تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز الدعاء على الكفار أم الأفضل الدعاء لهم بالمغفرة؟



أبو مروان
2009-12-22, 12:21 AM
خطأ في العنوان : أقصد الدعاء لهم بالهداية.
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد بعدما شج في رأسه وكسرت رباعيته : اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون.
وقال يوم فتح مكة لقريش: فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم"
وقال اللهم اهد دوسا
وثبت أنه قنت شهرا يدعوا على رعل وذكوان.
ما قول أهل العلم في المسألة وأسعد الله أوقاتكم بطاعته.

عبد الله نياوني
2009-12-22, 12:36 AM
قال الله تعالى:
(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين* إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)
......
فإذا كان الكافر من الصنف الأول في الآية فمن البر له أيضا الدعاء له بالهداية..
وأما إذا كان من الصنف الثاني فمن تمام البراء لله الدعاء عليه..

أبو مروان
2009-12-22, 12:53 AM
جزاك الله خيرا على التذكير بالآية ، إلا أن الإشكال أن الصنف الثاني في الآية كحال الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد- حاربوه وطردوه وآذوه- ومع ذلك دعا لهم.
وموقف النبي صلى الله عليه وسلم مع ثقيف يشبه هذا.
أرجو مزيد توضيح بارك الله فيكم.

عبد الله نياوني
2009-12-22, 02:52 AM
جزاك الله خيرا على التذكير بالآية ، إلا أن الإشكال أن الصنف الثاني في الآية كحال الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد- حاربوه وطردوه وآذوه- ومع ذلك دعا لهم.
وموقف النبي صلى الله عليه وسلم مع ثقيف يشبه هذا.
أرجو مزيد توضيح بارك الله فيكم.
يا أبا مروان هل أنت متأكد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال يوم أحد (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)؟
هذا الدعاء إنما ورد أن النبي ذكره حكاية عن نبي من الأنبياء أنه دعى به لما ضربه قومه وأدموه..
وقيل إنه نوح عليه السلام..
لكنه صلى الله عليه وسلم يوم أحد، لما كسروا رباعيته، قال: (كيف يفلح قوم دموا وجه نبيهم) فأنزل الله تعالى: (ليس لك من الأمرشيء) ولعله قال مثله في الطائف (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون)
دعا لهم لأنه رجى أن يخرج منهم أحياء..(يخرج الحي من الميت)
وأما أهل مكة يوم فتحها جاءوا إليه مستسلمين وبالتالي قوله (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم) هذا قيل في إسناده ضعف قاله الحافظ العراقي على ما أذكر وغيره..
فالدعاء بالدعاء للكافر هو الأفضل إن روعيت فيه الطيبوبة وغلب على الظن إصلاحه ..
كتبته على عجلة مني
والله أعلا وأعلم

أبو مروان
2009-12-22, 03:08 AM
وفقك الله لطاعته و يسر أمرك .
سأثتبت من النصوص ولي عودة بإذن الله مع الموضوع ، فأرجو المتابعة والتقويم أخي عبد الله.
وتبسمك في وجه أخيك صدقة :)

أبو عبد الله عادل المغربي
2009-12-22, 10:25 AM
يا أبا مروان هل أنت متأكد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال يوم أحد (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)؟
والله أعلا وأعلم

قال الشيخ ابن عثيمين في فتاويه(٦/١٨):
وانظر إلى حال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ضربه قومه، فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:"اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون" فعلى الداعية أن يكون صابرا محتسبا..
جاء في تفسير القرطبي:
ثبت في صحيح مسلم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه، فجعل يسلب الدم عنه ويقول: (كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله تعالى) فأنزل الله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ). الضحاك: هم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يدعو على المشركين فأنزل الله تعالى:" لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ". وقيل: استأذن في أن يدعو في استئصالهم، فلما نزلت هذه الآية علم أن منهم من سيسلم وقد آمن كثير منهم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم. وروى الترمذي عن ابن عامر قال: وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو على أربعة نفر فأنزل الله عز وجل:" لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ" فهداهم الله للإسلام. وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. وقوله تعالى:" أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ" قيل: هو معطوف على" لِيَقْطَعَ طَرَفاً". والمعنى: ليقتل طائفة منهم، أو يحزنهم بالهزيمة أو يتوب عليهم أو يعذبهم. وقد تكون" أو" هاهنا بمعنى" حتى" و" إلا أن". قال امرؤ القيس:
... أو نموت فنعذرا
قال علماؤنا: قوله عليه السلام: (كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم) استبعاد لتوفيق من فعل ذلك به. وقوله تعالى:" لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ" تقريب لما استبعده وإطماع في إسلامهم، ولما أطمع في ذلك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: كأني أنظر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (رب أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ). قال علماؤنا: فالحاكي في حديث ابن مسعود هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو المحكي عنه، بدليل ما قد جاء صريحا مبينا أنه عليه الصلاة والسلام لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه شقا شديدا وقالوا: لو دعوت عليهم! فقال: (إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة، اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (. فكأنه عليه السلام أوحى إليه بذلك قبل وقوع قضية أحد، ولم يعلنه له ذلك النبي، فلما وقع له ذلك تعين أنه المعنى بذلك بدليل ما ذكرنا. ويبينه أيضا ما قاله عمر له في بعض كلامه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد دعا نوح على قومه فقال:" رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً" الآية. ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا، فقد وطئ ظهرك وأدمي وجهك وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إلا خيرا، فقلت: (رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). وقوله: (أشتد غضب الله على قوم كسروا رباعية نبيهم) يعني بذلك المباشر لذلك، وقد ذكرنا اسمه على اختلاف في ذلك، وإنما قلنا إنه خصوصي في المباشر، لأنه قد أسلم جماعة ممن شهد أحدا وحسن إسلامهم.
[القرطبي (٤/١٩٩) الشاملة]

و قال صاحب المنار:
كما كان يدعو للمشركين كلما اشتد إيذاؤهم له ويقول : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " رواه ابن حبان في صحيحه من حديث سهل بن سعد ، وروى مثله الشيخان من حديث ابن مسعود قال : كأني أنظر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول ء وذكره . وفي مسلم " رب اغفر " إلخ . قال بعض العلماء : إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعني نفسه حين شجوا رأسه في أحد ، فهو الحاكي والمحكي عنه . والاستغفار للمشركين في جملتهم لا يدخل في معنى قوله تعالى الآتي في هذه السورة : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم (أأع) ; لأن النهي هنا عن الاستغفار لمن تبين للنبي أنه من أصحاب الجحيم ، ولاسيما بعد الموت على الشرك لا للأحياء غير المعينين ، وهؤلاء المنافقون المعنيون هنا من هذا القبيل ; لأنهم هم المعينون الذين أخبره الله بكفرهم فيما تقدم وفيما سيأتي ، ولذلك بين سبب عدم مغفرته لهم بقوله : ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله أي : ذلك الامتناع من المغفرة بسبب كفرهم بالله ورسوله ، فهم لا يوقنون بما وصف به نفسه من العلم بسرهم ونجواهم وبسائر الغيوب ، ولا بوحيه لرسوله ، وما أوجبه من اتباعه ، ولا ببعش للموتى وحسابهم وجزائهم ، وليس سببه عدم الاعتداد باستغفارك أيها الرسول لهم ; فإن شرط قبوله مع قابلية المغفرة وضعه في موضعه وهو ما سبق في سورة النساء ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا
رحيما (4 : ط4) يعني أن المغفرة إنما وعد بها التائبون المستغفرون من ذنوبهم إذا استغفرت لهم . وهؤلاء كفار في باطنهم ، مصرون على كفرهم ، فاسقون عن أمر ربهم والله لا يهدي القوم الفاسقين أي : جرت سنته في الراسخين في فسوقهم وتمردهم المصرين على نفاقهم ، الذين أحاطت بهم خطاياهم ، أن يفقدوا الاستعداد للتوبة والإيمان فلا يهتدون إليهما سبيلا ، وتقدم وصفهم بهذا الفسوق في الآية (طح) ومثل هذه الجملة بنصها في الآية (ء4) من هذه السورة .
وقد ذكر الرازي وتبعه الآلوسي في سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه لما نزل قوله تعالى : سخر الله منهم سأله عليه الصلاة والسلام اللامزون الاستغفار لهم فهم أن يفعل ، فنزلت فلم يفعل . وقيل : نزلت بعد أن فعل ، واختار الرازي عدمه ; لأنه لا يجوز الاستغفار للكافر . وفي التعليل بحث ، وهو أن من ظاهره الإسلام كالمنافقين لا يحكم بكفره إلا بوحي من الله تعالى ، أو صدور ما يدل على الكفر دلالة قطعية ، ولمز المطوعين ليس منه على أن طلبهم الاستغفار إظهار للتوبة . وهذه الرواية لم نرها في كتب التفسير المأثور فلا ندري من أين جاء بها الرازي وهو لم يعزها إلى أحد من المحدثين ، ولا من رواة التفسير كعادته ، وهي معارضة بما ورد في سبب نزولها من أن الاستغفار لعبد الله بن أبي رئيس المنافقين وزعيمهم .
[تفسير المنار (١٠/٤٨٩) الشاملة]

أم تميم
2009-12-22, 11:32 AM
متى يُدعَى للكفار بالهداية ومتى يُدعَى عليهم بالهلاك والعذاب ؟

الحمدلله ..

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لأفراد وجماعات من المشركين بالهداية ، ودعا على آخرين بالهلاك والعذاب .

وهذه بعض الأحاديث الواردة في ذلك :

أولاً :

الأحاديث في الدعاء لقوم من الكفار بالهداية :

1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، فَدَعَوْتُهَا يَوْماً ... فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّى كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ فَتَأْبَى عَلَىَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِى فِيكَ مَا أَكْرَهُ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ) ... فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . رواه مسلم (2491) .

فها هي تنال من النبي صلى الله عليه وسلم ، وتُسمع ابنها في نبيه ما يكره ، ولا يمنع ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم من الدعاء لها بالهداية ، فيستجيب الله تعالى دعاءه .

2- عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ دَوْساً قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : (اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَأْتِ بِهِمْ) رواه البخاري (2937) ومسلم (2524) .

وقد استجاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ، وجاء بهم أجمعين مهتدين .

وانظر جواب السؤال رقم (43164) .

ثانيا :

الأحاديث في الدعاء على قوم من الكفار بالعذاب والهلاك :

1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ . رواه البخاري (4284) .

هذا لفظ البخاري ، وفي الصحيحين ذِكر أسماء بعض المسلمين ، وذِكر اسم قبيلة من الكفار .

ولفظه عندهما : (اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِ ينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة ، وإذا سمَّى مَن يدعو لهم مِن المؤمنين ، ومَن يدعو عليهم مِن الكافرين المحاربين : كان ذلك حسناً" انتهى .

"مجموع الفتاوى" (22/271) .

2- وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا ، شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ) . رواه البخاري (2773) ومسلم (627) .

قال ابن دقيق العيد رحمه الله :

"وفي الحديث : دليل على جواز الدعاء على الكفار بمثل هذا" انتهى .

"إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (ص 101) .

3- وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ ، سَرِيعَ الْحِسَابِ ، اللَّهُمَّ اهْزِمْ الْأَحْزَابَ ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ) . رواه البخاري (2775) ومسلم (1742) .

(الأحزاب) : قريش ، وغطفان ، ومن ناصرهما .

4- وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ) . رواه البخاري (237) ومسلم (1794) .

5- وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . رواه البخاري (237) ومسلم (1794) .

6- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ ، كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ ) . رواه البخاري (6011) .

قال العيني رحمه الله :

"وإنما خصَّ " الجحفة " لأنها كانت يومئذ دار شرك ، وقال الخطابي : وكان أهل الجحفة إذ ذاك يهوداً ، وكان كثيراً ما يدعو على مَن لم يجبهم إلى دار الإسلام إذا خاف منه معونة أهل الكفر ، ويسأل الله أن يبتليهم بما يشغلهم عنه ، وقد دعا على قومه أهل مكة حين يئس منهم فقال : (اللهم أعنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف) ودعا على أهل الجحفة بالحمى ليشغلهم بها ، فلم تزل الجحفة من يومئذ أكثر بلاد الله حمَّى ، وإنه ليتقى شرب الماء من عينها الذي يقال له " عين حم " فقلَّ مَن شرب منه إلا حُمَّ ، ولما دعا عليه الصلاة والسلام بذلك الدعاء لم يبق أحد من أهل الجحفة إلا أخذته الحمَّى" انتهى .

"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (10/251) .

وقال الزرقاني رحمه الله :

"ففيه جواز الدعاء على الكفار بالأمراض والهلاك ، وللمسلمين بالصحة" انتهى .

"شرح الزرقاني على موطأ مالك" (4/287) .

وقال ابن بطال رحمه الله :

"كان الرسول يحب دخول الناس فى الإسلام ، فكان لا يَعجل بالدعاء عليهم ما دام يطمع في إجابتهم إلى الإسلام ، بل كان يدعو لمَن كان يرجو منه الإنابة .

ومَن لا يرجوه ، ويَخشى ضره ، وشوكته : يدعو عليه ، كما دعا عليهم بسنين كسني يوسف ، ودعا على صناديد قريش ، لكثرة أذاهم وعداوتهم ، فأجيبت دعوته فيهم ، فقتلوا ببدر ، كما أسلم كثير ممن دعا له بالهدى" انتهى .

"شرح صحيح البخارى" (5/114) .

وقال العيني رحمه الله :

"وقد ذكرنا أن دعاء النبي على حالتين : إحداهما : أنه يدعو لهم إذا أمِن غائلتهم ، ورجا هدايتهم ، والأخرى : أنه يدعو عليهم إذا اشتدت شوكتهم ، وكثر أذاهم ، ولم يأمن مِن شرهم على المسلمين " انتهى .

"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (21/443) .

وعلى هذا ، فلكل مقام مقال ، ففي الحال التي يشتد فيها عداء الكفار للمسلمين وأذيتهم لهم ، فالمشروع في هذه الحال الدعاء عليهم .

وفي الحال التي يقبل فيها عداؤهم ، أو يُرجى إيمانهم أو تأليفهم فالمشروع هو الدعاء لهم بالهداية .

فما يقوم به إخوان القردة الآن من مجازر وحشية ضد إخواننا في غزة ، يستحقون الدعاء عليهم بالتضييق والشدة والهلاك ، اللهم إلا من عرف منهم بكراهيته لذلك الظلم وعدم رضاه به ، فمثل هذا ، لا بأس من الدعاء له بالهداية .

نسأل الله تعالى أن ينصر الإسلام والمسلمين ، ويحفظ إخواننا في غزة ، ويهلك اليهود وأعوانهم .



والله أعلم



الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/131457/

أبو مروان
2009-12-22, 06:28 PM
بارك الله فيكم- أبو عبد الله السلفي ، أم تميم خاصة- ورواد هذه المجالس عامة ، فكم يفرح المؤمن عندما يرى ثلة من الأخيار يحافظون على إرث نبيهم ويتدارسونه بينهم ، فوالله إن هذه الأمة لازال فيها خير كثير كثير- لأن واحدا منكم بألف من البطالين الكسالى - ويرجى منها نفع عميم ، فهي لا تحتاج إلا لمن يجمع قلوبها ويوحد كلمتها، فالله الله في التحلي بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبليغ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل محروم لم يتذوق طعمها.
الرفق الرفق بالمسلمين ، حببوا إليهم السنة ولو بابتسامة صادقة ترغبون بها نيل الأجر والثواب.
وحفظكم الله وثبتني و إياكم . :)

عبد الله نياوني
2009-12-23, 04:14 AM
قال الشيخ ابن عثيمين في فتاويه(٦/١٨):
وانظر إلى حال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ضربه قومه، فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:"اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون" فعلى الداعية أن يكون صابرا محتسبا..
جاء في تفسير القرطبي:
ثبت في صحيح مسلم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه، فجعل يسلب الدم عنه ويقول: (كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله تعالى) فأنزل الله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ). الضحاك: هم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يدعو على المشركين فأنزل الله تعالى:" لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ". وقيل: استأذن في أن يدعو في استئصالهم، فلما نزلت هذه الآية علم أن منهم من سيسلم وقد آمن كثير منهم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم. وروى الترمذي عن ابن عامر قال: وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو على أربعة نفر فأنزل الله عز وجل:" لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ" فهداهم الله للإسلام. وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. وقوله تعالى:" أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ" قيل: هو معطوف على" لِيَقْطَعَ طَرَفاً". والمعنى: ليقتل طائفة منهم، أو يحزنهم بالهزيمة أو يتوب عليهم أو يعذبهم. وقد تكون" أو" هاهنا بمعنى" حتى" و" إلا أن". قال امرؤ القيس:
... أو نموت فنعذرا
قال علماؤنا: قوله عليه السلام: (كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم) استبعاد لتوفيق من فعل ذلك به. وقوله تعالى:" لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ" تقريب لما استبعده وإطماع في إسلامهم، ولما أطمع في ذلك قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: كأني أنظر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (رب أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ). قال علماؤنا: فالحاكي في حديث ابن مسعود هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو المحكي عنه، بدليل ما قد جاء صريحا مبينا أنه عليه الصلاة والسلام لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه شقا شديدا وقالوا: لو دعوت عليهم! فقال: (إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة، اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (. فكأنه عليه السلام أوحى إليه بذلك قبل وقوع قضية أحد، ولم يعلنه له ذلك النبي، فلما وقع له ذلك تعين أنه المعنى بذلك بدليل ما ذكرنا. ويبينه أيضا ما قاله عمر له في بعض كلامه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد دعا نوح على قومه فقال:" رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً" الآية. ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا، فقد وطئ ظهرك وأدمي وجهك وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إلا خيرا، فقلت: (رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). وقوله: (أشتد غضب الله على قوم كسروا رباعية نبيهم) يعني بذلك المباشر لذلك، وقد ذكرنا اسمه على اختلاف في ذلك، وإنما قلنا إنه خصوصي في المباشر، لأنه قد أسلم جماعة ممن شهد أحدا وحسن إسلامهم.
[القرطبي (٤/١٩٩) الشاملة]

و قال صاحب المنار:
كما كان يدعو للمشركين كلما اشتد إيذاؤهم له ويقول : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " رواه ابن حبان في صحيحه من حديث سهل بن سعد ، وروى مثله الشيخان من حديث ابن مسعود قال : كأني أنظر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول ء وذكره . وفي مسلم " رب اغفر " إلخ . قال بعض العلماء : إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعني نفسه حين شجوا رأسه في أحد ، فهو الحاكي والمحكي عنه . والاستغفار للمشركين في جملتهم لا يدخل في معنى قوله تعالى الآتي في هذه السورة : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم (أأع) ; لأن النهي هنا عن الاستغفار لمن تبين للنبي أنه من أصحاب الجحيم ، ولاسيما بعد الموت على الشرك لا للأحياء غير المعينين ، وهؤلاء المنافقون المعنيون هنا من هذا القبيل ; لأنهم هم المعينون الذين أخبره الله بكفرهم فيما تقدم وفيما سيأتي ، ولذلك بين سبب عدم مغفرته لهم بقوله : ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله أي : ذلك الامتناع من المغفرة بسبب كفرهم بالله ورسوله ، فهم لا يوقنون بما وصف به نفسه من العلم بسرهم ونجواهم وبسائر الغيوب ، ولا بوحيه لرسوله ، وما أوجبه من اتباعه ، ولا ببعش للموتى وحسابهم وجزائهم ، وليس سببه عدم الاعتداد باستغفارك أيها الرسول لهم ; فإن شرط قبوله مع قابلية المغفرة وضعه في موضعه وهو ما سبق في سورة النساء ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا
رحيما (4 : ط4) يعني أن المغفرة إنما وعد بها التائبون المستغفرون من ذنوبهم إذا استغفرت لهم . وهؤلاء كفار في باطنهم ، مصرون على كفرهم ، فاسقون عن أمر ربهم والله لا يهدي القوم الفاسقين أي : جرت سنته في الراسخين في فسوقهم وتمردهم المصرين على نفاقهم ، الذين أحاطت بهم خطاياهم ، أن يفقدوا الاستعداد للتوبة والإيمان فلا يهتدون إليهما سبيلا ، وتقدم وصفهم بهذا الفسوق في الآية (طح) ومثل هذه الجملة بنصها في الآية (ء4) من هذه السورة .
وقد ذكر الرازي وتبعه الآلوسي في سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه لما نزل قوله تعالى : سخر الله منهم سأله عليه الصلاة والسلام اللامزون الاستغفار لهم فهم أن يفعل ، فنزلت فلم يفعل . وقيل : نزلت بعد أن فعل ، واختار الرازي عدمه ; لأنه لا يجوز الاستغفار للكافر . وفي التعليل بحث ، وهو أن من ظاهره الإسلام كالمنافقين لا يحكم بكفره إلا بوحي من الله تعالى ، أو صدور ما يدل على الكفر دلالة قطعية ، ولمز المطوعين ليس منه على أن طلبهم الاستغفار إظهار للتوبة . وهذه الرواية لم نرها في كتب التفسير المأثور فلا ندري من أين جاء بها الرازي وهو لم يعزها إلى أحد من المحدثين ، ولا من رواة التفسير كعادته ، وهي معارضة بما ورد في سبب نزولها من أن الاستغفار لعبد الله بن أبي رئيس المنافقين وزعيمهم .
[تفسير المنار (١٠/٤٨٩) الشاملة]

أخي الفاضل بارك الله فيك
ما نقلته عن العثيمين رحمه الله ليس فيه ما نحن ندندن حوله...
قال رحمه الله تعالى في شرحه لرياض الصالحين:
ومن الأحاديث التي نقلها النووي رحمه الله في رياض الصالحين، في باب العفو والإعراض عن الجاهلين هذا الحديث، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء؛ ضربه قومه حتى أدموا وجه، فجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول: (( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)).
وهذا من حلم الأنبياء وصبرهم على أذى قومهم، وكم نال الأنبياء من أذى قومهم؟! قال الله تعالى (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) (الأنعام:34) فهذا النبي صلى الله عليه وسلم ضربه قومه حتى أدموا وجهه يقول:" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" وكأن هؤلاء القوم كانوا مسلمين، لكن حصل منهم مغاضبة مع نبيهم ففعلوا هذا معه، فدعا لهم بالمغفرة، إذ لو كانوا غير مسلمين لكان يدعوا لهم بالهداية، فيقول اللهم اهد قومي، لكن هذا الظاهر أنهم كانوا مسلمين.اهـ
هذا منطوق كلام الشيخ رحمه الله فهل يصح أن نقول إن الشيخ يقول بإسلام مشركي مكة الذين خرجوا لاستئصاله يوم أحد؟؟
أخي لا خلاف في أن الحديث في الصحيحن ولكن بيت القصيد في هل قوله(اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) دعاء منه عليه الصلاة لمشركي مكة أم لا؟؟
هذا الذي لا يثبت فيه نص-فيما أعلم- وأما قول القرطبي الذي نقلته، فقد رد عليه الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى في الفتح وهنا أنقل لك نصه:



2725- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِى نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِى فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الشرح: حديث عبد الله وهو ابن مسعود، وشقيق هو أبو وائل. قوله: (كأنى أنظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم يحكى نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه) لم أقف على اسم هذا النبى صريحا، ويحتمل أن يكون هو نوح عليه السلام، فقد ذكر ابن إسحاق فى"المبتدأ"وأخرجه ابن أبى حاتم فى تفسير الشعراء من طريق إسحاق قال"حدثنى من لا أتهم عن عبيد بن عمير الليثى أنه بلغه أن قوم نوح كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون". قلت: وإن صح ذلك فكأن ذلك كان فى ابتداء الأمر، ثم لما يئس منهم قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) وقد ذكر مسلم بعد تخريج هذا الحديث حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال فى قصة أحد"كيف يفلح قوم دموا وجه نبيهم"فأنزل الله (ليس لك من الأمر شيء) ومن ثم قال القرطبى: إن النبى صلى الله عليه وسلم هو الحاكى والمحكى ما سيأتى. وأما النووى فقال: هذا النبى الذى جرى له ما حكاه النبى صلى الله عليه وسلم من المتقدمين، وقد جرى لنبينا نحو ذلك يوم أحد. قوله: (وهو يمسح الدم عن وجهه) يحتمل أن ذلك لما وقع للنبى صلى الله عليه وسلم ذكر لأصحابه أنه وقع لشيء آخر قبله، وذلك فيما وقع له يوم أحد لما شج وجهه وجرى الدم منه. فاستحضر فى تلك الحالة قصة ذلك النبى الذى كان قبله فذكر قصته لأصحابه تطييبا لقلوبهم. وأغرب القرطبى فقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم هو الحاكى وهو المحكى عنه، قال وكأنه أوحى إليه بذلك قبل وقوع القصة، ولم يسم ذلك النبى، فلما وقع له ذلك تعين أنه هو المعنى بذلك. قلت: ويعكر عليه أن الترجمة لبنى إسرائيل فيتعين الحمل على بعض أنبيائهم، وفى" صحيح ابن حبان"من حديث سهل بن سعد" أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون"قال ابن حبان: معنى هذا الدعاء الذى قال يوم أحد لما شج وجهه أى اغفر لهم ذنبهم فى شج وجهى، لا أنه أراد الدعاء لهم بالمغفرة مطلقا، إذ لو كان كذلك لأجيب ولو أجيب لأسلموا كلهم، كذا قال، وكأنه بناه على أنه لا يجوز أن يتخلف بعض دعائه على بعض أو عن بعض، وفيه نظر لثبوت"أعطانى اثنتين ومنعنى واحدة"وسيأتى فى تفسير سورة الأنعام، ثم وجدت فى"مسند أحمد " من طريق عاصم عن أبى وائل ما يمنع تأويل القرطبى، ويعين الغزوة التى قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ولفظه"قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالجعرانة قال فازدحموا عليه فقال: إن عبدا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فكذبوه وشجوه، فجعل يمسح الدم عن جبينه ويقول: رب اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون، قال عبد الله فكأنى أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح جبهته يحكى الرجل،. قلت: ولا يلزم من هذا الذى قاله عبد الله أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم مسح أيضا، بل الظاهر أنه حكى صفة مسح جبهته خاصة كما مسحها ذلك النبى، وظهر بذلك فساد ما زعمه القرطبى.