المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا ينبغي أن نجادل اليهود والنصارى



أبو سلمان الجزائري
2009-11-04, 03:48 AM
الحمد لله الهادي من يشاء من عباده الى صراطه المستقيم
والصلاة والسلام على من أنار الله به عقول الموحدين
وعلى الآل والصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين
ثم أما بعد

نظرا لما نجده من تشعب لكثير من الإخوة حال مناقشتهم لليهود والنصارى وسائر المنحرفين
ارتأيت أن أدرج هذا الموضوع من باب التناصح بيني وبين اخوتي عل الله أن يسددني به وسائر الاخوة والأخوات

لذلك فالنهج الأمثل في دعوة الضالين إلى إلى طريق رب العالمين

حصر النقاش في أصل الدين وتوحيد رب العالمين كي يتحقق المقصود من الدعوة
ذلك أن الأجدر اتباعه منهجا في الدعوة الى الله ما قد بينه العلماء مما قد وقتوه في كتبهم تفسيرا لقول المولى عز وجل :
"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ "
فقد نص القرآن على أن اساليب الدعوة ثلاث تصرف بحسب أحوال من يُدعَى
فأهل الكتاب من اليهود والنصارى يدعون بالمقام الثالث أي بالمجادلة بالتي هي أحسن لا بالمقامين الأولين وفي هذا المقام لم يقل جل وعلا الجدل الحسن وانما وصفه بما هو أحسن وهذا من صيغ المبالغة حيث وجدنا ان استعمال الحكمة ذكر مجردا والموعظة الحسنة بقيد الحسنة لا الأحسن بخلاف الجدال فبما هو أحسن ذلك أن الجدال في غالبه لا يؤدي الى ثمرة فينبغي الاحتياط أكثر واستعمال العبارات الأدق .
وكما قال حبر الأمة و ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : [[ ما من شبهة يأتي بها مبتدع أو داعية أو ذو شبهة -إلى أن تقوم الساعة- إلا وجوابها في القرآن، علمه من علمه، وجهله من جهله ]] ولهذا فأفضل أنواع المجادلة: هو أن تستخدم الأسلوب القرآني في الدعوة إلى الله.

وأنبه اخوتي كذلك أن الجدال في أصله ليس المقصود به أن تجذب الناس إلى الحق وإلى الخير؛ بل هو لإقامة الحجة على المعاند؛ ولهذا صاحب المرحلة الثالثة، لو كان ممن نريد أن نجذبه إلى الحق والخير وكان قابلا منقاذا للحق لكان حالنا معه هو الوعظ، أي: الموعظة الحسنة، لكن هذا المعارض المخالف المصر على ما هو عليه، حالنا معه أن نقيم عليه الحجة، ولا نيأس من أن الله قد يهديه فيستجيب؛ ولهذا يكون بالتي هي أحسن... طمعاً لعل الله أن يهديه؛ ولكن مع ذلك لا يجوز أن يغلب علينا الطمع، فنجعله منهجاً للدعوة.
.فالمنهج الصحيح في الدعوة: أن نعرض الحق؛ فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى ملوك الأرض بآيات بينات، وأرسل رسله مبلغين عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الله قد بعث رسولاً يدعو إلى الله وحده لا شريك له، فكان يبعث بالرسالة إلى أحد الملوك، فإن قرأها وآمن فالحمد لله، كما كتب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهرقل قوله تعالى:
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
فهذه آية كتبها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي: فإن أردت الإسلام فأسلم، وإن لم ترد الإسلام فاشهد بأنا مسلمون، والأمر بيننا وبينك هو ما شرعه الله من الجهاد أو الجزية، فليست مناظرات أو مجادلات قلتم وقلنا فهذا ليس من منهج الدعوة، وإنما يكون ذلك إذا احتجنا إلى إقامة الحجة.حتى مع المشركين، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يطْمئن نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الأمر ليس نقصاً في البينات، ولا خللاً في الدعوة، ولا قصوراً في الحجة؛ وإنما الأمر عناد واستكبار، فقال سبحانه:
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ
أي: فلا يقولوا: هذا عذاب جاء من عند الله، وقال سبحانه:
وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا
.فالمسألة ليست قضية آيات ولا حجج كما بين سبحانه في قوله:
وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
فلو أرسل الله لهم رسولاً وأيدَّه بجميع المعجزات، لقالوا كما في الآية:
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ
إذاً: فالذي ليس عنده استعداد لأن يؤمن؛ لن يؤمن مهما عرضت عليه من الحجة إلا أن يشاء الله؛ لأن مشيئة الله فوق كل شيء؛ لكن منهج الدعوة في هذه الحالة هو إقامة الحجة كما أقامها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مشركي قريش والعرب، وكما أقام نبي الله موسى الحجة على فرعون، فجادله ثم أراه الآيات التي أعطاه الله إياها آية بعد آيه، وهو يؤمن إذا اشتد عليه الوباء من الجراد والضفادع، والطوفان ثم إذا ذهب ذلك رجع وقومه إلى ما كانوا عليه من الكفر.فإذاً: يجب علينا أن نعرف أن المنهج الذي أمر به الله، والذي انتهجه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورسل الله صلوات الله وسلامه عليهم هو تقرر في الآيات، سواءٌ ما تعلق بالأسلوب أو الغاية.

وبالتالي فالنقاط التي ينبغي علينا مراعاتها اخوتي حال المجادلة بالتي هي أحسن

1 الدعوة الى الحق وبيان أن الله واحد بالأدلة العقلية الكونية
2 التحذير الصريح من الباطل الذي يعتقده النصارى واليهود وأهل الشرك والالحاد مع بيان بطلان ذلك بالحجج وتعضيد الأقوال بالأدلة والوقائع

وأن لا نتشعب أكثر من ذلك


والله الموفق والمعين
وهو الهادي من يشاء من عباده الى صراطه المستقيم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد