة معناه لكونه يلزم منه الحسية (بمعنى مشابهة المخلوقات المحسوسة في نزولها)! وكل من يحاول إيجاد تأويل يصرفه عن هذا المعنى فهو المطالب بالدليل من قول الصحابة والسلف، وإلا فالزعم بأنهم فهموا خلاف هذا المعنى الفطري الصريح دون تقديم الدليل على ذلك الفهم = كذب عليهم!
وعليه فاستعمال معنى الجهة في بيان مكان المخلوقات داخل الكون المخلوق لا يمنع من استعمال المعنى نفسه في بيان مكان ذات الرب تبارك وتعالى خارج ذلك الكون، إذ الاشتراك في المعنى لا يلزم منه الاشتراك في الحقيقة والكيفية.. والسؤال الذي أجابت عنه الجارية لا تحتف به أي قرائن تفيد المنع من إجراء هذا المعنى، إلا تصور بعضهم - اشتباها منهم - أن حمله على هذا المحمل الحقيقي الصريح يورث التشبيه و"الحسية"!!!
فأنا لم أزد على ذلك المعنى أي تصور من عندي لما هو كائن خارج الكون .. أو لكيفية ذلك!
ولكنني أسأل صاحبنا، ألا يوجد في الوجود مكان - ولابد - إسمه: خارج الكون، يغاير - من حيث المعنى - المكان الموصوف بأنه داخل الكون؟؟
فإن نفيت المعنى الأول فكيف تثبت الثاني إلا بالتناقض، (إذ كأنك تثبت وجود مخلوق له داخل وليس له خارج)؟ وكيف تثبت - عقلا - أن للكون المخلوق حدا ونهاية، ما وراءها من الموجودات (وليس إلا الله تعالى) يوصف ولابد - لغة وعقلا - بأنه خارجه؟؟؟ فإن لم يكن خارجه فأين يكون بالنسبة إليه؟؟؟ هذه مسائل معنوية من مسلمات العقل والإدراك يا أخي، ولا يلزم من وصف شيء بأنه - بالنسبة إلى شيء آخر - في جهة العلو منه أن يكون كلاهما متماثلا في ذاته وكيفيته، متحيزا داخل فراغ تشكله أشياء أخرى تحيط به من الجهات الأربعة!!
الأشياء المخلوقة توصف بأنها "متحيزة" على فهم المتكلمين لهذه اللفظة لأنها محاطة من جميع جهاتها بمخلوقات مثلها! وهذا المعنى ليس بلازم لكل ما يوصف بأنه موجود في مكان أو جهة! والله تعالى مستو فوق العرش ولكن لا يحيط به شيء، سبحانه وتعالى عن ذلك.. إذ الإحاطة صفة لازمة للمخلوقين، والله منزه عنها، فإذا تأملت هذا المعنى، زال عنك إشكال "التحيز" هذا إن شاء الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لإخوتي ما أدلَوا به، وإنّ لي على تعقُّباتهم الحميدة تعقُّبات:
أولاً:
حصرُهم إيايَ في زاوية مثال "أين عقلك"، وهروبهم إلى حيث أنه يُمكن أن يُعتبر الرأس مكان العقل؛ على ما يقول الطَّبَعيون.
وأنه قد يسأل السائل: "أين عقلك" فتُفهم منه المكانية حيناً، وغير المكانية حيناً...
هذا الحصر حيدة، فالاقتصار على المثال غير سديد ولا منصِف؛ لأنه عُلِمَ أنني أمثِّلُ به، على غير المادّي المحسوس مما يُسأل عنه؛ لأنني مثلت قبلُ بـ "أين حلمك"، وأستطيع أن أمثّل بـ "أين كرمك"، و"أين أخلاقك" و"أين صبرك" وبما لا يكاد يُحصى من الأمثلة.
قلت لو سلمت لك بهذا التفريق بين المعنوي و"الحسي"، وحملك مادة نزاعنا على الأول، لألزمتك بأنك ترى أن الله لا وجود لذاته إلا في الأذهان، كما هو شأن تلك المعاني التي مثلت بها، فتأمل! ذات الله وجودها حقيقي لا معنوي، والفرق كبير بين "حقيقي" و"حسي"، إذ على توجيهك لكلمة حسي - كما ظهر لي - فإنه يلزم منها عندك مشابهة المخلوقين بالتبعض والتحيز وكذا!! وهذه المشابهة ليست بلازمة إلا عند الفلاسفة وتلامذتهم من أهل الفرق، وإلا فأين كلام الصحابة في رد هذا اللزوم العقلي الذي جعلتموه من ضروريات العقل، بسلوك مسلك التأويل؟؟ هلا أتحفتنا به حتى نريحك ونرتاح؟؟؟
المكان الحسي: هو المكان المعروف من أمكنة هذا الوجود الذي له أبعاد، أي: له فوق وتحت ويمين وشمال
قلت الآن ظهر لي محل الإشكال عندك .. أنت ترى أن المكان لا يعرف إلا على أنه من أمكنة هذا "الوجود" .. فهل تقصد بالوجود الكون المخلوق؟ إن كان كذلك فلم يقل أحد قط بأن الله تعالى داخل الكون، أو في مكان يتصف بصفات هذا الكون (المكان المعروف)! وكونه في العلو فوق سمائه هذا لا يلزم منه ذلك!
أما وصفك الجهات بأنها "أبعاد" ففيه اشتباه. إذ الجهات بالمعنى اللغوي شيء، والأبعاد بالمعنى الفزيقي الرياضي شيء آخر..
المكان إنما يفهم معناه - بصرف النظر عن حقيقة ما فيه - بنسبة شيء إلى شيء آخر في الوجود بمعاني الاتجاه المعروفة، وهذا لا دخل له بالطبيعة الفزيقية لتلك الأشياء الموجودة والموصوفة به!
فقولك:
وأنا أكرر أن لا مسلم يقول بأن الله عز وجلّ له مكان من هذا القبيل!
هذا نوافقك عليه تماما!! نعم لا مسلم يقول بهذا.. ولكن أنت تتكلم عن "المكان الحسي" وتصفه بأنه المكان المخلوق (أي الذي يحاط فيه كل شيء بشيء مخلوق مثله من جهاته الأربع) وهذا ليس مما نريد في شيء، وليس بلازم من معاني الاتجاهات!
والقائل:" الله في السماء" هو الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم!!! والخلاف حول تفسيره:::: فالبعض يصر على تسمية السماء مكاناً سواءٌ أكانت هذه السماء مكاناً حسياً أم هي مكانٌ غير خاضع لنواميس الحسّ المعهودة في أمكنة الوجود المخلوق.
هذا كلام غير دقيق .. ليس وصف عبارة "في السماء" بالجهة أو بالمكان : "تسمية" له، وإنما هو تحقيق لمعنى الكلام على ما لم يثبت عن أحد من السلف خلافه!
وأنا قلت وأعيد: إن ذلك ليس لم تنطق به النصوص صراحةً، أي: نسبة المكان إلى الله تعالى، والتوقف فيه أسلم بلا ريب، والإمعان فيه إيغالٌ فيما لا تُحمدُ عقباه من مذاهب المبتدعة التي لا يريدها أحدٌ من الإخوة هنا بحال.
وإنّ أحداً لم يأتِ بنصٍّ صحيح صريح يثبت المكان إلا أنّه اورد حديثُ الجارية، وبعض الآيات التي فيها "في السماء" وأين صرحت هذه الأدلة بالمكان؟
الحيدة بعينها! وأنا أطالبك بوصف هذا النص أو الدليل الصريح الذي لو جئتك به لسلمت بأن معنى الاستواء على العرش ومعنى كونه تعالى في السماء وكونه ينزل إلى السماء الدنيا وكونه نزَّل الكتاب وكون النبي عليه السلام صعد إليه في المعراج .. الخ، كل هذا لا يدل على أنه سبحانه في مكان عليّ فوق خلقه!
وأذكِّـر بأن السلف الصالح وعلى رأسهم الإمام احمد أقام الدنيا على مثل "لفظي بالقرآن مخلوق" التي قالها بعض السلف من طبقته كالبخاري وغيره؛ ذلك لأن فيها ما لم تُصرّح به النصوص
وأنا ولله الحمد لا أمانع من إقامة الدنيا على من يقول "الله موجود بلا مكان"!!! ولا أسكت حتى يسكت!!
وأما قول الأخ في حديث الجارية:
ولو كان كلامها مصروف الظاهر، لبينه النبي صلى الله عليه سلم ولم يترك المسألة لعقلي وعقلك وعقول الناس؟! وأما صرف النص عن ظاهره = فتحكم عقلي لا دليل عليه!
فأجيبه: وهل كلّ ما تتعبد الله تعالى به من العقيدة نصّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن أين لك لفظة "بذاته" في قول البعض: "استوى بذاته، وقول: "حقيقة" في قول القائل: "ينزل حقيقة"
وإذا عُلِّلَ هذا بردّ من أتى به على الجهمية والمعطلة ووو فنقول له: هذا اجتهادٌ شكره الله تعالى وآجرَ عليه بإذنه
لكن أن تكون هذه "الزيادات" بل "التزيدات" ديناً ـ كائناً من كان قائلها مع التقدير
والتبجيل والاحتفاظ بالمكانة لكل علماء الأمة ـ فهذا غير مقبول.
ما هذه الحيدة؟؟؟ لم نقل لك أن تتعبد بتلك الزيادات فلا تصف الله إلا بها!! إنما في مقام الرد والمحاججة يرد الباطل والمعنى الفاسد بما تدعو إليه الحاجة من الكلمات والمعاني!! ولما قال القائلون النزول على المجاز والمراد به كذا وكذا، أثبت الأئمة بطلان هذا الفهم وكونه عاريا عن الدليل، فأجابوهم بأن نزوله سبحانه على الحقيقة لا على الخيال ولا المجاز!! فلما قالوا هذا يلزم منه كذا وكذا، قيل لهم كذبتم، ليس بلازم، فهو ليس كمثله شيء، وإنما هو نزول "يليق بذاته جل وعلا" .. فنحن لم نقل لك خذ هذه الزيادات واجعلها في صلاتك!!! ولولا أن شط المتكلمة بهذا الشطط ما احتاج الأئمة إلى هذه الزيادات اللفظية!!
والخلاف حول صرف الظاهر ناشئ عن عدم الاتفاق على معنى الظاهر، وهو برغم وضع تعريفاتٍ لدى العقديّين والأصوليين له؛ إلا أن تنزيل هذه التعريفات على الواقع هو المُشكل فيما بين المتحاورين.
هذا لا تأثير له على محل نزاعنا، إذ لم يثبت عن القرن الأول أنهم حملوا تلك المعاني على التأويل مخافة التشبيه كما تزعمون!
فقائل يقول: انا يظهرُ لي من نصوص النزول ـ مثلاً ـ نزولٌ الانتقال (نزول المخلوقات)
وقائل: أنا يظهر لي نزولٌ لا يماثل نزول المخلوقين، يليق بجلاله.
والفريقان متفقان على أن مماثلَ نزول المخلوقين من النزول مرفوضٌ غير مراد، ولكن المعارك تدور حول اعتبارِ كلا القائلَينِ (ظاهره) أو (فهمه هو للظاهر) هو ظاهر النصّ.
هذا محل نزاع خارج عما نحن فيه، فنحن وأنت نتفق على أن كلام صاحب القول الأول باطل ما دام يدعي لزوم التشبيه بالمخلوقين! ولو اتفقت معنا على المعنى الثاني لزال النزاع!
فأقول له ومن أين لك أنني قلت: إن الأصل في "أين" إخراجها عن المكانية
بل الذي قلت بين لا يحتاج إلى إعادة، وخلاصته هي في المحسوسات مكانية، وفي غير المحسوسات غير مكانية.
وهذا "الأخ الذي قال لك" هذا الكلام ينبهك تنبيها جديدا إلى الفرق بين نص الكلام ولازمه.. فهو لم يزعم أنك "قلت" هذا الذي تذكره! وهذا أيضا مما لا يخفى على طالب العلم!!
وأقول له: القرينة، ورؤيتها، واعتبارها أليست دليلاً عقليا؟ أو عملاً عقلياً، وهل القرينة شيءٌ منصوصٌ عليه، أم هي شيءٌ مفهومٌ من النصّ (المختلف فيه)؟!
القرينة قد تكون من أي نوع من أنواع الأدلة يا أخانا، تجدها في النص أو العقل أو الحس أو غير ذلك.. وأنت تدعي وجود قرينة عقلية تدفع هذا الفهم (المكاني) الذي يذهب إليه ولابد كلُّ من سئل عن ذات حقيقية موجودة وجودا حقيقيا بالسؤال أين (وهذا في كل الألسنة لا في لسان العرب وحدهم!!)
وقد بينا لك بطلان تلك القرينة!!
وأما قوله:
وإلا فذات الله لها وجود حقيقي بائن عن غيرها من الموجودات، وهي موصوفة بما لايفهم منه العقل - السوي السالم من الشبهات والفلسفات - إلا معنى المكانية الحقيقية فعادت القضية جذعة في المراد من المكانية الحقيقة
وهل لي أن آخذ بظاهر قول الأخ الحقيقة فأحمله على المكان الذي يعرفه المخلوقون من الكون المخلوق فأرميه بما لا يُريد ولا يقصد من التجسيم
وهل كلامك هذا إلا في أشياء مخلوقة شكلت باجتماعها في تصورك مكانا مخلوقا يحيط فيه بعضها ببعض؟؟ المكان المخلوق خارج على ما نتكلم فيه، إذ الله ليس في مكان مخلوق، وأكرر - ولن أمل حتى تمل - أن المشابهة والإحاطة والتحيز و"الحسية" وغير ذلك مما تقول لا تلزم أصلا!
وأما إلزامُ الصحابةِ بما يراه فهو استنطاقٌ لهم بما لم ينطقوا به.
وغاية الوارد عنهم عدم الخوض في أمثال هذه الحمآت التي نخوض فيها نسأل الله السلامة.
بل هو كصنيع أئمة السلف، إفهام لمن ابتدعوا لوازم عقلية باطلة فراحوا يحرفون الكلم عن مواضعه مخافة الوقوع فيها، مع أنه لم يرد في النصوص ما يبرر لهم صنيعهم ذاك، ولم يسبقهم إليه أحد!!! فلو فهموا كلام إخوانهم لعلموا لماذا لم يرد عن الصحابة خوض في تلك "الحمآت"!
ودعني أسألك وأرجو منك ألا تحيد:
سألك سائل مستفهم أين الله، فبم تجيب؟؟ هل تقول في السماء كما فعلت الجارية، أم تقول الله موجود بلا مكان؟؟؟؟؟؟ أرجو أن أسمع منك جوابا مباشرا على هذا السؤال.
أبو أنس مصطفى البيضاوي
2009-12-29, 02:14 PM
أحسنت الصنع أبا الفداء بورك فيك ونفع بك
ابن العباس
2009-12-29, 03:35 PM
تحية لأخي أبي الفداء على رده الموفق
وجزاه الله خيراً, وإني وإن اختلفت مع أخي أبي الفداء في أشياء
غير أني تعلمت من منهج سيد الخلق أن أنتصر للحق حيث كان
والحمد لله رب العالمين
أبو عبد الرحمن من دمشق
2009-12-29, 03:45 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر أخي أبا الفداء
وأؤكد له أن الخلاف ـ عندي ـ لا يفسد للود قضية، وأن الذي يجمعني به أكبر مما يفرقنا من الاختلاف في بعض المسائل (الاجتهادية)
أما قوله: وأبدأ أولا بتقرير استيائي من ألفاظ ظهرت في رده لا تليق بطلبة العلم، كقوله (هذه بتلك يا شاطر)!! فأرجو أن يترفع عن أمثال هذه الألفاظ فيما يلي من مشاركاته، والله المستعان
فإن ساءتكَ فانا أعتذر عنها بشدة، وأقبل رأسك إكراماً (لأنك ما راح تخليني أقبل يدك).
ولقد قلت ما قلتُ مداعباً، ولكن لا عودة.
وأرجو أن يلتزم كلٌّ بالابتعاد عما يؤذي مما هو أشد من هذه المزحة.
وأما قوله: فأنا أكرر سؤالي للأخ: لماذا جعلت إطلاقنا لمعنى المكان ملازما لمعنى "الحسية"؟؟
يقول إن وصف المكان بأن له اتجاهات أصلية (فوق وتحت وشمال ويمين) هو من لوازم كونه مخلوقا، وهذا كلام غير صحيح.. فالمكان يطلق ويراد به نسبة شيء موجود إلى شيء آخر موجود أيضا في إدراك الناس وتصورهم، بعلاقة لغوية ظرفية.
وأقول له: ألا تجد كلامينا متطابقين معنى، مختلفين صياغةً؛ إلا أن كلامي عن المكان بظاهره المتبادر (الحسي)، وأنت بعمومه الذي يدخل فيه المجرَّد؟ أمعن النظرَ ما شئت !
وأما قوله: فعلى هذا التحرير فإن معنى المكان أو الجهة وما يرتبط به من اتجاهات منفك عقلا عن معنى "الحسي" الذي يصر أخونا على إلزامنا به!
فأقول فيه:
تحريركَ لنفسِك، ولا ألزمك بما لم تلتزم به؛ إلا أنني وأنت نناقش مسألة مجردةً عن الإلزامات، ولكننها لا تتجرد عن اللوازم، وأنت تعرف الفرق بين اللازم، والملتزَم (بفتح الزاي).
وأما قوله: وكل من يحاول إيجاد تأويل يصرفه عن هذا المعنى فهو المطالب بالدليل من قول الصحابة والسلف، وإلا فالزعم بأنهم فهموا خلاف هذا المعنى الفطري الصريح دون تقديم الدليل على ذلك الفهم = كذب عليهم
أولاً: "كذب عليهم" أشد من "يا شاطر"، ولن أقف عندها لأنني لا أظن أنها موجهة إليّ ولو كانت فسامحك الله.
ثانياً: زعم أنّ الصحابةَ فهموا ما تسميه "هذا المعنى الفطري الصريح" مفتقرٌ كالتأويل إلى الدليل المنقول.
ولا دليلَ من كلام الصحابة على الأمرين معاً
ودعوى أنّ ما سماه أخي بـ "المعنى الفطري الصريح" هو الذي تقوم به الفِطرة فشأنه وفطرتَه، وهو مفتقرٌ كذلك إلى الدليل الخارجيّ الحياديّ على أنه "معنى فطري صحيح" (دون ألفاتٍ ولامات).
وقوله: لا يمنع من استعمال المعنى نفسه في بيان مكان ذات الرب تبارك وتعالى خارج ذلك الكون،
يعيد القضية جذعة؛ فإثبات مكانٍ برأيي "بدعة" لأنه مجردُ فهمِ متأخرينَ لا دليل عليه صريحاً
ولست أبدّعك ولا أبدّع من يقول بمثل قولك؛ لتفريقي بين الفعل وفاعله؛ كما تعلم.
وقولك: إذ الاشتراك في المعنى لا يلزم منه الاشتراك في الحقيقة والكيفية..
لا غبار عليه.
وقولك:والسؤال الذي أجابت عنه الجارية لا تحتف به أي قرائن تفيد المنع من إجراء هذا المعنى، إلا تصور بعضهم - اشتباها منهم - أن حمله على هذا المحمل الحقيقي الصريح يورث التشبيه و"الحسية
عدم احتفاف القرائن به اجتهادك او تقليدك
وتصور البعض اشتباها... اجتهادي ، بل تقليدي
وعدم رؤيتك الأمر قرينة صارفة شأنك لا سلطان لي عليه، وكذلك الحال منك معي!
وسؤال أخي: ولكنني أسأل صاحبنا، ألا يوجد في الوجود مكان - ولابد - إسمه: خارج الكون، يغاير - من حيث المعنى - المكان الموصوف بأنه داخل الكون؟؟
فإن نفيت المعنى الأول فكيف تثبت الثاني إلا بالتناقض،....
وأقول له وكيف تثبت بغير هذه الكلاميات، فأنت نقضت كلامي بكلام من جنسه (كلام في كلام)
فلا تعب عليَّ نتيجةً وصلتُ إليه بمماحكة عقلية محضة، بنتيجةٍ وصلتَ إليها بمماحكة أخرى عقلية محضة.
وإنك تفترض مكانا خارج الكون يغاير من حيث المعنى المكان الموصوف بأنه داخل الكون
فبالله عليك، أثمة أثارةٌ من نقلٍ على هذا؟
اللهم إلا العقليات التي تعيبونها علينا، وبيني وبينك: خطأ ُ هذه الافتراضات (من عندنا وعندكم) أكبر من صوابها.
{وإثمهما أكبر من نفعهما} وصدق ابن العربي في الغزالي رحمهما الله: شيخنا أبو حامد ابتلع الفلاسفة ثم أراد أن يلفظهم فما قدر!
وقولك: وكيف تثبت - عقلا - أن للكون المخلوق حدا ونهاية، ما وراءها من الموجودات (وليس إلا الله تعالى) يوصف ولابد - لغة وعقلا - بأنه خارجه؟؟؟
أقول فيه: "ما وراءَه"، و"خارجه": من لوازم المكان المخلوق؛ لا يصحّ أن نقيس عالم الغيب عليه.
وأذكرك بقول الفاطميين: الله ليس داخل العالم ولا خارجه.
وأنهم أُتوا من عدم انفكاكهم عن قياس تلك العوالم بهذه العوالم!
وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية: ما عطل إلا من شبّه، أو كما قال!!
وقولك: هذه مسائل معنوية من مسلمات العقل والإدراك يا أخي،
اسمح لي بأن أقول لك: مسلماتٌ لديك لا تلزمني! كما أن خشيتي من التجسيم قد لا تلزمك.
ولأنه ضاق وقتي عن الإتمام أجيب عن سؤالك الكريم:
ودعني أسألك وأرجو منك ألا تحيد:
سألك سائل مستفهم أين الله، فبم تجيب؟؟ هل تقول في السماء كما فعلتالجارية، أم تقول الله موجود بلا مكان؟؟؟؟؟؟ أرجو أن أسمع منك جوابا مباشرا على هذاالسؤال.
بقولي: الذي أدين لله به وأسأل عنه يوم القيامة.
«الله تعالى في السماء». نقطة انتهى بدون زيادة أي حرف.
آمنت بما في كلام الله ورسوله على مراد الله ورسوله.
هذا وأسأل الله لي ولك السلامة والهداية ورضا الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابن العباس
2009-12-29, 04:43 PM
مجرد الإشارة إلى جهة السماء من الجارية وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كاف في قطع الجدال لأن هذه الإشارة الحسية
لا يقبلها الأشاعرة ولا المعتزلة مع تقرير الله تعالى أنه عال على خلقه في آيات كثيرة
والأصل عند الإطلاق علو الذات حتى يرد مخصص معنوي
وتأخير البيان عن وقته لا يجوز باتفاق فكيف لصاحب الشريعة أن يأذن لها بارتكاب هذا الخلل العقدي(( وهو بأبي هو وأمي لم يترك شاردة في الفروع حتى في قضاء الحاجة -كما لاحظ اليهودي- إلا نبه لها فكيف بهذا الأمر الذي يتعلق بالله تعالى وبالتوحيد ثم يتركه عائما دون تجلية؟))
في عُرف أهل التعطيل -بدعوى التنزيه- دون ن يصوّب لها ويلفت نظرها إلى تحقيق معنى العلو المخالف للفطرة السليمة التي زرعها الله فيها وفي كل إنسان..
هذا أمر بدهي جداً, وما بنا حاجة للتقعر والتكلف في حرف معاني النصوص
فللكون حد ينتهي عنده وفوق الكون يكون الله,,أين الإشكال في هذا؟
وقد قالت قالت أم المؤمنين زينب ولم ينكر عليها إلا الأشاعرة ,قالت :كلكن زوجكن آباؤكن إلا أنا فزوجني الله من فوق سبع سماوات, وأما نصوص الكتاب والسنة والصحابة وعامة السلف في تقرير علو الله الحقيقي فلا تيمكن إحصاؤها إلا بمجلد كبير
فإن أصر قائل على أن المسألة اجتهادية وأن هناك خلافاً
قلنا نعم ,هناك خلاف بين رسول الله وبين الأشاعرة, والراجح ماذهب إليه الرسول!
أبو الفداء
2009-12-29, 06:40 PM
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي أبا عبد الرحمن أشكرك على سعة صدرك وأسأل الله أن يهديني وإياك إلى الرشاد ..
بداية، رأيتك تقول:
وأؤكد له أن الخلاف ـ عندي ـ لا يفسد للود قضية، وأن الذي يجمعني به أكبر مما يفرقنا من الاختلاف في بعض المسائل (الاجتهادية)
ثم تقول:
فإثبات مكانٍ برأيي "بدعة" لأنه مجردُ فهمِ متأخرينَ لا دليل عليه صريحاًأليس هذا من التناقض يا أخي الكريم؟
خلاصة كلامك في المشاركة الأخيرة أنك ترى أنه لا دليل نصي (صريح) عند أي من الفريقين ومن ثمّ فإن الكلاميات لا تخدمنا ولا تخدمكم .. أليس كذلك؟
طيب دعنا من "الكلاميات" و"العقليات" وتعالى إلى النصوص واللغويات.
قد كررت عليك سؤالا مرتين ولم تجب عليه
قلت لك:
أنا أطالبك بوصف هذا النص أو الدليل الصريح الذي لو جئتك به لسلمت بأن معنى الاستواء على العرش ومعنى كونه تعالى في السماء وكونه ينزل إلى السماء الدنيا وكونه نزَّل الكتاب وكون النبي عليه السلام صعد إليه في المعراج .. الخ، كل هذا لا يدل على أنه سبحانه في مكان عليّ فوق خلقه على الحقيقة!
فما جوابك؟
وأنا لا أسألك هذا السؤال تنطعا، ولكن لأثبت لك أن النص الذي تطلبه ما كان يحتاج إليه ولا إلى غيره أحد من الصحابة فهو في الحقيقة مآله إلى أصول عقلية قَعَّدها قوم متأخرون ليسوا من فهم الصحابة والسلف الأول في شيء! فهم لم تخطر على أذهانهم تلك اللوازم العقلية الباطلة..
وبالمناسبة فأنا عندما أقول لك إن اعتقاد وجود الله تعالى في جهة العلو فوق عرشه على الحقيقة هو الفطرة، لا أتكلم بما لا يوافقني فيه إلا طائفة من المتأخرين على نحو ما تدعي، بل كل بني آدم من سائر الملل (خلا الملاحدة والدهرية وأضرابهم) عندما يريدون التوجه إلى خالقهم بالدعاء فإنهم يتوجهون بأيديهم وأبصارهم إلى السماء، وأنت لا تدعو ربك إلا وأنت توجه كفيك إلى الأعلى في وضع الاستطعام!! هذا مركوز في فطر الناس جميعا لا يماري فيه إلا مكابر! بل إن الجارية نفسها أشارت بأصبعها إلى السماء حال إجابتها لسؤال النبي عليه السلام، فإن بحثتَ عن القرينة فهذه هي يا أخي فتأمل!!
وكما تفضل أخونا ابن العباس لو كان المراد غير متوجه للمعنى الحقيقي للكلام (كما يكون السؤال في العادة "بأين" والجواب عليه بمثل هذا لأي شيء من الذوات الموجودة) لأنكر النبي عليها - على الأقل - الإشارة بالأصبع إلى جهة العلو، ولثبت ذلك في النص ولابد!!
/// لما سألتك عن جوابك لسؤال من يسألك: "أين الله" أسعدني أن اتبعتَ هدي النبي عليه السلام وأجبت بما أقره من جواب.. هذا خير ولله الحمد.. وأنا مثلك لن أجيب إلا بهذا. وعامة العقلاء لا يحتاجون إلى توضيح هذا المعنى الواضح!
ولكن هب أن السائل استفهم منك وقال: "هل تقصد أنه موجود في السماء حقيقة؟؟"
فهل ستجيبه بنعم أم لا؟ أم ستنكر عليه طلبه لتحقيق الفهم الصحيح لجوابك، وتأمره بالتفويض في المعنى؟
هو لا يسأل عن الكيف، فلا يسعك الإنكار عليه! إنما يسأل عن المعنى! فهل ستنكر عليه؟
أما أنا فسأقول له: نعم، هو في السماء على الحقيقة، مستوٍ على عرشه كما وصف نفسه، ليس كمثله شيء .. وسأشير إلى جهة العلو بأصبعي كما فعلت الجارية ولن أتردد!
/// ولأبين لك مورد النزاع الفعلي بيننا وبينكم ..
أرجعك إلى مثال "العقل" الذي زدتُ الكلامَ فيه تفصيلا في جوابي عليك وقلتُ لك تصور لو أنك دخلت على رجل ورميته بهذا السؤال دون مقدمات، فكيف يكون جوابه؟ سيعجب أيما عجب! لماذا؟ لأن العقل لا مكان له؟ كلا! ولكن لأن السؤال عن الأمور المعلومة بالضرورة يبعث على الاستغراب!
طيب لو كان السياق سياق امتحان للرجل، يمتحن علمه، فكيف يجيب؟ سيجيب بإشارة إلى قلبه - أو إلى رأسه وليس هذا موضوعنا - ويقول "ههنا". فإن قلتَ له صدقتَ فقد أقررته على جوابه. فهل ثم ثقب إبرة يمكن أن يدخل منه احتمال أن يكون المراد من السؤال هنا المعنوية لا المكانية؟؟؟
فأسألك بالله عليك، أي فرق بين هذا وبين جارية يسألها الله امتحانا "أين الله" فتشير بأصبعها وتقول "في السماء" فيقرها على ذلك ويأمر بإعتاقها، من جهة معنى السؤال (بأين) ومعنى جوابه؟؟ ما هو المعنى الذي تفهمه أنت من هذا النص إن لم يكن استصحاب الأصل في السؤال بأين عند سائر العرب والجواب بما أجابت به الجارية مع الإشارة إلى الجهة؟؟
لفظة "أين" لا خلاف بين أهل اللسان في أن الأصل فيها السؤال عن المكان!
فما المعنى الذي فهمته أنت ومن أين جئت به؟؟؟
أرجو أن تبين لي هذا المعنى وتبين القرينة اللغوية أو السياقية أو النصية التي منها وجهت الكلام إلى هذا المعنى المخالف للأصل، فإن لم تجد إلا حجتك العقلية، ثبت أنك خالفت بشبهة عقلية مردودة ما لم يجد الصحابة حاجة - مع شدة الداعي وعظم الخطب - إلى حمله على غير الأصل اللغوي، فذهبت إلى تأويل ليس لك سلف في القول به! وإن لم يكن لك تأويلٌ تقول به فقد ادعيت أن النبي عليه السلام أقرها على طلسم لا معنى له، فإذا بك تتهم النبي عليه السلام، بالكلام بمعان موهمة ملتبسة دون بيان، والصحابة بالقصور عن نهي الناس عن حمل هذا الجنس من الكلام على الأصل اللغوي الظاهر، إذ لا مدفع لهم عن ذلك الظاهر الذي يجرون الكلام عليه اعتيادا، ولو لم يخبرهم أحد بما يصنعون به فسيضيع الحق في الأمة في أعظم أصول الملة، فتأمل!!
أقول فيه: "ما وراءَه"، و"خارجه": من لوازم المكان المخلوق؛ لا يصحّ أن نقيس عالم الغيب عليه.
غلط يا أخي! أثبت هذا التلازم!! وقد بينت لك بما لا يسعك إبطاله أن انتهاء العرش عند حد، يلزم منه عقلا أن يكون له حد علوي ينتهي عنده كما له حد سفلي .. فيكون هناك مكان فوقه ومكان تحته!! فهل من مانع عقلي أو لغوي من القول بأن تناهي العرش ومحدودية خلقته يلزم منها أن يكون ما فوقه موصوفا بأنه مكان - لغة - وإن لم يكن يسعنا تصوره؟؟؟ المانع هو زعمك بأن مجرد القول بمعنى المكان يلزم منه التشبيه والحسية (مع أنك أنكرت هذا التلازم في بعض ما مر من كلامك)!!! فإن كنت لا تقبل ظاهر الكلام مخافة التشبية، ولا تصرفه عن هذا الظاهر إلى معنً آخر، فآل مذهبك إلى التفويض وتحويل ما أقره النبي من جواب الجارية إلى طلسم لا معنى له ولا فائدة!!!
وأذكرك بقول الفاطميين: الله ليس داخل العالم ولا خارجه.
بل أنا الذي أنبهك إلى أنك الآن تقول بقولهم!! فنحن نؤمن بأنه ليس داخل العالم .. فلو وافقناك على مذهبك، لقلنا بأنه ليس خارجه أيضا!!! فبأي المعاني نؤمن إذن، وماذا نصنع بقولها (في السماء)؟؟؟
أسأل الله لي ولك الهداية والرشاد، وأن يسعنا ما وسع سلفنا، بلا تكلف ولا زيادة ولا نقصان.
آمين
أبو الفداء
2009-12-29, 06:41 PM
تحية لأخي أبي الفداء على رده الموفق
وجزاه الله خيراً, وإني وإن اختلفت مع أخي أبي الفداء في أشياء
غير أني تعلمت من منهج سيد الخلق أن أنتصر للحق حيث كان
والحمد لله رب العالمين
يعني قرأت الرد الطويل بأكمله هذه المرة؟ (ابتسامة)
شكر الله لك إنصافك، ووفقني وإياك لما يحب ويرضى.
زوجة وأم
2009-12-29, 08:29 PM
إلى الأخ أبو عبد الرحمن من دمشق
لعلك تجد في الروابط التالية ما يفيدك في هذه المسألة من الأدلة وكلام السلف الصالح:
1. تفسير (في السماء) في سورة الملك وحديث الجارية (http://as-salaf.com/article.php?aid=9&lang=ar)
2. علو الله على خلقه واستواءه على العرش (2) : أقوال السلف (http://as-salaf.com/article.php?aid=24&lang=ar)
3. شبهة: آثار السلف في العلو تُشير إلى علو المكانة (http://as-salaf.com/article.php?aid=52&lang=ar)
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-29, 09:04 PM
ليأذن الشيخ أبو الفداء حفظه الله تعالى بإضافة سؤال للأخ أبي عبدالرحمن إلى مشاركته حتى يجيب عليه هذا الأخير ..
قال الأخ سدده الله :
بقولي: الذي أدين لله به وأسأل عنه يوم القيامة.
«الله تعالى في السماء». نقطة انتهى بدون زيادة أي حرف.
آمنت بما في كلام الله ورسوله على مراد الله ورسوله.
الذي أفهم من كلامكَ؛ أن الله عزوجل أخبرنا عن مراده ولم يكتمه!، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن مراده ولم يكتمه!
السؤال
ما مراد الله في قوله سبحانه : "أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ" ؟
وما مراد النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأل الجارية "أين الله؟" وإقراره صلى الله عليه وسلم لجواب : "في السماء"؟
والحمدلله رب العالمين ..
أبو عبد الرحمن من دمشق
2009-12-30, 12:23 PM
ليأذن الشيخ أبو الفداء حفظه الله تعالى بإضافة سؤال للأخ أبي عبدالرحمن إلى مشاركته حتى يجيب عليه هذا الأخير ..
قال الأخ سدده الله :
الذي أفهم من كلامكَ؛ أن الله عزوجل أخبرنا عن مراده ولم يكتمه!، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن مراده ولم يكتمه!
السؤال
ما مراد الله في قوله سبحانه : "أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ" ؟
وما مراد النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأل الجارية "أين الله؟" وإقراره صلى الله عليه وسلم لجواب : "في السماء"؟
والحمدلله رب العالمين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لو أخبرنا الله تعالى بمراده صراحةً لأراحَ سبحانه الامةَ من الاختلاف الذي نسبح في قطرة من يَمِّه!
وإرادة الله تعالى أن يجعل كثيراً من الأشياءِ هكذا؛ ليبتليَ عباده بالإيمان بالغيب.
وما هذه الأمور ـ والإيمانَ بالقدر ـ إلا من جنسٍ واحدٍ الأسلمُ فيه السكوت عنه، والخوضُ فيه بقَدْرٍ وحَذَر، ولكلّ مجتهد نصيب.
وفي إخفاء الله تعالى مراده الصريح في هذه الأشياءِ التي اختلفت فيها الأمة قروناً بعثٌ لروح البحث والتنقيب والاجتهاد فيها؛ حفظاً لها من الهمود والخمود والخمول.
وأعود لأقول لأخي السائل:
الخلاف ـ يا عزيزي ـ في محاولة معرفة مراد الله تعالى؛ فمجرّدُ سَوْقِ الأدلة، ومحاولةُ اعتبارِها على ذلك القدر الموهوم من البيان؛ الذي يريدُ أحدُ الطرفين المختلفين... لا طائل منه!
اللهم إلا إذا كان من يفعل ذلك ـ مثل حضرتكم ـ على طريقة: تفسيرُها قراءتها!
شكر الله لك وللجميع.
[تنويه:
قد لا يُسعفني الوقتُ اليومَ لمتابعة «الحوار الطيّب» مع أخي أبي الفداء؛ فهو (مشرف متفرغ)، وأنا مُجرّدُ عضوٍ أزورُ لِماماً، والشواغلُ جمّة؛ لأجل ذلك أسألكم الدعاء].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابن العباس
2009-12-30, 12:28 PM
لم تجب عن سؤالات الإخوة المشرف الموقر أبا الفداء والأخ المبجل الهمام أبا أويس الفَلاحي الذي أحب كنيته وشخصَه
حفظهما الله تعالى وبارك فيهما ناصِرين للحق حيث كان.
أبو محمد الطنطاوي
2009-12-30, 12:52 PM
....وإرادة الله تعالى أن يجعل كثيراً من الأشياءِ هكذا؛ ليبتليَ عباده بالإيمان بالغيب.
وما هذه الأمور ـ والإيمانَ بالقدر ـ إلا من جنسٍ واحدٍ الأسلمُ فيه السكوت عنه، والخوضُ فيه بقَدْرٍ وحَذَر، ولكلّ مجتهد نصيب.
....
أحسنت أخي الكريم
مع تحفظي على العبارة السابقة لها:
لو أخبرنا الله تعالى بمراده صراحةً لأراحَ سبحانه الامةَ من الاختلاف الذي نسبح في قطرة من يَمِّه!
ابن العباس
2009-12-30, 01:05 PM
لا لم يحسن, السلامة تكون في السكوت عما لا مجال فيه للفهم المؤيد بالوحي ومافي معناه
"ولا تقف ما ليس لك به علم"
أما مطلق السكوت كما هي طريقة مفوضة الأشاعرة فباطل,,وقول الأخ
لو أخبرنا الله تعالى بمراده صراحةً لأراحَ سبحانه الامةَ من الاختلاف
فيه نوع سوء أدب مع الله تعالى لأن الله تقدس اسمه وصف كتابه بأنه هدى وشفاء ونور وتبيان وبيان وحجة وبرهان وكتاب مبين إلخ,,ومحصّل كلامه أن الله لم يرح الأمة فوقع الاختلاف! مع كون الله قال "وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ماجائهم العلم بغيا بينهم " وقد نص الرسول الأعظم على وقوع فئام من هذه الأمة في سبيل المغضوب عليهم والضالين فقال "لتتبعن سنن من كان قبلكم....قيل اليهود والنصارى؟ قال :فمن؟؟ "
فلعلك تستغفره سبحانه وتعالى عن هذا القول المقتبس
والله المستعان
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-30, 01:33 PM
كتبتُ ردًا على مشاركة الأخ أبي عبدالرحمن وفقه الله، لكنها ضاعت مني ..
وسأعيد كتابتها مرة آخرى فيما بعد والله المستعان ..
لكني أنبه إلى أنه لم يجب على السؤال خصوصًا الجزء الثاني منه؛ فإنه مهم!!
وسأعيده عليه بصيغة آخرى ..
قلتَ : أؤمن بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن كذلك = سبيل السلف رضوان الله عليهم!
السؤال : هل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بمراده أم كتمه عنهم ؟
والله الموفق ..
والشكر موصول لأخي الأستاذ ابن العباس -حفظه الله-، فأحبك الله من فوق سبع سماوات ..
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-30, 01:59 PM
وإرادة الله تعالى أن يجعل كثيراً من الأشياءِ هكذا؛ ليبتليَ عباده بالإيمان بالغيب.
كلام غير سديد!
الابتلاء في الغيب = يكون بالإيمان به أو جحده، التصديق به أو التكذيب؛ لأنه داخل في باب الخبر الذي لا يحتمل إلا ما سبق ..
ولا يستقيم هذا مع الإيهام وإخفاء المراد .. وإلا يكن تكليف ما لا يطاق .. والله سبحانه منزهٌ عنه ..
قال ابن أبي العز الحنفي :
وقوله : "وتفسيره على ما أراد الله وعلمه" إلى أن قال : "لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا".
أي كما فعلت المعتزلة بنصوص الكتاب والسنة في الرؤية، وذلك تحريف لكلام الله وكلام رسوله عن مواضعه، فالتأويل الصحيح هو الذي يوافق ما جاءت به السنة والفاسد المخالف له، فكل تأويل لم يدل عليه دليل من السياق ولا معه قرينة تقتضيه فإن هذا لا يقصده المبين الهادي بكلامه إذ لو قصده لحف بالكلام قرائن تدل على المعنى المخالف لظاهره حتى لا يوقع السامع في اللبس والخطأ فإن الله أنزل كلامه بيانا وهدى فإذا أراد به خلاف ظاهره ولم يحف به قرائن تدل على المعنى الذي يتبادر غيره إلى فهم كل أحد لم يكن بيانًا ولا هدىً فالتأويل إخبار بمراد المتكلم لا إنشاء .
وفي هذا الموضع يغلط كثير من الناس، فإن المقصود فهم مراد المتكلم بكلامه فإذا قيل : معنى اللفظ كذا وكذا كان إخبارا بالذي عنى المتكلم فإن لم يكن الخبر مطابقا كان كذبا على المتكلم ويعرف مراد المتكلم بطرق متعددة : منها : أن يصرح بإرادة ذلك المعنى ومنها : أن يستعمل اللفظ الذي له معنى ظاهر بالوضع ولا يبين بقرينة تصحب الكلام أنه لم يرد ذلك المعنى فكيف إذا حف بكلامه ما يدل على أنه إنما أراد حقيقته وما وضع له كقوله : { وكلم الله موسى تكليما } و [ إنكم ترون ربكم عيانا كما ترون الشمس في الظهيرة ليس دونها سحاب ] فهذا مما يقطع به السامع له بمراد المتكلم فإذا أخبر عن مراده بما دل عليه حقيقة لفظه الذي وضع له مع القرائن المؤكدة كان صادقا في إخباره وأما إذا تأول الكلام بما لا يدل عليه ولا اقترن به ما يدل عليه فإخباره بأن هذا مراده كذب عليه وهو تأويل بالرأي وتوهم بالهوى.
وحقيقة الأمر : أن قول القائل : نحمله على كذا أو : نتأوله بكذا إنما هو من باب دفع دلالة اللفظ عما وضع له فإن منازعه لما احتج عليه به ولم يمكنه دفع وروده دفع معناه وقال : أحمله على خلاف ظاهره
فإن قيل : بل للحمل معنى آخر لم تذكروه وهو : أن اللفظ لما استحال أن يراد به حقيقته وظاهره ولا يمكن تعطيله استدللنا بوروده وعدم إرادة ظاهره على أن مجازه هو المراد فحملناه عليه دلالة لا ابتداء.
قيل : فهذا المعنى هو الإخبار عن المتكلم أنه أراده وهو إما صدق وإما كذب كما تقدم ومن الممتنع أن يريد خلاف حقيقته وظاهره ولا يبين للسامع المعنى الذي أراده بل يعرف بكلامه ما يؤكد إرادة الحقيقة ونحن لا نمنع أن المتكلم قد يريد بكلامه خلاف ظاهره إذا قصد التعمية على السامع حيث يسوغ ذلك ولكن المنكر أن يريد بكلامه خلاف حقيقته وظاهره إذا قصد البيان والإيضاح وإفهام مراده ! كيف والمتكلم يؤكد كلامه بما ينفي المجاز ويكرره غير مرة ويضرب له الأمثال؟!
اهـ .
زوجة وأم
2009-12-30, 02:37 PM
وفي إخفاء الله تعالى مراده الصريح في هذه الأشياءِ التي اختلفت فيها الأمة قروناً بعثٌ لروح البحث والتنقيب والاجتهاد فيها؛ حفظاً لها من الهمود والخمود والخمول.
لم يكن هناك خلاف بين السلف الصالح ومن بعدهم من العلماء المتقدمين في معنى "في السماء"
كلهم متفق على أن معناها فوق السماء/السموات على العرش
الخلاف حصل فقط من العلماء الذين أتوا بعدهم من الفرق المخالفة للسلف وأهل السنة
وإليك بعض أقوالهم:
قال أبو بكر محمد الصبغي (342 هـ) : (قد تضع العرب «في» بموضع «على» قال الله عز وجل: {فسيحوا في الأرض}، وقال {لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه: على الأرض وعلى النخل ، فكذلك قوله: {في السماء} أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم) [3]
قال أبو معاذ خالد بن سليمان البلخي (199 هـ) : (كان جهم على معبر ترمذ، وكان فصيح اللسان، ولم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم، فكلم السُمَنية [ديانة بوذية]، فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده. فدخل البيت لا يخرج، ثم خرج إليهم بعد أيام فقال: "هو هذا الهواء مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلوا منه شيء." قال أبو معاذ: "كذب عدو الله، إن الله في السماء على العرش كما وصف نفسه.")
قال الحارث المحاسبي (243 هـ) : « وأما قوله {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5]) {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام : 18] و{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك : 16]» وذكر عددًا من الآيات، ثم قال: «فهذا يوجب أنه فوق العرش، فوق الأشياء، منزه عن الدخول في خلقه، لا يخفى عليه منهم خافية، لأنه أبان في هذه الآيات أن ذاته بنفسه فوق عباده لأنه قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ [الملك : 16]} يعني فوق العرش، والعرش على السماء، لأن من كان فوق شيء على السماء فهو في السماء، وقد قال مثل ذلك {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2] يعني على الأرض لا يريد الدخول في جوفها وكذلك قوله: {وَلَأُصَلِّبَن َكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه : 71] يعني فوقها» (19)
قال قتيبة بن سعيد (240 هـ) : « هذا قول الأئمة المأخوذ في الإسلام والسنة» وذكر مجموعة من العقائد منها: «ونعرف الله في السماء السابعة على عرشه، كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه : 5 ، 6] » (16) صحيح.
قال محمد بن موهب المالكي (406 هـ) في شرحه لرسالة الإمام ابن أبي زيد: (وقد تأتي لفظة «في» في لغة العرب بمعنى فوق، كقوله {فأمشوا في مناكبها} و(في جذوع النخل} و{أأمنتم من في السماء} قال أهل التأويل(41): يريد فوقها، وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله في السماء يعني فوقها وعليها) (42)
32. قال أبو القاسم اللالكائي الشافعي (418 هـ) : (سياق ما رُوي في قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وأن الله على عرشه في السماء. وقال عز وجل: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} وقال: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} وقال: {وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة}. فدلت هذه الآيات أنه تعالى في السماء وعلمه بكل مكان من أرضه وسمائه.
قال ابن عبد البر المالكي (ت 463 هـ) في كتابه "التمهيد" في شرح حديث النزول: (وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سموات، كما قالت الجماعة. وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم أن الله عز وجل في كل مكان، وليس على العرش.) (51)
قالأبو بكر البيهقي (458هـ) : (وقال {أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وأراد من فوق السماء ، كما قال {وَلَأُصَلِّبَن ّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه : 71] يعني على جذوع النخل ، وقال {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة : 2] يعني على الأرض ، وكل ما علا فهو سماء ، والعرش أعلى السماوات ، فمعنى الآية والله أعلم: أأمنتم من على العرش ، كما صرح به في سائر الآيات) [5]
فمعنى «في السماء» في الآية وحديث الجارية: فوق السماء على العرش.
ولمزيد من أقوال السلف وعلماء السنة ممن جاء بعدهم في أن الله عز وجل فوق العرش فوق السماوات السبع
فانظر هنا:
http://as-salaf.com/article.php?aid=24&lang=ar
أبو أويس الفَلاَحي
2009-12-30, 03:36 PM
وفي إخفاء الله تعالى مراده الصريح في هذه الأشياءِ التي اختلفت فيها الأمة قروناً بعثٌ لروح البحث والتنقيب والاجتهاد فيها؛ حفظاً لها من الهمود والخمود والخمول.غلط؛ لأن الكلام ينقسم إلى خبر وإنشاء ..
وباب الخبر = نفي أو إثبات
وتأويل الأخبار= خبر وليس إنشاء.. وعليه فلا نعد المؤولين = مجتهدين في نفس الأمر ( لا يعني أنهم غير معذورين) ..
لأن الأخبار يوقف على السمع بها ..
ويصح هذا :
بعثٌ لروح البحث والتنقيب والاجتهاد فيها؛ حفظاً لها من الهمود والخمود والخمولفي باب الأمر والنهي = إنشاء ..
والله الموفق سبحانه ..
أبو الفداء
2009-12-30, 03:40 PM
الحمد لله وحده.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لو أخبرنا الله تعالى بمراده صراحةً لأراحَ سبحانه الامةَ من الاختلاف الذي نسبح في قطرة من يَمِّه!
((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ)) [الآيات هود : 118-119]
((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)) [يوسف : 2]
((فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)) [الدخان : 58]
((بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ)) [الشعراء : 195]
((وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)) [الأنعام : 55]
وإرادة الله تعالى أن يجعل كثيراً من الأشياءِ هكذا؛ ليبتليَ عباده بالإيمان بالغيب.
هكذا كيف يعني؟ يجعلها لا معنى لها؟؟
هما قولان، طرفان غاليان، وأهل السنة وسطٌ بينهما:
/// الله موجود في كل مكان
/// الله موجود بلا مكان
وما هذه الأمور ـ والإيمانَ بالقدر ـ إلا من جنسٍ واحدٍ الأسلمُ فيه السكوت عنه، والخوضُ فيه بقَدْرٍ وحَذَر، ولكلّ مجتهد نصيب.
ففي أي شيء يجتهد هذا المجتهد أصلا يا أخي إن سبق إلى علمه أن الله قد أخفى مراده من هذا الكلام عن الناس؟؟؟ على قولك هذا، سمع تلك الآيات والأخبار أو لم يسمعها = سواء عليه، إذ لا طمع له في معرفة مراد الله منها!!!
وفي إخفاء الله تعالى مراده الصريح في هذه الأشياءِ التي اختلفت فيها الأمة قروناً بعثٌ لروح البحث والتنقيب والاجتهاد فيها؛ حفظاً لها من الهمود والخمود والخمول.
ما أقبحها من كلمة! "إخفاء الله تعالى مراده"!!
يعني رب العالمين يخاطبنا في الوحي بطلاسم أخفى عن العالمين معناها، ولا يريد لنا أن نفهم منها مراده؟؟؟ يا أخي تأمل فيما تقول!
هذا والله أقبح من قول من يرى أن هذا الخلاف بين الطائفتين في معاني الصفات الصواب فيه مع من اتخذوا التأويل سبيلا! هذا قول من يرى أن الله خاطبنا بكلام لم يرد لنا أن نفهمه، مع كونه في أصل أصول الملة!!! يعني الله خاطبنا بهذه الصفات يصف بها نفسه لا ليعرفنا بنفسه سبحانه وتعالى ويؤسس لنا اعتقادنا في صفاته تبارك وتعالى ولكن "ليبعث فينا روح البحث والتنقيب" وهو يعلم أننا مهما وصلنا إلى شيء فيها فهو باطل لأن مراده الحق قد أخفاه عن العالمين! كيف يخفى على مثلك لازم هذا الكلام يا أخي الكريم!
وأعود لأقول لأخي السائل:
الخلاف ـ يا عزيزي ـ في محاولة معرفة مراد الله تعالى؛ فمجرّدُ سَوْقِ الأدلة، ومحاولةُ اعتبارِها على ذلك القدر الموهوم من البيان؛ الذي يريدُ أحدُ الطرفين المختلفين... لا طائل منه!
أجبني عما سألتك في مشاركتي الآنفة، وسيتبين لك بإذن الله تعالى ما إذا كان البيان "موهوما" أم هو كما أخبر الله تعالى: متحقق كما يليق بأصل أصول دين رب العالمين، قد أجمعت القرون الأولى على فهمه على ظاهر لسان العرب دون شبهة ولا وهم ولا عبث.
اللهم إلا إذا كان من يفعل ذلك ـ مثل حضرتكم ـ على طريقة: تفسيرُها قراءتها!
شكر الله لك وللجميع.
ما مشكلتك في أن يكون تفسيرها قراءتها؟؟؟
إن كان الذي يقرأ، يقرأ على إلمام صحيح بلسان المخاطبين بالكلام، ويدري دراية وافية بما احتف بالكلام من القرائن التي بمثلها يفهم البشر مراد المتكلم من كلامه، فما الذي تريده أنت وراء ذلك لتفسير هذا الكلام؟؟ إن ادعيت أن فهمه على الوجه الصحيح لا يسعنا = فقد اتهمت الوحي بالقصور عن إيصال مراد المتكلم به إلى المخاطبين، وإني لأعيذك بالله من هذا!
[تنويه:
قد لا يُسعفني الوقتُ اليومَ لمتابعة «الحوار الطيّب» مع أخي أبي الفداء؛ فهو (مشرف متفرغ)، وأنا مُجرّدُ عضوٍ أزورُ لِماماً، والشواغلُ جمّة؛ لأجل ذلك أسألكم الدعاء].
أخوك أبو الفداء ليس متفرغا كما تظن، ولكنه اتخذ من هذا "الحوار الطيب" مشغلا من مشاغله، سائلا المولى عز وجل أن يرزقه الإخلاص والقبول.. وأن يرزقك وإياه حسن الفهم عنه سبحانه وتعالى.
آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أبو عبد الرحمن من دمشق
2009-12-30, 04:09 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رويدكم أيها الإخوة الكرام
لو أردتُ مناقشةَ الجميع لَصرتُ حبيسَ جهاز الحاسبِ عشرين ساعة في اليوم !
(ما بيصير جماعة على واحد)
كلُّكم على العين والرأس
لكن إن أردتم استمرارَ النقاش بعلمٍ وحلمٍ فليكُنْ واحداً لواحد.
وإلا فسامحوني؛ لأن الكثرة تغلب الشجاعة؛ كما قالوا.
فأنا لا أستطيع الردَّ عليكم جميعاً
مداعبة:
تكاثرت الظباء على خراشٍ***** فما يدري خراشٌ ما يصيدُ
جُزيتم خيراً جميعاً
غداً ألقاكم إن شاء الله عزوجلّ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسد الإسلام الجزائري
2016-12-30, 12:51 AM
سئل شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية - رضي الله عنه - عمن يعتقد [ الجهة ] : هل هو مبتدع أو كافر أو لا ؟
فأجاب :
أما من اعتقد الجهة؛ فإن كان يعتقد أن اللّه في داخل المخلوقات تحويه المصنوعات، وتحصره السماوات، ويكون بعض المخلوقات فوقه، وبعضها تحته، فهذا مبتدع ضال .
وكذلك إن كان يعتقد أن اللّه يفتقر إلى شيء يحمله ـ إلى العرش، أو غيره ـ فهو أيضًا مبتدع ضال . وكذلك إن جعل صفات اللّه مثل صفات المخلوقين، فيقول : استواء اللّه كاستواء المخلوق، أو نزوله كنزول المخلوق، ونحو ذلك، فهذا مبتدع ضال؛ فإن الكتاب والسنة مع العقل دلت على أن اللّه لا تماثله المخلوقات في شيء من الأشياء، ودلت على أن اللّه غني عن كل شيء، ودلت على أن اللّه مباين للمخلوقات عالٍ عليها .
وإن كان يعتقد أن الخالق ـ تعالى ـ بائن عن المخلوقات، وأنه فوق سمواته على عرشه بائن من مخلوقاته، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وأن اللّه غني عن العرش وعن كل ما سواه، لا يفتقر إلى شيء من المخلوقات، بل هو مع استوائه على عرشه يحمل العرش وحملة العرش بقدرته، ولا يمثل استواء اللّه باستواء المخلوقين؛ بل يثبت للّه ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، وينفي عنه مماثلة المخلوقات، ويعلم أن اللّه ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا أفعاله ـ فهذا مصيب في اعتقاده موافق لسلف الأمة وأئمتها، فإن مذهبهم أنهم يصفون اللّه بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيعلمون أن اللّه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش، وأنه كلم موسى تكليمًا، وتَجَلَّى للجبل فجعله دكًا هشيمًا، ويعلمون أن اللّه ليس كمثله شيء في جميع ما وصف به نفسه، وينزهون اللّه عن صفات النقص والعيب، ويثبتون له صفات الكمال، ويعلمون أنه ليس له كفو أحد في شيء من صفات الكمال .
قال نعيم بن حماد الخزاعي : من شبه اللّه بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف اللّه به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف اللّه به نفسه ولا رسوله تشبيهًا، واللّه أعلم .
[مجموع الفتاوى ص 262 - 263]
أسد الإسلام الجزائري
2016-12-30, 12:53 AM
سئل شيخ الإسلام أبو العبّاس أحمد بن تيمية رحمه الله:
عَنْ رجلين اختلفا فِي الاعتقاد. فقال أحدهما: من لاَ يعتقد أنّ الله سُبْحَانَهُ وتعالى فِي السّمَاء فَهُوَ ضال. وقال الآخر: إنّ الله سُبْحَانَهُ لاَ ينحصر فِي مكان، وهما شافعيان فبينوا لَنَا مَا نتبع من عقيدة الشّافعي رضي الله عنه، وَمَا الصّواب فِي ذلك؟
الجواب: الحمد لله، اعتقاد الشافعي رضي الله عَنْهُ واعتقاد "سلف الإسلام" كمالك، والثوري،والأوزا عي، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وَهُوَ اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، وسهل بن عبد الله التستري، وغيرهم. فإنّه لَيْسَ بَيْنَ هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع فِي أصول الدين.
وكذلك أبو حنيفة رحمة الله عَلَيهِ، فإنّ الاعتقاد الثابت عَنْهُ فِي التوحيد والقدر ونحو ذَلِكَ موافق لاعتقاد هؤلاء، واعتقاد هؤلاء هُوَ مَا كَانَ عَلَيهِ الصّحابة والتّابعون لهم بإحسان، وَهُوَ مَا نطق بِهِ الكتاب والسنة.
قَالَ الشافعي فِي أوّل خطبة "الرّسالة": الحمد لله الَّذِي هُوَ كَمَا وصف بِهِ نفسه، وفوق مَا يصفه بِهِ خلقه. فبيّن رحمه الله- أنّ الله موصوف بِمَا وصف بِهِ نفسه فِي كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك قَالَ أحمد بن حنبل: لاَ يوصف الله إِلاَّ بِمَا وصف بِهِ نفسه، أَوْ وصفه بِهِ رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف وَلاَ تعطيل، ومن غير تكييف وَلاَ تمثيل، بل يثبتون لَهُ مَا اثبته لنفسه من الأسماء الحسنى، والصفات العليا، ويعلمون أَنَّهُ (( لَيْسَ كمثله شيء وَهُوَ السميع البصير ))لاَ فِي صفاته، وَلاَ فِي ذاته، وَلاَ فِي أفعاله.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي خلق السَّمَاوَات والأرض وَمَا بينهما فِي ستة أيّام ثُمَّ استوى عَلَى العرش؛ وَهُوَ الَّذِي كلّم موسى تكليماً؛ وتجلّى للجبل فجعله دكاً؛ وَلاَ يمثاله شيء من الأشياء فِي شيء من صفاته، فليس كعلمه علم أحد، وَلاَ كقدرته قدرة أحد، وَلاَ كرحمته رحمة أحد، وَلاَ كاستوائه استواء أحد، وَلاَ كسمعه وبصره سمع أحد وَلاَ بصره، وَلاَ كتكليمه تكليم أحد، وَلاَ كتجليه تجلي أحد.
والله سُبْحَانَهُ قَدْ أخبرنا أنّ فِي الجنة لحماً ولبناً، عسلاً وماءً، وحريراً وذهباً.
وَقَدْ قَالَ ابنُ عبّاسٍ رضي الله عنهما: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مما فِي الآخرة إِلاَّ الأسماء.
فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ المخلوقات الغائبة ليست مثل هَذِهِ المخلوقات المشاهدة - مَعَ اتفاقها فِي الأسماء- فالخالق أعظم علواً ومباينة لخلقه من مباينة المخلوق للمخلوق، وإن اتّفقت الأسماء.
وَقَدْ سمّى نفسه حياً عليماً، سميعاً بصيراً، وبعضها رؤوفاً رحيماً؛ وليس الحيّ كالحيّ، وَلاَ العليم كالعليم، وَلاَ السميع كالسميع، وَلاَ البصير كالبصير، وَلاَ الرؤوف كالرؤوف، وَلاَ الرحيم كالرّحيم.
وقال فِي سياق حديث الجارية المعروف: ( أين الله؟ ) قالت: فِي السّمَاء. لكن لَيْسَ معنى ذَلِكَ أنّ الله فِي جوف السّمَاء، وأنّ السَّمَاوَات تحصره وتحويه، فإن هَذَا لَمْ يقله أحد من السّلف الأمة وأئمتها؛ بل هم متفقون عَلَى أنّ الله فَوْقَ سماواته، عَلَى عرشه، بائن من خلقه؛ لَيْسَ فِي مخلوقاته شيء من ذاته، وَلاَ فِي ذاته شيء من مخلوقاته.
وَقَدْ قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء، وعلمه فِي كلّ مكان
فمن اعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء محصور محاط به، وأنّه مفتقر إِلَى العرش، أَوْ غير العرش – من المخلوقات- أَوْ أَنْ استواءه عَلَى عرشه كاستواء المخلوق عَلَى كرسيّه: فَهُوَ ضال مبتدع جاهل، ومن اعتقد أنّه لَيْسَ فَوْقَ السَّمَاوَات إله يعبد، وَلاَ عَلَى العرش ربّ يصلّى لَهُ ويسجد، وأنّ محمداً لَمْ يعرج بِهِ إِلَى ربّه؛ وَلاَ نزل القرآن من عنده: فَهُوَ معطّل فرعوني، ضال مبتدع –وقال- بَعْدَ كلام طويل- والقائل الَّذِي قَالَ: من لَمْ يعتقد أَنّ الله فِي السّمَاء فَهُوَ ضال: إن أراد بذلك من لاَ يعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء، بحيث تحصره وتحيط بِهِ: فَقَدْ أخطأ.
وإن أراد بذلك من لَمْ يعتقد مَا جاء بِهِ الكتاب والسنة، واتفق عَلَيهِ سلف الأمة وأئمتها، من أنّ الله فَوْقَ سماواته عَلَى عرشه، بائن من خلقه: فَقَدْ أصاب، فإنه من لَمْ يعتقد ذَلِكَ يكون مكذباً للرسول صلى الله عليه وسلم، متبعاً لغير سبيل المؤمنين؛ بل يكون فِي الحقيقة معطّلاً لربّه نافياً لَهُ؛ فَلاَ يكون لَهُ فِي الحقيقة إله يعبده، وَلاَ ربّ يسأله، ويقصده.
والله قَدْ فطر العباد – عربهم وعجمهم - عَلَى أنّهم إِذَا دعوا الله توجّهت قلوبهم إِلَى العلوّ، وَلاَ يقصدونه تحت أرجلهم.
ولهذا قَالَ بعض العارفين: مَا قَالَ عارف قط: يَا الله!! إِلاَّ وجد فِي قلبه – قبل أَنْ يتحرّك لسانه- معنى يطلب العلو، لاَ يلتفت يمنة وَلاَ يسرة.
ولأهل الحلول والتعطيل فِي هَذَا الباب شبهات، يعارضون بِهَا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وَمَا أجمع سلف الأمة وأئمتها؛ وَمَا فطر الله عَلَيهِ عباده، وَمَا دلّت عَلَيهِ الدلائل العقلية الصحيحة؛ فإن هَذِهِ الأدلّة كلّها متفقة عَلَى أنّ الله فَوْقَ مخلوقاته، عالٍ عَلَيْهَا، قَدْ فطر الله عَلَى ذَلِكَ العجائز والصبيان والأعراب فِي الكتاب؛ كَمَا فطرهم عَلَى الإقرار بالخالق تَعَالَى.
وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الحديث الصحيح: ( كلّ مولود يولد عَلَى الفطرة؛ فأبواه يهودانه، أَوْ ينصّرانه، أَوْ يمجسانه، كَمَا تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هَلْ تحسّون فِيهَا من جدعاء؟ ) ثُمَّ يقول أبو هريرة رضي الله عنه: اقرؤوا إن شئتم: (( فطرة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا، لاَ تبديل لخلق الله )).
وهذا معنى قول عمر بن عبد العزيز: عليك بدين الأعراب والصبيان فِي الكتاب، وعليك بِمَا فطرهم الله عليه، فإن الله فطر عباده عَلَى الحق، والرّسل بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لاَ بتحويل الفطرة وتغييرها.
وأمّا أعداء الرسل كالجهمية الفرعونية ونحوهم: فيريدون أَنْ يغيّروا فطرة الله، ويوردون عَلَى النَّاس شبهات بكلمات مشتبهات، لاَ يفهم كثير من النَّاس مقصودهم بها؛ وَلاَ يحسن أَنْ يجيبهم.
وأصل ضلالتهم تكلّمهم بكلمات مجملة؛ لاَ أصل لَهَا فِي كتابه؛ وَلاَ سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وَلاَ قالها أحد من أئمّة المسلمين، كلفظ التحيّز والجسم، والجهة ونحو ذَلِكَ.
فمن كَانَ عارفاً بحل شبهاتهم بينها، ومن لَمْ يكن عارفاً بذلك فليعرض عَنْ كلامهم، وَلاَ يقبل إِلاَّ مَا جاء بِهِ الكتاب والسنّة، كَمَا قَالَ: (( وَإِذَا رأيت الَّذِينَ يخوضون فِي آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا فِي حديثٍ غيره )). ومن يتكلّم فِي الله وأسمائه وصفاته بِمَا يخالف الكتاب والسنّة فَهُوَ من الخائضين فِي آيات الله بالباطل.
وكثير من هؤلاء ينسب إِلَى أئمّة المسلمين مَا لَمْ يقولوه: فينسبون إِلَى الشافعي، وأحمد بن حنبل، ومالك، وأبي حنيفة: من الاعتقادات مَا لَمْ يقولوا. ويقولون لمن تبعهم: هَذَا اعتقاد الإمام الفلاني؛ فَإِذَا طولبوا بالنّقل الصحيح عَنْ الأئمة تبيّن كذبهم.
· وقال الشافعي: حكمي فِي أهل الكلام: أَنْ يضربوا بالجريد والنّعال، ويطاف بهم فِي القبائل والعشائر، ويقال: هَذَا جزاءُ من ترك الكتاب والسنّة، وأقبل عَلَى الكلام.
· قَالَ أبو يوسف القاضي: من طلب الدين بالكلام تزندق.
· قَالَ أحمد: مَا ارتدى أحد بالكلام فأفلح.
· قَالَ بعض العلماء: المعطّل يعبد عدماً، والممثّل يعبد صنماً. المعطّل أعمى، والممثّل أعشى؛ ودين الله بَيْنَ الغالي فِيهِ وَالجافي عَنْهُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (( وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً )) والسنّة فِي الإسلام كالإسلام فِي الملل. انتهى والحمد لله ربّ العالمين.
[ مجموع الفتاوى (5/256-261) ]
محمدعبداللطيف
2016-12-30, 02:01 PM
يقول شيخ الإسلام في الاستقامة (1/127) :" ثم المثبت لما جاءت به السنة يرد عليه بمنع بعض هذه المقدمات والتفصيل فيها أو بعضها وبيان الحق في ذلك من الباطل مثل أن يقال المكان يراد به ما يحيط بالشئ والله لا يحيط به مخلوق أو يراد به ما يفتقر إليه الممكن والله لا يفتقر إلى شئ وقد يراد بالمكان ما يكون الشئ فوقه والله فوق عرشه فوق سماواته فلا يسلم نفى المكان عنه بهذا التفسير----------- ويقولشيخ الاسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية المجلد الخامس-فهو سبحانه بائن من خلقه وما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق وإذا كان الخالق بائنا عن المخلوق امتنع أن يكون الخالق في المخلوق وامتنع أن يكون متحيزا بهذا الاعتبار وإن أراد بالحيز أمرا عدميا فالأمر العدمي لا شيء وهو سبحانه بائن عن خلقه فإذا سمي العدم الذي فوق العالم حيزا وقال يمتنع أن يكون فوق العالم لئلا يكون متحيزا فهذا معنى باطل لأنه ليس هناك موجود غيره حتى يكون فيه وقد علم بالعقل والشرع أنه بائن عن خلقه كما بسط في غير هذا الموضع" اه.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.