المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ اغْترَارُ الجَهَلـةِ بِآيِ الكِتَـابِ والسنَّـةِ ]



معاذ احسان العتيبي
2009-12-02, 06:43 PM
الحمد لله رب العالمين , وأصلّي وأسلّم على سيّد المرسلين , وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين : أما بعد :

فلا يخفى على متيقّظ متبصّر بالعلم الشرعي وأصوله وفروعه اغترار وسفاهة وسقامة علم بعض الجهلة الذين لم يرزقوا الفهم الصحيح والقول السديد بل بتسويل الشيطان لعقولهم ولعبهم بها بأن يتمتعوا بتفسير الكتاب العزيز والسنة العزيزة على ما توافق به أهواءهم وجهالتهم .

وبينما أقرأ كتاب { الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي } أو { الداء والدواء } لابن القيم الجوزية -رحمه الله- . تكلّم الإمام عن اغترار واتّكال بعض السفهاء بالدين إما بآيةٍ قرآنيةٍ أو حديثٍ نبويٍ شريف أو سنة من السنن أو خاطرةٍ من الخواطر .

ولذا.. أحببت أن أضع كلام الشيخ ابن القيم في اغترارهم بآيات وأحاديث فقط حتى يكون هذا يقظة لنا بأن نفهم القرآن وننتبه لمعانيه ونحجم أقاويل من لا مقالة له . ومن أحبّ الرجوع لكلامه بذكر اتكالهم على أفهامٍ سقيمة واستنبطاتٍ عجيبة فليرجع! .

قال ابن القيم الدمشقيّ الزرعيّ - رحمه الله - : وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْتَرُّ بِفَهْمٍ فَاسِدٍ فَهِمَهُ هُوَ وَأَضْرَابُهُ مِنْ نُصُوصِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ، فَاتَّكَلُوا عَلَيْهِ كَاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى :

(1) قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [ سُورَةُ الضُّحَى : 55 ] .
قَالَ : وَهُوَ لَا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ ، وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْجَهْلِ ، وَأَبْيَنِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ يَرْضَى بِمَا يَرْضَى بِهِ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُرْضِيهِ تَعْذِيبُ الظَّلَمَةِ وَالْفَسَقَةِ وَالْخَوَنَةِ وَالْمُصِرِّينَ عَلَى الْكَبَائِرِ ، فَحَاشَا رَسُولَهُ أَنْ يَرْضَى بِمَا لَا يَرْضَى بِهِ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .

(2) وَكَاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [ سُورَةُ الزُّمَرِ : 53 ]
وَهَذَا أَيْضًا مِنْ أَقْبَحِ الْجَهْلِ ، فَإِنَّ الشِّرْكَ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، فَإِنَّهُ رَأْسُ الذُّنُوبِ وَأَسَاسُهَا ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي حَقِّ التَّائِبِينَ ، فَإِنَّهُ يَغْفِرُ ذَنْبَ كُلِّ تَائِبٍ مِنْ أَيِّ ذَنْبٍ كَانَ ، (( وَلَوْ كَانَتِ الْآيَةُ فِي حَقِّ غَيْرِ التَّائِبِينَ لَبَطَلَتْ نُصُوصُ الْوَعِيدِ كُلُّهَا )) .

وَأَحَادِيثُ إِخْرَاجِ قَوْمٍ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ . وَهَذَا إِنَّمَا أَتَى صَاحِبَهُ مِنْ قِلَّةِ عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ هَاهُنَا عَمَّمَ وَأَطْلَقَ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّائِبِينَ ، وَفِي سُورَةِ النِّسَاءِ خَصَّصَ وَقَيَّدَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 48 ] ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَهُ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي حَقِّ التَّائِبِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الشِّرْكِ وَغَيْرِهِ .

(3) وَكَاغْتِرَارِ بَعْضِ الْجُهَّالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [ سُورَةُ الِانْفِطَارِ : 66 ] فَيَقُولُ : كَرَّمَهُ ، وَقَدْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ لَقَّنَ الْمُغْتَرَّ حُجَّتَهُ ، وَهَذَا جَهْلٌ قَبِيحٌ ، وَإِنَّمَا غَرَّهُ بِرَبِّهِ الْغَرُورُ ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ ، وَنَفْسُهُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ وَجَهْلُهُ وَهَوَاهُ ، وَأَتَى سُبْحَانَهُ بِلَفْظِ الْكَرِيمِ وَهُوَ السَّيِّدُ الْعَظِيمُ الْمُطَاعُ ، الَّذِي لَا يَنْبَغِي الِاغْتِرَارُ بِهِ ، وَلَا إِهْمَالُ حَقِّهِ ، فَوَضَعَ هَذَا الْمُغْتَرُّ الْغَرُورَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، وَاغْتَرَّ بِمَنْ لَا يَنْبَغِي الِاغْتِرَارُ بِهِ .

(4) وَكَاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي النَّارِ : لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى [ سُورَةُ اللَّيْلِ : 15 - 16 ] ، وَقَوْلِهِ : أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 24 ] .
وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ أَنَّ قَوْلَهُ : فَأَنْذَرْتُكُم ْ نَارًا تَلَظَّى هِيَ - نَارٌ مَخْصُوصَةٌ مِنْ جُمْلَةِ دَرَكَاتِ جَهَنَّمَ - ، وَلَوْ كَانَتْ جَمِيعَ جَهَنَّمَ فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ لَا يَدْخُلُهَا بَلْ قَالَ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صَلْيِهَا ، عَدَمُ دُخُولِهَا ، فَإِنَّ الصَّلْيَ أَخَصُّ مِنَ الدُّخُولِ ، وَنَفْيُ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ .
ثُمَّ هَذَا الْمُغْتَرُّ لَوْ تَأَمَّلَ الْآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا ؛ لَعَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهَا ، فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا لَهُ أَنْ يُجَنَّبَهَا . انتهى كلامه رحمه الله .

قلتُ : وهذا -كما سبق - يبصّرنا أن ننتبه لكلام أصحاب الأهواء أو أصحاب العقائد الفاسدة كالآشاعرة والجهمية والمعتزلة والصوفية ومن شابههم على أقاويلهم الدعيّة .

وأرى من المفيد جدّاً أن نخصّص مقالا يشارك فيه الأحبة من طلبة العلم هنا في جمع التفاسير ( القرآنيّة والحديثية ) المبتورة الموافقة لعقولهم ومعتقداتهم وعاداتهم . فمثلاً :

يستدلّ الصوفية بقول ( الله الله الله ) لقول الله تعالى { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ } والآيات التي فيها { قل الله } وهي كثيرة جدا . والله تعالى أعلم .

معاذ احسان العتيبي
2009-12-05, 02:20 PM
قوله تعالى { إلى ربها ناظرة } فقد أوّلها الأشاعرة لنفي الرؤية بقول أن "إلى" من آلاء . أي : إلى نعم ربهم ناظرة .

وهذا تفسير سقيم . فالذي يجب علينا حمل اللفظ على ظاهره وعدم تأتويلها إلا إذا اقتضى ذلك . فنقول " إلى " حرف جرّ , ونثبت رؤية البشر لله تعالى .

أنس عسيري
2009-12-07, 12:14 AM
لابن القيم الجوزية -رحمه الله-
الأخ معاذ، حفظك الله بالإسلام وأسدل عليك سوابغ النِعم والإحسان..
نقلٌ مبارك عن ابن القيّم رحمه الله، ودونك فائدة لُغوية:
لا يصح أن نقول : ( ابن القيم الجوزية ) ، إما أن تقول (ابن القيم) فقط أو (ابن قيم الجوزية ) !
لأن القيّم مضاف للجوزية و المضاف لا يصح أن يعرف بـ(ال)
فمثلاً: إما أن نقول ( ابن المدير ) أو ( ابن مدير المدرسة )
و لا يصح أن يقال ( ابن المدير المدرسة ) .. :)

معاذ احسان العتيبي
2009-12-07, 03:50 PM
جزاك الله خيرا أخي الفاضل على حسنك الظن وحسنك المقال : صلاح سالم .

بارك الله فيك وأثابك على التصحيح اللغوي أخي الطيب : أنس عسيري .



قال الشيخ صالح آل الشيخ : أما قول الأشاعرة في المسألة وهو أنهم قالوا يُرَى إدراكاً لا إلى جهة فإنه عجيب. فإنَّ قول المعتزلة في نفي الرؤية أقرب إلى العقل من قول الأشاعرة - يعني إلى عقل وفهم السامع - خلافاً لقول الشارح إنَّ قول الأشاعرة أقرب إلى العقل من قول من نفى. بل الحقيقة العكس: من نَفَى الرؤية لأنه لا يثبت العلو قال ما دام أننا لا نثبت العلو فالرؤية لا يمكن أن تكون إلا إلى جهة. الإنسان كيف يرى؟ لابد إلى جهة يراه، أما يرى شيئاً ليس أمامه ولا خلفه ولا عن يمينه ولا عن شماله وليس بأعلى منه ولا أسفل منه فكيف يراه؟ وأين يراه؟ لا شك أنَّ هذا العقل يرده. ولهذا نقول قول الأشاعرة إنه يُرَى لا إلى جهة؛ يعني لا يُرَى في جهة العلو ويُرَى إدراكاً، فإنَّ هذا ولو كان إثباتاً للرؤية فهو غير مقبول عقلاً ولا مقبول سمعاً. والواجب إثبات النصوص التي جاء فيها ذلك وإثبات ما دلت عليه من أنَّ الرؤية تكون على ما أخبر الله - عز وجل -، وأنَّ الله سبحانه يطَّلع إلى أهل الجنة وأنه يكشف الحجاب فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى الرب - عز وجل -، وأنه سبحانه مستوٍ على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته، وأنَّ عرش الرحمن فوق الجنة؛ يعني سقف الجنة، وهكذا في أدلة كثيرة. فمن نفى علو الرحمن - عز وجل - وقال هو -سبحانه- في كل مكان، فكيف يُقْبَلُ إثباته للرؤية؟ لاشك أنَّ قول الأشاعرة عجيب وليس لهم حجة من جهة سمعية ولا من جهة عقلية، إلا شيئاً واحداً وهو أنهم أبطلوا: نفي علو الله - عز وجل -؛ وأنّه سبحانه في كل مكان وفرَّعُوا عليه أنَّ الرؤية لمَّا جاءت بها الأدلة قالوا يُرَى لا إلى جهة وهذا باطل. انتهى . شرح الطحاوية .

قول -الأشاعرة- : إن الجهة مستحيلة في حق الله ثم قالوا بإثبات الرؤية ، ولهذا قيل فيهم : " من أنكر الجهة وأثبت الرؤية فقد أضحك الناس على عقله " . ). وقال : إن موضوع الصحابة هو الموضوع الوحيد الذي يتفقون فيه مع أهل السنة والجماعة . منهج الأشاعرة (1/ 32, 33 ) .

وإذا أحب الأخوة الاستزادة من قول الأشاعرة :

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=167261
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=156491
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=93417

معاذ احسان العتيبي
2009-12-07, 05:20 PM
كذلك تطبيقاً : قال تعالى { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) } طه . وسبع آيات من القرآن في الرعد والنحل وغيرهما .

تفسير الأشاعرة " الاستواء " بـ الاستيلاء . وهذا مردود بصريح القرآن كما أفاده الأخ "صلاح سالم " .

( ولا نريد التوسّع في الردودات النصية الثبوتية والعقلية حتى لا نخرج عن موضوعنا )

معاذ احسان العتيبي
2009-12-11, 10:57 AM
ومن الأمثلة : التي يفهم الناس الآيات فهما غير صائب .

قال تعالى { أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35) } فيستدلون بهذه الآية بمعنى الأقرب . فيقولون : ما هو أولى من غيره فقدّمه .
وتفسيرها الصحيح " الويل لك فالويل " . وقد بينت هذا في مقال :
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=31560