العاصمي من الجزائر
2009-11-11, 11:03 AM
حول الأشعري والمراحل الثلاث :
كما يعلم كل مطّلع على الاتجاهات الفكرية والعقدية فإنّ الأشعري رحمه الله قد مرّ في حياته بأطوار عديدة تركت آثارها العميقة في مؤلفاته وأتباعه فقد كان رحمه الله على معتقد المعتزلة ثمّ تركهم وسلك طريق ابن كلاب ليستقرّ أمره بعد ذلك على البراء من كلّ ما خالف عقيدة الإمام احمد رحمه الله وهي عقيدة الأئمة من قبله كما هو معلوم رغم ما شاب هذه العودة من رواسب عقدية للمذاهب التي تبناها طوال مسيرته العلميّة إذ ألّف رحمه الله كتاب الإبانة في أواخر حياته وقرر فيها حقيقة مذهبه وما إنتهى إليه خلال رحلته الطويلة بحثا عن الحق هذا المذهب الذي أناخ بضلاله على جميع مؤلفاته في تلك الفترة الحساسة من حياته فأي مطّلع على مقالات الاسلاميين أو رسالته إلى أهل الثغر يجزم أنها قد كتبت على نفس المنهج ويظهر فيها نفس النفس السلفي الذي رفضه ويرفضه هؤلاء المتأخرون ممن ينتسب لهذا الأمام وهو على غير نهجه
و يمكن الإستدلال على ثبوت هذه المرحلة الأخيرة أي مرحلة العودة إلى السنّة بالعديد من المعطيات والشواهد منها:
أولا- أنها مرحلة قد أثبتها العديد من المحققين وعلى رأسهم الحافظ إبن كثير رحمه الله وهو من هو في التحقيق وسعة الإطّلاع :
يقول رحمه الله كما جاء في طبقات الشافعية (وقد نقلها المرتضى الزبيدي في الإتحاف دون تعقيب) :
((ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري ثلاثة أحوال:
أولها حال الانعزال التي رجع عنها لا محالة.
والحال الثاني إثبات الصفات العقلية السبعة، وهي الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام. وتأويل الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق ونحو ذلك .
والحال الثالث إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه جرياً على منوال السلف وهي طريقته في الإبانة التي صنفها آخراً.))
وأشار إلى هذه الحقيقة عالم محقق آخر وهو الحافظ الذهبي رحمه الله فقد جاء في السير قوله :
((قلت رأيت لأبي الحسن أربعت تواليف في الأصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات وقال فيها تمر كما جاءت ثم قال و بذلك أقول وبه أدين ولا تؤوّل))
ونصّ عليها رحمه الله في كتابه (العرش) قائلا : ((ولد الاشعري سنة ستين ومائتين ومات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة رحمه الله وكان معتزليا ثم تاب ووافق أهل الحديث في أشياء يخالفون فيها المعتزلة ثم وافق أصحاب الحديث في أكثر ما يقولونه وهو ماذكرناه عنه من أنه نقل إجماعهم على ذلك وأنّه موافق لهم في جميع ذلك فله ثلاثة أحوال :حال كان معتزليا وحال كان سنيا في بعض دون البعض وحال كان في غالب الأصول سنيا وهو الذي علمناه من حاله))
وقال رحمه الله كتابه ((العلو للعلى الغفار)):(( كان أبو الحسن أولا معتزلياً أخذ عن أبي علي الجبائي ثم نابذه ورد عليه وصار متكلماً للسنة ، ووافق أئمة الحديث ،
فلو انتهى أصحابنا المتكلمون إلى مقالة أبي الحسن ولزموها لأحسنوا ولكنهم خاضوا كخوض حكماْ الأوائل في الأشياء ومشوا خلف المنطق فلا قوة إلا بالله ))
وزاد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المسألة وضوحا فقال كما في نقض التأسيس (( إنّ الأشعري وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب فإنه تلميذ الجبائي ومال إلى طريقة ابن كلاب وأخذ عن زكريا الساجي أصول الحديث بالبصرة ثمّ لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أمورا أخلاي وذلك آخر أمره كما ذكره هو وأصحابه في كتبهم ))
وقال العلامة الألوسي رحمه الله كما في غرائب الإغتراب :(( فقلت يامولاي يشهد لحقيقة مذهب السلف في المتشابهات وهو إجراؤها على ظواهرها مع التنزيه ((ليس كمثله شىء)) إجماع القرون الثلاثة الذين شهد بخيريتهم خبر النبي صلى الله عليه وسلم ولجلالة شأن ذلك المذهب ذهب إليه غير واحد من أجلة الخلف ومنهم الامام ابو الحسن الأشعري لأن آخر أمره الرجوع إلى ذلك المذهب الجليل بل الرجوع إلى ما عليه السلف في جميع المعتقدات قال في كتابه (الإبانة) : الذي هو آخر مؤلفاته بعد كلام طويل (( الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم وما رةي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان عليه أحمد إبن حنبل نضر الله تعالى وجهه قائلون ولمن خالف قوله مجانبون )) وهو ظاهر في أنّه سلفي العقيدة وكيف لا والإمام أحمد علم في ذلك ولهذا ( ... نعص لميه هكذا في المطبوع ولعلها نعض عليه .. أخوكم ) من بين أئمة الحديث ويعلم من هذا أن ما عليه الأشاعرة غير ما رجع إليه إمامهم في آخر أمره من اتباع السلف الصالح فليتهم رجعوا كما رجع واتبعوا ما اتبع ))
ثانيا –أنّ ماقرره أبة الحسن الأشعري في الابانة ومقالات الإسلاميين و رسالته إلى أهل الثغرمن مسائل المعتقد ومنه مسائل الصفات موافق في جملته لمعتقد السلف ومخالف لما عليه هؤلاء المتأخرةن ممن يدعي السير على نهجه واتباع طريقته
فقد أثبت رحمه الله الصفات على ظاهرها ومنع من تأويلها وعدّ من تأوّلها مبتدعة وجهمية بل صرّح رحمه الله بأنّ الصفات حقيقية وأوجب الأخذ بالظاهر وبين أن آيات الصفات مفهومة معلومة وردّ على من تأةّلها وأخرجها عن حقيقتها وهذا يؤكد أنها –أي المرحلة الأخيرة-مغايرة لمرحلته الكلابية
ومما يؤكد هذا المعنى ويسنده قول بعض الطاعنين في أبي الحسن أنه إنما ألف الإبانة مصانعة ورعاية لأهل السنة
فقد قال ابو علي الأهوازي رحمه الله ((وللأشعري كتاب في السنة قد جعله أصحابه وقاية لهم من أهل السنة يتولون به العوام من أصحابنا سماه (الابانة) صنفه ببغداد لما دخلها فلم يقبل ذلك منه الحنابلة وهجروه
وسمعت أبا عبد الله الحمراني يقول : لما دخل الأشعري بغداد جاء إلى البربهاري فجعل يقول : رددت على الجبائي وعلى أبي هاشم ونقضت عليهم وعلى اليهود والنصارى وعلى المجوس فقلت وقالوا )) وأكثر الكلام في ذلك فلما سكت قال البربهاري (( ما أدري مما قلت قليلا ولا كثيرا ما نعرف إلا ما قال أبوا عبد الله أحمد ابن حنبل )) فخرج من عنده وصنف كتاب الابانة فلم يقبلوه منه ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها )) وظاهر هذا النقل يدل على أن كتاب الابانة مخالف لما عليه الأشاعرة ولذلك ظن بعض الطاعنين أنه إنما ألفه مصانعة وهذا الظن وإن لم يكن صحيحا إلا أنه ثبت أن منهج الأشعري في الابانة موافق لأهل السنة ومخالف لتلك الطريقة التي تسمى بالأشعرية وقد اعترف بهذه الحقيقة العديد من الأشاعرة المعاصرون وان كانوا يؤوّلونها تأويلا آخر ويزعمون بأن هذه المرحلة هي الثانية وليست الأخيرة فالمهم هو إعترافهم بهذا الأمر وهو أن الابانة تهدم أصول مذهبهم الحادث رغم أنهم ويا عجبا يعترفون بأنهت من تأليف إمامهم ومن هؤلاء الكوثري وغيره والذي سنعرض عن حكاية قوله لاشتهاره ونقدم عليه قول شخصية أشعرية أخري وهي شخصية الدكتور سعيد فودة فقد جاء في كتابه "بحوث في علم الكلام" (ص41):
" وبعد الدراسة لهذه المرحلة دراسة مدققة توصلت إلى أنه عندما تراجع عن فكر الاعتزال التقى بالحنابلة الذين كانوا قد غالوا حتى وصلوا إلى أطراف التجسيم بل كثير منهم كان قد غاص فيه, والتقى بأحد مشايخهم وهو الحافظ زكريا الساجي المتوفى سنة 307هـ, ومنه عرف الأشعري مقالة الحنابلة وعقائدهم, وعلى إثر هذا ألف كتابه "الإبانة عن أصول الديانة"؛ هذا الكتاب الذي قال فيه الكوثري: إن الإمام الأشعري حاول بهذا الكتاب أن يتدرج بالمجسمة من أحضان التجسيم ليرفعهم إلى أعتاب التنزيه, ولا شك أن هذا الكتاب كان بعد أن رأى الأشعري مدى اختلاط الحنابلة بعقائد المجسمة؛ فأراد أن يرفعهم عن هذه الدرجة فألف كتاب "الإبانة", وألف كثيراً من الكتب نحو "اللمع" و"رسالة إلى أهل الثغر" وغيرها! "
وقال الامام القاضي أبو القاسم عبد الملك بن عيسى بن درباس كما في
أصول الديانة رسالة في الذب عن أبي الحسن الأشعري وكتابه الإبانة عن
(ينسبها بعض المحققين لابن أخيه الفقيه إبراهيم ابن الفقيه الإمام أبي عمرو عثمان بن عيسى بن درباس)
((أما بعد.. فاعملوا معشر الإخوان وفقنا الله وإياكم للدين القويم وهدانا أجمعين الصراط المستقيم أن كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي ألفه الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري هو الذي استقر عليه أمره فيما كان يعتقده وبما كان يدين الله سبحانه وتعالى بعد رجوعه من الاعتزال بمنَّ الله ولطفه، وكل مقالة تنسب إليه الآن مما يخالف ما فيه فقد رجع عنها وتبرأ إلى الله سبحانه منها، كيف وقد نص فيه على أنه ديانته التي يدين الله سبحانه بها، وروي وأثبتت ديانة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث الماضين وقول أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين، وأنه ما دلّ عليه كتاب الله وسنّة رسوله فهل يسوغ أن يقال: إنه رجع عنه إلى غيره؟ فإلى ماذا رجع إلى كتاب الله وسنّة نبي الله وخلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون وأئمة الحديث المرضيون، وقد علم أنه مذهبهم ورواه عنهم، هذا الذي [لعمري] ما لا يليق نسبته إلى عوام المسلمين كيف بأئمة الدين؟ ) إلى أن قال :
((وقد ذكر الكتاب واعتمد عليه وأثبته عن الإمام أبي الحسن رحمه الله عليه وأثنى عليه بما ذكره فيه وبرأه من كل بدعة نسبت إليه، ونقل منه إلى تصنيفه جماعة من الأئمة الأعلام من فقهاء الإسلام وأئمة القراء وحفاظ الحديث وغيرهم.))
والعجيب أن هذا الامام الأشعري مذهبا قد نقل عن أحد أئمتهم وصف أمثال هؤلاء المتأخرين ممن ينقل مذهبهم المخالف بأنهم جهمية فقد جاء في الرسالة المذكورة قوله :
((ومنهم الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت الطرقي فإنه قال في بيان مسألة الاستواء من تواليفه [من تأليفه]:
ما أخبرنا به الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت قال: رأيت هؤلاء الجهمية ينتمون في نفي العرش وتأويل الاستواء إلى أبي الحسن الأشعري.
وما هذا بأول باطل ادَّعوه وكذب تعاطوه، فقد قرأت في كتابه المرسوم بـ (الإبانة عن أصول الديانة) أدلة من جملة ما ذكرته في إثبات الاستواء.
وقال في [جملة] ذلك: ومن دعاء أهل الإسلام جميعًا إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل [هم] يقولون: يا ساكن العرش.
ثم قال: ومن حَلِفِهِمء جميعًا [قولهم:] لا والذي احتجب بسبع سماوات.
هذا آخر ما حكاه، وهو في الإبانة كما ذكره [(ص 115)].)) انتهى
ثالثا – بيّن رحمه الله في مقالات الإسلاميين أن الكلابية فرقة مباينة لأهل الحديث ونقل أقوالهم ولو كان كلابيا لما فرّق بين المصطلحين ولجعل الفرقتين واحدة
رابعا – مما يؤكد هذا أنّ الأشعريّة المتأخرون لا ينقلون في كتبهمشيئا مما ذكره الأشعري في كتبه الموجودة وهي (مقالات الإسلاميين) و(رسالة إلى أهل الثغر) و (الإبانة) وحاولوا عبثا أن ينكروا نسبة كتاب الإبانة المطبوع و المتداول إليه وما ذلك إلا لعلمهم بأنّه ينقض أصول مذهبهم
خامسا- أنّ أبا الحسن الأشعري ذكر في أوّل كتاب الابانة أنه سائر على درب الامام أحمد ووصفه بأنه إمام أهل السنّة –كما تقدم-ولم ينتسب قط لابن كلاب ولا إعتزى إليه في شيء من كتبه الموجودة ومعلوم أن ابن كلاب كان مباينا لطريق الامام أحمد وأن الامام أحمد كلن ينهى عن الكلابية وعن كبارهم من أمثال الحارث المحاسبي وأصحابه ويصفهم بالجهمية وهو مشهور مستفيض فلو كان الأشعري على طريقتهم لما انتسب إلى الامام أحمد مع علمه بنهيه عن ابن كلاب وتحذيره من طريقته ..
*- أما جوابا على إدعاء المخالف حول إختلاف نسخ الإبانة وغيرها فيقال :
إن دعوى التحريف والتبديل بغير بينة ولا برهان أمر لا يعجز عنه مبطل ولو جاز ذلك لأمكن ادعاء من شاء ما شاء
ثمّ إنّ هذا أمر يأباه التحقيق العلمي لأمور :
أولا- اتفاق النسخ المحفوظة الموجودة لكتاب (الإبانة) في أبوابها ومسائلها وألفاظها وهذا يدل على بطلان دعوى التحريف إذ لو وقع التحريف لاختلفت المسائل وتعارضت الألفاظ وظهر الاختلاف الذي يغير المعاني ويقلب المسائل
ثانيا- أنه بمقارنة ما هو موجود في النسخ الموجودة المتداولة من كتاب ( الابانة) مع ما نقل منه في كتب المتقدمين فاننا نجدها متفقة متوافقة
فقد نقل الحافظ البيهقي فصلا من (الابانة) في كتابه (الاعتقاد) ص 114 فوجد مطابقا لما هو موجود
كما نقل ابن عساكر فصولا منه في (تبيين كذب المفتري) ص152-162 فوجدت مطابقة لما هو موجود
كما نقل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فصولا منه أيضا في غير ما موضع من كتبه ككتاب (نقض التأسيس) ص63-85 وفي مجموع الفتاوى 3/224-225 .. 5/93-98،168- 178 ووجدت مطابقة لما هو مطبوع
وكذلك ابن القيم كما في حاشيته على تهذيب السنن 13/35-36 وفي مختصر الصواعق 2/129 فوجدت جميعها مطابقة لما هو موجود
ونقل أيضا الحافظ الذهبي فصولا منه في كتابيه ( العلو) ص218 و(العرش) ص291-303 فوجدت موافقة للنسخ الموجودة
ثالثا-أنّ الذي يؤكد ذلك أيضا هو اتفاق كتب الأشعري المتأخرة مع ما في الابانة من حيث المسائل والتقريرات فقد قرر في كتاب (مقالات الإسلاميين) في معتقد أهل الحديث ما يماثل تقريره في الابانة وكذلك في (رسالة إلى أهل الثغر)
كما أنّ تقرير المسائل وسياق الحجج في (الإبانة) مطابق لما هو موجود في كتاب (مقالات الإسلاميين) و (رسالة إلى أهل الثغر) وأنظر-غير مأمور- ما في الإبانة ص118 مع ما في (رسالة إلى أهل الثغر) ....
*- وأما الاستدلال على التحريف المزعوم ل (الإبانة ) بما هو مسند فيه عن أبي حنيفة رحمه الله من القول بخلق القرآن فهذا أقرب إلى العبث منه إلى التحقيق العلمي ذلك أنّ هذه القصة المذكورة عن أبي حنيفة رحمه الله قد رواها جمع من الأئمة فقد رواها البخاري في (التاريخ الكبير) (4/127) وفي (خلق أفعال العباد ) (ص7) ورواها عبد الله بن الإمام أحمد في كتابه (السنة) (1/184) والعقيلي في (الضعفاء) (2/280) واللالكائي في (شرح أصول إعتقاد أهل السنة ) (2/239) وابن الجعد في (مسنده) (ص22) والخطيب في (تاريخ بغداد) (13/388).
فهل يفهم من هذا: أن هذه الكتب قد نالتها أيدي المحرفين أيضا ؟؟؟
بل إنّ عبد الله بن الإمام أحمد قد عقد فصلا فيما ورد في أبي حنيفة رحمه الله من الذم
فقال: (باب: ما حفظت عن أبي وغيره من المشايخ في أبي حنيفة) ثم ساق آثارا كثيرة (السنة (1/180)
ولا يعني هذا صحت كل ما نسب إلى أبي حنيفة كما نسب إليه القول بخلق القرآن بل الصحيح الثابت عنه هو: أن القرآن كلام الله غير مخلوق كما نص على ذلك في (الفقه الأكبر) له وفي غيره من كتبه ورسائله وكما في كتاب (العقيدة ) لابن صاعد وغير ذلك من الكتب إلا أن المقصد هنا أن نبين أن ما هو منسوب لأبي حنيفة من القول بخلق القرآن مذكور في كتب أهل السنة فلا يستغرب أن يذكره الأشعري أيضا فكيف يكون دليلا على دخول التحريف في كتاب (الإبانة) .... انتهى بتصرف يسير انتهى بتصرف يسير
.............................. ....................
اعتمادا على كتاب الأشاعرة للشيخ فيصل بن قزار الجاسم حفظه الله وغيره .. (تلخيص وإضافة)
كما يعلم كل مطّلع على الاتجاهات الفكرية والعقدية فإنّ الأشعري رحمه الله قد مرّ في حياته بأطوار عديدة تركت آثارها العميقة في مؤلفاته وأتباعه فقد كان رحمه الله على معتقد المعتزلة ثمّ تركهم وسلك طريق ابن كلاب ليستقرّ أمره بعد ذلك على البراء من كلّ ما خالف عقيدة الإمام احمد رحمه الله وهي عقيدة الأئمة من قبله كما هو معلوم رغم ما شاب هذه العودة من رواسب عقدية للمذاهب التي تبناها طوال مسيرته العلميّة إذ ألّف رحمه الله كتاب الإبانة في أواخر حياته وقرر فيها حقيقة مذهبه وما إنتهى إليه خلال رحلته الطويلة بحثا عن الحق هذا المذهب الذي أناخ بضلاله على جميع مؤلفاته في تلك الفترة الحساسة من حياته فأي مطّلع على مقالات الاسلاميين أو رسالته إلى أهل الثغر يجزم أنها قد كتبت على نفس المنهج ويظهر فيها نفس النفس السلفي الذي رفضه ويرفضه هؤلاء المتأخرون ممن ينتسب لهذا الأمام وهو على غير نهجه
و يمكن الإستدلال على ثبوت هذه المرحلة الأخيرة أي مرحلة العودة إلى السنّة بالعديد من المعطيات والشواهد منها:
أولا- أنها مرحلة قد أثبتها العديد من المحققين وعلى رأسهم الحافظ إبن كثير رحمه الله وهو من هو في التحقيق وسعة الإطّلاع :
يقول رحمه الله كما جاء في طبقات الشافعية (وقد نقلها المرتضى الزبيدي في الإتحاف دون تعقيب) :
((ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري ثلاثة أحوال:
أولها حال الانعزال التي رجع عنها لا محالة.
والحال الثاني إثبات الصفات العقلية السبعة، وهي الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام. وتأويل الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق ونحو ذلك .
والحال الثالث إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه جرياً على منوال السلف وهي طريقته في الإبانة التي صنفها آخراً.))
وأشار إلى هذه الحقيقة عالم محقق آخر وهو الحافظ الذهبي رحمه الله فقد جاء في السير قوله :
((قلت رأيت لأبي الحسن أربعت تواليف في الأصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات وقال فيها تمر كما جاءت ثم قال و بذلك أقول وبه أدين ولا تؤوّل))
ونصّ عليها رحمه الله في كتابه (العرش) قائلا : ((ولد الاشعري سنة ستين ومائتين ومات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة رحمه الله وكان معتزليا ثم تاب ووافق أهل الحديث في أشياء يخالفون فيها المعتزلة ثم وافق أصحاب الحديث في أكثر ما يقولونه وهو ماذكرناه عنه من أنه نقل إجماعهم على ذلك وأنّه موافق لهم في جميع ذلك فله ثلاثة أحوال :حال كان معتزليا وحال كان سنيا في بعض دون البعض وحال كان في غالب الأصول سنيا وهو الذي علمناه من حاله))
وقال رحمه الله كتابه ((العلو للعلى الغفار)):(( كان أبو الحسن أولا معتزلياً أخذ عن أبي علي الجبائي ثم نابذه ورد عليه وصار متكلماً للسنة ، ووافق أئمة الحديث ،
فلو انتهى أصحابنا المتكلمون إلى مقالة أبي الحسن ولزموها لأحسنوا ولكنهم خاضوا كخوض حكماْ الأوائل في الأشياء ومشوا خلف المنطق فلا قوة إلا بالله ))
وزاد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المسألة وضوحا فقال كما في نقض التأسيس (( إنّ الأشعري وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب فإنه تلميذ الجبائي ومال إلى طريقة ابن كلاب وأخذ عن زكريا الساجي أصول الحديث بالبصرة ثمّ لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أمورا أخلاي وذلك آخر أمره كما ذكره هو وأصحابه في كتبهم ))
وقال العلامة الألوسي رحمه الله كما في غرائب الإغتراب :(( فقلت يامولاي يشهد لحقيقة مذهب السلف في المتشابهات وهو إجراؤها على ظواهرها مع التنزيه ((ليس كمثله شىء)) إجماع القرون الثلاثة الذين شهد بخيريتهم خبر النبي صلى الله عليه وسلم ولجلالة شأن ذلك المذهب ذهب إليه غير واحد من أجلة الخلف ومنهم الامام ابو الحسن الأشعري لأن آخر أمره الرجوع إلى ذلك المذهب الجليل بل الرجوع إلى ما عليه السلف في جميع المعتقدات قال في كتابه (الإبانة) : الذي هو آخر مؤلفاته بعد كلام طويل (( الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم وما رةي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان عليه أحمد إبن حنبل نضر الله تعالى وجهه قائلون ولمن خالف قوله مجانبون )) وهو ظاهر في أنّه سلفي العقيدة وكيف لا والإمام أحمد علم في ذلك ولهذا ( ... نعص لميه هكذا في المطبوع ولعلها نعض عليه .. أخوكم ) من بين أئمة الحديث ويعلم من هذا أن ما عليه الأشاعرة غير ما رجع إليه إمامهم في آخر أمره من اتباع السلف الصالح فليتهم رجعوا كما رجع واتبعوا ما اتبع ))
ثانيا –أنّ ماقرره أبة الحسن الأشعري في الابانة ومقالات الإسلاميين و رسالته إلى أهل الثغرمن مسائل المعتقد ومنه مسائل الصفات موافق في جملته لمعتقد السلف ومخالف لما عليه هؤلاء المتأخرةن ممن يدعي السير على نهجه واتباع طريقته
فقد أثبت رحمه الله الصفات على ظاهرها ومنع من تأويلها وعدّ من تأوّلها مبتدعة وجهمية بل صرّح رحمه الله بأنّ الصفات حقيقية وأوجب الأخذ بالظاهر وبين أن آيات الصفات مفهومة معلومة وردّ على من تأةّلها وأخرجها عن حقيقتها وهذا يؤكد أنها –أي المرحلة الأخيرة-مغايرة لمرحلته الكلابية
ومما يؤكد هذا المعنى ويسنده قول بعض الطاعنين في أبي الحسن أنه إنما ألف الإبانة مصانعة ورعاية لأهل السنة
فقد قال ابو علي الأهوازي رحمه الله ((وللأشعري كتاب في السنة قد جعله أصحابه وقاية لهم من أهل السنة يتولون به العوام من أصحابنا سماه (الابانة) صنفه ببغداد لما دخلها فلم يقبل ذلك منه الحنابلة وهجروه
وسمعت أبا عبد الله الحمراني يقول : لما دخل الأشعري بغداد جاء إلى البربهاري فجعل يقول : رددت على الجبائي وعلى أبي هاشم ونقضت عليهم وعلى اليهود والنصارى وعلى المجوس فقلت وقالوا )) وأكثر الكلام في ذلك فلما سكت قال البربهاري (( ما أدري مما قلت قليلا ولا كثيرا ما نعرف إلا ما قال أبوا عبد الله أحمد ابن حنبل )) فخرج من عنده وصنف كتاب الابانة فلم يقبلوه منه ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها )) وظاهر هذا النقل يدل على أن كتاب الابانة مخالف لما عليه الأشاعرة ولذلك ظن بعض الطاعنين أنه إنما ألفه مصانعة وهذا الظن وإن لم يكن صحيحا إلا أنه ثبت أن منهج الأشعري في الابانة موافق لأهل السنة ومخالف لتلك الطريقة التي تسمى بالأشعرية وقد اعترف بهذه الحقيقة العديد من الأشاعرة المعاصرون وان كانوا يؤوّلونها تأويلا آخر ويزعمون بأن هذه المرحلة هي الثانية وليست الأخيرة فالمهم هو إعترافهم بهذا الأمر وهو أن الابانة تهدم أصول مذهبهم الحادث رغم أنهم ويا عجبا يعترفون بأنهت من تأليف إمامهم ومن هؤلاء الكوثري وغيره والذي سنعرض عن حكاية قوله لاشتهاره ونقدم عليه قول شخصية أشعرية أخري وهي شخصية الدكتور سعيد فودة فقد جاء في كتابه "بحوث في علم الكلام" (ص41):
" وبعد الدراسة لهذه المرحلة دراسة مدققة توصلت إلى أنه عندما تراجع عن فكر الاعتزال التقى بالحنابلة الذين كانوا قد غالوا حتى وصلوا إلى أطراف التجسيم بل كثير منهم كان قد غاص فيه, والتقى بأحد مشايخهم وهو الحافظ زكريا الساجي المتوفى سنة 307هـ, ومنه عرف الأشعري مقالة الحنابلة وعقائدهم, وعلى إثر هذا ألف كتابه "الإبانة عن أصول الديانة"؛ هذا الكتاب الذي قال فيه الكوثري: إن الإمام الأشعري حاول بهذا الكتاب أن يتدرج بالمجسمة من أحضان التجسيم ليرفعهم إلى أعتاب التنزيه, ولا شك أن هذا الكتاب كان بعد أن رأى الأشعري مدى اختلاط الحنابلة بعقائد المجسمة؛ فأراد أن يرفعهم عن هذه الدرجة فألف كتاب "الإبانة", وألف كثيراً من الكتب نحو "اللمع" و"رسالة إلى أهل الثغر" وغيرها! "
وقال الامام القاضي أبو القاسم عبد الملك بن عيسى بن درباس كما في
أصول الديانة رسالة في الذب عن أبي الحسن الأشعري وكتابه الإبانة عن
(ينسبها بعض المحققين لابن أخيه الفقيه إبراهيم ابن الفقيه الإمام أبي عمرو عثمان بن عيسى بن درباس)
((أما بعد.. فاعملوا معشر الإخوان وفقنا الله وإياكم للدين القويم وهدانا أجمعين الصراط المستقيم أن كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي ألفه الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري هو الذي استقر عليه أمره فيما كان يعتقده وبما كان يدين الله سبحانه وتعالى بعد رجوعه من الاعتزال بمنَّ الله ولطفه، وكل مقالة تنسب إليه الآن مما يخالف ما فيه فقد رجع عنها وتبرأ إلى الله سبحانه منها، كيف وقد نص فيه على أنه ديانته التي يدين الله سبحانه بها، وروي وأثبتت ديانة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث الماضين وقول أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين، وأنه ما دلّ عليه كتاب الله وسنّة رسوله فهل يسوغ أن يقال: إنه رجع عنه إلى غيره؟ فإلى ماذا رجع إلى كتاب الله وسنّة نبي الله وخلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون وأئمة الحديث المرضيون، وقد علم أنه مذهبهم ورواه عنهم، هذا الذي [لعمري] ما لا يليق نسبته إلى عوام المسلمين كيف بأئمة الدين؟ ) إلى أن قال :
((وقد ذكر الكتاب واعتمد عليه وأثبته عن الإمام أبي الحسن رحمه الله عليه وأثنى عليه بما ذكره فيه وبرأه من كل بدعة نسبت إليه، ونقل منه إلى تصنيفه جماعة من الأئمة الأعلام من فقهاء الإسلام وأئمة القراء وحفاظ الحديث وغيرهم.))
والعجيب أن هذا الامام الأشعري مذهبا قد نقل عن أحد أئمتهم وصف أمثال هؤلاء المتأخرين ممن ينقل مذهبهم المخالف بأنهم جهمية فقد جاء في الرسالة المذكورة قوله :
((ومنهم الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت الطرقي فإنه قال في بيان مسألة الاستواء من تواليفه [من تأليفه]:
ما أخبرنا به الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت قال: رأيت هؤلاء الجهمية ينتمون في نفي العرش وتأويل الاستواء إلى أبي الحسن الأشعري.
وما هذا بأول باطل ادَّعوه وكذب تعاطوه، فقد قرأت في كتابه المرسوم بـ (الإبانة عن أصول الديانة) أدلة من جملة ما ذكرته في إثبات الاستواء.
وقال في [جملة] ذلك: ومن دعاء أهل الإسلام جميعًا إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل [هم] يقولون: يا ساكن العرش.
ثم قال: ومن حَلِفِهِمء جميعًا [قولهم:] لا والذي احتجب بسبع سماوات.
هذا آخر ما حكاه، وهو في الإبانة كما ذكره [(ص 115)].)) انتهى
ثالثا – بيّن رحمه الله في مقالات الإسلاميين أن الكلابية فرقة مباينة لأهل الحديث ونقل أقوالهم ولو كان كلابيا لما فرّق بين المصطلحين ولجعل الفرقتين واحدة
رابعا – مما يؤكد هذا أنّ الأشعريّة المتأخرون لا ينقلون في كتبهمشيئا مما ذكره الأشعري في كتبه الموجودة وهي (مقالات الإسلاميين) و(رسالة إلى أهل الثغر) و (الإبانة) وحاولوا عبثا أن ينكروا نسبة كتاب الإبانة المطبوع و المتداول إليه وما ذلك إلا لعلمهم بأنّه ينقض أصول مذهبهم
خامسا- أنّ أبا الحسن الأشعري ذكر في أوّل كتاب الابانة أنه سائر على درب الامام أحمد ووصفه بأنه إمام أهل السنّة –كما تقدم-ولم ينتسب قط لابن كلاب ولا إعتزى إليه في شيء من كتبه الموجودة ومعلوم أن ابن كلاب كان مباينا لطريق الامام أحمد وأن الامام أحمد كلن ينهى عن الكلابية وعن كبارهم من أمثال الحارث المحاسبي وأصحابه ويصفهم بالجهمية وهو مشهور مستفيض فلو كان الأشعري على طريقتهم لما انتسب إلى الامام أحمد مع علمه بنهيه عن ابن كلاب وتحذيره من طريقته ..
*- أما جوابا على إدعاء المخالف حول إختلاف نسخ الإبانة وغيرها فيقال :
إن دعوى التحريف والتبديل بغير بينة ولا برهان أمر لا يعجز عنه مبطل ولو جاز ذلك لأمكن ادعاء من شاء ما شاء
ثمّ إنّ هذا أمر يأباه التحقيق العلمي لأمور :
أولا- اتفاق النسخ المحفوظة الموجودة لكتاب (الإبانة) في أبوابها ومسائلها وألفاظها وهذا يدل على بطلان دعوى التحريف إذ لو وقع التحريف لاختلفت المسائل وتعارضت الألفاظ وظهر الاختلاف الذي يغير المعاني ويقلب المسائل
ثانيا- أنه بمقارنة ما هو موجود في النسخ الموجودة المتداولة من كتاب ( الابانة) مع ما نقل منه في كتب المتقدمين فاننا نجدها متفقة متوافقة
فقد نقل الحافظ البيهقي فصلا من (الابانة) في كتابه (الاعتقاد) ص 114 فوجد مطابقا لما هو موجود
كما نقل ابن عساكر فصولا منه في (تبيين كذب المفتري) ص152-162 فوجدت مطابقة لما هو موجود
كما نقل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فصولا منه أيضا في غير ما موضع من كتبه ككتاب (نقض التأسيس) ص63-85 وفي مجموع الفتاوى 3/224-225 .. 5/93-98،168- 178 ووجدت مطابقة لما هو مطبوع
وكذلك ابن القيم كما في حاشيته على تهذيب السنن 13/35-36 وفي مختصر الصواعق 2/129 فوجدت جميعها مطابقة لما هو موجود
ونقل أيضا الحافظ الذهبي فصولا منه في كتابيه ( العلو) ص218 و(العرش) ص291-303 فوجدت موافقة للنسخ الموجودة
ثالثا-أنّ الذي يؤكد ذلك أيضا هو اتفاق كتب الأشعري المتأخرة مع ما في الابانة من حيث المسائل والتقريرات فقد قرر في كتاب (مقالات الإسلاميين) في معتقد أهل الحديث ما يماثل تقريره في الابانة وكذلك في (رسالة إلى أهل الثغر)
كما أنّ تقرير المسائل وسياق الحجج في (الإبانة) مطابق لما هو موجود في كتاب (مقالات الإسلاميين) و (رسالة إلى أهل الثغر) وأنظر-غير مأمور- ما في الإبانة ص118 مع ما في (رسالة إلى أهل الثغر) ....
*- وأما الاستدلال على التحريف المزعوم ل (الإبانة ) بما هو مسند فيه عن أبي حنيفة رحمه الله من القول بخلق القرآن فهذا أقرب إلى العبث منه إلى التحقيق العلمي ذلك أنّ هذه القصة المذكورة عن أبي حنيفة رحمه الله قد رواها جمع من الأئمة فقد رواها البخاري في (التاريخ الكبير) (4/127) وفي (خلق أفعال العباد ) (ص7) ورواها عبد الله بن الإمام أحمد في كتابه (السنة) (1/184) والعقيلي في (الضعفاء) (2/280) واللالكائي في (شرح أصول إعتقاد أهل السنة ) (2/239) وابن الجعد في (مسنده) (ص22) والخطيب في (تاريخ بغداد) (13/388).
فهل يفهم من هذا: أن هذه الكتب قد نالتها أيدي المحرفين أيضا ؟؟؟
بل إنّ عبد الله بن الإمام أحمد قد عقد فصلا فيما ورد في أبي حنيفة رحمه الله من الذم
فقال: (باب: ما حفظت عن أبي وغيره من المشايخ في أبي حنيفة) ثم ساق آثارا كثيرة (السنة (1/180)
ولا يعني هذا صحت كل ما نسب إلى أبي حنيفة كما نسب إليه القول بخلق القرآن بل الصحيح الثابت عنه هو: أن القرآن كلام الله غير مخلوق كما نص على ذلك في (الفقه الأكبر) له وفي غيره من كتبه ورسائله وكما في كتاب (العقيدة ) لابن صاعد وغير ذلك من الكتب إلا أن المقصد هنا أن نبين أن ما هو منسوب لأبي حنيفة من القول بخلق القرآن مذكور في كتب أهل السنة فلا يستغرب أن يذكره الأشعري أيضا فكيف يكون دليلا على دخول التحريف في كتاب (الإبانة) .... انتهى بتصرف يسير انتهى بتصرف يسير
.............................. ....................
اعتمادا على كتاب الأشاعرة للشيخ فيصل بن قزار الجاسم حفظه الله وغيره .. (تلخيص وإضافة)