المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة شرح ألفية العراقي



عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-15, 10:20 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الحديث مصدر من مصادر التشريع الإسلام لذلك إعتنى العلماء به مند القدم فقاموا بتنقيح ما نسب إلى الرسول عليه الصلاة و السلام و تبيان الصحيح منه و الضعيف و قعدوا لذلك قواعدا عليها يدور علم مصطلح الحديث.

مصطلح الحديث علم يعرف به حال الراوي والمروي من حيث القَبول والرد‏.‏


فمعرفة حال الراوي يتوصل بها إلى معرفة حال المروي فمعرفة المروي غاية و معرفة الراوي وسيلة.

ألف العلماء كتبا عديدة في هذا الفن إعتمد جلهم على مقدمة ابن الصلاح و هو كتاب في علم الحديث ألفه الحافظ أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الكردي الشهرزوري المشهور بابن الصلاح والمتوفى سنة (643هـ) جمع فيه شتات هذا الفن .

من أجمع ما ألف في هذا الفن ألفية العراقي الذي إخترتها لكم و سأقوم بشرحها شرحا ميسرا و قبل ذلك هذه ترجمة صغيرة لكاتبها بقلم / انور احمد العاني :

حياته وسيرته


هو الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم المهراني المولد العراقي الأصل الكردي الشافعي حافظ العصر ، يُقا ل له العراقي، ثم تحول والده إلى مصر وهو صغير ونشأ هناك، حفظ القرآن وهو ابن ثمان .



أقوال العلماء فيه


اثنى عليه كبار العلماء أمثال السبكي والعلائي وابن جماعة وابن كثير.

قال العز بن جماعة: كل مَن يدعي الحديث بالديار المصرية سواه فهو مدع.

حج مراراً وجاور بالحرمين وحدث فيهما بالكثير وأملى عشارياته وهي التي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عشرة شيوخ.

بالمدينة المنورة وولي قضاءها وخطابتها وغمامتها 788 ثم ترك القضاء ثلاث سنين ونصف ورجع إلى القاهرة واشتغل بالتصنيف.والإفا ة والإسماع، فاستفاد منه خلق كثير على رأسهم الحافظ ابن حجر، وصهره الحافظ الهيثمي والشرف المراغي. والعز بن الفرات والشبهات الحناوي والعلاء القلقشندس وغيرهم كثير.

وكان رحمه الله عالماً بالنحو واللغة والغريب والقراأت والحديث والفقه وأصوله غير انه غلب عليه فن الحديث فاشتهر به وانفرد بالمعرفة فيه مع العلو، وذهنه في غاية الصحة، ونقله في حجر ترك لنا مكتبة عامرة لا تزال مرجعاً للعلماء والمحدثين منها:

مات بالقاهرة ( 806 ) عن 81 سنة.

من الألفية في مصطلح الحديث.

والله أرجو في أموري كلها ، معتصماً في صعبها وسهلها.

كقال أو أطلقت لفظ الشيخ ما ... أريد إلا ابن الصلاح مبهما.

وإن يكن لاثنين نحو التزما ... فمسلم مع البخاري هما

وأهل هذا الشأن قدموا السنن إلى صحيح وضعيف وحسن، ولكل من أهله والقول قولهم فالتفسير أهله، وللغة أهلها ، وللفقه أهله، وكذلك للحديث أهله.

فأهل الحديث كالإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي والبخاري ومسلم والعسقلاني والسخاوي وغيرهم، فأهل الحديث قسموا السنن من أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأضف إلى ذلك تقريره وصفاته الخُلقية والخَلقية إلى أقسام: إلى صحيح وضعيف وحسن.





شيوخه


لازم خدمة الشيخ الشريف تقي الدين محمد بن جعفر بن محمد القناوي الشافعي بمنشية المهراني، واشتغل في بداية طلبه للعلم بالقراأت، وكان من شيوخه فيها ناصر الدين بن سمعون، وتقي الدين الواسطي، ونظر في الفقه وأصوله فحفظ (التنبيه) و (الإلمام)، فأخذ الفقه عن ابن علان والبلبيسي والاسنوي ثم أشار عليه العز بن جماعة بالإقبال على علم الحديث، فأخذ بمشورته فطلب على ابن التركماني والعلائي والسبكي وغيرهم.

لازم المشايخ في الرواية ، وسمع من عبد الرحيم بن شاهد الجيش، وابن عبد الهادي وعلاء الدين التركماني وقرأ بنفسه على الشيخ نهاد الدين بن البابا وأدرك أبا الفتح الميدومي فأكثر عنه وهو من أعلى مشايخه إسناداً وسمع أيضاً من ابن الملوك، عبد الهادي ومحمد بن علي بن عبد العزي القطراواني وغيرهما، ثم رحل إلى الحجاز والشام والتقى بعلمائها واخذ عنهم، ومن هؤلاء ابن الخباز، والشهاب المرادي، وسليمان بن إبراهيم بن المطوع وغيرهم، وتوغل في علم الحديث بحيث صار لا يعرف إلا به، وانصرفت أوقاته فيه، وتقدم على أقرانه ومعاصريه.



تلاميذه


تتلمذ عليه عدة من المشهورين منهم ابنه أبو زرعة أحمد والهيثمي وابن حجر. ولم نرَ في هذا الفن أتقن منه وعليه تخريج غالب أهل عصره ومن أخصهم به نور الدين الهيتي ، دربه وعلمه كيفية التخرج والتصنيف وهو الذي عمل له خطب كتبه وسماها له .



طلبه للعلم


رحل إلى دمشق فسمع من ابن الخباز ومن أبي عباس المرداوي ونحوهما ، وعني بهذا الشأن ورحل فيه مرات إلى دمشق وحلب والحجاز وأراد الدخول إلى العراق ففترت همته من خوف الطريق ورحل إلى الإسكندرية ثم عزم على التوجه إلى تونس فلم يقدر له ذلك.



آثاره ومؤلفاته


له مصنفات كثيرة منها: صنف أشياء كباراً وصغاراً وصار المنظور إليه في هذا الفن من زمن الشيخ جمال الدين الاسنائي وهلم جرا.

1) صنف تخريج أحاديث الأحياء واختصره في مجلد .. وهو المغني عن حمل الأسفار في الاشفار

2) ونظم علوم الحديث لابن الصلاح وشرحها وعمل عليه نكتاً

3) ألفية في مصطلح الحديث وشرحها.

4) كتاب في المراسيل.

5) تقريب الإسناد.

6) ذيل الميزان، الألفية في مصطلح الحديث وشرحها

7) نكت منهاج البيضاوي في الأصول.

8) التحرير في أصول الفقه،

9) نظم الدرر السُنّية منظومة في السيرة النبوية

10) الألفية في غريب القرآن،

11) النقيير والإيضاح في مصطلح الحديث

12) طرح التثريب في شرح التثريب،

13) شرح الترمذي،

وغير ذلك كثير وله نظم وسط وقصائد حسان ومحاسن كثيرة.


وظائفه


ولي شيخنا العراقي قضاء المدينة المنورة فأقام بها نحو ثلاث سنوات،

وكان قد اشتغل بالتدريس والإملاء، وجاور الحرمين وخطاباتها وإمامتها.

ثم سكن القاهرة وأنجب ولده قاضي القضاة ولي الدين ، توفي 806 هـ وله 81 سنة. وكان كثير الحياء والعلم والتواضع وافر المهابة، وكان ينفق معظم وقته اما في تصنيف أو إسماع، وكان كثير الكتب والأجزاء وله محاسن كثيرة.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-15, 10:21 PM
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الحافظ العراقي رحمه الله :


بسم الله الرحمن الرحيم

يقول راجي ربه المقتدرِ * عبد الرحيم بن الحسين الأثري
من بعد حمد الله ذي الآلاء * على امتنان جل عن إحصاء
ثم صلاة وسلام دائمِ * على نبي الخير ذي المراحمِ
فهذه المقاصد المهمهْ * توضح من علم الحديث رسمه
نظمتها تبصرة للمبتدي * تذكرة للمنتهي والمسندِ
لخصت فيها ابن الصلاح أجمعه * وزدتها علماً تراه موضعه
فحيث جاء الفعل والضميرُ * لواحد ومن له مستورُ
كـ(قال) أو أطلقت لفظ الشيخ ما * أريد إلا ابن الصلاح مبهما
وإن يكن لاثنين نحو (التزما) * فمسلم مع البخاري هما
والله أرجو في أموري كلها * معتصماً في صعبها وسهلها




بدأ المؤلف رحمه الله بقوله بسم الله الرحمن الرحيم بالبسمة إتباعاً للقرآن الكريم لقوله تعالى :
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . النمل 30 ، وعملاً بحديث: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع)) و الحديث ضعيف إلا أن العمل به عند الفقهاء لوجود شواهد من القرآن و إقتداء بالنبي عليه الصلاة و السلام فكان يكتب البسملة في رسائله، ويفتتح الخطب بالحمد.



لذلك اتبع الحافظ البسملة بالحمد : قال

يقول راجي ربه المقتدرِ * عبد الرحيم بن الحسين الأثري
من بعد حمد الله ذي الآلاء

فذكر إسمه مقدما لفظا عن الحمدلة لكنه مؤخر بالمعنى لقوله : من بعد حمد الله ذي الآلاء


الحمد : قال الطبري رحمه الله في تفسيره :

قال أبو جعفر : معنى : { الحمد لله } : الشكر خالصا لله جل ثناؤه دون سائر ما نعبد من دونه ، ودون كل ما برأ من خلقه ، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ولا يحيط بعددها غيره أحد ، في تصحيح الآلات لطاعته ، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه ، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق وغذاهم به من نعيم العيش من غير استحقاق منهم لذلك عليه ، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم . فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا . اهــ


و الآلاء النِّعَمُ : قال تعالى "فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" الرحمن

قال بن كثير في تفسيره :

أَيْ فَبِأَيِّ الْآلَاء يَا مَعْشَر الثَّقَلَيْنِ مِنْ الْإِنْس وَالْجِنّ تُكَذِّبَانِ ؟ قَالَهُ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد وَيَدُلّ عَلَيْهِ السِّيَاق بَعْده أَيْ النِّعَم ظَاهِرَة عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ مَغْمُورُونَ بِهَا لَا تَسْتَطِيعُونَ إِنْكَارهَا وَلَا جُحُودهَا فَنَحْنُ نَقُول كَمَا قَالَتْ الْجِنّ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ اللَّهُمَّ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ آلَائِك رَبّنَا نُكَذِّب فَلَك الْحَمْد وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول لَا بِأَيِّهَا يَا رَبّ أَيْ لَا نُكَذِّب بِشَيْءٍ مِنْهَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن إِسْحَاق حَدَّثَنَا اِبْن لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَد عَنْ عُرْوَة عَنْ أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر قَالَتْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأ وَهُوَ يُصَلِّي نَحْو الرُّكْن قَبْل أَنْ يَصْدَعَ بِمَا يُؤْمَر وَالْمُشْرِكُون َ يَسْتَمِعُونَ " فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ اهــ


و في الحديث : "تَفَكَّروا في آلاء الله ولا تَتَفَّكروا في الله" الطبراني


على امتنان : أي : على امتنان من الله به من العطاء الكثير , الإمتنان مأخود من المنة و هي النعمة ، و تكثير امتنان للتكثير و التعظيم .

جل : أي : عظم عطاؤه

عن إحصاء : أي لا يحصى قال تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها

ثم صلاة وسلام دائمِ * على نبي الخير ذي المراحمِ :


بعد الحمد ذكر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم , و المراحم جمع رحمة و في صحيح مسلم أنا نبي الرحمة .


فهذه المقاصد المهمهْ * توضح من علم الحديث رسمه


المقصد من هذه الأبيات توضيح رسم علم الحديث أي أثره الذي تبنى عليه أصوله و منه رسم الدار و هي الآثار اللاصقة بالأرض.

تعبير المؤلف بالرسم اشارة منه لإندثار هذا العلم و انه بقيت آثار يهتدى بها و يبنى عليها.

نظمتها تبصرة للمبتدي

أي وضعت هذه الأبيات لتمهد للمبتدئ الدخول في هذا الفن

تذكرة للمنتهي

و تذكرة للمتمكن من هذا العلم يتذكر بها ما علمه و ما غفل عنه

والمسندِ


أي الراوي المسند الذي يروي اعتنى بالاسناد ، فقد وضع المؤلف فصولا في آداب المحدث و المستمع لا يستغني عنها مهتم بالاسناد فذكر فيها كيفية التحمل و الآداء و ما شابه ذلك.

لخصت فيها ابن الصلاح أجمعه

اي لخصت فيها مقدمة ابن صلاح و هو من جمع شتات هذا الفن كما ذكرت ذلك في المقدمة

وزدتها علماً

أي اضاف لمقدمة ابن الصلاح فوائد جمة و قد يستدرك عليه احيانا في بعض المواضع كقول بن صلاح في "أن" لا تفيد العنعنة عند احمد و سيأتي ذلك في موضعه.

تراه موضعه

تجده في موضعه، وبعضه متميز بنفسه , اغلب هذه الفوائد ميزها المؤلف بقوله "قلت" أو بذكره قولا متأخرا عن بن صلاح كنقل عن النووي و ابن دقيق العيد و ابن رشيد و ابن سيد الناس أو قد يكون الكلام مميزا من السياق .



فحيث جاء الفعل والضميرُ * لواحد ومن له مستورُ
كـ(قال) أو أطلقت لفظ الشيخ ما * أريد إلا ابن الصلاح مبهما

ذكر الشيخ اصطلاحه في النظم

فمتى كان الفعل او الضمير لواحد غير مذكور في الكلام ك "قال" أو سماه بالشيخ فيقصد به ابن الصلاح


وإن يكن لاثنين نحو (التزما) * فمسلم مع البخاري هما

إذا أتى بضمير اثنين فهو لا يريد بذلك إلا البخاري ومسلم "فمسلم" يعني مرادي مسلم "مع البخاري" منضافاً إلى البخاري, كقوله و اقطع بصحة لما قد أسندا و كقوله و ارفع الصحيح مرويهما.

و تقديمه لمسلم لا يعني أنه يفضل مسلم على البخاري، ولا يعني أنه يفضل صحيح مسلم على صحيح البخاري، فقوله " فمسلم مع البخاري" تشعر تبعية مسلم للبخاري , قال الدارقطني : لولا البخاري لما ذهب مسلم وما جاء.


والله أرجو في أموري كلها * معتصماً في صعبها وسهلها

اي اتوكل عليه في الأمور كلها و أرجو منه الوقاية

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-16, 11:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الحافظ العراقي رحمه الله :



أَقْسَامُ الْحَدِيْثِ

11 - وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ *** إلى صَحِيْحٍ وَضَعِيْفٍ وَحَسَنْ
12 - فَالأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ *** بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطِ الْفُؤَادِ
13 - عَنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَا شُذُوْذِ *** وَعِلَّةٍ قَادِحَةٍ فَتُوْذِي
14 - وَبالصَّحِيْحِ وَالضَّعِيفِ قَصَدُوا *** في ظَاهِرٍ لاَ الْقَطْعَ ، وَالْمُعْتَمَدُ
15 - إمْسَاكُنَا عَنْ حُكْمِنَا عَلى سَنَدْ *** بِأَنهُ أَصَحُّ مُطْلَقاً ، وَقَدْ
16 - خَاضَ بهِ قَوْمٌ فَقِيْلَ مَالِكُ *** عَنْ نَافِعٍ بِمَا رَوَاهُ النَّاسِكُ
17 - مَوْلاَهُ وَاخْتَرْ حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ *** الشَّافِعِيُّ قُلْتُ : وعَنْهُ أَحْمَدُ
18 - وَجَزَمَ ابْنُ حنبلٍ بالزُّهْرِي *** عَنْ سَالِمٍ أَيْ : عَنْ أبيهِ البَرِّ
19 - وَقِيْلَ : زَيْنُ العَابِدِيْنَ عَنْ أَبِهْ *** عَنْ جَدِّهِ وَابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ بِهْ
20 - أَوْ فَابْنُ سِيْريْنَ عَنِ السَّلْمَاني *** عَنْهُ أوِ الأعْمَشُ عَنْ ذي الشَّانِ
21 - النَّخَعِيْ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ عَلْقَمَهْ *** عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ وَلُمْ مَنْ عَمَّمَهْ



الشرح :

وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ *** إلى صَحِيْحٍ وَضَعِيْفٍ وَحَسَنْ


(وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ) أي أهل الحديث (قَسَّمُوا السُّنَنْ) أي قسموا الحديث (إلى صَحِيْحٍ وَضَعِيْفٍ وَحَسَنْ
) إلى ثلاثة أقسام الصحيح و الحسن و الضعيف و هذا تقسيم كلي من حيث الجملة من القبول و الرد لكن أنواع الحديث أكثر من ذلك أوصلها ابن الصلاح إلى سبع و ستين نوعا.

أول من حصر الحديث في ثلاث أنواع هو الخطابي في معالم السنن : قال اعلموا أن الحديث عند أهله على ثلاثة أقسام حديث صحيح و حديث حسن و حديث سقيم. اهــ

- فَالأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ *** بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطِ الْفُؤَادِ
- عَنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَا شُذُوْذِ *** وَعِلَّةٍ قَادِحَةٍ فَتُوْذِي


تعريف الحديث الصحيح :

هو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله الى منتهاه من غير شذوذ ولا عله

للحديث الصحيح خمس شروط :

الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ

السند هو سلسلة الرواة الذي رووا الحديث كقولنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال الرسول عليه الصلاة و السلام


و المتن هو ما انتهى اليه السند من الكلام.

اتصال السند أي كل راوي تحمل الحديث عن من يروي عنه مباشرة بطريق معتبرة كالسماع أو القراءة على شيخه أو ما شابه من طرق التحمل التي سنذكرها لاحقا.

بِنَقْلِ عَدْلٍ

أي تشترط العدالة في الرواة والعدالة يعرفها أهل العلم بأنها ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة والتقوى: فعل المأمورات، واجتناب المحذورات، والمروءة مراعاة الآداب التي يتعارف عليها الناس، مما يحسن ويجمل الاتصاف به، وإن لم يرد به شرع.

ان اجتمعت العدالة و الضبط في الراوي نسميه ثقة.


ضَابِطِ الْفُؤَادِ

الضبط هو صحة آداء الراوي للأحاديث كما سمعها فقد يكون حفظ صدر فيؤديها لفظا أو يؤديها بالمعنى إن ممن يفقه المعاني و لا يغيرها و سيأتي تبيان ذلك لاحقا و قد يكون حفظ كتاب فيؤديها من كتابته.


عَنْ مِثْلِهِ

و هذا شرط العدالة المذكور سابقا في شيخ الراوي

مِنْ غَيْرِ مَا شُذُوْذِ

الشروط السابقة شروط وجودية اي لا بد أن تجد أما شرط انتفاء الشذوذ و العلة فهي شروط عدمية أي لابد ان لا توجد في الحديث الصحيح.

الشذوذ في الحديث هو مخالفة الراوي الثقة في سرده الحديث لمن هو أوثق منه أو عددا من الرواة أولى بالحفظ منه.

مخالفة هذا الراوي قد تكون في السند و قد تكون في المتن .

مثال في مخالفة الثقة في السند :

ما رواة الترمذى والنسائي وابن ماجة من طريق ابن عيينة عنى عمر بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس: " أن رجلا توفي على عهد الرسول صلى الله علية وسلم ولم يدع وارثا إلا مولى هو اعتقه))
هذا النص هكذا رواه عدد من الرواه وافقوا سفيان ابن عيينه على هذا السند.أي موصولا عن عوسجة عن ابن عباس. لكن خالفهم حماد بن زيد حيث روى الحديث عن عوسجة مرسلا، بدون ذكر ابن عباس.
ولذا قال أبو حاتم :" المحفوظ: حديث ابن عيينة فحماد ابن زيد من أهل العدالة والضبط ومع ذلك فقد رجح أبو حاتم رواية من هم أكثر عددا منة و منهم سفيان بن عيينة .



مثال في مخالفة الثقة المتن :

ما ما رواه عبد الواحد بن زياد قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه )) فقد أخطأ عبد الواحد بن زياد وشذّ حينما جعل الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم والصواب أنه من فعله صلى الله عليه وسلم هكذا رواه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه عند ابن ماجه ( 1199 )، والنسائي في الكبرى ( 1456 )، وكذا رواه محمد بن إبراهيم ، عن أبي صالح عند البيهقي 3/45 .
وقد صرح جمع من الأئمة بشذوذ رواية عبد الواحد بن زياد منهم البيهقي في السنن الكبرى 3/45 فقال عن رواية الفعل: (( وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس )) ، وكذا نقل الحكم بالشذوذ ابن القيم عن شيخه ابن تيمية في زاد المعاد 1/308 فقال : (( هذا باطل وليس بصحيح ، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها ، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه )) . وبنحو هذا قال الذهبي في الميزان 2/672 .


وَعِلَّةٍ قَادِحَةٍ فَتُوْذِي

العلة: هى سبب غامض خفى قادح فى صحة الحديث . فيؤخذ من تعريف العلة هذا أن العلة عند علماء الحديث لابد أن يتحقق فيها شرطان وهما :

ا ـ الغموض والخفاء . ب ـ والقدح فى صحة الحديث .

فان أختل واحد منهما كأن تكون العلة ظاهرة أو غير قادحة فلا تسمى عندئذ علة اصطلاحا .

فقد يطلق العلماء لفظ العلة على أي طعن موجه للحديث كالتعليل بكذب الراوى ، أو غفلته أو سوء حفظه أو نحو ذلك حتى لقد سمى الترمذى النسخ علة .

يطلق العلماء لفظ العلة على معان متعددة لكن يجمع هذه المعاني معنى القدح المؤثر في الرواية ضعفاً و علم العلل علم غامض جدا لا يتم إلا للمتبحرين في علم الحديث الذين أحاطوا بها و جمعوها فمعرفة العلة تستلزم عرض طرق الحديث على بعضها البعض و مقارنة متونها ،ولهذا لم يخض غماره هذا العلم إلا القليل من الأمة كابن المدينى وأحمد والبخارى وأبى حاتم والدارقطنى .


وَبالصَّحِيْحِ وَالضَّعِيفِ قَصَدُوا *** في ظَاهِرٍ لاَ الْقَطْعَ

أي اذا توفرت هذه الشروط فالعلماء حكموا بالصحة ظاهرا للحديث لا قطعا فهناك احتمال و لو كان ضعيفا لخطأ الراوي مثال ذلك قول وابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام اعتمر في رجب وخطأته عائشة فقد يهم الثقة أو ينسى فنحكم للحديث بالصحة فيما ظهر لنا لكن قد يكون هناك احتمال خطأ من بعض الرواة و ما قلناه في الصحيح يقال عن الضعيف.

.............................. ....................وَالْ مُعْتَمَدُ
إمْسَاكُنَا عَنْ حُكْمِنَا عَلى سَنَدْ *** بِأَنهُ أَصَحُّ مُطْلَقاً

مسألة أصح الأسانيد اختلف فيها العلماء و المعتمد عند الناظم وجمهور أهل العلم أنهم لا يحكمون على سند بأنه أصح من غيره مطلقاً إنما يترك ذلك للقرائن فقد يكون رواة حديث من الحفاظ لكن حديث آخر مروي تواترا فيترجح عليه.

.............................. .............................. ...وَقَدْ
خَاضَ بهِ قَوْمٌ فَقِيْلَ مَالِكُ *** عَنْ نَافِعٍ بِمَا رَوَاهُ النَّاسِكُ
مَوْلاَهُ وَاخْتَرْ حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ *** الشَّافِعِيُّ قُلْتُ : وعَنْهُ أَحْمَدُ
وَجَزَمَ ابْنُ حنبلٍ بالزُّهْرِي *** عَنْ سَالِمٍ أَيْ : عَنْ أبيهِ البَرِّ
وَقِيْلَ : زَيْنُ العَابِدِيْنَ عَنْ أَبِهْ *** عَنْ جَدِّهِ وَابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ بِهْ
أَوْ فَابْنُ سِيْريْنَ عَنِ السَّلْمَاني *** عَنْهُ أوِ الأعْمَشُ عَنْ ذي الشَّانِ
النَّخَعِيْ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ عَلْقَمَهْ *** عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ وَلُمْ مَنْ عَمَّمَهْ

اي رجح بعض العلماء بعض الأسانيد من ناحية رواتها فقال البخاري مالك عن نافع عن ابن عمر ( الناسك) و تسمى هدة السلسلة الذهبية

وَاخْتَرْ حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ *** الشَّافِعِيُّ قُلْتُ : وعَنْهُ أَحْمَدُ

اي اضف لهذه السلسلة الامام الشافعي اي الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر و اضاف المؤلف عن الشافعي الامام احمد فسند السلسلة كلهم أئمة اجلة إلا أنه لا يوجد في المسند حديث بهذا السند إلا واحد لا يبع بعضكم على بيع بعض.


وَجَزَمَ ابْنُ حنبلٍ بالزُّهْرِي *** عَنْ سَالِمٍ أَيْ : عَنْ أبيهِ البَرِّ


قال الإمام أحمد ومعه إسحاق بن إبراهيم الحنضلي المعروف بابن راهويه بأن أصح الأسانيد الزهري محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابيه البر عبد الله بن عمر.

وَقِيْلَ : زَيْنُ العَابِدِيْنَ عَنْ أَبِهْ *** عَنْ جَدِّهِ وَابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ بِهْ


قال عبد الرزاق وابن شيبة والنسائي قالوا: أصح الأسانيد زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طلب عن أبيه الحسين عن جده علي.

أَوْ فَابْنُ سِيْريْنَ عَنِ السَّلْمَاني *** عَنْهُ

هذا القول الفلاس عمرو بن علي، وهو قول ابن المديني وسلميان بن حرب فقالوا أجود الأسانيد : محمد بن سيرين، التابعي الجليل، السيد الثقة النبيل، عن عبيدة بن عمرو السلماني.

.............................. .............أوِ الأعْمَشُ عَنْ ذي الشَّانِ
النَّخَعِيْ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ عَلْقَمَهْ *** عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ


و هذا قول الإمام يحي بن معين: الأعمش سليمان بن مهران الأعمش، عن ذي الشأن النخعي إبراهيم بن يزيد بن قيس، عن ابن قيس علقمة، عن علقمة بن قيس النخعي أيضاً، عن ابن مسعود أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافر الهذلي ابن أم عبد، الصحابي الجليل.

وَلُمْ مَنْ عَمَّمَهْ


أي أعتب على من عمم صحة سند مطلقا إنما يترك ذلك للقرائن فقد يكون حديثا رواته اقل حفظا من آخر لكنه مرويا تواترا و قد يوجد حديث في صحيح البخاري و الأخر في كتب السنن و هكذا إنما الحكم يرجع للقرائن و حسب الحالات و الله أعلم

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-16, 05:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الحافظ العراقي رحمه الله :


أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيْثِ


22 - أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الصَّحِيْحِ *** مُحَمَّدٌ وَخُصَّ بِالتّرْجِيْحِ
23 - وَمُسْلِمٌ بَعْدُ ، وَبَعْضُ الغَرْبِ مَعْ *** أَبِي عَلِيٍّ فَضَّلُوا ذَا لَوْ نَفَعْ
24 - وَلَمْ يَعُمَّاهُ ولكن قَلَّمَا *** عِنْدَ ابْنِ الاخْرَمِ مِنْهُ قَدْ فَاتَهُمَا
25 - وَرُدَّ لكن قَالَ يَحيَى البَرُّ *** لَمْ يَفُتِ الخَمسَةَ إلاَّ النَّزْرُ
26 - وَفيهِ مَا فِيْهِ لِقَوْلِ الجُعْفِي *** أَحْفَظُ مِنْهُ عُشْرَ أَلفِ أَلْفِ
27 - وَعَلَّهُ أَرَادَ بِالتَّكرَارِ *** لَهَا وَمَوْقُوْفٍ وفي البُخَارِي
28 - أَرْبَعَةٌ آلافِ والمُكَرَّرُ *** فَوْقَ ثَلاثَةٍ أُلُوْفاً ذَكَرُوا


أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الصَّحِيْحِ *** مُحَمَّدٌ وَخُصَّ بِالتّرْجِيْحِ

بعد ذكر تقسيم الأحاديث بدأ المؤلف في ذكر كتب السنة التي حوت الأحاديث الصحيحة.

أول من صنف في الأحاديث الصحيحة هو محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، موطأ الإمام مالك و إن كان سابقا إلا ان الامام مالك لم يلتزم بجمع الصحيح ففيه المرسل و الموقوف و البلاغات و غيرها.

أما قول الإمام الشافعي : "ما على ظهر الأرض كتاب في الحديث أصح من كتاب مالك" فهو قول قبل ظهور صحيح البخاري.

وَخُصَّ بِالتّرْجِيْحِ

فصحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى لما اشترطه البخاري من شروط فيه لذلك تلقته الأمة بالقبولو رجحه جمهور العلماء عن غيره.

وَمُسْلِمٌ بَعْدُ

نهج نهج البخاري الامام مسلم فوضع كتابه في الصحيح و قد تلقته كذلك الأمة بالقبول و رتبه العلماء بعد صحيح البخاري في الصحة , فكل ما في البخاري و مسلم صحيح جملة.


وَبَعْضُ الغَرْبِ مَعْ *** أَبِي عَلِيٍّ فَضَّلُوا ذَا

أي أن بعض علماء الغرب مع أبي علي النيسابوري شيخ الحاكم فضلوا صحيح مسلم عن البخاري


لَوْ نَفَعْ

اي لم ينفع تفضيلهم لعدم تصريحهم بذلك.


و ممن فضل صحيح مسلم ابن حزم و ذلك لأن صحيح مسلم ليس فيه بعد خطبته إلا الأحاديث مرفوعة غالبا فلم يبوبه الامام مسلم و الموقوف فيه قليل بعكس البخاري الذي بوب كتابه و قطع الأحاديث فيه حسب الأبواب الفقهية.

فمن ناحية الصحة شرط البخاري اقوى من شرط مسلم لكن من ناحية سرد الحديث كاملا فمسلم يسرده كاملا بعكس البخراي الذي يقطعه حسب الأبواب الفقهية.

وَلَمْ يَعُمَّاهُ

أي لم يشترط صاحبا الصحيحين استيعاب كل الصحيح ، فإلزام الدارقطني رحمه الله تعالى لهما بتخريج أحاديث على شرطهما، غير لازم، في كتاب أسماه: "الإلزامات"، وكذلك الحاكم، حينما ألزمهما بتخريج أحاديثه على شرطهما.

فكم من حديث صححه البخاري خارج صحيحه و منه حديث ماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته صححه البخاري كما نقل ذلك عنه الترمذي في العلل و لم يودعه صحيحه.

قال البخاري: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول .
وقال مسلم: ليس كل صحيح وضعته هنا إنما وضعت هنا ما أجمعوا عليه .

ولكن قَلَّمَا *** عِنْدَ ابْنِ الاخْرَمِ مِنْهُ قَدْ فَاتَهُمَا



أي أن الحافظ أبا عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم شيخ الحاكم ذكر كلاما مفاده أن قل ما يفوت البخاري و مسلم حديث صحيح خارج كتابيهما .

وَرُدَّ

أي رد قوله ابن الصلاح لأن الصحيح في غير الصحيحين كثير موجود في كتب السنة كصحيح ابن حبان و صحيح ابن خزيمة و المستدرك و غيرها من الكتب.


لكن قَالَ يَحيَى البَرُّ *** لَمْ يَفُتِ الخَمسَةَ إلاَّ النَّزْرُ

أي قال النووي أنه لم يفت الصحيحين و سنن الترمذي و ابي داود و النسائي الا النزر القليل.

وَفيهِ مَا فِيْهِ لِقَوْلِ الجُعْفِي *** أَحْفَظُ مِنْهُ عُشْرَ أَلفِ أَلْفِ

اي في قول النووي ما فيه لأن البخاري صرح بأنه يحفظ مئة الف حديث صحيح .


وَعَلَّهُ أَرَادَ بِالتَّكرَارِ *** لَهَا وَمَوْقُوْفٍ

لعل الإمام البخاري أراد العدد بالتكرار و الموقوف لأنهم يعدون الأحاديث المكررة أحاديث مختلفة لإختلاف أسانيدها فقد كان يحفظ الامام احمد بالمكرر مليون حديث و سيأتي تعريف الحديث الموقوف لاحقا.

.............................. ............. وفي البُخَارِي
أَرْبَعَةٌ آلافِ والمُكَرَّرُ *** فَوْقَ ثَلاثَةٍ أُلُوْفاً ذَكَرُوا

في البخاري سبعة آلاف، وثلاثمائة وشيء يسير من الأحاديث ،المكرر منها ما ذكر فوق ثلاثة آلاف، وبدون تكرار أربعة آلاف.

طويلبة مغربية
2009-08-16, 06:59 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله الفردوس الاعلى وبارك الله فيكم ونفع بكم

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-16, 07:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال الحافظ العراقي رحمه الله :


الصَّحِيْحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ

29 - وَخُذْ زِيَادَةَ الصَّحِيْحِ إذْ تُنَصُّ *** صِحَّتُهُ أوْ مِنْ مُصَنِّفٍ يُخَصُّ
30 - بِجَمْعِهِ نَحوَ (ابْنِ حِبَّانَ) الزَّكِيْ *** ( وَابنِ خُزَيْمَةَ ) وَكَالمُسْتَدْر َكِ
31 - عَلى تَسَاهُلٍ - وَقَالَ : مَا انْفَرَدْ *** بِهِ فَذَاكَ حَسَنٌ مَا لَمْ يُرَدّْ
32 - بِعِلَّةٍ ، وَالحقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا *** يَليْقُ ، والبُسْتِيْ يُدَانِي الحَاكِما



بعد أن ذكر الكاتب من جمع الصحيح عرج على ذكر مظان الحديث الصحيح في غير الصحيحين :

وَخُذْ زِيَادَةَ الصَّحِيْحِ إذْ تُنَصُّ *** صِحَّتُهُ

أي خد الزيادة من الأحاديث الصحيحة مما نص على صحته أحد أئمة الصنعة كأبي داود و الترمذي و الدارقطني و البيهقي في مصنفاتهم أو في غيرها.

.............................. ............ أوْ مِنْ مُصَنِّفٍ يُخَصُّ
بِجَمْعِهِ نَحوَ (ابْنِ حِبَّانَ) الزَّكِيْ *** ( وَابنِ خُزَيْمَةَ ) وَكَالمُسْتَدْر َكِ
عَلى تَسَاهُلٍ

أو من أحد المصنفات التي اشترط صاحبها الصحة كابن حبان في صحيحه و بن خزيمة و الحاكم في المستدرك مع تساهل من الحاكم بادخاله في كتابه ما ليس على شرط الشيخين.

هذه الكتب قد تساهل مؤلفوها في تطبيق الشروط التي اشترطوها ففيها الصحيح و الضعيف و الحسن أما مستدرك الحاكم فليس كل ما فيه على شرط الشيخين و شرط الشيخين عند الحاكم هو أن يأتي بحديث رواته من رواة الصحيحين فان كان الرواة للبخاري كان على شرط البخاري و ان كان الرواة لمسلم كان على شرط مسلم و ان كان لكليهما كان على شرطيهما إلا أن ذلك لا يعني صحة الحديث قطعا فالبخاري و مسلم يخرجان لفلان عن فلان أحد شيوخه و قد لا يخرجان روايته عن شيخ ثان رغم أن هذا الشيخ الثاني من رجاليهما و قد تعقب الذهبي الكثير من أحاديث الحاكم فلا يسلم له في مستدركه إلا للثلث تقريبا.

وَقَالَ : مَا انْفَرَدْ *** بِهِ فَذَاكَ حَسَنٌ مَا لَمْ يُرَدّْ
بِعِلَّةٍ

أي أن ابن الصلاح قال ما انفرد به الحاكم بتصحيحه صحيح أو حسن ما لم تظهر فيه علة ولكن المؤلف تعقبه بقوله :


وَالحقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا *** يَليْقُ

أي أنه الحق يحكم لكل حديث حسب قواعد علوم الحديث ، قول ابن صلاح نابع من كونه يرى غلق باب الاجتهاد في تصحيح و تضعيف الأحاديث لذلك يرى أنه لا يصحح إلا ما صححه المتقدمون.

والبُسْتِيْ يُدَانِي الحَاكِما

أي أن ابن حبان البستي قريب من الحاكم في كتابه و إن كان اشترط وضع الصحيح في كتابه فقد تساهل في ذلك فكان كتابه قريب من كتاب الحاكم إلا أنه اقل تساهلا منه.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-16, 11:01 PM
الْمُسْتَخْرَجَ اتُ
33 - وَاسْتَخْرَجُوا عَلى الصَّحِيْحِ (كَأَبي *** عَوَانَةٍ ) وَنَحْوِهِ ، وَاجْتَنِبِ
34 - عَزْوَكَ ألفَاظَ المُتُونِ لَهُمَا *** إذْ خَالَفتْ لَفْظاً وَمَعْنىً رُبَّمَا
35 - وَمَا تَزِيْدُ فاحْكُمَنْ بِصِحَّتِه *** فَهْوَ مَعَ العُلُوِّ مِنْ فَائِدَتِهْ
36 - وَالأَصْلَ يَعْني البَيْهَقي وَمَنْ عَزَا *** وَلَيْتَ إذْ زَادَ الحُمَيدِي مَيَّزَا



المستخرج عند المحدثين هو ؛ أن يأتي الحافظ إلى كتاب من كتب الحديث فيخرّج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب ، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه و لو في الصحابي ، و شرطه أن لا يصل إلى شيخ أبعد حتى لا يفقد سندا يوصله إلى الأقرب ، إلا لعذر من علوّ زيادة مهمة . و ربما أسقط أحاديث لم يجد له بها سندا يرتضيه ، و ربما ذكرها من طريق صاحب الكتاب .

من فوائد المستخرجات وجود زيادات مهمة في المتون أو اظهار راو مبهم في سند الأصل أو تصريح بتحديث من مدلس أو ترجيحات بين عدة طرق و غيرها من الفوائد.

وَاسْتَخْرَجُوا عَلى الصَّحِيْحِ (كَأَبي *** عَوَانَةٍ ) وَنَحْوِهِ

مستخرج أبي عوانة الاسفراييني هو مسستخرج على صحيح مسلم و هو مطبوع.

من المستخرجات المشهورة :
على البخاري : مستخرج الإسماعيلي. و مستخرج الغطريفي ، و ابن أبي ذهيل.
على مسلم : مستخرج أبي عوانة الاسفراييني و مستخرج الحيري ، و أبي حامد الهروي .
عليهما معا : مستخرج أبي نعيم الأصبهاني ، ابن الأحزم ، و مستخرج أبي بكر البرقاني .

و من المستخرجات مستخرج قاسم بن أصبغ على سنن أبي داود و مستخرج الطوسي على سنن الترمذي.


المستخرجون لا يلتزمون باللفظ و لا بالصحة فالمستخرج عن أحد الصحيحين ما اشترك فيه سنده مع الصحيح فهو سند مقبول لكن يبقى رجال سند ما لم يشترك فيه المستخرج مع صاحب الصحيح.


.............................. .......................... وَاجْتَنِبِ
عَزْوَكَ ألفَاظَ المُتُونِ لَهُمَا *** إذْ خَالَفتْ لَفْظاً وَمَعْنىً رُبَّمَا

اي اجتنب عزو لفظ صاحب المستخرج للصحيح فأصحابها لم يشترطوا مطابقة لفظ الأصل و لا الصحة فقد يكون في اللفظ زيادات غير صحيحة أو لفظ مغاير في المعنى لما هو موجود في الصحيحين إنما روى أصحاب المستخرجات الأحاديث كما وقعت لهم عن شيوخهم و قد تكون فيها زيادات ضعيفة.

وَمَا تَزِيْدُ فاحْكُمَنْ بِصِحَّتِه

مذهب ابن الصلاح أن كل الزيادات التي وقعت في المستخرجات على الصحيحين صحيحة غير أن هذا ليس بصحيح فكما قلنا أن اصحاب المستخرجات لم يشترطوا الصحة فقد تكون الزيادة من طريق راو في سند المسستخرج غير رواة الصحيحين و قد يكون ضعيفا.

*** فَهْوَ مَعَ العُلُوِّ مِنْ فَائِدَتِهْ


اي مع علو السند لأن المستخرج يحاول الوصول إلى شيخ صاحب الصحيح بأقل عدد من الرواة ممكن كذلك في المستخرجات فوائد كثيرة.

وَالأَصْلَ يَعْني البَيْهَقي وَمَنْ عَزَا

أي أن البيهقي و غيره كالإمام البغوي لما يسوقون الحديث بأسانيدهم ثم يعزونه للصحيحين إنما يعنون أصله لا لفظه.

*** وَلَيْتَ إذْ زَادَ الحُمَيدِي مَيَّزَا

للحميدي (محمد بن فتوح الازدي الحميدي الأندلسي) كتاب الجمع بين الصحيحين ، جمع فيه ما أتفق عليه الشيخان, قال ابن الصلاح ليته ميزا في جمعه أي أن الحميدي قد يعزو الحديث للصحيحين و في لفظ احدهما زيادات ليست في الآخر فربما ينقل احدهم الحديث من كتابه ثم يعزوه لأحد الصحيحين و هو مخطئ.

نقول أن الحديث رواه الشيخان أو متفق عليه اذا اخرجه كلاهما من طريق نفس الصحابي و إن كان لكل سنده إلا أنهما يجتمعان في الصحابي أما ان أخرجا الحديث و لم يتفقا في طريق الصحابي أي كل عن صحابي مختلف فنقول أخرجه البخاري و مسلم.

أبو حاتم ابن عاشور
2009-08-16, 11:03 PM
بارك الله فيك أخانا الكريم

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-18, 02:36 PM
قال المؤلف : وَلَيْتَ إذْ زَادَ الحُمَيدِي مَيَّزَا أي اعترض على زيادات الحميدي و الحميدي جمع الصحيحين من المستخرجات لكن عند التحقيق فهو يبين غالبا الزيادات بل ميز بدقة إلا أنه بشر قد يغفل عن بعضها.


مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

37 - وَأَرْفَعُ الصَّحِيْحِ مَرْويُّهُمَا *** ثُمَّ البُخَارِيُّ ، فَمُسْلِمٌ ، فَمَا
38 - شَرْطَهُمَا حَوَى ، فَشَرْطُ الجُعْفِي *** فَمُسْلِمٌ ، فَشَرْطُ غَيْرٍ يَكْفي
39 - وَعِنْدَهُ التَّصْحِيْحُ لَيْسَ يُمْكِنُ *** فِي عَصْرِنَا، وَقَالَ يَحْيَى: مُمْكِنُ


إنتقل المؤلف إلى مراتب الصحيح فالأحاديث الصحيحة مراتب ، هناك حديث أصح من حديث فالخبر المتواتر اصح من الآحاد و هكذا.


وَأَرْفَعُ الصَّحِيْحِ مَرْويُّهُمَا *** ثُمَّ البُخَارِيُّ ، فَمُسْلِمٌ ، فَمَا
شَرْطَهُمَا حَوَى

رتب المؤلف الصحيح حسب تواجده في الكتب فقال أن أصح الأحاديث مرتبة ما اتفق عليه الشيخان ثم ما ما رواه البخاري ثم ما رواه مسلم.

ذالك أن البخاري و مسلم انتقيا الأحاديث و أجمعت الأمة على صحة كتابيهما جملة لكن شرط البخاري أقوى من شرط مسلم فشرط البخاري في صحيحه اثبات اللقاء بين الرواة أما مسلم فيكتفي بمعاصرة الراوي لشيخه.

.............................. .............................. .فَمَا
شَرْطَهُمَا حَوَى ، فَشَرْطُ الجُعْفِي *** فَمُسْلِمٌ

أي ما كان على شرطيهما و لم يخرجاه و للحاكم كتاب المستدرك إستدرك من الأحاديث ما كان على شرط الشيخين أو أحدهما و لم ويخرجاه و إن كان لا يسلم له بكل الكتاب.

فَشَرْطُ غَيْرٍ يَكْفي

أي شرط غيرهما من الأئمة.

وَعِنْدَهُ التَّصْحِيْحُ لَيْسَ يُمْكِنُ *** فِي عَصْرِنَا



أي عند إبن الصلاح التصحيح غير ممكن في عصرنا لأن إبن الصلاح يرى غلق باب الاجتهاد و الاقتصار على ما حكم عليه المتقدمون.

وَقَالَ يَحْيَى: مُمْكِنُ

و قال النووي يمكن التصحيح لمن تأهل لهذه الصنعة و هذا هو الصواب فقد تتابع العلماء من عصر إبن الصلاح إلى يومنا ممن تأهلوا و قاموا بالتصحيح و التحسين و التضعيف كالمنذري و ابن القطان و الدمياطي و المزي و ابن كثير و شيخ الاسلام بن تيمية و تلميذه بن القيم و الحافظ بن حجر و في عصرنا الألباني رحمه الله.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-22, 11:15 PM
حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ والتَّعْلِيْق

40 - وَاقْطَعْ بِصِحَّةٍ لِمَا قَدْ أَسْنَدَا *** كَذَا لَهُ ، وَقِيْلَ ظَنّاً وَلَدَى
41 - مُحَقِّقِيْهِمْ قَدْ عَزَاهُ ( النَّوَوِيْ ) *** وَفي الصَّحِيْحِ بَعْضُ شَيءٍ قَدْ رُوِيْ
42 - مُضَعَّفاً وَلَهُمَا بِلا سَنَدْ *** أَشْيَا فَإنْ يَجْزِمْ فَصَحِّحْ ، أو وَرَدْ
43 - مُمَرَّضاً فَلا ، وَلكِنْ يُشْعِرُ *** بِصِحَّةِ الأصْلِ لَهُ كَـ ( يُذْكَرُ )
44 - وَإنْ يَكُنْ أوَّلُ الاسْنَادِ حُذِفْ *** مَعْ صِيغَةِ الجَزْم فَتَعليْقاً عُرِفْ
45 - وَلَوْ إلى آخِرِهِ ، أمَّا الَّذِي *** لِشَيْخِهِ عَزَا بـ ( قالَ ) فَكَذِي
46 - عَنْعَنَةٍ كخَبَرِ المْعَازِفِ *** لا تُصْغِ ( لاِبْنِ حَزْمٍ ) المُخَالِفِ


وَاقْطَعْ بِصِحَّةٍ لِمَا قَدْ أَسْنَدَا

أي اقطع بصحة ما اسنده كل من البخاري و مسلم في صحيحهما لإجماع الأمة على صحة كتابيهما.

اغلب احاديث الصحيحين مسندة و احيانا يروي الشيخان المعلقات و المعلق ما حذف بعض رواته من أول السند كقول البخاري: ((وقال مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم .

فالبخاري لا يروي عن مالك اذن حذف هنا شيخه الذي يروي عنه فقال قال مالك.

كَذَا لَهُ

اي ابن الصلاح ذهب لقطعية ثبوت احاديث الصحيحين و أنها تفيد العلم اليقيني .


وَقِيْلَ ظَنّاً

و قيل انها لا تفيد العلم اليقيني انما تفيد الظن تبعا لقول من يقول ان الحديث الاحاد لا يفيد العلم.


........................ وَلَدَى
مُحَقِّقِيْهِمْ قَدْ عَزَاهُ ( النَّوَوِيْ )

أي قال النووي خالف ابن الصلاح المحققين لأن الخبر يفيد الظن ما لم يتواتر و ذلك لاحتمال خطأ الرواة فالرواة غير معصومين من الخطأ.

وَفي الصَّحِيْحِ بَعْضُ شَيءٍ قَدْ رُوِيْ
مُضَعَّفاً

اي ان في الصحيحين احرف يسيرة مضعفة تكلم فيها الحفاظ كالدارقطني و قد رد على اغلبها الحافظ بن حجر.
وَلَهُمَا بِلا سَنَدْ *** أَشْيَا فَإنْ يَجْزِمْ فَصَحِّحْ

اي ان في الكتابين معلقات فان جزم بهما الشيخان فصححهما كقول البخاري قال مالك عن ... فهدة رواية بصيغة الجزم.

...................أو وَرَدْ
مُمَرَّضاً فَلا

اي إن رواه بصيغة التمريض كقوله "رُوِيَ" أو "يُذْكَرُ" فلا تجزم بصحته.

وَلكِنْ يُشْعِرُ *** بِصِحَّةِ الأصْلِ لَهُ

اي لاكن ماذام رواه احد الشيخين في الباب و ساق غيره من الاحاديث المسندة فهذا يشعر بصحة اصل الحديث و ان معناه موافق لما اسند.


- وَإنْ يَكُنْ أوَّلُ الاسْنَادِ حُذِفْ *** مَعْ صِيغَةِ الجَزْم فَتَعليْقاً عُرِفْ
وَلَوْ إلى آخِرِهِ

اي ان المعلق ما حذف اول اسناده و لو حذف كل رواته كأن يقول قال الرسول عليه الصلاة و السلام .

أمَّا الَّذِي *** لِشَيْخِهِ عَزَا بـ ( قالَ ) فَكَذِي
عَنْعَنَةٍ

اي ان روى الحديث بصيغة قال فلان عن فلان فان كان الرواي الاول شيخه فهذا ليس بتعليق انما هو في مقام العنعنة.

كخَبَرِ المْعَازِفِ *** لا تُصْغِ ( لاِبْنِ حَزْمٍ ) المُخَالِفِ


اي مثال ذلك خبر المعازف الذي رواه البخاري فقال : وقال هشام بن عمار : حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثنا عطية بن قيس الكلابي ، حدثنا عبد الرحمن بن غنم الأشعري ، قال : حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري ، والله ما كذبني : سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليكونن من أمتي أقوام ، يستحلون الحر والحرير ، والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم ، يروح عليهم بسارحة لهم ، يأتيهم ـ يعني الفقير ـ لحاجة فيقولون : ارجع إلينا غدا ، فيبيتهم الله ، ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة".

ادعى بن حزم ان هذا الحديث معلق فضعفه لذلك رد عليه العراقي فقال لا تُصْغِ ( لاِبْنِ حَزْمٍ ) المُخَالِفِ.

لأن هشام بن عمار من شيوخ البخاري كما ان الحديث موصول في كتب السنة.

لإبن حجر كتاب بعنوان تغليق التعليق وصل فيه معلقات البخاري.

و صلى الله و سلم على نبينا محمد

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-08-28, 04:49 PM
نَقْلُ الْحَدِيْثِ مِنَ الكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ

47 - وَأخْذُ مَتْنٍ مِنْ كِتَابٍ لِعَمَلْ *** أوِ احْتِجَاجٍ حَيْثُ سَاغَ قَدْ جَعَلْ
48 - عَرْضَاً لَهُ عَلى أُصُوْلٍ يُشْتَرَطْ *** وَقَالَ (يَحْيَى النَّوَوِي):أصْل ٌ فَقَطْ
49 - قُلْتُ : ( وَلابْنِ خَيْرٍ ) امْتِنَاعُ *** جَزْمٍ سِوَى مَرْوِيِّهِ إجْمَاعُ




شرع الناظر في شرح كيفية نقل الأحاديث من كتب السنة المشتهرة كالصحيحين و السنن الأربعة فقال :

وَأخْذُ مَتْنٍ مِنْ كِتَابٍ لِعَمَلْ *** أوِ احْتِجَاجٍ

اي أخد حديث من هذه الكتب ان كانت لديك نسخة من الكتاب للعمل به كأحاديث الصلاة و الزكاة وغيرها أو للإحتجاج به لمسألة كمن يأخد حديث ولوغ الكلب ليحتج به لاثبات نجاسته فينسبه لأحد كتب السنة.

حَيْثُ سَاغَ

أي جاز بشرط أن يكون الآخد متأهلا عالما بمعنى الحديث

.............................. ..قَدْ جَعَلْ
عَرْضَاً لَهُ عَلى أُصُوْلٍ يُشْتَرَطْ

أي قد جعل ابن الصلاح لذلك شرطا و هو أن تقابل نسختك من كتاب السنة مع نسخ موثوقة متعددة مروية بروايات متنوعة.

وَقَالَ (يَحْيَى النَّوَوِي):أصْل ٌ فَقَطْ

أي قال النووي يكفي مقابلة نسختك من نسخة موثوقة واحدة.

قُلْتُ : ( وَلابْنِ خَيْرٍ ) امْتِنَاعُ *** جَزْمٍ سِوَى مَرْوِيِّهِ إجْمَاعُ

اي قال الحافظ العراقي قال الحافظ ابي بكر محمد الاشبيلي : امتناع أي تحريم نقل ما لم يكن لك به سند فإن اردت ان تنقل حديثا من هذه الكتب لا بد أن يكون لك سند يصل لصاحبها على قول الاشبيلي.

بل نقل الاجماع على ذلك و هو ان لا تنسب للرسول عليه الصلاة و السلام ما لم يكن لديك به سند.

لكن الفقهاء على خلاف قوله و هذا الاجماع غير مسلم به فقليل من يعتني بالسند اليوم و مازال العلماء ينقولون الاحاديث من هذه الكتب المشتهرة دون طلب سند من صاحبها اذ يكفي اشتهارها و توارثها جيلا بعد جيل فمن عني بالسند فبها و نعمت و من ليس لديه سند لها فكونها اشتهرت بين العلماء و اقروها كاف لنقل الحديث منها و صلى الله و سلم على نبينا محمد.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-09-25, 10:58 PM
القِسْمُ الثَّانِي : الْحَسَنُ
50 - وَالحَسَنُ المَعْرُوْفُ مَخْرَجاً وَقَدْ *** اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ بِذَاكَ حَدْ
51 - (حَمْدٌ) وَقَالَ (التّرمِذِيُّ): مَا سَلِمْ *** مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ
52 - بِكَذِبٍ وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ *** قُلْتُ : وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ
53 - وَقِيْلَ : مَا ضَعْفٌ قَرِيْبٌ مُحْتَمَلْ *** فِيْهِ ، وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ
54 - وَقَالَ: بَانَ لي بإمْعَانِ النَّظَرْ *** أنَّ لَهُ قِسْمَيْنِ كُلٌّ قَدْ ذَكَرْ
55 - قِسْماً ، وَزَادَ كَونَهُ مَا عُلِّلا *** وَلاَ بِنُكْرٍ أوْ شُذُوْذٍ شُمِلاَ
56 - وَالفُقَهَاءُ كلُّهُمْ يَستَعمِلُهْ *** وَالعُلَمَاءُ الْجُلُّ مِنْهُمْ يَقْبَلُهْ



وَالحَسَنُ المَعْرُوْفُ مَخْرَجاً وَقَدْ *** اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ بِذَاكَ حَدْ
(حَمْدٌ)
إختلف العلماء في تعريف الحديث الحسن فقال الخطابي و هو "حمد" المذكور في أول البيت الثاني : الحسن ما عرف مخرجه و اشتهرت رجاله.

مخرج الحديث رواته، اذن المعروف مخرجا هو الذي عرف رواته الذين خرج من طريقهم ، يقصد الخطابي بذلك إتصال السند.

إشتهرت رجاله : اي اشتهر روات الحديث بالتوسط أي بالإعتبار فالروات درجات فقد يكون الراوي ثقة و قد يكون صدوقا و قد يكون ضعيفا. التوسط المقصود هنا هو الراوي الذي لا يرتقى لدرجة الثقة الضابط لكن لا ينزل عن درجة الاعتبار كأن يكون صدوقا.

تعريف الخطابي فيه نظر فالحسن أنواع و لا يكفي النظر إلى سند حديث واحد للحكم عليه فقد يرتقي الحديث بمجموع طرقه إلى الحسن مثلا كما أن تعريف الخطابي يدخل فيه الصحيح ايضا .


وَقَالَ (التّرمِذِيُّ): مَا سَلِمْ *** مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ
بِكَذِبٍ وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ

إشترط الحافظ الترمذي ثلاث شروط للحسن : أن يكون سالما من علة الشذوذ و أن لا يكون احد رواته متهما بالكذب و الوضع و أن يروى الحديث من أوجه مختلفة ليجبر بعضها بعضا فإن كان الراوي في الحديث الأول صدوق قد يهم و الحديث ورد من طريق ثاني علمنا أن للحديث مخرجا و يرتقي للحسن.

قُلْتُ : وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ

قال الحافظ العراقي قد حسن الترمذي بعض الاحاديث التي تروى من طريق واحد فقط كحديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا خرج من الخلاء قال غفرانك.

قال الترمذي فيه حديث حسن غريب لا نعرفه الا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة ،قال و لا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة.

وَقِيْلَ : مَا ضَعْفٌ قَرِيْبٌ مُحْتَمَلْ *** فِيْهِ ، وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ

قال ابن الجوزي في العلل المتناهية و في الموضوعات الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن و اعترض ابن دقيق العيد على هذا الحد بأنه ليس مضبوطا.

و في الحقيقة ليس في التعريفات السابقة تعريف شاف للحسن لذلك قال المؤلف وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ

وَقَالَ: بَانَ لي بإمْعَانِ النَّظَرْ *** أنَّ لَهُ قِسْمَيْنِ كُلٌّ قَدْ ذَكَرْ
قِسْماً

قال ابن الصلاح بعد امعان النظر اتضح لي أن الحديث الحسن قسمان أحدهما الحديث ذكر كليهماأي أن الخطابي قد ذكر قسما و الترمذي ذكر اخر.

القسم الأول و هو الحسن لذاته و هو تعريف الخطابي و القسم الثاني هو الحسن لغيره و هو تعريف الترمذي.

وَزَادَ كَونَهُ مَا عُلِّلا *** وَلاَ بِنُكْرٍ أوْ شُذُوْذٍ شُمِلاَ

اي و اضاف على التعريفين أن يكون الحديث سالما من العلة و الشذوذ فهذا شرط لقبول الحديث في الجملة.

قال ابن الصلاح في مقدمته : الحديث الذي يكون جميع رواته مشهورين بالصدق والأمانة إلا أنهم لم يبلغوا درجة رجال الحديث الصحيح لأنهم يقصرون عنهم في الحفظ والإتقان. وهم مع ذلك أرفع درجة ممن يعد ما انفرد به من حديثه منكراً، بالأضافة إلى سلامة الحديث من أن يكون منكراً أو شاذاً أو معللاً.

إذن :

الحسن لذاته: هو الحديث الذي يتصل سنده بنقل عدل خفّ ضبطه ، من غير شذوذ ولا علّة

والحسن لغيره : هو الضعيف إذا تعددت طرقه ، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي ، أو كذبه . ويستفاد من هذا التعريف ؛ أن الضعيف يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بأمرين ،هما :

أ- أن يروى من طريق آخر فأكثر ، على أن يكون الطريق الآخر مثله ، أو أقوى منه .

ب- أن يكون سبب ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه ، أو انقطاع في سنده ، أو جهالة في رجاله .



وَالفُقَهَاءُ كلُّهُمْ يَستَعمِلُهْ *** وَالعُلَمَاءُ الْجُلُّ مِنْهُمْ يَقْبَلُهْ

أي أن جل الفقهاء و العلماء يحتج بالحسن.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-10-15, 02:04 PM
57 - وَهْوَ بأقْسَامِ الصَّحِيْحِ مُلْحَقُ *** حُجّيَّةً وإنْ يَكُنْ لا يُلْحَقُ
58 - فَإنْ يُقَلْ : يُحْتَجُّ بِالضَّعِيْفِ *** فَقُلْ : إذا كَانَ مِنَ المَوْصُوْفِ
59 - رُوَاتُهُ بِسُوْءِ حِفْظٍ يُجْبَرُ *** بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ يُذْكَرُ
60 - وَإنْ يَكُنْ لِكَذِبٍ أوْ شَذَّا *** أوْ قَوِيَ الضُّعْفُ فَلَمْ يُجْبَر ذَا
61 - أَلاَ تَرَى الْمُرْسَلَ حَيْثُ أُسْنِدَا *** أوْ أرْسَلُوا كَمَا يَجِيءُ اعْتُضِدَا
62 - وَالحَسَنُ : الْمشهُوْرُ بِالعَدَالَهْ *** وَالصِّدْقِ رَاوِيهُ ، إذَا أَتَى لَهْ
63 - طُرُقٌ أُخْرَى نَحْوُهَا مِن الطُّرُقْ *** صَحَّحْتُهُ كَمَتْنِ ( لَوْلاَ أنْ أَشُقْ )
64 - إذْ تَابَعُوْا ( مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو) *** عَلَيْهِ فَارْتَقَى الصَّحِيْحَ يَجْرِي




وَهْوَ بأقْسَامِ الصَّحِيْحِ مُلْحَقُ *** حُجّيَّةً

أي أن الحديث الحسن يحتج به فهو كالصحيح من ناحية الاحتجاج إلاأنه أقل رتبة منه لذلك قال الناظم

وإنْ يَكُنْ لا يُلْحَقُ

أي لا يلحق بالصحيح من ناحية قوة الثبوت لكن و إن كانت مرتبة الحسن دون الصحيح إلا أنه يُحتج به.

ينبني على هذا فروع منها أنه إن لم يكن في الباب إلا الحديث الحسن عملنا به لكن ان تعارض الحديث الحسن و الصحيح قدم الصحيح لقوته و الله أعلم


فَإنْ يُقَلْ : يُحْتَجُّ بِالضَّعِيْفِ *** فَقُلْ : إذا كَانَ مِنَ المَوْصُوْفِ
رُوَاتُهُ بِسُوْءِ حِفْظٍ يُجْبَرُ *** بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ يُذْكَرُ

فإن قيل كيف تحتجون بالضعيف و هو الحسن لغيره لأن في بعض رواته ضعفا ، كان الجواب أن الضعيف أنواع فالذي هو حسن لغيره إنما جاء من عدة طرق و لم يتهم رواته بالكذب إنما قلت درجته من حيث سوء حفظ الرواة لكن لم يتهم رواته فإذا جاء الحديث من عدة طرق ذهب الشك في ضبط الرواة لهذا الحديث لأن موافقتهم بعضهم بعضا دليل على صحة ما جاؤوا به.

وَإنْ يَكُنْ لِكَذِبٍ أوْ شَذَّا *** أوْ قَوِيَ الضُّعْفُ فَلَمْ يُجْبَر ذَا

أما إن كان الضعيف قوي الضعف كإتهام في رواته بالكذب و الوضع فهذا لا ينجبر.


أَلاَ تَرَى الْمُرْسَلَ حَيْثُ أُسْنِدَا *** أوْ أرْسَلُوا كَمَا يَجِيءُ اعْتُضِدَا


المرسل المقصود هنا هو الحديث الذي يرفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لا يذكر له إسناداً بذلك.

المراسيل قد تعضضد بعضها إن جاءت من غير نفس الطريق أي يشترط في المرسل الثاني أن يكون مُرسِله أخذ العلم عن غير رجال التابعي الأول و لقبول المراسيل شروط سيأتي ذكرها لاحقا.

وَالحَسَنُ : الْمشهُوْرُ بِالعَدَالَهْ *** وَالصِّدْقِ رَاوِيهُ ، إذَا أَتَى لَهْ
طُرُقٌ أُخْرَى نَحْوُهَا مِن الطُّرُقْ *** صَحَّحْتُهُ كَمَتْنِ ( لَوْلاَ أنْ أَشُقْ )
إذْ تَابَعُوْا ( مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو) *** عَلَيْهِ فَارْتَقَى الصَّحِيْحَ يَجْرِي

أي أن الحديث الحسن الذي إشتهر رواته بالعدالة و الصدق إذا تعددت طرقه إرتقى للصحيح مثال ذلك حديث ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) فهذا الحديث من رواية محمد بن عمرو بن علقمة رغم عدالته إلا أن في حفظه شيئ, هذا الحديث توبع فيه و له العديد من الطريق فهو صحيح.

قال الترمذي في سننه : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " وقد روى هذا الحديث محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحديث أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وزيد بن خالد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم كلاهما عندي صحيح لأنه قد روي من غير وجه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث ، وحديث أبي هريرة ، إنما صح لأنه قد روي من غير وجه . وأما محمد فزعم أن حديث أبي سلمة ، عن زيد بن خالد أصح وفي الباب عن أبي بكر الصديق ، وعلي ، وعائشة ، وابن عباس ، وحذيفة ، وزيد بن خالد ، وأنس ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عمر ، وأم حبيبة ، وأبي أمامة ، وأبي أيوب ، وتمام بن عباس ، وعبد الله بن حنظلة ، وأم سلمة ، وواثلة ، وأبي موسى .

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-11-07, 04:46 PM
65 - قَالَ : وَمِنْ مَظِنَّةٍ لِلحَسَنِ *** جَمْعُ (أبي دَاوُدَ) أيْ في السُّنَنِ
66 - فإنَّهُ قَالَ : ذَكَرْتُ فِيْهِ *** ما صَحَّ أوْ قَارَبَ أوْ يَحْكِيْهِ
67 - وَمَا بهِ وَهَنٌ شَدِيْدٌ قُلْتُهُ *** وَحَيْثُ لاَ فَصَالِحٌ خَرَّجْتُهُ
68 - فَمَا بِهِ وَلَمْ يُصَحِّحْ وَسَكَتْ *** عَلَيْهِ عِنْدَهُ لَهُ الحُسْنُ ثَبَتْ
69 - و(ابْنُ رُشَيْدٍ) قَالَ -وَهْوَ مُتَّجِهْ- *** : قَدْ يَبْلُغُ الصِّحَّةَ عِنْدَ مُخْرِجِهْ
70 - وَللإمَامِ ( اليَعْمُرِيِّ ) إنَّما *** قَوْلُ(أبي دَاوُدَ) يَحْكي (مُسْلِما)
71 - حَيثُ يَقُوْلُ : جُمْلَةُ الصَّحِيْحِ لا *** تُوجَدُ عِنْدَ ( مَالِكٍ ) وَالنُّبَلا
72 - فَاحْتَاجَ أنْ يُنْزَلَ في الإسْنَادِ *** إلى ( يَزيْدَ بنِ أبي زيَادِ )
73 - وَنَحْوِهِ ، وإنْ يَكُنْ ذُو السَّبْقِ *** قَدْ فَاتَهُ ، أدْرَكَ بِاسْمِ الصِّدْقِ
74 - هَلاَّ قَضى عَلى كِتَابِ ( مُسْلِمِ ) *** بِمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالتَّحَكُّمِ


قَالَ : وَمِنْ مَظِنَّةٍ لِلحَسَنِ *** جَمْعُ (أبي دَاوُدَ) أيْ في السُّنَنِ

قال أي ابن الصلاح و من مظنة للحسن أي أين نجد الحديث الحسن ، في سنن أبي داود

فقد قال أبو داود رحمه الله في سننه ذكرت في الصحيح و ما يشبه و يقاربه فإنَّهُ قَالَ : ذَكَرْتُ فِيْهِ *** ما صَحَّ أوْ قَارَبَ أوْ يَحْكِيْهِ

هذه العبارة ذكرها في رسالته إلى أهل مكة , يقصد بما صح أي ما اجتمعت فيه شروط الصحة ، (أو قارب) أي الذي قارب الصحيح لكنه لا يلحق به كالصحيح لغيره مثلا (أو يحكيه) أي يشبه الصحيح و هذا هو الحسن .


وَمَا بهِ وَهَنٌ شَدِيْدٌ قُلْتُهُ *** وَحَيْثُ لاَ فَصَالِحٌ خَرَّجْتُهُ

( بهِ وَهَنٌ شَدِيْدٌ قُلْتُهُ) أي ما به ضعف شديد بينه في سننه ( وَحَيْثُ لاَ فَصَالِحٌ خَرَّجْتُهُ) أي ما سكت عنه فهو صالح كما نص على ذلك في رسالته.

فَمَا بِهِ وَلَمْ يُصَحِّحْ وَسَكَتْ *** عَلَيْهِ عِنْدَهُ لَهُ الحُسْنُ ثَبَتْ

أي قال ابن الصلاح فعليه كل ما لم يصحح - يعني غير مخرج في الصحيحين، ولا نص أحد من الأئمة على صحته - و سكت عليه في سننه فهو حسن عند أبي داود و ان كان غير كذلك عند غيره كما يحتمل أن يرجع الظمير لإبن الصلاح فيقال حسن عند ابن الصلاح و كلام ابن الصلاح منشؤه منع الإجتهاد في الاحاديث و الرجوع في ذلك للمتقدمين كما قلنا سابقا.

و(ابْنُ رُشَيْدٍ) قَالَ -وَهْوَ مُتَّجِهْ- *** : قَدْ يَبْلُغُ الصِّحَّةَ عِنْدَ مُخْرِجِهْ

أي إعتراض الحافظ ابن رشيد أبو عبد الله محمد بن عمر السبتي (ت 721 هـ) حافظ مدينة فاس و مسندها على كلام ابن الصلاح : قَدْ يَبْلُغُ الصِّحَّةَ عِنْدَ مُخْرِجِهْ أي قد يبلغ درجة الصحة بعض الاحاديث التي سكت عنها أبو داود بل ذلك كثير و سكوت أبو داود ليس قاعدة مطردة في الحكم على الأحاديث و إن كان العلماء يعتنون بذلك فالنووي يقول ما سكت عنه أبو داود فهو صالح و أحيانا فهو حسن و أحيانا فهو صحيح و قال المنذري ما سكت عنه أبو داود فهو يدور بين الحسن و الصحيح.

وَللإمَامِ ( اليَعْمُرِيِّ ) إنَّما *** قَوْلُ(أبي دَاوُدَ) يَحْكي (مُسْلِما)

أي لإبن سيد الناس تعقيب على كلام ابن الصلاح فقال في شرحه للترمذي: لم يرسم أبو داود شيئا بالحسن و عمله في ذلك شبيه بعمل مسلم الذي لا ينبغي ان نحمل كلامه على غيره انه اجتنب الضعيف الواهي و أتى بالقسمين الأول و الثاني و حديث من مثل به الرواة من القسمين الأول و الثاني موجود في كتابه دون القسم الثالث قال فهلا الزم الشيخ أبو عمرو مسلما من ذلك ما لزم به أبا داود اهـ. (التبصرة و التذكرة).

أي أن ابن سيد الناس جاء بنظير كلام ابي داود عند مسلم فأحاديث مسلم صحيحة لكن ليست على وتيرة واحدة كذلك عند ابي داود فكلامه إنما هو في أنواع الصحيح فكلام ابي داود في الجملة شبيه بكلام الامام مسلم في صحيحه حيث يقول مسلم في كتابه

حَيثُ يَقُوْلُ : جُمْلَةُ الصَّحِيْحِ لا *** تُوجَدُ عِنْدَ ( مَالِكٍ ) وَالنُّبَلا
فَاحْتَاجَ أنْ يُنْزَلَ في الإسْنَادِ *** إلى ( يَزيْدَ بنِ أبي زيَادِ )
وَنَحْوِهِ ، وإنْ يَكُنْ ذُو السَّبْقِ *** قَدْ فَاتَهُ ، أدْرَكَ بِاسْمِ الصِّدْقِ

أي أن الأحاديث الصحيحة لا توجد جميعها عند ائمة الحديث كالامام مالك و شعبة و سفيان فأحتاج أن ينزل في الإسناد و أن يأخد عن غيرهم مثل حديث ليث بن أبي سليم و عطاء بن السائب و يزيد بن أبي زياد (وإنْ يَكُنْ ذُو السَّبْقِ *** قَدْ فَاتَهُ ، أدْرَكَ بِاسْمِ الصِّدْقِ) أي إن يكن ذو السبق الحافظ قد فات غيره فقد لحقه المسبوق بوصف الصدق و العدالة أو قد يقال أن الظمير يعود على الإمام مسلم فإن فات الإمام مسلم الحديث عند الحفاظ فهو يجده عند غيرهم من الرواة المتصفين بالصدق و العدالة.

فابن سيد الناس يريد ان يلزم ابن الصلاح بكلام مسلم فقال هَلاَّ قَضى عَلى كِتَابِ ( مُسْلِمِ ) *** بِمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالتَّحَكُّمِ.

فليحكم على صحيح مسلم بما حكم به على سنن أبي داود و ليفرق بين أحاديث مسلم كما فرق بين أحاديث أبي داود حسب ما قرره في رسالته لأهل مكة.
و صلى الله و سلم على رسوله و آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-11-08, 06:58 PM
75 - وَ ( البَغَوِيْ ) إذْ قَسَّمَ المَصْابحَا *** إلى الصِّحَاحِ والحِسَانِ جَانِحا
76 - أنَّ الحِسَانَ مَا رَوُوْهُ في السُّنَنْ *** رَدَّ عَلَيهِ إذْ بِهَا غَيْرُ الحَسَنْ
77 - كَانَ ( أبُوْ دَاوُدَ ) أقْوَى مَا وَجَدْ *** يَرْوِيهِ ، والضَّعِيْفَ حَيْثُ لاَ يَجِدْ
78 - في البَابِ غَيْرَهُ فَذَاكَ عِنْدَهْ *** مِنْ رَأيٍ اقوَى قَالهُ (ابْنُ مَنْدَهْ)
79 - وَالنَّسَئي يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يُجْمِعُوا *** عَليْهِ تَرْكَاً ،مَذْهَبٌ مُتَّسِعُ
80 - وَمَنْ عَليها أطْلَقَ الصَّحِيْحَا *** فَقَدْ أَتَى تَسَاهُلاً صَرِيْحَا
81 - وَدُوْنَهَا في رُتْبَةٍ مَا جُعِلاَ *** عَلى المَسَانِيْدِ ، فَيُدْعَى الجَفَلَى
82 - كَمُسْنَدِ (الطَّيَالَسِيْ) و (أحْمَدَا) *** وَعَدُّهُ ( لِلدَّارِميِّ ) انْتُقِدَا
83 - والحُكْمُ لِلإسْنَادِ بِالصِّحَّةِ أوْ *** بِالْحُسْنِ دُوْنَ الحُكْمِ لِلمَتْنِ رَأَوْا
84 - وَاقْبَلْهُ إنْ أَطْلَقَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ *** وَلَمْ يُعَقِّبْهُ بضَعْفٍ يُنْتَقَدْ
85 - وَاسْتُشْكِلَ الحسْنُ مَعَ الصِّحَّةِ في *** مَتْنٍ ، فَإنْ لَفْظاً يَرِدْ فَقُلْ : صِفِ
86 - بِهِ الضَّعِيْفَ ، أوْ يَرِدْ مَا يَخْتَلِفْ *** سَنَدُهُ ، فَكَيْفَ إنْ فَرْدٌ وصِفْ ؟
87 - وَ ( لأبي الفَتْحِ ) في الاقْتِرَاحِ *** أنَّ انفِرَادَ الحُسْنِ ذُوْ اصْطِلاَحِ
88 - وَإنْ يَكُنْ صَحَّ فَليْسَ يَلْتَبِسْ *** كُلُّ صَحِيْحٍ حَسَنٌ لاَ يَنْعَكِسْ
89 - وَأوْرَدوا مَا صَحَّ مِنْ أفْرَادِ *** حَيْثُ اشْتَرَطْنَا غَيْرَ مَا إسْنَادِ


وَ ( البَغَوِيْ ) إذْ قَسَّمَ المَصْابحَا *** إلى الصِّحَاحِ والحِسَانِ جَانِحا
أنَّ الحِسَانَ مَا رَوُوْهُ في السُّنَنْ *** رَدَّ عَلَيهِ إذْ بِهَا غَيْرُ الحَسَنْ

قسم البغوي في كتابه مصابيح السنن الأحاديث إلى صحاح و هي المروية في الصحيحين و إلى حسان و هي المروية في كتب السنن فرد عليه بأن في كتب السنن الحسن و الضعيف لذلك قال الناظم رَدَّ عَلَيهِ إذْ بِهَا غَيْرُ الحَسَنْ.

و على قول الإمام البغوي كل ما في السنن حسن و ان كان ضعيفا أو عارض أحاديث صحيحة في الصحيحين. و قد يقال أن هذا إصطلاح منه بجعل الصحيح في الصحيحين و الحسن في غيرهما ولا مشاحة في الاصطلاح إلا أن إصطلاحا مثل هذا غير مقبول لأنه تترتب عليه أحكام شرعية.

كَانَ ( أبُوْ دَاوُدَ ) أقْوَى مَا وَجَدْ *** يَرْوِيهِ ، والضَّعِيْفَ حَيْثُ لاَ يَجِدْ
في البَابِ غَيْرَهُ فَذَاكَ عِنْدَهْ *** مِنْ رَأيٍ اقوَى قَالهُ (ابْنُ مَنْدَهْ)

كان الإمام أبو داود رحمه الله يروي بعض الأحاديث الغير شديدة الضعف في الأبواب التي لا يجد فيها غيرها فذلك عنده خير من العمل بالرأي ، قال ذلك ابن منده.
و هذا مذهب بعض الفقهاء كالإمام أحمد العمل بالحديث الغير شديد الضعف ان لم يجد في الباب غيره و يقدمه على الرأي.

وَالنَّسَئي يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يُجْمِعُوا *** عَليْهِ تَرْكَاً ،مَذْهَبٌ مُتَّسِعُ

أما النسائي يخرج من الأحاديث لمن لم يتفق على ضعفه من الرواة و هو مذهب متسع مقارنة مع تشدد النسائي في التحري والنقد في الرجال.

وَمَنْ عَليها أطْلَقَ الصَّحِيْحَا *** فَقَدْ أَتَى تَسَاهُلاً صَرِيْحَا

أي من أطلق على سنن أبي داود و سنن الترمذي و النسائي إسم الصحيح فقد تساهل في ذلك لأن في هذه الكتب الصحيح و الحسن و الضعيف.

و قد اطلق لفظ الصحيح الحاكم على سنن الترمذي و أبي داود و ابن منده على سنن ابي داود و النسائي وأبي الطاهر السلفي حيث قال اتفق علماء المشرق و المغرب على صحة الكتب الخمسة.

وَدُوْنَهَا في رُتْبَةٍ مَا جُعِلاَ *** عَلى المَسَانِيْدِ ، فَيُدْعَى الجَفَلَى
كَمُسْنَدِ (الطَّيَالَسِيْ) و (أحْمَدَا) *** وَعَدُّهُ ( لِلدَّارِميِّ ) انْتُقِدَا

المسند يراد به الكتاب الذي رتبت أحاديثه على أسماء الصحابة من رواته أما السنن فهي مرتبة على الأبواب الفقهية.

المسانيد أقل رتبة من السنن فهي مرتبة على أسماء الصحابة بعكس السنن أين يستشهد المؤلف بالحديث في فقه الباب فصاحب المسند غرضه جمع الأحاديث المروية عن الصحابي و ان كان في السند ضعف إلا أنه سيذكره للفائدة المرجوة كتبيان الرواة عن الصحابي و طرق الحديث أما صاحب السنن فينتقي الأحاديث و يختار أصحها لأن غرضه إثبات مسألة فقهية.

لذلك قال المؤلف :

وَدُوْنَهَا في رُتْبَةٍ مَا جُعِلاَ *** عَلى المَسَانِيْدِ

فَيُدْعَى الجَفَلَى
قال في لسان العرب : ودَعاهم الجَفَلَى والأَجْفَلَى أَي بجماعتهم، والأَصمعي لم يعرف الأَجْفَلَى، وهو أَن تدعو الناس إِلى طعامك عامَّة، قال طرفة: نحن في المَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلَى، لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِر قال الأَخفش: دعي فلان في النَّقَرَى لا في الجَفَلَى والأَجْفَلَى أَي دُعي في الخاصة لا في العامة، وقال الفراء: جاء القوم أَجْفَلة وأَزْفَلة أَي جماعة، وجاؤوا بأَجْفَلَتهم وأَزْفَلَتهم أَي بجماعتهم، وقال بعضهم: الأَجْفَلَى والأَزْفَلَى الجماعة من كل شيء. اهــ

لذلك عبر الناظم على هذه المسانيد بالجفلى أي توضع فيها الأحايث مبعثرة فقد تجد تحت اسم الصحابي أحاديث في مسائل مختلفة في النكاح ثم الزكاة ثم الصلاة و قد يعود للزكاة و هكذا.

كَمُسْنَدِ (الطَّيَالَسِيْ) و (أحْمَدَا)

من المسانيد مسند أبي داود الطيالسي و مسند الإمام أحمد , إذا أطلق إسم المسند فيقصد به مسند الإمام أحمد عادة .

وَعَدُّهُ ( لِلدَّارِميِّ ) انْتُقِدَا

أي و عد ابن الصلاح لسنن الدارمي مسندا إنتقد فيه لأنه مرتب على الأبواب لا على الرواة.

والحُكْمُ لِلإسْنَادِ بِالصِّحَّةِ أوْ *** بِالْحُسْنِ دُوْنَ الحُكْمِ لِلمَتْنِ رَأَوْا

قد يُحكم على سند الحديث بالصحة أو الحسن أو الضعف دون المتن كأن يقال و إسناده صحيح لأنه لا تلازم بين صحة السند و صحة المتن إذ قد يصح إسناد لثقة رواته و عدالتهم و ضبطهم دون المتن لقادح أو علة.

و قد يكون السند ضعيف لوجود راو ضعيف إلا أن الحديث مروي بطريق أخرى صحيحة فيصح المتن فلا تلازم بين صحة السند أو ضعفه و صحة أو ضعف المتن.

بعض الشيوخ قد يحكم على السند فقط تحرزا من وجود علة في الحديث أو طريق أخرى تعضضه فيقول إسناده صحيح أو إسناده حسن أو ضعيف.

وَاقْبَلْهُ إنْ أَطْلَقَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ *** وَلَمْ يُعَقِّبْهُ بضَعْفٍ يُنْتَقَدْ

أي إن أطلق لفظ تصحيح السند أو ضعفه عالم من علماء الحديث المعتمدين دون تعقب ذلك فأقبله كتصحيح منه أو تضعيف للحديث كقول الألباني رحمه الله إسانده صحيح فهذا يعني تصحيح الحديث عنده فالعلماء الراسخون لا يتصور منهم تغريرا بالناس فإذا أطلقوا الحكم على السند دون تعقب فذلك إقرار منهم بالحكم على الحديث.

وَاسْتُشْكِلَ الحسْنُ مَعَ الصِّحَّةِ في *** مَتْنٍ ، فَإنْ لَفْظاً يَرِدْ فَقُلْ : صِفِ
بِهِ الضَّعِيْفَ

أي استشكل جمع الحسن مع الصحة "في متن" وهذا يستعمله الترمذي فيقول: هذا حديث حسن صحيح فما المقصود بحسن و صحيح ؟ ( فَإنْ لَفْظاً يَرِدْ فَقُلْ : صِفِ بِهِ الضَّعِيْفَ) أي إن أراد صاحب اللفظ بذلك الحسن اللغوي فليصف به الضعيف إذن ، هذا رد ابن دقيق العيد على ابن الصلاح في قوله المراد بذلك لا يبعد، ولا يستنكر أي أن الترمذي يريد بالحسن حسن اللفظ و أما الحكم على الحديث فهو الصحة فألزمه ابن دقيق العيد بوصف الضعيف بذلك أيضا فمن الضعيف ما هو حسن لفظا كأحاديث القصاصين مثلا.


أوْ يَرِدْ مَا يَخْتَلِفْ *** سَنَدُهُ ، فَكَيْفَ إنْ فَرْدٌ وصِفْ ؟

أي و إن أريد ما إختلف في في سنده بأن يكون للحديث اسناد حسن و اسناد صحيح فيجمع كما قال ابن الصلاح بين الوصفين فذلك متعقب فمن الأحاديث من وُصف بذلك و هو فرد له إسناد واحد كحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه إذا بقي نصف شعبان فلا تصوموا ، قال فيه الترمذي حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ. لذلك قال الناظم فَكَيْفَ إنْ فَرْدٌ وصِفْ أي كيف إن وصف حديثا فردا بذلك.

وَ ( لأبي الفَتْحِ ) في الاقْتِرَاحِ *** أنَّ انفِرَادَ الحُسْنِ ذُوْ اصْطِلاَحِ

أي لأبي الفتح ابن دقيق العيد في كتابه الاقتراح وهو في علوم الحديث جواب على هذا الإشكال و هو أنَّ انفراد الحسن ذو اصطلاحي أي الحسن هنا إصطلاح أي الحسن ما قصر عن الصحيح فالحسن أدنى درجات القبول عند الترمذي فكل حديث صحيح حسن لذلك قال الناظم :

وَإنْ يَكُنْ صَحَّ فَليْسَ يَلْتَبِسْ *** كُلُّ صَحِيْحٍ حَسَنٌ لاَ يَنْعَكِسْ

أي أن كل حديث حسن لكن العكس غير صحيح.

وَأوْرَدوا مَا صَحَّ مِنْ أفْرَادِ *** حَيْثُ اشْتَرَطْنَا غَيْرَ مَا إسْنَادِ

لكن ابن سيد الناس و غيره اوردوا على ذلك ما صح من أحاديث الأفراد فلها إسناد واحد و ذلك لأن الترمذي كما سبق إشترط في الحسن تعدد المورد :
وَالحَسَنُ المَعْرُوْفُ مَخْرَجاً وَقَدْ *** اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ بِذَاكَ حَدْ
(حَمْدٌ) وَقَالَ (التّرمِذِيُّ): مَا سَلِمْ *** مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ
بِكَذِبٍ وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ *** قُلْتُ : وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ

فالحسن عند الترمذي تتعدد طرقه فكيف يحمل قوله حسن صحيح في الأفراد ؟

فأجاب الناظم على ذلك أن لفظ صحيح حسن ليس في الحسن و إنما في الصحيح و الترمذي لم يشترط تعدد الطرق في الصحيح و كما قلنا سابقا كل صحيح حسن و ليس العكس فيقال على الصحيح حسن صحيح لأن درجة الصحيح فوق درجة الحسن و لا بد لمن حاز الدرجة العليا أن يحوز الدنيا و الله أعلم.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-11-08, 08:03 PM
القِسْمُ الثَّالِثُ : الضَّعِيْفُ

90 - أمَّا الضَّعِيْفُ فَهْوَ مَا لَمْ يَبْلُغِ *** مَرْتَبَةَ الحُسْنِ ، وإنْ بَسْطٌ بُغِي :
91 - فَفَاقِدٌ شَرْطَ قَبُوْلٍ قِسْمُ *** وَاثْنَيْنِ قِسْمٌ غَيْرُهُ ، وَضَمُّوْا
92 - سِوَاهُما فَثَالِثٌ ، وَهَكَذَا *** وَعُدْ لِشَرْطٍ غَيْرَ مَبْدُوٍّ فَذَا
93 - قِسْمٌ سِوَاهَا ثُمَّ زِدْ غَيْرَ الَّذِي *** قَدَّمْتُهُ ثُمَّ عَلى ذَا فَاحْتَذِي
94 - وَعَدَّهُ (البُسْتِيُّ) فِيما أوْعَى *** لِتِسْعَةٍ وَأرْبَعِيْنَ نَوْعَا


بعد ذكر الحديث الصحيح و الحسن شرع الناظم في ذكر الحديث الضعيف


أمَّا الضَّعِيْفُ فَهْوَ مَا لَمْ يَبْلُغِ *** مَرْتَبَةَ الحُسْنِ وإنْ بَسْطٌ بُغِي

بعد أن عرف الصحيح و الحسن لم يبقى إلا الضعيف فالضعيف ما قصر عن شروط الصحيح و الحسن و من أراد البسط :

فَفَاقِدٌ شَرْطَ قَبُوْلٍ قِسْمُ *** وَاثْنَيْنِ قِسْمٌ غَيْرُهُ ، وَضَمُّوْا
سِوَاهُما فَثَالِثٌ ، وَهَكَذَا *** وَعُدْ لِشَرْطٍ غَيْرَ مَبْدُوٍّ فَذَا
قِسْمٌ سِوَاهَا ثُمَّ زِدْ غَيْرَ الَّذِي *** قَدَّمْتُهُ ثُمَّ عَلى ذَا فَاحْتَذِي

شروط قبول الصحيح و الحسن ستة : اتصال السند ، العدالة ، الضبط ، فاقد الشذوذ ، فاقد العلة القادحة ، العاضد عند الإحتياج فإذا فقد الحديث أحد هذه الشروط أصبح ضعيفا و هذا قسم قال فيه الناظم فَفَاقِدٌ شَرْطَ قَبُوْلٍ قِسْمُ

و ان فقد شرطين فهذا قسم ثان وَاثْنَيْنِ قِسْمٌ غَيْرُهُ

و ان ضممنا للشرطين ثالثا أصبح قسم ثالث ضَمُّوْا
سِوَاهُما فَثَالِثٌ

و هكذا حتى تنتهي من جميع الشروط

وَعُدْ لِشَرْطٍ غَيْرَ مَبْدُوٍّ فَذَا
قِسْمٌ سِوَاهَا ثُمَّ زِدْ غَيْرَ الَّذِي *** قَدَّمْتُهُ ثُمَّ عَلى ذَا فَاحْتَذِي

لما تنتهي عد لشرط لم تبدأ به و إعمل نفس العملية فتحصل على أنواع أخرى من الضعيف و على هذه الطريقة أكمل حتى تعد جميع الشروط.

وَعَدَّهُ (البُسْتِيُّ) فِيما أوْعَى *** لِتِسْعَةٍ وَأرْبَعِيْنَ نَوْعَا

و وصل محمد بن حبان البستي إلى تسعة و أربعين نوعا من الضعيف.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-11-08, 08:36 PM
الْمَرْفُوْعُ

95 - وَسَمِّ مَرْفُوْعاً مُضَافاً لِلنَّبي *** وَاشتَرَطَ (الخَطِيْبُ) رَفْعَ الصَّاحِبِ
96 - وَمَنْ يُقَابِلهُ بِذي الإرْسَالِ *** فَقَدْ عَنَى بِذَاكَ ذَا اتِّصَالِ



بعد أن أكمل الناظم تصنيف الأحاديث من ناحية الصحة بدأ بذكر أنواعها من حيث السند.


وَسَمِّ مَرْفُوْعاً مُضَافاً لِلنَّبي

الحديث المرفوع هو الحديث الذي ينسب إلى الرسول عليه الصلاة و السلام من أقواله و أفعاله و أوصافه و تقريراته.

وَاشتَرَطَ (الخَطِيْبُ) رَفْعَ الصَّاحِبِ

اشترط الخطيب البغدادي أن يطلق المرفوع على الحديث الذي نسبه الصحابي للرسول عليه الصلاة و السلام أما لو قال تابعي قال رسول الله عليه الصلاة و السلام فهذا ليس بمرفوع عنده.

وَمَنْ يُقَابِلهُ بِذي الإرْسَالِ *** فَقَدْ عَنَى بِذَاكَ ذَا اتِّصَالِ

أي من يقابل بالحديث المرفوع الحديث المرسل كأن يقول رفعه فلان و أرسله فلان فيقصد بذلك الإتصال أي متصل بالنبي عليه الصلاة و السلام و كما مر المرفوع أعم من المتصل.


الْمُسْنَدُ

97 - وَالمُسْنَدُ المَرْفُوْعُ أوْ مَا قَدْ وُصِلْ *** لَوْ مَعَ وَقفٍ وَهوَ في هَذَا يَقِلْ
98 - وَالثالِثُ الرَّفْعُ مَعَ الوَصْلِ مَعَا *** شَرْطٌ بِهِ ( الحَاكِمُ ) فِيهِ قَطَعَا


وَالمُسْنَدُ المَرْفُوْعُ أوْ مَا قَدْ وُصِلْ *** لَوْ مَعَ وَقفٍ وَهوَ في هَذَا يَقِلْ

أي يطلق لفظ الحديث المسند على المرفوع و هذا قول ابن عبد البر إلا أنه يشكل على تعريفه المرسل و المعضل فهما إن نسبا للرسول عليه الصلاة و السلام من المرفوع كما ذكرنا سابقا لكن لا يوجد من يدخلهما في المسند و قد يطلق المسند على المتصل - و هو قول الخطيب البغدادي - و إن كان موقوفا على صحابي إلا أن إطلاقه على هذا النوع قليل


وَالثالِثُ الرَّفْعُ مَعَ الوَصْلِ مَعَا *** شَرْطٌ بِهِ ( الحَاكِمُ ) فِيهِ قَطَعَا

و القول الثالث أن المسند هو المرفوع الموصول و هو قول الحاكم و يرجحه الحافظ ابن حجر لا يسمى مسنداً حتى يكون مرفوعاً بسند متصل إلى رسول الله عليه الصلاة و السلام.



الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُوْلُ

99 - وَإنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُوْلاَ *** فَسَمِّهِ مُتَّصِلاً مَوْصُوْلا
100 - سَوَاءٌ المَوْقُوْفُ وَالمَرْفُوْعُ *** وَلَمْ يَرَوْا أنْ يَدْخُلَ المَقْطُوْعُ


وَإنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُوْلاَ *** فَسَمِّهِ مُتَّصِلاً مَوْصُوْلا

الحديث الموصول أو المتصل هو الذي يتصل إسناده أي كل راو تلقاه من شيخه مباشرة بأحد الطرق المعتبرة كالسماع أو القراءة و الكتابة و غيرها من الطرق التي ستأتي لاحقا.

سَوَاءٌ المَوْقُوْفُ وَالمَرْفُوْعُ *** وَلَمْ يَرَوْا أنْ يَدْخُلَ المَقْطُوْعُ

سواء الموقوف و هو ما يضاف إلى الصحابي أو المرفوع و هو ما يضاف إلى النبي عليه الصلاة و السلام و لم يروا إدخال المقطوع في ذلك و هو ما يضاف إلى التابعي و الله أعلم

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-11-09, 12:29 AM
الْمَوْقُوْفُ

101 - وَسَمِّ بالمَوْقُوْفِ مَا قَصَرْتَهُ *** بِصَاحِبٍ وَصَلْتَ أوْ قَطَعْتَهُ
102 - وَبَعضُ أهْلِ الفِقْهِ سَمَّاهُ الأثَر *** وَإنْ تَقِفْ بِغَيرِهِ قَيِّدْ تَبرْ


وَسَمِّ بالمَوْقُوْفِ مَا قَصَرْتَهُ *** بِصَاحِبٍ وَصَلْتَ أوْ قَطَعْتَهُ

الموقوف هو ما يضاف إلى الصحابي رضي الله عنه كقول الإمام مالك رحمه الله عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يأخذ الماء بأصبعيه لأذنيه.

قد يعطى الموقوف حكم المرفوع إذا كان قول الصحابي ليس مما يقال بالرأي كالأمور الغيبية إذا علم أن الصحابي لا يروي عن بني إسرائيل فما كان مما لا إجتهاد فيه فقول الصحابي له حكم المرفوع و ذلك لإستحالة قوله بذلك من رأيه إنما لابد و أن يكون سمعه من رسول الله عليه الصلاة و السلامكقول ابن العباس رضي الله عنهما لما سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد ، وأربعاً إذا ائتم بمقيم ؟! فقال : تلك السنة . رواه مسلم (688) وأحمد (1865) فالحديث و ان كان موقوفا فله حكم الرفع.

وَبَعضُ أهْلِ الفِقْهِ سَمَّاهُ الأثَر

بعض أهل العلم يسمى هذا النوع من الحديث الأثر و يسمون المرفوع الخبر أما أهل الحديث فيطلقون لفظ الأثر على المرفوع و الموقوف.

*** وَإنْ تَقِفْ بِغَيرِهِ قَيِّدْ تَبرْ

أي إن أردت أن تنسب الوقف لغير الموقوف فقيده كأن تقول هذا موقوف على الحسن و موقف على سعيد بن المسيب و هكذا.


الْمَقْطُوْعُ

103- وَسَمِّ بِالمَقْطُوْعِ قَوْلَ التَّابِعي *** وَفِعْلَهُ ، وَقَدْ رَأى (للشَّافِعِي)
104 - تَعْبِيرَهُ بِهِ عَنِ المُنقطِعِ *** قُلْتُ: وَعَكسُهُ اصطِلاحُ (البَردَعِي)



وَسَمِّ بِالمَقْطُوْعِ قَوْلَ التَّابِعي *** وَفِعْلَهُ

المقطوع هو ما يضاف إلى التابعي كقول الامام مالك رحمه الله عن يحيى بن سعيد أن رجلا سأل سعيد بن المسيب فقال إني أصلي في بيتي ثم آت المسجد فأجد الإمام يصلي أفأصلي معه فقال سعيد نعم فقال الرجل فأيهما صلاتي فقال سعيد أو أنت تجعلهما إنما ذلك إلى الله. فهذا الحديث مقطوع فهو موقوف على سعيد بن المسيب رحمه الله و قد روي موقوفا : مالك عن نافع أن رجلا سأل عبد الله بن عمر فقال إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام أفأصلي معه فقال له عبد الله بن عمر نعم فقال الرجل أيتهما أجعل صلاتي فقال له ابن عمر أو ذلك إليك إنما ذلك إلى الله يجعل أيتهما شاء.



وَقَدْ رَأى (للشَّافِعِي)
تَعْبِيرَهُ بِهِ عَنِ المُنقطِعِ

أي أن الشافعي يسمي المنقطع مقطوعا و المنقطع الحديث الذي فيه انقطاع أي الذي لم يتصل إسناده.

قُلْتُ: وَعَكسُهُ اصطِلاحُ (البَردَعِي)

قال الحافظ العراقي عكس قول الشافعي إصطلح أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي البردعي أي جعل المنقطع هو قول التابعي و المقطوع هو الغير متصل.

عبد الكريم بن عبد الرحمن
2009-11-10, 12:06 AM
فُرُوْعٌ

105 - قَوْلُ الصَّحَابيِّ ( مِنَ السُّنَّةِ ) أوْ *** نَحْوَ ( أُمِرْنَا) حُكْمُهُ الرَّفْعُ ، وَلَوْ
106 - بَعدَ النَّبِيِّ قالَهُ بِأَعْصُرِ *** عَلى الصَّحِيْحِ ، وهوَ قَوْلُ الأكْثَرِ
107- وَقَوْلُهُ ( كُنَّا نَرَى) إنْ كانَ مَعْ *** عَصْرِ النَّبِيِّ مِنْ قَبِيْلِ مَا رَفَعْ
108 - وَقِيْلَ:لا،أوْ لا فَلا،كَذاكَ(2) لَه *** و(لِلخَطِيْبِ) قُلْتُ : لكِنْ جَعَلَهْ
109 - مَرفُوعاً ( الحَاكِمُ ) و (الرَّازِيُّ *** ابنُ الخَطِيْبِ )،وَهُوَ القَوِيُّ
110 - لكنْ حَدِيْثُ (كانَ بَابُ المُصْطَفَى *** يُقْرَعُ بالأظفَارِ ) مِمَّا وُقِفَا
111 - حُكْماً لَدَى (الحَاكِمِ)و(الخ طِيْبِ) *** وَالرَّفْعُ عِنْدَ الشَّيخِ ذُوْ تَصْوِيْبِ
112 - وَعَدُّ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابي *** رَفْعَاً فَمَحْمُوْلٌ عَلَى الأسْبَابِ
113 - وَقَوْلُهُمْ (يَرْفَعُهُ) (يَبْلُغُ بِهْ ) *** روَايَةً يَنْمِيْهِ رَفْعٌ فَانْتَبِهْ
114 - وَإنْ يَقُلْ ( عَنْ تَابعٍ ) فَمُرْسَلٌ *** قُلْتُ : مِنَ السُّنَّةِ عَنْهُ نَقَلُوْا
115 - تَصْحِيْحَ وَقْفِهِ وَذُو احْتِمَالِ *** نَحْوُ (أُمِرْنَا) مِنْهُ (للغَزَالي)
116 - وَمَا أَتَى عَنْ صَاحِبٍ بحَيْثُ لا *** يُقَالُ رَأياً حُكْمُهُ الرَّفْعُ عَلَى
117 - مَا قَالَ في المَحْصُوْلِ نَحْوُ مَنْ أتَى *** ( فَالحَاكِمُ ) الرَّفْعَ لِهَذَا أثْبَتَا
118 - وَمَا رَوَاهُ عَنْ ( أبِي هُرَيْرَةِ ) *** ( مُحَمَّدٌ ) وَعَنْهُ أهْلُ البَصْرَةِ
119 - كَرَّرَ (قَالَ) بَعْدُ ، (فَالخَطِيْبُ) *** رَوَى بِهِ الرَّفْعَ وَذَا عَجِيْبُ




شرع الناظم في ذكر الآثار الموقوفة التي تعطى حكم الرفع :

قَوْلُ الصَّحَابيِّ ( مِنَ السُّنَّةِ ) أوْ *** نَحْوَ ( أُمِرْنَا) حُكْمُهُ الرَّفْعُ ، وَلَوْ
بَعدَ النَّبِيِّ قالَهُ بِأَعْصُرِ *** عَلى الصَّحِيْحِ ، وهوَ قَوْلُ الأكْثَرِ

الصحابي إذا قال من السنة كذا أو ذلك السنة له حكم المرفوع كقول ابن العباس رضي الله عنهما لما سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد ، وأربعاً إذا ائتم بمقيم ؟! فقال : تلك السنة . رواه مسلم (688) وأحمد (1865) و كذلك إذا قال أمرنا بكذا و لو كان بعد عهد النبي عليه الصلاة و السلام فله حكم المرفوع كقول أم عطية رضي الله عنها : أمرنا أن نخرج العواتق، والحُيَّض للعيدين، يشهدن الخير، ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى متفق عليه.

و إذا قال الصحابي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا فله حكم الرفع أيضا و لم يخالف في ذلك إلا داود الظاهري و خلافه شاذ.


وَقَوْلُهُ ( كُنَّا نَرَى) إنْ كانَ مَعْ *** عَصْرِ النَّبِيِّ مِنْ قَبِيْلِ مَا رَفَعْ
وَقِيْلَ:لا،

قول الصحابي كنا نرى أو كنا نفعل إن كان في عصر النبي عليه الصلاة و السلام فله حكم الرفع كقول جابر رضي الله عنه كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم . متفق عليه و ذلك لأن ذكر الصحابي الحديث و نسبته لعهد النبي عليه الصلاة و السلام يُفهم منه إقرار عليه الصلاة و السلام على ذلك و إن كان الحديث موقوفا لفظا. و قيل أن ذلك لا يفيد الرفع بل هو موقوف


أوْ لا فَلا،كَذاكَ لَه *** و(لِلخَطِيْبِ)

هذا قول ابن الصلاح لذلك قال الناظم كَذاكَ لَه *** و(لِلخَطِيْبِ). إذا لم ينسب الصحابي ذلك لعصر الرسول عليه الصلاة و السلام فهو موقوف.

قُلْتُ : لكِنْ جَعَلَهْ
مَرفُوعاً ( الحَاكِمُ ) و (الرَّازِيُّ *** ابنُ الخَطِيْبِ )،وَهُوَ القَوِيُّ

أي قال الحافظ العراقي جعله مرفوعاً وإن لم يضفه للعصر النبوي (الحَاكِمُ ) و (الرَّازِيُّ ابنُ الخَطِيْبِ) وهو القوي ، أي أن الحافظ العراقي يرجح ذلك فهو قوي من ناحية المعنى إذ لا معنى لإستدلال الصحابي بذلك لو لم يعني به العصر النبوي, ورَجَّح ذلك الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح.

مثال ذلك قول عائشة رضي الله عنها كانت اليد لا تقطع في الشيئ التافه. مصنف ابن أبي شيبة ( 9/476 ) .

وكقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : " كنا إذا صَعَدنا كَبَّرنا ، وإذا نزلنا سَبَّحنا " رواه البخاري


لكنْ حَدِيْثُ (كانَ بَابُ المُصْطَفَى *** يُقْرَعُ بالأظفَارِ ) مِمَّا وُقِفَا
حُكْماً لَدَى (الحَاكِمِ)و(الخ طِيْبِ) *** وَالرَّفْعُ عِنْدَ الشَّيخِ ذُوْ تَصْوِيْبِ

حديث كان باب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع بالأظافير من طريق أنس و كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير عن المغيرة بن شعبة, حكم عليه بالوقف كل من الحاكم والخطيب في جامعه مع ذكر الرسول عليه الصلاة و السلام فيه لكن ابن الصلاح جعله مرفوعا ( وَالرَّفْعُ عِنْدَ الشَّيخِ ذُوْ تَصْوِيْبِ) و ذلك لأن طرق الباب لابد ان يسمعه الرسول عليه الصلاة و السلام.

وَعَدُّ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابي *** رَفْعَاً

هذا قول الحاكم في تفسير الصحابي ، جعله من قبيل المرفوع، ونسبه للشيخين، البخاري ومسلم.

فَمَحْمُوْلٌ عَلَى الأسْبَابِ

أي وجّه ابن الصلاح كلام الحاكم و حمله على أسباب نزول القرآن مما لا مجال للرأي فيه فإذا ذكر الصحابي سبب النزول فهو محمول على الرفع أما تفسير الصحابي في غير ذلك فهو موقوف عند ابن الصلاح.

وَقَوْلُهُمْ (يَرْفَعُهُ) (يَبْلُغُ بِهْ ) *** روَايَةً يَنْمِيْهِ رَفْعٌ فَانْتَبِهْ

أي إن قال التابعي بعد ذكر الصحابي يرفعه أو يبلغ به أو ينميه أو رواية أو يسنده فهذا حديث مرفوع مثال ذلك ما رواه الإمام مالك في موطئه عن أبي حازم بن دينار ، عن سهل بن سعد ، أنه قال : " كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة " قال أبو حازم : لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك

وَإنْ يَقُلْ ( عَنْ تَابعٍ ) فَمُرْسَلٌ

أما إن نسب الألفاظ السابقة لتابعي فهذا مرسل و المرسل ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم

قُلْتُ : مِنَ السُّنَّةِ عَنْهُ نَقَلُوْا
تَصْحِيْحَ وَقْفِهِ وَذُو احْتِمَالِ *** نَحْوُ (أُمِرْنَا) مِنْهُ (للغَزَالي)

إذا قال التابعي: من السنة، "نقلوا تصحيح وقفه" على الصحابي و ذلك لأن التابعي لا يعرف السنة إلا من الصحابة فإذا أطلقها رجع اللفظ إليهم و من العلماء من قال أنه مرسل أي أن الصحابي يقصد سنة النبي عليه الصلاة و السلام لذلك قال الناظم وَذُو احْتِمَالِ أي أن هناك إحتمال وقف و إرسال. نحو أُمِرْنَا مِنْهُ أي إن قال التابعي أمرنا بكذا فهو محتمل كذلك للوقف أو الإرسال و ذكر الإحتمالين الغزالي في كتابه المستصفى و لم يرجح.

وَمَا أَتَى عَنْ صَاحِبٍ بحَيْثُ لا *** يُقَالُ رَأياً حُكْمُهُ الرَّفْعُ عَلَى
مَا قَالَ في المَحْصُوْلِ نَحْوُ مَنْ أتَى *** ( فَالحَاكِمُ ) الرَّفْعَ لِهَذَا أثْبَتَا

أي كلام الصحابي فيما لا إجتهاد فيه أو مما لا يقال بالرأي له حكم الرفع على ما قال صاحب المحصول مثال ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه " من أتى ساحرا أو عرافا فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم " فمثل هذا لا يقال بالرأي لذلك له حكم الرفع و أثبت ذلك الحاكم.

وَمَا رَوَاهُ عَنْ ( أبِي هُرَيْرَةِ ) *** ( مُحَمَّدٌ ) وَعَنْهُ أهْلُ البَصْرَةِ
كَرَّرَ (قَالَ) بَعْدُ ،

أي ما رواه البصريون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري : قال البخاري حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال : " أسلم ، وغفار ، وشيء من مزينة ، وجهينة ، أو قال : شيء من جهينة أو مزينة خير عند الله أو قال : يوم القيامة من أسد ، وتميم ، وهوازن ، وغطفان " فيه تكرير لكلمة قال ، فكلمة قال الثانية لابد لها من فاعل والفاعل ضمير مستتر يعود إلى النبي عليه الصلاة و السلام.

(فَالخَطِيْبُ) *** رَوَى بِهِ الرَّفْعَ وَذَا عَجِيْبُ

كذلك ما رواه الخطيب في الكفاية من طريق موسى بن هارون الحمال بسنده إلى حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه.

قال موسى بن هارون إذا قال حماد بن زيد و البصريون قال قال فهو مرفوع. و هذا عجيب إنما التحقيق أن كل ما رواه محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه فهو مرفوع لتصريح ابن سيرين بأن كل ما يرويه عن أبي هريرة مرفوع فلا يخص ما كرر فيه الصيغة دون ما أفرد الصيغة فيه و الله أعلم

رضا الحملاوي
2013-03-14, 02:49 PM
جزاكم الله خيرا