محمد جمعة الحلبوسي
2009-10-20, 09:33 PM
نقف اليوم مع صفة من الصفات المذمومة والمنتشرة بين الناس ، هذه الصفة من الصفات التي تسبب غضب الله تعالى وإعراض الخلق ، بل هي دليل على ضعف الإيمان وسوء الأخلاق وتجلب لمن اتصف بها الشقاء ونكد البال وسوء الحال .
هذه الصفة هي (نكران الجميل ) وما معنى نكران الجميل ؟
تعال لكي نسال أهل الذكر عن معنى نكران الجميل ، وإذا بهم يجيبوننا فيقولون : معنى نكران الجميل هو: ألا يعترف الإنسان بلسانهبما يقر به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أسديتإليه.
وقد دعا ديننا الحنيف إلى الإقرار بالجميل وتوجيه الشكر لمن أسداه إلينا، حتى تسود العلاقات الطيبة في المجتمع ،بل وأمرنا بالدعاء له حتى يعلم أنه قد كافأناه؛ فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ ، فَأعِيذُوهُ ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللهِ ، فأَعْطُوهُ ، وَمَنْ دَعَاكُمْ ، فَأَجِيبُوهُ ، وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد كَافَأْتُمُوهُ )) . حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين .
وفي حديث آخر وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى الاعتراف بالجميل وعدم نكرانه؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ أُعْطِىَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ فَمَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ ».رواه أَبُو دَاوُدَ
أما أن يحسن الآخرون إلى أحدنا فلا يجدون إلا نكرانًا فهذا دليل على خِسَّة النفس وحقارتها؛ إذ النفوس الكريمة لا تعرف الجحود ولا النكران، بل إنها على الدوام وفية معترفة لذوي الفضل بالفضل .
أما اللئيم فإنه لا يزيده الإحسان والمعروف إلا تمردًا:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*** وإن أنت أكرمت اللئيم تمرد
أخي المسلم :
من لم يشكر الناس لم يشكر الله؛ فقد جاء في الحديث: عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر: "مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ، لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ، لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ..) رواه احمد في مسنده ج4/ص278 ح18472
واعلم أخي : أن شكر النعمة من أسباب بقائها وزيادتها وإن نكران الجميل سبب العقوبة وزوال النعم .
واسمع إلى هذه القصة التي حدثنا عنها نبينا العظيم والتي يريد ان يخاطبنا من خلالها فيقول يا مسلمون : ان اردتم ان تحافظوا على نعم الله عليكم وزيادتها فادوا شكرها ، وان نكرانها هو سبب في اتلافها وزوالها :
عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - : أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، يقُولُ : (( إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ : أبْرَصَ ، وَأَقْرَعَ ، وَأَعْمَى ، أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكاً ، فَأَتَى الأَبْرَصَ ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ : لَوْنٌ حَسنٌ ، وَجِلدٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوناً حَسنَاً . فَقَالَ : فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ ؟ قَالَ : الإِبلُ - أَوْ قالَ : البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ ، فَقَالَ : بَاركَ الله لَكَ فِيهَا .
فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعراً حَسَناً . قالَ : فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : البَقَرُ ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً ، وَقالَ : بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا .
فَأَتَى الأَعْمَى ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : أَنْ يَرُدَّ الله إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ النَّاسَ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : الغَنَمُ ، فَأُعْطِيَ شَاةً والداً ، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ
ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ باللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ ، والجِلْدَ الحَسَنَ ، وَالمَالَ ، بَعِيراً أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري ، فَقَالَ : الحُقُوقُ كثِيرةٌ . فَقَالَ : كأنِّي اعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فقيراً فأعْطَاكَ اللهُ !؟ فَقَالَ : إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ الله إِلَى مَا كُنْتَ .
وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا ، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ .
وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي ، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري ؟ فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللهِ ما أجْهَدُكَ اليَومَ بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للهِ - عز وجل -. فَقَالَ : أمْسِكْ مالَكَ فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ . فَقَدْ رضي الله عنك ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ )مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
ارايتم كيف أنكر كل من الأبرص والأقرع نعمة الله تعالى، وجحدوا إحسانه عليهم، وزعموا أنه من كدهم وكد آبائهم، وهذا من أقبح ما يكون عليه الإنسان ، فعاقبهما الله تعالى بسلب النعمة منهما .
اما الأعمى فيوم ان شكر الله تعالى ولم ينكر الجميل نال رضاء الله وحافظ على تلك النعمة .
فليسال المسلم نفسه هل هو من الذين يعرفون الفضل لأهله ويجازون الإحسانبالإحسان ويكافئون أهل المعروف ولا ينكرونه .
أما هو من الذين يحسن الناس إليه فلا يقابلهم إلا بالنكران والجحود .
تعال لنطوف في مجتمعنا لنرى الكثير من المسلمين اليوم من اتصفوا بهذه الصفة إلا ما رحم ربي، وتأمل معي :
كم من زوجة اليوم تحسن الى زوجها وتكون كريمة معه بمالهاوتضحي لأجله وتقف معه حال فقره وشدته وتقدم له الشيء الكثير في سبيل إرضائه ومحبتهوربما كان مريضا فتصبر وتحتسب وتسهر عليه فتبذل كل ما تملك في سبيل شفائه فإذااستغنى الزوج وأقبلت عليه الدنيا رحل عنها وطردها وشردها في الوقت التيتكون في أمس الحاجة إلى عطائه وإحسانه فينسى معروفها ويتناساها ويقابل الإحسانبالإساءة وربما ذكرها بسوء.
وكم من زوجة يحسن إليهازوجها ويكرمها ويعاملها المعاملة الطيبة ولم يقصر في يوم من الأيام معها في مأكل أو ملبس ، وعند أول خلاف بينهما قالت : (ما رأيت منك خيرًا قط) .
وقد اخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال-صلى الله عليه وسلم-: أُرِيْتُ النارَ فإذا أكثرُ أهلِها النساءُ يَكْفُرْنَ قيل أَيَكْفُرْنَ باللهِ قال يَكْفُرْنَ العشيرَ ويكفرن الإحسانَ إنْ أحسنتْ إلى إحداهن الدهرَ ثم رأتْ منك شيئًا قالتْ ما رأيتُ منكَ خيرًا قطُّ)البخارى (1/19 ، رقم 29)
وكم من أم مات زوجها فضحت بنفسها و مالها ليكمل ابنها الطريق، ولما فتح الله عليه ، ووسع له في رزقه إذا به يتنكر لتلك الأمالرائعة ، بل و يفضل زوجته عليها ، بل ربما وصل الأمر لحد العقوق .
فكم من أم بكت منولدها .. الله أكبر .. أين هؤلاء من قول ابن عمر رضي الله عنه عندما ذكر الكبائرقال ( و بكاء الوالدين من العقوق ) ..
وهناأقول لكل زوجة تحرض زوجها على عقوق والديه : اعلمي أنه من عامل والديه المعاملة السيئة ، فسيعامل زوجته المعاملة السيئة كذلك ، وستظهر الأيام ذلك ..
وليحمد الله عز وجل كل رجليرزقه الله بزوجة تذكره و تحرضه على بر والديه ، و خاصة الأم،فالزوجة الصالحة من أسباب السعادة ، و من علامات توفيق الله للعبد .
وكم من اب تعب في تربية ولده ، وبذل ما بذل من الوقت والمال والجهد في سبيل ان يصل ولده الى الطريق الصحيح .
وعندما يتعلم ويتثقف ويصبح صاحب وظيفة عالية في المجتمع تنكر لوالده ونسي كل ذاك الاحسان ، وربما وصلت الحالة به الى ان يدعو الله عليه في كل لحظة بالموت والهلاك كي يستريح منه .
انا اقول لكل من يفعل ذلك مع والديه انه ليس له إلا خزي في الدنيا والآخرة واسمع القصة : كان لاحد الصالحين ام يقوم بنفسه على خدمتها ولا يشرك زوجته في امر من امور امه فعندما توفي وصعدت روحه الى الله لقي الله وهو عليه غضبان .
فقالت الملائكة ياربنا لقد كان يكرم امه ! ويقوم على خدمتها ! فقال الله تعالى لهم يا ملائكتي انتم لا تعلمون ماذا كان يقول بيني وبينه انه كلما قدم لها طعاما سالني قائلا اللهم خذها وارحني منها .
فماذا سيقول لك الله يامن شتمت امك واباك؟ .. يامن فضلت زوجتك على امك وابيك ؟.. يامن طردت أمك وأباك من بيتك ؟
وفي نفس الوقت لي وقفة قصيرة معك أيها الأب
بعض الآباء لا يسال إذا ما كان ابنه يصلي أم لا ؟ وكم من الأمهات لم تأمرابنتها بالصلاة ؟ وبعد كل هذا عندما يكبر الأبناء ويعصون الآباء ... يقول الآباءأين بر الوالدين ! كيف تريد برا وأنت لم تربي ابنك في الصغر ؟ لم تعطه الحنان ، لمتهتم له وتشعر به ! وفوق هذا كله ... كيف تريد البر وأنت لم تعلم ابنك الإسلام الحقيقي؟
يحرص الكثير من الآباء على توفير كل وسائل الرفاهية لأبنائهم ، ولكنقليل من يهتم بتربيه ابنه تربية إسلامية ... ولهذا تجد حال الأبناء والآباء هكذا ... فكما تزرع ...للأسف تحصد ...
تريد أن يكون ابنك بارا بك ؟ أن ينفذواجباته نحوك ؟ أعطه أولا حقوقه ، واهم حقوقه أن تهتم بتربيته تربية إسلامية حقيقية من الصغر ... وإلا فكل الآباء سيحصدون ما زرعوا
فلنتقٍ الله في أبنائنا فيصغرهم.....كي يتقوا الله فينافي كِبرنا
فيا أخي تعلم أن تحسن لمن أحسن إليك،وإياك ونكران الجميل ، فهي أقبح صفه قد يتصف بها الإنسان.
اللهم أعنا على شكر نعمك، وحسن عبادتك، وتذكر آلائك ومننك، اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.. اللهم اغفر وارحم وأنت خير الراحمين.
هذه الصفة هي (نكران الجميل ) وما معنى نكران الجميل ؟
تعال لكي نسال أهل الذكر عن معنى نكران الجميل ، وإذا بهم يجيبوننا فيقولون : معنى نكران الجميل هو: ألا يعترف الإنسان بلسانهبما يقر به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أسديتإليه.
وقد دعا ديننا الحنيف إلى الإقرار بالجميل وتوجيه الشكر لمن أسداه إلينا، حتى تسود العلاقات الطيبة في المجتمع ،بل وأمرنا بالدعاء له حتى يعلم أنه قد كافأناه؛ فعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللهِ ، فَأعِيذُوهُ ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللهِ ، فأَعْطُوهُ ، وَمَنْ دَعَاكُمْ ، فَأَجِيبُوهُ ، وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد كَافَأْتُمُوهُ )) . حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين .
وفي حديث آخر وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى الاعتراف بالجميل وعدم نكرانه؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ أُعْطِىَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ فَمَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ ».رواه أَبُو دَاوُدَ
أما أن يحسن الآخرون إلى أحدنا فلا يجدون إلا نكرانًا فهذا دليل على خِسَّة النفس وحقارتها؛ إذ النفوس الكريمة لا تعرف الجحود ولا النكران، بل إنها على الدوام وفية معترفة لذوي الفضل بالفضل .
أما اللئيم فإنه لا يزيده الإحسان والمعروف إلا تمردًا:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*** وإن أنت أكرمت اللئيم تمرد
أخي المسلم :
من لم يشكر الناس لم يشكر الله؛ فقد جاء في الحديث: عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر: "مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ، لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ، لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ..) رواه احمد في مسنده ج4/ص278 ح18472
واعلم أخي : أن شكر النعمة من أسباب بقائها وزيادتها وإن نكران الجميل سبب العقوبة وزوال النعم .
واسمع إلى هذه القصة التي حدثنا عنها نبينا العظيم والتي يريد ان يخاطبنا من خلالها فيقول يا مسلمون : ان اردتم ان تحافظوا على نعم الله عليكم وزيادتها فادوا شكرها ، وان نكرانها هو سبب في اتلافها وزوالها :
عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - : أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، يقُولُ : (( إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ : أبْرَصَ ، وَأَقْرَعَ ، وَأَعْمَى ، أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكاً ، فَأَتَى الأَبْرَصَ ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ : لَوْنٌ حَسنٌ ، وَجِلدٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوناً حَسنَاً . فَقَالَ : فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ ؟ قَالَ : الإِبلُ - أَوْ قالَ : البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ ، فَقَالَ : بَاركَ الله لَكَ فِيهَا .
فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعراً حَسَناً . قالَ : فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : البَقَرُ ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً ، وَقالَ : بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا .
فَأَتَى الأَعْمَى ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : أَنْ يَرُدَّ الله إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ النَّاسَ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : الغَنَمُ ، فَأُعْطِيَ شَاةً والداً ، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ
ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ باللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ ، والجِلْدَ الحَسَنَ ، وَالمَالَ ، بَعِيراً أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري ، فَقَالَ : الحُقُوقُ كثِيرةٌ . فَقَالَ : كأنِّي اعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فقيراً فأعْطَاكَ اللهُ !؟ فَقَالَ : إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ الله إِلَى مَا كُنْتَ .
وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا ، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ .
وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي ، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري ؟ فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللهِ ما أجْهَدُكَ اليَومَ بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للهِ - عز وجل -. فَقَالَ : أمْسِكْ مالَكَ فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ . فَقَدْ رضي الله عنك ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ )مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
ارايتم كيف أنكر كل من الأبرص والأقرع نعمة الله تعالى، وجحدوا إحسانه عليهم، وزعموا أنه من كدهم وكد آبائهم، وهذا من أقبح ما يكون عليه الإنسان ، فعاقبهما الله تعالى بسلب النعمة منهما .
اما الأعمى فيوم ان شكر الله تعالى ولم ينكر الجميل نال رضاء الله وحافظ على تلك النعمة .
فليسال المسلم نفسه هل هو من الذين يعرفون الفضل لأهله ويجازون الإحسانبالإحسان ويكافئون أهل المعروف ولا ينكرونه .
أما هو من الذين يحسن الناس إليه فلا يقابلهم إلا بالنكران والجحود .
تعال لنطوف في مجتمعنا لنرى الكثير من المسلمين اليوم من اتصفوا بهذه الصفة إلا ما رحم ربي، وتأمل معي :
كم من زوجة اليوم تحسن الى زوجها وتكون كريمة معه بمالهاوتضحي لأجله وتقف معه حال فقره وشدته وتقدم له الشيء الكثير في سبيل إرضائه ومحبتهوربما كان مريضا فتصبر وتحتسب وتسهر عليه فتبذل كل ما تملك في سبيل شفائه فإذااستغنى الزوج وأقبلت عليه الدنيا رحل عنها وطردها وشردها في الوقت التيتكون في أمس الحاجة إلى عطائه وإحسانه فينسى معروفها ويتناساها ويقابل الإحسانبالإساءة وربما ذكرها بسوء.
وكم من زوجة يحسن إليهازوجها ويكرمها ويعاملها المعاملة الطيبة ولم يقصر في يوم من الأيام معها في مأكل أو ملبس ، وعند أول خلاف بينهما قالت : (ما رأيت منك خيرًا قط) .
وقد اخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال-صلى الله عليه وسلم-: أُرِيْتُ النارَ فإذا أكثرُ أهلِها النساءُ يَكْفُرْنَ قيل أَيَكْفُرْنَ باللهِ قال يَكْفُرْنَ العشيرَ ويكفرن الإحسانَ إنْ أحسنتْ إلى إحداهن الدهرَ ثم رأتْ منك شيئًا قالتْ ما رأيتُ منكَ خيرًا قطُّ)البخارى (1/19 ، رقم 29)
وكم من أم مات زوجها فضحت بنفسها و مالها ليكمل ابنها الطريق، ولما فتح الله عليه ، ووسع له في رزقه إذا به يتنكر لتلك الأمالرائعة ، بل و يفضل زوجته عليها ، بل ربما وصل الأمر لحد العقوق .
فكم من أم بكت منولدها .. الله أكبر .. أين هؤلاء من قول ابن عمر رضي الله عنه عندما ذكر الكبائرقال ( و بكاء الوالدين من العقوق ) ..
وهناأقول لكل زوجة تحرض زوجها على عقوق والديه : اعلمي أنه من عامل والديه المعاملة السيئة ، فسيعامل زوجته المعاملة السيئة كذلك ، وستظهر الأيام ذلك ..
وليحمد الله عز وجل كل رجليرزقه الله بزوجة تذكره و تحرضه على بر والديه ، و خاصة الأم،فالزوجة الصالحة من أسباب السعادة ، و من علامات توفيق الله للعبد .
وكم من اب تعب في تربية ولده ، وبذل ما بذل من الوقت والمال والجهد في سبيل ان يصل ولده الى الطريق الصحيح .
وعندما يتعلم ويتثقف ويصبح صاحب وظيفة عالية في المجتمع تنكر لوالده ونسي كل ذاك الاحسان ، وربما وصلت الحالة به الى ان يدعو الله عليه في كل لحظة بالموت والهلاك كي يستريح منه .
انا اقول لكل من يفعل ذلك مع والديه انه ليس له إلا خزي في الدنيا والآخرة واسمع القصة : كان لاحد الصالحين ام يقوم بنفسه على خدمتها ولا يشرك زوجته في امر من امور امه فعندما توفي وصعدت روحه الى الله لقي الله وهو عليه غضبان .
فقالت الملائكة ياربنا لقد كان يكرم امه ! ويقوم على خدمتها ! فقال الله تعالى لهم يا ملائكتي انتم لا تعلمون ماذا كان يقول بيني وبينه انه كلما قدم لها طعاما سالني قائلا اللهم خذها وارحني منها .
فماذا سيقول لك الله يامن شتمت امك واباك؟ .. يامن فضلت زوجتك على امك وابيك ؟.. يامن طردت أمك وأباك من بيتك ؟
وفي نفس الوقت لي وقفة قصيرة معك أيها الأب
بعض الآباء لا يسال إذا ما كان ابنه يصلي أم لا ؟ وكم من الأمهات لم تأمرابنتها بالصلاة ؟ وبعد كل هذا عندما يكبر الأبناء ويعصون الآباء ... يقول الآباءأين بر الوالدين ! كيف تريد برا وأنت لم تربي ابنك في الصغر ؟ لم تعطه الحنان ، لمتهتم له وتشعر به ! وفوق هذا كله ... كيف تريد البر وأنت لم تعلم ابنك الإسلام الحقيقي؟
يحرص الكثير من الآباء على توفير كل وسائل الرفاهية لأبنائهم ، ولكنقليل من يهتم بتربيه ابنه تربية إسلامية ... ولهذا تجد حال الأبناء والآباء هكذا ... فكما تزرع ...للأسف تحصد ...
تريد أن يكون ابنك بارا بك ؟ أن ينفذواجباته نحوك ؟ أعطه أولا حقوقه ، واهم حقوقه أن تهتم بتربيته تربية إسلامية حقيقية من الصغر ... وإلا فكل الآباء سيحصدون ما زرعوا
فلنتقٍ الله في أبنائنا فيصغرهم.....كي يتقوا الله فينافي كِبرنا
فيا أخي تعلم أن تحسن لمن أحسن إليك،وإياك ونكران الجميل ، فهي أقبح صفه قد يتصف بها الإنسان.
اللهم أعنا على شكر نعمك، وحسن عبادتك، وتذكر آلائك ومننك، اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.. اللهم اغفر وارحم وأنت خير الراحمين.