المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تصح زيادة "وما تأخر" في حديث (( من صام رمضان ..)) ؟



الورقات
2009-08-20, 03:35 AM
ما صحة زيادة "وما تأخر " في الأحاديث التالي :
1- (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ))
2- و (( من قام رمضان إيمانا واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ))
3-و(( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ))

سمعت الثلاثة من بعض المشايخ بزيادة "وما تأخر" آخر الأحاديث ، فهل تصح؟

السكران التميمي
2009-08-20, 05:36 AM
قد وردت هذه الزيادة بسند صحيح عند النسائي رقم (2512)، وعند أحمد رقم (8989) ورقم (22865) ورقم (22793)، والطيالسي رقم (2360)، والخطيب في (تاريخ بغداد ترجمة رقم 3236)، وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان 1/168).
وانظر لزاماً (فتح الباري 4/115 وما بعدها).

والخلاصة: ثبوتها.

الورقات
2009-08-20, 05:50 AM
ماشاءالله ، الحمدلله على فضله ورحمته
(( قل بفضل الله وبرحمته فضلك فليفرحوا ))

جزاك الله خير أخي التميمي

الورقات
2009-08-20, 05:51 AM
تصحيح : فبذلك فليفرحوا

السكران التميمي
2009-08-20, 05:55 AM
وإياك أخي العزيز.. ونسأل الله القبول والإخلاص آمين
ووالله أقسم قسماً ما حنثت فيه أننا منكم جميعاً نستفيد

الورقات
2009-08-20, 11:45 AM
اللهم آمين ،
وإني أستفيد منك على الخصوص أخي التميمي، أشكرك على إجاباتك على تساؤلاتي القديمة والحديثة
وفقك الله وبارك فيك

أبو الوليد التويجري
2009-08-20, 01:25 PM
هذا من خصائص النبي (ص) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله -في المجموع (10/315)-: «الوجه الخامس : أنه ثبت في الصحيح أن هذه الآية لما نزلت قال الصحابة يا رسول الله هذا لك فما لنا ؟ فأنزل الله : (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم)، فدل ذلك على أن الرسول والمؤمنين علموا أن قوله : (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) مختص به دون أمته».

أبو الوليد التويجري
2009-08-20, 01:33 PM
يُنظر: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23444

السكران التميمي
2009-08-20, 01:49 PM
لا علاقة لما ذكرته أخي الفاضل (أبا الوليد) بموضوعنا!! فأين المغزى رحمك الله؟!

بل زيادة ثابتة صحيحة، وأخطأ من أنكرها!.
بل قد أتى في غير ما حديث ثواب بعض الأعمال أنها تغفر ما تأخر أيضاً.
فهل نحجر واسعاً ورد من طريق صحيح؟!!

أمجد الفلسطيني
2009-08-20, 02:02 PM
/// الذي يظهر أن هذه الزيادة شاذة
لأن أكثر الرواة _في جميع الطبقات_ لم يروها

فأكثر الرواة عن أبي هريرة لم يذكرها
وكذا أكثر وأثبت الرواة عن أبي سلمة لم يذكرها منهم الزهري
وأكثر الرواة عن الزهري من الثقات الأثبات لم يذكرها
وأكثر الرواة عن ابن عيينة لم يذكرها

ومحمد بن عمرو تكلم فيه كثيرا ومثله لا يحتمل هذا التفرد وقد خالفه الزهري وغيره
وحماد بن سلمة متكلم في حفظه وقد تغير بأخرة

ولو صحت هذه الزيادة عن ابن عيينة لكانت شاذة لأن المعروف والمشهور عن الزهري عدم ذكرها هكذا رواه الثقات الأثبات عنه
فكيف وقد اختلف أصحاب ابن عيينة عليه في ذلك

فهذه الزيادة شاذة في قانون أهل الحديث والله أعلم

ولذلك أعرض عنها البخاري ومسلم وأخرجا الحديث من طرق كثيرة بغيرها

/// وأما مذهب ابن حجر في المسألة فيحتاج إلى تحرير فقد قال في النكت: قوله (ع): "صحح المنذري حديثا في غفران ما تقدم وتأخر" "والدمياطي حديثا في ماء زمزم لما شرب له".
فيه نظر: وذلك أن المنذري أورد في الجزء المذكور عدة أحاديث بين ضعفها.
وأورد في أثنائه حديثا من طريق بحر بن نصر عن ابن وهب عن مالك ويونس عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال بعده: "بحر بن نصر ثقة، وابن وهب ومن فوقه محتج بهم في الصحيحين".
قلت: "ولا يلزم من كون رجال الإسناد من رجال الصحيح أن يكون الحديث الوارد به صحيحا، لاحتمال أن يكون فيه شذوذ أو علة، وقد وجد هذا الاحتمال هنا، فإنها رواية شاذة وقد بينت ذلك بطرقه والكلام عليه في جزء مفرد، ولخصته في كتاب بيان المدرج".ا.هـ

أبو الوليد التويجري
2009-08-20, 02:32 PM
لا علاقة لما ذكرته أخي الفاضل (أبا الوليد) بموضوعنا!! فأين المغزى رحمك الله؟!

بل زيادة ثابتة صحيحة، وأخطأ من أنكرها!.
بل قد أتى في غير ما حديث ثواب بعض الأعمال أنها تغفر ما تأخر أيضاً.
فهل نحجر واسعاً ورد من طريق صحيح؟!!

هون عليك يا حبيبي .
المغزى أن غفران الذنوب المتأخرة والمتقدمة أمر خص به النبي (ص)، لا يشاركه فيه غيره، وإن شئتُ -على طريقتك- قلتُ : زيادة شاذة، أخطأ من أثبتها !

السكران التميمي
2009-08-20, 02:34 PM
بعض الأحكام لا تسلم على إطلاقها غفر الله لكم، بل لا بد من التقصي والبحث والتحرير.
أما قول الحافظ ابن حجر فليس من اللائق أن آخذ قوله في موضع وأترك قولآً أصرح منه في موضع آخر.

وهذا ابن كثير رحمه الله قد استشهد بحديث الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت وفيه: (وما تأخر) ولم يعلق عليها بشيء لأنها رضيها وقبلها، على أنه ممن قال أنها من الخصائص، فهذا تباين لا يقبلف على إطلاقه أبداً.

ثم هل يشك في (قتيبة بن سعيد) وهو ثقة ثبت؟! وهل تفرد بهذه الزيادة حتى نقول: هي من باب الشاذ؟!
بل قد تابعه حمادً، وثابتاً على روايتها، وحامد بن يحيى، وليس حماداً فقط، وسند الإمام أحمد سند حسن.

ويشهد لهذه الرواية رواية عبادة بن الصامت عند أحمد، والتي أصلاً لم تأت إلا من هذا الوجه بالزيادة، وهو حديث صحيح.
وله متابعة صحيحة عند أحمد نفسه بنفس الزيادة.

ثم رواية الطيالسي من طريق يحيى بن أبي كثير _ وهي متابعة حسنة للحديث معنا _ هل نطرحها ولا نقبلها؛ ونقول: هي من باب الشاذ، لا تقبل؟!

ويشهد لذلك أيضاً ما رواه الخطيب في (تاريخه) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بنفس الزيادة.

أما عبد الله بن عقيل؛ وإن تكلم فيه لكنه على الصحيح فيه موثق، وحديثه من درجة الحسن.

نعم المشهور عن الزهري بدونها؛ لكن لا نحكم بعدم الصحة والثبوت لها في بعض الطرق خاصة وأن رواتها أئمة.

فلذلك قال الإمام العيني: (وقد وردت هذه الزيادة في عدة أحاديث. فإن قلت: المغفرة تستدعي سبق شيء من ذنب؛ والمتأخر من الذنوب لم يأت، فكيف يغفر؟ قلت: هذا كناية عن حفظ الله إياهم من الكبائر فلا يقع منهم كبيرة بعد ذلك. وقيل معناه: أن ذنوبهم تقع مغفورة).

فلا إشكال حفظكم الله في إثبات هذه الزيادة، بل هي من خصائص الله تعالى وفضائله على عباده التي لا تنحصر.
وهل تعتقد ان صيام رمضان وقيامه إيماناً واحتساباً بالأمر الهين السهل؟!!

وانظر لزاماً (تنوير الحوالك للسيوطي ص85) لتعرف الروايات التي وردت فيها هذه الزيادة بلا نكير.

وقد قال الحافظ رحمه الله: (وقد ورد في غفران ما تقدم وما تأخر عدة أحاديث جمعتها في كتاب مفرد).

وعليه: فهي زيادة ثابتة لا يستقيم إنكارها، ومسألة غفران الذنوب المراد بها الصغائر حفظك الله.

آخره والحمد لله وحده

أبو الوليد التويجري
2009-08-20, 02:38 PM
/// قال ابن كثير -كما في تفسيره (7/328)- : "وقوله (ليغفر لك الله ماتقدم من ذنبك وما تأخر) : هذا من خصائصه صلوات الله وسلامه عليه التي لا يشاركه فيها غيره، وليس صحيح في ثواب الأعمال لغيره : غفر له ماتقدم من ذنبه وماتأخر" أ.هـ.

السكران التميمي
2009-08-20, 02:42 PM
قلت لك: هذا كلام لا يسلم على إطلاقه، وأخبرتك فيما سبق أن ابن كثير نفسه روى الزيادة من طريق أحمد، ولم يتكلم عليها بشيء.
أما مسألة الذنوب المغفورة اخي، فقد أبان العلماء قاطبة أن المراد في مثل هذه الأمور هي الصغائر دون الكبائر.

ثم لتعلم رحمك الله أن لازم هذا القول _ وهو جعل مثل هذا من خصائص الرسول _ إطراح أحاديث كثيرة وتغيير مرادها الذي أتت من أجله تدل على غفران الذنوب متقدما ومتأخرها.

التريث مطلوب جداً مع الإستقصاء التام بوركتم، فقد يفهم من قولٍ خاص العموم، وهذا لا يقبل.

سلمان أبو زيد
2009-08-20, 02:44 PM
هذه زيادة شاذة.

قالَ الشَّيْخُ الألبانِيُّ ـ رَحِمَهُ اللَّـهُ تعالى ـ : ( وما تأخر ) ،هي زيادة منكرة في حديث عبادة، وشاذة في حديث أبي هريرة المشار إليه، وهو بدونها متفق عليه ،فانظره في أوّل هذا الباب من ( الصحيح ).اهـ [ ضعيف الترغيب والترهيب ،ج 1 ، ص 307 ، الحاشية ].
للمزيد راجع الضَّعيفة ( ج 11 ، ص 134 ، ح 5084 ).
واللَّـهُ الموفِّق.

السكران التميمي
2009-08-20, 02:47 PM
غفر الله لأهل العلم قاطبةً آمين..

وما زلت أقول: زيادة رواها أئمة أثبات ثقات = من الصعب جداً اطراحها وتخطئتها.
خاصة وأنه قد ورد عدة أحاديث من هذا النوع في السنة.
وإن كان البعض أنكرها، فأئمة لا يشق لهم غبار كالحافظ أثبتها وأقرّها.
وفي كلٍ خير.

والله أعلم

عدنان البخاري
2009-08-20, 02:47 PM
/// وكأني قرأت للشيخ الألباني رحمه الله مرَّةً أنَّه قال ضمن كلامه عن حديثٍ عن مثل هذه الزيادة: "وما تأخر" إنها لا تصحُّ في فضائل الأعمال.


راجع الضَّعيفة ( ج 11 ، ص 134 ، ح 5084 )..
/// بارك الله فيكم.. لعل الصواب: ح (5083).

السكران التميمي
2009-08-20, 02:50 PM
هو سؤال واحد فقط أحبتي الكرام لا أريد غيره..

هل فعلاً لم يصح ولا حديثٍ واحد _ بشكل عام _ فيه أن غفران الذنب يقع على المتأخر أيضاً؟!
فقط أريد جواب هذا.

أمجد الفلسطيني
2009-08-20, 09:55 PM
بارك الله فيكم

/// الصواب في زيادة الثقة أنها لا تقبل مطلقا ولا ترد مطلقا ولكن الحكم عليها يدور مع القرائن
هذا هو مذهب النقاد المتقدمين والمحققين من المتأخرين ومذهب كبار الأئمة والمحدثين
ولا يصح _في أصول النقد الحديثي_ إلا هو

والقرائن تدل على أن هذه الزيادة غير ثابتة والله أعلم خاصة من حديث أبي هريرة


بعض الأحكام لا تسلم على إطلاقها غفر الله لكم، بل لا بد من التقصي والبحث والتحرير.بارك الله فيك ونحن ندعوك وندعو أنفسنا إلى التقصي والبحث والتحرير


أما قول الحافظ ابن حجر فليس من اللائق أن آخذ قوله في موضع وأترك قولآً أصرح منه في موضع آخر.لم آخذ بقول له وأترك آخرا
وقد قرأت كلامه في الفتح من قبل
ولذلك قلت _أعلاه_ ينبغي تحرير كلام الحافظ
ثم ذكرت قوله في النكت الذي يعارض كلامه الذي في الفتح من أجل تحرير مذهبه
وعلمي أن النكت من أواخر ما صنف
وكذا الفتح
لكن يحتاج أن يعرف أيهم أقدم
وليس كلامه في الفتح بأصرح منه في النكت


وهذا ابن كثير رحمه الله قد استشهد بحديث الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت وفيه: (وما تأخر) ولم يعلق عليها بشيء لأنها رضيها وقبلها، على أنه ممن قال أنها من الخصائص، فهذا تباين لا يقبلف على إطلاقه أبداً.يعارضه ظاهر صنيع البخاري ومسلم
وقول ابن عبد البر وابن مفلح وغيرهم


ثم هل يشك في (قتيبة بن سعيد) وهو ثقة ثبت؟! وهل تفرد بهذه الزيادة حتى نقول: هي من باب الشاذ؟!
بل قد تابعه حمادً، وثابتاً على روايتها، وحامد بن يحيى، وليس حماداً فقط، وسند الإمام أحمد سند حسن.ثقة ثبت فكان ماذا؟
مبحث الشاذ وزيادة الثقة لا علاقة له بالضعيف ونحوه
وإنما الشاذ ما خالف فيه الثقة الثقات أو من هو أوثق منه أو روى ما لم يروا على تفصيل في ذلك يعرف من تتبع أحكام الأئمة
فلا عجب هنا
وهذا معروف في أحكام الأئمة
فكم من زيادة لثقة ثبت قد ردوها
وكم من زيادة لمن هو فوق قتيبة قد ردوها
بل قد ردوا حديثا كاملا تفرد به قتيبة وأجمعوا على أنه وهم في ذلك

وأما حماد بن سلمة فإنه لم يتابع قتيبة
فإنه روى الحديث عن محمد بن عمرو ولم يروه عن سفيان كقتيبة فهذا حديث وذاك حديث آخر
ولا يسمى هذا متابعة لذلك في المصطلح
وحماد بن سلمة إن لم يكن الوهم منه فمن شيخه محمد بن عمرو فإن كلاهما يخطئان كثيرا ولا يحتمل تفردهما عند أهل الحديث
والصواب عن أبي سلمة لا كما رواه محمد بن عمرو ولكن كما رواه الأسطوانة الزهري
ولا أدري كيف تقدم رواية ابن عمرو على رواية الزهري
فالذي لا شك فيه أن أباهريرة بريء من هذه الزيادة وكذا أبو سلمة

وأما ثابت فأنه رواه عن الحسن مرسلا فلا أدري كيف تجعل روايته متابعة لقتيبة؟!!
هذا لا يصح في قانون أهل الحديث

نعم قد تابع قتيبة عدة من الثقات لكن خالفهم غيرهم أيضا منهم ابن راهوية
ولو صحت هذه الزيادة عن سفيان لكانت وهما منه لأن أكثر وأثبت أصحاب الزهري خالفوه

فالذي لا شك فيه عند من عرف حديث الزهري وطبقات أصحابه أن هذه الزيادة لا تصح عنه والله أعلم


ويشهد لذلك أيضاً ما رواه الخطيب في (تاريخه) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بنفس الزيادة.إسناد رواية ابن عباس لا تصلح في الشواهد لشدة ضعفها


ثم رواية الطيالسي من طريق يحيى بن أبي كثير _ وهي متابعة حسنة للحديث معنا _ هل نطرحها ولا نقبلها؛ ونقول: هي من باب الشاذ، لا تقبل؟!لقد تفرد بها عن هشام
وهذا تفرد في طبقات متأخرة بعد انتشار المدارس وكثرة الطلاب
وقد خالفه القطان وأين يقع الطيالسي من الأسطوانة الجبل القطان
فلو لو يكن إلا مخالفته للقطان لطرحت روايته فكيف وهو قد تفرد بها

وينبغي أن نعلم أن مبجث الشاذ وزيادة الثقة له علاقة وطيدة بمبحث التفرد لذلك يحين هنا مراجعة كلام الأئمة النقاد المتقدمين عن مسألة التفرد
وفي المجلس نقاش مفيد حول ذلك وللشيخ إبراهيم اللاحم حفظه المولى جمع وبحث طيب لذلك فلينظر


نعم المشهور عن الزهري بدونها؛ لكن لا نحكم بعدم الصحة والثبوت لها في بعض الطرق خاصة وأن رواتها أئمة.لا يصح عند من عرف حديث الزهري وطبقات رواته ودقق في أحكام الأئمة عليه في كتب العلل
وكم من زيادة وقعت في حديثه من بعض طرق طلابه الأئمة فردها النقاد لمخالفتها لباقي طلابه
هذا ظاهر بائن لكل من تتبع حديثه والكلام عليه في كتب العلل

السكران التميمي
2009-08-20, 11:16 PM
قبل كل شيء أرجو أن لا تضيق صدور الأحبة لمثل هذه المناقشات العلمية القيمة، فإن كان فليبلغنا الأحبة الكرام حتى نقف عن النقاش بوركتم، فما هدفنا إلا طلب الصواب أياً كان ، ممن كان.

تقديم مهم _ في نظري _: في الواقع أخي الشيخ الكريم (أمجد) دائما ما أرى في كلامك هنا معنا تعظيم أُناس من الأئمة إلى حدٍ لا يوصف، وإنزال آخرين منهم إلى حد يظن به الظان عدم مكانة هؤلاء ومنزلتهم مع أنهم أئمة حفاظاً ثقات أثبات لا يشق لهم غبار، ولا يمحى لهم أثر!! وهذا الأمر جداً ملاحظٌ من حضرتكم فالأولى التنبه لهذا رعاكم الله.

ثم أقول وبالله التوفيق:
قلت رحمك الله:
(الصواب في زيادة الثقة أنها لا تقبل مطلقا ولا ترد مطلقا ولكن الحكم عليها يدور معالقرائن هذا هو مذهب النقاد المتقدمين والمحققين من المتأخرين ومذهب كبار الأئمةوالمحدثين ولا يصح _في أصول النقد الحديثي_ إلا هو).
أقول:
كلام صحيح لا غبار فيه حفظك الله، لا يشك في صحته عارف.


قلت رحمك الله:
(والقرائن تدل على أن هذه الزيادة غير ثابتة والله أعلم خاصة من حديث أبي هريرة).
أقول:
ليس هناك قرائن _ بالمعنى الذي تعنيه القرينة _ لأن تكون صارفة لثبوت الزيادة هنا رحمك الله.


قلت رحمك الله:
(لم آخذ بقول له وأترك آخرا، وقد قرأت كلامه في الفتح من قبل، ولذلك قلت _أعلاه_ ينبغي تحرير كلام الحافظ، ثم ذكرت قوله في النكت الذي يعارض كلامه الذي في الفتحمن أجل تحرير مذهبه، وعلمي أن النكت من أواخر ما صنف وكذا الفتح، لكن يحتاجأن يعرف أيهم أقدم، وليس كلامه في الفتح بأصرح منه في النكت).
أقول:
الحافظ رحمه الله قد تعرض لهذه المسألة في ثلاثة كتبٍ له رحمه الله _ ما ذكرت أنت؛ وثالثهما = الخصال المكفرة _ وحينئذٍ ينظر في كلامه رحمه الله في جميع المواضع، فوجدناه في (النكت) لم يصرح بشيء يذكر يمكن أن يكون مستنداً قوياً، بل هو كلام عامٌ رحمه الله، بينما وجدناه في (الفتح) أعطى تلميحات دقيقة عميقة في تحديد موقفه بشكل واضح دون استيعاب، ومن ثم أحال على الإستيعاب والتوسع والتقرير الكامل للبحث في كتابه الآخر (الخصال المكفرة) وفيه رحمه الله توصل للنتيجة النهائية من البحث = قبول الزيادة وثبوتها.


قلت رحمك الله:
(يعارضه ظاهر صنيع البخاري ومسلم، وقول ابن عبد البر وابن مفلح وغيرهم).
أقول:
كلمة: (وغيرهم) هذه من زيادات الكلام رحمك الله فلا يصل الحد إلى أن يوصف المعارض بهذه الكثرة المصرحة.
أما صنيع البخاري ومسلم فيكون كلامك مستقيماً لو لم يرو الحديث بدون الزيادة غيرهم، أما وقد روي فلا مجال لأن يستدل بعدم روايتهما للزيادة على أنها (شاذة) أو (منكرة). فتأمل
أما صنيع ابن عبد البر فقد رد عليه ونوقش رحمه الله وبين الصواب فيه = هو نفس ما قررناه في هذه الزيادة.
أما ابن مفلح فلا يعدو الآمر مجرد النقل والتقليد.


قلت رحمك الله:
(ثقة ثبت فكان ماذا؟ مبحث الشاذ وزيادة الثقة لا علاقة له بالضعيف ونحوه، وإنما الشاذ ما خالف فيه الثقة الثقات أو من هو أوثق منه أو روى ما لم يروا على تفصيل فيذلك يعرف من تتبع أحكام الأئمة، فلا عجب هنا، وهذا معروف في أحكامالأئمة، فكم من زيادة لثقة ثبت قد ردوها، وكم من زيادة لمن هو فوق قتيبة قدردوها، بل قد ردوا حديثا كاملا تفرد به قتيبة وأجمعوا على أنه وهم في ذلك).
أقول:
هذا كلام في القواعد العامة لا إشكال فيه، ولم يعارضك أحد فيه رحمك الله، ومن قال خلاف ما قلته هنا فقد ظلم نفسه قبل أن يظلمك.
لكن بيت القصيد أيها الشيخ الكريم = عدم تفرد قتيبة بهذه الزيادة، ولا يخافك رحمك الله من تابعه على هذه الزيادة من طريق سفيان (حماد، والمروزي، وهشام بن عمار، ويوسف النجاحي) فهل هؤلاء وهموا؟!!
ولا يعني أن أكثر الرواة عن الزهري لم يذكروها = أنها غير صحيحة، خاصة وأنها قد رويت عنه بالزيادة وإن لم يكن العدد كمثل عدد من لم يروها، فلا مشاحة لمن عرف قواعد علم الحديث كما تقول أيها الشيخ الكريم.

قلت رحمك الله:
(وأما حماد بن سلمة فإنه لم يتابع قتيبة، فإنه روى الحديث عن محمد بن عمرو ولميروه عن سفيان كقتيبة فهذا حديث وذاك حديث آخر، ولا يسمى هذا متابعة لذلك فيالمصطلح).
أقول:
بل تابعه رحمك الله في الرواية العامة، ولا يسمى هذا شاهداً للحديث المعني معنا، فالحديث راويه أبو هريرة وعنه أبي سلمة ونص الحديث واحد. فمن قال أن هذه لا تعتبر متابعة؟! وهي ما يسمى في الإصطلاح (وجه آخر).
وكونه لم يروه عن سفيان لا يعني هذا أن الطريقان حديثان مختلفان. فتنبه
ثم حماداً تمشية لما قلته من الجرح فيه ومحاولة تضعيف روايته لم يتفرد من طريقه بهذه الزيادة؛ بل رواها ثابتاً أيضا وإن كانت مرسلة من طريقٍ يعضد الحديث الأصل بذكر الزيادة.

قلت رحمك الله:
(ولا أدري كيف تقدم رواية ابن عمرو على رواية الزهري، فالذي لا شك فيه أن أباهريرةبريء من هذه الزيادة وكذا أبو سلمة، وأما ثابت فأنه رواه عن الحسن مرسلا فلاأدري كيف تجعل روايته متابعة لقتيبة؟!! هذا لا يصح في قانون أهل الحديث).
أقول:
هذا منك رحمك الله استنتاجاً ليس مني، وليس لك الحق رعاك الله أن تستنتج شيئاً ومن ثم تجعله هو قول المخالف.
أولاً: ابن عمرو والزهري أئمة كبار قد حمل الحديث عنهما ففي كل خير.
ثانياً: أنا لم أقدم رواية أحد على أحد، أنا فقط بينت أن الزيادة واردة ثابتة من طرق عن أهل الحديث لا يجوز اطراحها لأنها ليست في طريق آخر صاحبه يعده أصح وأوثق من الطريق الآخر.
فقولك: (فالذي لا شك فيه أن أبا هريرة بريء من هذه الزيادة وكذا أبو سلمة) هذا إلزامٌ قصري جبري لا دليل لك عليه غفر الله لك، ونسف للروايات الثابتة الصحيحة.
وأعيد مرة أخرى على قولك: (كيف تجعل روايته متابعة) أقول كما سبق: ليس شرطاً أن تكون من نفس كريق قتيبة عن سفيان فهذا لا يخفى عليّ أيه الشيخ الكريم، لكنها كما قلت لك هي متابعة بالوجه العام الذي يعرفه أهل التخصص من أصحاب قانون الحديث كما تفضل جنابكم.

قلت رحمك الله:
(إسناد رواية ابن عباس لا تصلح في الشواهد لشدة ضعفها).
أقول:
وإن كان فيها ضعف لكنه ليس بالضعف الذي تطرح معه الرواية رحمك الله، وعليه فهي مما يستأنس بها في تقوية الزيادة. ولا أعتقد أن هذا يخفاكم.

قلت رحمك الله:
(لقد تفرد بها عن هشام، وهذا تفرد في طبقات متأخرة بعد انتشار المدارس وكثرةالطلاب، وقد خالفه القطان وأين يقع الطيالسي من الأسطوانة الجبل القطان، فلولو يكن إلا مخالفته للقطان لطرحت روايته فكيف وهو قد تفرد بها).
أقول:
دائماً رحمك الله ما أراك في مناقشاتك تدندن كثيراً حول مسألة التفرد وكأنك تلمح إلى أن التفرد يلغي الإحتجاج بالحديث بالكلية!! وهنا لا بد من الوقوف والوقوف والوقوف.
ثم أنا لا يعنيني هنا تفرد يحيى عن هشام رحمك الله، الذي يعنيني هو هل تفرد يحيى برواية هذا الحديث عن أبي سلمة؟! إن قلت: نعم = أنت مكابر معاند تريد إبراز رأيك فقط. وإن قلت: لا = قد أصبت وصدقت وأنصفت.
أما أين يقع الإمام الحافظ الطيالسي من القطان...!! فحقيقة هذا الكلام وددت أنه خرج من غيرك.

سبق أن قلت رعاكم الله تعالى:
(هو سؤال واحد فقط أحبتي الكرام لا أريد غيره.. هل فعلاً لم يصح ولا حديثٍواحد _ بشكل عام _ فيه أن غفران الذنب يقع على المتأخر أيضاً؟! فقط أريد جوابهذا).
فعلاً أرجو إجابة على هذا السؤال.

آخره والحمد لله على كله.

السكران التميمي
2009-08-21, 01:26 AM
للأمانة العلمية


هذا نص الحافظ ابن حجر في كتابه (معرفة الخصال المكفرة)




من كتاب الصيام

حديث في فضل القيام فيه وفي فضل صيامه

17 ـ قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا عثمان بن عمر، ثنا مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بقيام رمضان من غير أن يأمرنا فيه بعزيمة ويقول: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)( 1 ) (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftn1) هكذا أخرجه الأمام أحمد في مسنده ورواه محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن مسلم بن الوليد كلاهما عن عثمان بن عمر دون قوله (وما تأخر)، وكذلك حدث به ابن خزيمة في صحيحه عن عمرو ابن علي الفلاس عن عثمان بن عمر وليس فيه (وما تأخر)، وكذلك رواه ابن ناجية عن عمرو، ورواه عن مالك أيضاً بهذا الإسناد يحيى ابن بكير أخرجه أبو عوانة من طريقه، وعبد الرزاق أخرجه في مصنفه مقرونا بحديث معمر، والمحفوظ عن مالك في هذا الإسناد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن.

كذلك رواه مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى قراءة على مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلــم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )، وكذلك أخرجه ابن خزيمة من حديث عبد الرحمن بن مهدي عنه، وكذلك هو في الموطآت إلا أنه سقط من نسخة يحيى بن يحيى الليثي، وقد رواه عبد الله بن وهب عن مالك فجمع بين أبي سلمة وحميد؛ أخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن الربيع بن سليمان عنه عن مالك عن الزهري عنهما عن أبي هريرة، وكذا رواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه، وكذا رواه جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عنهما، وأشار أبو عوانة والدارقطني وغيرهما إلى أنه من رواية مالك عن الزهري عن أبي سلمة مرسلاً ليس فيه أبو هريرة، وكذا هو في الموطأ، ومن روايته عن الزهري عن حميد موصولاً بذكر أبي هريرة، وقد أمعنت الكلام عليه في كتابي في المدرج.

· طريق أخرى
18 ـ قال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) هكذا أخرجه.( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftn2)2 )
وقد رواه الترمذي من طريق عبدة بن سليمان وعبد الرحمن المحاربي كلاهما عن محمد بن عمرٍو وليس فيه ( وما تأخر).

· طريق أخرى
19 ـ قال النسائي في السنن الكبرى له: حدثنا قتيبه بن سعيد ومحمد بن عبد الله بن يزيد قالا: ثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان ـ و في رواية قتيبة شهر رمضان ـ إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ـ و في رواية قتيبة (وما تأخر) ـ ومن قام ليله القدر إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي حديث قتيبة (وما تأخر).
هكذا رواه النسائي عن قتيبة، وتابعة حامد بن يحيى،( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftn3)3 ) قال قاسم بن أصبغ في مصنفة: حدثنا محمد بن وضاح، ثنا حامد بن يحيى به.
قال ابن عبـــد البر في التمهيد: حدثنا عبد الوارث بن سفيان بن قاسم فذكره؛ ثم قال: هكذا رواه حامد بن يحيى وأخطأ فيه، فإنه قال: (قام) ولم يقل: (صام)، وزاد: (وما تأخر) وهي زيادة منكرة.
قلت: لم يصب ابن عبد البر في الحمل على البلخي، فإنه لم ينفرد بذلك كما تراه، وقد جمع محمد بن عبد الله بن يزيد بن المقرئ شيخ النسائي بين قوله: (قام) وبين قوله: (صام)، ووافقه قتيبة وزاد فيه: (وما تأخر)، وعلى هذا فرواية قتيبة وحامد سيان، فما أدري كيف غفل ابن عبد البر عن ذلك؛ وقد تابعهما أيضًا هشام بن عمار، ويوسف بن يعقوب النجاحي، نزيل مكة، والحسين بن الحسن المروزي.

وأما حديث هشام بن عمار،( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftn4)4 ) فهكذا دوناه في الجزء الثاني عشر من فوائده: حدثنا سفيان بن عيينة فذكره، نقلته من أصل أبي القاسم بن عساكر.
وأما حديث يوسف،( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftn5)5 ) فقال أبو بكر بن المقري في فوائده: حدثنا إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس المطلبي، الشافعي في المسجد الحرام، حدثنا يوسف ابن يعقوب النجاحي، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم}: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر).
وأما حديث الحسين بن الحسن المروزي،( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftn6)6 ) فهكذا أخرجه في كتاب الصيام له: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر).

فهؤلاء خمسة من ثقات أصحاب ابن عيينة، يبعد غاية البعد أن يتواطئوا على زيادة لم يحدثهم بها شيخهم، نعم قد رواه جماعة من أصحاب سفيان بن عيينة عنه عن الزهري فلم يذكروا فيه (وما تأخر) منهم: إسحاق بن راهويه في مسنده، وعمرو بن علي الفلاس، وسعيد بن عبد الرحمن {المخزومي}، وعبد الجبار بن العلاء، وكذلك رواه من أصحاب الزهري عنه: معمر، ويونس بن يزيد، وصالح بن كيسان، وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عمرو وكلهم عن أبي سلمة عن أبي هريرة بتمامه دون قوله: (وما تأخر)، لكن ليس في رواية يحيى بن سعيد الجملة التي فيها (ومن قام)، وكذلك أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة في ذكر ليلة القدر فقط وليس فيه (وما تأخر).
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــ

( 1 ) (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftnref 1) أخرجه أحمد في المسند 2 / 529 بهذا السند ، بدون زيادة (وما تأخر). وقد ذكرها ابن حجر في أطراف المسند رقم ( 10693 ) 8 / 148 ، من حديث عثمان بن عمر ، الذي ساقه المؤلف بالزيادة. فالله أعلم
وذكر هذه الزيادة (وما تأخر) شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود 4 / 171 ونسبها أيضاً لأحمد.

( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftnref 2)2) أخرجه أحمد في المسند 2 / 385، وفيه: محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، أبو عبد الله، المدني، قال الجوزجاني: ليس بقوي الحديث، ويشتهى حديثه، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه، وهو شيخ، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال مرة: ثقة، وقال ابن عدي: له حديث صالح، وقد حدث عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان: في الثقات، وقال الحاكم عن ابن المبارك: ليس به بأس، وقال ابن سعد: كثير الحديث يستضعف، وقال الحافظ ابن حجر: صدوق، له أوهام، من السادسة.

( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftnref 3)3) حامد بن يحيى بن هاني البلخي، أبو عبد الله، نزيل طرسوس، قال أبو حاتم: صدوق، قال جعفر الفريابي: سألت عنه علي بن المديني: فقال سبحان الله بقي حامد إلى زمان يحتاج من يسأل عنه، وقال محمد بن مسلمة الأندلسي: ثقة حافظ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ممن أفنى عمره في مجالسة ابن عيينة، وكان أعلم أهل زمانه بحديثه، وقال الحافظ ابن حجر: ثقة حافظ.

( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftnref 4)4 ) هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة بن أبان، أبو وليد، السلمي الدمشقي الخطيب، قال ابن معين: ثقة، وقال العجلي: ثقة، وقال مرة: صدوق، وقال النسائي: لا بأس به، وقال الدارقطني: صدوق، كبير المحل، وقال عبدان: ما كان في الدنيا مثله، وقال أبو حاتم عن ابن معين: كيس، كيس، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لما كبر هشام تغير فكل ما دفع إليه قرأه، وكلما لقن تلقن، وكان قديماً أصح، كان يقرأ من كتابه، قال: وسئل عنه أبي فقال: صدوق، وقال المروزي عن أحمد بن حنبل: هشام طياش خفيف، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ثقة، مكثر، له ما ينكر، وقال أبو داوود: حدث بأربعمئة حديث لا أصل لها، وقال الحافظ ابن حجر: صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح، من كبار العاشرة.

( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftnref 5)5 ) يوسف بن يعقوب، البغدادي النجاحي، أبو بكر، سكن مكة، وحدث بها عن سفيان بن عيينة، وروى عنه القاضي المحاملي، وإسحاق بن العباس الوراق، وغيرهما، وكان ثقة.

( (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=39508#_ftnref 6)6) الحسين بن الحسن بن حرب، المروزي السلمي، أبو عبد الله، نزيل مكة، قال أبو حاتم: سمع منه أبي بمكة، وسئل عنه، فقال صدوق، وقال مسلمة: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ: صدوق من العاشرة.

فتح الرحمن قرشي
2009-08-21, 03:10 AM
أورد ابن عبد التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - (7 / 105):
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" هكذا قال حامد بن يحيى عنه قام رمضان" ولم يقل صام وزاد ما تأخر وهي زيادة منكرة في حديث الزهري).
قال ابن حجر في فتح الباري - (4 / 115- 116):
ووقعت هذه الزيادة أيضا في رواية الزهري عن أبي سلمة أخرجها النسائي عن قتيبة عن سفيان عنه وتابعه حامد بن يحيى عن سفيان أخرجه بن عبد البر في التمهيد واستنكره وليس بمنكر فقد تابعه قتيبة كما ترى وهشام بن عمار وهو في الجزء الثاني عشر من فوائده والحسين بن الحسن المروزي أخرجه في كتاب الصيام له ويوسف بن يعقوب النجاحي أخرجه أبو بكر بن المقرئ في فوائده كلهم عن سفيان والمشهور عن الزهري بدونها).
والحديث متفق عليه بغير هذه الزيادة.
ومعناه: ( من قام رمضان إيمانا ) أي تصديقا بوعد الله بالثواب عليه ( واحتسابا ) أي طلبا للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه ( غفر له ) ظاهره يتناول الصغائر والكبائر وبه جزم بن المنذر
وقال النووي المعروف أنه يختص بالصغائر وبه جزم إمام الحرمين وعزاه عياض لأهل السنة.
وقد استشكلت هذه الزيادة من حيث أن المغفرة تستدعى سبق شيء يغفر والمتاخر من الذنوب لم يأت فكيف يغفر؟
والجواب: قيل أنه كناية عن حفظهم من الكبائر فلا تقع منهم كبيرة بعد ذلك وقيل أن معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة. والله أعلم.

فتح الرحمن قرشي
2009-08-21, 03:15 AM
عفواً كتب المشاركة قبل ساعات كنت أظن أني أرسلتها! وإلاّ فما ذكره الإخوة فيه كفاية

احمد ابو انس
2014-07-18, 05:44 PM
قال فضيلة الشيخ علي الحلبي -حفظهُ اللهُ-:
النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- قد ذَكر فضلَ القِيام -على العُموم والخُصوص-؛ فقال -صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليه-:«مَن قامَ رَمضانَ إِيمانًا واحتِسابًا»، كما كان قد قال: «مَن صَامَ رَمضانَ إِيمانًا واحتِسابًا» يقول مِن بَعد: «مَن قَامَ لَيلةَ القَدْرِ إِيمانًا واحتِسَابًا»؛ كلُّ ذلك ما جَزاؤُه؟ «غُفِر له ما تقدَّم مِن ذَنبِه».
بعضُ أهلِ العِلم يَروي زيادة: (ومَا تأخَّر)؛ هذه الزِّيادة لا تصحُّ، ولا تَثبُت، ولا تُسنَد إلى رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
فالمغفرةُ بِما تأخَّر مخصوصةٌ بالنَّبيِّ المكرَّم -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}؛ فهذا وصفٌ مخصوصٌ لرسولِ الله -صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم-.

[المجلس السادس من المجالس الرمضانية(21رمضا 1430هـ)، (15:20)]

احمد ابو انس
2014-07-18, 05:47 PM
قال العلامة المحدث الألباني - رحمه الله تعالى - في ( الضعيفة ) :

5083 - (من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) .
شاذ بزيادة: "وما تأخر"
أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 73/ 2 - مخطوطة الظاهرية) : أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن يزيد هذا - وهو القرشي العدوي مولى آل عمر بن أبي عبد الرحمن المقرىء المكي -، وهو ثقة بلا خلاف نعلمه؛ وإنما حكمت على هذه الزيادة بالشذوذ للأسباب الآتية:
أولاً: مخالفة ابن يزيد لكل من روى الحديث من الثقات الحفاظ المشهورين عن سفيان - وهو ابن عيينة -؛ فإن أحداً منهم لم يأت بها عنه، وهم جمع:
1- الإمام أحمد؛ فإنه في "المسند" (2/ 341) : حدثنا سفيان عن الزهري به دون الزيادة. وقال: سمعته أربع مرات من سفيان، وقال مرة:
"من صام رمضان".
قلت: يعني: مكان: "من قام رمضان"؛ وهي رواية كثيرين ممن يأتي ذكره.
2- الإمام الشافعي؛ قال (رقم 664 - ترتيبه) : حدثنا سفيان بن عيينة به دون الشطر الثاني. ومن طريق الشافعي: أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 121) .
3- الإمام الحميدي؛ فقال في "مسنده" (950،1007) : حدثنا سفيان به.
4- علي بن المديني؛ فقال البخاري (1/ 500) : حدثني علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان قال: حفظناه - وأيما حفظ - من الزهري به.
5-6- مخلد بن خالد، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف؛ أخرجه عنهما أبو داود؛ فقال (1372) : حدثنا مخلد بن خالد وابن أبي خلف قالا: حدثنا سفيان به.
7- عمرو بن علي الفلاس الحافظ؛ فقال ابن خزيمة في "صحيحه" (1894) : حدثنا عمرو بن علي: أخبرنا سفيان به دون الشطر الثاني. لكنه أخرج هذا القدر بالإسناد نفسه في مكان آخر برقم (2202) .
8- إسحاق بن راهويه الإمام؛ قال ابن نصر في "قيام الليل" (ص 181 - الأثرية) : حدثنا إسحاق: أخبرنا سفيان به دون الشطر الأول. وقد أخرجه بتمامه من طريق يحيى عن أبي سلمة؛ كما يأتي.
وأخرجه النسائي في "الصغرى" (1/ 308) و "الكبرى" (ق 73/ 2) عن إسحاق أيضاً بالشطر الأول دون الثاني.
9- قتيبة بن سعيد؛ فقال النسائي في "الكبرى": أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سفيان به؛ إلا أنه قال: "من صام ومضان ... "، وهكذا هو في "الصغرى"؛ لكن ليس فيه الشطر الثاني، وقال فيه: أخبرنا قتيبة ومحمد بن عبد الله بن يزيد قالا: حدثنا سفيان به؛ إلا أنه قال:
"من صام رمضان - وفي حديث قتيبة: من قام شهر رمضان - ... " والباقي مثله سواء.
وإني لألاحظ فرقاً واختلافاً بيناً بين رواية قتيبة في "الكبرى" و "الصغرى" وبين روايته في "الصغرى" المقرونة مع رواية ابن يزيد؛ ففي هذه التصريح بأن لفظ حديث قتيبة: "من قام شهر رمضان"، وفي تلك أنه قال: "من صام رمضان"!
والصواب عندي من هذا الاختلاف هو أن لفظ قتيبة: "من صام ... " لاتفاق "الصغرى" و "الكبرى" عليه من جهة، ولأن رواية ابن يزيد قد أفردها في "الكبرى"، وهي بلفظ: "من قام ... " من جهة أخرى، وهو لفظ حديث الترجمة، وإنما سبب هذا الوهم أنه جمع رواية ابن قتيبة وابن يزيد في "الصغرى" في سياق واحد، وأراد أن يبين الفرق بين لفظيهما؛ وهم، فأعطى لفظ هذا لهذا، وبالعكس.
لكن؛ يشكل على هذا: أن ابن الجارود أخرجه أيضاً في "المنتقى" (404) عن ابن يزيد المقرىء بلفظ قتيبة بن سعيد فقال: حدثنا ابن المقرىء قال: حدثنا سفيان بلفظ: "من صام رمضان ... " الحديث بتمامه!
فلعل ابن يزيد لم يضبط هذا اللفظ، فكان يرويه تارة هكذا، وتارة هكذا، أو أن كلاً من اللفظين صحيح، فكان يروي هذا تارة، وهذا تارة. والله أعلم.
وهنا مشكلة أخرى، وهي أن الحافظ المنذري قال في "الترغيب" (2/ 64) - بعد أن عزا الحديث للشيخين وغيرهما، ومنهم النسائي - قال:
"قال النسائي: وفي حديث قتيبة: "وما تأخر" ... "!
فأقول: ليست هذه الزيادة في "صغرى النسائي" مطلقاً، لا عن قتيبة ولا عن غيره! نعم؛ هي في "كبراه"، مضروباً عليها في حديث قتيبة، ومثبتة في رواية ابن يزيد المقرىء كما تراه في حديث الترجمة؛ ولكن فيها فوقها إشارة التضبيب (صـ) ؛ وهي تعني - في الاصطلاح - أن الكلمة ثابتة في رواية الكتاب، وأن فيها شيئاً من الفساد لفظاً أو معنى. قال السيوطي في "التدريب" (ص 299) :
"فيشار بذلك إلى الخلل الحاصل، وأن الرواية ثابتة به؛ لاحتمال أن يأتي من يظهر له فيه وجه صحيح".
والذي يظهر لي: أن المقصود بها هنا الإشارة إلى شذوذ هذه الزيادة؛ لعدم ورودها في رواية أولئك الحفاظ الذين ذكرناهم، وقد يتيسر لنا الوقوف على غيرهم فيما بعد.
ولا فرق عندي في ذلك بين أن تكون الزيادة من قتيبة بن سعيد كما ذكر المنذري وغيره كما يأتي، أو من محمد بن عبد الله بن يزيد المقرىء؛ فإن الخطأ ليس لازماً لأحدهما دون الآخر، أو دون غيرهما؛ فقد قال المنذري بعد كلامه السابق:
"انفرد بهذه الزيادة قتيبة بن سعيد عن سفيان، وهو ثقة ثبت، وإسناده على شرط (الصحيح) "!
وقد أشار الحافظ إلى الرد عليه في دعواه التفرد؛ فقال - بعد أن ذكر الزيادة من رواية النسائي عن قتيبة - (4/ 99) :
"وتابعه حامد بن يحيى عن سفيان. أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" واستنكره؛ وليس بمنكر؛ فقد تابعه قتيبة كما ترى، وهشام بن عمار؛ وهو في الجزء الثاني عشر من "فوائده"، والحسين بن الحسن المروزي؛ أخرجه في "كتاب الصيام" له، ويوسف بن يعقوب النجاحي؛ أخرجه أبو بكر بن المقرىء في "فوائده"؛ كلهم عن سفيان. والمشهور عن الزهري بدونها".
قلت: الذين لم يذكروها عن سفيان أكثر عدداً، وأقوى ضبطاً وحفظاً، فلا جرم أن أعرض عن إخراجها الشيخان وغيرهما ممن ألف في "الصحيح"؛ فهذا وحده يكفي لعدم اطمئنان النفس لثبوتها عن سفيان؛ فضلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف إذا انضم إلى ذلك الأسباب الآتية:
ثانياً: لقد تابع سفيان في الشطر الأول جماعة من الثقات الحفاظ في روايته عن الزهري، فلم يأت أحد منهم عنه بهذه الزيادة، وإليك ذكر من وقفنا عليه منهم:
1- مالك عن ابن شهاب به دون الزيادة.
أخرجه في "الموطأ" (1/ 113/ 2) ، وعنه أبو داود (1371) ، والنسائي في "الصغرى" (1/ 308) ، و"الكبرى" (ق 73/ 2) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (4/ 258/ 7719) .
2- معمر بن راشد الأزدي عن الزهري به دونها.
أخرجه عبد الرزاق (7719) ، وعنه مسلم (2/ 177) ، والنسائي في "كتابيه"، وكذا أبو داود (1371) ، والترمذي (1/ 154) - وقال: "حسن صحيح" -، وأحمد (2/ 281) ؛ كلهم عن عبد الرزاق.
وتابعه عبد الأعلى عند أحمد.
3- عقيل بن خالد الأيلي عن ابن شهاب به.
أخرجه البخاري (1/ 499 - أوربا) .
4- يونس الأيلي عن ابن شهاب به.
أخرجه النسائي في "كتابيه".
5- صالح بن كيسان عن ابن شهاب به.
أخرجه أيضاً في "كتابيه".
6- شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به.
أخرجه أيضاً فيهما.
7- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن ابن شهاب به.
أخرجه الإمام أحمد (2/ 289) .
8- سليمان بن كثير عن الزهري به.
علقه البخاري، ووصله الذهلي في "الزهريات".
9- الأوزاعي عن الزهري به.
أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 74/ 1) .
قلت: فهؤلاء تسعة من الثقات الحفاظ لم يأت أحد منهم بتلك الزيادة، فدل على شذوذ من خالفهم بذكرها، وقد وافقهم سفيان بن عيينة في رواية الثمانية الأولين من الثقات الحفاظ، فالأخذ بروايته الموافقة لهؤلاء التسعة أولى من الأخذ برواية من شذ عنهم. ويزداد هذا الترجيح قوة بالسبب الآتي:
ثالثاً: لقد تابع الزهري عن أبي سلمة ثلاثة من الثقات، كلهم لم يذكروا الزيادة - إلا أحدهم فقد اختلف عليه فيها، والمحفوظ عنه عدم ذكرها - وهم:
1- يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة به.
أخرجه البخاري (1/ 17،474) ، ومسلم (2/ 177) ، والنسائي في "الكبرى" (73/ 1،74/ 1) ، والدارمي (2/ 26) ، والطيالسي (2360) ، وأحمد (2/ 408،423) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 152) والبيهقي (4/ 306) .
2- يحيى بن سعيد عن أبي سلمة به.
أخرجه النسائي (1/ 308) ، وابن ماجه (1641) ، وأحمد (2/ 232،473) .
3- محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة به.
أخرجه ابن ماجه (1326) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 121) ، وأحمد (2/ 503) من طرق عنه.
وخالفهم حماد بن سلمة فقال: أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - قال حماد وثابت عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال: ... فذكر الشطر الأول منه بلفظ: "من صام.."، وزاد: ".. وما تأخر"!
أخرجه أحمد (2/ 385) .
قلت: وهذه زيادة شاذة بل منكرة؛ لمخالفة حماد لرواية الجماعة عن محمد بن عمرو، ولكل من روى الحديث في كل الطبقات مما سبق ويأتي، لا سيما وحماد ابن سلمة فيه كلام في روايته عن غير ثابت. وروايته عنه هنا مرسلة؛ لأنه رواها عن الحسن - وهو البصري -؛ فلا تقوم بها حجة؛ لاسيما مع المخالفة.
قلت: فلحماد بن سلمة فيه إسنادان:
أ- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً.
ب- عن ثابت عن الحسن مرسلاً. وهكذا ذكره في "الفتح" (4/ 218) .
هذه هي الحقيقة؛ خلافاً لقول المنذري - عقب كلامه السابق -:
"ورواه أحمد بالزيادة بعد ذكر الصوم بإسناد حسن؛ إلا أن حماداً شك في وصله أو إرساله"!
قلت: فلم يشك حماد، وإنما انتقل من إسناد موصول إلى إسناد آخر مرسل. أقول هذا بياناً للحقيقة، وإن كان لا حجة في شيء من ذلك؛ لما ذكرته قريباً.
ومنه؛ تعلم أن تحسين المنذري لإسناده - وإن تبعه عليه الحافظ العراقي في "التقريب - بشرحه طرح التثريب" (4/ 160) ، وسكت عليه الحافظ في "الفتح" -؛ كل ذلك ليس بحسن؛ لأنهم نظروا إلى الإسناد نظرة مجردة عن النظر في الأسانيد الأخرى التي بها يمكن الكشف عن العلل؛ لا سيما ما كان منها خفياً، كما فعلنا هنا. والله الموفق.
رابعاً: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قد تابعه جماعة أيضاً على روايته عن أبي هريرة بدون الزيادة؛ وهم:
1- حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ... بالشطر الأول منه.
أخرجه البخاري (1/ 17،499) ، ومسلم (2/ 176) ، والنسائي في "كتابيه"، وابن خزيمة في "صحيحه" (2203) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (7720) ، وابن نصر (ص 151) ، وأحمد (2/ 486) ؛ كلهم عن مالك عن ابن شهاب عنه.
2- الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه بالشطر الثاني دون الزيادة.
أخرجه مسلم (2/ 177) ، والنسائي في "الكبرى"، والبيهقي (4/ 307) - وعزاه للبخاري أيضاً! ولم أره فيه، ولا عزاه إليه الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (4/ 161) ، ومن قبله المنذري في "الترغيب" (2/ 72) -.
3- إسحاق بن عبد الله مولى زائدة قال:
لقي أبو هريرة كعب الأحبار فقال: كيف تجدون رمضان في كتاب الله؟ قال كعب: بل كيف سمعت صاحبك يقول فيه؟ قال: سمعته يقول فيه: ... فذكر الشطر الأول منه دون الزيادة.
أخرجه الطحاوي في "المشكل" (2/ 120-121) ، وإسناده حسن.
خامساً: أن أبا هريرة رضي الله عنه قد تابعه جمع من الصحابة بدون الزيادة أيضاً، وهم:
1- عائشة رضي الله عنها مرفوعاً بالشطرين.
أخرجه النسائي في "كتابيه" من طريقين عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته بالشطر الأول، ومن أحدهما بالشطر الآخر.
وإسناده صحيح.
2- عبد الرحمن بن عوف مرفوعاً بهما نحوه.
أخرجه النسائي، وابن نصر (ص 151) ، وابن ماجه (1328) ، والطيالسي (224) ، وأحمد (1/ 191،194-195) من طريق النضر بن شيبان قال: لقيت أبا سلمة بن عبد الرحمن فقلت: حدثني بحديث سمعته من أبيك يذكره في شهر رمضان. قال: نعم: حدثني أبي ... وقال النسائي:
"هذا خطأ، والصواب: أبو سلمة عن أبي هريرة".
قلت: ورجاله ثقات؛ غير النضر هذا؛ فإنه لين الحديث، وقد صرح بسماع أبي سلمة من أبيه، وذلك مما اتفقوا - أو كادوا - على نفيه؛ فقال أحمد وابن المديني وجماعة:
"حديثه عن أبيه مرسل".
قلت: وقد خالفه يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة عن عبد الرحمن بن عوف به.
أخرجه الطحاوي؛ وقال:
"هكذا روى هذا الحديث: مالك بن أنس ويونس عن الزهري، وأما ابن عيينة فرواه عن الزهري بخلاف ذلك".
ثم ساقه من طريق ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، كما تقدم من طرق كثيرة؛ منها: مالك ويونس.
فالظاهر أنه روي عن مالك كرواية يونس هذه، وأنا لا أستبعد أن تكون هاتان الروايتان ثابتتين عن الزهري، فقد لاحظت - فيما تقدم - أن له أسانيد عدة في هذا الحديث؛ ألخصها لك الآن:
أ- عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
ب- عن حميد بن عبد الرحمن عنه.
ج- عن عروة عن عائشة.
د- عن أبي سلمة أيضاً عن أبيه عبد الرحمن بن عوف.
مثل هذه الأسانيد في الحديث الواحد للزهري تحتمل منه؛ نظراً لحفظه وإتقانه، إذا كان الراوي عنه ثقة حافظاً.
3- أبو سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ:
"من صام رمضان، وعرف حدوده، وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ؛ كفر ما قبله".
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (879 - موارد) ، والبيهقي في "السنن" (4/ 304) ، وأحمد (3/ 55) ، وأبو يعلى (1058) ، والخطيب في "التاريخ" (8/ 392) من طريق عبد الله بن قريط عن عطاء بن يسار عنه.
وابن قريط هذا؛ فيه جهالة؛ كما بينته في "التعليق الرغيب" (2/ 65) .
وسائر رجاله ثقات.
4- عبادة بن الصامت مرفوعاً بالشطر الثاني دون الزيادة.
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 182) : حدثنا إسحاق: أخبرنا بقية ابن الوليد: حدثني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وإسحاق: هو ابن راهويه الإمام.
لكن خالفه من هو مثله في الحفظ والضبط، فقال أحمد (5/ 324) : حدثنا حيوة بن شريح: حدثنا بقية ... به، فزاد في آخره:
"وما تأخر". وقال ابن كثير في "التفسير" (4/ 531) :
"إسناده حسن"!
قلت: كلا؛ فإنه منقطع؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه:
"لم يصح سماع خالد من عبادة بن الصامت".
ولعل الإمام أحمد رحمه الله قد أشار إلى هذا؛ بإيراده الحديث عقب حديث آخر من طريق حيوة بن شريح وغيره بسنده المذكور، لكنه قال: عن خالد بن معدان عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت؛ فبين خالد وعبادة شخصان!
وللحديث طريق أخرى، وقد وقع فيها من الاختلاف ما وقع في الأولى، فأخرجه أحمد (5/ 324) من طريق عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن عمر بن عبد الرحمن عن عبادة بن الصامت به دون الزيادة.
ثم أخرجه (5/ 318) من طريق سعيد بن سلمة - يعني: ابن أبي الحسام - و (5/ 321) من طريق زهير بن محمد؛ كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عقيل بها.
وابن سلمة وزهير - وإن كان فيهما كلام -؛ فإن مما لا شك فيه أن أحدهما يشد من عضد الآخر؛ فالنفس تطمئن للأخذ بما زادا على عبيد الله بن عمرو - وهو الرقي الثقة -.
ولكن ابن عقيل نفسه فيه ضعف من قبل حفظه، فالظاهر أن هذا الاختلاف منه، فهو الذي كان يذكر هذه الزيادة تارة، ولا يذكرها أخرى، وكل من أولئك الثلاثة حدث بما سمع منه، وفي هذه الحالة لا يحتج به؛ لاضطرابه في هذه الزيادة، ولمخالفته بها جميع روايات الحديث المحفوظة على ما سبق بيانه مفصلاً.
على أن شيخه عمر بن عبد الرحمن غير معروف؛ فقد أورده البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 171) ، وابن أبي حاتم (3/ 1/ 120) برواية ابن عقيل هذه عنه عن عبادة؛ ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وجملة القول: أن حديث عبادة هذا ليس له إسناد ثابت، فالأول منقطع، والآخر فيه ذاك المجهول. وقد غفل عن هذه الحقيقة الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (4/ 163) ؛ حين وقف عند ابن عقيل قائلاً:
"وحديثه حسن"! دون أن ينظر إلى ما بيناه من الانقطاع والجهالة. ومثل ذلك صنيع الهيثمي (3/ 185) ، ونحوه قول الحافظ ابن حجر (4/ 99) :
"حديث عبادة عند الإمام أحمد من وجهين، وإسناده حسن"!
ومثل هذه الأقوال من هؤلاء الأئمة كان حملني برهة من الزمن على تحسين هذه الزيادة في حديث عبادة، وتصحيحها في حديث أبي هريرة، ورمزت بذلك لها على نسختي من "الترغيب" التي كنت أدرس منها على الإخوان ما كان من الأحاديث الثابتة، والآن - وقد يسر الله لي جمع طرق الحديث وسردها على وجه يكشف لكل طالب علم بصير أن الزيادة المذكورة لا تصح بوجه من الوجوه -؛ فقد رجعت عن الرمز المذكور إلى التضعيف. والله ولي التوفيق، هو حسبي، عليه توكلت، وإليه أنيب! ) .
منقول

احمد ابو انس
2014-07-18, 05:54 PM
قال العلامة المحدث الألباني - رحمه الله تعالى - في ( الضعيفة ) :

5083 - (من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) .
شاذ بزيادة: "وما تأخر"
أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 73/ 2 - مخطوطة الظاهرية) : أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن يزيد هذا - وهو القرشي العدوي مولى آل عمر بن أبي عبد الرحمن المقرىء المكي -، وهو ثقة بلا خلاف نعلمه؛ وإنما حكمت على هذه الزيادة بالشذوذ للأسباب الآتية:
أولاً: مخالفة ابن يزيد لكل من روى الحديث من الثقات الحفاظ المشهورين عن سفيان - وهو ابن عيينة -؛ فإن أحداً منهم لم يأت بها عنه، وهم جمع:
1- الإمام أحمد؛ فإنه في "المسند" (2/ 341) : حدثنا سفيان عن الزهري به دون الزيادة. وقال: سمعته أربع مرات من سفيان، وقال مرة:
"من صام رمضان".
قلت: يعني: مكان: "من قام رمضان"؛ وهي رواية كثيرين ممن يأتي ذكره.
2- الإمام الشافعي؛ قال (رقم 664 - ترتيبه) : حدثنا سفيان بن عيينة به دون الشطر الثاني. ومن طريق الشافعي: أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 121) .
3- الإمام الحميدي؛ فقال في "مسنده" (950،1007) : حدثنا سفيان به.
4- علي بن المديني؛ فقال البخاري (1/ 500) : حدثني علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان قال: حفظناه - وأيما حفظ - من الزهري به.
5-6- مخلد بن خالد، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف؛ أخرجه عنهما أبو داود؛ فقال (1372) : حدثنا مخلد بن خالد وابن أبي خلف قالا: حدثنا سفيان به.
7- عمرو بن علي الفلاس الحافظ؛ فقال ابن خزيمة في "صحيحه" (1894) : حدثنا عمرو بن علي: أخبرنا سفيان به دون الشطر الثاني. لكنه أخرج هذا القدر بالإسناد نفسه في مكان آخر برقم (2202) .
8- إسحاق بن راهويه الإمام؛ قال ابن نصر في "قيام الليل" (ص 181 - الأثرية) : حدثنا إسحاق: أخبرنا سفيان به دون الشطر الأول. وقد أخرجه بتمامه من طريق يحيى عن أبي سلمة؛ كما يأتي.
وأخرجه النسائي في "الصغرى" (1/ 308) و "الكبرى" (ق 73/ 2) عن إسحاق أيضاً بالشطر الأول دون الثاني.
9- قتيبة بن سعيد؛ فقال النسائي في "الكبرى": أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سفيان به؛ إلا أنه قال: "من صام ومضان ... "، وهكذا هو في "الصغرى"؛ لكن ليس فيه الشطر الثاني، وقال فيه: أخبرنا قتيبة ومحمد بن عبد الله بن يزيد قالا: حدثنا سفيان به؛ إلا أنه قال:
"من صام رمضان - وفي حديث قتيبة: من قام شهر رمضان - ... " والباقي مثله سواء.
وإني لألاحظ فرقاً واختلافاً بيناً بين رواية قتيبة في "الكبرى" و "الصغرى" وبين روايته في "الصغرى" المقرونة مع رواية ابن يزيد؛ ففي هذه التصريح بأن لفظ حديث قتيبة: "من قام شهر رمضان"، وفي تلك أنه قال: "من صام رمضان"!
والصواب عندي من هذا الاختلاف هو أن لفظ قتيبة: "من صام ... " لاتفاق "الصغرى" و "الكبرى" عليه من جهة، ولأن رواية ابن يزيد قد أفردها في "الكبرى"، وهي بلفظ: "من قام ... " من جهة أخرى، وهو لفظ حديث الترجمة، وإنما سبب هذا الوهم أنه جمع رواية ابن قتيبة وابن يزيد في "الصغرى" في سياق واحد، وأراد أن يبين الفرق بين لفظيهما؛ وهم، فأعطى لفظ هذا لهذا، وبالعكس.
لكن؛ يشكل على هذا: أن ابن الجارود أخرجه أيضاً في "المنتقى" (404) عن ابن يزيد المقرىء بلفظ قتيبة بن سعيد فقال: حدثنا ابن المقرىء قال: حدثنا سفيان بلفظ: "من صام رمضان ... " الحديث بتمامه!
فلعل ابن يزيد لم يضبط هذا اللفظ، فكان يرويه تارة هكذا، وتارة هكذا، أو أن كلاً من اللفظين صحيح، فكان يروي هذا تارة، وهذا تارة. والله أعلم.
وهنا مشكلة أخرى، وهي أن الحافظ المنذري قال في "الترغيب" (2/ 64) - بعد أن عزا الحديث للشيخين وغيرهما، ومنهم النسائي - قال:
"قال النسائي: وفي حديث قتيبة: "وما تأخر" ... "!
فأقول: ليست هذه الزيادة في "صغرى النسائي" مطلقاً، لا عن قتيبة ولا عن غيره! نعم؛ هي في "كبراه"، مضروباً عليها في حديث قتيبة، ومثبتة في رواية ابن يزيد المقرىء كما تراه في حديث الترجمة؛ ولكن فيها فوقها إشارة التضبيب (صـ) ؛ وهي تعني - في الاصطلاح - أن الكلمة ثابتة في رواية الكتاب، وأن فيها شيئاً من الفساد لفظاً أو معنى. قال السيوطي في "التدريب" (ص 299) :
"فيشار بذلك إلى الخلل الحاصل، وأن الرواية ثابتة به؛ لاحتمال أن يأتي من يظهر له فيه وجه صحيح".
والذي يظهر لي: أن المقصود بها هنا الإشارة إلى شذوذ هذه الزيادة؛ لعدم ورودها في رواية أولئك الحفاظ الذين ذكرناهم، وقد يتيسر لنا الوقوف على غيرهم فيما بعد.
ولا فرق عندي في ذلك بين أن تكون الزيادة من قتيبة بن سعيد كما ذكر المنذري وغيره كما يأتي، أو من محمد بن عبد الله بن يزيد المقرىء؛ فإن الخطأ ليس لازماً لأحدهما دون الآخر، أو دون غيرهما؛ فقد قال المنذري بعد كلامه السابق:
"انفرد بهذه الزيادة قتيبة بن سعيد عن سفيان، وهو ثقة ثبت، وإسناده على شرط (الصحيح) "!
وقد أشار الحافظ إلى الرد عليه في دعواه التفرد؛ فقال - بعد أن ذكر الزيادة من رواية النسائي عن قتيبة - (4/ 99) :
"وتابعه حامد بن يحيى عن سفيان. أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" واستنكره؛ وليس بمنكر؛ فقد تابعه قتيبة كما ترى، وهشام بن عمار؛ وهو في الجزء الثاني عشر من "فوائده"، والحسين بن الحسن المروزي؛ أخرجه في "كتاب الصيام" له، ويوسف بن يعقوب النجاحي؛ أخرجه أبو بكر بن المقرىء في "فوائده"؛ كلهم عن سفيان. والمشهور عن الزهري بدونها".
قلت: الذين لم يذكروها عن سفيان أكثر عدداً، وأقوى ضبطاً وحفظاً، فلا جرم أن أعرض عن إخراجها الشيخان وغيرهما ممن ألف في "الصحيح"؛ فهذا وحده يكفي لعدم اطمئنان النفس لثبوتها عن سفيان؛ فضلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف إذا انضم إلى ذلك الأسباب الآتية:
ثانياً: لقد تابع سفيان في الشطر الأول جماعة من الثقات الحفاظ في روايته عن الزهري، فلم يأت أحد منهم عنه بهذه الزيادة، وإليك ذكر من وقفنا عليه منهم:
1- مالك عن ابن شهاب به دون الزيادة.
أخرجه في "الموطأ" (1/ 113/ 2) ، وعنه أبو داود (1371) ، والنسائي في "الصغرى" (1/ 308) ، و"الكبرى" (ق 73/ 2) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (4/ 258/ 7719) .
2- معمر بن راشد الأزدي عن الزهري به دونها.
أخرجه عبد الرزاق (7719) ، وعنه مسلم (2/ 177) ، والنسائي في "كتابيه"، وكذا أبو داود (1371) ، والترمذي (1/ 154) - وقال: "حسن صحيح" -، وأحمد (2/ 281) ؛ كلهم عن عبد الرزاق.
وتابعه عبد الأعلى عند أحمد.
3- عقيل بن خالد الأيلي عن ابن شهاب به.
أخرجه البخاري (1/ 499 - أوربا) .
4- يونس الأيلي عن ابن شهاب به.
أخرجه النسائي في "كتابيه".
5- صالح بن كيسان عن ابن شهاب به.
أخرجه أيضاً في "كتابيه".
6- شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به.
أخرجه أيضاً فيهما.
7- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن ابن شهاب به.
أخرجه الإمام أحمد (2/ 289) .
8- سليمان بن كثير عن الزهري به.
علقه البخاري، ووصله الذهلي في "الزهريات".
9- الأوزاعي عن الزهري به.
أخرجه النسائي في "الكبرى" (ق 74/ 1) .
قلت: فهؤلاء تسعة من الثقات الحفاظ لم يأت أحد منهم بتلك الزيادة، فدل على شذوذ من خالفهم بذكرها، وقد وافقهم سفيان بن عيينة في رواية الثمانية الأولين من الثقات الحفاظ، فالأخذ بروايته الموافقة لهؤلاء التسعة أولى من الأخذ برواية من شذ عنهم. ويزداد هذا الترجيح قوة بالسبب الآتي:
ثالثاً: لقد تابع الزهري عن أبي سلمة ثلاثة من الثقات، كلهم لم يذكروا الزيادة - إلا أحدهم فقد اختلف عليه فيها، والمحفوظ عنه عدم ذكرها - وهم:
1- يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة به.
أخرجه البخاري (1/ 17،474) ، ومسلم (2/ 177) ، والنسائي في "الكبرى" (73/ 1،74/ 1) ، والدارمي (2/ 26) ، والطيالسي (2360) ، وأحمد (2/ 408،423) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 152) والبيهقي (4/ 306) .
2- يحيى بن سعيد عن أبي سلمة به.
أخرجه النسائي (1/ 308) ، وابن ماجه (1641) ، وأحمد (2/ 232،473) .
3- محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة به.
أخرجه ابن ماجه (1326) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 121) ، وأحمد (2/ 503) من طرق عنه.
وخالفهم حماد بن سلمة فقال: أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - قال حماد وثابت عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال: ... فذكر الشطر الأول منه بلفظ: "من صام.."، وزاد: ".. وما تأخر"!
أخرجه أحمد (2/ 385) .
قلت: وهذه زيادة شاذة بل منكرة؛ لمخالفة حماد لرواية الجماعة عن محمد بن عمرو، ولكل من روى الحديث في كل الطبقات مما سبق ويأتي، لا سيما وحماد ابن سلمة فيه كلام في روايته عن غير ثابت. وروايته عنه هنا مرسلة؛ لأنه رواها عن الحسن - وهو البصري -؛ فلا تقوم بها حجة؛ لاسيما مع المخالفة.
قلت: فلحماد بن سلمة فيه إسنادان:
أ- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً.
ب- عن ثابت عن الحسن مرسلاً. وهكذا ذكره في "الفتح" (4/ 218) .
هذه هي الحقيقة؛ خلافاً لقول المنذري - عقب كلامه السابق -:
"ورواه أحمد بالزيادة بعد ذكر الصوم بإسناد حسن؛ إلا أن حماداً شك في وصله أو إرساله"!
قلت: فلم يشك حماد، وإنما انتقل من إسناد موصول إلى إسناد آخر مرسل. أقول هذا بياناً للحقيقة، وإن كان لا حجة في شيء من ذلك؛ لما ذكرته قريباً.
ومنه؛ تعلم أن تحسين المنذري لإسناده - وإن تبعه عليه الحافظ العراقي في "التقريب - بشرحه طرح التثريب" (4/ 160) ، وسكت عليه الحافظ في "الفتح" -؛ كل ذلك ليس بحسن؛ لأنهم نظروا إلى الإسناد نظرة مجردة عن النظر في الأسانيد الأخرى التي بها يمكن الكشف عن العلل؛ لا سيما ما كان منها خفياً، كما فعلنا هنا. والله الموفق.
رابعاً: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قد تابعه جماعة أيضاً على روايته عن أبي هريرة بدون الزيادة؛ وهم:
1- حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ... بالشطر الأول منه.
أخرجه البخاري (1/ 17،499) ، ومسلم (2/ 176) ، والنسائي في "كتابيه"، وابن خزيمة في "صحيحه" (2203) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (7720) ، وابن نصر (ص 151) ، وأحمد (2/ 486) ؛ كلهم عن مالك عن ابن شهاب عنه.
2- الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه بالشطر الثاني دون الزيادة.
أخرجه مسلم (2/ 177) ، والنسائي في "الكبرى"، والبيهقي (4/ 307) - وعزاه للبخاري أيضاً! ولم أره فيه، ولا عزاه إليه الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (4/ 161) ، ومن قبله المنذري في "الترغيب" (2/ 72) -.
3- إسحاق بن عبد الله مولى زائدة قال:
لقي أبو هريرة كعب الأحبار فقال: كيف تجدون رمضان في كتاب الله؟ قال كعب: بل كيف سمعت صاحبك يقول فيه؟ قال: سمعته يقول فيه: ... فذكر الشطر الأول منه دون الزيادة.
أخرجه الطحاوي في "المشكل" (2/ 120-121) ، وإسناده حسن.
خامساً: أن أبا هريرة رضي الله عنه قد تابعه جمع من الصحابة بدون الزيادة أيضاً، وهم:
1- عائشة رضي الله عنها مرفوعاً بالشطرين.
أخرجه النسائي في "كتابيه" من طريقين عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته بالشطر الأول، ومن أحدهما بالشطر الآخر.
وإسناده صحيح.
2- عبد الرحمن بن عوف مرفوعاً بهما نحوه.
أخرجه النسائي، وابن نصر (ص 151) ، وابن ماجه (1328) ، والطيالسي (224) ، وأحمد (1/ 191،194-195) من طريق النضر بن شيبان قال: لقيت أبا سلمة بن عبد الرحمن فقلت: حدثني بحديث سمعته من أبيك يذكره في شهر رمضان. قال: نعم: حدثني أبي ... وقال النسائي:
"هذا خطأ، والصواب: أبو سلمة عن أبي هريرة".
قلت: ورجاله ثقات؛ غير النضر هذا؛ فإنه لين الحديث، وقد صرح بسماع أبي سلمة من أبيه، وذلك مما اتفقوا - أو كادوا - على نفيه؛ فقال أحمد وابن المديني وجماعة:
"حديثه عن أبيه مرسل".
قلت: وقد خالفه يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة عن عبد الرحمن بن عوف به.
أخرجه الطحاوي؛ وقال:
"هكذا روى هذا الحديث: مالك بن أنس ويونس عن الزهري، وأما ابن عيينة فرواه عن الزهري بخلاف ذلك".
ثم ساقه من طريق ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، كما تقدم من طرق كثيرة؛ منها: مالك ويونس.
فالظاهر أنه روي عن مالك كرواية يونس هذه، وأنا لا أستبعد أن تكون هاتان الروايتان ثابتتين عن الزهري، فقد لاحظت - فيما تقدم - أن له أسانيد عدة في هذا الحديث؛ ألخصها لك الآن:
أ- عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
ب- عن حميد بن عبد الرحمن عنه.
ج- عن عروة عن عائشة.
د- عن أبي سلمة أيضاً عن أبيه عبد الرحمن بن عوف.
مثل هذه الأسانيد في الحديث الواحد للزهري تحتمل منه؛ نظراً لحفظه وإتقانه، إذا كان الراوي عنه ثقة حافظاً.
3- أبو سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ:
"من صام رمضان، وعرف حدوده، وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ؛ كفر ما قبله".
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (879 - موارد) ، والبيهقي في "السنن" (4/ 304) ، وأحمد (3/ 55) ، وأبو يعلى (1058) ، والخطيب في "التاريخ" (8/ 392) من طريق عبد الله بن قريط عن عطاء بن يسار عنه.
وابن قريط هذا؛ فيه جهالة؛ كما بينته في "التعليق الرغيب" (2/ 65) .
وسائر رجاله ثقات.
4- عبادة بن الصامت مرفوعاً بالشطر الثاني دون الزيادة.
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 182) : حدثنا إسحاق: أخبرنا بقية ابن الوليد: حدثني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وإسحاق: هو ابن راهويه الإمام.
لكن خالفه من هو مثله في الحفظ والضبط، فقال أحمد (5/ 324) : حدثنا حيوة بن شريح: حدثنا بقية ... به، فزاد في آخره:
"وما تأخر". وقال ابن كثير في "التفسير" (4/ 531) :
"إسناده حسن"!
قلت: كلا؛ فإنه منقطع؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه:
"لم يصح سماع خالد من عبادة بن الصامت".
ولعل الإمام أحمد رحمه الله قد أشار إلى هذا؛ بإيراده الحديث عقب حديث آخر من طريق حيوة بن شريح وغيره بسنده المذكور، لكنه قال: عن خالد بن معدان عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت؛ فبين خالد وعبادة شخصان!
وللحديث طريق أخرى، وقد وقع فيها من الاختلاف ما وقع في الأولى، فأخرجه أحمد (5/ 324) من طريق عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن عمر بن عبد الرحمن عن عبادة بن الصامت به دون الزيادة.
ثم أخرجه (5/ 318) من طريق سعيد بن سلمة - يعني: ابن أبي الحسام - و (5/ 321) من طريق زهير بن محمد؛ كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عقيل بها.
وابن سلمة وزهير - وإن كان فيهما كلام -؛ فإن مما لا شك فيه أن أحدهما يشد من عضد الآخر؛ فالنفس تطمئن للأخذ بما زادا على عبيد الله بن عمرو - وهو الرقي الثقة -.
ولكن ابن عقيل نفسه فيه ضعف من قبل حفظه، فالظاهر أن هذا الاختلاف منه، فهو الذي كان يذكر هذه الزيادة تارة، ولا يذكرها أخرى، وكل من أولئك الثلاثة حدث بما سمع منه، وفي هذه الحالة لا يحتج به؛ لاضطرابه في هذه الزيادة، ولمخالفته بها جميع روايات الحديث المحفوظة على ما سبق بيانه مفصلاً.
على أن شيخه عمر بن عبد الرحمن غير معروف؛ فقد أورده البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 171) ، وابن أبي حاتم (3/ 1/ 120) برواية ابن عقيل هذه عنه عن عبادة؛ ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وجملة القول: أن حديث عبادة هذا ليس له إسناد ثابت، فالأول منقطع، والآخر فيه ذاك المجهول. وقد غفل عن هذه الحقيقة الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (4/ 163) ؛ حين وقف عند ابن عقيل قائلاً:
"وحديثه حسن"! دون أن ينظر إلى ما بيناه من الانقطاع والجهالة. ومثل ذلك صنيع الهيثمي (3/ 185) ، ونحوه قول الحافظ ابن حجر (4/ 99) :
"حديث عبادة عند الإمام أحمد من وجهين، وإسناده حسن"!
ومثل هذه الأقوال من هؤلاء الأئمة كان حملني برهة من الزمن على تحسين هذه الزيادة في حديث عبادة، وتصحيحها في حديث أبي هريرة، ورمزت بذلك لها على نسختي من "الترغيب" التي كنت أدرس منها على الإخوان ما كان من الأحاديث الثابتة، والآن - وقد يسر الله لي جمع طرق الحديث وسردها على وجه يكشف لكل طالب علم بصير أن الزيادة المذكورة لا تصح بوجه من الوجوه -؛ فقد رجعت عن الرمز المذكور إلى التضعيف. والله ولي التوفيق، هو حسبي، عليه توكلت، وإليه أنيب! ) .
منقول

احمد ابو انس
2014-07-18, 05:57 PM
السؤال

أحمد ع. ب. اليمن الشمالي يقول في رسالته ما معنى الحديث الشريف من صام رمضان إيماناً واحتساباًَ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر هل معنى هذا أن الصوم يكفي دون سائر العبادات مثلاً رجل يصوم ولكنه لا يصلي ويؤدي بقية العبادات هل هذا داخل ضمن هذا الحديث أفيدونا بارك الله فيكم؟

الجواب

الشيخ: ذكر السائل في هذا الحديث غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولكن الزيادة وهي قوله وما تأخر لا تصح والثابت قوله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومعنى قوله إيماناً واحتساباً أي إيماناً بالله عز وجل وتصديقاً بخبره ومعنى احتساباً أي تحسباً للأجر والثواب المرتب على صوم رمضان وأما قوله صلى الله عليه وسلم غفر له ما تقدم من ذنبه فالمراد ما تقدم من صغائر الذنوب وليس من كبائرها هذا رأي الجمهور في مثل هذا الحديث حملاً له على قوله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر وعلى هذا فلا يكون في الحديث دلالة على مغفرة كبائر الذنوب ومن العلماء من أخذ بعمومه وقال إن جميع الذنوب تغفر ولكن بشرط ألا تكون هذه الذنوب موصلة إلى الكفر فإن كانت موصلة إلى الكفر فلا بد من التوبة والرجوع إلى الإسلام وبهذا يتبين الجواب عن الفقرة الثانية في السؤال وهي قوله هل هذا الحديث يغني عن بقية العبادات بحيث إن الرجل إذا كان يصوم ولا يصلي فإنه يغفر له نقول إتماماً للجواب نقول إتماماً للجواب إن الإنسان الذي لا يصلي لا يقبل منه صوم ولا زكاة ولا حج ولا غيرها من العبادات لأن من لا يصلي كافر والكافر لا تقبل منه العبادات لقول الله تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) وقد أجمع العلماء على أن من شرط صحة العبادة أن يكون الإنسان مسلماً فإذا كان هذا يصوم ولا يصلي فإن صومه لا ينفعه كما لو أن أحداً من اليهود أو النصارى صام فإنه لا ينفعه الصوم بل إن حال المرتد أسوأ من حال الكافر الأصلي فنقول لهذا الذي يصوم ولا يصلي صلِّ أولاً ثم صم ثانياً وقد تقدم لنا في هذا البرنامج عدة مرات بيان الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم والنظر الصحيح ولا مانع من إعادة ذلك لأهميته فنقول قد دل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم على كفر تارك الصلاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملة فمن أدلة القرآن قول الله تعالى عن المشركين (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فإن الله تعالى جعل لثبوت أخوتهم لنا في الدين ثلاثة شروط الشرط الأول أن يتوبوا من الشرك فإن بقوا على الشرك فليسوا إخوة لنا في الدين والثاني إقامة الصلاة فإن لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين والثالث إيتاء الزكاة فإن لم يؤتوا الزكاة فليسوا إخوة لنا في الدين أما الأول وهو أنهم إذا لم يتوبوا من الشرك فليسوا إخوة لنا فأمر هذا ظاهر ولا إشكال فيه وأما الثاني وهو إذا لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين فهو أيضاً ظاهر من الآية ويؤيده نصوص أخرى منها قوله تعالى (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) فقوله تعالى إلا من تاب وآمن يدل على أنهم في حال إضاعتهم للصلاة ليسوا بمؤمنين ومنها أن الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة قول النبي صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة والكفر المحلى بأل الدالة على الحقيقة لا يكون إلا الكفر المخرج عن الملة وبهذا يتبين الفرق بين هذا اللفظ وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت فإنه قال هما بهم كفر أي من الكفر وهذا غير محلى بأل فلا يكون دالاً على الكفر الحقيقي المخرج من الإسلام وإنما يدل على أن هذا من خصال الكفر وقد أشار إلى هذا المعنى شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ومن الأدلة الدالة على كفره قول النبي صلى الله عليه وسلم العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر فهذه الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم تقتضي أن من لم يصل فهو كافر كفراً مخرج عن الملة وأما قوله تعالى وأتوا الزكاة فإن دلالاتها على أن من لم يزك فليس أخاً لنا في الدين عن طريق المفهوم ولكن هذا المفهوم معارض بمنطوق صريح في أن تارك الزكاة الذي يمنع إعطاءها مستحقها ليس بخارج من الإسلام ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي من حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار فقوله حتى يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار دليل على أنه ليس كافراً لأنه لو كان كافراً لم يكن له سبيل إلى الجنة وأما أقوال الصحابة الدالة على كفر تارك الصلاة كفراً مخرجاً عن الملة فكثيرة ومنها قول عمر رضي الله عنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة وقد حكى بعض أهل العلم إجماع الصحابة رضي الله عنهم على كفر تارك الصلاة وقال عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة وأما المعنى المقتضي لكفر تارك الصلاة فإن كل إنسان يعلم أهمية الصلاة واعتناء الله بها ومارتب على فعلها من الثواب وما رتب على تركها من العقاب لا يمكنه أن يدعها تركاً مطلقاً وفي قلبه مثقال ذرة من الإيمان فإن تركها تركاً مطلقاًُ يستلزم فراغ القلب من الإيمان بالكلية وعلى هذا فإن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والمعنى كل هذه الأدلة تقتضي كفر تارك الصلاة وإذا كان كافراً فإن صيامه رمضان لا ينفعه ولا يفيده لأن الإسلام شرط لصحة الأعمال وقبولها.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين ( رحمه الله )

احمد ابو انس
2022-02-27, 06:37 PM
https://majles.alukah.net/t194647-5/#post969605