المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الموعظة في الأعراس



أبوعبيدة الوهراني
2009-11-21, 03:27 PM
بسم الله الرحمان الرحيم



الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على المصطفى، وعلى كل من على نهجه سار واقتفى.

أما بعد:



كثيرة هي الأدلة و الأسباب الماسة إلي وعظ الناس و دعوتهم إلى الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح من الأمة.

فدعوة الناس إلى التوحيد وتعليمهم الدين، حيث ما كانوا وحيث ما وجدوا، دون أن يقتصر ذلك بزمان أو مكان، هو منهج الأنبياء والمرسلين عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

أما الأسباب فهي أكثر من أن تعد أو أن تحصى.



ـــ فالموعظة في الأعراس عندنا تقتضيها الحاجة و المصلحة.

تعريف المصالح المرسلة(01):

<< المصالح: هي الأوصاف التي تلائم الشارع ومقاصده، ولكن لم يشهد لها دليل معين من الشرع بالاعتبار أو الإلغاء.

ويحصل من ربط الحكم بها جلب مصلحة أو دفع مفسدة عن الناس.

المرسلة: سميت مرسلة لعدم وجود ما يوافقها أو يخالفها في الشرع.>>

وللفقهاء طريقان:

1: أن يفعل ذلك ما لم ينه عنه، (وهو قول القائلين بالمصالح المرسلة).

2: أن ذلك لا يفعل ما لم يؤمر به، (وهو قول من لا يرى إثبات الأحكام بالمصالح المرسلة).

قال الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العجاب (الموافقات 3 / 74):

<< ....لأن ما سكت عنه في الشريعة على وجهين:

أحدهما: أن تكون مظنة العمل به موجودة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يشرع له أمر زائد على معنى فيه، فلا سبيل إلى مخالفته، لأن تركهم لما عمل بيه هؤلاء مضاد له، فمن استأنفه صار مخالفا للسنة.

الثاني: أن لا يوجد مظنة العمل بيه ثم توجد، فيشرع له أمر زائد يلائم تصرفات الشرع في مثله، وهي المصالح المرسلة، وهي من أصول الشريعة المبني عليها، إذ هي راجعة إلى أدلة الشرع حسبما تبين في علم الأصول، فلا يصح إدخال ذلك تحت جنس البدع.... >>.

فالموعظة في الأعراس مطلوبة خاصة في بلادنا ومن كان حاله كحالنا.

خاصة أن هناك أصناف من المسلمين اليوم حالهم كحال الكفار، لا الصلاة يوصلون(02) و لا الدروس في المساجد يحضرون.

فما هو الطريق الموصل إلى دعوة هؤلاء؟ وما هو السبيل إلى انتشالهم من الشر الذي هم فيه؟
فلم نجد سبيلا إلى ذلك سوى الأعراس، التي أصبحت تجمعهم، لأننا لا نستطيع دعوتهم في المساجد فهم لا يصلون، ولا الذهاب إلى أوكارهم التي هم فيها، و بها يعتصمون، فلا قدرة لنا على ذلك.

وفي نفس الوقت نحن مطالبون بنصحهم و دعوتهم إلي الله.

فكم من عائد إلى الله بسبب تلك المواعظ، وكم من عريس كان يحلم أن يحتفل في يوم عرسه بالمغني الفلاني، ولكن بعد حضوره لتلك المواعظ أصبح عرسه قدوة ومثالا و الحمد لله.

هذا من جهة الناس الحضور، أما من جهة العادات فحدث ولا حرج.

فهناك مثلا في بعض الأماكن من بلادنا، أن العرسان لا بد أن يمروا علي قبر الوالي الفلاني حتى يدوم زواجهما و يكون مباركا، وكل من لا يمر عليه لا يدوم زواجه.

كما هناك أيضا من يضع للعروسة بيضة عند عتبة باب بيت زوجها عند دخوله، حتى تبيض لها الأيام.

فمن يعلم هؤلاء التوحيد ؟

الأئمة عندنا صوفيون(إلا من رحم ربك و قليل ما هم)، وكثير من طلاب العلم ليس لهم منابر، زد على ذلك الجهل و إتباع العادات و التقاليد التي أكثرها مخالف للشرع.

وزد على ذلك ما توارثته الناس من الموسيقى و الرقص والاختلاط، مع العلم أن هذا الأخير لم يكن عندنا في السنوات الماضية، لكن اليوم الله المستعان.

وليس يخفى على عاقل حال الأعراس اليوم من:

ـ الاختلاط و المجون.

ـ العادات و التقاليد المخالفة لإسلام، ومنها ما هو شرك أكبر.

ــ التشبه بالبغايا والفاجرات.

ـ فكم من الأموال في الفسق وللفسق صرفت؟

ـ وكم من عرض من أعراض المسلمين انتهك

حتى أصبحنا في حال يندب له الجبين و تذرف له العين، حيث أضحى الرقص و الفحش سنة تتبع، وأصبحت الشهرة (في التبذير والمجون)خصلة محمود يتنافس عليها المتنافسون.

وبعضها أصبح (أي الأعراس)معرضا لأنواع الخمور والمخضرات، نهيك عن المتاجرة بالبغايا و الفاجرات، فإلى الله المشتكى إلى ما صار إليه أبناء وبنات المسلمين اليوم.

فهذا غيض من فيض.



وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل



فليس هناك سبيل إلى دعوة هؤلاء والاحتكاك بهم، سوى الأعراس.

أذكر مرة أني ألقيت كلمة في عرس، فتكلمت عن حكم تارك الصلاة، لأني رأيت أن أكثر الحضور كم الشباب، إن لم أقل كلهم،

وفي الغد جاءني بغض الشباب وقالوا لي : أن معظم من حضر البارحة هم من أصحاب المخضرات، وأنهم لا يصلون، بل فيهم بعض قطاع الطرق.

فالله المستعان فهم لا يصلون، والناس لا ينصحونهم لأنهم يخافون منهم.

فهل بعد كل هذا يقول قائل ليس في وعظ الناس في الأعراس من حاجة!!!

ــ ونحن لم نجد غير ذلك بديلا.

ــ والقنوات والإذاعات و رفقاء السوء مع الجهل والبعد عن الدين لم يتركوا لنا البديل.

ولقد سمعت أحد الأفاضل سئل عن الموعظة في الأعراس فقال:

<< لم تكن على عهد السلف و لسنا بحاجة إليها >>.

فأقول أن هذا راجع إلى حسب الحاجة و المصلحة.

فإن كان هناك ما يغني عن هذه الموعظة (كأن يكون الناس الحضور من أهل الدين والاستقامة ) فلا حاجة إليها.

أما إذا كان الحضور من أهل الفسق و المجون فلا حرج في نصحهم ووعظهم، فهذا يرجع إلى حسب الحال والمكان.

فالمملكة السعودية مثلا: كثير علمائها، كثير دعاتها، ولعل في هذا كله تكفي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أما عندنا فهناك من إذا وجعه رأسه فسئل الناس عن الدواء أرشدوه إلى مشعوذ ذو خبرة.

فالدعاة عندنا قليلون، والدعوة متعثرة، و القبوريون كثر، خاصة في بعض الأماكن التي تعاني من ندرة من يعلمهم الدين الصافي من البدع والخرافات.

فالمصلحة تقتضي تعليم الناس وعدم تركهم مع لأشباه المشايخ(الطلبة عندنا).

فهؤلاء كل شئ جائز عندهم حتى ولو كان الاستغاثة بالأموات أو الطواف بالقبور ماداما الغاية واضحة وهى عدم مخالفة الأعراف و الاجداد وتكثير سواد الناس عليهم

هذا ما تيسر لي جمعه و كتابته، فما كان فيه الصواب فبفضل الله،وما كان فيه من تقصير أو نسيان فمني ومن الشيطان

كما أرجوا من كل من يقرأ هذه الرسالة أن لا يبخل علينا بالنصح والرشاد، والله ولي التوفيق والسداد.

01: أصول الفقه الإسلامى(2/ 757) وهبة الزحيلي

02: إذا قلنا بعدم تكفير تارك الصلاة

أبو نافع البجمعوي
2009-11-22, 04:22 PM
بارك الله فيكم للرفع والمتاقشة.

سفينة الصحراء
2009-12-05, 01:42 PM
شكرا أخي الكريم على ما تفضلت به.
ولكن عندي إضافة فقط، فقد نبهتني كلمة قلتها"



فالمصلحة تقتضي تعليم الناس وعدم تركهم مع لأشباه المشايخ (الطلبة عندنا).

فهؤلاء كل شئ جائز عندهم حتى ولو كان الاستغاثة بالأموات ..



نعم يجب أن لا يترك الناس لهؤلاء

ولكن لا يجب أن يستبدل هؤلاء بآخرين مساوين لهم في الجهل، وكل شيء عندهم ممنوع ولا يجوز...
حتى لا ينفر الناس من الدين.

عبد الله عبد الرحمن رمزي
2009-12-06, 07:29 AM
هذه مساله قد اختلف فيها الشيخان الفاضلان رحمهما الله
ابن باز يرى انه لاباس بها وابن عثيمين يرى المنع والله اعلم

أبوعبيدة الوهراني
2009-12-07, 10:52 PM
بسم الله الرحمان الرحيم






وبعد:

أخي (سفينة الصحراء): بارك الله فيك.

أما المنع و التحريم فهذا مرده إلى الدليل، ولا أخالك إن شاء الله (أي أحسبك) ممن يضره الدليل.

فأهل السنة والجماعة(السلفي ) ياأخي الحبيب منهاجها وسطي (أي تمتاز بالوسطية)، بين الغلو والذي هو مجاوزة الحد، أو التفريط الذي هو عكس الأول.

فلا نريد المغالي الذي يتشدد في كل شيء(متبعا لهواه، أما من كان معه الحق فهو الأولى بالإتباع { عضوا عليها بالنواجد})، كما لا نريد المتساهل الذي تميع عنده كل شيئ.

فمنهاجنا وسط بينهما أيها الحبيب.

والناس مع دعوتنا ثلاثة أصناف

الصنف الأول: من يرى أننا جئناهم بدين جديد مخالف لعادات الآباء و الأجداد: فهؤلاء أناس جهّال لا يعرفون من الدين إلا قال فلان و فلان.

الصنف الثاني: هم أصحاب البدع الذين قطعنا طريقهم بالسنة، وكشفنا شبههم بالحجة، فهؤلاء يرون أننا قد حرمناهم من كل شيء(من اتباع النفس والهوى).

الصنف الثالث: من يرى أن الحق مع الدليل فهم يكونون أين ومع من كان، ولو كان المخالف كائنا من كان.

فأسأل الله أن يجعلني وإياك من أتباع الحق و الحجة والبرهان.

<<ورحم الله امرأ انتهى على ما سمع>>.

وجزآك الله خيرا آخى أبو محمد على هذه الفائدة

أبو سلمان الجزائري
2009-12-08, 01:21 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

الخلاف بين الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله خلاف في الدلالة

ذاك أن الشيخ ابن باز رحمه الله يرى أنه من قبيل المصلحة المرسلة فهو يعتبره من باب الوسائل لا المقاصد التعبدية لذلك ما منع

خلافا للشيخ ابن عثيمين الذي يراه عبادة فينصرف إلى كونه بدعة محدثة

والله أعلم
وصلى اله وسلم على نبينا محمد

أبو عبدالله الشريف
2009-12-08, 01:48 AM
كيف نفرق :
أن هذا الأمر من باب الوسائل أو من باب العبادات ( المقاصد ) ؟

عبد الله عبد الرحمن رمزي
2009-12-08, 06:30 AM
في ظني ان العلامةالشيخ ابن باز رحمه الله يستند الى مطلق النصوص في الدعوة الى الله واستغلال المواسم والمناسبات في ذلك
والعلامة ابن عثيمين رحمه الله يستند الى ان ذلك لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام اي لم يردليل خاص في انه كان يعظ الناس في الافراح
وانه يخشى اذاتعود الناس عليه يقال تركت السنة

أبو عبدالله الشريف
2009-12-08, 07:04 AM
كيف نفرق :
أن هذا الأمر من باب الوسائل أو من باب العبادات ( المقاصد ) ؟

أظن أني هنا أحتاج لتعريف البدعة ؟

وعلى هذا فإن فتوى الشيخ ابن باز رحمه - إن ثبت أنه نظر إلى الوسائل على حد قول الأخ أبو سلمان الجزائري - فلا بد أن لا تأخذ الموعظة في الأعراس طابع الشرعية ؛ كالمداومة واللزوم ..

والله أعلم

أبو سلمان الجزائري
2009-12-08, 11:59 PM
كيف نفرق :
أن هذا الأمر من باب الوسائل أو من باب العبادات ( المقاصد ) ؟


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

ذاك أخي ـ أقصد التفريق ـ تجد الكلام فيه مطولا في كتاب الاعتصام للإمام الشاطبي رحمه الله
وهناك ستجد أن الضوابط في التفريق كثيرة

لكن ما أراه أبين في التفريق القصد
فلو قصد المؤمن بأي طريقة كانت معنى التعبد ولم يشهد لها دليل شرعي كان فعله مردودا عليه
بخلاف ما لو قصد التوسل لأن تلك قد شهد لها أصل شرعي

والله أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد

عبد الله عبد الرحمن رمزي
2009-12-10, 04:51 PM
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " لقاء الباب المفتوح " (70/227 - 228) سؤالا نصه :

فضيلة الشيخ ما حكم الموعظة عند القبر ، وفي قصور الأفراح ، وفي العزايم ؟

الجواب : الموعظة عند القبر جائزة على حسب ما جاء في السنة ، وليست أن يخطب اإنسان قائما يعظ الناس ، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، خصوصا إذا اتخذت راتبة ، كلما خرج شخص من جنازة قام ووعظ الناس ، لكن الموعظة عند القبر تكون كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعظهم وهو واقف على القبر ، وقال : " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة والنار " وهذا كلام من كلامه صلى الله عليه وسلم العادي ، وأتى مرة وهم في البقيع في جنازة ولما يتم إلحاد القبر ، فجلس وجلس الناس من حوله ، وجعل ينكت بعود معه على الأرض ، ثم ذكر حال الإنسان عند احتضاره ، وعند دفنه ، وتكلم بكلام هو موعظة في حقيقته ، فمثل هذا لا بأس به ، أما أن يقوم خطيبا يعظ الناس ،
فهذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام .

وأما في الأعراس فكذلك أيضا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم خطيبا يخطب الناس ، ولا عن الصحابة فيما نعلم ، بل إنه لما ذكر له عائشة رضي الله عنها زفت امرأة لرجل من الأنصار قال : " يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار قوم يعجبهم اللهو " فدل ذلك على أن لكل مقام مقالا ، ولأن الإنسان إذا قام خطيبا في الأعراس ، فإنه قد يثقل على الناس ، وليس كل أحد يتقبل ، قد يكون أحد من الناس ما رأى أقاربه أو أصحابه إلا في هذه المناسبة ، فيريد أن يتحدث إليهم ويسألهم ويأنس بهم ، فإذا جاءتهم هذه الموعظة وهم متأهبون للحديث مع بعضهم ، ثقلت عليهم ، وأنا أحب أن تكون المواعظ غير مثقلة للناس ، لأنها إذا أثقلت على الناس كرهوها ، وكرهوا الواعظ . ولكن لو أن أحدا في محفل العرس طلب من هذا الرجل أن يتكلم ، فحينئذ له أن يتكلم ، ولا سيما إذا كان الرجل ممن يتلقى الناس قوله بالقبول . كذلك لو رأى منكرا ، فله أن يقوم ويتكلم عن هذا المنكر ويحذر منه ويقول : إما أن تكفوه أو خرجنا . فلكل مقام مقال ، وإذا تلقى الناس الموعظة بانشراح وقبول كان أحسن ولهذا كان النبي صلى الله عليه يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة يعني الملل .ا.هـ.

أبوعبيدة الوهراني
2009-12-10, 10:35 PM
بسم الله الرحمان الرحيم




أخي أبو عبد الله الشريف: جزاك الله خيرا.

_أما عن تعريف البدعة:، وحتى لا أكثر عليك، و بكل بساطة واختصار:

فهي قصد التقرب إلى الله عزّوجل، بوجه لم يشرعه الله عزّوجل.



_أما عن الفرق بين الوسائل و المقاصد:

فإن الوسائل التي هي جمع وسيلة: فكل ما يوصلك ويبلغك إلى غايتك يسمى وسيلة.

أما المقاصد والذي هو جمع مقصد: وهو ما يسمى بالغاية.

وغاية كل عابد هي التقرب إلى الله(وهو ما يسمى بالعبادة)، ولهذا كل من تقرب إلى الله على وجه لم يشرعه الله، فعبادته باطلة، وصدق الإمام ابن الجوزي رحمه الله لما قال في صيد الخاطر:

<< كل الطرق إلى الله مسدودة، إلا طريق محمدا صلى الله عليه وسلم>>.

فائدة:

من الخطإ إطلاق قاعدة: أن للوسائل حكم المقاصد( أو أنّ الغاية تبرر الوسيلة).

و الصحيح والله أعلم: أنّ القاعدة (للوسائل حكم المقاصد) مقصورة على ما ورد في الشرع سواء أكان وسيلة أو غاية، أما إطلاقها خطأ، لأنه يصبح الدين غير الدين.

و لأصبح كل واحد يعبد الله على وفق هواه، ما دام أن الغاية واضحة وهي التقرب إلى الله، فكل وسيلة إلى ذلك فهي جائزة.

ثم قد يكون المقصد واجبا أو مستحبا، وتكون الوسيلة إليه مكروهة أو محرمة.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (مدارك السالكين ):

<<..لا يلزم ذلك(أي أن يكون للوسائل حكم المقاصد)، فقد يكون الشيء مباحا، ووسيلته مكروهة، كالوفاء بالطاعة المنذورة هو واجب، مع أنّ الوسيلة وهو النذر مكروه ومنهي عنه، و كذلك الحلف المكروه مرجوح، مع وجوب الوفاء به أو الكفارة، وكذلك سؤال الخلق عن الحاجة مكروه، و يباح له الانتفاع بما أخرجته له المسألة.

وهذا كثير جدا، فقد تكون الوسيلة المتضمنة مفسدة (كمناظرة أهل البدع أمام العامة – واقرأ {غير مأمور} رسالتي: لا ينبغي مناظرة أهل البدع ) تكره أو تحرم لأجلها، وما جعلت وسيلة إليه ليس بحرام ولا مكروه...>>.





أما إدراجها (أي الموعظة) في العبادات:

فلو كنا قلنا ذلك لما قلنا أن حكمها من المصالح المرسلة، و لقلنا أن لها أحد الأحكام الخمسة (أنها مباحة أو مستحبة أو...).

و لأن كل عبادة لم يتقرب بها النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم إلى ربه بها فهي بدعة، وأنّ تركها هو السنة.

فإن:<< من المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادة مزعومة لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله، ولم يتقرب هو بها إلى ربه بفعلها، فهي مخالفة للسنة......(الشيخ الألباني حجة النبي صلى الله عليه وسلم ص 100 ) >>.


_أما أخي أبو سليمان الجزائري، وأخي أبو محمد الغامدي فبارك الله فيكما، ووفقكما لما يحبه و يرضاه.




_أما هل المصالح من العبادات أو لا ؟

فالصحيح أنّ المصالح ليست من العبادات و إنما هي وسيلة إليها.

فليس من الصواب إدخال المصالح المرسلة في العبادات، وليس من الصواب أيضا إطلاقها، بل لا بد أن يكون لها ضوابط تتقيد بها، وتتميز بها عن غيرها من المحدثات.

قال الإمام الشاطبي رحمه الله في ( الموافقات 3/75):

<< ...فالمصالح المرسلة عند القائلين بها لا تدخل في العبادات ألبتة، وإنما هي راجعة إلى حفظ أصل الملة، و حياطة أهلها في تصرفاتهم في العبادات أن تقع إلا على ما كانت عليه في الأولين، فلذلك نهى عن أشياء وكره أشياء، وإن كان إطلاق الأدلة لا ينافيها...>>.

ولقد قلت في أول الرسالة أنّ الفقهاء مع المصالح المرسلة على قولان: (وهو قول شيخ الإسلام رحمه الله):

01: من يرى أنّ ذلك لا يفعل ما لم يؤمر به، وهو قول من يرى عدم إثبات الأحكام بالمصالح المرسلة، ( في ظني هذا الذي أخذ به الإمام ابن عثيمين رحمه الله و الله أعلم).

02: الذين قالوا أنّ ذلك يفعل ما لم ينه عنه، و هم القائلون بالمصالح المرسلة، (وهذا والله أعلم الذي أخذ به الإمام ابن باز وحمه الله، وفي ظني إن لم أكن مخطأ الإمام الألباني أيضا رحمه الله).


ونحن لم نجعل الخلاف بين العلماء مفتاحا للجواز( وللمزيد من الفائدة اقرأ رسالتي{ هل هل كون الخلاف في المسألة أبدعة هي أم لا، يسوغ قبولها والعمل


بها}) وإن كنا نقرّ أن كل من أحدث بدعة زعم أنّ فيها مصلحة، وأن فتح باب المصالح هو فتح باب البدع.

ولكن هذا لا يعني غلق باب المصالح المرسلة بالكلية!!

فمن ادعى المصلحة نظر في السبب المحوج إليها، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العجاب (اقتضاء الصراط المستقيم2/594):

<< والضابط في هذا والله أعلم أن يقال: إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة، إذ لو اعتقدوه مفسدة، لم يحدثوه فإنه لا يدعوا إليه عقل ولا دين.

فما رآه الناس مصلحة، نظر في السبب المحوج إليه.

فإن كان السبب المحوج إليه أمر أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن من غير تفريط منه، فهنا قد يجوز إحداث ما تدعوا الحاجة إليه.

و كذلك إن كان المقتضى لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته.

وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد، فهنا لا يجوز الإحداث.

_فكل أمر يكون المقتضى لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودا، لو كان مصلحة ولم يفعل، يعلم أنه ليس مصلحة.

_وأما ما حدث المقتضى له بعد موته من غير معصية الخالق فقد يكون مصلحة....>>.

ومن أراد المزيد فليرجع إلى:{ الموافقات3/73_75 أو 2/409، رسائل الإصلاح2/154، البدع والمصالح المرسلة وهو في350 ورقة، وهو تلخيص و ترتيب للاعتصام، المنتقى النفيس..29_30 ، علم أصول البدع307}.

ولكن الذي جعلنا نرجح الكفة الثانية( القائلين بالمصالح المرسلة) هي الحاجة الماسة إليها، لأنه عندنا أناس لا تصلهم الدعوة( ولتمام الفائدة أنظر أول الرسالة)، ومن جرب مثل تجربة عرف صدق مقالتي.





الخلاصة:

الضوابط في المصالح المرسلة والله أعلم:

<< 01: أن تحفظ أمر ضروري(الموافقات3/75).

02: أن ترفع حرجا لازما في الدين( علم أصول البدع 309)>>.

03:<< أن يبين حكمها وينظر في السبب الداعي إليها(الاقتضاء2/594)>>.

04: وأن يتوقف فعلها عند الحاجة إليها فقط،( قال الشيخ الألباني

رحمه الله في السلسلة الضعيفة1/451_452، بعد مناقشته مسألة محاريب المساجد وبيان بدعيتها <<....ثانيا: أنّ ما شرع للحاجة والمصلحة ينبغي أن يتوقف عندما تقتضيه المصلحة، ولا يزاد على ذلك...>>.

هذا ما تيسر لي جمعه من ضوابط للمصالح المرسلة، والله أعلم.

أسأل الله أن أكون قد أفدكم بشيء في هذا البحث.





_أما مسألة التعود عليها خشية أن يتخذها الناس سنة:

· فهذا باب عظيم، و لا يجب أن يكون ذلك سببا في غلق كل الأبواب، وإن كان في الحقيقة قد حدث ذلك في كثير مما يعتقده الناس اليوم سنة وهو في الحقيقة بدعة.

· ولكن إطلاق ذلك(وهو ما يسمى باب سد الذرائع) أيضا لا ينبغي، حتى ينظر في الدافع و التوابع، حتى لا يحدث ما حدث من قبل.

· كما قال بعض أهل العلم أنه تكره قراءة سورة السجدة في صلاة صبح يوم الجمعة حتى لا يضنها الناس أنها ركعة ثالثة، رغم أنها سنة ثابة، وكم مازلنا نعاني بسبب (تلك الفتوة)، حيث أصبحت مكروهة عند الناس إلى اليوم بسبب ذلك.

وأظن والله أعلم أن هذا الإشكال يزول ب:

01: قلنا أنها مصلحة أي أنها لا تفعل إلا للمصلحة، فهذا بذاته يحدّ من الإكثار منها.

02: أنه عند إلقائها( الكلمة أو الموعظة) يبيّن حكمها، وسببها.

وبهذا تزول تلك الشبه و الله أعلم.

سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.

أبو نافع البجمعوي
2009-12-13, 01:53 PM
هذه مساله قد اختلف فيها الشيخان الفاضلان رحمهما الله
ابن باز يرى انه لاباس بها والله اعلم.
بارك الله فيكم هل من توثيق لما حكيتم عن العلامة ابن باز رحمه الله تعالى.

عبد الله عبد الرحمن رمزي
2009-12-13, 03:23 PM
قبل اكثر من عشرين سنة وانا في مكة شرفها الله اختلف بعض طلبة العلم في المسالة
وكلفوا احدهم بالاتصال بسماحة العلامة ابن باز رحمه الله تعالى فنقل لي اته افتى بالجواز

أبو نافع البجمعوي
2009-12-14, 12:41 PM
قبل اكثر من عشرين سنة وانا في مكة شرفها الله اختلف بعض طلبة العلم في المسالة
وكلفوا احدهم بالاتصال بسماحة العلامة ابن باز رحمه الله تعالى فنقل لي اته افتى بالجواز.
بارك الله فيكم ونفع بكم . وهل جاءت الفتوى مطلقة أم مقيدة أعني قضية المداومة على هذه الموعظة أم أنها تُفعل أحيانا؟ بارك الله فيكم.

عبد الله الصالح
2009-12-16, 11:53 PM
كيف ينسب إلى ابن عثيمين أنه يمنع منه




سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " لقاء الباب المفتوح " (70/227 - 228) سؤالا نصه :




فضيلة الشيخ ما حكم الموعظة عند القبر ، وفي قصور الأفراح ، وفي العزايم ؟


الجواب : الموعظة عند القبر جائزة على حسب ما جاء في السنة ، وليست أن يخطب اإنسان قائما يعظ الناس ، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، خصوصا إذا اتخذت راتبة ، كلما خرج شخص من جنازة قام ووعظ الناس ، لكن الموعظة عند القبر تكون كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعظهم وهو واقف على القبر ، وقال : " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة والنار " وهذا كلام من كلامه صلى الله عليه وسلم العادي ، وأتى مرة وهم في البقيع في جنازة ولما يتم إلحاد القبر ، فجلس وجلس الناس من حوله ، وجعل ينكت بعود معه على الأرض ، ثم ذكر حال الإنسان عند احتضاره ، وعند دفنه ، وتكلم بكلام هو موعظة في حقيقته ، فمثل هذا لا بأس به ، أما أن يقوم خطيبا يعظ الناس ،
فهذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام .



وأما في الأعراس فكذلك أيضا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم خطيبا يخطب الناس ، ولا عن الصحابة فيما نعلم ، بل إنه لما ذكر له عائشة رضي الله عنها زفت امرأة لرجل من الأنصار قال : " يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار قوم يعجبهم اللهو " فدل ذلك على أن لكل مقام مقالا ، ولأن الإنسان إذا قام خطيبا في الأعراس ، فإنه قد يثقل على الناس ، وليس كل أحد يتقبل ، قد يكون أحد من الناس ما رأى أقاربه أو أصحابه إلا في هذه المناسبة ، فيريد أن يتحدث إليهم ويسألهم ويأنس بهم ، فإذا جاءتهم هذه الموعظة وهم متأهبون للحديث مع بعضهم ، ثقلت عليهم ، وأنا أحب أن تكون المواعظ غير مثقلة للناس ، لأنها إذا أثقلت على الناس كرهوها ، وكرهوا الواعظ . ولكن لو أن أحدا في محفل العرس طلب من هذا الرجل أن يتكلم ، فحينئذ له أن يتكلم ، ولا سيما إذا كان الرجل ممن يتلقى الناس قوله بالقبول . كذلك لو رأى منكرا ، فله أن يقوم ويتكلم عن هذا المنكر ويحذر منه ويقول : إما أن تكفوه أو خرجنا . فلكل مقام مقال ، وإذا تلقى الناس الموعظة بانشراح وقبول كان أحسن ولهذا كان النبي صلى الله عليه يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة يعني الملل .ا.هـ.

أبوعبيدة الوهراني
2009-12-18, 03:40 AM
لقد غرّنا من قال بأن الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله يقول بأن الموعظة في الأعراس من البدع، فتبين لنا في ما بعد خلاف ذلك، كما نقله لنا أخونا الفاضل الكريم: أبو محمد الغامدي:
أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله سئل في اللقاء الباب المفتوح (70/227-228) عن الموعظة عند القبر وفي قصور الأفراح....
فقال:.....
وأما (الموعظة)في الأعراس فكذلك أيضا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم خطيبا يخطب الناس ، ولا عن الصحابة فيما نعلم ، بل إنه لما ذكر له عائشة رضي الله عنها زفت امرأة لرجل من الأنصار قال : " يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار قوم يعجبهم اللهو " فدل ذلك على أن لكل مقام مقالا ، ولأن الإنسان إذا قام خطيبا في الأعراس ، فإنه قد يثقل على الناس ، وليس كل أحد يتقبل ، قد يكون أحد من الناس ما رأى أقاربه أو أصحابه إلا في هذه المناسبة ، فيريد أن يتحدث إليهم ويسألهم ويأنس بهم ، فإذا جاءتهم هذه الموعظة وهم متأهبون للحديث مع بعضهم ، ثقلت عليهم ، وأنا أحب أن تكون المواعظ غير مثقلة للناس ، لأنها إذا أثقلت على الناس كرهوها ، وكرهوا الواعظ . ولكن لو أن أحدا في محفل العرس طلب من هذا الرجل أن يتكلم ، فحينئذ له أن يتكلم ، ولا سيما إذا كان الرجل ممن يتلقى الناس قوله بالقبول . كذلك لو رأى منكرا ، فله أن يقوم ويتكلم عن هذا المنكر ويحذر منه ويقول : إما أن تكفوه أو خرجنا . فلكل مقام مقال ، وإذا تلقى الناس الموعظة بانشراح وقبول كان أحسن ولهذا كان النبي صلى الله عليه يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة يعني الملل .ا.هـ

فالشيخ رحمه الله لم يقل أن فعلها من البدع، أو أن فاعلها مبتدع آثم، وإنما رد ذلك إلى حسب المصلحة:
01: أن تكون الموعظة غير مثقلة حتى لا يمل منها الناس( وأنا أحب أن تكون المواعظ غبر مثقلة).
02: أنه إذا طلب من الواعظ أن يلقي كلمة فله ذلك سيما إذا كان رجلا فاضلا يتلقى الناس قوله بالقبول.
02: إذا رأى منكرا فله أن يتكلم، أي بدون أن يطلب منه ذلك.
04: أن لا يكثر منها أي أن تفعل أحيانا (إذا تلقى الناس الموعظة بانشراح وقبول كان أحسن، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة مخافة الملل.

للأسف: كثير من الإخوة هداهم الله ينقلون كلاما للمشايخ على غير مرادهم( المشايخ)، إما لتقصير في الفهم من الناقل، أو عدم الإلمام بكل كلام الشيخ في المسألة، وفتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، هنا أكبر دليل على ذلك.
ولهذا لابد من التثبت من الأخبار قبل إصدار الأحكام.
اللهم إلا أن يكون للشيخ رحمه الله كلاما آخر غير هذا!!!
ولهذا فالموعظة في الأعراس على الضوابط التي ذكرناها من قبل لا تخالف فتوى الشيخ رحمه الله، والله أعلم.