تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل أميت مصدر وماضي (يدع) ؟



أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-26, 05:42 PM
قال سيبويه في باب (ما يكون في اللفظ من الأعراض):"...، وأما استغناؤهم بالشيء عن الشيء، فإنهم يقولون (يدع)، ولا يقولون (ودع)، استغنوا عنها بترك"([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وقال الأخفش: "... وليس كل الأفعال يقع على كل الأسماء. ألا ترى أنهم يقولون "يَدَعُ" ولا يقولون "وَدَعَ" [ويقولون "يَذَرُ"] ولا يقولون: "وَذَر"([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وتابع طائفة من النحاة سيبويه فيما ذهب إليه([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))، وقد يعذر سيبويه في قوله؛ إذ لم يبلغه نصٌ عن العرب في مصدر (يدع) أو ماضيه، ولكن العذر ينسحب تدريجيا عن النحاة الآخرين عندما تصلهم النصوصُ نافية ما زعمه سيبويه، حتى قال ابن جني: "فإن كان الشيء شاذا في السماع، مطردا في القياس؛ تحاميت ما تحامت العرب من ذلك، وجريت في نظيره على الواجب في أمثاله، من ذلك امتناعك من (وَذَر) و(وَدَع)؛ لأنهم لم يقولوهما ..."([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)). فمع اعترافه بأنه مطرد في القياس، إلا أنه يؤكد على أنه شاذ في السماع, ودليله على ذلك أن العرب لم تقله !!
ثم جاء السيوطي فقال: "...، فعلى هذا يعدان في الجوامد (أي: يذر ويدع) إذ لم يستعمل منهما إلا الأمر([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))، ومن غير الغالب ما قرئ ﴿ما وَدَعك ربك﴾ فخففا، وحديث أبي داود وغيره ((دعوا الحبشة ما ودعوكم))، وحديث ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات))، وحديث البخاري ((غير مكفي، ولا مكفور، ولا مودَّع))، وقول الشاعر:
جرى وهو مودوع وواعد([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))
وقال السيوطي أيضا عن (وَدْعهم الجمعات): "أي تركهم، وهو مما أميت هو وماضيه، ولم يستعمل منه إلا المضارع والأمر، والظاهر أن استعماله هنا من الرواة المولدين الذين لا يحسنون العربية"([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)).
هكذا الأمر إذن عند السيوطي !! الرواة المولدون متهمون بإفساد الشواهد الحديثية، كلما جاء حديث يخالف مذهبه، فهو حديث مبدل، محرف من قبل الرواة، ولو كان هذا الحديث في صحيح البخاري ومسلم، والسنن، ودواوين السنة المعتمدة!!
وليس ما ذكره السيوطي من شواهد هي كل ما يستدل به على صحة استعمال مصدر وماضي (يدع) في غير ضرورة ولا شذوذ، وأن استعمالهما فصيح صحيح، لا شيء فيه، فقد قال النووي (ت:676هـ): "ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من وَدَعَه (أو تركه) الناس اتقاء فحشه) هكذا رواه البخاري ومسلم، ورواه أبو داود والترمذي على الشك، ورُوِّينا في مسند أبي عوانة الأسفراييني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:"إن أدعكم فلا أستخلف عليكم، فقد وَدَعكم خيرٌ مني"..."([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)).
ودافع المطرزي([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)) والمازري, وابن الأثير([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10)) والقاضي عياض([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11)) وغيرهم([12] (http://majles.alukah.net/#_ftn12)) عن لغة الحديث النبوي التي وردت فيها هذه الاستعمالات الفصيحة الصحيحة وتناقلوا مقولة شَمِر بن حمدويه (ت:255هـ): "معنى (وَدْعهم الجمعات) تركهم إياها، من وَدَعْته وَدْعا، إذا تركته، ...، وزعمت النحوية أن العرب أماتوا مصدر يدع ويذر، واعتمدوا على الترك،...، والنبي أفصح العرب، وقد رويت عنه هذه الكلمة"([13] (http://majles.alukah.net/#_ftn13)).
هكذا أطلقها هذا العالم الجليل مدوية من عبق النحاة الأول، وثبت استخدام أفصح العرب لهذه اللغة, وإذا جاء نَهْرُ الله ، بَطَلَ نهرُ مَعْقَلِ.


[/URL]([1]) الكتاب، 1/ 24، 25.

(http://majles.alukah.net/#_ftnref1)([2]) معاني القرآن 2/520

([3]) انظر: المسائل البصريات للفارسي،صـ401، والخصائص لابن جني، 1/ 97، 99، 266، 396، والمحتسب، 2/ 364، 365، والإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري، 2/ 487، و(ليس في كلام العرب) لابن خالويه،صـ41، وارتشاف الضرب لأبي حيان، 3/ 14.

(http://majles.alukah.net/#_ftnref3)([4]) الخصائص، 1/ 99.

([5]) والمضارع كما سيذكر هو في النقل التالي

(http://majles.alukah.net/#_ftnref5)([6]) همع الهوامع، 3/ 16.

([7]) شرح سنن النسائي، 1/ 426.

(http://majles.alukah.net/#_ftnref7)([8]) تهذيب الأسماء واللغات، 2/ 614.

([9]) المغرب في ترتيب المعرب، 2/ 346.

(http://majles.alukah.net/#_ftnref9)([10]) النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (ودع)

([11]) مشارق الأنوار على صـحاح الآثار، 2/ 282.

(http://majles.alukah.net/#_ftnref11)([12]) انظر: المصباح المنير للفيومي، 899، ولسان العرب لابن منظور، مادة (ودع)، وتاج العروس من جواهر القاموس، 22/ 306، وخزانة الأدب للبغدادي، 6/ 471، 472.

[URL="http://majles.alukah.net/#_ftnref13"]([13]) انظر: المراجع السابقة، وتهذيب اللغة للأزهري، مادة (ودع).

أبو فهر السلفي
2009-09-26, 06:05 PM
كون الحديث في الصحيحين لا يمنع تغيير ألفاظه من قبل المولدين ،ولم يشترط أصحاب الصحيح ولا غيرهم ألا يدخلوا في كتبهم ما روي بالمعنى.

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-26, 06:25 PM
كون الحديث في الصحيحين لا يمنع تغيير ألفاظه من قبل المولدين ،ولم يشترط أصحاب الصحيح ولا غيرهم ألا يدخلوا في كتبهم ما روي بالمعنى.
بارك الله فيك أخي الحبيب, ونفعنا الله بما تكتب,
ولكني أخي الكريم لم أذكر حديثا واحدا, بل أحاديث, وقراءة, وبيتا من الشعر, وهذا ما وقع تحت يدي, ولو بحثت ربما وجدت أكثر من ذلك.

أبو قصي المنصور
2009-09-26, 06:57 PM
بارك الله فيك .

قد تركت شيئًا كثيرًا ، كقول سويد بن أبي كاهل اليشكريِّ :
فسعَى مسعاتَهم في قومه *** ثم لم يظفر ، ولا عجزًا ودَعْ
وقول أبي الأسود :
ليت شعري عن خليلي ، ما الذي *** غاله في الحبِّ حتى ودعَهْ
وقول الآخر :
وكان مَن قدَّموا لأنفسهم *** أكثر نفعًا من الذي ودَعُوا
وقد يجوز أن يكون من ذلك قولُ متمِّم بن نويرة :
قاظت أُثالَ إلى الملا ، وتربَّعت *** بالحَزْن عازِبة تُسَنّ ، وتُودَعُ
بل لعلَّه كذلك ، لشهادةِ قولِ خُفاف بن ندبة :
إذا ما استحمَّت أرضُه من سمائه *** جرَى وهو مودوعٌ ، وواعدُ مَصْدقِ
وممَّن أنكرَ ( ودَع ) ، و ( وذرَ ) من أهل الكوفة ثعلبٌ في ( فصيحه ) .
وأما الأحاديث التي أوردتَّ ، فلا يُحتجّ بشيء منها إلا ما بلغَنا من طريق أهل اللغة .
وفي جواز الاحتجاج بالقراءات الشاذة بإطلاق نَظَر .

أبوالليث الشيراني
2009-09-26, 07:04 PM
ألا يكون ما أوردته أستاذنا أبا قصيّ من باب الضرورة الشعرية , كما ذكر صاحب مختار الصحاح ؟!

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-26, 07:08 PM
بارك الله فيك .
وأما الأحاديث التي أوردتَّ ، فلا يُحتجّ بشيء منها إلا ما بلغَنا من طريق أهل اللغة.
وفي جواز الاحتجاج بالقراءات الشاذة بإطلاق نَظَر .
جزاك الله خيرا أخي الكريم, على هذه الإضافات الطيبة,
ولكني لا أوافقك على عبارتك الأخيرة,
والغريب -أخي الكريم- أني ذكرت بعض الأحاديث الآنفة من طريق أهل اللغة على حد قولك !!

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-26, 07:14 PM
ألا يكون ما أوردته أستاذنا أبا قصيّ من باب الضرورة الشعرية , كما ذكر صاحب مختار الصحاح ؟!
وأين الضرورة الشعرية في الأحاديث المذكورة ؟؟
وفي القراءة أيضا ؟؟

أبو فهر السلفي
2009-09-26, 08:44 PM
بارك الله فيك أخي الحبيب, ونفعنا الله بما تكتب,
ولكني أخي الكريم لم أذكر حديثا واحدا, بل أحاديث, وقراءة, وبيتا من الشعر, وهذا ما وقع تحت يدي, ولو بحثت ربما وجدت أكثر من ذلك.

بارك الله فيك..لم أقصد استيعاب أدلتك ؛فأنا أصلاً أوافقك وبحثك من أمثلة عدة يقع فيها ضعف استقراء للنحاة..

وإنما نقدتُ دليلاً من أدلتك وهذا لا يستلزم إبطال المدلول..

والأحاديث لا تصلح عندي لإثبات الدلالات = إلا ما كان ثابتاً من وجوه تمنع احتمال الرواية بالمعنى ،ولا أوافق الشيخ أبا قصي في ما ادعاه طريقاً لقبول الحديث..

أبوالليث الشيراني
2009-09-26, 08:57 PM
قصدي الضرورة الشعرية في الأبيات التي أوردتها أو ترد في هذا النقاش .
أما عن الآيات التي أوردتها فهي آية واحدة , والقراءة فيها شاذّة .
وأما عن حديث (ودعهم الجمعات) فهو بإسكان الدال , ويعتبر مصدراً , ولا علاقة له بالماضي , إذ المذكور : إماتة الماضي .
وحديث : مودّع , أيضاً : لا علاقة له بالموضوع .
وردّك لقول السيوطي يحتاج دليلاً , إذ المعروف هذا , وعليه أهل المعاجم .
ثم ذكرك للحديث الذي في صحيح مسلم , يحتمل في إثبات (ودع) أمران :
1. إما أن يكون من تصحيف الرواة في عصر المولّدين , كما ذكر شيخنا أبو فهر السلفي .
2. إما أن يكون ثابتاً , وحينها : ينبغي أن نعرف هل هو لغة لقريش , أم من لغات العرب الأخرى ؟!.. كما ورد في قوله تعالى : ( وما ألتناهم من عملهم من شيء ) فهو لم يكن معلوماً لدى قريش ..
هذه الإشكالات التي ترد , وفي زيادة البحث جلاء للصواب ..

أتمنى إثراء الموضوع أكثر ..

بوركتم .

ولعلي أتأخر عن الإجابة في هذا الموضوع نظراً لسفري بعد قليل ..
دعواتكم لي .

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-27, 02:31 PM
بارك الله فيك..لم أقصد استيعاب أدلتك ؛فأنا أصلاً أوافقك وبحثك من أمثلة عدة يقع فيها ضعف استقراء للنحاة..

وإنما نقدتُ دليلاً من أدلتك وهذا لا يستلزم إبطال المدلول..

والأحاديث لا تصلح عندي لإثبات الدلالات = إلا ما كان ثابتاً من وجوه تمنع احتمال الرواية بالمعنى ،ولا أوافق الشيخ أبا قصي في ما ادعاه طريقاً لقبول الحديث..

جزاك الله خيرا أخي الكريم
ولكن الأصل في لغةالحديث النبوي أنها لم تبدل وإن قلنا بتبديلها فنحتاج إلى دليل, فكل حديث وردنا عن النبي صلى الله عليه وسلم هو من قوله صلى الله عليه وسلم, وكذا كلام الصحابة رضي اله عنهم, وتغيير الرواة وتبديل الرواة وتحريف الرواة ...لايصح أن نطلقه هكذا على كل حديث خالف المشهور من قواعد النحاة, فلهجات العرب كثيرة, ولا يحيط بها إلا نبي كما قيل, فعلى سبيل المثال أخي الحبيب هذه الأحاديث التي ذكرتُها انظر في أسانيدها أولا ثم قل لي بعد ذلك هذا الراوي من المولدين الذين لا نقبل لغتهم, أو هذا رواه بالمعنى لأن فلانا أوثق منه رواه بدون اللفظة التي تستشهد بها, أو أن هذه الأحاديث مدارها على فلان الذي لا نثق بلغته ..
وفضلا لا أمرا انظر إلى هذا الرابط:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39655
والله تعالى أعلم

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-27, 03:02 PM
قصدي الضرورة الشعرية في الأبيات التي أوردتها أو ترد في هذا النقاش .
أما عن الآيات التي أوردتها فهي آية واحدة , والقراءة فيها شاذّة .
وأما عن حديث (ودعهم الجمعات) فهو بإسكان الدال , ويعتبر مصدراً , ولا علاقة له بالماضي , إذ المذكور : إماتة الماضي .
وحديث : مودّع , أيضاً : لا علاقة له بالموضوع .
وردّك لقول السيوطي يحتاج دليلاً , إذ المعروف هذا , وعليه أهل المعاجم .
ثم ذكرك للحديث الذي في صحيح مسلم , يحتمل في إثبات (ودع) أمران :
1. إما أن يكون من تصحيف الرواة في عصر المولّدين , كما ذكر شيخنا أبو فهر السلفي .
2. إما أن يكون ثابتاً , وحينها : ينبغي أن نعرف هل هو لغة لقريش , أم من لغات العرب الأخرى ؟!.. كما ورد في قوله تعالى : ( وما ألتناهم من عملهم من شيء ) فهو لم يكن معلوماً لدى قريش ..
هذه الإشكالات التي ترد , وفي زيادة البحث جلاء للصواب ..

أتمنى إثراء الموضوع أكثر ..

بوركتم .

ولعلي أتأخر عن الإجابة في هذا الموضوع نظراً لسفري بعد قليل ..
دعواتكم لي .
أبدأ من حيث انتهيت
فأدعو الله الرحيم أن يعيدك إلى بيتك وأهلك سالما
/// هلا وضحت لنا أخي الحبيب موضع الضرورة في الأبيات السابقة التي ألجأت الشاعر إلى استعمال هذه اللغة (المتروكة), ثم عليك أخي الكريم أن توضح لنا من أين أتى هؤلاء الشعراء بهذه اللغة المتروكة إن لم يكن سمعوها من آبائهم وأجدادهم.
/// أما عن قولك أنه مصدر ونحن نتحدث عن الفعل الماضي فانظر أخي الكريم للعنوان ثم اقرأ كلام السيوطي الأول وتعقيبي عليه, وقارنه بكلام السيوطي الثاني.
/// عبارتك أخي الكريم (وردّك لقول السيوطي يحتاج دليلاً , إذ المعروف هذا , وعليه أهل المعاجم) بل الدليل ما ذكرته لك من أدلة من الشواهد الصحيحة الصريحة في استعمال العرب لهذه اللغة, أما المعروف فهو أمر نسبي فالمعروف لك هذا والمعروف لي غيره, أما قولك -أو تقولك- على أهل المعاجم فعجب عجاب, وعبارتك أخي عبارة مرسلة لا تحقيق تحتها وإن شئت نقلت لك من استدلالهم ما تقر به عينك.
وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه, ودمتم بخير وسلام

أبو فهر السلفي
2009-09-27, 10:41 PM
بارك الله فيك..

الرواية بالمعنى شبه إجماع على جوازها؛جر إليه شيوعها بل الرواية بالمعنى هي الأصل،ولسنا نقضي في كل حديث أنه روي بالمعنى ،بل نقول قوة الاحتمال = تمنع صحة الاستدلال = حتى يأتي ما يُضعف أحد طرفي الاحتمال ضعفاً يُلغي صلاحيته للتوقف في الاحتجاج..

وأغلب الرواة مولدون..

أبو قصي المنصور
2009-09-28, 12:41 AM
بارك الله فيكم .
لم أذكر رأيي في ما سلف من القول ؛ وإنما أردتُّ التنبيه على بعض أصول الاحتجاجِ قبل الحُكْم .
وأنا أذكرُ الآنَ شيئًا من ذلك .
1-أردتُّ بقصر الاحتجاج على ما رواه أهل اللغة من الأحاديث ، ما نقلَه لنا المتقدِّمون منهم ، كأبي عبيد ، وابن قتيبة ، وأبي إسحاق الحربيِّ ، وأصحاب المُعجمات ؛ إذْ كانوا أعلمَ بها ، وأضبطَ لها ، وأبعدَ من التغيير ، والتحريف فيها من غيرِهم ، على ألا يكون الحديث موضوعًا ، أو ذا ضعف شديد .
2-ذكرتُ أن في الاحتجاجِ بالقراءاتِ الشاذَّة بإطلاق نظرًا ، لأن منها ما هو شبيه بالخطأ ، والسَّهو ، والتصحيف ؛ فيحتاج ذلك إلى تقييد ينشقُّ عن دراستها دراسةً دقيقةً ، ومعرفة ناقليها ، والعوارض التي اعتورتها . وهذا ما في نيَّتي أن أعملَه ؛ ولكن في ما بعدُ إن شاء الله .
على أنِّي أرَى باديَ الرأي أنَّ ما صحَّ نقلُه منها عمَّن يحتجُّ بكلامِه ، فهو حجَّة ، لأنه إن لم يصِحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلَّم ، صحَّ عمَّن هو منسوبٌ إليه . وفي هذا غَناء .
=ففتح باب الاحتجاج بالأحاديث ، والقراءات الشاذة في اللغة بإطلاق ، وإغلاقه بإطلاق ، ليس أمرًا سديدًا ؛ بل هو ممَّا يحتاج إلى معاودة بحث ، وفضلِ نظر ، وطول تمحيص .
3-فإذا أجرينا هذا على ( وذَرَ ) ، و ( ودعَ ) انتهينا إلى ما هو آتٍ .
أولاً : وذرَ .
وهذه لم أجِدها ثابِتة في قراءة متواترة ، ولا شاذة ، ولا شيء من كلام النبي صلى الله عليه وسلَّم ، أو كلام العرب .
أما ( وذروا التركَ ما وذَروكم ) ، فلا يعرِفه أهل اللغة ، ولم ينقله أحدٌ منهم .
ثانيًا : ودَعَ .
وقد وردت في مواضع ؛ منها :
1-قراءة ابن عباس ، وعروة بن الزبير ، وغيرهما ( ما ودَعَك ربُّك ) بالتخفيف ؛ بل ذكرَ ابنُ جني في « المحتسب » أنها قراءة النبي صلى الله عليه وسلَّم . وهي قراءة صالحة للاحتجاج ، لأنهما مرويَّة عمَّن يحتجّ بكلامه .
2-الحديث الآنف الذِّكر ، ( ودعُوا الحبشة ما ودعوكم ) . ولا حجة فيه كما تقدَّم .
3-ما مضَى من الشواهد ، وغيرُها مما لم يسبِق له ذِكْر .
=فإن قيل :
وما لها ألا تكون ضرورةً ؟
=قلتُ :
حدُّ الضرورة : أن يكثر عُروض المسألة في كلامهم ، ثم لا ترِد إلا في الشعر ؛ فإنَّ هذا مما يغلِّب على الظنِّ أنها من الضرائر .
فإن قلَّ عُروضُها ، وأمكنَهم التغيير بإبدال حرف بحرف ، أو حركة بحركة من غيرِ وقوعٍ في زحافٍ ؛ ثم لم يفعلوه ، ولم يحكِ أحدُ العلماء الثقاتِ الذي شافَهوا العربَ أنهم لا يقولون هذا إلا في الشِّعر ، فلا ضرورةَ .
هذا ما انتهيتُ إليه بشأنها ؛ فاستمسك به ؛ فإنه موضِع شديدُ اللَّبس ، كثيرُ الاختلاف ، ولن تجدَه في كتاب .
=وإذا نظرنا في هذه المسألة ، وجدناها من المسائل الكثيرة العُروض ؛ أي : التي تدورُ في كلامِهم ، وتقومُ الحاجة إليها كثيرًا ؛ ولكنَّا وجدناهم يُثبِتونها في غيرِ الشعرِ ؛ وذلك في القراءة التي قدَّمنا ذِكرَها .
=وخلاصة هذا كلِّه إثباتُ استعمالهم هذه الكلمة ( ودَعَ ) لشهادة القراءة ، والشعر .
أما نفي سيبويه ، وغيرِه تكلُّمَ العرب بها ، فمحمولٌ على عدمِ سماعهم بها ، لقِلَّتها .
4-ذكرتُ من أنكرَ هذه الكلمة من الكوفيِّين ؛ وهو ثعلبٌ . وقد أنكرَها قبلَه أيضًا ابن السكِّيت في بعض تصانيفه ، كما نقلَ عنه أبو منصور الأزهريُّ في « تهذيبه » .
5-فائدة :
الذين أثبتوا هذه الأبياتَ انشعبُوا فريقين :
=فريقٌ منهم ادَّعوا فيها الضرورةَ ، كصاحب « العين » ، والشريف الرضي في « شرح الشافية » .
=وفريقٌ آخَرُ سمِع بالقراءة ، واستيقن صحتَها ؛ فلم يطاوعه الحكم على الأبيات بالضرورة ؛ فأثبتَ هذه الكلِمةَ ، ونسَبها إلى القِلَّة . ومن هؤلاء ابنُ جنِّي في « منصفه » ، و « محتسَبه » ، والبغدادي في « شرح شواهد الشافية » .

[ ذكرتُ أن ( ودعَ ) لم ترِد هي ، ولا مضارعها ، ولا أمرها في القرآن ، ثم أفادني الأخ / الواحدي أنها وردت ؛ وإن كانت ( يذر ) ، و ( ذر ) أكثر ]

فهذا ما عنَّ لي ، عرضتُه بإيجازٍ ، لضيق المقام عن البسط ، والتفصيل .

الواحدي
2009-09-28, 01:01 AM
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
قال الله تعالى:" وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَدَعْ أذَاهُمْ".

أبو قصي المنصور
2009-09-28, 01:05 AM
جزاك الله خيرًا .
وقد حذفتُها .

الواحدي
2009-09-28, 01:16 AM
جزاك الله خيرًا .
وقد حذفتُها .

بوركت، أخي الكريم.

عصام عبدالله
2009-09-28, 03:30 AM
كلام سيبويه واضح في أنه مثال على استغناء العرب بشيء عن شيء لا إماتته ! : "وأما استغناؤهم بالشيء عن الشيء.." 1 / 24 ، و25 .
وكذلك جعله في 4 / 99 كاستغنائهم بـ " نسوة " عن جمع " المرأة " على لفظها .
ولم يتكلم عن أنها أميتت .
وكرر ابن السراج ذلك الاستغناء في الأصول 1 / 58 : "ومنه ما شذ عن الاستعمال، ولم يشذ عن القياس نحو ماضي يدع، فإن قياسه وبابه أن يقال : ودع يدع إذ لا يكون فعل مستقبل إلا له ماض، ولكنهم لم يستعملوا ودع واستغنوا عنه ( بترك )، فصار قول القائل الذي قال : ودعه شاذاً. وهذه أشياء تحفظ".
وقال أبو حيان في البحر 8 / 485 : "واستغنت العرب في فصيح كلامها بترك عن ودع ووذر وعن اسم فاعلهما بتارك وعن اسم مفعولهما بمتروك وعن مصدرهما بالترك .
وقد سمع :
ليت شعري عن خليلي ما الذي .. غاله في الحب حتى ودعه
وقال آخر:
وثم ودعنا آل عمرو وعامر .. فرائس أطراف المثقفة السمر " اهـ.
ورواه في التاج 24 / 306: "ونحن ودعنا ..".
انظر إلى قول أبي حيان : " في فصيح كلامها ". فهي ليس إماتة ، بل استغناء .
ومما يدل على كثرة استعمال " ترك " وقلة " وذر" و" ودع " في القرآن أن "ترك" وردت بكل تصاريفها (الماضي المضارع الأمر اسم فاعل ) اثنتين وأربعين مرة . ولم ترد مصدراً .
أما "ودع" فوردت أربع مرات : مرة دعْ . ومرة ودّعك . ومرة مستودع . ومرة مستودعها .
فلم يأت مخففاً ماضياً ولا مضارعاً .
وقرأ الجمهور مستودع بفتح الدال وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وروح عن يعقوب بكسرها .
وعلى الفتح يكون مصدراً ميمياً ، وعلى الكسر يكون اسم فاعل .
وقرئ في الشاذّ "ودَعك "، وفي البحر 8 / 485 هي قراءة عروة بن الزبير وابنه هشام وأبي حيوة وأبي بحرية وابن أبي عبلة .
وأما "وذر" فوردت ثلاثاً وعشرين مرة بصيغة المضارعة ، واثنتين وعشرين مرة بصيغة الأمر.
ولم ترد ماضياً ولا اسماً ولا وصفاً ولا مصدراً .
وفي اللسان والتاج 14 / 356 عن الليث ، ولعله أقدم من قال بلفظ الإماتة: أنه قال : العرب قد أماتت المصدر من يذر والفعل الماضي ..
وهو في الصحاح والقاموس : "وقد أميت ماضيه ، وإنما يقال في ماضيه : تركه".
ولو جمعنا الاستغناء الذي ذكره سيبويه مع الإماتة التي قد يكون بدأ الكلام عنها الليث هنا لكانا مسمى واحداً باسمين .
ولفظ سيبويه أقرب .
وقال في القاموس في الضرورة : "وجاء في الشعر ودعه ، وهو مودوع" قال الزبيدي : على أصله.
وأصله في العين قال : "والعرب لا تقول: وَدَعتُهُ فأنا وادع. في معنى تركتُه فأنا تارك. ولكنّهم يقولون في الغابر: لم يدع، وفي الأمر: دعْه، وفي النّهي: لا تدعه، إلاّ أن يُضطّر الشّاعرُ".
وهذه الضرورة جعلت الشاعر يراجع الأصل المستغنى عنه، ويجريه في شعره ، وهي هنا ضرورة جارية على القياس قليلة في الاستعمال الفصيح .
وقول من قال : العرب أماتوا أو استغنوا إلخ .. لا يعني نفي وجوده القديم ؛ بل يثبت أنه كان أصلاً حياً مستعملاً قديماً مغنياً في زمنه . والإثبات مقدم على النفي . والإثبات درجات .
ثم إنهم حذفوه في استعمالهم استغناءً في ذر ودع كخذ وكُل ، وفي دَعة كسِمَة وصفة، أو أبدلوه في تُدَْعة كتراث وتخمة ؛ إيثاراً للأخف أو الأفصح أو الأكثر دوراناً أو الأوفى معنىً .
وأبقوه فيما سوى ذلك على أصله إذا لم يكن فيه كلفة أو ابتذال ، فإن اللفظ لا يكون فصيحاً أبداً ولا مبتذلاً أبداً ، فقالوا : مستودع ووداع ووديعة وودَعة ومودوع ووادِع .
والله أعلم .

عصام عبدالله
2009-09-28, 04:33 AM
الليث هو صاحب الخليل . وكلامه في العين ( وذر ).

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-28, 02:30 PM
بارك الله فيك..

الرواية بالمعنى شبه إجماع على جوازها؛جر إليه شيوعها بل الرواية بالمعنى هي الأصل،ولسنا نقضي في كل حديث أنه روي بالمعنى ،بل نقول قوة الاحتمال = تمنع صحة الاستدلال = حتى يأتي ما يُضعف أحد طرفي الاحتمال ضعفاً يُلغي صلاحيته للتوقف في الاحتجاج..
وأغلب الرواة مولدون..
بارك الله فيك أخي الحبيب
/// ولكني لا أظن أن الرواية بالمعنى (شبه إجماع) كما تفضلت, ولا أنها الأصل, بل الأصل هو تأدية الرواية كما سمعها الراوي, والرواية بالمعنى خلاف الأولى فكيف تكون أصلا؟!
انظر أخي إلى كلام الخضري في حاشيته على شرح ابن عقيل: "... مع أن الأصل عدمُ التبديلِ لتحرّيهم في نقلها بأعيانها، وتشديدِهم في ضبطها، ومن جَوَّزَ الروايةَ بالمعنى مُعتَرِفٌ بأنه خلافُ الأَوْلَى، وغلبة الظن كافية في الأحكام الشرعية فضلاً عن النحوية, على أن الأحاديث دُوِّّنتْ في الصدر الأول قبل فساد اللغة, فغايتُه إبدالُ لفظ يحتجُّ به , بآخرَ كذلك، وبعد تدوينها لا يجوز تبديلها بلا خلاف كما قاله ابن الصلاح , فبقي الحديثُ حجةً في بابه"
حاشية الخضري 1/ 106.
/// وأما قولك أخي الفاضل بأن أغلب رواة الحديث مولدون فأرجو منك أن تدلني مشكورا على بحث أو كتاب تناول هذه المسألة وخرج منها بهذه النتيجة.
وجزاكم الله خير الجزاء

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-28, 04:14 PM
بارك الله فيكم .
لم أذكر رأيي في ما سلف من القول ؛ وإنما أردتُّ التنبيه على بعض أصول الاحتجاجِ قبل الحُكْم .
وأنا أذكرُ الآنَ شيئًا من ذلك .
1-أردتُّ بقصر الاحتجاج على ما رواه أهل اللغة من الأحاديث ، ما نقلَه لنا المتقدِّمون منهم ، كأبي عبيد ، وابن قتيبة ، وأبي إسحاق الحربيِّ ، وأصحاب المُعجمات ؛ إذْ كانوا أعلمَ بها ، وأضبطَ لها ، وأبعدَ من التغيير ، والتحريف فيها من غيرِهم ، على ألا يكون الحديث موضوعًا ، أو ذا ضعف شديد .

جزاكم الله خيرا أستاذي, وأرجو ألا تضجر من كثرة مداخلاتي, فنحن نتناقش في أمر علمي يحتاج إلى الأخذ والرد بطبيعة الحال.
/// هل كل مارواه أهل اللغة من الأحاديث يعتمد عليه؟؟ حقيقة أشك في هذا, فثمة أحاديث وردت في كتب النحاة لم يسمع بها أرباب الحديث رغم شهرتها وكثرتها في كتب النحاة, انظر أخي على سبيل المثال لا الحصر حديث (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) قال عنه على القاري: "اشتهر في كلام الأصوليين, وأصحاب المعاني, وأهل العربية, فبعضهم يرويه عن عمر, وبعضهم يرفعه, قال السخاوي ورأيت بخط شيخنا -يعني العسقلاني- أنه ظفر به في (مشكل الحديث) لابن قتيبة, ولم يذكر له ابن قتيبة سندا ... وقال السبكي في (شرح التلخيص) لم أر هذا الكلام في شيء من كتب الحديث, لا مرفوعا, ولا موقوفا, ولا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن عمر مع شدة التفحص عنه. وقال الشمني في (حاشية المغني) عن والده أنه رأى بخطه ما صورته: رأيت الحافظ أبا بكر بن العربي نسبه إلى عمر بن الخطاب, إلا أنه لم يبد له إسنادا. وقال العراقي: لا أصل لهذا الحديث, ولم أقف له على إسناده قط في شيء من كتب الحديث, وبعض النحاة ينسبونه إلى عمر بن الخطاب من قوله, ولم أر إسنادا إلى عمر... وقال الزركشي: لا أصل لهذا الحديث ... وقال الحافظ السيوطي في (شرح نظم التلخيص): كثر سؤال الناس عن حديث (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) ونسبه بعضهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونسبه ابن مالك في (شرح الكافية) وغيره إلى عمر, قال الشيخ بهاء الدين السبكي لم أر هذا الكلام في شيء من كتب الحديث لا مرفوعا ولا موقوفا لا عن عمر ولا عن غيره مع شدة التفحص عنه. انتهى..." الأسرار المرفوعة في الأحاديث الموضوعة صـ 372, 373

عصام عبدالله
2009-09-28, 06:26 PM
استجابة لرغبة الأخ الكريم أبي الليث
"أتمنى إثراء الموضوع أكثر .."
أقول :
الرواية بالمعنى في هذه المسألة أظنها بعيدة الاحتمال :
للسبب المذكور أنها خلاف الأولى .
ولسبب ثانٍ أن الغالب على الذي يروي بالمعنى أن يتخير لفظاً ثانياً أو ثالثاً يؤدي المعنى المتبادر من المرويّ.
ويكون هذا اللفظ المختار مستعملاً في درجة استعمال اللفظ الأول أو قريباً من درجته .
مثل : أنكحتكها / زوجتكها / أعطيتكها .
أما في مرويّات هذه المسألة فالناقل عدل إلى لفظ مستغنى عنه بغيره أو ميت ، أو مهجور أو أثقل ، ليبلغ به المعنى الذي تبادر إليه .
والمعهود ارتكاب الأخف لا الأثقل.
ولسبب ثالث أن عناية الرواة بالألفاظ النادرة والغريبة مشهورة ومسطورة ، بل تعلق الناس بالغرائب والنوادر أكثر من السائر .
فكيف نخرق أسوار معهود الرواية ؟ .

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-28, 07:07 PM
استجابة لرغبة الأخ الكريم أبي الليث
"أتمنى إثراء الموضوع أكثر .."
أقول :
الرواية بالمعنى في هذه المسألة أظنها بعيدة الاحتمال :
للسبب المذكور أنها خلاف الأولى .
ولسبب ثانٍ أن الغالب على الذي يروي بالمعنى أن يتخير لفظاً ثانياً أو ثالثاً يؤدي المعنى المتبادر من المرويّ.
ويكون هذا اللفظ المختار مستعملاً في درجة استعمال اللفظ الأول أو قريباً من درجته .
مثل : أنكحتكها / زوجتكها / أعطيتكها .
أما في مرويّات هذه المسألة فالناقل عدل إلى لفظ مستغنى عنه بغيره أو ميت ، أو مهجور أو أثقل ، ليبلغ به المعنى الذي تبادر إليه .
والمعهود ارتكاب الأخف لا الأثقل.
ولسبب ثالث أن عناية الرواة بالألفاظ النادرة والغريبة مشهورة ومسطورة ، بل تعلق الناس بالغرائب والنوادر أكثر من السائر .
فكيف نخرق أسوار معهود الرواية ؟ .
بارك الله فيك أخي الكريم
/// وثمة سؤال يتبادر إلى الذهن: مادام العرب قد تركوا استعمال الماضي والمصدر من يدع فمن أين أتى الرواة بهذه الكلمات؟؟
/// ولماذا لم ينكر عليهم الوسط اللغوي حينئذ هذه العبارات الغريبة على مسامعهم ؟!
/// ولو كان الراوي من المولدين -كما قيل- فإنه سيتحاشى الكلمات الغريبة, لأنه إن نسي الكلمة التي سمعها سيتعذر عليه الاتيان بالمرادف من كلام العرب, أليس الأمر كذلك إخوتي ؟

أبو فهر السلفي
2009-09-28, 07:13 PM
1- الفاضل الكريم : المعرفة بأن الرواية بالمعنى شبه إجماع = لا تُطلب من حاشية الخضري.
2- الرواة قبل عصر التابعين أكثر أم بعده ؟
لابد أن تقول بعده .وبعده هذا هو بعد عصر الاحتجاج وبعد الفتوح وبعد اختلاط الألسنة فالمسألة لا تحتاج بحث ولا نتيجة.

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-28, 08:06 PM
أولاً : وذرَ .
وهذه لم أجِدها ثابِتة في قراءة متواترة ، ولا شاذة ، ولا شيء من كلام النبي صلى الله عليه وسلَّم ، أو كلام العرب .
أما ( وذروا التركَ ما وذَروكم ) ، فلا يعرِفه أهل اللغة ، ولم ينقله أحدٌ منهم .

قال الصاحب بن عباد في المحيط: "والعَرَبُ قد أمَاتَتِ المَصْدَرَ من " يَذَرُ " والفِعْلَ في الماضي؛ واسْتَعْمَلَتْه في الغابِرِ والأَمْرِ، يقولون: " ذَرْ " تَرْكاً، وقد قيل: وَذَرْتُه: وَدَعْتُه، وهو شاذٌّ، وجاءَ في الحَدِيث: " ذَرْوْنِي ما وَذَرْتُكم" [ذ , ر (و ا ى)]
وقال أبو حيان في البحر المحيط: "ذر : أمر استغنى غالباً عن ماضيه بترك ، وفي الحديث: (ذروا الحبشة ما وذرتكم) 5/421
وقال السمين الحلبي: "قوله تعالى : { ذَرْهُمْ } : هذا لا يُستعمل له ماضٍ إلا قليلاً استغناءً عنه ب « تَرَكَ » بل يُستعمل منه المضارعُ نحو : { وَيَذَرُهُمْ } [ الأعراف : 186 ] . ومن مجيء الماضي قولُه عليه السلام : « ذَرُوا الحبشة ما وَذَرَتْكم »" الدر المصون ج7/ ص140

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-28, 08:18 PM
1- الفاضل الكريم : المعرفة بأن الرواية بالمعنى شبه إجماع = لا تُطلب من حاشية الخضري.
2- الرواة قبل عصر التابعين أكثر أم بعده ؟
لابد أن تقول بعده .وبعده هذا هو بعد عصر الاحتجاج وبعد الفتوح وبعد اختلاط الألسنة فالمسألة لا تحتاج بحث ولا نتيجة.


الأخ الحبيب أبو فهر بارك الله فيك
/// كلام الخضري هو ما كان تحت يدي وإلا فأصل كلامه للدماميني على ما أظن, ولا عليك أخي, خذ هذا النقل للنووي من شرحه لصحيح مسلم: "... ولكن أراد مسلم رحمه الله تعالى ألا يروى بالمعنى فان الرواية بالمعنى حرام عند جماعات من العلماء وجائزة عند الأكثرين الا أن الأولى اجتنابها" كتاب الطهارة آخر باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الاناء"
/// أنا أريد رواة الصحيحين أو الكتب الستة على التحديد باختلاف عصورهم, وأكون لك من الشاكرين.
أرجو ألا أكون مثقلا عليك

أبو فهر السلفي
2009-09-28, 10:12 PM
1- ما نحتاجه أثبته النووي وخلا منه كلام الخضري وهو أن أكثر العلماء على جوازه ،لكن كلامنا ليس في مجرد الجواز كلامنا في أنه سنة الرواة وعادتهم بل حتى من لا يرى جواز ذلك لابد أن يقع منه ذلك شاء أم أبي ...ومع ذلك يقول الشيخ الجديع معقباً على ما استدل به من أقوال السلف المانعين من الرواية بالمعنى : ((ثم إن جميع المنقول عمن ذهب هذا المذهب من السلف ليس فيه قول واحد مقتضاه المنع للرواية بالمعنى ، وإنما على معنى الاجتهاد في الإتيان بالحديث على لفظه ما أمكن ، وهذا مقصد لم يتجاوزه المجوزون ، بل المعروف عنهم الاجتهاد في الألفاظ ، لكن للمشقة سهلوا أن يؤدى الحديث على المعنى ، وليس ذلك عندهم بإطلاق ، وإنما بشرط أن يكون مؤديه على هذا الوجه فقيها ً عالماً بما يحيل المعاني ، لئلاَّ يقع في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم )).
2- رواة الستة وغير الستة أكثرهم بعد عصر الاحتجاج وحتى من كان في عصر الاحتجاج فالطريق إليهم متعذر من غير طريق من بعد عصر الاحتجاج فلا تصانيف لهم.ولا وجه للنزاع أصلاً في كون أكثر الروة من المولدين.

أبو قصي المنصور
2009-09-28, 11:24 PM
بارك الله فيك .

ذكرتُ شرطين لقَبول الاحتجاجِ بالحديث في مسائل اللغة ، هما :
1-أن يكونَ مرويًّا عن القوم الذين روَوا لنا الشِّعرَ ، وكلامَ العرب ، من المتقدِّمين الذين كانُوا قبل انقطاع الرِّواية . وذلك مما أودَعُوه كتبَهم التي وضعُوها في « غريب الحديث » ، والمعجَمات ، وغيرِها . وقد ذكرتُ بعضَ أسمائهم قبلُ . وهذا الذي ذكرتُ ليس ببِدْع من الرأي ؛ فلا يخفَى أن ابنَ منظور مثلاً اعتمَد في تأليف « اللسان » على كتب خمسة ؛ منها « النهاية في غريب الحديث » لابن الأثير .
2-ألا يكون موضوعًا ، أو شديدَ الضعف ؛ فإنَّه إن كان موضوعًا ، لم يكن حجةً ، لأنَّه حينَ إذٍ من كلامِ واضعِه ، وليس هو من كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم . وإن كان شديد الضَّعف ، قوِيَت مظِنَّة تخليط راويه ، وغلَطه ، وسهوه .

=والأحاديث المذكورة لا حجَّة فيها .
أمَّا ( نعم العبد صهيب ... ) ، فلا أصلَ له ؛ فهو يفتقِد الشرط الأول ؛ وإن كان ذكرَه ابن قتيبة .
وأمَّا ( ذروني ما وذرتُكم ) ، و ( ذرُوا الحبشة ما وذرتكم ) فلم أجد مَن صحَّحهما ، ولم يروهما أيضًا أهل اللغة الذين ذكرتُ صفتَهم . والصاحب بن عبَّاد ، وأبو حيان ، والسمين الحلبيّ متأخِّرون عن زمن الرِّواية كما هو معلومٌ . فالحديثان إذن يفتقِدان الشرطين جميعًا .
وحتى لو توفَّر فيهما هذان الشرطان ، فإنه جائز أن يُحمَلا على طلب الازدواج ، ليأتلِف اللفظان ، كما قالوا : ( حيَّاك الله وبيَّاك ) ، والأصل : ( بوَّاك ) ، و ( إني لآتيه بالغدايا والعشايا ) ، و ( الغداة ) لا تجمَع على ( الغدايا ) ، و ( هنأني الطعام ومرأني ) ، والأصل ( أمرأني ) ، و ( ارجعن مأزورات غير مأجورات ) ، والأصل ( موزورات ) .


ولعلي أكتفي بهذا القدرِ في هذا الحديث .
وشكر الله لكم .

عصام عبدالله
2009-09-29, 01:49 AM
بارك الله فيك أخي الكريم
/// وثمة سؤال يتبادر إلى الذهن: مادام العرب قد تركوا استعمال الماضي والمصدر من يدع فمن أين أتى الرواة بهذه الكلمات؟؟
/// ولماذا لم ينكر عليهم الوسط اللغوي حينئذ هذه العبارات الغريبة على مسامعهم ؟!
/// ولو كان الراوي من المولدين -كما قيل- فإنه سيتحاشى الكلمات الغريبة, لأنه إن نسي الكلمة التي سمعها سيتعذر عليه الاتيان بالمرادف من كلام العرب, أليس الأمر كذلك إخوتي ؟



وبارك الله فيك على رعاية هذا البحث :
لا شك أن "ودع" مسموعة أولاً مقيسة ثانياً ، وأن " وذر " مقيسة .
ففي الصحيح حديثان :
(1) "أي عائشة، إن شر الناس من تركه الناس، أو ودعه الناس، اتقاء فحشه". قاله لعائشة ررر في عيينة بن حصن .
(2) "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات. أو ليختمن الله على قلوبهم. ثم ليكونن من الغافلين". قاله (ص) وهو على أعواد منبره .
روي الأول بلفظين "تركه" "ودعه"، والثاني بلفظ واحد "ودعهم".
وأما "ذروا الحبشة ما وذرتكم.." فاللفظ المروي في أبي داوود والمسند وغيرهما : "اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة".
وهذه الرواية مثال على الرواية بالمعنى ، باستعمال لفظ غريب نادر أو مهمل ( على عكس ما قدرتُ في مشاركة سلفت ) .
وفي " وذر " تنعدم الرواية ، وتصدق كلمة الإماتة، ولا يبقى إلا القياس . وكلام الليث ذكر عند ( وذر ) وليس عند ( ودع ).
ولا داعي لطرد أحكام السماع في أحدى الكلمتين قياساً على وتيرة الأخرى ؛ لأنه لا يلزم.

والقياس يوجب لهما ماضياً كغيرهما من الأفعال.
ولكن الاستعمال قليل في ( ودع ) ، ومنعدم في ( وذر )، لأسباب ذكرتْ، فاستغنوا بغيره عنه وهو ( ترك ).
والتعبير بالاستغناء في ( ودع ) كالتعبير بالإماتة في ( وذر ) .

عصام عبدالله
2009-09-29, 10:05 AM
قلت : وهذه الرواية مثال على الرواية بالمعنى ، باستعمال لفظ غريب نادر أو مهمل ( على عكس ما قدرتُ في مشاركة سلفت ) .
وأزيد : أو العكس . وهو الأرجح . وقد مرت الأسباب في مشاركة سبقت .
فـ( ترك ) رواية بالمعنى ، وهي المأثورة في السنن والمسند .
و( وذر ) رواية باللفظ ، وهي المتمثل بها في كتب اللغة والتفسير .

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-29, 06:06 PM
1- ما نحتاجه أثبته النووي وخلا منه كلام الخضري وهو أن أكثر العلماء على جوازه ،لكن كلامنا ليس في مجرد الجواز كلامنا في أنه سنة الرواة وعادتهم بل حتى من لا يرى جواز ذلك لابد أن يقع منه ذلك شاء أم أبي ...ومع ذلك يقول الشيخ الجديع معقباً على ما استدل به من أقوال السلف المانعين من الرواية بالمعنى : ((ثم إن جميع المنقول عمن ذهب هذا المذهب من السلف ليس فيه قول واحد مقتضاه المنع للرواية بالمعنى ، وإنما على معنى الاجتهاد في الإتيان بالحديث على لفظه ما أمكن ، وهذا مقصد لم يتجاوزه المجوزون ، بل المعروف عنهم الاجتهاد في الألفاظ ، لكن للمشقة سهلوا أن يؤدى الحديث على المعنى ، وليس ذلك عندهم بإطلاق ، وإنما بشرط أن يكون مؤديه على هذا الوجه فقيها ً عالماً بما يحيل المعاني ، لئلاَّ يقع في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم )).
2- رواة الستة وغير الستة أكثرهم بعد عصر الاحتجاج وحتى من كان في عصر الاحتجاج فالطريق إليهم متعذر من غير طريق من بعد عصر الاحتجاج فلا تصانيف لهم.ولا وجه للنزاع أصلاً في كون أكثر الروة من المولدين.

جزاك الله خيرا أخي على ما كتبت
/// أخي الكريم النووي رحمه يقول "والأولى اجتنابها" وأنت تقول إنها سنة الرواة !! وقلت "بل الرواية بالمعنى هي الأصل" فإذا فكيف يصلنا قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا جوز كل راو أن يؤدي الحديث بالمعنى؟؟ هب أن صحابيا روى حديثا بمعناه, فسمعه التابعي وأداه بلفظ آخر مقارب, ثم أتى من جاء بعده فروى الحديث بالمعنى وهكذا حتى يصل إلينا!! أين كلام النبي صلى الله عليه وسلم من هذا التصرفات في متن الحديث؟؟
/// قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: "الذي استمر عليه أكثر الأشياخ نقل الرواية كما وصلت إليهم وسمعوها, ولا يغيرونها من كتبهم حتى أطردوا ذلك في كلمات من القرآن استمرت الرواية في الكتب عليها بخلاف التلاوة المجمع عليها، ولم يجئ في الشاذ من ذلك في الموطأ والصحيحين وغيرها حماية للباب، ولكن أهل المعرفة منهم ينبهون على خطئها عند السماع والقراءة وفي حواشي الكتب, ويقرأون ما في الأصول على ما بلغهم, ومنهم من يجسر على الإصلاح، وكان أجرأهم على هذا من المتأخرين القاضي أبو الوليد هشام بن أحمد الكناني الوقشي ..."
الإلماع في أصول الرواية وتقييد السماع للقاضي عياض ،صـ 185.
/// أذكرك أخي بأني في حاجة إلى كتاب أو بحث أو مبحث في كتاب عن (الرواة المولدين) خاصة في الصحيحين أو الكتب الستة, وأنا ألح عليك في هذا المطلب لعلمي بسعة اطلاعكم, نفعنا الله بك, وجزاك عني خيرا.

أبو فهر السلفي
2009-09-29, 06:58 PM
الفاضل الكريم..

1- مسألة الرواية بالمعنى لا تحتمل مزايدة ويمكنك التوسع في بحثها...ولولا أنها مسألة محسومة لتوسعت لك في النقل..

2- سيدنا الشيخ : هل كون أغلب الرواة عرفوا الرواية تحملاً وأداء بعد عصر الاحتجاج،وأن من كانوا قبل عصر الاحتجاج لا طريق إليهم إلا من طريق من كانوا بعد عصر الاحتجاج = تحتاج لبحث؟؟

هي حقيقة علمية كالشمس ...

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-29, 07:08 PM
بارك الله فيك .

ذكرتُ شرطين لقَبول الاحتجاجِ بالحديث في مسائل اللغة ، هما :
1-أن يكونَ مرويًّا عن القوم الذين روَوا لنا الشِّعرَ ، وكلامَ العرب ، من المتقدِّمين الذين كانُوا قبل انقطاع الرِّواية . وذلك مما أودَعُوه كتبَهم التي وضعُوها في « غريب الحديث » ، والمعجَمات ، وغيرِها . وقد ذكرتُ بعضَ أسمائهم قبلُ . وهذا الذي ذكرتُ ليس ببِدْع من الرأي ؛ فلا يخفَى أن ابنَ منظور مثلاً اعتمَد في تأليف « اللسان » على كتب خمسة ؛ منها « النهاية في غريب الحديث » لابن الأثير .

بارك الله فيك, وأرجو أن تعاود المناقشة استاذي الفاضل, فنحن نتباحث المسألة لا أكثر
/// أرجو منك استاذي أن تذكر أحدا من العلماء قال بقولكم واشترط هذا الشرط في قبول الحديث في مسائل اللغة.
/// ومن أين أخذ ابن الأثير أحاديثه التي اعتمد عليها ابن منظور؟ وهل أهل اللغة أعرف بالمقبول والمردود من أهل الحديث؟ أم أنهم يعتمدون كل حديث نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟
/// قال الفيومي في المصباح المنير: "ولو كان (الثَّنَاءُ) لا يستعمل إلا في الخير كان قول القائل (أَثْنَيْتُ على زيد) كافيا في المدح وكان قوله (ولَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ) لا يفيد إلا التأكيد والتأسيس أولى فكان في قوله الحسن احتراز عن غير الحسن, فإنه يستعمل في النوعين, كما قال "والخير في يديك والشرّ ليس إليك", وفي الصحيحين (مروا بجنازة فَأثَنْوا عليها خيرا, فقال عليه الصلاة و السلام: وجبت. ثم مروا بأخرى, فَأثَنْوا عليها شرا. فقال عليه الصلاة و السلام: وجبت. وسئل عن قوله وجبت فقال هذا أَثْنَيْتُمْ عليه خيرا فوجبت له الجنة وهذا أَثْنَيْتُمْ عليه شرا فوجبت له النار) الحديث. وقد نقل النوعان في واقعتين تراخت إحداهما عن الأخرى من العدل الضابط, عن العدل الضابط, عن العرب الفصحاء, عن أفصح العرب, فكان أوثق من نقل أهل اللغة, فإنهم قد يكتفون بالنقل عن واحد ولا يعرف حاله, فإنه قد يعرض له ما يخرجه عن حيز الاعتدال من دهش وسكر, وغير ذلك, فإذا عرف حاله لم يحتج بقوله, ويرجع قول من زعم أنه لا يستعمل في الشرّ إلى النفي, وكأنه قال لم يسمع فلا يقال والإثبات أولى, ولله در من قال:
وَإِنَّ الحَقَّ سُلْطَانٌ مُطَاعٌ ... وَمَا لِخِلافِهِ أَبَدًا سَبِيلُ" صـ 119 مادة (ث ن ى)

عصام عبدالله
2009-09-30, 08:59 AM
جاء في سنن أبي داوود والنسائي وسنن البيهقي عن رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، أحسبه سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن النبي أنه قال:
" دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم "...
وأما حديث " اتركوا الحبشة ما تركوكم " فعن عبدالله بن عمرو.
وألفاظ الحديثين تنفي اتحاد المناسبة.
وأظن أن رواية المعنى لهذا الحديث (ذروا الحبشة ما وذروكم أو وذرتكم ) كانت من جهة اللغويين ، لأنهم خلطوا بين الكلمتين (وذر) و (ودع) بجامع المعنى ، وهو الترك ، والصيغة وهي المثال ، والاستغناء عنهما بغيرهما .
هل الظن في محله ؟

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-30, 01:51 PM
جاء في سنن أبي داوود والنسائي وسنن البيهقي عن رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، أحسبه سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن النبي أنه قال:
" دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم "...
وأما حديث " اتركوا الحبشة ما تركوكم " فعن عبدالله بن عمرو.
وألفاظ الحديثين تنفي اتحاد المناسبة.
وأظن أن رواية المعنى لهذا الحديث (ذروا الحبشة ما وذروكم أو وذرتكم ) كانت من جهة اللغويين ، لأنهم خلطوا بين الكلمتين (وذر) و (ودع) بجامع المعنى ، وهو الترك ، والصيغة وهي المثال ، والاستغناء عنهما بغيرهما .
هل الظن في محله ؟
جزاك الله خيرا أخي عصام, ونفع الله بك
/// في الحقيقة حديث (ذروا الحبشة ما وذروكم) لا أعلم له إسنادا صحيحا فلا أخوض فيه بغير علم, أما موضوعنا الأصلي فهو عن ماضي ومصدر يدع كما هو واضح من العنوان, وإنما ذكرت حديث (ذروا الحبشة ما وذروكم) و (ذَرْوْنِي ما وَذَرْتُكم) لأن اللغويين والنحاة ذكروه على الشرط الذي قاله الشيخ أبو قصي بارك الله فيه.
/// وقولك أخي الكريم باحتمال تغيير اللغويين للحديث للخلط بين وذر وودع يحتاج إلى دليل, خاصة وقد جاءنا الحديث مسندا من جهة رواة الحديث كما في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم 4/594
والله تعالى أعلم

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-30, 03:06 PM
الفاضل الكريم..
1- مسألة الرواية بالمعنى لا تحتمل مزايدة ويمكنك التوسع في بحثها...ولولا أنها مسألة محسومة لتوسعت لك في النقل..
2- سيدنا الشيخ : هل كون أغلب الرواة عرفوا الرواية تحملاً وأداء بعد عصر الاحتجاج،وأن من كانوا قبل عصر الاحتجاج لا طريق إليهم إلا من طريق من كانوا بعد عصر الاحتجاج = تحتاج لبحث؟؟
هي حقيقة علمية كالشمس ...
أخي الكريم
1- أنا لا أنازعك في مسألة الرواية بالمعنى أخي الحبيب, بل قلت في الرابط الذي أحلتكم عليه "وقد اختلف العلماء في مسألة رواية الحديث بالمعنى إلى فريقين: فريق يرى أنه لا تجوز رواية الحديث بالمعنى، وأنه ينبغي للراوي تأدية الذي سمعه بحروفه دون تدخل منه، وفريق يرى جواز ذلك بشروط اختلفوا فيها اختلافا بيّنا، وقد استدل كل فريق بأدلة عقلية ونقلية لتأييد مذهبه، لا يتسع المقام لبسطها، غير أنهم اتفقوا فيما اتفقوا عليه أنه لا يجوز للجاهل بمعاني المفردات والأساليب العربية رواية الحديث على المعنى"
وقلتم أنتم "الرواية بالمعنى شبه إجماع على جوازها؛جر إليه شيوعها بل الرواية بالمعنى هي الأصل" فلما استعظمت ذلك القول منكم نقلت لكم ما يفيد بأن الأمر مختلف فيه, وأن الرواية بالمعنى خلاف الأولى, وليست هي الأصل, ونقلت لكم فيما نقلت قول النووي "... ولكن أراد مسلم رحمه الله تعالى ألا يروى بالمعنى, فإن الرواية بالمعنى حرام عند جماعات من العلماء وجائزة عند الأكثرين الا أن الأولى اجتنابها"
/// أما مسألة الرواية بالمعنى عند النحاة فلعلك طالعت ما كتبته عن موقف النحاة منها, فلو كان لك تحفظ أو ملاحظة فلا مانع عندي من مناقشتها بكل سرور أخي.
2- أخي الكريم أنت الذي قلت (وأغلب الرواة مولدون..) وقلت (ولا وجه للنزاع أصلاً في كون أكثر الروة من المولدين) وأنا لا أطلب أكثر من دليل على ما تقول, لأني في حاجة فعلا إلى دليل, وهب أني قلت لك: لا بل رواة الصحيحين أكثرهم ليسوا من المولدين!! فهذا قول بقول أخي, ولا يفصل بينهما غير بحث في حقيقة المسألة, والله تعالى أعلم.

أبو فهر السلفي
2009-09-30, 04:46 PM
1- وهل قولي : ((شبه إجماع)) يعني أنه ليس هناك خلاف ؟؟

2- ما معنى مولدون ؟

أبو حاتم ابن عاشور
2009-09-30, 07:10 PM
الأخ الفاضل أبو فهر .. جزاكم الله خيرا
والشكر الجزيل لأساتذتي أبي قصي المنصور, وأبي الليث الشهراني, وعصام عبد الله, والواحدي
وأرجو أن أكون قد وفقت في عرض الموضوع قدر طاقتي وعلمي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابو الهمام
2009-10-23, 07:13 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجوا من الإخوة الكرام أن يبينوا لنا الحد الزمني الفاصل بين المولد وغيره مع نقل كلام العلماء في ذلك وبحث المسألة فإنها مما يترتب عليها أحكام كثيرة في المسائل المبحوثة آنفا.