مشاهدة النسخة كاملة : هل للعربية فضل على غيرها ؟ ( محاورة )
عصام عبدالله
2009-10-19, 04:26 PM
هل للعربية فضل على غيرها ؟ .
هذا موضوع تفرّع من سؤال في هذا المجلس عرضه الأخ المفضال ابن عبيد الفيومي نفع الله به عن فائدة تعلم العربية .
وقبل البدء في هذه المحاورة لا بدَّ من الاتفاق على نقاط ننطلق منها إلى ما بعدها ، فإذا لم نتفق عليها فلا معنى لإجراء حوار متعثر من غيرها :
(1) في هذه المحاورة سنحاول أن نصل إلى إثبات أفضلية أو مزية للسان العربي على غيره من الألسنة التي جعل الله اختلافها آية من آياته للعالَِمين .
(2) وفي هذه المحاورة سنحاول أن تكون الأحكام صادرة من آلة اللسان بعيداً عن الأقوال التي لا تنطلق من هذا الآلة .
(3) وفي هذه المحاورة سنصدر عن اتفاق يخص هذا المحاورة ؛ وهو أنه لا علاقة لآلة اللسان بواقع المتكلمين به ، حتى نضمن جريان الحوار في درب غير متشعب .
(4) التعبير باللسان تعبير قرآني ، وهو آلة الكلام وجارحته ، وهو التعبير الأصدق على هذه الخاصة الإنسانية ، أما اللغة فهي الكلام الناتج عن اللسان ، وكم في اللسان من لغات متنوعة .
(5) علوم اللسان العربي المعروفة والمشهورة هي التي صورت معماره كما كان في الزمان المحتج به . وكتبها هي المصادر التي نرجع إليها في هذه المحاورة .
فهل من مخالف ؟.
ابن عبيد الفيومي
2009-10-19, 06:30 PM
بارك الله فيك أخي عصام، وأنا أتفق معك على هذه الشروط، وأنتظر من الإخوان المشاركة لإثراء الموضوع وبخاصة أصحاب الاطلاع على أكثر من لسان (كما اصطلح الأخ الفاضل عصام) بحيث تكون آراؤهم عن تجربة ومقارنة.
القرطـ حازم ـاجني
2009-10-19, 09:23 PM
السلام عليكم
جزاكما الله خيرا
(3) وفي هذه المحاورة سنصدر عن اتفاق يخص هذا المحاورة ؛ وهو أنه لا علاقة لآلة اللسان بواقع المتكلمين به ، حتى نضمن جريان الحوار في درب غير متشعب .
هل تقصدان من هذا ألا نتكلم مثلا عن فضل جنس العرب الذي ذكر ابن تيمية أنه من اعتقاد أهل السنة؟!
أم تقصدان مسألة (الواقع) وتدنيه وتطوره وألا يكون مؤثرا في الأفضلية؟!
عصام عبدالله
2009-10-19, 09:41 PM
جزاك الله خيراً على مشاركتك .
المقصود الواقع المتدني للناطقين بالعربية .
وتفضيل العرب موضوع آخر لا نريد الدخول فيه هنا .
وبوركت .
أبو مسهر
2009-10-19, 10:05 PM
حتى مع الواقع المتدنى للغة العربية الدارجة اليوم
و دخول عدد من المفردات الغربية فيها
و إختلاطها بها
فيبقى فضل العربية على غيرها من اللغات قائما
و ليس هذا بسبب ما كتب بها من مؤلفات
و لا لأنها لغة القرءان الكريم و حسب
و لكن لغناها المستمر و إتساعها بالألفاظ لكثير مما لا يوجد له ألفظ فى اللغات الأخرى
حينما سئل أحد الروس
أيهما أسهل العربية أم الروسية
أجاب : العربية بالطبع
فأجابه المذيع : لماذا ؟
فأجاب : توجد قواعد منتظمة للإشتقاق لا يوجد مثلها فى لغتى
و فى الإنجليزيه : نجد هذا أيضا
الفعل go فى المضارع و لكن فى الماضى الفعل غير مشتق من جذرة ؟؟ went
و هذا لا معنى له فى العربية
حتى الدارج منها بلهجاتها المختلفة
و الأمر يحتاج إلى من يعلم عدة لغات ليطرح غير ما أقول من الأمثلة
على سيادة العربية و ...
تفوقها
عصام عبدالله
2009-10-19, 10:24 PM
منهج الدراسة
أ*) دراسة فضل هذا اللسان العربي ستكون على أربعة أنحاء ، وسندرس كل نحو منه على جهة مستقلة .
وهذه الأنحاء الأربعة هي :
(1) نحو الصوت .
(2) نحو الكلمة .
(3) نحو الجملة .
(4) نحو المعنى .
والأنحاء الثلاثة الأولى لا تتطابق في كل لسان بالاتفاق ، أما النحو الرابع فسيكون فيه أخذ وردٌّ في حينه : هل تتطابق المعاني في الألسنة أم لا ؟ .
ب*) والنحْويّ هو الذي فقه هذه الأنحاء الأربعة معاً ، ولم يكتف منها ببعض دون بعض . وهو نظير اللساني في الدراسات الحديثة . [واللغوي هو الناقل لكلام العرب المتضمن لهذه الأنحاء ضرورة]
وتخصيص لقب النحويّ بالناظر في " نحو الجملة " و" نحو الكلمة " تخصيص اصطلاحي متأخر .
وقول الإمام عليّ : " انحُ هذا النحوَ " .. شاهد على ذلك المسلك من البحث المتخصص فيما دعت إليه الحاجة في ذلك الحين ، وفي هذا الحين .
وذلك المسلك لا ينفي بقية الأنحاء ، التي توالى ظهورها مع التاريخ اللساني العربي المواكب لحاجة الناطقين به؛ من غير ما مشاحة في اصطلاحات هذه العلوم التي استقرت أعلاماً بالغلبة على مسمياتها .
ج) وعرض أصول العلوم العربية مرتبة ترتيباً متوافقاً مع الحكمة البيانية لدى العرب= كافٍ في بيان المزية ، حتى يأتي من يعارض أو من يساند ، وفي كل خير .
وقد ذكر الله تعالى : ( واختلاف ألسنتكم ) ، ومن طبائع الاختلاف التفاضل .
فهل نستطيع أن نثبته من داخل قوانين اللسان نفسه ؟ .
ابن عبيد الفيومي
2009-10-20, 08:59 AM
هذا جدول لأمهات اللغات في العالم أخذته من موقع موسوعة ويكبيديا قد يعطينا بعض المؤشرات حول عدد اللغات الأم وعدد الناطقين بها باعتبارها لغتهم الأم
لغات يتحدثها أكثر من 100 مليون شخص كلغة ام
اللغة العائلة لغات العالم (2005)[1] إنكارتا 2006 تخمينات أخرى الترتيب
الصينيه| (ماندارين) الصينية التيبتية 885 مليون (1999) -- 873 مليون كلغة ام, 178 مليون كلغة ثانية = 1051 مليون المجموع 1
العربية أفروآسيوية 400 مليون(2006) 422 مليون 323 مليون مجموع سكان العالم العربي (CIA 2006 est). 2
الإسبانية هندوأوروبية 332 مليون (1999) 322.2 مليون 380 مليون كلغة ام, 100 مليون كلغة ثانية = 480 مليون المجموع[1] 3
الإنجليزية هندوأوروبية 322 مليون (1999) 341 مليون 380 مليون كلغة ام, 600مليون كلغة ثانية المجموع= 980 مليون [2] 4
البنغالية هندوأوروبية 189 مليون(1999) 207 مليون 196 مليون كلغة ام (2004 CIA)( 5
الهندية هندوأوروبية 182 مليون (1991) 366 مليون مجموع= 948 مليون 6
البرتغالية هندوأوروبية 177.5 مليون(1998) 176 مليون 203 مليون كلغة ام (2004 CIA), 20+ مليون كلغة ثانية ، المجموع= 223 مليون 7
الروسية هندوأوروبية 170 مليون (1999) 167 مليون 145 مليون كلغة ام(2004 CIA), 110 مليون كلغة ثانية ،المجموع = 255 مليون (2000 WCD) 8
اليابانية ألطية 125 مليون(1999) 125 مليون 128 مليون كلغة ام, 2 مليون كلغة ثانية، المجموع = 130 مليون 9
[عدل]لغات يتحدثها 100 مليون أو أقل
10 الألمانية - 101 مليون
11 الفرنسية - 100 مليون
12 الپنجابية - 90 مليون
13 الجاوية - 76 مليون
14 الكورية - 72 مليون
15 الفارسية - 71 مليون.
16 الفيتنامية - 70 مليون.
17 التيلوغو - 69مليون لغة رسمية في الهند.
18 الماراثية - 68 مليون لغة رسمية في الهند.
19 التاميلية - 67 مليون لغة رسمية في الهند.
20 الآردية - 61 مليون
21 الإيطالية - 60 مليون
22 التركية - 60 مليون
23 الامازيغية - 47 مليون لغة غير رسمية في لي دولة و وطنية في المغرب الجزائر ليبيا مالي
24 الجوجاريتية - 46 مليونلغة رسمية في الهند في ولايات
25 البولندية - 45 مليون .
26 الكردية - أكثر من 40 مليون لغة رسمية في العراق وفي كردستان العراق
27 الأوكرانية - 39 مليون
28 المالايالامية - 36 مليون لغة رسمية في الهند
29 الكانّادية - 35 مليون لغة رسمية في الهند في ولاية كارناتاكا
30 الأوريّا - 32 مليون لغة رسمية في الهند في ولاية أوريسّا
31 البورمية - 31 مليون لغة رسمية في ميانمار
32 التايلاندية - 35 مليون
33 الأمهرية - 35 مليون 34 سندية(لغة) السندية - 54.3 مليون
ابن عبيد الفيومي
2009-10-20, 09:02 AM
الأخ أبامسهر بارك الله فيك
استشهدت بمثال شاذ في اللغة الإنجليزية، ومعلوم أن الشذوذ موجود في العربية وفي كل اللغات، فلا قيمة للاستشهاد إذن.
ومثال ما ذكرته في الإنجليزية في العربية مفرد (نساء)=امرأة.
وأنا معك أن أقدر من يفيدنا من اطلع وتعلم على أكثر من لغة منها العربية.
تحياتي
ابن عبيد الفيومي
2009-10-20, 09:06 AM
الأخ حازم بارك الله فيك وسعدت لمرورك ومشاركتك، ما نريده هو إثبات أو نفي أفضلية اللسان العربي من حيث كونه لغة، بعيدا عن أي اعتبارات أخرى خارجة عن هذه الكينونة (دينية-تاريخية-...إلخ). كما بين ذلك الأخ عصام بارك الله في الجميع.
ونحن في انتظار اتحافاتك.
القرطـ حازم ـاجني
2009-10-20, 10:05 AM
جزاكما الله خيرا أخي ابن عبيد وأخي عصام
وبالنظر إلى تقييداتكم فإن هذا مبحث لا يجيب عنه إلا من كان كأستاذنا الدكتور محمود فهمي حجازي- مثلا- يتكلم بلغات كثيرة وهو متعمق فيها جميعا يستطيع أن يوازن بينها جميعا من جهة والعربية من جهة أخرى، كما يستطيع أن يوازن بين كل لغتين منها! فيما أحسب، بل إنه متعمق في اللهجات القديمة جدا للغة العربية.
والدليل على ما أذهب إليه أنك يابن عبيد جئت بإحصائيات عن لغات قد يسمع عنها البعض الآن للمرة الأولى، فكيف سنوازن بين العربية وبين هذه اللغات ونحن لا نعرفها ولا نعرف قواعدها، بل إن الإنجليزية وهي من أشهر اللغات الثانية عند العرب والمسلمين لا أحسب يجيدها من طلبة العلم الشرعي إلا القليل!
إذن فهذا المبحث خاص بدارسي اللغات دراسة مقارنة كما يسمونها، أما غيرهم فسيتكلمون عن فضلها بوصفها لغة القرآن وأنها لغة أفضل الأنبياء وووووو.
ولعله- بحسب الاعتبارات التي تذكرانها- لا يكون هناك كبير مزية للغة على أخرى! ما دام أهلها يستطيعون التواصل بها وتكفي حاجاتهم.
وكأني بكما تريدان مثلا: الحجر الأسود: ما مزيته على غيره من الحجارة دون النظر إلى أن الله جعله حجرا في الكعبة شرع للمسلمين لمسه وتقبيله!
نعم قد يكون للحجر الأسود فضل ومزية في ذاته لكن لا يعرفها إلا المتخصصون في دراسة الحجارة والصخور!!
إذن لا بد عند الحديث عن الأفضلية في الجملة من النظر إلى أمور غير ما ذكرتم ومنها تفضيل الله لها أو لأهلها بأي صورة كان، وإلا فالحوار خاص جدا بالمتخصصين في الدراسات المقارنة للغات، ولست منهم، وأعتذر لاقتحامي حواركم!
وبارك الله فيكم.
ابن عبيد الفيومي
2009-10-20, 10:16 AM
أخي حازم ذكرت (ولعله- بحسب الاعتبارات التي تذكرانها- لا يكون هناك كبير مزية للغة على أخرى! ما دام أهلها يستطيعون التواصل بها وتكفي حاجاتهم.) فأنت لا ترى للعربية في نفسها مزية على غيرها من اللغات، وإنما مزيتها جاءت من (تفضيل الله لها أو لأهلها بأي صورة كان).
وبمناسبة ذكرك الحجر الأسود، فقد قال عمر بن الخطاب مخاطبا إياه أو إيانا: (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولو لا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك)، فهل نقول نحن للعربية: (والله إنا لنعلم أنك لسان مثل بقية الألسنة ولولا أن الله فضلك ما فضلناك)؟؟؟
وأنا أريد أن أعرف هل اطلع ودرس وقارن من قال من القدماء ومن المحدثين بأفضلية اللسان العربي في بعض خصائصه -بعيدا عن التفضيل الشرعي- على كل ألسنة الأرض التي أوردتُ أمهاتها في مشاركة سابقة، ثم بعد ذلك تبين له أن اللسان العربي يفضلهم جميعا، وأن هناك مشكلات لسانية في كل الألسنة ولكنها معدومة في العربية، فاستحقت بذلك التفضيل والتقديم غير الشرعيين؟؟؟؟
القرطـ حازم ـاجني
2009-10-20, 11:04 AM
أخي حازم ذكرت (ولعله- بحسب الاعتبارات التي تذكرانها- لا يكون هناك كبير مزية للغة على أخرى! ما دام أهلها يستطيعون التواصل بها وتكفي حاجاتهم.) فأنت لا ترى للعربية في نفسها مزية على غيرها من اللغات، وإنما مزيتها جاءت من (تفضيل الله لها أو لأهلها بأي صورة كان).
وبمناسبة ذكرك الحجر الأسود، فقد قال عمر بن الخطاب مخاطبا إياه أو إيانا: (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولو لا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك)، فهل نقول نحن للعربية: (والله إنا لنعلم أنك لسان مثل بقية الألسنة ولولا أن الله فضلك ما فضلناك)؟؟؟
هداك الله يابن عبيد كيف تنقل عني أني أقول: ((لعل)) ثم تقول: ((فأنت لا ترى...))!!
أنا أقول: لعل، وبقية كلامي توضح أن الأمر يحتاج إلى دراسة متخصصين، وإنما أقول ((لعل)) لأني غير دارس دراسة مقارنة لجميع اللغات، التي تذكرون، أو التي يشملها بحثكم المعمم في عنوانه وطرحه! وليس للشك في شيء!
وقد قرأت لكم في موضوع آخر ما يفهم منه ما فهمت أنت من كلامي أن العربية لا مزية لها في نفسها على غيرها من اللغات.
أما ذكرك أن العربية تتميز بأصواتها وحكمتها ...إلخ، فالحكمة موجودة في كل اللغات، ولا مزية لصوت على صوت ما دام يؤدي الغرض منه.
أما رأيي أنا- دون بحث متعمق، وقد درست العبرية القديمة قليلا منذ زمن- فأرى أن للغة العربية مزية في نفسها ولا شك، لكن التدليل على ذلك يحتاج إلى دراسة متخصصة، وهذا ما قلته في المشاركة السابقة!
فادعوا لمحاورتكم المتخصصين في الدراسة المقارنة للغات: فمثلا أخ فاضل يكون من أعضاء المجلس ويكون درس- مثلا- العبرية والعربية مقارنة بتعمق، وآخر يكون درس العربية والإنجليزية كذلك، وهكذا، وكل يدلي بدلوه! ودعكم من أمثالي!
وإنما قصدت بمشاركتي هاتين توضيح ما لعله يخفى على بعض المشاركين كما خفي على في الابتداء، وإن خالفتموني في أن هذا يحتاج إلى النوع الذي ذكرت من الدراسة فأعلموني.
وأما قولك عن الحجر واللغة، فأقول: نعم.. لو اختار الله العبرانية أن تكون لغة الرسول الخاتم والأمة الخاتمة والكتاب المعجز للعالمين إلى يوم القيامة، لثبت لها بذلك وحده فضل وأي فضل!
كما اختار الله ذلك الحجر أن يكون في موضعه ذاك وأن يفعل به ما شرع!
ابو مريم عاطف
2009-10-20, 11:20 AM
يكفينا شرفا أن الله اختار العربية لإنزال خير الكتب علي خير البشر صلي الله عليه و سلم و بم أن خير الكتب نزل بالعربية فإن العربية خير لغة فلا أفضل منها رسما و لا لفظا و لا استيعابا لكل معني و كل حال من الأحوال
ابن عبيد الفيومي
2009-10-20, 11:25 AM
أخي حازم بارك الله فيك وأستسمحك إن كنت فهمت غير ما تقصد.
ولكني عجبت من قولك (أما رأيي أنا- دون بحث متعمق، وقد درست العبرية القديمة قليلا منذ زمن- فأرى أن للغة العربية مزية في نفسها ولا شك، لكن التدليل على ذلك يحتاج إلى دراسة متخصصة) فكيف تقول (ولا شك) ثم تقول (لكن التدليل على ذلك يحتاج إلى دراسة متخصصة)، فكيف لا تشك في أمر لا دليل عليه؟
عصام عبدالله
2009-10-20, 11:38 AM
المقارنة غير مستحيلة بين عشرات الألسنة التي لها قواعد مستنبطة ومدونة ، فلكل لسان منها أصوات وتصاريف وتراكيب .. وهي متوفرة ..
ولا أظن أننا بحاجة إلى الإحاطة بكل الألسنة وبكل مهاراتها وبكل اقتدار في النطق والكتابة ؛ إذن فليرزقنا الله تعالى برؤيا نرى فيها النبيء سليمان عليه السلام ! ! .
وقطب الرحى في مدارستنا هي العربية عَرْضاً للأصول الجامعة لعلومها ، وأما بقية الألسنة ففي المقارنة .
ولا داعي لقذف العصا في الدولاب قبل الانطلاق ( ابتسامة ) .
نسأل الله التوفيق لنا جميعاً .
ابن عبيد الفيومي
2009-10-20, 11:43 AM
حياك ربي أخي عصام وجزاك خيرا على تنبيهك إياي، وفي انتظار حركة الدولاب.
القرطـ حازم ـاجني
2009-10-20, 05:01 PM
المقارنة غير مستحيلة بين عشرات الألسنة التي لها قواعد مستنبطة ومدونة ، فلكل لسان منها أصوات وتصاريف وتراكيب .. وهي متوفرة ..
ولا أظن أننا بحاجة إلى الإحاطة بكل الألسنة وبكل مهاراتها وبكل اقتدار في النطق والكتابة ؛ إذن فليرزقنا الله تعالى برؤيا نرى فيها النبيء سليمان عليه السلام ! ! .
وقطب الرحى في مدارستنا هي العربية عَرْضاً للأصول الجامعة لعلومها ، وأما بقية الألسنة ففي المقارنة .
ولا داعي لقذف العصا في الدولاب قبل الانطلاق ( ابتسامة ) .
نسأل الله التوفيق لنا جميعاً .
الأخ المفضال عصام
جزاك الله خيرا
وإن كنت تعنيني بهذا الرد، فلم أقل: إن المقارن مستحيلة، ولم أقل: إننا في حاجة للإحاطة بكل اللغات، وكلامي واضح.
والأخ المفضال ابن عبيد
جزاك الله خيرا
وإن تعجب فعجب قولك!
وهل يفهم من قولي: ((ولكن التدليل عليها يحتاج إلى دراسة)) يعني أنه لا دليل على ذلك؟! هذا شيء عجيب.
وقد طلبت منكم صراحة الجواب على سؤال: هل الجواب عن سؤالكم في عنوان الموضوع يحتاج إلى دراسة متخصصين أو لا؟ فلم تجيبوني.
وأكرر: الدراسة المتخصصة لا تعني أن يلم الواحد منا بكل الألسنة، بل لو أتقن كل فرد فرد منا لغة أخرى غير العربية مع إتقانه العربية، كفى إخوانه بقية اللغات.
وهذا مقصدي وقد وضحته الآن وفيما مضى، ولا أدري كيف فهم من كلامي: أن لا دليل، وأن المقارنة (مستحيل)!!
بارك الله لي ولكما ولجميع الإخوة.
ابن عبيد الفيومي
2009-10-20, 05:37 PM
أخي حازم بوركت
نعم يفهم منها أنه لا دليل لك على قولك، وهذا مصدر عجبي لأنك قلت (لا شك)، ولا يقول ذلك إلا من كان عنده دليل، ولو كان عندك دليل لذكرته ولكن اعتذرت بأن هذا يحتاج إلى بحث.
عصام عبدالله
2009-10-20, 06:59 PM
أخي الكريم القـرطـ حازم ــاجني
حياك الله
لا أدري أنحن متخصصون في اللسان العربي أم لا ، ولا سيما في هذا الزمان .. ! .
وشرف لنا أن نكون من طلاب العلم النافع .. وهذا لا يمنعنا من أن نتحاور ، ونخطئ ونصيب .
فإن أصابنا فالحمد لله وإلا .. فإخوة تعلم من أهل العلم في هذه المنتديات والمجالس المباركة بعبق الهدى الإسلامي .
ودمت بسلام .
عصام عبدالله
2009-10-20, 07:17 PM
أولاً : نحو الصوت
اللسان هو الجزء الظاهر من آلة التصويت الإنسانية التي هي ترجمان المعاني الذهنية ، واللغة الناشئة عنه أياً كانت هي أصوات تعبيرية ... وقد نسبت إليه اللغة لأن أكثر أصواتها يخرج منه .
والأصوات هي أصغر مكونات اللغات .. وتسمى في الدراسات الحديثة : وحدات .
وإن شئت التقريب فالأصوات المواد الخام التي انبنت بها اللغة ، وهي التي يكوّن بها اللسان الكلمات .
ولسان الإنسان يختلف اختلافاً بيناً عن ألسنة الحيوان الأخرى ، التي لا تكاد تزيد عن نطق الحرف والحرفين ( في مقاطع ساذجة )، ولا مدخل للسان في إخراجها ، وإنما هي نباح أو عُواء أو مواء أو نهيق أو صهيل أو السجع أو الزقزقة أو الصفير ونحوه .
ومهما علت أصواتها فهي في نظر العربيّ عجماوات لا تفصح ولا تبين عما في أنفسها للناس ، وإن كانت تتعايش بذلك فيما بينها .
حتى إذا أتيت على ألسنة الأناسي وجدتها تزيد عن ذلك العدد ، وتتفاضل فيما بينها في تلك الأعداد وتختلف في توزيع المخارج وأنواع الصفات والوظائف التعبيرية والجمالية .
وسندرس هذه الوحدات الصوتية في العربية ، وستكون هذه الدراسة ابتداء من إمام النحويين سيبويه ، عليه رحمة الله .
قال سيبويه في الكتاب (4/431، و432) [ط هارون] :
" هذا باب عدد الحروف العربية ومخارجها ومهموسها ومجهورها وأحوال مجهورها ومهموسها واختلافها .
فأصل حروف العربية تسعة وعشرون حرفاً :
الهمزة والألف والهاء والعين والحاء والغين والخاء والكاف والقاف والضاد والجيم والشين والياء واللام والراء والنون والطاء والدال والتاء والصاد والزاي والسين والظاء والذال والثاء والفاء والباء والميم والواو.
وتكون خمسةً وثلاثين حرفاً، بحروفٍ هن فروعٌ، وأصلها من التسعة والعشرين، وهي كثيرةٌ يؤخذ بها وتستحسن في قراءة القرآن والأشعار؛ وهي النون الخفيفة، والهمزة التي بين بين، والألف التي تمال إمالةً شديدة، والشين التي كالجيم، والصاد التي تكون كالزاي، وألف التفخيم يعنى بلغة أهل الحجاز في قولهم الصلاة والزكاة والحياة .
وتكون اثنين وأربعين حرفاً، بحروف غير مستحسنةٍ ولا كثيرة، في لغة من ترتضي عربيته، ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر؛ وهي الكاف التي بين الجيم، والكاف والجيم التي كالكاف، والجيم التي كالشين، والضاد الضعيفة، والصاد التي كالسين، والطاء التي كالتاء، والظاء التي كالثاء، والباء التي كالفاء.
وهذه الحروف التي تممتها اثنين وأربعين، جيدها ورديئها، أصلها التسعة والعشرون، لا تتبين إلا بالمشافهة ... ". انتهى .
وترتيب سيبويه ترتيب صوتي "على مذاقها وتصعدها"؛ كما في سر الصناعة، وهو أدق من ترتيب من سبقه .
هذه هي الحروف التي يخرجها اللسان العربي ، إخراجاً مجرداً من هيئة ذلك الإخراج ، أي الأصوات في حالة سكونها واستقرارها .
وهيئة إخراجه هي تلبسه بحركة تلازمه حالة النطق ، وهي الحركات المعروفة : الضم للشفتين والفتح والكسر ، ما عدا الألف لأنه ساكن أبداً لا يقبل الحركات .
وقد رأيت أن سيبويه نقل عن العرب تنوعاً في نطقها بين فصيح (29) ومستحسن (6) ومستهجن (8)، حتى بلغت اثنين وأربعين حرفاً ، ترتدّ كلها إلى الأصول التسعة والعشرين الفصيحة ( المنتخبة ).
وفي الكتاب وغيره من كتب اللغة والقراءة وصف لتلك المخارج وصفاتها وإدغامها وسائر أحكامها ، فلا نطيل بذكرها .
إذن .. تحصل للسان العربي تسعة وعشرون حرفاً متوزعة على جهاز التصويت الإنسانيّ من الجوف إلى الحلق فاللسان والشفتين والخيشوم .
منها حرف مدّيّ هو الألف ، وله أخوان مدّيّان ؛ الواو والياء .
وهذه الأحرف المدية تسمّى : الحركات الطويلة ؛ فهي ثلاث حركات .
فإذا قصرت هذه الأحرف المدية الثلاثة كانت هي الحركات القصيرة أو أبعاض حروف المد واللين (كما في سر الصناعة)؛ أيْ : الضمة والفتحة والكسرة ، والتي قد تسمى الضمةُ واواً صغيرة ، والفتحة ألفاً صغيرة ، والكسرة ياء صغيرة .
وعدد هذه الحركات ؛ الطويلة والقصيرة = ستة ، وهي صالحة لأن تتعاقب على الحروف الأصول الثمانية والعشرين ( بعد أن أدخلنا الألف المدية في الحركات الطويلة ).
فتحصل أن مع الحروف الثمانية والعشرين ( وهي الساكنة في الأصل ) ستّ حركات ؛ أي لكل حرف صحيح من الثمانية والعشرين سبع أحوال مقطعية بسيطة .
وتصوير هذا حساباً يكون كالآتي :
28 ( حرف ) × 7 ( مقاطع بسيطة ) = 196 ( صوت ) = مجموع أصوات العربية .
أو قل : مجموع المواد التي تستطيع أن تؤلف بها الكلمات = 196 .
وتمثيل تلك الأحوال في حرف الباء من الحروف الثمانية والعشرين = ما يأتي :
ابْ ، بَـ ، بِـ ، بُـ ، بَا ، بي ، بُو .
***
المقارنة :
اختفت من الانجليزية الحاء والخاء والضاد والظاء والطاء والعين والغين .
تفرع عن الفاء ثلاثة أشكال ، فعبروا عنه بـ(f v ph) ، والجيم (g j) .
واختلط فيها السين والصاد (s) .
واختلطت الحروف ( الساكنة : الصامتة ) بالحركات (المتحركة : الصائتة ) .
والفروف إما في الحركة والسكون كـ(C و S) أو الصفات كـ(V وF)، أو قلة الرموز كـ( TH وSH).
فحروف الانجليزية تكافئ نصف الحروف الفصيحة في العربية أو ثلث الحروف المستهجنة منها .
وهذا وصف لهذه الأصوات في حال مقاطعها البسيطة .
( ... يتبع ... ) . . .
عصام عبدالله
2009-10-21, 12:28 PM
ومثل الانجليزية الفرنسية ، وحلّ فيها الغين محل الراء، ولا ينطق فيها حرف الهاء (H) ، فيقولون : أوتيل في (هوتيل) : فندق ، وينطقون السين أحياناً زاياً ، ولا ينطقون الحروف الصحاح ( الساكنة ) إذا وقعت في الأواخر ؛ اقتصاداً ، ويُخرجون مُجاورات الميم والنون من الخيشوم ! .
وتتكون الصينية من أكثر من أربعة وأربعين ألف حرف ( 44444 ) ، هي في الحقيقة مقاطع تعبيرية ، وكلمة مقطع منها كلمة ذات معنى ، (Hanzi) : هانْ زِي = الأحرف الصينية .
وبقرار من ( ماو سي تونغ ) اختصرت إلى الربع من ذلك ، فصارت عشرة آلاف حرف ؛ أي كلمة أو مقطع (10000) ، ولمحو الأمية يحتاج الطالب إلى تعلم أربعة آلاف حرف ( 4000 ) ، وقريب من نظامها المقطعي الجامد هذا : اليابانية والكورية والفيتنامية ..
ومعنى أنها مقاطع أنّ تتكون في أصغر وحداتها الصوتية من المقطع ، ولا أصغر منه ، ولا ينظر فيها إلى الحروف البسائط كما ننظر ، إلا من جهة أنها خادمة للمقطع ولبنة من لبناته .
فهي تنشئ الكلمات على غير نظام تصريفي ولا اشتقاقي ؛ أو قل : نحو الصوت عندها مختلط بنحو الكلمة .
وليتني أعثر على كتاب أتتبع فيه أصوات تلك المقاطع ، وموافقها للأصوات العربية أو مخالفتها . أعان الله ! .
واختفى من العبرية ( القديمة بله الحديثة ) : الثاء والذال والضاد والظاء والواو .
ويهتمون فيها بضبط السكون حتى إن عندهم سكوناً متحركاً ! . ( وهذا خلل فيزيائي ! ).
واختفى من الفارسية : الثاء والحاء والصاد والضاد والطاء والظاء والقاف والعين . وفيها جيمان وباءان وزايان ( أيْ : من الحسن والهجين في العربية ) .
وهي لغة فخيمة المخارج .
هذه حروف خمسة ألسنة ، للناطقين بها شهرة وعديد وتاريخ ، تنقص أصواتها عن أصوات العربية يقيناً . (لا يضاهى تاريخها بتارخ العربية ؛ وهذا استطراد !)
وتتجلى من بينها العربية بأصواتها المستوعبة والباقية ( في لغتها الأدبية والمحكية ) والمتوزعة على مخارجها من غير اختلاط ولا غمغمة ، والمترتبة على فصيحة ثم حسنة ثم هجينة ، والبينة التقاطيع والتخاليف ، والصافية النطق ، والواضحة الصفات ، والقابلة للسكون والحركة في حال البساطة وفي حال التركيب ، والمد والقصر ، والإدغام والإخفاء ، في أقل قدر من الشذوذ .
وفي المقابل ترى :
- اختفاء أصول أصوات إنسانية من تلك الألسنة متفق على أن اللسان الإنساني يقتدر على نطقها بدرجات من اليسر . وهذه مزية للعربية التي حفظت أصواتها إلى الآن .
- ميل العربية إلى الصفات القوية التأثير في الحديث في أغلب حروفها ، وهي الرقة ( استفال اللسان حال النطق ) ، وإلى الجهارة ( اهتزاز الوترين ) ، والرخاوة ( انحباس الهواء مع النطق ) ، والانفتاح ( بعد اللسان عن الحنك الأعلى ) ، والثبات ( قلة حروق القلقلة ) .
- نظام التهجي في العربية مطرد لا يتخلف إلا في كلمات معدودة معروفة الأسباب ( أسباب إملائية تكون بحذف حروف العلة أو إثباتها اختصاراً أو تفرقة ، وليس ذلك في الحروف الصحاح ) مثل : هذا ، وأولئك ، وعمرو .
- الحروف الثمانية والعشرون في العربية هي حروف منتخبة من أصوات حسنة وهجينة ، انتخاباً كان عبر تاريخ عميق ، فتراها غير قابلة للتجريد أو للضمّ أو للحذف أو للاقتصاد أو للاعوجاج .
وأما الهجينة منها فهي في نظر العربي تقوم عليها أبجديات كثير من الألسنة الأعجمية .
- كثير من الأبجديات ترى لها رموزاً كثيرة في الكتابة ، ولكن إجالة النظر في أصواتها المنطوقة فعلاً تردها إلى عدد أقلّ مما هو وافر في أبجدية لسان العربية ، ونظامها التشكيلي ذي الحركات والسكنات .
فهل يكون ذلك الاختلاف مؤذناً بالمزية ؟ .
( ... يتبع ... ) . . .
ابن عبيد الفيومي
2009-10-21, 01:40 PM
بارك الله فيك أخي عصام أنا أتابع حلقاتك وسأرجئ أي نقاش إلى نهاية حلقاتك حتى نستفيد مما تذكر.
عصام عبدالله
2009-10-21, 03:25 PM
حياك الله أخي ابن عبيد
[وسأرجئ أي نقاش إلى نهاية حلقاتك حتى نستفيد مما تذكر.]
إذن سيطول انتظارك ( ابتسامة )
ابو الهمام
2009-10-21, 03:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجو من الإخوة ممن له نسخ من كتاب الصاحبي في فقه اللغة أن يسعفنا بها وخصوصا غير الطبعة السلفية فإنها عندي ولكن يظهر ان بها نقصا
عصام عبدالله
2009-10-23, 11:09 AM
(نحو الصوت)
مزية في التأليف الصوتي :
يجوز لنا في العربية أن نؤلف من تلك المقاطع الصوتية البسائط المحصورة العدد المؤلفة من الحروف والحركات الطويلة والقصيرة ، والتي قاربت المائتَيْن = كلماتٍ لا حصر لها ، من الجذر الواحد فضلاً عن الجذور المختلفة ، والمثال شهير ( ض ر ب ) : ضرَب ، يضرِب ، ضرْب ، ضارب ، مضروب ، ضريب ، ضريبة ، ضرّاب ، ضِراب ، اضطراب ، ...
وتتعاقب الحركات والسكنات في أحرف الكلمات ، بلا كلفة ولا حظر ، لولا بعض ما يستثقله العرب مما يخالف الفصاحة وعذوبة المنطق ورقته ووضوحه وترسّله ، فإذا قلت مثلاً :
( اِبَّـبِـبُـبَـ ابـيـبُـو ).
في تأليف ذلك المثل السالف المضروب على أحوال الأصوات على ما سبق ترتيبه :
اِبْ ، بَـ ، بِـ ، بُـ ، بَا ، بي ، بُو .
كنت قد أتيت بما يستثقله لسان العربيّ ، ولم يؤثر عنه مثله ؛ لأن العرب تكره فيما هو كالكلمة الواحدة كلفة البدء بصوت ساكن إلا بصلة ، كما تكره الوقف على صوت متحرك إلا بسكت ، وتكره توالي ساكنين صحيحين ، وتكره عثار توالي أكثر من متماثلين ، وتكره اضطراب توالي أربع متحركات ، وتكره ثقل مجاوزة الاسم سبعة أحرف والفعل ستة أحرف ، وتكره عسر الانتقال من كسر إلى ضم ، وتكره تعاقب أحرف متقاربة في المخرج أو الصفة من نحو : " مُسْتَشْزِرَات ": مرتفعات ، و"الهُعْخُعُ": نبت، أو لم يعهد استعمالها عندهم ، نحو مهندز ؛ بالزاي بعد الدال ؛ ولذا عربوها من الفارسي إلى : مهندس ؛ بالسين .
وعلة هذه الكراهة لتلك الأمور أنهم يتوافقون مع قوانين البديهة والحسّ والعلوم الطبيعية ؛ جمعاً وتوزيعاً وتحريكاً وتسكيناً .
وأحسب أن للتأليف الصوتي في آلة الكلمة في اللسان العربي نظاماً وحراكاً وتوالداً لا تراها في غيرها من آلات كلمات الألسنة .
وبيان ذلك بإيجاز : أن هذه الكلمة تتألف من مقاطع ثابتة ومرنة معاً، وهي الأحرف الصحاح الثابتة في بنية الكلمة ، وتدول حول الأحرف الصحاح الأحرفُ العليلة وأبعاضها ، في تأويب تجري فيه الحركات إلى مستقر لها (البدء بمتحرك والوقف بالسكون) ؛ دورانَ الجسيمات في الذرة والكواكب في المجرة (ودوران كل شيء بحسبه) ! ، ولا يصحّ أن تحذف تلك الأحرف الصحاح التي عليها المدار بحال ، أو أن تضطرب ، أو تنشز ، أو تقتصد ، أو تعوج ، إلا ترخيماً كيا سعا ، أو تخفيفاً كيَدٍ ، وذلك نادر لا يقاس عليه ؛ بخلاف العليلة التي تحذف وتبدل وتتغير .
ويأتي الإعراب في أواخر المعربات والتحريكُ في أواخر المبنيات الساكنات = ليجعل التقاطيع والتخاليف فيها مفتوحة مسترسلة مرتّلة ، إلا في حالات الوقف (المقطع المغلق)، وليؤلف من الكلم ما يجعله في نظم صوتي واحد ، كتغريدات عصفور متتابعة أو سجعات حمامة ، أو كخطوات ، أو قطرات .
وترى بدائع من ذلك التأليف الصوتي الحكيم = في علم العرب وديوانهم ، الذي ليس لهم علم أصحُّ منه ، وهو توقيع أبيات الشعر ؛ على أوزانه الستة عشر ؛ في عد الخليل وتكميل الأخفش ، وأصواته المائة كما ذكر الأصفهاني في الأغاني .
ويفهم هذا في قوله تعالى : ( ورتلناه ترتيلاً ) ، ووصف نطق النبيء عليه الصلاة والسلام أن فيه ترسيلاً وترتيلاً ؛ بجامع تتابع نظام الأصوات ، وتتابع نظام الكلمات والآيات ، وتتابع نظام المعاني والعبر .
وقد تكون العبرية أقرب في هذا إلى العربية ( كلاهما ساميّ )، ولكنك ترى فيها ، زيادة على النظام التشكيلي للحروف ، نبرَ بعض المقاطع (النبر : إبراز نطق حرف دون غيره ، وهو من سمات ذوات المقاطع الجامدة كالصينية ) ، بل ترى له قواعد تصريفية ووظائف معنوية ، وترى توالي ساكنين صحيحين ، بقلقلة الأول ، وأن كلّ الحروف قابلة للقلقلة (السكون المتحرك) إذا ابتدئت بها صدور المقاطع ، وترى شَدّتها خفيفة حيناً مع أحرف وثقيلة في أحوال أخرى ، و لا تشدد أحرف الحلق ولا تسكن ، وقد يقولون شدة مقدرة أي غير ظاهرة !.
فسبحان من أنزل بها كتابه الحكيم ، وجعلها في أحسن تقويم وصراط مستقيم وفضل كريم ، فأنهلها وأعلّها ، وأدقها وأجلّها ، وأكثرها وأقلها ، وأثّلها وأبلّها .
... ( يتبع ) . . .
عصام عبدالله
2009-10-25, 09:32 AM
.
ثانياً : نحو الكلمة
هذا هو النحو الثاني من أنحاء العربية ، له خصائص ينفرد بها عن ألسنة كثيرة .
وهذا النحو ناشيء من التأليف الصوتي الذي سبق .
ويدرس هذا النحو في علم التصريف ، وعلم الاشتقاق ، وفي علم المعجم ، وهو متن ألفاظ اللغة ، وفي فقه اللغة . وهي علوم أصيلة في العربية ، مطردة الأقيسة ، موفورة النقل ، بديعة الاستنباط والتجريد .
وسأختار منها نحواً يبين المزية ، فإذا وضحت فيه كانت في غيره على ذلك الوضوح .
الكلمة : لفظ ذو معنى ، مؤلف من بعض أحرف الهجاء . وهي أصغر وحدة معنوية في الألفاظ التي يلهج بها اللسان ، ولها في كلّ قسم من أقسامها نظام وزمام وأحكام .
قال سيبويه في صدر [الكتاب 1/12]:
"( هذا بابُ علْم ما الكَلِمُ من العربية )
فالكَلِم : اسمٌ وفِعْلٌ وحَرْفٌ جاء لمعنىً ليس باسم ولا فعل .
فالاسمُ : رجلٌ وفرسٌ وحائط .
وأما الفعل فأمثلة أُخذتْ من لفظ أحداث الأسماء وبُنيتْ لما مضى ، ولما يكون ولم يقع ، وما هو كائن لم ينَقطع .
فأما بناء ما مضى فذَهَبَ وسَمِعَ ومَكُث وحُمِدَ ، وأما بناء ما لم يقَع فإنّه قولك آمِراً : اذهَب واقتُلْ واضرِبْ ، ومخبراً يَقْتُلُ و يَذهَبُ ويَضرِبُ ويُقْتَلُ ويُضرَبُ . وكذلك بناء ما لم يَنقطع وهو كائن إذا أخبرتَ .
فهذه الأمثلة التي أُخذت من لفظ أحداث الأسماء ولها أبنية كثيرة ستبيَّن إن شاء الله .
والأحداث نحو الضَّرْبِ والحمد والقتل .
وأما ما جاء لمعنىً وليس باسم ولا فعلٍ فنحو : ثُمَّ ، وسَوْف ، وواو القسم ، ولام الإضافة ، ونحوها". انتهى
تدور الكلمات العربية في ثلاثة محاور (تقسيم سطحي أو أفقي) : فمنها : أسماء وأفعال وحروف . وانتظمت الكلمات على تلك الأقسامٍ : اسم أو فعل أو حرف معنى. وهذا التقسيم هو أول استنباط في تاريخ النحو بمعناه العام علي ما جرينا على استعماله هنا .
في كلام سيبويه هذا شمول تقسيم لا تراه في كلام غيره من النحويين ، فتأمل مُدخله ومُخرجه في تفصيله الكلام في الفعل دون قسيميه .
وعلة هذه القسمة عند الزجاجي (- 339) [الإيضاح في علل النحو 44] مجيباً عن سؤال يتهم فيه النحويين بتقليد سيبويه بلا برهان ما خلاصته : أن الاسم هو علامة دالة على ذات المسمى ، والفعل علامة على الحدث ، والحرف رابط بينهما ، فالاسم يخبر به ويخبر عنه ، والفعل يخبر به ولا يخبر عنه ، والحرف لا .. ولا .. ، وأن التعبير عما في الأنفس من أمور الحياة جارٍ على اعتبار هذه الثلاثة .
فإذا كانت أقسام الحياة ثلاثة : أشياء : ذوات ج ذات ، وحركة هذه الأشياء (حدث)، ورابط يربط بين الأشياء والأحداث .. فيجب أن تكون أقسام مفردات اللسان كذلك .. اسم (للشيء) وفعل (للحدث) وحرف (للرابط).
وهذا مصداق القول : إن اللغة وعاء لفظي لعلامات دالة على الواقع .
وقال أبو البركات الأنباري (-577) [ أسرار العربية 4] :
"فلمَ قلتم : إن أقسام الكلام ثلاثة لا رابع لها ؟ قيل : لأنا وجدنا هذه الأقسام الثلاثة يعبر بها عن كلّ ما يخطر بالبال ، ويُتوهّم في الخيال ، ولو كان ههنا قسم رابع لبقي في النفس شيء لا يمكن التعبير عنه .
ألا ترى أنه لو سقط آخر هذه الثلاثة الأقسام لبقي في النفس شيء لا يمكن التعبير عنه بإزاء ما سقط".
يقصد أن الزيادة على ثلاثة الأقسام عبث في التقسيم ، وأن النقص عنها مخلّ بمقاصد المتكلم .
وقد كان لانضباط قوانين (الإعراب والبناء) و(الاشتقاق والجمود) و(التجريد والزيادة) في العربية واطرادها ومرونتها = أثر ظاهر في تسويغ هذا التجريد البديع وثرائه ومضائه .
كأنك وأنت تستعرض الكلمات العربية تتبصر فيها آلة بديعة الصنعة ، قوامها الأحرف الأصول (ف ع ل ل ل ) ثابتة في كل كلمة ، ثلاثية أو رباعية (أسماء وأفعالاً) أو خماسية (أسماءً)، كلّ بحسبه ، بأحرف صحاح أو عليلة ، وتتغشاها أحرف الزيادة ( سألتمونيها ) ؛ إن في الصدر أو في الحشو أو العجز ، وأحرف الإبدال ( هدأت موطيا ) !.
وتتوالد الأبنية على سنن هذا الميزان .
وهي بذلك " غير قابلة للتجريد أكثر مما كان أو للضمّ إلا إدغاماً ونحوه أو للحذف إلا لقياس أو خفة مأثورة أو للاقتصاد أو للاعوجاج". !
( وفرق بين الخفة والقصد ) !
- وإذا لم تكن الكلمة العربية ثابتة الشكل في كل أحوالها ( مبنية ) ولا مجهولة الأصول ( أعجمية ) فأبنيتها خاضعة للميزان الصرفي ، وجارية على أقيسة مقطعية مطردة في الغالب :
مثال الأسماء الثلاثية : فلس وفرس وكتف وعضد وحمل وعنب وإبل وقفل وصرد وعنق .
ومثال الأفعال الثلاثية : ضرب وجلس ونصر وعلم وحسب وكرم (أبواب الفعل الثلاثي) .
وزمام الكلمة في العربية بيد الحروف المجردة (من داخل الكلمة)، التي تدور حولها الزوائد والعلل والبدائل .. بخلاف غيرها فزمامها بيد المتكلم (من خارج الكلمة).
وتتكون الانجليزية من أقسام أكثر من أقسام العربية ، وهي :
(1) اسم NOUN
2) ضمير PRONOUN
3) فعل VERP
4) صفة ADJECTIVE
5) حال أو ظرفADVERP
6) حرف جرّ PREPOSITION
7) حرف عطف CONJUNCTION
8) حرف تعجب INTERJECTION
9) أداة ARTICIE
10) مصطلحات IDIOMS
ومثلها في هذه الأقسام الفرنسيةُ ، وسائر الأوربيات التي توخت قواعد اللاتينية .
وكثرة الأقسام تعني تعثر اطراد الأحكام في أقل من ذلك العدد من الأقسام .
وحق العربية أن تكون أقسام كلِمها أكثر ، لأن أصواتها أكثر ، ولكن رأينا العكس ، وسبب ذلك أن الأكثر أقساماً هو الأكثر تعقيداً ، وأن العكس بالعكس .
فإذا أضيف إلى ذلك كثرة أزمنة الفعل (22 زمناً) مع الصيغ المعبرة عنها ( وليس محل الإشكال كثرة الأزمنة ؛ فالإنسان مضطرّ إلى معرفتها بدقة؛ بخلاف كثرة الصيغ المعبرة عنها ، الموجبة للاقتصاد مع الزمن )، ومع كثرة الأفعال الشاذة في تصريفها ، حتى كأنها الأصل = بلغ التعقيد مدى لا تشعر به في العربية التي تتكون من ثلاث صيغ (ماض ومضارع وأمر) ، تعبر بها وبغيرها من المشتقات المتصرفة والمقيسة والمطردة ، عن فروع تلك الأزمنة الثلاثة (المضي والحضور والاستقبال).
وهذا التقسيم في الانجليزية ، وما كان في شبه نظامها من الألسنة ذات الأصول اللاتينية ، يخلط بين نحو الكلمة ونحو الجملة (المصطلحات مثلاً).
وترى في الانجليزية تحت تلك الأقسام ( مقسمة تقسيماً عُمقيّاً أو رأسيّاً ، ويأتي فيه الأنواع المندرجة تحت القسم السطحي السالف ) مفردات تقل عن مفردات العربية في الدلالة على الأشياء ، مثال ذلك الضمائر (I We You They He She It ).
فهي كثيرة الأقسام قليلة الألفاظ ؛ بخلاف العربية قليلة الأقسام كثيرة الألفاظ .
واختفى من الانجليزية ما يعبر عن الضمائر العربية : أنتِ أنتما أنتنّ هما هنّ . وجعلوا ضميراً لغير العاقل (It) [ اعتبروا غير العاقل ولم يعتبروا النساء ! ] .
والعرب ترى أن لكل شيء عقلاً بحسبه ( قالت نملة : ... ) ، ( قالتا : أتينا طائعين ) .
دع حروف الجرّ ، فهي في العربية عشرون ، وفي تلك الألسنة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ( وحروف الجر من روابط الكلام، وهي تجرّ في العربية ليس غير ، أما في غيرها فهي جارّة بلا جرّ ).
ولك أن تتصور الفرق بين ذينك التقسيمين في تكليف المبتدئين استخراج أقسام الكلام العربي من نص عربي ، واستخراج أقسام الكلام من نص انجليزي ! .
ومر بنا أن الصينية تتكون من مقاطع .. فلا معنى للتقسيم السالف فيها ! ، ولا تستطيع أن تعرف من شكل المفردة الصينية أهي اسم أم فعل أم صفة أم ضمير أم جماد أم إنسان ؟ إلا في السياق (كالحرف عندنا) ، وقد يسمع الصيني المقاطع واضحة فلا يفهم مدلولها ، وتستعمل المقاطع في تكوين الكلمات المفردة بأنواعها ( أسماء أفعال حروف ). وقد ترى جملة من مقطعين ومفردة من ثلاثة مقاطع ، والأغلب أن لكل مفردة مقطعاً واحداً كالقالب ، لا يجرّد ولا يوزن ولا يبدل ولا يتصرف إلا نادراً ؛ بلواحق .
واستقل فيها التعبير الزماني عن الفعل ، فيأتي الفعل وبعده مقطع أو مقاطع تبين زمنه الذي وقع فيه ، وقد ترى مقاطع بعينها يعبرون بها عن الأسماء والأفعال ، أو مقاطع مكررة أو محاكية للحدث أو الصوت . وليس عندهم مقاطع لصيغة الجمع بل المفرد يعبر به عن الجمع والمثنى ! . واختفت من معارفها الضمائر ، فيستعيظون عنها بالاسم الظاهر !. واستجاب لسانها لقرار ماويّ يحصد منها ثلاثة أرباعها !.
وفي الانجليزية (من الأوربيات) أسماء وأفعال تكتب بمقطع واحد كالصينية ! . (وهذا يبعدهما عن الألسنة الاشتقاقية المرنة المطواعة ) .
والفارسية من الألسنة الاشتقاقية كالألمانية (بجامع : الهندوأوربية)، ولكن لم تستطع (مثل العربية مع كلمات الفارسية المعرَّبة ) تصريف الكلمات العربية التي دخلت إليها على موازين كلامها ، فجاءت الكلمات العربية فيها دخيلة جامدة بادية العسر ( وهذا نوع من انفلات الزمام )! .
وسبب ذلك ضعف منظومتها الصرفية والاشتقاقية مقارنة بمنظومة العربية ذات الأصل والفصل !.
(يبدو تأثر واضعي قواعد الفارسية بشكل القواعد العربية واصطلاحاتها ، مع اختلاف المضمون !).
وجاء تقسيم أزمنة أفعالها والصيغ التي تعبر عنها متشابهاً مع نظام الانجليزية (في التعقيد).
واختفى من ضمائرها أنتِ وأنتما وأنتن وهما وهنّ (كالانجليزية والفرنسية) ، كاختفاء هذين وهاتين !.
وتأثر معجم العبرية (السفردية) ، كالمعجم الفارسي ، بما أخذوه عن العرب ، إبان إقامتهم في الأندلس ؛ للتقارب الكبير في الأصول الثلاثية للكلمات ونحوه، وبما نقله (الأشكناز) من أوربا، وجعلوا حديثاً فعلين للحال والاستقبال ؛ بدل المضارع في العربية؛ فهي أربع صيغ للأفعال ؛ لنقص الاشتقاق فيها . يقول العربي في الحال : أنا أذهب ، وفي الاستقبال : أنا ذاهبٌ (من باب الترجمة! فأنا ذاهب: ليس فيها دلالة زمنية؛ كما لا يخفى)، وفي العبرية الحديثة بالعكس !. ( وقد كانت العبرية القديمة ثلاثية التقسيم كالعربية ) .
واختفى منها أنتما وهُما ، وتؤدي بضمير البعد معنى الإشارة إلى البعيد ؛ فلا اسم إشارة له .
اختفت من هذه الألسنة المحكية والمدونة = أسماء كثيرة بأوزانها ، واختفت دلالات معنوية وزمانية في ألفاظها وتصاريفها ، واختفت معاني حروف وحروف معانٍ...
وبقيت تلك الأسماء والأوزان والدلالات والحروف في العربية المدونة والمحكية .
فعلىا ماذا يدل هذا ؟
. . . ( يتبع ) . . .
ابن عبيد الفيومي
2009-10-27, 03:43 PM
أخي عصام، بارك الله فيك، ذكرت في سابق محاورتك الآتي:
(ولسان الإنسان يختلف اختلافاً بيناً عن ألسنة الحيوان الأخرى ، التي لا تكاد تزيد عن نطق الحرف والحرفين ( في مقاطع ساذجة )، ولا مدخل للسان في إخراجها ، وإنما هي نباح أو عُواء أو مواء أو نهيق أو صهيل أو السجع أو الزقزقة أو الصفير ونحوه .
ومهما علت أصواتها فهي في نظر العربيّ عجماوات لا تفصح ولا تبين عما في أنفسها للناس ، وإن كانت تتعايش بذلك فيما بينها .
حتى إذا أتيت على ألسنة الأناسي وجدتها تزيد عن ذلك العدد ، وتتفاضل فيما بينها في تلك الأعداد وتختلف في توزيع المخارج وأنواع الصفات والوظائف التعبيرية والجمالية .)
إذا كانت الحيوانات (العجماوات) استطاعت بمنطقها (حسب اصطلاح القرآن (عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ)) أن تعبر عن معاني عميقة ومركبة وذات بيان، مثل قول الهدهد لسليمان عليه السلام: (أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ *وَجَدْتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ)، والهدهد لم يتحدث العربية بالتأكيد، وإنما تكلم بمنطقه الذي علمه الله سليمان عليه السلام، فإن قلنا إن الهدهد لا يملك إلا أصواتا قليلة - كما ذكرت عن الحيوانات عموما- واستطاع بهذه الأصوات القليلة أن يعبر عن هذه المعاني المركبة العميقة، فهو عندي أفصح من الإنسان، لأن الإنسان -كما ذكرت -يمتلك أصواتا أكثر مما يملك الهدهد وغيره من الحيوانات، ولدل هذا على أن كثرة الأصوات ليست مزية في اللغة ما دام صاحب الأصوات القليلة يستطيع أن يعبر أيضا عما يريد بدقة ووضوح مثل دقة ووضوح الهدهد فيما رواه القرآن، وهذا ينسحب على كل لغات الإنسان، فهل تسطيع أن تثبت -على افتراض أن قولك بقلة أصوات اللغات غير العربية صحيح- أن الألسنة غير العربية عجزت عن التعبير عما تستطيع العربية التعبير عنه؟
وهناك خطاب النملة الوارد في القرآن أيضا: ( يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) دليل آخر على أن هذه (العجماوات) فصيحة وبليغة، وأنها عجماوات بالنسبة إلينا فقط، لأننا لا نفهم ما تقول، لا لأنها لا تعرف أن تقول.
وما قلته في أصوات الحيوانات (العجماوات) أقوله في نحوها وصرفها وبيانها، فنحوها غير نحو العربية بالتأكيد، وصرفها غير صرفها، وبيانها غير بيانها، ومع ذلك عبرت عن معاني بديعة فصيحة، ترجم القرآن لنا بعضها، فهل ترجم القرآن غير ما قالت الحيوانات أم عين ما قالت؟ فعندي أن القرآن ترجم عين ما قالت الحيوانات إلى اللسان العربي، وهو -عندي- دليل على فصاحة الحيوانات وقوة منطقها!!
فما بالك ببقية ألسنة الناس؟؟
وهنا أشير إلى أن القرآن في معظمه ترجمة لمعانٍ قيلت على ألسنة مختلفة، كألسنة الأنبياء وأقوامهم، وألسنة الجن، وألسنة الملائكة، وألسنة السماوات والأرض، وألسنة الشياطين....إلخ، فكل معاني القرآن البديعة والجميلة والفصيحة والدقيقة قيلت بلغات غير عربية ابتداء، ثم ترجمها لنا القرآن.
فما تقول؟؟
عصام عبدالله
2009-10-28, 12:16 AM
أخي عصام، بارك الله فيك
وفيك بارك .
وقد وجدت صعوبة في تفهم كلامك لتداخل الأفكار ، ولكن حاولت :
قولك :
إذا كانت الحيوانات (العجماوات) استطاعت بمنطقها (حسب اصطلاح القرآن (عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ)) أن تعبر عن معاني عميقة ومركبة وذات بيان، مثل قول الهدهد لسليمان عليه السلام: (أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ *وَجَدْتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ)، والهدهد لم يتحدث العربية بالتأكيد، وإنما تكلم بمنطقه الذي علمه الله سليمان عليه السلام، فإن قلنا إن الهدهد لا يملك إلا أصواتا قليلة - كما ذكرت عن الحيوانات عموما- واستطاع بهذه الأصوات القليلة أن يعبر عن هذه المعاني المركبة العميقة، فهو عندي أفصح من الإنسان، لأن الإنسان -كما ذكرت -يمتلك أصواتا أكثر مما يملك الهدهد وغيره من الحيوانات.
من أين لك تأكيد أن هدهدة ذلك الهدهد لسليمان (ص) لم تكن بالعربية ، وقصص الآية عربي مبين ؟ ففف من أنبأك هذا ققق؟ .
الهدهد المذكور في سورة النمل هدهد معين معروف مدرب مجرب رحال جوال ذو حظوة ومكانة عند سليمان الحكيم . وبلاغته إنما كانت من جهات : من جهة الهدهد الذي تكلم بالكلام المذكور ، ومن جهة سليمان الذي دربه وعلمه وفهم عنه مراده ، ومن جهة الأدلة المقدمة .
وأمر الهدهد وتكلمه بما يفهمه البشر هو من خصائص النبيء سليمان عليه السلام ، أي أمر معجز خارق للعادة فففقال رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ققق.
والدليل على أنه من خواص سليمان (ص) أنه حين أراد أن يرسله إلى بلقيس حمله كتاباً (اذهب بكتابي هذا) ، ولم يحمله رسالة شفوية ، لأنه لن يطيق ذلك ، ولن تفهم الملكة بلقيس هدهدته .
وقد حصل للنبيء محمد (ص) أن استمع إلى الحجر والمنبر والذراع والضبّ والناقة والغزالة .. كرامة من الله له رحمة منه بها .
وتكفيك الآية فففوإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ققق، في فقه هذا الأمر .
وكلامنا فيما جرت وتجري به العوائد ، لا في المعجزات والخوارق .
وقولك إن الهدهد عندك أفصح من الإنسان بناء على أنه بأصوات قليلة أدى معاني كثيرة = قول غريب عجيب ، لأن البيان باللسان خاصة إنسانية ، بلا نزاع وجدال (بشهادة زقزقة العصافير وتناهق الحمير و..... ).
ولأن فهم سليمان للهدهد على ما فيه من فضل كان معجزة لسليمان .
ولأن كثيراً من الألسنة تعمد إلى أمور أخرى غير الأصوات الطبيعية في التعبير عن مراداتها ، ومنها التنغيم والتقطيع والنبر والتحزين والحركات الجسدية والإيحاءات والإشارات والرفرفة والحومان والتقليد وغيرها ، مما لا يستطيع أحد تسطيره في كتاب .
ولدل هذا على أن كثرة الأصوات ليست مزية في اللغة ما دام صاحب الأصوات القليلة يستطيع أن يعبر أيضا عما يريد بدقة ووضوح مثل دقة ووضوح الهدهد فيما رواه القرآن، وهذا ينسحب على كل لغات الإنسان، فهل تسطيع أن تثبت -على افتراض أن قولك بقلة أصوات اللغات غير العربية صحيح- أن الألسنة غير العربية عجزت عن التعبير عما تستطيع العربية التعبير عنه؟كثرة الأصوات في اللسان الإنساني ككثرة المعادن في الكون ، وفقر لسان من بعضها كأنما هو فقر في مواد التصنيع ، وأنواع البذور ، وأجناس الأحياء ، ونقصان أصوات من بعض الألسنة أو اختلاطها ببعضها .. قد أضر بها ضرراً لا ينكره أهلها ..
وقد وصل البحث اللغوي الحديث إلى أن لكل صوت من أصوات اللسان الإنساني موقعه في رقعة اللغة ، وزوال جزء منها مؤذن بزوال جميعها ولو بعد حين .
وهناك خطاب النملة الوارد في القرآن أيضا: ( يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) دليل آخر على أن هذه (العجماوات) فصيحة وبليغة، وأنها عجماوات بالنسبة إلينا فقط، لأننا لا نفهم ما تقول، لا لأنها لا تعرف أن تقول.
قول النملة كان بلسان الحال لا بلسان المقال ، بدليل أن النمل يتخاطب بإفرازات كيمائية غريزية ، يرسلها عبر الهواء ، إذا شعر بخطر ونحوه .
وتبسم سليمان في أحد أوجه تفسيرها كان لأنه كان محمولاً لم تطأ قدماه واديها ، فشعرت بالخطر من شدة جلبة جنوده التي مرت مع السحاب وملأت المكان ، ففعلت النملة ما فعلت ، ورأى ذلك سليمان وفهمه ففف ففهمناها سليمان ققق ، فتبسم فرحا بنعمة الله عليه .
ويؤيد أنه لم ينزل قوله : فففحتى إذا أتوا على وادي النمل ققق والإتيان أيسر أمراً من المجيء ، و"على": للاستعلاء .
فهي لم تفهم الأمر على حقيقته كما يفهمه سليمان ، فآثرت الاحتياط من سحابة عابرة .
فأين الفصاحة والبلاغة ؟
وما قلته في أصوات الحيوانات (العجماوات) أقوله في نحوها وصرفها وبيانها، فنحوها غير نحو العربية بالتأكيد، وصرفها غير صرفها، وبيانها غير بيانها، ومع ذلك عبرت عن معاني بديعة فصيحة، ترجم القرآن لنا بعضها، فهل ترجم القرآن غير ما قالت الحيوانات أم عين ما قالت؟ فعندي أن القرآن ترجم عين ما قالت الحيوانات إلى اللسان العربي، وهو -عندي- دليل على فصاحة الحيوانات وقوة منطقها!!
فما بالك ببقية ألسنة الناس؟؟
الحيوانات متعلمة بالإلهام الغريزي فففوأوحى ربك إلى النحل ققق.. ، فلا تحتاج أن تتعلم لغاتها في : أصوات وصرف ونحو وبلاغة !!! ، إنما هي أصوات فقط وحركات .
أما الإنسان فهو عالم بالتعلم ، لأنه مكلف بالإرادة ، فهو يحتاج إلى تعلم اللغة والشرع والخلق والعمل والإبداع وقضاء الحاجة والسباحة والرماية وركوب الخيل .
ولم أسمع من قبل أن القرآن يُتَرْجِم !.
وإنما يخبر عنها بلسان الحال أو لسان المقال .
لأن الترجمة المطابقة مستحيلة أو تكاد كما هو معروف عند المترجمين ، والله يقول ( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل )، (ومن أصدق من الله قيلاً) ( ومن أصدق من الله حديثاً ) .
وبالمناسبة :
ما رأيك في قوله تعالى : ففف وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كان بآياتنا لا يوقنون ققق.
وهي في سورة النمل أيضاً .
وهنا أشير إلى أن القرآن في معظمه ترجمة لمعانٍ قيلت على ألسنة مختلفة، كألسنة الأنبياء وأقوامهم، وألسنة الجن، وألسنة الملائكة، وألسنة السماوات والأرض، وألسنة الشياطين....إلخ، فكل معاني القرآن البديعة والجميلة والفصيحة والدقيقة قيلت بلغات غير عربية ابتداء، ثم ترجمها لنا القرآن.
فما تقول؟؟
" كلّ " في قولك: "فكل معاني القرآن البديعة والجميلة والفصيحة والدقيقة قيلت بلغات غير عربية ابتداء، ثم ترجمها لنا القرآن"
... تفيد العموم :
ويخرج من لازم قولك هذا :
- الأنبئاء العرب : هود ، صالح ، شعيب ، إسماعيل ، محمد (ص) ؛ فهل ترجمت عربيتهم ابتداء إلى العربية ؟ ! .
- والجن الذين استمعوا إلى النبيء محمد (ص) ، استمعوا إلى القرآن العربي المبين ، فهل ترجم القرآن إلى لغة جن نصيبين انتهاءً ؟ .
- وجبريل (ص) هل كان يوحي إلى النبيء بالسنة والكتاب بلسان غير اللسان العربي ابتداء .
وهل كانت أبواب السماء تفتح للنبيء وجبريل في الإسراء والمعراج بغير اللسان العربي ابتداء ؟ .
- وألسنة الشياطين هل كانت توسوس لقريش ويهود أو لنا بغير اللسان العربي ثم تترجم تلك الوسوسة ؟ !.
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .
عصام عبدالله
2009-10-28, 07:26 AM
بخصوص موضوع كلام النملة : الإعجاز كان في فهم سليمان وتبسمه ضاحكاً من قولها الذي قالته للنمل بالطريقة التي قالته وتقوله لهن حين شعرت بالخطر يدهمها ، وكان بعلم أطلعه الله عليه ، واختصه به ، وبقدرة سمعية تمكن بها من التقاط صرير تلك النملة، كما أطلعه على منطق الطير . وأرجع عن عبارة (كان بلسان الحال لا المقال!)، وأثبت أن لها قولاً هو الذي فهم منه سليمان .
فائدة :
وادي النمل : قريته ، وهي صغيرة الحجم لا يراها الإنسان إلا بتأمل ، فالعجب من سليمان عليه السلام كيف تأتي له ذلك ، وهو في ذلك الحال والانشغال والسفر والزحام والأبهة والطيران ! .
وهذا دأبه في رحلة جهاده المباركة ، لم يهمل من أمر مملكته ورعاياه شيئاً ، فلم يخف عليه أمر الذر فما فوقه!. ولم يهمل من أمر ربه شيئاً من الشكر والدعاء له والجهاد فيه في كل أحيانه .
( إن ربي لطيف لما يشاء )
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 08:49 AM
أخي عصام بارك الله فيك، قلت أخيرا (وأرجع عن عبارة (كان بلسان الحال لا المقال!)، وأثبت أن لها قولاً هو الذي فهم منه سليمان .) فهل رجعت تبعا لذلك عن بعض أو كل ما ورد في مشاركتك قبل الأخيرة؟
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:17 PM
أخي عصام، بسم الله، أبين لك.
قلتَ: (من أين لك تأكيد أن هدهدة ذلك الهدهد لسليمان لم تكن بالعربية ، وقصص الآية عربي مبين ؟ من أنبأك هذا ؟ .).
قلتُ: من القرآن، فالقرآن ذكر أن الله علم سليمان منطق الطير وليس العكس (وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير)، ولو كان الهدهد هو الذي يتكلم (العربية) ما كانت المعجزة لسليمان ولكن كانت للهدهد، ولو أراد الله أن يعلم الهدهد لغة البشر ليكلم بها سليمان لعلمه لغة سليمان، وسليمان لم يكن عربيا، وأخيرا هل كان الهدهد يتكلم العربية (وهي ليست لغة سليمان) ومعجزة سليمان أنه كان يعرف لغتين لغته واللغة العربية؟
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:21 PM
أخي عصام
قلتَ (وقصص الآية عربي مبين ؟) فهل كل قصص ذكر في القرآن- والقرآن كله عربي مبين- يعني أن أصحابه تكلموا بالعربية وليس بلغاتهم، أم أن كل من ذكروا في القرآن كانوا عربا، موسى وعيسى وأيوب وإبراهيم .... إلخ؟ بل الملائكة والشياطين؟
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:26 PM
أخي عصام
قلتَ: (الهدهد المذكور في سورة النمل هدهد معين معروف مدرب مجرب رحال جوال ذو حظوة ومكانة عند سليمان الحكيم . وبلاغته إنما كانت من جهات : من جهة الهدهد الذي تكلم بالكلام المذكور ، ومن جهة سليمان الذي دربه وعلمه وفهم عنه مراده ، ومن جهة الأدلة المقدمة .) وهذا لا ينفي أصل الكلام والبيان في جنس الهدهد عموما، وإنما زاد بيان هذا الهدهد المخصوص للأسباب التي ذكرتها، على الرغم من أنك لم تذكر دليلا على أن سليمان دربه وعلمه، ولا أدري علام دربه سليمان وما علمه؟؟!
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:32 PM
أخي عصام
قلتَ (وأمر الهدهد وتكلمه بما يفهمه البشر هو من خصائص النبيء سليمان عليه السلام ، أي أمر معجز خارق للعادة قال رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي .
والدليل على أنه من خواص سليمان أنه حين أراد أن يرسله إلى بلقيس حمله كتاباً (اذهب بكتابي هذا) ، ولم يحمله رسالة شفوية ، لأنه لن يطيق ذلك ، ولن تفهم الملكة بلقيس هدهدته .
وقد حصل للنبيء محمد أن استمع إلى الحجر والمنبر والذراع والضبّ والناقة والغزالة .. كرامة من الله له رحمة منه بها .
وتكفيك الآية وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ، في فقه هذا الأمر .
وكلامنا فيما جرت وتجري به العوائد ، لا في المعجزات والخوارق .)
قلتُ: إنما أتيت بحديث الهدهد لأثبت به أن الحيوانات لها لغاتها وأنها تستطيع بها أن تعبر عن معانٍ دقيقة وعميقة فيما بينها (حديث النملة) وفيما بينها وبين من مكنه الله من فهمها كما هو الأمر مع سليمان، ومع نبينا مع الجمل، فكل الحيوانات له لغاتها كما يفهم من القرآن، أما معجزة سليمان في فهم لغات الحيوانات فهي من خصائصه ولم أقل غير هذا.
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:37 PM
قلتَ (ففعلت النملة ما فعلت ، ورأى ذلك سليمان وفهمه ففهمناها سليمان ، فتبسم فرحا بنعمة الله عليه .)
قلتُ: هذا الجزء من الآية (ففهمناها سليمان) إنما ورد في حكاية أخرى عن سليمان وأبيه داود ولا علاقة لها بالنملة وحكايتها.
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:45 PM
أخي عصام
قلتَ (الحيوانات متعلمة بالإلهام الغريزي وأوحى ربك إلى النحل .. ، فلا تحتاج أن تتعلم لغاتها في : أصوات وصرف ونحو وبلاغة !!! ، إنما هي أصوات فقط وحركات .
أما الإنسان فهو عالم بالتعلم ، لأنه مكلف بالإرادة ، فهو يحتاج إلى تعلم اللغة والشرع والخلق والعمل والإبداع وقضاء الحاجة والسباحة والرماية وركوب الخيل .)
قلتُ: تعلم أن الأصل في تعلم اللغة والفصاحة إنما يكون بالسماع والاختلاط بالفصحاء، وإنما لجئ إلى التنظير عندما عدم هذا الأصل، فنحن نتعلم اللغة أصلا كما الحيوانات، بل نحن نتعلم أحيانا من الحيوانات (قَالَ يَاوَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ ).
والله يقول (وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَْرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ) فما المثلية المقصودة في الآية؟
ومع ذلك فنحن مفضلون على خلق الله، إن كنا صالحين.
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:48 PM
أخي عصام
قلتَ (ولم أسمع من قبل أن القرآن يُتَرْجِم !.)
قلتُ: ها قد سمعت مني، فانفِ هذا بالدليل، وقد ذكرت لك دليل قبل ذلك، فالقرآن أورد قصصا كثيرا على لسان أقوام مختلفي اللغات والأجناس، أليس هذا ترجمة؟
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:51 PM
أخي عصام
قلتَ (لأن الترجمة المطابقة مستحيلة أو تكاد كما هو معروف عند المترجمين ، والله يقول ( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل )، (ومن أصدق من الله قيلاً) ( ومن أصدق من الله حديثاً ) .)
قلتُ: نعم الترجمة المطابقة لا يستطيعها بشر، ولكن المترجم الذي نتحدث عنه هو الله رب العالمين القادر على شيء والذي لا يعجزه شيء، فصحح اعتقادك بأن الله قادر على الترجمة المطابقة.
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:52 PM
أخي عصام
قلتَ(ما رأيك في قوله تعالى : وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كان بآياتنا لا يوقنون .
وهي في سورة النمل أيضاً .)
قلتُ: لم أفهم مرادك من السؤال وما الذي تثبته به؟؟
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 12:58 PM
أخي عصام
قلتَ(" كلّ " في قولك: "فكل معاني القرآن البديعة والجميلة والفصيحة والدقيقة قيلت بلغات غير عربية ابتداء، ثم ترجمها لنا القرآن"
... تفيد العموم :
ويخرج من لازم قولك هذا :
- الأنبئاء العرب : هود ، صالح ، شعيب ، إسماعيل ، محمد ؛ فهل ترجمت عربيتهم ابتداء إلى العربية ؟ ! .)
قلتُ: الأنبياء عددهم لا يعلمه إلا الله، ومعلوم أن الأنبياء الذين ذكروا في القرآن معظمهم من غير العرب، فلفظة (كل) التي استخدمتها أنا من باب التغليب، ولو شئت الدقة لحملت لفظتي (كل) على لفظتي التي ذكرتها قبلها (معظم) من حمل المطلق على المقيد.
فمعظم الأنبياء لم يكونوا عربا، وربما أكثر الأنبياء الذين نعرفهم من بني إسرائيل.
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 01:01 PM
قلتَ( وجبريل هل كان يوحي إلى النبيء بالسنة والكتاب بلسان غير اللسان العربي ابتداء .
وهل كانت أبواب السماء تفتح للنبيء وجبريل في الإسراء والمعراج بغير اللسان العربي ابتداء ؟ .
- وألسنة الشياطين هل كانت توسوس لقريش ويهود أو لنا بغير اللسان العربي ثم تترجم تلك الوسوسة ؟ !.
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .)
قلتُ: لم أقل هذا قط، وإنما أقول إن الله ترجم لنا في القرآن أقوال الأنبياء وغيرهم من غير العرب.
وجبريل عندما كان ينزل على الأنبياء غير العرب هل كان يحدثهم بالعربية، وهل نزل بالتوراة والإنجيل بالعربية؟
وأدعو الله معك أن يهدينا إلى سواء السبيل.
عصام عبدالله
2009-10-28, 05:44 PM
أخي ابن عبيد
أسئلتك مكّوكية فرِفْقاً .
إما أنه هدهد معلّم ، أو كان يصنع ذلك على سبيل خرق العادة ، لأن صنيعه ليس عادياً ، بل صنيع حكيم من المكلفين من البشر .
وتعيينه لأنه معرف بأل العهدية ، وقد سأل عنه سليمان حصراً .
(ففهمناها سليمان) : فيها خاصية لسليمان ، في فهم أمر الحرث والغنم ، فذكرتها هنا استئناساً .
لو كنا نتعلم كالحيوانات بالإلهام الغريزي لكنا نحن الصنف البشري على منطق واحد كصنف من أصناف الطير ؛ ولكنا نختلف ؛ فدل ذلك على أننا نحن البشر فقط نتعلم اللغات بالتعليم ، وهذا سبب الاختلاف .
واللسان العربي لم ينعدم أصله ، وإنما هو باق محفوظ ، بكل أسباب بقائه ، واستنبطت العلوم لحمايته ، وتعليمه ، وها نحن نكتب به ونسمعه ونناقش به من مراكش إلى الصومال إلى اندونيسيا إلى ديار بكر .
ولا أقطع بنفي أو إثبات في الألسنة تحدث عنها القرآن .
والمعلوم أن الأنبئاء كانوا من سكان الإقليم الرابع ( الجزيرة العربية ) ، وأن ألسنة سكانه كانت متقاربة، إن لم تكن واحدة .
والترجمة بهذا اللفظ عمل بشري ، فهل تصف الله وكتابه بذلك ؟ لو كان هناك لفظ آخر .
آية خواتيم النمل (الدابة) تدل أن الله خرق العادة بخلق دابة تكلم الناس ، بكلام ليس ( مترجماً ) ، بل يعرفه من يقرأ ومن لا يقرأ .
وفقك الله
ابن عبيد الفيومي
2009-10-28, 06:18 PM
بوركت أخي عصام، وأنا أكتفي من المحاورة بما سبق، فقد عرضت معظم أفكاري حول المسألة ولن أضيف جديدا، وأتمنى أن تواصل أنت بيان ما أنت بصدد بيانه، وإنا منكم مستفيدون إن شاء الله.
وقد سعدت واستفدت كثيرا من محاورتك فلك مني التحية.
عصام عبدالله
2009-10-28, 08:49 PM
وفيك بارك الله أخي ابن عبيد
وأنا استفدت منك أيضاً . جزاك الله خيراً .
ولا زلت أتوقع منك المشاركة والإثراء في بقية الموضوع .....
ولك مني تحية مباركة طيبة .
الدكتور حسين حسن طلافحة
2009-10-29, 12:13 AM
في الويكيبيديا شرح لجميع اللغات -تقريباً- على هذا الرابط:
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9 _%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A 7%D8%AA
وهذا مفيد في الموضوع:
الاختلافات بين العربية واللغات السامية
العربية هي أكثر اللغات السامية احتفاظًا بسمات السامية الأولى فقد احتفظت بمعظم أصوات اللغة السامية وخصائصها النحوية والصرفية.
فقد احتفظت بأصوات فقدتها بعض اللغات مثل: غ، ح، خ، ض، ظ، ث، ذ. ولا ينافسها في هذه المحافظة إلا العربية الجنوبية.
احتفظت العربية بعلامات الإعراب بينما فقدتها اللغات السامية الأخرى.
احتفظت بمعظم الصيغ الاشتقاقية للسامية الأم، اسم الفاعل، المفعول. وتصريف الضمائر مع الأسماء والأفعال: بيتي، بيتك، بيته، رأيته، رآني.
احتفظت بمعظم الصيغ الأصلية للضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة.
يضم معجم العربية الفصحى ثروة لفظية ضخمة لا يعادلها أي معجم سامي آخر. ولهذا أصبحت عونا لعلماء الساميات في إجراء المقارنات اللغوية أو قراءة النصوص السامية القديمة كنصوص الآثار الأكادية والفينيقية والأوغاريتية وحتى نصوص التوراة العبرية.
وهذا أحسن في الموضوع:
خصائص اللغة العربية ومميزاتها عن اللغات الأخرى
-أنها أقدم اللغات السامية (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A7 %D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A 7%D9%85%D9%8A%D8%A9).
-نزل بها القرآن الكريم (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2 %D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B 1%D9%8A%D9%85).
3--فيها ظاهرة الإعراب (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D8%B1 %D8%A7%D8%A8) التي لا يوجد في أي لغة أخرى.
4--مناسبة حروف اللغة لمعانيها.
5-لكل حرف فيها مخرجه وصوته الخاص به.
6-قدرتها على الاشتقاق (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D8%B4%D8%AA%D9%82%D8%A7 %D9%82_(%D9%84%D8%BA%D8%A9))، وتوليد (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF ) المعاني والألفاظ.
7-سعة مفرداتها وتراكيبها.
8-سعتها في التعبير.
9-قدرتها على التعريب، واحتواء الألفاظ من اللغات الأخرى بشروط دقيقة معينة.
10-فيها خاصية الترادف (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7 %D8%AF%D9%81)، والأضداد (http://majles.alukah.net/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D 8%A3%D8%B6%D8%AF%D8%A7%D8%AF&action=edit&redlink=1)، والمشتركات اللفظية (http://majles.alukah.net/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D 9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83%D 8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D9%84% D9%81%D8%B8%D9%8A%D8%A9&action=edit&redlink=1).
11-غزارة صيغها وكثرة أوزانها.
12-ظاهرة المجاز (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%A7 %D8%B2)، والطباق (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D8%A7 %D9%82)، والجناس (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7 %D8%B3)، والمقابلة (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7 %D8%A8%D9%84%D8%A9) والسجع (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AC%D8%B9 )، والتشبيه (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%A8 %D9%8A%D9%87).
13-فنون اللفظ ( البلاغة (http://majles.alukah.net/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%A7 %D8%BA%D8%A9) والفصاحة (http://majles.alukah.net/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D 9%81%D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A9&action=edit&redlink=1) وما تحويه من محسنات).
14-وجود حرف الضاد للعَرَب خاصة ولا توجد في كلام العجم إِلا في القليل؛ ولذلك قيل في قول أَبي الطيب:
وبِهِمْ فَخرُ كلِّ مَنْ نَطَقَ الضَّا دَ،وعَوْذُ الجاني، وغَوْثُ الطَّريدِ ذهب به
إِلى أَنها للعرب خاصة.
ملحوظة: اللون الأحمر خارج عن مجال البحث.
عصام عبدالله
2009-10-29, 12:46 AM
مشكور يا دكتور حسين على هذه الخلاصة الطيبة .
أبو محمد الطنطاوي
2009-10-29, 01:35 AM
هذا الكتاب يدور على فكرة أن اللغة العربية أصل للغات كلها
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=20407&highlight=%C7%E1%E1%DB%C7%CA+% C7%E1%C8%E6%D1%ED%E4%ED
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=20406&highlight=%C7%E1%E1%DB%C7%CA+% C7%E1%C8%E6%D1%ED%E4%ED
أبو الفرج المنصوري
2009-10-29, 03:05 AM
قال جلّ ثناؤه: " وإنه لتنزيلُ ربّ العالمين، نَزَل بِهِ الرُّوح المبينُ عَلَى قلبك، لِتكُون من المُنذِرين، بلسان عربيٍّ مبين "
فوصَفه جلّ ثناؤه بأبلغ مَا يوصَف بِهِ الكلام، وهو البيان.
قال جلّ ثناؤه: " خَلَق الإنسان، علَّمه البيان " فقدّم جلّ ثناؤه ذكر البيان عَلَى جميع مَا توحَّد بخلقه وتفرَّد بإنشائه، من شمس وقمر ونجم وشجر وغيرِ ذَلِكَ من الخلائق المحْكمة والنشايا المُتْقَنة. فلمّا خصَّ جلَّ ثناؤه اللسانَ العربيَّ بالبيانِ عُلم أن سائر اللغات قاصِرَةٌ عنه وواقعة دونه.
فإن قال قائل: فقد يقع البيانُ بغير اللسان العربي، لأن كلَّ مَن أفْهَم بكلامه عَلَى شرط لغته فقد بَيَّن. قيل لَهُ: إِن كنتَ تريد أن المتكلّم بغير اللغة العربية قَدْ يُعرِبُ عن نفسه حَتَّى يفهم السامع مراده فهذا أخس مراتب البيان ؛ لأن الأبكم قَدْ يدلُّ بإشارات وحركات لَهُ عَلَى أكثر مراده ثُمَّ لا يسمّى متكلماً، فضلا عن أن يُسمَّى بَيِّناً أَوْ بليغاً. وإن أردت أنَّ سائر اللغات تبيّن إبانة اللغة العربية فهذا غَلط، لأنا لو احتجنا أن تعبِّر عن السيف وأوصافه باللغة الفارسية لما أمكننا ذَلِكَ إِلاَّ باسم واحد، ونحن نذكر للسيف بالعربية صفات كثيرةً، وكذلك الأسد والفرس وغيرهما من الأشياء المسمّاة بالأسماء المترادفة. فأين هَذَا من ذاك، وأين لسائر اللغات من السَّعة مَا للغة العرب؟ هَذَا مَا لا خفاء بِهِ عَلَى ذي نُهيَة.
وَقَدْ قال بعضُ علمائنا حين ذكر مَا للعرب من الاستعارة والتمثيل والقلب والتقدير والتأخير وغيرها من سنن العرب فِي القرآن فقال: ولذلك لا يقدر أحد من التراجم عَلَى أن ينقله إِلَى شيء من الألسنة كما نُقل الإنجيل عن السريانية إِلَى الحَبشية والرُّومية وترجمت التوراة والزَّبور وسائرُ كتب الله عزّ وجلّ بالعربية، لأن العجم لَمْ تتَّسع فِي المجاز اتساع العرب، ألا ترى أنك لو أردت أن تنقُل قوله جلّ ثناؤه: " وإما تخافَنَّ مِن قوم خِيانةً فانْبذْ إليهم عَلَى سواء " لَمْ تستطع أن تأتي بهذه الألفاظ المؤدِّية عن المعنى الَّذِي أَوْدِعَتْه حَتَّى تبسُط مجموعها وتصِل مقطوعها وتُظهر مستورها فتقول: " إِن كَانَ بَيْنَك وبين قوم هدنة وعهد فخفت منهم خيانة ونقضاً فأعلمهم أنّك قَدْ نقضت مَا شرطته لهم وآذِنْهم بالحرب لتكون أنت وهم فِي العلم بالنقض عَلَى استواء " وكذلك قوله جلّ ثناؤه: " فضربنا عَلَى آذانهم فِي الكهف " .
فإن قال قائل: فهل يوجد فِي سنن العرب ونظومها مَا يجري هَذَا المجرى؟ قيل لَهُ: إِن كلام الله جلّ ثناؤه أعلى وأرفع من أن يُضاهى أَوْ يُقابل أَوْ يعارض بِهِ كلام، وكيف لا يكون كذلك وهو كلام العليّ الأعلى خالق كلّ لغة ولسان، لكنّ الشعراء قَدْ يؤمنون إيماءَ ويأتون بالكلام الَّذِي لو أراد مُريد نقْلُه لاعْتاص وَمَا أمكن إِلاَّ بمبسوطٍ من القول وكثير من اللفظ. ولو أراد أن يعبّر عن قول امرئ القيس:
فدع عنك نَهْباً صيح فِي حَجَراته
بالعربية فضلاً عن غيرها لطال عَلَيْهِ. وكذا قول القائل: " والظنُّ عَلَى الكاذبِ " .
و " نِجارُها نارُها " .
و " عَيَّ بالأسْناف " .
و " انْشأِي يُرمَ لكِ " .
و " هو باقِعة " .
و " قلبٌ لَو رَفع " .
و " عَلَى يَد فاخْضَمْ " .
وشأنُك إِلاَّ تركُه مُتفاقم
وهو كثير بمثله طالت لغةُ العرب اللغات. ولو أراد معبّرٌ بالأعجمية أن يعبر عن الغنيمة والإخفاق واليقين والشكّ والظاهر والباطن والحق والباطل والمبين والمشكل والاعتزاز والاستسلام لعيّ بِهِ. والله جلّ ثناؤه أعلم حَيْثُ يجعل الفضل.
ومما اختُصت بِهِ لغةُ العرب - بعد الَّذِي تقدم ذِكرناهُ قلبهُم الحروف عن جهاتها، ليكون الثاني أخفَّ من الأول، نحو قولهم: " ميعاد " وَلَمْ يقولوا " مِوْعاد " وهما من الوعد، إِلاَّ أن اللفظ الثاني أخفُّ.
ومن ذَلِكَ تركهم الجمعَ بَيْنَ السَّاكنَينِ، وَقَدْ تجتمع فِي لغة العجم ثلاث سواكن. ومنه قولهم: " يَا حارِ " ميلاً إِلَى التخفيف.
ومن اختلاسهم الحركات فِي مثل:
فاليومَ أشرَبْ غيرَ مُسْتَحقِبٍ
ومنه الإدغامُ، وتخفيفُ الكلمة بالحذف، نحو " لَمْ يَكُ " و " لَمْ أُبَلْ " ومن ذَلِكَ إضمارهم الأفعال، نحو " امرأ أتقى الله " و أمرَ مُبكياتِكِ، لا أمرَ مضْحكاتِكِ " .
وممّا لا يمكن نقْله البتَّةَ أوصافُ السيف والأسد والرمح وغير ذَلِكَ من الأسماء المترادفة. ومعلوم أن العَجَم لا تعرف للأسد غير اسم واحد، فأما نحن فنُخرج لَهُ خمسين ومائة اسم.
وحدثني أحمد بن محمد بن بندار قال: سمعت أبا عبد الله بن خالَوَيْهِ الهمذاني " يقول: جمعت للأسد خمس مائة اسم وللحيَّة مائتين.
وأخبرني عليُّ بنُ أحمد بنِ الصبَّاح قال: حدثنا أبو بكر بن دريد قال: حدثنا ابن أخي الأصمعي عن عمه أن الرشيد سأله عن شعر ل ابن حزام العُكْلِيّ ففسره، فقال: " يَا أصمعي، إِن الغريب عندك لغَيْرُ غريب " فقال: " يَا أمير المؤمنين، ألا أكون كذلك وَقَدْ حفظتُ للحَجَر سبعين اسماً؟ " . وهذا كما قاله الأصمعي. ولكافي الكفاة أدام الله أيامه وأبقى للمسلمين فضله - فِي ذَلِكَ كتاب مجرد.
فأين لسائر الأمم مَا للعرب؟ ومن ذا يمكنه أن يُعبّر عن قولهم: ذات الزُّمَيْن، وكَثْرَة ذات اليد، ويد الدهر، وتخاوَصَت النجوم، ومَجَّت الشمسُ ريقها، ودَرأ الفيءَ، ومفاصل القول، وأتى بالأمر من فصِّه، وهو رَ حْب العَطَن، وغَمْرُ الرداء، ويخْلق، ويَفري، وهو ضيّق المَجَمّ، قلِق الوَضِين، رابط الجأش، وهو ألْوى، بعيد المُسْتَمَرّ، وهو شراب بِأنقع، وهو جُذَيْلُها المحكَّك وعُذَيقُها المُرَجَّب، وَمَا اشبه هَذَا من بارع كلامهم ومن الإيماء اللطيف والإشارة الدّالة.
وَمَا فِي كتاب الله جلّ ثناؤه من الخطاب العالي أكثر وأكثر، قال الله جلّ وعزّ: " ولكم فِي القصاص حياة " و " يحسبون كلَّ صَيْحة عليهم " ، و " وأُخرى لن تَقْدروا عَلَيْهَا قَدْ أحاط الله بِهَا " و " إِن يتّبعون إِلاَّ الظَّنَّ وإن الظن لا يُغني من الحقّ شيئاً " و " إنما بَغيكم عَلَى أنفسكم " ، " ولا يُحيق المكر السّيّئ إِلاَّ بأهله " وهو أكثر من أن نأتي عَلَيْهِ.
وللعرب بعد ذَلِكَ كَلِم تلوح فِي أثناء كلامهم كالمصابيح فِي الدُّجى، كقولهم للجَموع للخير: قَثُوم، وهذا أمر قاتِم الأعماق، أسود النواحي، واقتحف الشرابَ كلّه، وَفِي هَذَا الأمر مصاعبُ وقُحَم، وامرأة حييّة قدِعة، وتَقَادَعوا تقادُعَ الفراش فِي النار، وَلَهُ قَدَم صِدق، وذا أمر أنت أردته ودبّرته، وتقاذَفَتْ بِنَا النَّوى، واشْتَفَّ الشراب، ولك قُرعة هَذَا الأمر خياره، وَمَا دخلت لفلان قريعة بيت، وهو يَبْهَر القرينة إِذَا جاذبته، وهم عَلَى قرو واحد أي طريقة، وهؤلاء قَرَابينُ الملك، وهو قشع إِذَا لَمْ يثبت عَلَى أمر، وقشبه بقبيح لطخه وصبي قصِع لا يكادُ يشبّ، وأقلت مَقاصِرُ الظلام، وقطَّع الفرسُ الخيلَ تقطيعاً إِذَا خلَّفها، وَلَيْسَ أقعَس لا يكاد يبرح، وهو منزول قفر.
وهذه كلمات من قرحة واحدة، فكيف إِذَا جال الطرف فِي سائر الحروف فجالَه؟ ولو تقصينا ذَلِكَ لجاوزنا الغرض ولما حوته أجلاد وأجلاد.
عصام عبدالله
2009-10-29, 10:52 AM
أخي أبا محمد جزاك الله خيراً على المرور والإفادة .
عصام عبدالله
2009-10-29, 10:57 AM
أخي أبا الفرج جزاك الله خيراً وبارك فيك على ما تفضلت به من فوائد ونوادر وجوامع تثري صلب الموضوع .
أبو حاتم ابن عاشور
2009-10-29, 11:20 AM
قال جلّ ثناؤه: " وإنه لتنزيلُ ربّ العالمين، نَزَل بِهِ الرُّوح المبينُ عَلَى قلبك، لِتكُون من المُنذِرين، بلسان عربيٍّ مبين "
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)
عصام عبدالله
2009-10-31, 12:13 AM
إخوتي الفضلاء
( مذاكرة وتوضيح )
أودّ أن أنبّه - ونحن في صدد هذا الموضوع - أننا نبحث عن آلات اللسان العربي العميقة والثابتة على الزمان في قانون اللسان العربي .
وتلك الآلات هي الأصول التي كانت مستقرة في الذهن العربي ، وهي بنية اللسان التي تكونت منها أصول أصواته وأصول كلماته وأصول جمله التي اعتمد عليها العربي في التعبير بتلك الدوال عن المدلولات .
وتلك الأصول هي التي كونت النسيج اللغوي في ذهن الناطق بالعربية بالسماع عن العرب أو بمطالعة كلامهم المأثور عنهم .
وعلى تلك الأصول أو الآلات كانت ثروة اللسان العربي اللفظية والمعنوية ، كوناً ذهنياً حكيماً يتفاعل معه ذهن الإنسان تفاعلاً لا يسمح به كون ذهني آخر .
وقد بدأتُ الكلام عن الحروف العربية الفصاح والحسان والهجان ، وهي أصول الأصوات العربية ، مورداً في صدره كلام الإمام سيبويه في ذلك .
تلك الحروف الفصاح هي التي عليها مدار التأليف الصوتي العربي ، منقسمة إلى حروف صحاح وعلل وأبعاض علل ، وأن العلل وأبعاضها تدور في فلك الأحرف الصحاح ، وهذه القسمة تجعل الكلام يتناغم بين حركاته وسكناته المتغيرة ، التي تجري على الحروف الثابتة في أصل الكلمة وتؤوّب معها .
هذا هو الأصل الأول .
وكوّن هذا التناغم نسيجاً صوتياً ، اكتسب به اللسان العربي نمطاً أدائياً غنائياً ترنّمياً متناسقاً متساوقاً منسجم الصفات متوازناً ، نسيجاً يحاكي النسيج الكوْني الخلاب .
وقد تجد كتب التجويد حين تصف مخارج الحروف وصفاءهن = تحكي لك أن الألف فيه صوت أُلفة ، وأن الباء فيه شدة وقوة ، وأن في السين همساً ووسوسة كصوت هجرة الطيور ، وفي الصاد صفيراً ، وفي الزاي دويّاً ، وفي الطاء اصطكاكاً ، وفي الشين تفشياً ، وفي الغنة اعتلاجاً ، وفي الضاد فصاحة ...
وهذا النسيج يتشكل في ذهن الإنسان منذ نعومة أظفاره ، ويتكامل مع بلوغه سنّ التمييز .
ويتكوّن مع هذا النسيج الصوتي ، انطباعات معنوية للأصوات البسيطة والمركبة ، تكون هي اللغة التي يعتبرها الإنسان لغته الأم .
وتلك الانطباعات قد فسرها بعضهم بأنها اقترانات شرطية ، اكتُسبت من تكرار العلامات اللغوية / الأصوات / الأسماء ، مرتبطة بذواتها وأحداثها وملابساتها ، على الذهن .
وقارنت بين هذه الأصول العربية والأصول التي انبنت عليها ألسنة أخرى ، فكانت تلك الألسنة ناقصة الأصول نقصاً بيّناً جامدة التأليف كدرة النطق مبهمة اللفظ .
وثنيت بالكلام عن الكلمات العربية ، مورداً كلام سيبويه ؛ أن كلام العرب ينقسم إلى أقسام ثلاثة ؛ تقسيماً يفسر بساطة تكوينات هذا اللسان وعمق تعبيره عن حاجة النفس والعقل ، وأنه في هذا التقسيم يختلف عن تقاسيم الألسنة الأخرى التي لم تستطع أن تجاريه في تلك البساطة وذلك العمق .
وللكلمة العربية المتكونة من أصوات = نسيج بارع بديع ، وذلك أن الأصوات العربية الفصيحة ذات النسيج البديع هي التي كوّنت هذه الكلمات ، فكانت هذه الكلمات ذات صيغ محلاة بأنساق موزونة ، بميزان دقيق ، يفرق بين الأصول والفروع ، والمجرد والمزيد ، والجامد والمتصرف ، والمبني والمعرب ، والثابت والمتغير .
هذا الميزان هو الميزان الصرفي ، ولكنّ عناصره أربعة : الحروف الأصول (فعل) ، وحروف الزيادة (سألتمونيها) ، وحروف العلة ( ا و ي ء ) ، وحروف الإبدال ( هدأتَ موطيا ) . وشرحها بأمثلتها يطول .
وينسحب قانون الفصاحة العربية العالي الكفاءة والدقيق المعيار على النسيج الصوتي بحروفه الصحاح والعلل وأبعاضها ، وعلى تشكلات هذا النسيج المتكوّن من الكلمات والجمل وسائر أجزاء الكلام ؛ ليكون ذلك النسيج في آخر صورة قطعةً فنية بديعة ، تؤدي فيه تلك الدوال المنظومة مدلولاتها بأحسن ما يكون الأداء .
ومثال هذا النسيج يصدق على صورتين :
صورة من كلام البشر وهي المتجلية في الشعر العربي ، الذي بلغ الذروة البيانية ، بشهادة النقاد المتعاقبين مع الزمان .
وصورة من كلام الله تعالى ، وهي المتجلية في كتابه العزيز المعجز ، بشهادة العرب الذين بلغوا تلك الذروة .
فتحصل لدينا إلى الآن آلتان :
(1) آلة الحروف بحركاتها وسكناتها .
(2) آلة الكلمات بثوابتها ومتغيراتها .
والله الموفق .
عصام عبدالله
2009-11-03, 04:27 AM
الأوسع طواعية !
قبل الانتقال إلى نحو الجملة لنرى ما فيه من فضائل .. لا بد أن نستجلي أمراً فضيلاً ، قد يخفى من نحو الكلمة .
وهو كامن في العلم الذي سمي متن اللغة ، الذي هو قاعدة ما سلف من الكلام عن آلة التجريد والتصريف والجمود والاشتقاق ، وقاعدة ما يأتي من أنحاء وآلات .
ذلك العلم الذي أحاطت به المعجمات العربية ، ابتداء من معجم العين المنسوب إلى الخليل إلى المعجم الوسيط الذي صنعه مجمع القاهرة ، فلم يشذ عنها منه شيء ، إلا ما لا خطر له ، حتى استوى معجم اللسان العربي موثقاً بالنقل منظماً بالعقل واضحاً كالشمس .
وامتد بناء المعجم العربي منذ أن بدأ التدوين مع القرن الهجري الأول إلى الآن (أي : أربعة عشر قرناً ) بغير انقطاع ، فاجتمع له عراقة وتهذيب ومتانة لم ينلها معجم آخر في آثار الألسنة الأخرى .
فما تراه (في الجملة) من الأصول في تاج العروس تراه في المعجم الوسيط ، وتراه في العين والتهذيب والمحيط والصحاح والبارع والمخصص واللسان والقاموس والمصباح .
والأمر الذي أريد أن نستجليه هنا في هذه المحاورة هو أن هذا ( المتن ) انبنى بأصوات كلام العرب ، التي سلفت ، وأن تلك الأصوات المؤلفة في كلمات كانت مفصلة على أسس رفيعة من الحكمة والانسجام والتناظر والقياس ، الذي يحكم أبوابها وفصولها وتقاليبها ومقاييسها وحروفها ودلالاتها ، حكمة تدخل إلى العقل الريب في أنه من اصطلاح بشر .
وخلاصة هذا البحث أمران :
- أن لأصول الكلمة دلالةً عامة تسري في معاني تصاريفها .
- أن للكلمات التي تماثل حرفان من أصولها فأكثر = دلالة عامة تسري في معاني جذورها .
***
وأستميحكم عذراً بسرد هذه الأمور التي هي تقدمة للفكرة :
أول معجم حاول جمع أبنية العربية هو معجم العين المنسوب إلى الخليل بن أحمد (-175).
ولا نزاع في أن الخليل كان سبب وضع أصل هذا الكتاب وراسم خطة أبوابه (منهجه) ، أما حشوه (تتميمه) فمن صنع تلميذه الليث بن المظفر (-180) وغيره من العلماء .
اختار - أو اقترح - الخليل للمعجم أن يبنى على أمرين ، وفق فيهما كل التوفيق (مقدمة العين):
1) أن ترتب حروفه على ترتيبها الصوتي بدءاً من الجوف وانتهاءً بالشفتين والخيشوم .
2) أن يركب من هذه الحروف كلمات ، تقلب أصولها الستة وما يتصرف منها ، حتى يأتي على كل الأصول ، دالة في تقاليبها الستة على مدلول واحد عامّ .
فمثلاً ( سلم ) تُقلب إلى : سمل ، ملم ، ملس ، ملل ، لمم = الإصحاب والملاينة ...
وتبعه على هذا النهج الأزهري في التهذيب ، والقالي في البارع ، والصاحب في المحيط ، وابن سيده في المحكم .
وكان البحث في هذه الدواوين الكبيرة مركزاً في تثبيت تفاصيل المنهج وتصحيح المواد وإحكامها، حتى قال ابن منظور في اللسان : ما رأيت أجمل من التهذيب للأزهري ولا أكمل من المحكم لابن سيدة .
***
وبعد هذه التقدمة الموجزة ، أنبه أن اختيار الخليل بن أحمد لطريقة التقليب هذه هو اختيار للأصعب لا للأسهل ، كما لا يخفى ، ولا أحسب (شهيد التعليم والتيسير !) عدل عن الأسهل إلى الأصعب إلا لحكم في نفسه ، أظهرها في مواضع من العين كما قال ابن فارس .
(قال ابن فارس إن الفضل في بناء معجمه يعود إلى الخليل وإشاراته في كتابه).
وجاء أبو الفتح بن جني (-392) ، ولفت النظر إلى حكم ترتيب معجم العين للخليل ، وسمى ذلك الترتيب تقليباً [الخصائص 2/134-139]، فتكلم عن الاشتقاق ، وعدّه واحداً من خصائص العربية .
وقد قسم ذلك الاشتقاق إلى اشتقاق أصغر ، ( وهو أن تأخذ أصلاً من الأصول ، فتتقراه ( تستقرئه )، فتجمع بين معانيه ، وإن اختلفت صيغه ومبانيه ، كتركيب (س ل م) فتصرفه بمعنى السلامة على سلم ويسلم وسالم وسلمان وسلمى والسلامة والسليم .
وإلى اشتقاق أكبر ، و"هو أن تأخذ أصلاً من الأصول الثلاثية ، فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحداً ، تجتمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه ، وإن تباعد شيء من ذلك عنه رُدّ بلطف الصنعة والتأويل إليه ؛ كما يفعل الاشتقاقيون ذلك في التركيب الواحد ".
وضرب على ذلك أمثلة: تقليب الكلام (ك ل م) والقول (ق و ل) والجبر (ج ب ر) والقسوة (ق س و) والسلام (س ل م).
فتقاليب (الكلام) ترجع إلى القوة والشدة .
وتقاليب (القول) ترجع إلى الإسراع والخفة .
وتقليب (الجبر) ترجع إلى القوة والشدة .
وتقاليب (القسو) ترجع إلى القوة والاجتماع .
وتقاليب (السلام) ترجع إلى الإصحاب والملاينة .
فهو يرى ومعه أبو علي الفارسي أنها مادة واحدة شكّلت على صور مختلفة ، فكأنها لفظة واحدة ، وأن اختلاف صورها اختلاف تنويع وتفصيل وتقييد .
ابن جني يقارن بين تصاريف جذور الكلم ، ويقارن تصاريف جذر الكلمة الواحدة ، وقد رأى في كلّ معاني جامعة ومشتركة .
وتوقف ابن جني عند جواز طرد الاشتقاقين في كل اللغة ، لأن ذلك يفوق طوق آحاد الخلق .
ومن هنا لفت النظر إلى حكمة من حكم الوضع العربي .
واستبان ذلك أيضاً لأحمد بن فارس (-395).
وليس كل كلام العرب جارياً على هذا القياس والحكم والطرد ، فقد استبعد ابن فارس من ذلك : المعرّب والمبدل والمقلوب والمؤتلف من أصل واحد وحكاية الصوت وأسماء النبت والمكان والأعلام والألقاب والإتباع والمنحوت والمبهم والحروف والأدوات ؛ فهذه ألفاظ لا يدخلها قياس ، وأعفى نفسه من إدخالها في معجمه : (معجم مقاييس اللغة).
ولكن ما بقي مما استثناه ابن فارس = شيء كثير استوعبه في كتابه : معجم مقاييس اللغة (2650 صفحة) في ستة مجلدات (ط هارون).
ومن أمثلة هذا الاشتقاق : قول ابن فارس :"وإن لله في كل شيء سراً ولطيفة ، وقد تأملت هذا الباب (باب الدال مع اللام) ، من أوله إلى آخره ، فلا ترى الدال مؤتلفة مع اللام بحرف ثالث إلا وهي تدل على حركة ومجيء ، وذهاب وزوال ، من مكان إلى مكان". المقاييس 2/298.
وقول الزبيدي : "نقل شيخنا عن الزمخشري في الكشاف أنه قال : لو استقرئ أحد الألفاظ التي فاؤها نون ، وعينها فاء ، لوجدها دالة على معنى الذهاب والخروج ". التاج (نفد).
إن لك أن ترى هنا آلتين أخريين في هذا الباب :
3) آلة انتظام الجذور في معنى أو اثنين ... أو خمسة .
4) آلة اشتراك بعض المتقاربات الأصوات في معان عامة .
وما أحوجنا اليوم إلى البحث في هذه الأبواب من الاشتقاق والتنقير فيها وتوسيعها .
***
فائدة : جاء في كتاب العين ( مادة : كنع ): أن لغة الكنعانيين تشبه العربية ! .
والكنعانيون هم أبناء سام بن نوح .
***
. . . ( يتبع ) . . .
عصام عبدالله
2009-11-05, 10:59 AM
حاشية :
ظهر كتاب سيبويه (-180 هـ) كاملاً ، وظهر كتاب العين (180هـ تقريباً) منقوصاً ، ولم يستتم المعجم العربي إلا بعد ذلك .
ويظهر الفرق واسعاً بين العين والتهذيب والمحكم واللسان والتاج ! .
وسبب ذلك أن ضبط أقيسة الكلام العربي (المدونة في كتاب سيبويه) أيسر من ضبط مادته (المدونة في العين).
وفي هذا عذر للخليل بن أحمد ، وهو أصل الكتابين ، وعذر لأتباعه بإحسان ، الذين صنعوا ما صنعوا من معجمات فرادى !.
يدلنا هذا أن اللسان العربي سهل البناء والأقيسة من جهة ، عميق الجذور واسع المادة من جهة أخرى .
وأمر قياس العروض كالنحو تماماً .
عصام عبدالله
2009-11-05, 11:17 AM
.
ثالثاً : نحو الجملة والكلام
من الأصوات كلمات ، ومن الكلمات جمل ، ومن الجمل كلام
آلة تكوين الكلام في ذهن العربي
قال سيبويه [ الكتاب 1 / 23 ]:
"هذا باب المسند والمسند إليه
وهما ما لا يَغْنَى واحدٌ منهما عن الآخر ولا يَجد المتكلّمُ منه بداً .
فمن ذلك الاسمُ المبتدأُ والمبنىُّ عليه .
وهو قولك عبدُ الله أخوك وهذا أخوك .
ومثل ذلك يذهب عبد الله ؛ فلا بدَّ للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأوَّلِ بدٌ من الآخرِ في الابتداء .
ومما يكون بمنزلة الابتداء قولك كانَ عبدُ الله منطلقاً ولَيْتَ زيداً منطلقٌ ؛ لأن هذا يَحتاج إلى ما بعده ، كاحتياج المبتدأ إلى ما بعده .
واعلم أن الاسم أولُ أحواله الابتداء وإنما يَدخل الناصبُ والرافع سوى الابتداء والجارُّ على المبتدأ .
ألا ترى أن ما كان مبتدأ قد تَدخل عليه هذه الأشياء حتى يكون غير مبتدأ ولا تصل إلى الابتداء ما دام مع ما ذكرت لك إلا أن تَدعَه .
وذلك أنّك إذا قلت : عبدُ الله منطلقٌ ، إن شئت أدخلت " رأيتُ " عليه ؛ فقلت : رأيتُ عبدَ الله منطلقا ، أو قلت : كان عبدُ الله منطلقا ، أو مررتُ بعبد الله منطلقا ؛ فالمبتدأ أول جزء كما كان الواحدُ أول العدد والنكرةُ قبل المعرفة ".
قسمة الجملة في العربية ليست بعيدة عن القسمة الثلاثية للكلام ، فالاسم إذا ابتدئ به يكوّن جملة اسمية ، والفعل إذا ابتدئ به يكوّن جملة فعلية .
أما الحرف (ثالث الثلاثة) فلا ؛ لأنه ناقص الدلالة في نفسه (لا يخبر به ولا يخبَر عنه)، فسموه في حال التركيب شبه جملة .
واستقراء سيبويه ومن قبله من النحويين للكلامَ العربي المدونة قواعده في كتبهم = قسّمه إلى ما فصله في هذا الباب : (باب المسند والمسند إليه)
واصطلح النحويون من بعده على تسمية رُكنَيْ ذلك الإسناد : العُمَد : جمع عُمْدة ، أي الذي عليه مدار تركيب الكلام (وهما ما لا يَغْنَى واحدٌ منهما عن الآخر ولا يَجد المتكلّمُ منه بداً ).
فعمد الجملة الاسمية : المبتدأ والخبر .
وعمد الجملة الفعلية : الفعل والفاعل أو نائبه .
الغالب في إدراة كلامهم اعتمادهم على هذه العمد .
فإذا بني عليها الكلام لحقتها ما اصطلح عليه بـ(الفضلات: وهي ما يجوز على يبنى الكلام من غيرها) .
والفضلات تأتي على ثلاثة مواقع : المنصوبات من غير العمد ( وهي ثمانية أو تسعة ) ، والمجرورات ( وهي اثنان ) ، والتوابع ( وهي خمسة ).
والغالب أن تسبق هذه العمد بأدوات تتنوع في اختصاصها بالجملة الاسمية أو الفعلية أو جواز دخولها على الجملتين .
وهي أدوات كثيرة (أورد منها ابن هشام في المغني 120) .
فتحصل مما تقدم :
أن نظام الكلام العربي في مستواه التركيبي الأول يتكون من :
- عمد .
- فضلات .
- أدوات .
وتصوير ذلك كالآتي :
( أداة ) – ( جملة ) – ( فضلة )
والجملة لا يغتنى عنها في كل كلام ، بخلاف مجاوراتها .
هذه هي آلة تكوين الكلام ، في الذهنية العربية ، في أبسط صورها .
آلة يتعلمها العربي منذ بدء تكونه اللغوي .
. . . ( يتبع ) . . .
عصام عبدالله
2009-11-05, 06:31 PM
إضاءة
الكلام هنا - كما أشرت من البدء - فيه شرح للعلوم العربية باعتبارها خير مصور لفنون اللسان العربي، وفيه اهتمام بالكليات أكثر من الجزئيات ، واهتمام ببعض الكليات التي هي من أهم أركان المعمار البياني ، وليس بها كلها .
والاهتمام بعض الشيء دون بعضه هو فرع عن أهميته .
ولا يعني ذلك الاهتمام أنه لا ترابط بين أجزائه ، فإن ( الكل ) لفظ يحتوي ( الجزء ) ضمناً .
ولو شبهنا هذا الذي نصنعه لكشف فضيلة العربية على ما سواها لقلنا مثلاً : هي كالشجرة ، والأصوات مظهرها ومحتواها ، والكلمات أجزاؤها وأقسامها ، والجمل أصلها وفروعها ، والمعاني أزهارها وثمارها ..
وإذا قارنا هذه الشجرة بغيرها من أنواع الشجر لبان الفرق ، في الحجم والطول واللون والمذاق والظل والمدة والبيئة والإثمار والإزهار والاخضرار والثبات والقرار والعافية والدواء إلخ ! ....
وعلى ذكر الشجر ..
ورد أن سيبويه لما حضرته الوفاة أنشأ أبياتاً يقول فيها :
فعاش يروي أصول النخيل .. فعاش الفسيل ومات الرجل .
....
وأحسب أنه - رحمه الله - استحضر الصلة الجامعة بين الشجر ، وبين كتابه الذي صور فيها شجرة اللسان العربي المبين !.
وإذا جزأنا وفصلنا فعلي نية الربط والوصل .
ولذلك سترى في نحو الجملة هنا آثاراً من نحو الصوت ونحو الكلمة ونحو المعنى = من غير خلط ؛ إن شاء الله .
***
إذا عرفت هذا ، وعرفت أن الكلام المركب انقسم في تركيبه الأوليّ إلى : عمدة وفضلات لاحقة غالباً وأدوات سابقة ..
فقد آن لك أن تعرف سبب تقسيم هذه العمد إلى جملتين : اسمية وفعلية .
هل الابتداء بواحدة من الجملتين أمر حكيم أو أمر متكلف ( على ما يقول بعضهم ) ؟.
ما هو الأصل في الشروع في الكلام .
إن العربي - كما يقول ابن فارس في الصاحبي وغيره - متكلم حكيم ، لا ينطق بشيء إلا لحكمة . (وهذه قاعدة ، ولها شواهد صدق!)
فلماذا يختار الاسمية في سياق ؟ ، والفعلية في سياق آخر ؟ .
. . . ( يتبع ) . . .
عصام عبدالله
2009-11-06, 12:04 AM
ملخص قول عبد القاهر الجرجاني ( - 474) في دلائل الإعجاز 176 وما بعدها .. في سبب انقسام الجملة إلى : الجملة الاسمية والجملة الفعلية = ما يلي :
أن المتكلم يخبر بما يخبر لإثبات أمر أو نفيه .
أن هذا الإثبات يختلف نوعه باختلاف الاسمية والفعلية .
أن الفعل يثبت به المعنى للشيء ويقتضي تجدده شيئاً بعد شيء ومزاولته وتزجيته ، ومثله : زيدٌ منطلقٌ .
وأن الاسم يثبت به المعنى للشيء من غير أن يقتضي تجدده ، ومثله : زيد ينطلق .
واستشهد لذلك بأمثلة ، منها قوله :
"فانظر إلى قوله تعالى ( وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ) فإن أحداً لا يشك في امتناع الفعل هاهنا ، وأن قولنا : كلبهم يبسط ذراعيه لا يؤدي الغرض . وليس ذلك إلا لأن الفعل يقتضي مزاولة وتجدد الصفة في الوقت ، ويقتضي الاسم ثبوت الصفة وحصولها من غير أن يكون هناك مزاولة وتزجية فعل ومعنى يحدث شيئاً فشيئاً. ولا فرق بين (وكلبهم باسط)، وبين أن يقول : وكلبهم واحد مثلاً ؛ في أنك لا تثبت مزاولة ، ولا تجعل الكلب يفعل شيئاً ، بل تثبته بصفة هو عليها . فالغرض إذا تأدية هيئة الكلب".
وجرى على ذلك السكاكي وملخصوه .
والخلاصة أن الجملة الاسمية تدل على الثبوت والاستمرار .
وأن الجملة الفعلة تدل على الحدوث والتجدد ( بحسب نوع الفعل ).
***
تتناغم الجملتان : الاسمية والفعلية في سوق الخبر إلى المخاطب .
وتتجلى قدرة الجملة الفعلية في تصوير الحدث المرتبط بالزمن بمرونة كبيرة ، مستفيدةً ذلك من طواعية بنية الأفعال ، وسهولة تصرفها مع الأزمنة ، واستقلالها عن أن تبدأ باسم أو ضمير في أحوالها الثلاثة لا في الأمر فقط ، واستغنائها في لسان العرب عن الأفعال المساعدة [ الكينونة (verb to be)/ الملكية (verb to have)/ الفعل المطلق (verb to do) ].
وتتمكن الأفعال فيها من إضمار الفاعلين والمفعولين بالحذف والاستتار في داخل بنيتها .
أما الجملة الاسمية فهي قطب الرحى الذي تدور حوله الجمل الفعلية ، فإن المتغير يدور في فلك ما هو أثبت منه كما نعلم .
وفي كلام العرب حذف الفضول ، وولع باللمحة الدالة ، ولا حذف إلا لعمدة ، وذلك إذا كان المحذوف معلوماً من السياق أو الحال .
أما الإعراب فظاهرة تتناغم مع التركيب تناغماً صوتياً من جهة ، ومعنوياً من جهة أخرى ، وتناغماً تجريدياً بين الوقف والابتداء والفصل والوصل .
ومن أجلّ فوائد الإعراب أنه يضفي مرونة على الصياغة بجواز التقديم والتأخير ، واستبانة مواقع الكلم ، ولفت الأسماع إلى التمييز والتفهم ...
ولا ننسى أن الرفع علامة على العمد غالباً ؛ لأن الرفع من الرفعة ، والرفعة للأثبت ، الأثبت معتمد عليه ، وملتف حوله ، وأنه يكون مع النصب والجر في الفضلات ، والأدوات السابقة مبنية .
قال عبد القاهر : الألفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون الإعراب هو الذي يفتحها .
. . . ( يتبع ) . . .
عصام عبدالله
2009-11-06, 05:04 PM
الحروف وحولها الحركات .
والجذور وحولها الزيادات .
والعمد وحولها الفضلات والأدوات .
هذه هي الآلات اللفظية التي صورها لنا النحويون تصوير العظام بأشعة (x) = هي هي التي انطبعت في ذهن العربي من لدن كان .. إلى الآن .
وهذا البقاء لبنية اللسان العربي أحسبه مبشراً بأن اللسان الغربي باقٍ لم يمسسه سوء ، رغم كل الادعاءات .
***
وأخيراً..
وصف الله تعالي للسان في ذاته بأنه مبين في قوله تعالى : ( بلسان عربي مبين ) ، وقوله ( وهذا لسان عربي مبين ) من أعظم الأدلة النقلية على تفضيل ذلك اللسان .
فهو موصوف بالعربية : وهي كلمة ذات معان لطيفة وشريفة ، وموصوف بالإبانة : وهي خاصية من أكبر خواص الإنسان .
والمقابل القرآني للسان العربي هو اللسان الأعجمي .
وأقل ما يقال في اللسان الأعجمي أنه هو الذي لم يبلغ مبلغ اللسان العربي .
إن الألسنة اختلفت ، وهي في اختلافها تفاضلت ، وأفضلها هو اللسان الذي لم يعلم الناس مباديه ؛ لأنها مغرقة في عمق التاريخ ، ولم يشهد الناس يوماً أنه هرم ، لأنه ما زال ينافس الألسنة المعاصرة المسنودة بالمال والسلاح والبحث والتقنية .
ما زالت الناس تطرب لآياته ، وللفصيح والبليغ من أشعاره ، أكثر مما تطرب لأشعار العوام والنبطي ونحوه .
ولا زال كتاب الله مغدقاً مورقاً ، يقرأه سكان الأرض ، فيعرّب ألسنة أعجمية ، ويهذب ألفاظاً وحشية .. كتاباً لا يغسله الماء .
إن القول بأن اللسان العربي اصطلاح وتواضع بشري = قول روجه المعتزلة قديماً ؛ اعتماداً على ترجيحهم العقل على النقل ، وأشاعه المستشرقون حديثاً ؛ قياساً على ألسنتهم المحرفة عن أصولها ، وتلقاه كثير من الباحثين في هذا العصر ..
وقد تظاهرت أقوال سلف هذه الأمة الأطهار على أنها لغة شريفة الأصوات المسموعة والحروف المكتوبة ، وأنها وحي من الله ( وعلم آدم الأسماء كلها ).
***
وكنت أحب أن أرسم آلة الكلمة وآلة الجملة في دوائر توضيحية ؛ لتوضيح بساطة تركيبهما وعمقه ؛ للتقريب ، وعسى أن يكون ذلك قريباً (في موضوع جديد).
والحق أن الموضوع طويل وعميق وواسع .. ولكن مجال النظر فيه كبير وفوائده لطلاب العلم النافع من الباحثين والمقارنين لا تحصى .
وأشكر من كان سبباً في فتح هذا الباب (الأخ الفاضل ابن عبيد الفيومي والشيخ الفاضل أبو مالك العوضي)، ومن دخل فيه بإحسان ، وأدلى فيه بدلوه ، وزاد أو استزاد ، وأكمل النقص ، ورتب المشوش ، واختصر الطويل ، وطول الوجيز ، وصور الكلمات ، وتكلم عن الصور ....
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
ابن عبيد الفيومي
2009-11-08, 08:50 AM
بارك الله فيك أخي عصام ونفع بعلمك، وأنتم أصحاب اليد الطولى في الموضوع، وما لنا إلا سؤال المتعلم.
تحياتي
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.