المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سفيان بن عيينةوالإختلاط



أبو محمد السو ري
2009-11-08, 06:44 AM
الحمد لله رب العالمين00والصلا ة والسلام على من لا نبي بعده
أمَّا بعد :
إخوتي الأكارم ، ومشايخي الأفاضل في هذا المنتدى الطيب المبارك 00السلام عليكم ورحمة الله وبركاته00أسال الله لي ولكم دواد التوفيق والسداد في القول والعمل00
إخوتي الأكارم00هذا بحث متواصع ، كتبته للدفاع عن إمام كبير من أئمة السنة والحديث ألا وهو الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله ، فقد وقفت على كلام للباحث عبد الله علي أحمد الغامدي حفظه الله تعالى ، يتوقف فيه عن تصحيح أثر - هو صحيح لا شك في صحته كما سنرى ذلك إن شاء الله - من روايته - أي من رواية ابن عيينة - بحجة أنَّه اختلط ولم يتبين له أنَّ الراوي عنه قد رواه قبل الاختلاط أم بعده0
وإليكم أخوتي نصَّ كلامه ، ثم ما كتبته في التعليق عليه0
قال الباحث المذكور حفظه الله تعالى ، في تعليقه على أثر عكرمة في سبب نزول قوله تعالى :[ وتزدودا فإنَّ خير الزاد التقوى ]0كان أناس يحجون ولا يتزودون ، فأنزل الله :[ وتزدوا فإنَّ خير الزاد التقوى ]0
قال الباحث المذكور - في تخريج تفسير ابن أبي حاتم ، حيث خرج الجزء الثاني من تفسير سورة البقرة إلى نهاية السورة من هذا التفسير ، وهذا التخريج هو عبارة عن رسالة علمية لنيل شاهدة الدكتوراه من جامعة أم القرى بمكة المكرمة – ما نصه:(ص509)0" هذا الإسناد رجاله ثقات ، لكن ابن عيينة تغير ، ولم يتبين لي هل رواية محمد بن عبد الله – وهو الراوي عنه عند ابن أبي حاتم – قبل الإختلاط أم بعده00؟؟ "0
قلت : والرد على كلام الباحث هنا ذو شقين ، الأول إثبات صحة هذا الأثر بعينه ، ثمَّ الشق الثاني : وهو إثبات عدم صحة اختلاط ابن عيينة 0
أمَّا الجواب عن الشق الأول فيمكن تلخيصه بما يلي :


1 – أمَّا دعوى التوقف عن تصحيح هذا الأثر بحجة ، أنّنا لا ندري متى روى محمد بن عبد الله بن يزيد ، عن سفيان بن عيينة ، أكان ذلك قبل الإختلاط أم بعده ، فدعوى مردودة ، ذلك لأنَّه لم ينفرد في رواية هذا الأثر عن ابن عيينة ، بل رواه عنه أئمة كبار من أئمة العلم والحفظ ، نذكر منهم :
أ – عبد الرزاق بن همام الصنعاني رحمه الله ، كما في تفسيره:(1/77)0
ب – وكيع بن الجراح ، كما عند ابن أبي شيبة في مصنفه:(4/325)0
ج – سعيد بن منصور بن شعبة ، كما في سننه:(رقم347)0
د – عمرو علي بن بحر الفلاس ، كما عند الطبري في تفسيره:(4/157)0
ه – عمرو بن عبد الحميد الآملي ، كما عند الطبري في تفسيره:(4/161)0لم يقف على ترجمته الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله0
فجميع هؤلاء ، قد تابعوا محمد بن عبد الله بن يزيد في روايته عن سفيان بن عيينة ، وبعضهم قد روى هذا الأثر عنه قبل أن يختلط على اليقين ، وهو وكيع بن الجراح0
وقد اختلف أهل العلم في سنة وفاة وكيع بن الجراح ، فقد ذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أنَّه مات سنة196:(انظر تهذيب الكمال للحافظ المزي30/484)0 في حين كان موت بن عيينة على الصحيح - كما سنرى - سنة197 ، فهذا يعني أن وكيع مات قبل اختلاط ابن عيينة بسنة0
في حين ذهب الإمام علي بن المديني رحمه الله محمد بن سعد وغيرهم إلى أنَّ وفاة وكيع سنة197 ، وهو في طريق رجوعه من الحج هذه السنة ، في حين كانت وفاة ابن عيينة - على الصحيح أول شهر رجب سنة197 ، أي قبل قدوم الحجاج بأربعة أشهر ولم يسمع منه أحد في هذه ، كما قال الحافظ الذهبي في الميزان:(2/171)0 فهذا يعني أنَّه مات قبل قدوم وكيع إليه ، كما هو واضح ، وبالتالي نستطيع أن نجزم بأن وكيع سمع هذا الأثر من ابن عيينة قبل اختلاطه0


2– أنَّ الإمام البخاري رحمه الله – وهو من هو – قد أخرج هذا الأثر في صحيحه معلقاً بصيغ الجزم ، فقال:(3/384الفتح)0" ورواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة مرسلاً "0وهذا يدل دلالة واضحة على صحة هذا الأثر عند الإمام البخاري رحمه الله0


3 – كما إنَّه صحَّ عند ابن أبي حاتم أيضاً ، بل ولم يكتفِ رحمه الله ، بأنَّ صححه فحسب ، بل قدَّمه على الموصول الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عبَّاس ، فقال :"وما يرويه ابن عيينة أصح "0انظر تفسير ابن أبي حاتم:(1/310)0
قلت : فإذا صحَّ عند هذين العلمين – البخاري وابن أبي حاتم – أمن اللائق أن نضعفه نحن00؟؟0
أمَّا الجواب على الشق الثاني ، من كلام الباحث الغامدي ، وهي دعوى التوقف عن تصحيح أحاديث سفيان بن عيينة ، بحجة أننا لا ندري متى روى عنه الراوي ، فهذا من أعاجيب هذا العصر ، والجواب على هذا الأمر ، يحتاج منَّا إلى الإطالة بعض الشيء ، لأنَّ الذب عن مرويات هذا الإمام الجليل قربة وعبادة لله ، لأنَّه لو فُتِحَ هذا الباب لرُدَّت الكثير من أحاديث هذا الإمام الجهبذ بهذه الحجة الواهية ، كما سنبين ذلك لاحقاً بإذن الله تعالى ، ويمكن حصر نقاط الرد على هذا الشق بالوجوه التالية :
الأول : إنّ أول من رمى ابن عيينة بالاختلاط هو يحيى بن سعيد القطَّان رحمه الله تعالى ، فقدر روى عنه محمد بن عبد الله بن عمَّار أنَّه قال :" اشهدوا أنَّ سفيان بن عيينة اختلط سبع وتسعين و مائة فمن سمع منه فيها فسماعه لا شيء "0 وكل من قال باختلاط ابن عيينة من بعده إنَّما اعتمد على مقولة ابن القطَّان هذه0
والحقيقة أنَّ الذهبي قد ردَّ هذا الكلام ، وأنكر أن يكون ابن عيينة قد اختلط ، فقال رحمه الله في كتابه سير إعلام النبلاء:(8/465)0" فأمَّا ما بلغنا عن يحيى بن سعيد القطَّان أنَّه قال : اشهدوا أنَّ ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين و مئة ، فهذا منكر من القول ، ولا يصح ولا هو بمستقيم ، فإنَّ يحيى القطَّان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين مع قدوم الوفد من الحج ، فمن الذي أخبره باختلاط سفيان ، ومتى لحق أنَّ يقول هذا القول وقد بلغت التراقي00؟؟0وسفي ن حجة مطلقاً وحديثه في جميع دواوين الإسلام "0فهذا هو الصواب في هذه المسألة 0
وأمَّا ما يمكن أن نعتبر أنَّ الحافظ الذهبي قد تراجع بعض الشيء عن قوله هذا ، عندما قال في الميزان:(2/171)0" فلعلَّه بلغه – أي بلغ يحيى بن القطان إختلاط ابن عيينة – في إثناء سنة سبع "0 وتعليق الحافظ ابن حجر رحمه الله على هذا الكلام في التهذيب بقوله:(4/106)0" وهذا الذي لا يتجه غيره لأنَّ ابن عمَّار – وهو راوي خبر الإختلاط عن يحيى القطان – من الاثبات المتقنين ، وما المانع أن يكون سعيد سمعه من جماعة ممن حج في تلك السنة واعتمد قولهم ، وكانوا كثيراً فشهد على استفاضتهم"0


قلت : وفي هذا الكلام نظر ، والرد عليه من وجهين :
أ - قلنا فيما مضي أنَّه لم يلتقِ بابن عيينةأحد ممن حج هذه السنة ، ذلك لأنَّه مات قبل موسم الحج بأربعة أشهر ، كما قال الذهبي رحمه الله0
ب - ثمَّ إنَّ هذا تجوز واحتمال وافتراضات لا نملك آلية أثباتها ، ثمَّ إنَّه - على فرض ثبوت ذلك – يجب علينا أن نعرف أسم هذا الذي روى يحيى القطان هذا الخبر ، حتى نقف على حاله من الضبط والثقة و الفهم ، فربما نقل خبر تغير حفظ ابن عيينة - وهذا هو الثابت كما سنرى - على أنَّه إختلاط ، فيكون بذلك خلط بين التغير للشيخوخة – الذي لا يسلم منه إنسان – وبين الإختلاط بالمعنى الاصطلاحي ، وهو لا يدري0
وإلاَّ لا مناص أمامنا من اعتماد قول الذهبي في تخطئة ابن عمَّار هذا – وإن كان من المتقنين – في روايته خبر إختلاط ابن عيينة عن يحيى بن سعيد القطّان ، ذلك أنَّه لا يكاد يسلم من الخطأ والوهم إنسان0


2- والذي ثبت أنَّ ابن عيينة قد تغير حفظه بعض الشيء ، عندما كبر - وهذا موضع اتفاق بين العلماء - وفي ذلك يقول الحافظ ابن حجر نفسه في التقريب:(1/371)0" ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلاَّ أنَّه تغير حفظه بآخرة "0وهذا هو الصواب في هذه القضية ، فابن عيينة قد تغير حفظ لمَّا كبر وشاخ ، وشتان بين التغير والاختلاط ، وفي ذلك يقول الحافظ الذهبي – وهو يفرق بين الحالتين – في السير ما نصه:"(6/35)0
" فإنَّ الحافظ قد يتغير حفظه إذا كبر ، وتنقص حدة ذهنه ، فليس هو في شيخوخته كهو في شبيبته ، وما ثمَّ أحدٌ بمعصوم من السهو والنسيان ، وما هذا التغيير بضار أصلاً ، وإنَّما الذي يضر الإختلاط "0


3– ثمَّ إنّه ربما أنََّ ابن القطًَّان لتعنته في الرجال - وقد و صفه بذلك الحافظ الذهبي في الميزان:(2/171) - جعل هذا التغير في حفظ ابن عيينة ، اختلاطاً 0
أو إنَّ الذي نقل إلى يحيى القطَّان هذا الخبر – على فرض أنَّ أحداّ نقله له كما ذهب إلى ذلك ابن حجر - لم يميز بين الحالتين ، كما ميز الحافظ الذهبي وغيره من الحفاظ بين الحالتين ، فجعل مجرد التغيير الذي طرأ على حفظ ابن عيينة إختلاطاً0
وقد تنبه إلى هذا الحقيقة أحد الباحثين المعاصرين ، وهو الشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيى اليماني رحمه الله ، فقال في كتابه الفذ المبارك التنكيل ما نصه:(1/264)0" وقد كان ابن عيينة أشهر من نار على علم ، فلو كان اختلط الإختلاط الإصطلاحي لسارت بذلك الركبان ، وتناقله كثير من أهل العلم ، وشاع وذاع ، وهذا جزء:" محمد بن عاصم "0سمعه من ابن عيينة في سنة سبع ، ولا نعلم أنتقدوا منه حرفاً واحداً ، فالحق أنَّ ابن عيينة لم يختلط ، ولكن كبر سنه فلم يبق حفظه على ما كان عليه ، فصار ربما يخطىء في الأسانيد التي لم يكن قد بالغ في إتقانها كحديثه عن أيوب ، والذي يظهر أنَّ ذلك خطأ هينٌ و لهذا لم يعبأ به أكثر الأئمة ووثقوا ابن عيينة مطلقاً "0


4 – ثمَّ إنَّ ابن عيينة لعلمه وورعه وإنصافه ، هو الذي نبه النَّاس إلى هذا التغير في حفظه ، فقد أخرج أبو سعيد بن السمعاني في ذيل تاريخ بغداد – كما قال الحافظ في التهذيب4/106 – بسند قوي له إلى عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال : سمعتُ يحيى بن سعيد يقول : قلت لابن عيينة : كنتَ تكتبُ الحديث وتحدث اليوم وتزيد في السند ، أو تنقص منه ، فقال : عليك بالسماع الأول فإنَّي قد سننت- أي كبرت0


5- وعلى فرض ثبوت الإختلاط ، فإنّه ليس فيه حجة في رد أحاديثه ، أو التوقف في تصحيحها ، ذلك لأنَّه من المعروف أنَّ تغير حفظ ابن عيينة – أو اختلاطه - لم يطل طويلاً ، فقد توفي ابن عيينة على الصحيح في أول شهر رجب سنة198 ذكرذلك الحافظ في التهذيب:(4/106)0
وما ذكره الحافظ ابن الصلاح من أنَّه توفي بعد اختلاطه بسنتين ، فهو مردود ، وفي ذلك يقول الأبناسي في الشذا الفياح ما نصه:(2/786)0" قوله – أي ابن الصلاح - أنَّه بقي نحو سنتين ، هذا بناء على ما صححه في وفاته أنَّها تسع ، وإلاَّ فالمشهور سنة ثمان ، فتكون مدة اختلاطه نحو سنة لأنّ وفاته كانت يوم السبت أول شهر رحب سنة ثمان وتسعين ، قاله محمد بن سعد وابن زبر وابن حبَّان "0وانظر كلام الحافظ العراقي حول هذه المسألة في التقييد والإيضاح:(ص459)0
فهذا يعني أنَّه لم يثبت أنَّه حدَّثَ زمن تغيره ، إلاَّ ما كان من محمد بن عاصم ، فقد قرأ عليه جزء ، وفي ذلك يقول الحافظ الذهبي في الميزان:(2/171)0" و سمع منه فيها - أي سنة98 - محمد بن عاصم صاحب ذاك الجزء العالي ، ويغلب على ظني أنَّ سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل سنة سبع ، فأمَّا سنة ثمان وتسعين ففيها مات ولم يلقه أحدٌ فيها ، لأنَّه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر "0


قلت : ومع ذلك لم ينتقد أحدٌ من أهل العلم حرفاً من هذا الجزء على محمد بن عاصم – كما قال ذهبي هذا العصر الشيخ عبد الرحمن اليماني كما نقلنا كلامه منذ قليل – وهذا إن دلَّ على شيء فإنَّما يدل دلالة واضحة إلى عدم تأثر مرواياته بهذا التغير الذي طرأ على حفظه ، فكيف يتهم بالاختلاط أصلاً ، وهو لم يتغير التغير الذي يؤثر على مروياته00؟؟0


6– ولو توقفنا عن تصحيح الأحاديث التي يرويها ابن عيينة ، لهذا العذر ، فإنَّه لا تسلم لنا الكثير من أحاديثه ، ذلك أنَّ أغلب الذين رووا عنه لا نعلم على وجه الجزم متى رووا عنه ، أكان ذلك قبل سنة197 أم بعد ، والذين قالوا باختلاطه لم يبينوا لنا :" من سمع منه في سنة سبع وتسعين وما بعدها "0انظر التقييد والإيضاح للحافظ العراقي:(ص459)0
لذا لا يصح هذا التوقف في تصحيح حديثه إذا كان الراوي عنه ثقة ، بحجة أننا لا نعلم متى روى عنه قبل هذا التاريخ أم بعده ، ولم نسمع أنَّ أحداً من النقاد ردَّ حديثه أو توقف عن تصحيحه لهذه العلة ذلك لأنَّه رحمه الله :" حجة مطلقاً و حديثه في جميع دواوين الإسلام "0كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله0


7 – لأجل ذلك كله نجد أنَّ أصحاب الصحاح ، كالبخاري ومسلم رحمهم الله تعالى قد أخرجا حديثه – أي حديث ابن عيينة - و من عن طريق رواة ماتوا بعده بسنوات ، كأبي الوليد هشام بن عبد الملك الباهلي الذي توفي سنة227 ، ومحمد بن سلام بن الفرج السلمي الذي توفي سنة227 ، والإمام العلم علي بن عبد الله بن جعفر بن المديني الذي توفي سنة234 ، و قتيبة بن سعيد بن جميل البغلاني الذي توفي سنة244 ، وغيرهم الكثير من الرواة الثقات الذين رووا عن ابن عيينة – وروايتهم في الصحيحين وغيره - فإذا رجعت إلى تراجمهم في كتب الرجال لا تجد أحداً ممن ألف في الرجال قد نبه إلى أنَّ الراوي الفلاني روى عن ابن عيينة قبل الإختلاظ ، والآخر الفلاني بعد الاختلاط ، كما يحدث في العادة مع من ثبت عليه الإختلاط ، وهذا إن دلََّ على شيء ، فإنَّما يدل على أمرين لا ثالث لهما :
الأول : إمَّا أَّنَّه لم يثبت عليه الإختلاط الاصطلاحي الذي يتوجب على النقاد التحذير منه ، وإنَّما هو تغيير هين – على حد تعبير عبد الرحمن اليماني – وبالتالي لا ضرورة من التحذير منه لسهولته ويسره ، وهذا الذي نرجحه0
الثاني : وإمَّا أن يكون قد اختلط الإختلاط الاصطلاحي ، بيد أنَّه مات بعده بمدة يسيرة ، بحيث لم يثبت أنَّ أحداً من أصحابه الثقات قد روى عنه بعد اختلاطه ، أللهمَّ إلاَّ ما كان من أمر محمد بن عاصم وجزئه الذي رواه عنه في تغييره - أو اختلاطه على رأي من رأى اختلاطه – و مع ذلك فقد جاء هذا الجزء متماسكاً متيناً ، بحيث لا نعلم أنَّ أحداً من أهل العلم انتقد :" منه حرفاً واحداً "0كما قال العلامة اليماني أيضاً0
أقول : وفي كلا الحالتين ، لا نجد أي مسوغ لأحد أن يتوقف عن تصحيح ما رواه ابن عيينة ، إذا كان الراوي عنه أو بعده من الثقات ، و أمَّا أن يكون هو موطن الطعن في الرواية ، فإنَّ هذا – بحق – منكر من القول ، كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله 0
ومن تتبع تراجم الثقات الاثبات من الرواة ، يجد أنَّ الكثير منهم - ولا يتسع المجال لذكر أسمائهم هنا في هذا المقام - قد تغير حفظه بعض الشيء ، عندما كبر وأسن ، دون أن يقدح أحدٌ من أهل العلم برواياتهم0


و بعد:
هذا ما يسره الله لي في هذا الموضع الهام ، وأرجو ممن عنده إضافات مفيدة أن لا يبخل بها علينا - وإن كنتُ أعلم مسبقاً بكرم وشهامة أعضاء هذا المنتدى المبارك ، وكيف لا وهم حملة ميراث النبوة العطر0


أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري