تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دك حصون المفترين بإثبات نزول رب العالمين



جمال البليدي
2009-06-06, 06:12 PM
دك حصون المفترين بإثبات نزول رب العالمين


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ‏‎:‎
هذا بحث جمعته في عجالة حول صفة النزول خاصة بعد أن رأيت تكالب ‏البعض على أهل الحديث ولمزهم بالفواقر العظام ‏
وياليتهم توقفوا عند هذا الحد!!؛ بل تجدهم –إلا من رحم الله- يقابل ذلك ‏الحق –المؤيد بالدليل الشرعي- بالشتم والقذف والقدح في الإيمان والديانة؛ ‏شأنهم كشأن من قال فيهم ربنا تبارك وتعالى: {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ ‏وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}!!؛ فهذه هي طريقتهم!! في الرد على صاحب ‏الحق الذي يتكلم بالحجة والدليل؛ فبدلاً من أن يردوا عليه بعلم؛ تجدهم ‏يشغبون على صاحب الحجة والبرهان؛ ينهالون عليه بأقذع الشتائم، وأبطل ‏التهم؛ ظانين بذلك أنهم سينتصرون على الحق. ولكن هيهات هيهات؛ فهذه ‏الطرائق باتت مكشوفة للجميع؛ اللهم إلا عند نفر من أتباعهم المغفلين!!؛ ‏الذي يحسبون الورم شحمًا!، والتشغيب علمًا!!.‏
أما من رزقه الله فهمًا وبصيرة؛ فيعلم –يقينًا- أنها هذه طرائق العجزة!؛ ‏الذين لا يملكون شيئًا من العلم!!؛ إذ لو كان عندهم شيئٌ من ذلك؛ لرأيناه –‏في واقعهم معنا- بدلا من هذه القبائح؛ ولكن صدق من قال: «وكل إناء ‏بالذي فيه ينضح!!».‏
وقد قسمت البحث إلى عدة مباحث ‏‎:‎

المبحث الأول ‏‎:‎‏ حديث النزول
المبحث الثاني ‏‎:‎‏ كلام أئمة الإسلام في شرح الحديث‏

المبحث الثالث ‏‎:‎‏ هل نجزم بإثبات النزول أم نفوض ‏ونؤول؟ ‏‎
المبحث الرابع ‏‎:‎بيان أن تأويل الحديث هو من أقوال المعتزلة
المبحث الخامس ‏‎:‎‏ الرد على الشبهات‏

يتبع................

جمال البليدي
2009-06-06, 06:15 PM
المبحث الأول ‏‎:‎‏ حديث النزول.



حديث النزول صحيح وهو من الأحاديث المتواترة، وهو ما رواه أبو هريرة عن ‏رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏ أنه قال "ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول ‏فيقول: أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا ‏الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر"(1).‏

موافقة هذا الحديث لما جاء في القرآن الكريم:

وهذه الأحاديث التي يحتج بها السلف جاءت موافقة للقرآن، وهذا ما احتج به الإمام إسحاق بن ‏إبراهيم بن راهويه على بعض الجهمية بحضرة الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان، وذلك حين ‏سئل إسحاق، سأله رجل في مجلس الأمير عن حديث النزول أصحيح هو؟ قال إسحاق: نعم، قال ‏السائل: كيف ينزل؟!! قال إسحاق أثبته فوق، حتى أصف لك النـزول، فقل له الرجل: أثبته ‏فوق، فقال إسحاق: قال الله تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}433، فقال الأمير عبد الله: ‏يا أبا يعقوب! أهذا يوم القيامة، قال إسحاق: أعز الله الأمير ومن يأتي يوم القيامة فمن يمنعه ‏اليوم...؟.




المبحث الثاني ‏‎:‎‏ كلام أئمة الإسلام في شرح الحديث‏


قال الإمام الشافعي رحمه الله(204ه) (القول في السُّنة التي أنا عليها ‏ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم‎ ‎وأخذت عنهم مثل ‏سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله , وأن‎ ‎محمداً ‏رسول الله‎ ‎وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يَقرُب من خلقه كيف ‏شاء وأن الله‎ ‎تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء‎».‎‏(2)‏
وقال الدارمي رحمه الله(280ه)(والآثار التي جاءت عن رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم في نزول الرب تبارك وتعالى تدل على أن الله ‏عز وجل فوق السماوات على عرشه ,بائن من خلقه))(3) ‏
وقال الإمام الطبري(وأنه سبحانه وتعالى يهبط كل ليلة وينزل إلى ‏السماء الدنيا,لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم))(4)‏
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال ‏‎:‎‏ قال رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم((إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا ثم ‏تفتح أبواب السماء ,ثم يبسط يده فيقول ‏‎:‎‏ هل من سائل يعطى سؤله ‏؟فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر)(5)‏
وعقد الإمام ابن خزيمة رحمه الله (311ه) بابا في كتاب ((التوحيد)) ‏افتتحه بقوله ‏‎:‎باب ذكر أخبار الثابتة السند ,صحيحة القوام,رواها ‏علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب ‏جلا وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة .‏
نشهد شهادة مقر بلسانه ,مصدق بقلبه,مستيقن بما في هذه الأخبار من ‏ذكر نزول الرب من غير أن يصف الكيفية لأن نبينا المصطفى صلى ‏الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى السماء الدنيا ‏وأعلمنا أنه ينزل ,والله عز و جل لم يترك ولا نبيه عليه السلام بيان ‏ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم,فنحن قائلون مصدقون بما في ‏هذه الأخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة ‏الكيفية ,إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النزول.‏
وفي هذه الأخبار ما بان وثبت وصح أنَّ الله جل وعلا فوق سماء ‏الدنيا الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه يَنْزل إليه، إذ محال ‏في لغة العرب أن يقول: نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في ‏الخطاب أنَّ النُّزول من أعلى إلى أسفل )(6)‏
‏ وقال أبو العباس السراج رحمه الله(313ه)((من لم يقر ويؤمن بأن ‏الله تعالى يعجب ويضحك,وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا,فيقول(من ‏يسألني فأعطيه؟) فهو زنديق كافر ,يستتاب,فإن تاب وإلا ضربت ‏عنقه ,ولا يصلى عليه ولا يدفت في مقابر المسلمين)(7)‏
قال الذهبي معقبا على هذا الأثر((قلت إنما يكفر بعد علمه بأن الرسول ‏قال ذلك ثم إنه جهد ذلك ولم يؤمن به))كتاب العلو.‏
وقال أبو بكر بن أبي داود محدث بغداد(316) ‏‎:‎
تمسك بحبل الله واتبع الهدى...ولا تك بدعيا لعلك تفلح
ودن بكتاب الله والسنن التي... أتت عـن رسـول الله تنجـو ‏وتربـح
وقل ينزل الجبار في كل ليلة *** بـلا كيـف جـل الواحـد ‏المتمـدح‎ ‎
الى طبق الدنيـا يمـن بفضلـه *** فتفـرج أبـواب السمـاء ‏وتفتـح‎ ‎
يقول ألا مستغفر يلـق غافـرا *** و مستمنـح خيـرا ورزقـا ‏فيمنـح‎ ‎
روى ذاك قوم لا يرد حديثهـم *** ألا خـاب قـوم كذبوهـم ‏وقبحـوا(8)‏
وقال أبي الحسن الأشعري رحمه الله(324 ه) ‏‎:‎‏ ""ونصدق بجميع ‏الروايات التي يثبتها من النزول إلى السماء الدنيا وأن الرب عز وجل ‏يقول : ( هل من سائل ؟ هل من مستغفر ؟ ) وسائر ما نقلوه و أثبتوه ‏خلافاً لما قاله أهل الزيغ والتضليل . ونعوِّل فيما اختلفنا فيه على كتاب ‏ربنا عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين وما كان ‏في معناه ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن الله بها ولا نقول على الله ‏مالا نعلم))(9)‏
وقال رحمه الله((ومما يؤكد أن الله عز وجل مستو على عرشه دون ‏الأشياء كلها ما نقله أهل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم.وذكر حديث النزول بالسند عن ثلاثة من الصحابة وهم‎:‎جبير بن ‏مطعم وأبو هريرة ورفاعة الجهني رضي الله عنهم)(10).‏
وقال الإمام المشهور ابن أبي زمنين رحمه الله(399ه)تعليقا على ‏حديث النزول ‏‎: ‎‏ هذا الحديث بين أن الله عز وجل على عرشه في ‏السماء دون الأرض,وهو أيضا بين في كتاب الله,وفي غير ما حديث ‏عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .ثم ذكر آيات دالة على علو الله ‏تعالى)(11)‏
وقال الإمام أبو عمر الداني رحمه الله(444) ‏‎:‎‏ ومن قولهم ‏‎:‎‏ أن الله جلا ‏جلاله وتقدست أسماؤه ‏‎:‎‏ ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث ‏الباقي من اليل ,فيقول(هل من داعي يدعوني فاستجيب له,وهل من سائل ‏يسألني فاعطيه,وهل من مستغفر يستغفرني فاغفر له؟)حتى ينفجر ‏الصبح,على ما صحت به الأخبار ,وتواترت به الآثار عن رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم .نزوله تبارك وتعالى كيف شاء,بلا حد ولا ‏تكييف.وهذا دين الأمة وقول أهل السنة في هذه الصفات أن تمر كما ‏جاءت بغير تحديد ولا تكييف,فمن تجاوز المروي فيها وكيف شيئا منها ‏ومثلها بشيء من جوارحنا وآلتنا فقد ضل واعتدى ,وابتدع في الدين ما ‏ليس منه,وخرق إجماع المسلمين,وفارق أئئمة الدين)(12)‏
وقال ابن عبد البر رحمه الله((هذا الحديث ثابت من جهة النقل ,صحيح ‏الإسناد,لا يختلف أهل الحديث في صحته ولا فيه(13) دليل على أن الله ‏عز و جل في السماء على العرش من فوص سبع سماوات,وعلمه في كل ‏مكان كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر(14),ثم ذكر الآيات ‏الدالة على علو الله عز وجل(15)‏
وقال الإمام أبو إسماعيل الصابوني رحمه الله(449ه) : ( ويثبت ‏أصحاب الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ‏من غير تشبيه له بنزول المخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف ، بل يثبتون ما ‏أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتهون فيه إليه ، ويُمِرُّون الخبر ‏الصحيح الوارد بذكره على ظاهره ويَكِلون علمه إلى الله ) ، قلت : قوله ‏‏: ( يَكِلون علمه إلى الله ) يقصد به علم كيفية النزول ، فقد استأثر الله ‏بعلم الكيف ، أما المعنى فهو معروف من لغة العرب وهو لائق بجلال ‏الله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ‏وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [ سورة الشورى ، الآية : 11 ] .(16)‏

و قال الإمام الإسماعيلي رحمه الله(369ه) ‏‎: ‎‏(وأنه عز وجل ينزل ‏إلى السماء الدنيا على ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم بلا اعتقاد كيفية))(17)‏
وقال أبو الخطاب الكلوذاني رحمه الله(510ه) ‏‎:‎‏ (‏
قالو ‏‎:‎النزول؟قلت ***‏‎:‎ناقله لنا قوم تمسكهم بشرع محمد
قالو ‏‎:‎فكيف نزول؟فأجبتهم***ل ينقل التكييف لي في مسند(18)‏
وقال الشيخ عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني المالكي ‏‎: ‎‏(‏
والله ينزل كل آخر ليلة ***لسمائه الدنيا بلا كتمان
فيقول ‏‎:‎هل من سائل فأجيبه***فأنا القريب أجيب من ناداني
حاشا الإله بأن تكيف ذاته***فالكيف والتمثيل منتفيان
والأصل أن الله ليس كمثله***شيء تعالى الرب ذو الإحسان(19)‏

وقال أبو الطيب رحمه الله ‏‎:‎‏ حضرت عند أبي جعفر الترمذي ‏‏(295ه)فسأله سائل عن حديث نزول الرب,فالنزول كيف هو يبقى ‏فوقه علو؟ فقال ‏‎: ‎‏ (النزول معقول ,والكيف مجهول,والإيمان به ‏واجب,والسؤال عنه بدعة))(20)‏
قال الإمام الذهبي معقبا-كما في كتابه العلو- ‏‎:‎‏ (صدق فقيه بغداد و ‏عالمها في زمانه إذا السؤال عن النزول ما هو عي لأنه إنما يكون ‏السؤال عن كلمة غريبة في اللغة وإلا فالنزول والكلام والسمع ‏والبصر والعلم والإستواء عبارات جلية واضحة للسامع فإذا اتصف ‏بها من ليس كمثله شيء فالصفة تابعة للموصوف وكيفية ذلك مجهولة ‏عند البشر).‏
وقال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎
وكذا نزول الرب جلا جلاله***في النصف من الليل وذاك الثاني
فيقول لست بسائل غيري بأح***وال العباد أنا العظيم الشان
من ذا يسألني فيعطي سؤله***من ذا يتوب إلي من عصيان
من ذاك يسألني فاغفر ذنبه***فأنا الودود الواسع الغفران
من ذا يريد شفاءه من سقمه***فأنا القريب مجيب من نادان
ذا شأنه سبحانه وبحمده***حتى يكون الفجر فجر ثان
يا قوم ليس نزوله وعلوه***حقا لديكم بل هما عدمان
وكذلك يقول ليس شيئا عندكم***لا ذا ولا قولا سواه ثان
كل مجاز لا حقيقة تحته ***أول وزد وأنقص بلا برهان(21)‏

جمال البليدي
2009-06-06, 06:17 PM
المبحث الثالث ‏‎:‎‏ هل نجزم بإثبات النزول أم نفوض ‏ونؤول؟ ‏‎!‎


اعلم رحمك الله بأن حديث النزول(حديث كبير جليل ,تنادي جلالته ‏وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة))(22)‏
وقد انقسم الناس اتجاه هذا الحديث وغيره من نصوص الصفات إلى ‏ثلاثة أقسام ‏‎:‎
القسم الأول: من جعلوا الظاهر المتبادر منها معنى حقاً يليق بالله - عز وجل - وأبقوا دلالتها ‏على ذلك، وهؤلاء هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ‏وأصحابه، والذين لا يصدق لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم.‏
وقد أجمعوا على ذلك كما نقله ابن عبد البر فقال: "أهل السنة مجمعون على الإقرار ‏بالصفات الواردة كلها في القرآن الكريم والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على ‏المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة" أهـ.‏

القسم الثاني: من جعلوا الظاهر المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً لا يليق بالله ‏وهو: التشبيه، وأبقوا دلالتها على ذلك. وهؤلاء هم المشبهة
القسم الثالث: من جعلوا المعنى المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً، لا يليق بالله ‏وهو التشبيه، ثم إنهم من أجل ذلك أنكروا ما دلت عليه من المعنى اللائق بالله، وهم أهل ‏التعطيل سواء كان تعطيلهم عاماً في الأسماء والصفات، أم خاصاً فيهما، أو في أحدهما، ‏فهؤلاء صرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معاني عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها ‏اضطراباً كثيراً، وسموا ذلك تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.‏


أين الحق؟؟؟


والحق بلا ريب ولا شك مع القسم الأول أهل السنة والجماعة ‏‎:‎
وذلك لوجهين:‏
‏ الأول: أنه تطبيق تام لما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الأخذ بما جاء فيهما من ‏أسماء الله وصفاته كما يعلم ذلك من تتبعه بعلم وإنصاف.‏ الثاني: أن يقال: إن الحق إما أن يكون فيما قاله السلف أو فيما قاله غيرهم، والثاني ‏باطل لأنه يلزم منه أن يكون السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان تكلموا بالباطل ‏تصريحاً أو ظاهراً، ولم يتكلموا مرة واحدة لا تصريحاً ولا ظاهراً بالحق الذي يجب اعتقاده. ‏وهذا يستلزم أن يكونوا إما جاهلين بالحق وإما عالمين به لكن كتموه، وكلاهما باطل، وبطلان ‏اللازم يدل على بطلان الملزوم، فتعين أن يكون الحق فيما قاله السلف دون غيرهم.‏
قال محمد بن جرير الطبري - بعد كلام طويل حول نصوص الصفات: "وأهل العلم بالكتاب ‏والآثار من السلف والخلف يثبتون جميع ذلك، ويؤمنون به بلا كيف ولا توهم. ويمرون الأحاديث ‏الصحيحة كما جاءت من رسول الله عليه الصلاة والسلام"‏



بطلان مذهب المشبهة ‏‎:‎


أما القسم الثاني (المشبهة) فلا ريب أن مذهبه باطل ,وذلك من أوجه ‏‎:‎
الأول: أنه جناية على النصوص وتعطيل لها عن المراد بها، فكيف يكون المراد بها التشبيه ‏وقد قال الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)

‏ الثاني: أن العقل دل على مباينة الخالق للمخلوق في الذات والصفات، فكيف يحكم ‏بدلالة النصوص على التشابه بينهما؟
الثالث: أن هذا المفهوم الذي فهمه المشبه من النصوص مخالف لما فهمه السلف منها ‏فيكون باطلاً.‏
‏ فإن قال المشبه: أنا لا أعقل من نزول الله ويده إلا مثل ما للمخلوق من ذلك، والله ‏تعالى لم يخاطبنا إلا بما نعرفه ونعقله فجوابه من ثلاثة أوجه:‏
‏ أحدها: أن الذي خاطبنا بذلك هو الذي قال عن نفسه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). ونهى عباده ‏أن يضربوا له الأمثال، أو يجعلوا له أنداداً فقال: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا ‏تَعْلَمُونَ) وقال: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). وكلامه - تعالى - كله حق ‏يصدق بعضه بعضاً، ولا يتناقض.‏

ثانيها: أن يقال له: ألست تعقل لله ذاتاً لا تشبه الذوات؟ ‏
‏ فسيقول: بلى! فيقال له: فلتعقل له صفات لا تشبه الصفات، فإن القول في الصفات ‏كالقول في الذات، ومن فرق بينهما فقد تناقض!.‏
‏ ثالثها: أن يقال: ألست تشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة ‏والكيفية؟ فسيقول: بلى! فيقال له: إذا عقلت التباين بين المخلوقات في هذا، فلماذا لا تعقله بين ‏الخالق والمخلوق، مع أن التباين بين الخالق والمخلوق أظهر وأعظم، بل التماثل مستحيل بين ‏الخالق والمخلوق كما سبق في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.‏



بطلان مذهب المعطلة من الأشاعرة والجهمية:


وبيان بطلان ماذهب إليه القسم الثالث(المعطلة) من عدة أوجه ‏‎:‎
أحدها: أنه جناية على النصوص حيث جعلوها دالة على معنى باطل غير لائق بالله ولا مراد ‏له.‏
الثاني: أنه صرف لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن ظاهره، ‏والله - تعالى - خاطب الناس بلسان عربي مبين، ليعقلوا الكلام ويفهموه على ما يقتضيه هذا ‏اللسان العربي، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بأفصح لسان البشر؛ فوجب حمل كلام الله ‏ورسوله على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي؛ غير أنه يجب أن يصان عن التكييف ‏والتمثيل في حق الله - عز وجل.‏
‏ الثالث: أن صرف كلام الله ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه، قول على الله بلا ‏علم وهو محرم ؛ لقوله - تعالى - : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ‏وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا ‏تَعْلَمُونَ) ولقوله - سبحانه -: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ ‏كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).‏
‏ فالصارف لكلام الله - تعالى - ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه قد قفا ما ليس له ‏به علم. وقال على الله ما لا يعلم من وجهين:‏
‏ الأول: أنه زعم أنه ليس المراد بكلام الله - تعالى - ورسوله كذا، مع أنه ظاهر ‏الكلام.‏
‏ الثاني: أنه زعم أن المراد به كذا لمعنى آخر لا يدل عليه ظاهر الكلام.‏
‏ وإذا كان من المعلوم أن تعيين أحد المعنيين المتساويين في الاحتمال قول بلا علم؛ فما ‏ظنك بتعيين المعنى المرجوح المخالف لظاهر الكلام؟!‏
‏ مثال ذلك: قوله - تعالى - لإبليس (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي). فإذا ‏صرف الكلام عن ظاهره، وقال: لم يرد باليدين اليدين الحقيقيتين وإنما أراد كذا وكذا. قلنا له: ‏ما دليلك على ما نفيت؟! وما دليلك على ما أثبت؟! فإن أتى بدليل - وأنى له ذلك - وإلا كان ‏قائلاً على الله بلا علم في نفيه وإثباته.‏
الوجه الرابع: في إبطال مذهب أهل التعطيل: أن صرف نصوص الصفات عن ‏ظاهرها مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها، ‏فيكون باطلاً، لأن الحق بلا ريب فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسلف ‏الأمة وأئمتها.‏
‏ الوجه الخامس: أن يقال للمعطل:‏
‏ هل أنت أعلم بالله من نفسه؟ فسيقول: لا.‏
‏ ثم يقال له: هل ما أخبر الله به عن نفسه صدق وحق؟ فسيقول: نعم.‏
‏ ثم يقال له: هل تعلم كلاماً أفصح وأبين من كلام الله - تعالى؟ فسيقول: لا.‏
‏ ثم يقال له: هل تظن أن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يعمي الحق على الخلق في ‏هذه النصوص ليستخرجوه بعقولهم؟ فسيقول: لا.‏
‏ هذا ما يقال له باعتبار ما جاء في القرآن.‏
‏ أما باعتبار ما جاء في السنة فيقال له:‏
‏ هل أنت أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا.‏
‏ ثم يقال له: هل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحق صدق وحق؟ ‏فسيقول: نعم.‏
‏ ثم يقال له: هل تعلم أن أحداً من الناس أفصح كلاماً، وأبين من رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم؟ فسيقول لا ثم يقال له هل تعلم أن أحداً من الناس أنصح لعباد الله من رسول الله ؟ ‏فسيقول : لا
‏ فيقال له: إذا كنت تقر بذلك فلماذا لا يكون عندك الإقدام والشجاعة في إثبات ما أثبته ‏الله - تعالى - لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم على حقيقته وظاهره اللائق بالله؟ ‏وكيف يكون عندك الإقدام والشجاعة في نفي حقيقته تلك، وصرفه إلى معنى يخالف ظاهره ‏بغير علم؟
‏ وماذا يضيرك إذا أثبت لله - تعالى - ما أثبته لنفسه في كتابه، أو سنة نبيه على الوجه ‏اللائق به، فأخذت بما جاء في الكتاب والسنة إثباتاً ونفياً؟
‏ أليس هذا أسلم لك وأقوم لجوابك إذا سئلت يوم القيامة: (مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ). ‏
‏ أوليس صرفك لهذه النصوص عن ظاهرها، وتعيين معنى آخر مخاطرة منك؟! فلعل ‏المراد يكون - على تقدير جواز صرفها - غير ما صرفتها إليه.‏
‏ الوجه السادس في إبطال مذهب أهل التعطيل: أنه يلزم عليه لوازم باطلة؛ وبطلان ‏اللازم يدل على بطلان الملزوم.‏
‏ فمن هذه اللوازم:‏
‏ أولاً: أن أهل التعطيل لم يصرفوا نصوص الصفات عن ظاهرها إلا حيث اعتقدوا أنه ‏مستلزم أو موهم لتشبيه الله - تعالى - بخلقه، وتشبيه الله - تعالى - بخلقه كفر؛ لأنه تكذيب ‏لقوله - تعالى-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
قال نعيم بن حماد الخزاعي أحد مشايخ البخاري - ‏رحمهما الله -: من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما ‏وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً. أهـ.‏

ومن المعلوم أن من أبطل الباطل أن يجعل ظاهر كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى ‏الله عليه وسلم تشبيهاً وكفراً أو موهماً لذلك.‏

ثانياً: أن كتاب الله - تعالى - الذي أنزله تبياناً لكل شيء، وهدى للناس، وشفاءً لما ‏في الصدور، ونوراً مبيناً، وفرقاناً بين الحق والباطل لم يبين الله - تعالى - فيه ما يجب على ‏العباد اعتقاده في أسمائه وصفاته، وإنما جعل ذلك موكلاً إلى عقولهم، يثبتون لله ما يشاءون، ‏وينكرون ما لا يريدون. وهذا ظاهر البطلان.‏
‏ ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها، ‏كانوا قاصرين أو مقصرين في معرفة وتبيين ما يجب لله تعالى من الصفات أو يمتنع عليه أو ‏يجوز؛ إذ لم يرد عنهم حرف واحد فيما ذهب إليه أهل التعطيل في صفات الله - تعالى - ‏وسموه تأويلاً.‏
‏ وحينئذ إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وسلف الأمة وأئمتها ‏قاصرين لجهلهم بذلك وعجزهم عن معرفته، أو مقصرين لعدم بيانهم للأمة، وكلا الأمرين ‏باطل!!‏
‏ رابعاً: أن كلام الله ورسوله ليس مرجعاً للناس فيما يعتقدونه في ربهم وإلاههم الذي ‏معرفتهم به من أهم ما جاءت به الشرائع بل هو زبدة الرسالات، وإنما المرجع تلك العقول ‏المضطربة المتناقضة وما خالفها، فسبيله التكذيب إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً، أو التحريف الذي ‏يسمونه تأويلاً، إن لم يتمكنوا من تكذيبه.‏
‏ خامساً: أنه يلزم منه جواز نفي ما أثبته الله ورسوله، فيقال في قوله - تعالى -: ‏‏(وَجَاءَ رَبُّكَ).إنه لا يجيء،وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء ‏الدنيا"( إنه لا ينزل لأن إسناد المجيء والنزول إلى الله مجاز عندهم، وأظهر علامات ‏المجاز عند القائلين به صحة نفيه، ونفي ما أثبته الله ورسوله من أبطل الباطل، ولا يمكن ‏الانفكاك عنه بتأويله إلى أمره؛ لأنه ليس في السياق ما يدل عليه.‏
‏ ثم إن من أهل التعطيل من طرد قاعدته في جميع الصفات، أو تعدى إلى الأسماء - ‏أيضاً - ومنهم من تناقض فأثبت بعض الصفات دون بعض، كالأشعرية والماتريدية: أثبتوا ما ‏أثبتوه بحجة أن العقل يدل عليه، ونفوا ما نفوه بحجة أن العقل ينفيه أو لا يدل عليه.‏
‏ فنقول لهم: نفيكم لما نفيتموه بحجة أن العقل لا يدل عليه يمكن إثباته بالطريق العقلي ‏الذي أثبتم به ما أثبتموه كما هو ثابت بالدليل السمعي.‏
‏ مثال ذلك: أنهم أثبتوا صفة الإرادة، ونفوا صفة الرحمة.‏
‏ أثبتوا صفة الإرادة لدلالة السمع والعقل عليها.‏
‏ أما السمع: فمنه قوله تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)(
‏ وأما العقل: فإن اختلاف المخلوقات وتخصيص بعضها بما يختص به من ذات أو ‏وصف دليل على الإرادة.‏
‏ ونفوا الرحمة؛ لأنها تستلزم لين الراحم ورقته للمرحوم، وهذا محال في حق الله ‏تعالى.‏
‏ وأولوا الأدلة السمعية المثبتة للرحمة إلى الفعل أو إرادة الفعل ففسروا الرحيم بالمنعم ‏أو مريد الإنعام.‏
‏ فنقول لهم: الرحمة ثابتة لله تعالى بالأدلة السمعية، وأدلة ثبوتها أكثر عدداً وتنوعاً من ‏أدلة الإرادة. فقد وردت بالاسم مثل: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). والصفة مثل: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو ‏الرَّحْمَةِ)(. والفعل مثل: (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ).‏
‏ ويمكن إثباتها بالعقل فإن النعم التي تترى على العباد من كل وجه، والنقم التي تدفع ‏عنهم في كل حين دالة على ثبوت الرحمة لله - عز وجل - ودلالتها على ذلك أبين وأجلى ‏من دلالة التخصيص على الإرادة، لظهور ذلك للخاصة والعامة، بخلاف دلالة التخصيص ‏على الإرادة، فإنه لا يظهر إلا لأفراد من الناس.‏
‏ وأما نفيها بحجة أنها تستلزم اللين والرقة؛ فجوابه: أن هذه الحجة لو كانت مستقيمة ‏لأمكن نفي الإرادة بمثلها فيقال: الإرادة ميل المريد إلى ما يرجو به حصول منفعة أو دفع ‏مضرة، وهذا يستلزم الحاجة، والله تعالى منزه عن ذلك.‏
‏ فإن أجيب: بأن هذه إرادة المخلوق أمكن الجواب بمثله في الرحمة بأن الرحمة ‏المستلزمة للنقص هي رحمة المخلوق.‏
‏ وبهذا تبين بطلان مذهب أهل التعطيل سواء كانت تعطيلاً عاماً أو خاصاً.‏
‏ وبه علم أن طريق الأشاعرة والماتريدية في أسماء وصفاته وما احتجوا به لذلك لا ‏تندفع به شبه المعتزلة والجهمية وذلك من وجهين:‏
‏ أحدهما: أنه طريق مبتدع لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا سلف الأمة ‏وأئمتها، والبدعة لا تدفع بالبدعة وإنما تدفع بالسنة.‏
‏ الثاني: أن المعتزلة والجهمية يمكنهم أن يحتجوا لما نفوه على الأشاعرة والماتريدية ‏بمثل ما احتج به الأشاعرة والماتريدية لما نفوه على أهل السنة، فيقولون: لقد أبحتم لأنفسكم ‏نفي ما نفيتم من الصفات بما زعمتموه دليلاً عقلياً وأولتم دليله السمعي، فلماذا تحرمون علينا ‏نفي ما نفيناه بما نراه دليلاً عقلياً، ونأول دليله السمعي، فلنا عقول كما أن لكم عقولاً، فإن ‏كانت عقولنا خاطئة فكيف كانت عقولكم صائبة، وإن كانت عقولكم صائبة فكيف كانت عقولنا ‏خاطئة، وليس لكم حجة في الإنكار علينا سوى مجرد التحكم وإتباع الهوى. ‏
وهذه حجة دامغة وإلزام صحيح من الجهمية والمعتزلة للأشعرية والماتريدية، ولا ‏مدفع لذلك ولا محيص عنه إلا بالرجوع لمذهب السلف الذين يطردون هذا الباب، ويثبتون لله ‏تعالى من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ‏إثباتاً لا تمثيل فيه ولا تكييف، وتنزيهاً لا تعطيل فيه ولا تحريف، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً ‏فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ).‏
لو كان حقا ما‎ ‎إبتدعتموه لكنتم إما خير من السلف ‏وهذا محال أو أنكم جئتم بدين أهدى مما جاء به‎ ‎النبي ‏صلى الله عليه وسلم نورا للعالمين وهذا محال‎ ‎كذلك‎.
وإلا‎:
‎((‎لزمتكم شنع ثلاث‎ ‎فارتؤوا‎***‎‏ أو خلة منهن أو ‏ثنتان‏‎
تقديمهم‎ ‎في العلم أو في نصحهم***أو في البيان أذاك ‏ذو‎ ‎إمكان‎
إن كان ما قد قلتم حقا فقد***ضل الورى‎ ‎بالوحي ‏والقرآن‎
إذ فيهما ضد الذي قلتم وما***ضدان في‎ ‎المعقول ‏يجتمعان‎
بل كان أولى أن يعطل منهما***ويحال في علم‎ ‎وفي ‏عرفان‎
إما على جهم وجعد أو على النظ***ام أو ذي‎ ‎المذهب ‏اليونان ‏‎
وكذلك أتباع لهم فقع الفلاصم***وبكم تابعو‎ ‎العميان ‏‎
وكذلك أفراخ القرامطة الألى***قد جاهروا‎ ‎بعداوة ‏الرحمن‎)) ‎الكافية الشافية‎.‎

جمال البليدي
2009-06-06, 06:19 PM
المبحث الرابع ‏‎:‎بيان أن تأويل الحديث هو من أقوال المعتزلة


قال الأشعري "وقالت المعتزلة نزول الله معناه نزول آياته أو نزول الملك ‏بأمره(23) وقد حكى ابن فورك عن مشايخه ضبط الحديث بضم الياء (يُنزل) أي يأمر ‏ملكاً ينزل، هو تحريف للكلم عن مواضعه فما مدى صحة هذه الرواية المضبوطة عند ‏أهل الكلام.‏
وهذه المقالة الاعتزالية نجدها اليوم مقالة الأشاعرة: ولذا قال الشيخ عبد القادر الجيلاني "والله ينزل كل يوم ‏إلى السماء كيف شاء وليس بمعنى نزول الرحمة والثواب كما تدعي المعتزلة والأشعرية(24)‏.

جمال البليدي
2009-06-06, 06:21 PM
المبحث الخامس ‏‎:‎‏ الرد على الشبهات‏
http://majles.alukah.net/imgcache/2008/10/25.jpg

الشبهة الأولى ‏‎:‎‏ تأويلهم للنزول على أنه نزول الملك أو الأمر من الله أو الرحمة.



والرد على هذا التأويل المعتزلي الأشعري من عدة ‏أوجه‎:‎



الوجه الأول‎:‎أن أمره‎ ‎وملائكته ورحمته دائما ‏تنزل أناء الليل وأطراف النهار وفي كل ساعة فلما ‏تخصيص الثلث‎ ‎الأخير من الليل فقط؟‎!
قال الطبري رحمه الله(((‎ويهبط إلى السماء‎ ‎الدنيا ‏وينزل إليها كل ليلة,ولا نقول:معنى ذلك ينزل ‏أمره,بل نقول:أمره نازل إليها‎ ‎كل لحظة وساعة وإلى ‏غيرها من جميع خلقه الموجودين مادامت ‏موجودة.ولا تخلو ساعة من‎ ‎أمره,فلا وجه لخصوص ‏نزول أمره إليها وقتا دون وقت,مادامت موجودة‎ ‎باقية‎))(‎‏25‏ ‎).
قال‎ ‎ابن عبد البر رحمه الله‎ ((‎وقد قال قوم:إنه ينزل ‏أمره وتنزل رحمته‎ ‎ونعمته.وهذا ليس بشيء ,لأن ‏أمره بما شاء من رحمته ونقمه ينزل بالليل والنهار بلا‎ ‎تقويت ثلث الليل ولا غيره‎))(‎‏26‏‎)
وقال ابن خزيمة‎((‎وأنه تعالى‎ ‎ينزل إلى السماء ‏الدنيا,ومن زعم أن علمه ينزل أو أمره ضل‎)(‎‏27‏‎)

الوجه الثاني‎:‎كيف نجيب عن قوله‎ "‎من يدعوني ‏‏. . .إلخ" فهل يعقل أن يكون هذا قول الملك؟ فإنه ‏حينئذ يكون ‏كافراً‎. ‎قال تعالى‎ {‎وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ ‏مِّن دُونِهِ‎ ‎فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ‎}.‎‏

الوجه‎ ‎الثالث‎:‎أن ألفاظ الحديث تبطل التأويل بنزول ‏الملك,ففي بعض الروايات أن‎ ‎الرب تعالى يقول‎(‎أنا ‏الملك,أنا الملك,من يدعوني فأستجيب‎ ‎له‎)(‎‏28‏‎(
‎وفي ‏بعضها أن تعالى يقو((‎لا أسأل عن عبادي أحدا‎ ‎غيري‎))(‎‏29‏ )
‎وكلاهما صحيح‎.
قال الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله‎((‎وهذان ‏الحديثان يقطعان تأويل كل متأول ويدحضان حجة كل‎ ‎مبطل))

ومعلوم أن الكلام المذكور في الحديث هو كلام الله ‏الذي لا‎ ‎يقوله غيره فإن الملك لا يقول‎((‎لا أسأل عن ‏عبادي أحدا‎ ‎غيري‎)) ‎ولا يقول‎((‎من يسألني ‏فاعطينه‎)).‎بل الذي يقول‎ ‎الملك :ما ثبت في الصحيح ‏عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‎(( ‎إن الله تعالى ‏إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال : إني أحب فلانا ‏فأحببه، فيحبه جبريل،‎ ‎ثم ينادي في السماء فيقول : إن ‏الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع‎ ‎له ‏القبول في الأرض‎))‎وذكر البغض مثل ذلك‎.
فالملك إذا نادى عن الله لا‎ ‎يتكلم بصيغة المخاطب,إنما ‏يقول:إن الله أمر بكذا وكذا وقال بكذا‎ .
والسلطان إذا‎ ‎أمر خادمه بشيء فإن الخادم لن يقول ‏مباشرة كذا كذا بل يقول:قال لكم السلطان كذا‎ ‎وكذا‎.

الوجه الرابع‎:‎أنه قال((من ذا‎ ‎يدعوني فأستجيب ‏له؟من ذا الذي يسألني فأعطينه؟من ذا الذي يستغفرني ‏فأغفر له؟حتى‎ ‎يطلع الفجر))ومعلوم أنه لا يجيب ‏الدعاء ولا يغفر الذنوب إلا الله‎ ‎تعالى‎.
الوجه الخامس‎:‎نزول رحمته وأمره لا يكون إلا منه ‏وهذا‎ ‎يقتضي أن الله في العلو ,وإلا من تنزل ‏الرحمة؟‎!!
ولهذا قال بعض النفاة لبعض‎ ‎المثبتين:ينزل أمره ‏ورحمته,فقال المثبت:فممن ينزل؟ما عندك فوق العالم ‏شيء ,فممن‎ ‎ينزل الأمر؟من العدم المحض؟؟؟فبهت ‏النافي وكان كبيرا‎ ‎فيهم(31‏‎)
قال الإمام‎ ‎الدارمي رحمه الله‎(‎ونفس الحديث يبطل هذا ‏التفسير ويكذبه,غير أنه‎ ‎أغيظ حديث للجهمية,وأنقض ‏شيء لدعواهم,لأنهم لا يقرون أن الله فوق عرشه فوق‎ ‎سمواته,ونفس الحديث ناقض لدعواهم وقاطع‎ ‎لحججهم‎)(‎‏32 ‎)

الوجه السادس‎:‎لو كان‎ ‎النزول هو نزول ‏الملائكة والرحمة والأمر لكان أخبرنا بذلك النبي ‏صلى الله عليه وسلم‏‎ ‎الذي تركنا على المحجة البيضاء ‏لا يزيغ عنها إلا هالك فلا شك أن صرف النصوص ‏المحكمة‎ ‎الصريحة عن ظاهرها يعتبر تحريفا للشرع ‏وتكذيب للإسلام شعروا بذلك أم لم‎ ‎يشعروا‎.
الوجه السابع‎:‎إن سلف الأمة‎ ‎وأئمتها مجمعون ‏على إثبات صفة النزول لله تعالى من غير تحريف ولا ‏تكييف ولا‎ ‎تمثيل.ولم يثبت عن أي واحد منهم أنه تأول ‏شيئا من الصفات ألبتة‎
بل الثابت عن‎ ‎السلف والأئمة أنه لما ظهرت الجهمية ‏والزنادقة وأنكروا نزول الله تعالى ردوا عليهم‎ ‎وشنعوا عليهم وبينوا أن الله عز وجل ينزل إلى السماء ‏دنيا نزولا حقيقيا يليق بجلاله‎ ‎وعظمته‎.
حدث الإمام حماد‎ ‎بن سلمة رحمه الله(167ه) بحديث ‏النزول ثم قال‎((‎من رأيتموه ينكر‎ ‎هذا فاتهموه‎)(‎‏33‏ ‎)
وقال الإمام نعيم بن حماد رحمه ‏الله((228ه‎):((‎ح ديث نزول يرد على الجهمية ‏قولهم‎))(‎‏34‏ ‎)
وأفرد الإمام أبو داود‎ ‎في (كتاب السنة) بابا في الرد ‏على الجهمية وأورد حديث‎ ‎النزول(11‏‎).

وقال‎ ‎عباد بن العوام‎((‎قدم علينا شريك بن عبد الله منذ ‏نحو من خمسين سنة‎ ,‎فقلت له:يا أبا عبد الله إن عندنا ‏قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث(أي أحاديث‎ ‎النزول)قال:فحد ني بنحو من عشرة أحاديث في ‏هذا.وقال:أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن‎ ‎التابعين عن ‏أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم عمن‏‎ ‎أخذوا‎))(‎‏35‏ ‎)
وقد‎ ‎وقع بين إسحاق بن راهويه وبين إبراهيم بن ‏صالح المعتزلي ، وبينه وبين منصور بن طلحة‎ ‎أيضاً ‏منهم كلام ، بعضه عند عبد الله بن طاهر بن عبد الله ‏المعتزلي ، وبعضه عند‎ ‎أبيه طاهر بن عبد الله‎ .
قال إسحاق بن راهويه‎ : ‎جمعني وهذا‎ ‎المبتدع ـ يعني ‏إبراهيم بن صالح ـ مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ، ‏فسألني الأمير عن‎ ‎أخبار النزول فسردتها ، فقال ‏إبراهيم : كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء ، ‏فقلت آمنت‎ ‎برب يفعل ما يشاء ، قال فرضي عبد الله ‏كلامي وأنكر على إبراهيم . وقد أخذ إسحاق‎ ‎كلامه ‏هذا عن الفضيل بن عياض رحمه الله فإنه قال : إذا ‏قال الجهمي : أنا أكفر برب‎ ‎ينزل ويصعد ، فقل آمنت ‏برب يفعل ما يشاء ، ذكره أبو الشيخ ابن حبان في ‏كتاب السنة‎ .‎



http://majles.alukah.net/imgcache/2008/10/25.jpg

الشبهة الثانية ‏‎:‎قولهم بأن الليل ينتقل من مكان إلى مكان ‏
قال أحد الأحباش(( ويلزم من حديث النزول أن يكون الله فيما بين النصف الثاني من الليل والفجر ‏مستمراً في النزول والصعود، وذلك أن الليل يختلف باختلاف البلاد، فنصف الليل في بلد هو أول النهار في ‏بلد آخر)).‏
والجواب عليه ‏‎:‎
قال الحافظ "وقد استشكل ذلك (الحديث) وهو أنه يستلزم استغراق الزمان كله في ‏ذلك لاتصال الصلاة والسلام عليه ‏الصلاة والسلام‏ في أقطار الأرض ممن لا يحصى كثرة، وأجيب ‏بأن أمور الآخرة لا تُدرك بالعقل، وأحوال البرزخ أشبه بأحوال الآخرة"(2).‏

فإذا كان العقل لا يدرك كيفية رجوع الروح إلى جسد النبي فمن باب أولى أن لا ‏يدرك كيفية نزول الله. ولكن أهل البدع يتناقضون: فتارة يقدّمون العقل على النقل وتارة ‏يقدمون النقل على العقل وتارة يجوّزون عقلاً ما لا يجوز شرعاً وتارة يجوّزون شرعاً ‏ما لا يجوز عقلاً.‏
وهذا المثال يظهر به ما تعانيه نفوسهم من مرض التشبيه، وحيازتهم لأدواء ‏فاسدة يسمونها التأويل يظنون أن بها شفاءهم.‏
والحجة الدامغة في ذلك أن أفاضل هذه الأمة رووا هذا الحديث وكتبوه في كتبهم ‏وسئلوا عن معناه فلم يعارضوه بعقولهم ولم يضربوا له مثل السوء الذي ضربتموه، بل ‏المعروف عنهم عدم التعرض لأحاديث الصفات بما يعرض للعقول من وساوس.‏
ولهذا أجاب الحافظ ابن رجب(3) على من قال "إن ثلث الليل يختلف باختلاف ‏البلدان فلا يمكن أن يكون النزول في وقت معين" فقال رحمه الله "معلوم بالضرورة قبح ‏هذا الاعتراض وأن رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم‏ وخلفاءه الراشدين لو سمعوا من يعترض به لما ‏ناظروه، بل بادروا إلى عقوبته وإلحاقه بزمرة المخالفين المنافقين المكذبين".‏
وقد رد على هذه الشبهة السخيفة شيخ الإسلام ابن تيمية فقال ‏‎: ‎‏ ((ومن هنا يظهر عما ذكره ابن حزم ‏وغيره في حديث النزول حيث قال النبي ‎صلى الله عليه وسلم "‎ينزل ربنا‎ ‎كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ‏ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من‎ ‎يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ‏حتى يطلع الفجر‎".
فقالوا: قد ثبت أن الليل‎ ‎يختلف بالنسبة إلى الناس فيكون أوله ونصفه وثلثه بالمشرق قبل ‏أوله ونصفه وثلثه‎ ‎بالمغرب قالوا فلو كان النزول هو النزول المعروف للزم أن ينزل في جميع ‏أجزاء الليل‎ ‎إذ لا يزال في الأرض ليل قالوا أو لا يزال نازلا وصاعدا وهو جمع بين‎ ‎الضدين‎.
وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله ما يتخيلونه من نزول أحدهم وهذا عين‎ ‎التمثيل ثم إنهم ‏بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم الذي لا يمكنه أن يجمع من‎ ‎الأفعال ما يعجز غيره ‏عن جمعه وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يومالقيامة كل‎ ‎منهم يراه مخليا به ويناجيه ‏لا يرى أنه متخليا لغيره ولا مخاطب لغيره, وقد قال‎ ‎النبي‎صلى الله عليه وسلم: "‎إذا قال العبد الحمد لله رب ‏العالمين يقول الله حمدني عبدي وإذا قال‎ ‎الرحمن الرحيم قال الله أثنى علي عبدي‎".
فكل من الناس يناجيه والله تعالى يقول‎ ‎لكل منهم ذلك ولا يشغله شأن عن شأن, وذلك ‏كما قيل لابن عباس كيف يحاسب الله تعالى‎ ‎الخلق في ساعة واحدة فقال: كما يرزقهم في ‏ساعة واحدة‎.
ومن مثل مفعولاته التي‎ ‎خلقها بمفعولات غيره فقد وقع في تمثيل المجوس القدرية فكيف بمن ‏مثل أفعاله بنفسه أو‎ ‎صفاته بفعل غيره وصفته‎.
يقال لهؤلاء أنتم تعلمون أن الشمس جسم واحد وهي متحركة‎ ‎حركة واحدة متناسبة لا ‏تختلف ثم إنه بهذه الحركة الواحدة تكون طالعة على قوم‎, ‎وغاربة عن آخرين, وقريبة من ‏قوم وبعيدة من آخرين؛ فيكون عند قوم عنها ليل وعند قوم‎ ‎نهار وعند قوم شتاء وعند قوم ‏صيف وعند قوم حر وعند قوم برد؛ فإذا كانت حركة واحدة‎ ‎يكون عنها ليل ونهار في ‏وقت واحد لطائفتين وشتاء وصيف في وقت واحد لطائفتين فكيف‎ ‎يمتنع على خالق كل ‏شيء الواحد القهار أن يكون نزوله إلى عباده ونداه إياهم في ثلث‎ ‎ليلهم, وإن كان مختلفا ‏بالنسبة إليهم وهو سبحانه لا يشغله شأن عن شأن ولا يحتاج أن‎ ‎ينزل عن هؤلاء ثم ينزل ‏على هؤلاء بل في الوقت الواحد الذي يكون ثلثا عند هؤلاء‎ ‎وفجرا عند هؤلاء يكون نزوله ‏إلى سماء هؤلاء الدنيا وصعوده عن سماء هؤلاء الدنيا‎ ‎فسبحان الله الواحد القهار سبحان ‏ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد‎ ‎لله رب العالمين‎".
‎[‎‏37)‏

جمال البليدي
2009-06-06, 06:22 PM
الشبهة الثالثة ‏‎:‎‏احتجاجهم بما رواه النسائي في(عمل اليوم والليلة‎):((‎أن ‏الله عز وجل يمهل‎ ‎حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر ‏مناديا ينادي فيقول هل من داع فيستجاب له‎ )).‎



والجواب على ذلك:‏

أولاً: أن هذه الرواية لا ذكر فيها: لا لنزول الله ولا نزول الملك، فمن أين ‏حكمت بأن النزول هو نزول الملك بأمره؟ فالتعويل على هذه الرواية يلغي موضوع ‏النزول برمته.‏
ثانياً: أنه تفرد بهذه اللفظة حفص بن غياث (38) وهو ‏ممن تغير حفظه قليلا بأخرة,وخالفه غير‎ ‎واحد من ‏الثقات ,مثل:شعبة ومنصور بن المعتمر وفضيل بن ‏غزوان ومعمر بن راشد,فرووه‎ ‎بلفظ((إن‎ ‎الله يمهمل ‏حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول ,نزل إلى السماء‎ ‎الدنيا,فيقول:ه من مستغفر‎....)).
فروايته السابقة شاذة وإن صحت فلها وجه‎ ‎وهو‎:‎
الثالث ‏‎:‎‏ إن هذا إن كان ثابتا عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم فإن الرب يقول ذلك,..ويأمر مناديا‎ ‎فينادي...لا ‏أن المنادي يقول((من يدعوني فاستجيب له)) ومن ‏روى عن النبي صلى الله‎ ‎عليه وسلم أن المنادي يقول ‏ذلك فقد علمنا أنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه‎ ‎وسلم فإنه-مع أنه خلاف اللفظ المستفيض المتواتر ‏الذي نقلته الأمة خلفا عن‎ ‎السلف-فاسد في ‏المعقول,يعلم أنه من كذب بعض المبتدعين,كما روى ‏بعضهم((يُنزِّل ‎)) ‎بالضم وكما قرأ بعضهم(وكلم اللهَ ‏موسى تكليما))(39) ونحو ذلك من تحريفهم للفظ‎ ‎والمعنى‎ .‎
الرابع ‏‎:‎‏ أن الرواية على ضعفها خبر آحاد وتمسككم ينقض ما زعمتم ‏التزامه وهو عدم الاحتجاج بحديث الآحاد في العقائد.‏
الخامس ‏‎:‎‏ أن تحريفكم هذا يحقق حكم أبي الحسن الأشعري فيكم أنكم من ‏أهل الزيغ والضلالة. فقد روى الحافظ ابن عساكر عن أبي الحسن الأشعري أن الله هو ‏الذي "يقول (هل من سائل هل من مستغفر) خلافاً لما قاله أهل الزيغ والضلالة(40)‏
وقال "ومما يؤكد أن الله عز وجل مستو على عرشه دون الأشياء كلها، ما نقله ‏أهل الرواية عن رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم‏ قال: ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا(41)‏
فاعدد: كم من المسائل خالفت بها الأشعري ووافقت بها المعتزلة.‏


http://majles.alukah.net/imgcache/2008/10/25.jpg


الشبهة الرابعة ‏‎:‎‏ قولهم((هل يستلزم نزول الله عز ‏وجل أن يخلو العرش منه أو لا؟))‏.

والجواب ‏‎:‎
‏((علينا أن نثبت النزول على الوجه الذي يليق بالله، ومع كونه ‏استوى على العرش، فهو‎ ‎ينزل كما يليق به عز وجل ليس كنزولنا، إذا ‏نزل فلان من السطح خلا منه السطح، وإذا‎ ‎نزل من السيارة خلت منه ‏السيارة فهذا قياس فاسد له؛ لأنه سبحانه لا يقاس بخلقه، ولا‎ ‎يشبه ‏خلقه في شيء من صفاته. كما أننا نقول استوى على العرش على ‏الوجه الذي يليق به‎ ‎سبحانه، ولا نعلم كيفية استوائه، فلا نشبهه ‏بالخلق ولا نمثله، وإنما نقول استوى‎ ‎استواء يليق بجلاله وعظمته، ‏ولما خاض المتكلمون في هذا المقام بغير حق حصل لهم بذلك‎ ‎حيرة ‏عظيمة حتى آل بهم الكلام إلى إنكار الله بالكلية، حتى قالوا: لا داخل ‏العالم‎ ‎ولا خارج العالم، ولا كذا ولا كذا، حتى وصفوه بصفات معناها ‏العدم وإنكار وجوده‎ ‎سبحانه بالكلية، ولهذا ذهب أصحاب رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم وأهل السنة والجماعة‎ ‎تبعاً لهم فأقروا بما جاءت ‏به النصوص من الكتاب والسنة، وقالوا لا يعلم كيفية صفاته‎ ‎إلا هو ‏سبحانه، ومن هذا ما قاله مالك رحمه الله: (الاستواء معلوم، والكيف ‏مجهول،‎ ‎والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) يعني عن الكيفية، ‏ومثل ذلك ما يروى عن أم سلمة‎ ‎رضي الله عنها عن ربيعه بن أبي عبد ‏الرحمن شيخ مالك رحمهما الله: (الاستواء غير‎ ‎مجهول، والكيف غير ‏معقول، والإيمان بذلك واجب)، ومن التزم بهذا الأمر سلم من شبهات‎ ‎كثيرة ومن اعتقادات لأهل الباطل كثيرة عديدة، وحسبنا أن نثبت ما ‏جاء في النصوص وأن‎ ‎لا نزيد على ذلك، وهكذا نقول يسمع ويتكلم ‏ويبصر، ويغضب ويرضى على وجه يليق به‎ ‎سبحانه، ولا يعلم كيفية ‏صفاته إلا هو، وهذا هو طريق السلامة وطريق النجاة، وطريق‎ ‎العلم ‏وهو مذهب السلف الصالح، وهو المذهب الأسلم والأعلم والأحكم، ‏وبذلك يسلم‎ ‎المؤمن من شبهات المشبهين، وضلالات المضللين، ‏ويعتصم بالسنة والكتاب المبين، ويرد‎ ‎علم الكيفية إلى ربه سبحانه ‏وتعالى، والله سبحانه ولي‎ ‎التوفيق‎.‎‏)) من فتوى للشيخ ابن باز رحمه ‏الله.‏


http://majles.alukah.net/imgcache/2008/10/25.jpg

الشبهة الخامسة ‏‎:‎قولهم بأن النزول يقتضي الحركة ‏والإنتقال وهذا من خصائص الأجسام.‏


والجواب من عدة أوجه ‏‎:‎



الأول ‏‎:‎‏ إن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق ‏بالحق ,وأنصح الخلق للخلق,وأفصح الخلق في بيان ‏الحق,وأحرص الخلق في هداية الخلق,فما بينه من ‏أسماء الله وصفاته هو الغاية في هذا الباب"فإن كان ‏كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس ‏‏,وأجهلهم وأسوئهم أدبا,بل يجب تأديبه ‏وتعزيره,ويجب أن يصان كلام رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم عن الظنون الباطلة,والإعتق دات ‏الفاسدة"(42)‏
ولفظ(الحركة) لم يثبت لا في الكتاب ولا في‎ ‎السنة ‏وبالتالي هو لفظ مجمل يجب الإستفصال في معناه في ‏إن كان حق قبلناه وإن كان‎ ‎باطلا رددناه‎ .
فإن كان‎ ‎قصدكم بالحركة أن الله إستوى العرش وكلم ‏موسى وينزل كل ليلة في الثلث الأخير وأنه‎ ‎خلق ‏السموات وخلق الخلق وأنه أنزل الله الكتب وأنه يجيء ‏يوم القيامة ليحاسب العباد‎ ‎فهذا المعنى حق دل عليه ‏الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة‎ ((‎واتفق أهل‎ ‎السنة ‏على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ‏ذلك غير خائضين فيه ، ولا‎ ‎محرفين للكلم عن ‏مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله . وهذه النصوص ‏في إثبات الفعل ،‎ ‎والمجيء ، والاستواء ، والنزول ‏إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله‎ ‎فالحركة ‏له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها ، وإن ‏كنا لا نعقل كيفية هذه‎ ‎الحركة‎))(1).
أما‎ ‎إذا كنتم تقصدون بلفظ(الحركة) أن الله يماثل أحد ‏مخلوقاته في شيء من صفاتهم فهذا‎ ‎المعنى باطل ‏ننكره والإمام الدارمي ينكره كذلك‎ .
لكن اللفظ حادث وموقف أهل السنة من الألفاظ الحادثة‎ ‎هو‎:
‎-‎إما نفيها تماما‎ ‎والوقوف على الألفاظ الواردة فقط‎
‎-‎إما إثبات المعنى الصحيح منها وترك المعنى‎ ‎الخاطئ وإبقاء اللفظ(وهذه طريقة الدارمي‎)
‎-‎إما إثبات المعنى الصحيح والوقف عن اللفظ‎ ‎وعدم ‏القول به( وهذه طريقة بعض السلف وطريقة ابن ‏تيمية رحمه‎ ‎الله‎).‎



الثاني ‏‎:‎‏ إن الإنتقال إن لزم من إثبات ما أثبته الله تعالى ‏ورسوله صلى الله عليه وسلم ,فلا بد من إثباته ‏ضرورة ,إذ لا زم الحق حق,وإن لم يكن ذلك لازم ‏له,فأنتم معترضون على الرسول صلى الله عليه وسلم ‏كاذبون عليه,متقدمون بين يديه,فبطل إلزامك إن صح.‏
قال ابن رجب رحمه الله ‏‎:‎‏(لا نسلم لزومه,فإن نزوله ‏ليس كنزول المخلوقين)(43)‏
وقال الحافظ الذهبي ‏‎:(‎‏ ((الصواب في حديث النزول ‏ونحوه ما قاله مالك وأقرانه يُمر كما جاء بلا كيفية , و لازم ‏الحق حق , و نفي‎ ‎الإنتقال و إثباته عبارة ‏محدثة , فإن ثبتت في الأثر ‏رويناها و نطقنا‎ ‎بها , و ان نفيت ‏في الأثر نطقنا بالنفي , و إلا ‏لزمنا السكوت‎ ‎و آمنا‎ ‎بما ثبت في الكتاب و السنة ‏على مقتضاه " اهـ(44)‏
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ‏‎:‎‏ (( والأحسن في هذا ‏الباب مراعاة ألفاظ النصوص.فالألفاظ التي جاء بها ‏الكتاب والسنة في الإثبات تثبت ,والتي جاءت في ‏النفي تنفى .والألفاظ المجملة كلفظ(الحركة) ‏و(النزول) و(الإنتقال) يجب أن يقال فيها ‏‎:‎أنه منزه ‏عن مماثلة المخلوقين من كل وجه,لا يماثل المخلوق ‏لا في نزول,ولا في حركة ولا انتقال ولا زوال ولا ‏غير ذلك(45).وهذه سبيل من اعتصم بالعروة ‏الوثقى(46)))‏.

الثالث ‏‎:‎‏ يقال لهم ‏‎:‎رب العالمين إما أن يقبل الاتصاف ‏بالإئتيان والمجيء والنزول وجنس الحركة,وإما أن لا ‏يقبله,فإن لم يقبله كانت الأجسام التي تقبل الحركة ولم ‏تتحرك أكمل منه,وإن قبل ذلك ولم يفعله كان ما ‏يتحرك أكمل منه,فإن الحركة كمال للمتحرك,ومعلوم ‏أن من يمكنه أن يتحرك بنفسه أكمل ممن لا يمكنه ‏التحرك ,وما يقبل الحركة أكمل ممن لا يقبها(47)‏
قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎‏ ((ومن نزهه عن نزوله كل ‏ليلة إلى السماء الدنيا,ودنوه عشية عرفة من أهل ‏الموقف,ومجيئه يوم القيامة للقضاء بين عباده فرار ‏من تشبيهه بالأجسام,فقد شبهه بالجماد الذي لا ‏يتصرف ولا يفعل ولا يجيئ ولا يأتي ولا ‏ينزل))(48)‏.

الرابع ‏‎:‎قولكم أن هذه الأمور كالمجيئ والإتيان ‏والنزول من خصائص أجسام قول باطل قطعا لأن ‏الأعراض كذلك توصف بذلك فيقال ‏‎:‎جاء البرد ,جاء ‏الحر,جاء الصيف ,وجاءت الحمى...فهل هذه أجسام ‏عندكم؟وبالتال قولكم هذا من الهذيان والهراء والحمد ‏لله .‏
الخامس ‏‎:‎‏ أن يقال ‏‎:‎المجيء والإتيان والصعود ‏والنزول توصف بها روح الإنسان التي تفارقه ‏بالموت,وتسمى النفس,وتوصف به الملائكة .وليس ‏نزول الروح وصعودها من جنس نزول البدن ‏وصعوده,فإن روح المؤمن تصعد إلى فوق السموات ‏ثم تهبط إلى الأرض فيما بين قبضها ووضع الميت في ‏قبره .وهذا زمن يسير لا يصعد البدن إلى فوق ‏السماوات ثم ينزل إلى الأرض في مثل هذا الزمن.‏
وإذا كانت الروح تعرج إلى السماء مع أنها في البدن، علم أنه ليس عروجها من جنس عروج البدن الذي يمتنع هذا فيه. وعروج الملائكة ونزولها من ‏جنس عروج الروح ونزولها، لا من جنس عروج البدن ونزوله. وصعود الرب عز وجل فوق هذا كله وأجل من هذا كله؛ فإنه تعالى أبعد عن مماثلة ‏كل مخلوق من مماثلة مخلوق لمخلوق.‏
فتدبر أيها القارئ اللبيب.‏

يتبع...

جمال البليدي
2009-06-06, 06:24 PM
الشبهة السادسة ‏‎:‎‏ هل النزول يستلزم أن تكون السماء الدنيا تقله ، والسماء ‏الثانية فوقه ؟‎

والجواب ماقاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح العقيدة السفارينية :272‏‎ :‎‏ ‏‎ ‎لا يلزم ‏، بل نعلم أنه لا يمكن ، وذلك لأنه لو أقلته السماء الدنيا لكان محتاجاً‎ ‎إليها ، ولو أقلته ‏السماء الثانية لكانت فوقه ، والله سبحانه وتعالى له العلو‎ ‎المطلق أزلاً وأبداً ، إذاً فليست ‏السماء الدنيا تقله ولا السماء الأخرى تظله‏‎ .
المبحث الثالث : هل إذا نزل إلى السماء الدنيا يخلو منه العرش أو لا يخلو‎ ‎؟‎
في هذا ثلاثةُ أقوال لعلماء السنة‎ :
‎•‎فمنهم من قال : إن العرش يخلو منه‎ .
‎•‎ومنهم من قال : إن العرش لا يخلو منه‎ .
‎•‎ومنهم من توقف‎ .
فأما الذين‎ ‎قالوا : إن العرش يخلو منه ، فقولهم باطل ، لأن الله أثبت أنه استوى على العرش ‏بعد‎ ‎خلق السموات والأرض ، ولم ينفِ هذا الاستواء في الحديث حين قال الرسول صلى ‏الله‎ ‎عليه وسلم : (( ينزلُ ربنا إلى السماء الدنيا ) ، فوجب إبقاء ما كان على ما كان ،‎ ‎وليس الله عز وجل كالمخلوقات ، إذا شغل حيزاً فرغ منه الحيز الآخر ، نعم ، نحن إذا‏‎ ‎نزلنا ‏مكاناً خلا منا المكان الآخر ، أما الله عز وجل فلا يقاس بخلقه . فهذا القول‎ ‎باطل لا شك ‏فيه‎ .
ويبقى النظر في القولين الآخرين ، وهما : التوقف ، أو أن نقول‎ : ‎إنه لا يخلو منه العرش‎ .
فذهبت جماعة من العلماء رحمهم الله إلى التوقف ،‏‎ ‎وقالوا : ما لنا ولهذا السؤال أصلاً . ولا ‏ينبغي أن نورد هذا السؤال ؛ لأننا لسنا‎ ‎أشد حرصاً على العلم بالله من الصحابة رضي الله ‏عنهم ، ولم يسألوا الرسول عليه‎ ‎الصلاة والسلام عن هذا ، فنقول : هذا السؤال من أصله ‏غير وارد ، ونقول لمن أورده‎ : ‎أنت مبتدع ودعنا من هذا‎ .
وعندي أن هذه الطريقة أسلم طريقة ؛أن لا نسأل عن شيء‎ ‎لم يسأل عنه الصحابة رضي الله ‏عنهم ، وأن نلقم من سأل عنه حجراً ، فإذا قال قائل‎ : ‎أنا أريد المعقول ، قلنا : اجعل ‏عقلك في نفسك ، وفكر في نفسك ، أما في مثل هذا‎ ‎الأمر فلا تفكر فيه ما دام لم يأتك خبر ‏عنه‎ .
وللأسف فإن بعض الناس يجادل ويقول‎ : ‎دعوني أتصور النزول حقيقة حتى أتبين هل خلا ‏منه العرش أم لا ؟ ، فنقول : سبحان‎ ‎الله ! ألا يسعك ما وسع الصحابة رضي الله عنهم ؟ ‏اسكت واترك هذا الكلام الذي لم‎ ‎يقله الصحابة رضي الله عنهم للرسول صلى الله عليه ‏وسلم ، وهم أشد الناس حرصاً على‏‎ ‎العلم بالله ، وأعلم الناس بالله‎ .
وذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يخلو منه‎ ‎العرش ، لأن الله تعالى ذكر أنه استوى على ‏العرش حين خلق السموات والأرض ، ولم يذكر‎ ‎النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا نزل خلا ‏منه العرش ، فالواجب بقاء ما كان على ما‎ ‎كان ، فهو سبحانه استوى على العرش ، ولم ‏يزل مستوياً عليه ، وينزل إلى السماء‎ ‎الدنيا في هذا الوقت ، والله على كل شيء قدير ، ‏وهو سبحانه لا يقاس بخلقه‎.
كما‎ ‎إننا نقول جزماً : إنه إذا نزل إلى السماء الدنيا لم يكن نازلاً على المخلوقات ، بل‎ ‎هو ‏فوق كل شيء ، وإن كان نازلاً إلى السماء الدنيا ؛ لأن الله لا يقاس بخلقه ، والى‎ ‎هذا ذهب ‏شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن العرش لا يخلو منه. ولكني أميل إلى‎ ‎ترجيح القول ‏الثاني وهو التوقف وألا يورد هذا السؤال أصلا ، وإذا كان الإمام مالك‎ ‎رحمه الله لما قال له ‏القائل : الرحمن على العرش استوى ، كيف استوى ؟ قال : السؤال‎ ‎عن هذا بدعة ، فإننا ‏نقول في هذا : السؤال عنه بدعة‎ .‎

جمال البليدي
2009-06-06, 06:25 PM
الشبهة السابعة ‏‎:‎نسبتهم التأويل للإمام مالك رحمه الله
قال الحبشي "فقد ثبت التأويل عن مالك في حديث النزول أنه قال: نزول رحمة لا نزول نقلة"(49)

وقوله هذا مردود من وجوه عديدة:‏


أولاً: أن هذه الرواية إن صحت (وهي ضعيفة السند) تعارض رواية مالك الصحيحة المشهورة في الاستواء.‏
والأشاعرة تتناقض موافقهم ففي حديث العلو يحتجون بقول مالك (وكيف عنه مرفوع) وفي حديث النزول يجعلون الكيف معقولاً ومؤولاً بنزول ‏الرحمة.‏
ففي حين ينهى مالك عن إعطاء كيفية للاستواء يجيز حسب هذه الرواية إعطاء تكييف للنزول بأنه رحمة لا نقلة. وكان بإمكانه أن يقول في الاستواء ‏‏(علو مكانة لا علو جهة وتحيز). فكيف ينهى مالك عن طلب الكيفية في الاستواء ثم يفصل النزول بكيفية نزول؟ هذا تناقض!‏
ثانياً: أن المعتمد عند الحبشي وعند عامة الأشاعرة والماتريدية أن السلف فوضوا آيات الصفات ولم يتأولوها وإنما كان التأويل بدعة الخلف. فكيف ‏يذهب مالك إلى قول الخلف؟
ثالثاً: أن الرواية عن مالك لم تصح، فيها حبيب بن أب حبيب قال أحمد "كان يكذب" وقال أبو داود "كان من أكذب الناس" وقال ابن حبان "أحاديثه كلها ‏موضوعة، كان يُدخل على الشيوخ الثقات ما ليس من حديثهم"(50).‏
وقال الحافظ ابن عبد البر شيخ المالكية في عصره عن رواية حبيب "وأنكره آخرون فقالوا: هذا ليس بشيء لأن أمره ورحمته لا يزالان ينزلان أبداً في ‏الليل والنهار". وشكك الذهبي في صحة الروية عن حبيب(51).‏
وفيها محمد بن علي الجبلّي فقيل إنه كان رافضياً شديد الرفض(52).‏


وفيها جامع بن سوادة "ضعيف"(53) ومطرف بن عبد الله بن مطرف اليساري أبو مصعب المدني ابن أخت الإمام مالك: كان مضطرب الحديث وكان ‏يحدث عن مالك وغيره بالمناكير فلعل هذا من مناكيره(54).‏
فرواية الاستواء قد تلقاها سائر أهل العلم بالقبول وتواترت عندهم. أما رواية النزول فهي واهية معلولة لو صحت لكانت شاذة فكيف وقد ثبت ضعفها!‏
رابعاً: أن الثابت عن مالك خلاف ذلك، فقد ذكر البيهقي صفات الفوقية والنزول والإتيان، ثم روى بسنده عن الوليد بن مسلم قال: سئل الأوزاعي ومالك ‏والثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث فقالوا "أمرّوها كما جاءت"(55).‏
هكذا أثبته الصابوني عنهم في كتابه عقيدة السلف وأصحاب الحديث، وأثبته ابن عبد البر عن مالك: وهو أعلم بمذهب مالك من غيره.‏
ولذا حكى الشيخ عبد القادر الجيلاني عقيدة أهل السنة وذكر منها إيمانهم بأنه تعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء، ونسب تأويل ‏النزول بنزول الرحمة إلى الأشاعرة والمعتزلة(56).‏
خامساً: أن مالكاً لم يتأول صفة الاستواء حين سأله السائل عن كيفية الاستواء، وإنما اكتفى بالقول: الاستواء معلوم والكيف مجهول. ولو كان متأولاً ‏شيئاً من صفات الله لتأول صفة الاستواء من باب أولى. وسئل أبو حنيفة عن النزول فقال "ينزل بلا كيف" فأثبت أبو حنيفة النزول ولم يبطله بنزول ‏الملك بأمره أو نزول رحمته. وليس من العقل الجمع بين النقيضين كأن نقول: ينزل، ولكن ينزل الملك بأمره!‏
ـ أن تأويل النزول بنزول الرحمة باطل فإن الرحمة لا ينقطع نزولها. وتأويلها بنزول الملائكة أكثر بطلاناً فإن الملائكة لا تزال تنزل بالليل والنهار ‏وليس في الثلث الأخير من الليل فقط.‏


ـ وقولهم ينزل أمره باطل ومتناقض فإنه ليس عندهم في السماء شيء فمن أين ينزل أمره؟ أليس ينزل الأمر ممن هو فوق؟.‏
ـ ومن المعلوم عند أهل الكلام أن الرحمة صفة، وأن الصفة لا تقوم بنفسها بل لا بد لها من محل، وهي لا تتكلم بنفسها ولا تقول أنا الله، فالقائل هو الله ‏حقيقة والفاعل هو الله حقيقة. ثم إذا نزلت الرحمة إلى السماء الدنيا ولم يتنزل إلينا فأي منفعة لنا في ذلك؟
سابعاً: أنه إذا ثبت عن مالك وأحمد وغيرهما تأويل شيء في موارد النزاع فهو تنازع يُرَدّ إلى الكتاب والسنة. وهو تنازع مسبوق بتنازع الصحابة في ‏تفسير القرآن وغيره. فقد اختلف ابن عباس وابن مسعود في قوله تعالى {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} قال ابن عباس "هو دخان يجيء قبل ‏يوم القيامة، بينما قال ابن مسعود "هو ما أصاب قريشاً من الجوع.‏
ـ وروى البخاري عن الفضيل بن عياض أنه قال "إذا قال لك الجهمي أننا لا نؤمن بربٍ ينزل عن مكانه فقل له أنت: أنا أؤمن بربٍ كيف يشاء"(57).‏
وسئل ابن المبارك عن حديث النزول – كيف ينزل؟ فأجابك "ينزل كيف يشاء"(58).‏
ـ فلماذا الميل إلى تأويل صفة النزول؟ أخوفاً من التشبيه، فإنه لا يعتبر تشبيهاً إلا عند أهل الوسوسة. فكما أنهم يؤمنون بإرادةٍ لله ليست كإرادتنا وبكلام ‏ليس ككلامنا: فما الذي يمنعهم أن يؤمنوا بنزول ليس كنزولنا وباستواء ليس كاستوائنا؟!‏

وأما احتجاجهم بقول الحافظ ابن حجر أن "المشبهة حملوا النزول على ظاهره"(59).‏
والجواب: أننا نحتج عليكم وعلى الحافظ رحمه الله بقوله هو "أن المعتزلة والجهمية تذرّعوا بالذريعة عينها فقالوا من أثبت هذه الصفات فهو مشبّه. ثم ‏نقل عن الجويني ارتضاؤه في نهاية المطاف ترك 60(().‏
ونقول: نعم، من حمله على ظاهره من غير الضابط الحاسم للنزاع وهو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فهو مشبه حقاً، أما أهل السنة والجماعة فإنهم يراعون هذه ‏الآية دائماً عند إثبات كل صفة أثبتها الله لنفسه.‏



جمعه ونسقه أخوكم :جمال البليدي

المراجع:
1-القواعد المثلى لابن عثيمين
2-شرح العقيدة السفارينية لابن عثيمين
3-الكلمات الحسان في بيان علو الرحمان للشيخ عبد الهادي بن حسن وهبي
4-موسوعة أهل السنة في نقد الأحباش والأشاعرة.
5-مجموع الفتاوى لابن تيمية .
6-الردود والتعقيبات على أخطاء النووي في الصفات للشيخ مشهور آل سلمان.




--------------------------------------------------------------------------------‏





‏(1) البخاري (1145) مسلم (758) الموطأ 1/214 واختلفت الرواية في تحديد وقد النزول واتفق ‏العلماء على أن أصح الروايات رواية "الثلث الآخر من الليل" حكاه الحافظ عن الترمذي (الفتح ‏‏3/31).‏

‏(2) الوصية ص54‏
‏(3) الرد على الجهمية ص73‏
‏(4)التبصير في معالم الدين ‏
ص136‏
‏(5) رواه ابن خزيمة(ص89) وأحمد(1/388و403و446) ‏والأجري(312) بسند صحيح.‏
‏(6) التوحيد(ص125-126).‏
‏(7)العلو ص(534)‏
‏(8)السير(13/233-234).‏
‏(9)الإبانة(ص29-30).‏
‏(10)الإبانة
‏(11) أصول السنةص113-114‏
‏(12)الرسالة الوافية ص134-138)‏
‏(13)التمهيد(7/128)‏
‏(14)الإستذكار(8/148)‏
‏(15)التمهيد(7/129).‏
‏(16)عقيدة السلف أصحاب الحديث.‏
‏(17)اعتقاد أئمة أهل الحديث ص62‏
‏(18)اتمام المنة بشرح إعقاد أهل السنة
‏(19)نونية القحطاني
‏(20)رواه الذهبي في العلو ‏
‏(21) الكافية الشافية
‏(22) زاد المعاد(3/677)‏
‏(23) مقالات الإسلاميين 291 وانظر التبيين لابن عساكر 150.
‏(24) الغنية لطالبي الحق 57.‏

‎(‎‏25‏‎)‎التب صير في معالم الدين 'ص142-147) طبعة دار العاصمة‎ 1416
‎(‎‏26‏‎)‎الاس تذكار(8/148‏‎).‎

‎(‎‏27‏‎)‎تذكر ة‎ ‎الحفاظ(2/728‏‎).

‎(‎‏28‏‎) ‎أخرجه مسلم (758)من حديث‎ ‎أبي هريرة رضي الله عنه‎.
‎(‎‏29‏‎)‎أخرج ه النسائي في(اليوم والليلة)(475‏‎) ‎والدارمي(1481و1482 ) وأحمد(4/16-‏‏17)(16265و16268) وصححه الألباني‎ .
‎(‎‏31‏‎)‎مجمو ع‎ ‎الفتاوى(5/416‏‎).
‎(‎‏32‏‎) ‎نقضه على المريسي(1/500‏‎).
‎(‎‏33‏‎9)‎سير أعلام‎ ‎النبلاء(7/451‏‎).
‎(‎‏34‏‎)‎التم هيد(7/44‏‎)
‎(‎‏35‏‎1)‎سنن أبي‎ ‎داود(4/243)(4733‏‎)
‎(‎‏36‏‎)‎رواه البيهقي في الأسماء والصفات(949) بسند صحيح
‏(37) بيان تلبيس الجهمية (2|229‏‎)‎
‏(38) وقد حكم بضعف اللفظة المذكورة الشيخ الألباني في ‏السلسلة الضعيفة(3897‏‎)‎
‏(39) النساء164 وتوجيه التحريف نصب لفظ الجلالة ‏على أنه مفعول ورفع موسى على أنه الفاعل‎ ‎وهذا من ‏تحريفات المعتزلة‎..‎
‏(40) تبيين كذب المفتري ص 161 الإبانة 25.‏
‏(41) الإبانة 88 وانظر مقالات الإسلاميين 290-291.‏
‏(42)مجموع الفتاوى(18/129-130).‏
‏(43) الذيل على طبقات الحنابلة(4/34).‏
‏(44) المهذب في اختصار السنن الكبير ( 2 / 470‏‎ )‎
‏(45)مجموع الفتاوى(16/426)‏
‏(46) مجموع الفتاوى(16/432)‏
‏(47)مجموع الفتاوى(8/23).‏
‏(48) طريق الهجرتين ص295‏
‏(49) الدليل القويم 49.‏
‏(50) تهذيب التهذيب 2/181 وانظر التقريب (1087).‏
‏(51) التمهيد 7/143 سير أعلام النبلاء 8/105.‏
‏(52) انظر ترجمته: تاريخ بغداد 3/101-103 والمنتظم لابن الجوزي 8/135 وميزان الاعتدال 3/657 ولسان الميزان 5/343 ترجمة رقم ‏‏(7805).‏
‏(53) ميزان الاعتدال 1/387 لسان الميزان 2/119 ترجمة رقم (1896).‏
‏(54) الكامل لابن عدي 6/2374 ميزان الاعتدال 4/124 تهذيب التهذيب 10/175.‏
‏(55) الأسماء والصفات 569.‏
‏(56) الغنية لطالبي طريق الحق 57.‏
‏(57) رواه البخاري في خلق أفعال العباد ص 17 وشرح اعتقاد أهل السنة للالكائي 3/452 وعقيدة السلف للصابوني 1/118 واحتج بها الشيخ عبد ‏القادر الجيلاني في كتابه الغنية لطالبي الحق (ص 58) وانظر الأسماء والصفات للبيهقي 569 أو 2/197 تحقيق حيدر.‏
‏(58) رواه البيهقي في الأسماء والصفات 569 نسخة حيدر 2/198-199 وهذا القول من ابن المبارك يبطل تحريف الأشاعرة لقول السلف (بلا ‏كيف).‏
‏(59) مجلة منار الهدى 11/28.‏
‏(60) فتح الباري 13/ 407.‏

عابـر سبيل
2009-06-09, 09:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وأرضاك وجعل الجنة متقلبك ومثواك
فقد أفدت وأجدت

http://www.saowt.com/forum/showthread.php?t=35136&page=2

طالبة العلم
2009-06-09, 10:28 PM
جزاكم الله خيرًا على هذا البحث القيم . ماشاء الله .

الحافظة
2009-06-09, 11:47 PM
بحث قيم ورائع ..بارك الله فيكم وزادكم من فضله وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم ...

نرجو من المشرفين بارك الله فيهم تثبيت هذا الموضوع لتعم الفائدة

عبد المنعم الثاني
2009-06-13, 11:24 PM
أرجو أن تضع البحث على ملف واح word مع تنسيق الخطوط وفهرست الموضوع

ابـوالـبـراء
2009-06-15, 04:16 PM
جـزاكـ الله خــيــر
وجعلك حصن حصين لهذا الدين .

المقدسى
2009-06-17, 09:10 AM
جـزاكـ الله خــيــر

أبو رقية الذهبي
2009-07-06, 11:30 AM
جزاكم الله خيرًا على الموضوع، وأعانكم على تقديم المزيد من الخير، وثبتكم على الطريق المستقيم
محبكم
أبو رقية
غفر الله له ولوالديه

أبو حاتم الجبرتي
2009-07-13, 07:56 PM
جزاك الله خيرا
بحث ممتاز

الكتبي
2009-07-24, 02:46 AM
أرجو أن تضع البحث على ملف واح word مع تنسيق الخطوط وفهرست الموضوع


نعم

نؤيد الطلب

عبدالعزيز التميمي
2009-07-24, 09:37 AM
بارك الله فيك

أسماء
2009-08-11, 11:47 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك و في جهدك القيم و نفع بك

الشرح الممتع
2009-08-18, 07:35 PM
جزاكم الله خير

جهدا مأجورا إن شاء الله

أم تميم
2009-09-03, 05:37 PM
مجهودٌ طيب ..
نسأل الله أن ينفع به ..

لمن أراد البحث على ملف وورد .. تفضلوا ..
HB9FB2X.rar - 37.8 Kb (http://www.salafishare.com/arabic/32UAME5U1USU/HB9FB2X.rar)

باركَ الله فيكم أخانا الفاضل ..
وزادكم من فضله ..

عمار محمد
2009-10-12, 12:38 PM
السلام عليكم
ما شاء بحث طيب ورائع
وأما حديث النسائي (إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ، ثم يأمر منادياً ينادي...) فهو حديث منكر وإليكم ما قاله العلامة الألباني فيه :


تخريج حديث (إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ، ثم يأمر منادياً ينادي...)

- ( إن لله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ، ثم يأمر منادياً ينادي يقول : هل من داع يستجاب له ؟ هل من مستغفر يغفر له ، هل من سائل يعطى ) .

منكر بهذا السياق
أخرجه النسائي في "اليوم والليلة" (رقم482) من طريق عمر بن حفص بن غياث : أخبرنا أبي : أخبرنا الأعمش : أخبرنا أبو إسحاق : أخبرنا أبو مسلم الأغر قال : سمعت أبا هريرة وأبا سعيد يقولان : قال : ... فذكره مرفوعاً .
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة ؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ، لكن في عمر بن حفص بن غياث شيء من الضعف ؛ كما ينبئك به الحافظ ابن حجر في "التقريب" ؛ فقال في عمر :"إن الله عز وجل يمهل ، حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول ؛ نزل إلى السماء الدنيا ، فيقول : هل من مستغفر ؟ هل من تائب ؟ هل من سائل ؟ هل من داع ؟ حتى ينفجر الفجر" .
فليس فيه : "أن الله يأمر منادياً ينادي يقول" ، بل فيه أن الله هو القائل : "هل من .." ، وفيه نزول الرب سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا ، وهذا ما لم يذكره حفص بن غياث ، فدل على أنه لم يحفظه ، فالظاهر أنه لم يحدث به من كتابه ، وإنما من حفظه فوهم .
وها أنا أذكر من وقفت عليه من الثقات الذين خالفوه ؛ فرووه بذكر نزول الرب إلى السماء ، وأنه هو سبحانه القائل ، كما ذكرنا :
1- شعبة بن الحجاج . فقال الطيالسي في "مسنده" (2232 و 2385) : حدثنا شعبة قال : أخبرنا أبو إسحاق قال : سمعت الأغر به .
ومن طريق الطيالسي : أخرجه أبو عوانة في "صحيحه" (2/ 288) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (450) . وأخرجه مسلم (2/ 176) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (83) ، وأحمد (3/ 34) من طريق أخرى ، عن شعبة به .
2- منصور - وهو ابن المعتمر الكوفي - ، عن أبي إسحاق به .
أخرجه مسلم ، وأبو عوانة ، وابن خزيمة (84) .
3- فضيل - وهو ابن غزوان الكوفي - ، عنه . أخرجه أبو عوانة .
4- أبو عوانة - وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري - ، عنه به .
أخرجه أحمد (2/ 383 و 3/ 43) .5- معمر - وهو ابن راشد البصري - ، عنه .
أخرجه أحمد أيضاً (3/ 94) من طريق عبد الرزاق - وهو في "مصنفه" (11/ 293-294) - .
6- إسرائيل ، وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي . أخرجه ابن خزيمة .
قلت : فهذه ستة طرق ، وكلهم ثقات أثبات رووه باللفظ المخالف للفظ حفص ابن غياث ، فثبت وهمه فيه .
وكان يمكن أن يقال : لعل الوهم من أبي إسحاق - وهو السبيعي - ؛ فإنه كان اختلط ، على تدليس فيه ، لولا أنه قد صرح بالتحديث في رواية شعبة الأولى عنه ، ثم هو روى عنه قبل الاختلاط ، فانتفى الاحتمال المذكور ، ولزم الخطأ حفص بن غياث .
وإن مما يؤكد وهمه ؛ أنه قد تابعه محاضر - وهو ابن المورع - ، وهو ثقة من رجال مسلم قال : حدثنا الأعمش به نحوه ؛ إلا أنه لم يذكر في إسناده أبا سعيد الخدري .
أخرجه أبو عوانة عقب سوقه حديث شعبة ، ولم يسق لفظه ، وإنما قال : "بنحوه" ، وأخرجه ابن خزيمة ، فساق لفظه .
ومما يؤكد خطأ اللفظ المذكور ونكارته ؛ أن الحديث قد جاء من طرق أخرى كثيرة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً باللفظ المحفوظ نحوه . وقد خرجت سبعة منها في "إرواء الغليل" (450) ، اثنتان منها "الصحيحين" ، وأخريان في "صحيح مسلم" ، وسائرها في "مسند أحمد" وغيره .وللحديث باللفظ الصحيح شواهد كثيرة خرجت بعضها هناك ؛ من حديث جبير بن مطعم ، ورفاعة بن عرابة الجهني ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، ولذلك جزم ابن عبد البر في "التمهيد" (7/ 129) بتواتره .
ونحو هذا الحديث في النكارة ؛ ما أخرجه أحمد (4/ 22) من طريق علي بن زيد ، عن الحسن ، عن عثمان بن أبي العاص مرفوعاً بلفظ :
"ينادي مناد كل ليلة : هل من داع فيستجاب له ، هل من سائل فيعطى ، هل من مستغفر فيغفر له ؟ حتى ينفجر الفجر" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الحسن هو البصري ، وهو مدلس وقد عنعنه .
وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ؛ ضعيف .
ولفظه هذا أقل نكارة من الأول ؛ لأنه ليس فيه ذكر آمر ومأمور ، بل قوله : "ينادي ..." ؛ لا ينافي أن يكون هو الله تبارك وتعالى كما في الروايات الصحيحة ، بل هذا هو الذي ثبت عن ابن جدعان نفسه في رواية عنه ، أخرجها ابن خزيمة في "التوحيد" (ص 89) من طريق حماد بن سلمة عنه . ومن هذا الوجه أخرجه أحمد ، فالظاهر أن ابن جدعان - لسوء حفظه - كان الحديث عنده غير مضبوط لفظه ، فكان يرويه تارة باللفظ المحفوظ ، وتارة باللفظ المنكر .
ثم رأيت للحديث طريقاً آخر ، خرجته في "الصحيحة" (1073) .
واعلم أن الذي حملني على تخريج هذا الحديث في هذا الكتاب أمران اثنان:
الأول : أني رأيت الحافظ ابن حجر - عفا الله عنا وعنه - قد ساقه من الطريقين : طريق النسائي عن الأغر ... ، وطريق أحمد عن عثمان بن أبي العاص ؛ مقوياً به تأويل بعض النفات لنزول الرب سبحانه وتعالى تأويلاً منكراً ، ينافي سياق كل الطرق الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال في "الفتح" (3/ 25) :
"وقد حكى أبو بكر بن فورك : أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول ، أي ينزل ملكاً ، ويقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر ... وفي حديث عثمان بن أبي العاص : "ينادي مناد : هل ..." الحديث . قال القرطبي : وبهذا يرتفع الإشكال . ولا يعكر عليه ما في رواية رفاعة الجهني : ينزل الله إلى السماء الدنيا : فيقول : "لا يسأل عن عبادي غيري" ؛ لأنه ليس في ذلك ما يدفع التأويل المذكور" !
كذا قال الحافظ عفا الله عنه ! فلقد سلك في كلامه هذا على الحديث مسلك أهل الأهواء والبدع من حيث الرواية والدراية . أما الرواية ؛ فإنه سكت عن إسناد الحديثين ؛ مع أنه يعلم مخالفتهما للروايات الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزول الرب تعالى إلى السماء الدنيا ، وقوله هو نفسه : "هل من ..." ، لما رأى أن فيهما تقوية لتأويل المبتدعة للحديث .
وأما الدراية ؛ فلا يخفى ضعف بل بطلان التأويل المذكور إذا ما قورن بالروايات الصحيحة للحديث ، التي منها رواية رفاعة التي أشار إليها ابن حجر ، ولفظها :
"إذا مضى شطر الليل - أو قال : ثلثاه - ؛ ينزل الله إلى سماء الدنيا ، ثم يقول : لا أسال عن عبادي غيري : من ذا الذي يسألني فأعطيه ، من ذا الذي يدهوني فأجيبه ، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ، حتى ينفجر الفجر" .
فكيف لا يعكر على ذلك التأويل الذي ذكره قوله في هذا الحديث : "ثم يقول : لا أسأل عن عبادي غيري" ! لأن ضمير قوله : "ثم يقول" بعود على تأيلهم ، إلى الملك الذي زعموا أنه المفعول المحذوف ؛ لضبطهم لفظ "ينزل" على البناء للمجهول ؟! بل كيف لا ينافي هذا التأويل تمام الحديث في جميع طرقه وألفاظه التي ذكرت أن الله سبحانه هو الذي يقول : "من ذا الذي يسألني فأعطيه ... إلخ" . فهل الملك هو الذي يعطي ويستجيب الدعاء ويغفر الذنوب ؟! سبحانك هذا بهتان عظيم ! ولقد أبطل التأويل المذكور شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من وجوه في كتابه "حديث النزول" (ص 37-42طبع المكتب الإسلامي) ، منها ماأشرت إليه من أن الملك ليس له أن يقول ما ذكرناه من الحديث . وقال شيخ الإسلام عقبه :
"وهذا أيضاً مما يبطل حجة بعض الناس (كأنه يشير إلى ابن فورك) ؛ فإنه احتج بما رواه النسائي في بعض طرق الحديث : "أنه يأمر منادياً فينادي" ؛ فإن هذا إن كان ثابتاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإن الرب يقول ذلك ، ويأمر منادياً بذلك ، لا أن المنادي يقول : "من يدعوني فأستجيب له ؟" ، ومن روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المنادي يقول ذلك ؛ فقد علمنا أنه يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإنه - مع أنه خلاف اللفظ المستفيض المتواتر الذي نقلته الأمة خلفاً عن سلف - فاسد في المعقول ، يعلم أنه من كذب بعض المبتدعين ، كما روى بعضهم : "ينزل" بالضم ، وكما قرأ بعضهم : (وكلم الله موسى تكليماً) (1) ، ونحو ذلك من تحريفهم اللفظ والمعنى" .
قلت: فقد أشار شيخ الإسلام رحمه الله تعالى إلى شكه في ثبوت رواية النسائي هذه ، فهذا الشك من الشيخ ، وسكوت الحافظ عليها ، مما حملني على تحقيق القول فيها ؛ لأن السكوت لا يجوز ، والشك يشعر بأن الشيخ لم يكن على بينة من حالها ، وإلا ؛ لبادر إلى إنكارها . ولم يكن به من حاجة إلى الجمع بينها وبين اللفظ المحفوظ المستفيض .
__________
(1) كما في نقل الزمخشري ( المعتزلي ) في " كشافه " ( 1 / 582 )
"ثقة ؛ ربما وهم" . وقال في حفص :
"ثقة فقيه ؛ تغير حفظه قليلاً في الآخر" .
وساق له في "التهذيب" عدة أحاديث خطأه فيها ، أحدها من روايته عن الأعمش .
وأنا أقطع بأن هذا الحديث مما أخطأ في لفظه ؛ لمخالفة الثقات إياه فيه ؛ فقد رواه جماعة ، عن أبي مسلم الأغر بإسناده بلفظ :

والأمر الآخر:
أن الكوثري المشهور بعدائه الشديد للسنة وأهلها ؛ قد ذكر في تعليقه على "الأسماء والصفات" (ص 450) أن الحافظ عبد الحق قد صحح الحديث بهذا اللفظ . فأحببت أن أتثبت من أمرين :
أولهما : هل هذا العزو لعبد الحق صحيح ؟ فإن الكوثري لا يوثق بكثير مما ينقله ؛ لأنه يدلس .
وثانيهما : إذا كان العزو صحيحاً ، فهل هو مصيب فيه أم لا ؟
فأقول : أما الأمر الثاني ؛ فقد سبق بيانه بما لا تراه في غير هذا الموضع ، وعرفت أن الحديث بهذا اللفظ منكر لا يصح.
وأما الأمر الأول ؛ فقد تبين لي أن العزو لا يصح أيضاً ، إلا بشيء من الغفلة أو التدليس ، وإليك البيان :
اعلم أن الحديث أورده الحافظ عبد الحق في "أحكامه" (1) ، ومنه عرفت إسناده كما سبق ، فتمكنت بذلك من دراسته والكشف عن علته ، ومن المعروف عند المشتغلين بالحديث - ومنهم الكوثري - أن الحديث الذي يورده عبد الحق في كتابه المذكور ساكتاً عليه فهو صحيح عنده ؛ كما نص عليه ، استجاز الكوثري أن يعزو إليه تصحيحه إياه ، فغفل - وهذا ليس بعيداً عنه - ، أو دلس - وهذا ما عهدناه منه غير مرة - ، وسواء كان هذا أو ذاك ؛ فإن القاعدة المذكورة ليست على إطلاقها عند الحافظ الإشبيلي ؛ فقد قال بعد ما نقلته عنه :
"والحديث السقيم أكثر من أن أتعرض له ، أو أشتغل به ، وبعض هذه الأحاديث المعتلة ورد من طريق واحدة ، فذكرته منها ، وربما بينته" .
قلت : فأفاد بهذا النص ، أنه قد يذكر الحديث المعلول ؛ ولا يبين علته إلا نادراً وفي حالة واحدة ، وهي حين يكون من طريق واحدة وإسناد واحد فيذكره ، ولا يبين علته ، وقد يبين . فإذن ؛ سوقه الحديث بإسناده عند مخرجه إشارة منه إلى أنه معلول ، وهذا هو بعينه ما صنعه الحافظ الإشبيلي رحمه الله ؛ فإنه ساق الحديث بإسناده عند النسائي كما تقدم ، فكان ذلك دليلاً واضحاً عند العارفين باصطلاحه أنه معلول عنده ، وذلك ينافي الصحة ، لا سيما وقد أتبعه بسوقه لرواية مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً باللفظ المحفوظ . فلو لم يذكر الحافظ هذا الاصطلاح في المقدمة ؛ لكان سوقه حديث النسائي بإسناده وحديث مسلم بدون إسناده ؛ أوضح إشارة للعاقل اللبيب أن الإسناد علة ، فتنبه لها (1) . فكيف وهو قد لفت النظر إلى هذا تصريحاً في المقدمة ؟!!
فتجاهل هذا كله الكوثري ، وعزا إلى الحافظ تصحيحه للحديث ، وليس كذلك ، بل هو عنده معلول ، كما بينت ، وكشفنا لك عن العلة فيما سبق من هذا التخريج . والله تعالى هو الموفق لا رب سواه .
ثم اعلم أن نزول الرب سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة ، هو صفة من صفات أفعاله عز وجل ؛ كاستوائه على عرشه ، ومجيئه يوم القيامة ، الثابتين في نصوص القرآن الكريم ، يجب الإيمان والإذعان له على ما يليق بذاته تعالى ؛ دون تعطيل أو تشبيه ؛ إذ الصفة يقال فيها ما يقال في ذاته تعالى ؛ فكما أننا نؤمن بذاته دون أن نكيفها ، فكذلك نؤمن بصفاته كلها - ومنها النزول وغيره - دون أن نكفيها ، فمن نفى نزوله تعالى حقيقة على ما يليق به بطريق التأويل ؛ لزمه أن ينفي وجود ذات الله تعالى بنفس الطريق ، وإلا ؛ فهو متناقض ؛ كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية في عديد من كتبه مثل "شرح حديث النزول" ، و "التدمرية" ، و "الحموية" ونحوها .
ويعجبني بهذه المناسبة ما ذكره البيهقي في "الأسماء" (ص 453) بعد أن روى عن عبد الله بن المبارك أنه سئل : كيف ينزل ؟ قال : ينزل كما يشاء . قال : قال أبو سليمان رحمه الله (يعني الخطابي) :
"وإنما ينكر هذا وما أشبهه من الحديث من يقيس الأمور في ذلك بما شاهده من النزول ؛ الذي هو نزلة من أعلى إلى أسفل ، وانتقال من فوق إلى تحت ، وهذا صفة الأجسام والأشباح ، فأما نزول من لا يستولي عليه صفات الأجسام ؛ فإن هذه المعاني غير متوهمة فيه ، وإنما هو خبر عن قدرته ورأفته بعباده ، وعطفه عليهم ، واستجابته دعاءهم ، ومغفرته لهم ، يفعل ما يشاء ، لا يتوجه على صفاته كيفية ؛ ولا على أفعاله كمية . سبحانه (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) . قال : وهذا من العلم الذي أمرنا أن نؤمن بظاهره ، وأن لا نكشف عن باطنه ، وهو من جملة المتشابه . ذكره الله في كتابه فقال : (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) الآية ؛ فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقي والعمل ، والمتشابه يقع به الإيمان والعلم الظاهر ، ويوكل باطنه إلى الله عز وجل ، وهو معنى قوله : (وما يعلم تأويله إلا الله) ، وإنما حظ الراسخين أن يقولوا : (آمنا به كل من عند ربنا) . وكذلك ما جاء من هذا الباب في القرآن ؛ كقوله عز وجل : (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر) ، وقوله : (زجاء ربك والملك صفاً صفاً) ، والقول في جميع ذلك عند علماء السلف هو ما قلناه" .
إذا عرفت هذا ؛ فعليك بطريقة السلف ؛ فإنها أعلم وأحكم وأسلم ، ودع طريقة التأويل التي عليها الخلف الذين زعموا : "أن طريقة السلف أسلم ، وطريقة الخلف أعلم وأحكم" ؛ فإنه باطل من القول ، وفيه ما لا يخفى من نسبة الجهل إلى السلف ، والعلم إلى الخلف !! وسبحان الله كيف يصدر مثل هذا القول ممن يؤمن بفضائل السلف التي لا تخفى على أحد ، وراجع بيان بطلان هذا القول في كتب ابن تيمية ، أو في مقدمتي لـ "مختصر العلو للعلي العظيم" للحافظ الذهبي ؛ باختصاري وتقدمتي التي أنا على وشك الانتهاء منها بفضله تعالى وكرمه .
ثم طبع والحمد لله سنة (1401) في المكتب الإسلامي ببيروت .
(تنبيه) : علق الدكتور فاروق حمادة على الحديث في "عمل اليوم والليلة" (ص 340) ، فقال :
"وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" 11/ 444" .
وهذا التخريج ؛ تعليقه على هذا الحديث المنكر ، وهو خطأ محض - وأرجو أن لا يكون مقصوداً وتدليساً من هذا الدكتور - وذلك ؛ لأن الحديث المشار إليه في "المصنف" من طريق ابن شهاب الزهري قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن والأغر أبو عبد الله صاحبا أبي هريرة : أن أبا هريرة أخبرهما ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال : ... فذكر الحديث باللفظ المحفوظ في "الصحيحين" وغيرهما ، كما سبقت الإشارة إليه ، وهو المخرج في "الإرواء" بالرقم المذكور آنفاً من الطريق الأولى عن أبي هريرة عن ابن شهاب به ؛ إلا أنه لم يذكر في سنده أبا سعيد الخدري (ج 2/ 195-196) . فهذا لفظ وطريق غير لفظ وطريق حديث الترجمة ، فهل خفي ذلك على الدكتور ، أم تجاهله لغاية في نفسه ! أرجو أن يكون الأمر الأول ، ولكن كيف يمكن هذا وهو قد علق أيضاً على اللفظ المحفوظ عن الزهري وقد أخرجه النسائي أيضاً برقم (480) ؛ فقال الدكتور :
"هذه الرواية موافقة لمسلم والبخاري وعبد الرزاق في "المصنف" 10/ 444" .
فكيف يصح عزو اللفظ المنكر واللفظ المحفوظ مع اختلاف إسناديهما إلى "مصنف عبد الرزاق" ؛ وهو إنما رواه بالسند الصحيح باللفظ المحفوظ ، وهل يمكن أن تخفى هذا على الدكتور ؟! .
وأريد هنا - أيضاً - أن أكشف عن تدجيل أحد المعلقين على كتاب ابن الجوزي "دفع شبه التشبيه" ؛ وهو الذي لقبه أحدهم بحق بـ "السخاف" ؛ فإنه تجاهل الطرق المتواترة في "الصحيحين" وغيرهما ؛ المتفقة على أن الله عز وجل هو الذي ينزل ، وهو الذي يقول : "من يدعوني .. من يستغفرني .. من يسألني" ؛ فعطل هذه الدلالة القاطعة الصريحة بقوله (ص 192) : إن المراد بالحديث أن الله ينزل ملكاً ! تقليداً منه لابن حجر في "الفتح" (3/ 30) ، وقوى ذلك برواية النسائي المنكرة هذه ، ولو أن هذا المتجاهل اكتفى في التقليد على ما في "الفتح" ؛ لهان الأمر بعض الشيء ، ولكنه أخذ يرد علي بالباطل تضعيفي لرواية النسائي هذه ؛ بتحريفه لكلامي أولاً ، وبالافتراء علي ثانياً ؛ فاسمع إليه كيف يقول :"وقد زعم أن حفص بن غياث تغير حفظه قليلاً" . فأقول غاضاً النظر عن مناقشته في قوله : "زعم" !
أولاً : قوله : "رواية حفص عن الأعمش كانت في كتاب .." إلخ . تدليس خبيث على القراء ، وكذب على الحافظ المزي والحافظ العسقلاني ؛ فإن الذي في "تهذيبيهما" : "أنه كان عند عمر بن حفص كتاب أبيه عن الأعمش" ! فهذا شيء ، وكون حديثه هذا المنكر كان في كتابه شيء آخر ، كما لا يخفى على القراء .
ثانياً : قوله : "فلا يضرها اختلاط حفص بأخرة على تسليم وقوعه" !
فأقول : يلاحظ أنه بتغيير لفظة "الاختلاط" مكان قولي : "تغير" ، يدل على شيئين أحلاهما مر :
الأول : أنه لا يفرق بين اللفظين ، وأن حكم من تغير من الثقات حكم من اختلط منهم عنده ، وهذا هو اللائق بجهله وتعلقه بهذا العلم !! والواقع أن التغير ليس جرحاً مسقطاً لحديث من وصف به ، بخلاف من وصف بالاختلاط ، والأول يقبل حديث من وصف به ؛ إلا عند الترجيح كما هنا ، وأما من وصف بالاختلاط ؛ فحديثه ضعيف ؛ إلا إذا عرف أنه حدث به قبل الاختلاط .
والآخر : أنه تعمد التغيير المذكور تضليلاً وتمهيداً للاعتذار عن قوله : "على تسليم وقوعه" !فإذا تنبه لتلاعبه بالألفاظ وقيل له : كيف تنكر تغيره وفي "التهذيبين" نقول صريحة عن الأئمة بوصفه بذلك ؟ أجاب : بأنني عنيت الاختلاط وهذا غير مسلم به !
وإذا قيل له : البحث في التغير - وهذا مما يمكن إنكاره - ؛ قال : قد أجبت عنه بأن الحديث في كتاب حفص !! وقد يبدو أن هذا الكلام فيه تكلف ظاهر في تأويل تغييره المذكور ، فأقول : هو كذلك ، ولكنه لا بد من هذا عند افتراض أنه تعمد التغيير ، وإلا ؛ فالاحتمال أنه أتي من قبل جهله هو الوجه .
رابعاً : لو فرض أن حفص بن غياث لم يرم بالتغير وكان كسائر الثقات الذين لم يرموا بجرح مطلقاً ؛ فحينئذ يرد حديثه هذا بالشذوذ ؛ لمخالفته لأولئك الثقات الستة الذين رووه بنسبة النزول إلى الله صراحة ، وقوله عز وجل : "من يدعوني .. من يستغفرني .." إلخ .
راجع : "تفسير القرطبي" (4/ 39) ، و "أقاويل الثقات" (ص 205) .

ــــــــــــــ
__________
(1) منه نسخة في " الظاهرية " لكن عنوانها : " الأحكام الكبرى " ، وهي عندي " الوسطى " ؛ لأنها مجردة الأسانيد ، أما " الكبرى " ؛ ففيها الأسانيد من مسلم والدراقطني وغيرهما من المخرجين منهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، يثبتها المؤلف كما وقعت في كتبهم . ولا مجال للقول الآن بأكثر من هذا.
__________
(1) قلت : وهذا ما صنعه الحافظ في " مختصر الأحكام " ( ق 60 / 2 ) فإنه ساق الحديث بإسناد النسائي على خلاف عادته ، ثم ساق حديث مسلم . ويؤكد لك ما ذكرته أن الحافظ في كتابه الثالث : " التهجد " ( ق 129 / 2 ) حذف هذا الحديث المعلول ، مع أنه ساق اللفظ المحفوظ بأربع روايات عند مسلم .
السلسلة الضعيفة (8/355 -367) رقم (3897)

العاصمي من الجزائر
2009-11-14, 03:51 PM
جاء في كتاب التبصير في أصول الدين لشيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله ص (132) هذه المناقشة الماتعة لنفاة صفة النزول فلتتفضلوها مشكورين :
قال رحمه الله بعد كلام :

(....... ويهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا.
فمن أنكر من شيئا مما قلنا من ذلك قلنا له : إن الله تعالى ذكره يقول في كتابه : (وجاء ربك والملك صفا صفا). وقال: (هل ينظرون إلاّ أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام). وقال : (هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك). فهل أنت مصدق بهذه الأخبار أم أنت مكذب بها؟
(أ) فإن زعم أنّه مكذّب سقطت المناظرة بيننا وبينه من هذا الوجه.
(ب) وإن زعم أنّه بها مصدق قيل له: فما أنكرت من الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنّه يهبط إلى السماء الدنيا فينزل إليها )؟
19- فإن قال: أنكرت ذلك أنّ الهبوط نقلة وأنّه لا يجوز عليه الإنتقال من مكان إلى مكان لأنّ ذلك من صفات الأجسام المخلوقة
قيل له:
فقد قال –جلّ ثناؤه- (وجاء ربك والملك صفّا صفّا) فهل يجوز عليه المجيء؟ فإن قال: لا يجوز عليه ذلك وإنّما معنى هذا القول: وجاء أمر ربّك.
قيل: قد أخبرنا- تبارك و تعالى – أنّه يجيء هو والملك فزعمت أنّه يجيء أمره لا هو فكذلك تقول: إنّ الملك لا يجيء إنّما يجيء أمر الملك لا الملك كما كان معنى مجيء الربّ - تبارك و تعالى – مجيء أمره
فإن قال: لا أقول ذلك في الملك ولكنّي أقول ذلك في الربّ.
قيل له: فإنّ الخبر عن مجيء الربّ - تبارك و تعالى – والملك خبر واحد فزعمت في الخبر عن الربّ-تعالى ذكره- أنّه يجيء أمره لا هو فزعمت في الملك أنّه يجيء بنفسه لا بأمره فما الفرق بينك وبين من خالفك في ذلك فقال : بل الرب هو الذي يجيء فأمّا الملك فإنّما يجيء أمره لا هو بنفسه ؟
فإن زعم أنّ الفرق بينه وبينه: أنّ الملك خلق لله جائز عليه الزوال والانتقال وليس ذلك على الله جائزا
قيل له: وما برهانك على أنّ معنى المجيء والهبوط والنزول هو النقلة والزوال ولاسيما على قول من يزعم منكم أنّ الله –تقدّست أسماؤه- لا يخلو منه مكان .
وكيف لم يجز عندكم أن يكون معنى المجيء والهبوط والنزول بخلاف ما عقلتم من النقلة والزوال من القديم الصانع وقد جاز عندكم أن يكون معنى العالم والقادر منه بخلاف ما عقلتم ممّن سواه بأنّه عالم لا علم له وقادر لا قدرة له؟وإن كنتم لم تعقلوا عالما إلا له علم وقادرا إلا له قدرة فما تنكرون أن يكون جائيا لا مجيء له وهابطا لا هبوط له ولا نزول له ويكون معنى ذلك من وجوده هناك مع زعمكم أنّه لا يخلو منه مكان
20- فإن قال لنا منهم قائل: فما أنت قائل في معنى ذلك؟
قيل له: معنى ذلك ما دلّ عليه ظاهر الخبر وليس عندنا للخبر إلا التسليم والإيمان به فنقول: يجيء ربنا –جلّ جلاله- يوم القيامة والملك صفّا صفّا ويهبط غلى السماء الدنيا وينزل غليها في كلّ ليلة ولا نقول: معنى ذلك ينزل أمره بل نقول:أمره نازل إليها كلّ لحظة وساعة وإلى غيرها من جميع خلقه الموجودين ما دامت موجودة ولا تخلو ساعة من أمره فلا وجه لخصوص نزول أمره إليها وقتا دون وقت ما دامت موجودة باقية .
وكالذي قلنا في هذه المعاني من القول: الصواب من القيل في كلّ ما ورد به الخبر في صفات الله عزّ وجلّ وأسمائه تعالى ذكره بنحو ما ذكرنا ...) انتهى

العاصمي من الجزائر
2009-11-14, 06:24 PM
إستدراك : فمن أنكر من ذلك شيئاً

المزوغى
2009-12-01, 12:01 AM
المبحث الرابع ‏‎:‎بيان أن تأويل الحديث هو من أقوال المعتزلة


قال الأشعري "وقالت المعتزلة نزول الله معناه نزول آياته أو نزول الملك ‏بأمره(23) وقد حكى ابن فورك عن مشايخه ضبط الحديث بضم الياء (يُنزل) أي يأمر ‏ملكاً ينزل، هو تحريف للكلم عن مواضعه فما مدى صحة هذه الرواية المضبوطة عند ‏أهل الكلام.‏
وهذه المقالة الاعتزالية نجدها اليوم مقالة الأشاعرة: ولذا قال الشيخ عبد القادر الجيلاني "والله ينزل كل يوم ‏إلى السماء كيف شاء وليس بمعنى نزول الرحمة والثواب كما تدعي المعتزلة والأشعرية(24)‏.

لاادرى هل كان الامام مالك معتزلى حين فسر النزول بنزول الامر كما نقل العلامة الذهبى والامام عبد البر فى التمهيد وكما قال الامام بن تيمية للالفاظ معانى تواطأ الناس على فهمها فأى معنى للنزول نثبت فالمعنى الحقيقى للنزول هو الانتقال من اعلى لأسفل لامعنى لها حقيقى غيرها فهل نثبت هذا المعنى واذا كان الجواب لا فما ماهو المعنى الذى نثبته وجزاكم الله خيرا وكل عام وانتم بخير والسلام عليكم

المزوغى
2009-12-01, 12:31 AM
انا اسأل ولا أجادل مع احترامى ومحبتى للجميع

سامي بن عبد الله
2009-12-01, 11:26 PM
لاادرى هل كان الامام مالك معتزلى حين فسر النزول بنزول الامر كما نقل العلامة الذهبى والامام عبد البر فى التمهيد وكما قال الامام بن تيمية للالفاظ معانى تواطأ الناس على فهمها فأى معنى للنزول نثبت فالمعنى الحقيقى للنزول هو الانتقال من اعلى لأسفل لامعنى لها حقيقى غيرها فهل نثبت هذا المعنى واذا كان الجواب لا فما ماهو المعنى الذى نثبته وجزاكم الله خيرا وكل عام وانتم بخير والسلام عليكم

الأخ الكريم
بداية قبل أن نتدارس الأمر سويا ، أسند ما تفضلت بذكره عن العلماء .
أسأل الله أن يهدينا وإياكم لما اختلف فيه من الحق بإذنه .
أبو عبد الله

المزوغى
2009-12-02, 04:01 PM
السلام عليكم اخى ابا عبدالله وكل عام وأنت بخير قال الحافظ النووى فى شرحه على مسلم (ينزل ربنا) هذا الحديث من أحاديث الصفات فيه مذهبان مشهوران للعلماء أحدهما هو مذهب جمهور السلف وبعض ا لمتكلمين أن يؤمن بأنها حق على مايليق بالله تعالىوأنا ظاهرها المتعارف فى حقنا غير مراد ولايتكلم فى تأويلها المذهب الثانى مذهب اكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكى عن الاوزاعى ومالك انها تتأول على مايليق بهاحسب مواطنها وعلى هذا تاولوا الحديث تأويلين أحدهماتأويل مالك وغيرهمعناه تتنزل ملائكته ورحمته وأمره وهو مروى فى سي اعلام النبلاء وفى التمهيد وذكر الامام البيهقى فى مناقب الامام احمد تأويله للمجى المذكور فى الاية ودونك تفاسير كتب اهل السنة فى تفسير وجاء ربك ومن علماء المذهب الثانى الذى ذكره النووى الامام ن الجوزى وابن حجر والسيوطى وأنا مع هذا مع جمهور السلف فى اثبات مااثبته الله لنفسه بدون تاويل وانا ظاهرها المتعارف فى حقنا غير مراد وظاهر النزول وماهو معروف هوالانتقال والهبوط خاصة كما يقولون نزول حقيقى على ماهو ظاهر والظاهر المتعارف الانتقال من اعلى الى اسفل هذا هو النزول ومعناها الظاهر وان كانوا سيقولون نزوله غير نزول المخلوقات ساقول انا اتحدث عن المعنى الظاهر للكلمة فاذا لم يكن بحكركة ومن اعلى لاسفل وحلول فى مكان فبدون هذا لايكون النزول طبعا كلامى لمن يقول نزول حقيقى على ظاهر اللفظ

العاصمي من الجزائر
2009-12-04, 01:41 PM
أخي المزوغي : عذرا .. فأنت لم تزل بعد لم تسند القول لمالك رحمه الله وقول النووي ليس بحجة - إذ لم يرد أيّ إسناد في نقلك - فلا بد من إيراد السند خصوصا ومخالفك ينازعك في (الصحة) قبل الخوض في غيرها

سامي بن عبد الله
2009-12-04, 04:20 PM
السلام عليكم اخى ابا عبدالله وكل عام وأنت بخير قال الحافظ النووى فى شرحه على مسلم (ينزل ربنا) هذا الحديث من أحاديث الصفات فيه مذهبان مشهوران للعلماء أحدهما هو مذهب جمهور السلف وبعض ا لمتكلمين أن يؤمن بأنها حق على مايليق بالله تعالىوأنا ظاهرها المتعارف فى حقنا غير مراد ولايتكلم فى تأويلها المذهب الثانى مذهب اكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكى عن الاوزاعى ومالك انها تتأول على مايليق بهاحسب مواطنها وعلى هذا تاولوا الحديث تأويلين أحدهماتأويل مالك وغيرهمعناه تتنزل ملائكته ورحمته وأمره وهو مروى فى سي اعلام النبلاء وفى التمهيد وذكر الامام البيهقى فى مناقب الامام احمد تأويله للمجى المذكور فى الاية ودونك تفاسير كتب اهل السنة فى تفسير وجاء ربك ومن علماء المذهب الثانى الذى ذكره النووى الامام ن الجوزى وابن حجر والسيوطى وأنا مع هذا مع جمهور السلف فى اثبات مااثبته الله لنفسه بدون تاويل وانا ظاهرها المتعارف فى حقنا غير مراد وظاهر النزول وماهو معروف هوالانتقال والهبوط خاصة كما يقولون نزول حقيقى على ماهو ظاهر والظاهر المتعارف الانتقال من اعلى الى اسفل هذا هو النزول ومعناها الظاهر وان كانوا سيقولون نزوله غير نزول المخلوقات ساقول انا اتحدث عن المعنى الظاهر للكلمة فاذا لم يكن بحكركة ومن اعلى لاسفل وحلول فى مكان فبدون هذا لايكون النزول طبعا كلامى لمن يقول نزول حقيقى على ظاهر اللفظ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
عذرا على التأخر في الرد للانشغال ، لا زلت أخي الكريم لم تسند الأقوال ، ولم تبين الإحالات التي تفضلت بذكرها ، في انتظاركم .
في أمان الله

المزوغى
2009-12-04, 06:07 PM
السلام عليكم اخى ابا عبد الله واخى العاصمى المقولة مشهورة عن الامام وان لم تصح رواية مستندة بذلك لضعف رواية حبيب وجامع بن سودة ولكن مايعول عليه فى ذلك النقل المتواتر المستفيض عن علماء المذهب فالامام عبد البر لم يستبعد القول لاسندا ولامتنابل قدم ذلك بقولهوقد قال قوم من اهل الاثر ايضا ينزل امره وتتنزل رحمته ونقلها عن مالك النووى وبن فورك وصدقانى انا باحث عن النقاش والحوار البناء واحب اهل السنة وعقيدة اهل السنة ولكن ليست من عقيدةاهل السنة النزول بحركة ونقلة او انه تحرك اذا نزل وليس من الانصاف تسمية من تاول النزول بالمعتزلى فليس معنى ان وافقوهم فى مسالة انهم معتزلة اوجهمية مع حبى واحترامى

المزوغى
2009-12-05, 03:14 PM
حديث النزول حديث صحيح متواتر لاينبغى لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ان ينكره ولكن ننكر وننزه الحق تبارك وتعالى عن الفهم السقيم للحديث الى ان ادى القول ببعضهم انه ينزل ويتحرك وانه تحرك كلما نزل افلا يعد ذلك زيغا عن العقيدة الصحيحة ثم يقال بعد ذلك بلا كيف بعد القول بالحركة والنقلة والتفصيل فى ماهية الصفة

المزوغى
2009-12-07, 09:43 PM
الحمد لله

محمد فوزى زيان
2009-12-08, 10:35 AM
جزاكم الله خيرا إخوانى

جمال البليدي
2009-12-08, 02:37 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أشكر كل الإخوة الأفاضل الذين علقوا أو مروا بهذا الموضوع خاصة المشرفين الذين ساهموا في تثبيته, وأعتذر عن قلة نشاطاتي هذه الأيام لظروف طارئة وقد أطيل أكثر.
لكن شد انتباهي مشاركة أخونا الفاضل المزوغي ,وهي عبارة عن تكرار لنفس الشبهات التي تم الرد عليها في نفس الموضوع ,وهذا ما استغربت منه .لهذا لن أعيد إثارة تلك النقاط فلطالب الحق أن يقرأ الموضوع كله فهو- الفاضل المزوغي- تكلم عن شبهتين قد رددت عليهما في مبحث الرد على الشبهات فانظر غير مأمور الرد على الشبهة الخامسة والسابعة والله الموفق.
وللمزيد من التفصيل راجع موضوعي"صد عدوان الجهمي المشين عن موضوعي دك حصون المفترين":
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=267561&
postcount=16
والشكر موصول لجميع الإخوة والأخوات على حسن ظنهم بأخيهم .

المزوغى
2009-12-09, 08:01 AM
اخى الفاضل جمال صدقنى انا اقدر لك مابذلت من جهد وعمل عظيمين وانا لاانكر ان البحث افادنى وزودنى بالكثير من المعلومات كما لايفوتنى ان انوه بنبل اخلاقك وجميل حوارك وكما اسلفت الذكر انا استفسر ولااجادل سيدى انت تقول وسوسة التشبيه وانا اقول ليست المشكلة عندى فى التشبيه فالله سبحانه وتعالى له سمع وبصر وارادة وصفاته ليست كصفاتنا ليس كمثله شئ لااشكال فى ذلك ولكن الاشكال هو المعنى الحقبقى للكلمة فما هو متبادر فى الاذهان من معنى النزول هو الانتقال من مكان ثم الحلول بمكان اخر فهل هذا هو المعنى الذى يجب اثباته فى حق الله لانك طالبتنى باثبات صفة النزول على ظاهرها وهذا هو المعنى الظاهر للفظة النزول وانا على يقين اننا متفقون على تنزيه الحق عن الحلول اما السمع والبصر والقدرة نعم نثبتها على معناها الظاهر مع القول انه ليس كمثله شئ فهى معانى قائمة بالله لااشكال فى ذلك اما الجواب عن الشبهة بيفعل الله ما يشاء فهو جواب مجمل على الاقل بالنسبة لى يحتاج الى تفصيل واكرر قولى وسؤالى كطالب حق لاكمجادل اذا كان المعنى المتبادر الى الاذهان للفظة النزول منفى عن الحق فما هو المعنى الذى نثبته افيدونا افادكم الله

العاصمي من الجزائر
2009-12-09, 01:41 PM
ولكن الاشكال هو المعنى الحقبقى للكلمة فما هو متبادر فى الاذهان من معنى النزول هو الانتقال من مكان ثم الحلول بمكان اخر فهل هذا هو المعنى الذى يجب اثباته فى حق الله لانك طالبتنى باثبات صفة النزول على ظاهرها وهذا هو المعنى الظاهر للفظة النزول وانا على يقين اننا متفقون على تنزيه الحق عن الحلول اما السمع والبصر والقدرة نعم نثبتها على معناها الظاهر مع القول انه ليس كمثله شئ فهى معانى قائمة بالله لااشكال فى ذلك اما الجواب عن الشبهة بيفعل الله ما يشاء فهو جواب مجمل على الاقل بالنسبة لى يحتاج الى تفصيل واكرر قولى وسؤالى كطالب حق لاكمجادل اذا كان المعنى المتبادر الى الاذهان للفظة النزول منفى عن الحق فما هو المعنى الذى نثبته افيدونا افادكم الله

أخي الفاضل : من أين لك أنّ معنى النزول في حقّ الله هو هذا الذي تفضّلت به (انتقال من مكان وحلول بمكان آخر) ؟؟؟

ثمّ حتى لو تعلّق الأمر بالمخلوق فقولك ليس دقيق فنحن جميعا نتفّق على أنّ الروح مخلوقة ومع هذا فهي تنتقل إلى الملإ الأعلى دون أن تفارق محلّها وهو الجسد مفارقة تامة فكيف تريد أن تتصوّر نزول الله عزّ وجّل وهو غيب منهي عن الخوض فيه بل هو فرع عن الحديث في الذات وحيث أن كيفيّة الذات الإلهية مجهولة فكذلك كيفيّة النزول .. أليس كذلك ؟؟؟ أمّا إن كنت لا تفهم معنى كلمة (نزول) على طريقة مفوّضة الأشعريّة فأرجوا أن تصارح إخوانك حتى يحسنوا الردّ على تساؤلاتك

المزوغى
2009-12-09, 03:40 PM
الاخ العاصمى أسأت فهما فاسأت جوابا قولك هذا هو عين قول المفوضة لان المعنى الظاهر ليس هو المراد فيعنى ذلك ان للنزول معنى نجهله او ان لله نزولا يليق بجلاله غير النزول المعروف من جهة تقول نثبت النزول على المعنى الظاهر ومن جهة تقول من اين لك ان معنى النزول هو الانتقال من اعلى لاسفل فانا اسالك بدورى ماهو معنى النزول فى اللغة العربية فانت تتهرب من المعنى وتقول نثبت المعنى الظاهر للكلمة وتتتهم غيرك بالتفويض وفى نفس الوقت تقول من اين لك ان المعنى هو الانتقال من اعلى لااسفل يا سيدى انا اثبت المعناى الظاهر للكلمة اما اذا كان معنى يليق بجلال الله لانعلمه فهذا هو التفويض ولاادرى لماذا اذا ناقشكم احد تسارعون الى القول بانه اشعرى اومفوض يااخىو هذه مناقشة فابقى فى موضوع النقاش وصدقنى حين تاتى بالحجة والدليل فانا مع الحق حيثما دار وانا شرفت بردك مع احترامى لسيادتكم وتقديرى الكامل لشخ

العاصمي من الجزائر
2009-12-09, 04:26 PM
الاخ العاصمى أسأت فهما فاسأت جوابا قولك هذا هو عين قول المفوضة لان المعنى الظاهر ليس هو المراد فيعنى ذلك ان للنزول معنى نجهله او ان لله نزولا يليق بجلاله غير النزول المعروف من جهة تقول نثبت النزول على المعنى الظاهر ومن جهة تقول من اين لك ان معنى النزول هو الانتقال من اعلى لاسفل فانا اسالك بدورى ماهو معنى النزول فى اللغة العربية فانت تتهرب من المعنى وتقول نثبت المعنى الظاهر للكلمة وتتتهم غيرك بالتفويض وفى نفس الوقت تقول من اين لك ان المعنى هو الانتقال من اعلى لااسفل يا سيدى انا اثبت المعناى الظاهر للكلمة اما اذا كان معنى يليق بجلال الله لانعلمه فهذا هو التفويض ولاادرى لماذا اذا ناقشكم احد تسارعون الى القول بانه اشعرى اومفوض يااخىو هذه مناقشة فابقى فى موضوع النقاش وصدقنى حين تاتى بالحجة والدليل فانا مع الحق حيثما دار وانا شرفت بردك مع احترامى لسيادتكم وتقديرى الكامل لشخ


يبدوا أنّك خبير بمذهب أهل التفويض عزيزي المزوغي .. ومع هذا فقد جانبت الصواب مرتين :

الأولى : قولك بأنّ قولي هو عين قول المفوّضة ووجه الخطأ هو أنّ المفوّضة تزعم :

1 - أنّ ظاهر صفة النزول يقتضي التشبيه وهذا ما يرد على فهمك لا على فهمي
2 - أنها لا تفهم معنى لفظ (نزل) الوارد في الحديث وترد معناه إلى الله وهذا ما يسمّيه شيخ الإسلام رحمه الله (التجهيل) وهو كذلك يرد على فهمك لا على فهمي فأنا أثبت نزول الله عزّ وجل نزولا يليق بجلاله نزولا حقيقيا لا مجازيا أثبته إثباتا منزها عن التمثيل والتكييف والتعطيل وهذا هو مذهب السلف إلاّ أنّ المفوّضة تلبّس على الخلق بسؤال عن الكيفية مبطّنا في السؤال عن المعنى والردّ عليهم سهل فهم يثبتون لله ذاتا لا كالذوات ومع هذا لم يدّعوا عدم فهم دلالة لفظ (الذات) على المعنى وإنّما يفوّضون كيفيّة هذه الذات وكذلك القول عندنا في الصفات

الثاني : زعمك بأي اعترضت على تفسير النزول بأنّه هبوط إلى السماء الدنيا في حين أنّ إعتراضي كان على فهمك للنزول بأنّه إنتقال من مكان و حلول في مكان آخر فلا تخلط بين الأمرين رجاء

أخيرا : هل قرأت كلام الطبري الإمام المنثور قبل أولى مشاركاتك ؟؟؟
إن كان نعم لإارجوا أن تجيبني بموقفك منه ؟
إن لم تكن قرأته فأنا أحيلك عليه الآن .... في الإنتظار .

الحبروك
2009-12-09, 04:47 PM
يخطئ من قال أن معنى النزول هو حركة فى المكان
فالله عز و جل هو الأول و الآخر
فهل يعنى ذلك أنه عز و جل ذو بدايه و نهايه ؟
أراكم تسارعون فى وصف صاحب كل قول بعقيدة ؟
وسم الناس ليس هدفا لنا و لا وسيله
لا نَسِم القول بالضلال حتى نحكم بخطئه
و إلا فالمشركون كانوا يسمون النبى (ص) بالضلال فيثبتون خطأه ؟؟؟؟
كل كلام يمكن نقضه بكلام
مادام قائل الكل بشر غير معصوم
نحن نؤمن بنزوله كما فى الحديث ، لا نثبته و لا نفسره و لا نؤوله و لا نفوضه
فمن جادل فى (إثبات أو تفسير أو تأويل أو تفويض)
فهو كالطفل يمد يده ليمسك النجوم
لا نجادله
أنى لأحد إدراك صفات الحق عز و جل ؟

العاصمي من الجزائر
2009-12-09, 05:15 PM
يخطئ من قال أن معنى النزول هو حركة فى المكان
فالله عز و جل هو الأول و الآخر
فهل يعنى ذلك أنه عز و جل ذو بدايه و نهايه ؟
أراكم تسارعون فى وصف صاحب كل قول بعقيدة ؟
وسم الناس ليس هدفا لنا و لا وسيله
لا نَسِم القول بالضلال حتى نحكم بخطئه
و إلا فالمشركون كانوا يسمون النبى (ص) بالضلال فيثبتون خطأه ؟؟؟؟
كل كلام يمكن نقضه بكلام
مادام قائل الكل بشر غير معصوم
نحن نؤمن بنزوله كما فى الحديث ، لا نثبته و لا نفسره و لا نؤوله و لا نفوضه
فمن جادل فى (إثبات أو تفسير أو تأويل أو تفويض)
فهو كالطفل يمد يده ليمسك النجوم
لا نجادله
أنى لأحد إدراك صفات الحق عز و جل ؟

أخي الكريم : ما معنى قولك : لا نثبته ولا نفسره ؟؟؟؟ فقد التبس عليّ

المزوغى
2009-12-09, 05:42 PM
عزيزى انت تقول نثبت المعنى فسالتك اى معنى نثبت سؤالى محدد وارجو الاجابة عليه وسالتك مامعنى كلمة نزول فى اللغة

المزوغى
2009-12-09, 05:45 PM
تقولون نثبت المعنى ونفوض الكيفية فاى معنى للكلمة نثبت فانا اتحدث عن المعنى لا الكيفية

الحبروك
2009-12-09, 05:54 PM
أخي الكريم : ما معنى قولك : لا نثبته ولا نفسره ؟؟؟؟ فقد التبس عليّ
أعنى بلا نثبته : لا نطلب أدلة على ثبوته ، فكفانا ثبوتا قول المصطفى (ص)
و لا نفسره : بمعنى "الإستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة"

الحبروك
2009-12-09, 05:55 PM
تقولون نثبت المعنى ونفوض الكيفية فاى معنى للكلمة نثبت فانا اتحدث عن المعنى لا الكيفية
نعنى المعنى الذى لا تفهمه أنت
و هذا يرجع إلى مستوى ذكاءك

العاصمي من الجزائر
2009-12-09, 05:57 PM
عزيزى انت تقول نثبت المعنى فسالتك اى معنى نثبت سؤالى محدد وارجو الاجابة عليه وسالتك مامعنى كلمة نزول فى اللغة


1 - نثبت المعنى الذي صحّ به الحديث : وهو نزول الله عزّ وجلّ إلى السماء الدنيا نزولا يليق بجلاله دون تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل فإن كان لك اعتراض على هذا أتحفني به

2 - العلوّ في اللغة هو إتيان الشيء من علوّ إلى سفل

سؤال : هل تثبت حقيقة النزول أم تنكر هذا الأمر وتفهم النزول على أنه نزول مجازي بمعنى نزول الرحمة والمغفرة ونحوه ؟؟؟

العاصمي من الجزائر
2009-12-09, 05:59 PM
أعنى بلا نثبته : لا نطلب أدلة على ثبوته ، فكفانا ثبوتا قول المصطفى (ص)
و لا نفسره : بمعنى "الإستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة"

أحسنت أخي الحبيب

المزوغى
2009-12-09, 06:00 PM
قال شيخ الاسلام فى الفتوة الحموية من يقول مذهب السلف اقرارها مع اعتقاد ان ظاهرها غير مراد وهذا اللفظ مجمل فان قوله ظاهرها غير مراد يحتمل انه اراد بالظاهر نعوت المخلوقين فلاشك ان هذا غير مراد ومن قال ان مذهب السلف ان هذا غير مراد فقد اصاب فى المعنى ولكن اخطا باطلاق القول اللهم الا ان يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس فيكون القائل معذور فى الاطلاق رحم الله العلامة شيخ الاسلام بن تيمية

المزوغى
2009-12-09, 06:05 PM
الاخ الحبروك نحن نتناقش ولا ارى ضرورة للتهكم سامحك الله وعفا عنك

العاصمي من الجزائر
2009-12-09, 06:06 PM
تقولون نثبت المعنى ونفوض الكيفية فاى معنى للكلمة نثبت فانا اتحدث عن المعنى لا الكيفية

معناها هبوط الله عزّ وجلّ إلى السماء الدنيا هبوطا يليق بجلاله منزها عن التمثيل والتكييف والتعطيل

العاصمي من الجزائر
2009-12-09, 06:12 PM
قال شيخ الاسلام فى الفتوة الحموية من يقول مذهب السلف اقرارها مع اعتقاد ان ظاهرها غير مراد وهذا اللفظ مجمل فان قوله ظاهرها غير مراد يحتمل انه اراد بالظاهر نعوت المخلوقين فلاشك ان هذا غير مراد ومن قال ان مذهب السلف ان هذا غير مراد فقد اصاب فى المعنى ولكن اخطا باطلاق القول اللهم الا ان يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس فيكون القائل معذور فى الاطلاق رحم الله العلامة شيخ الاسلام بن تيمية


قول شيخ الإسلام رحمه الله لا يسعفك في شيء فشيخ الإسلام رحمه الله لا يتحدث هنا عن ظاهر الكتاب والسنّة بل يتحدّث عن تصوّر بعض الأفهام السقيمة لهذا الظاهر وهي محنة الممثلة والمعطّلة سواء بسواء وهدى الله أهل السنة لما اختلف فيه من الحقّ بإذنه فأثبتوا لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم مع تنزيهه عن التمثيل والتكييف والتعطيل

المزوغى
2009-12-09, 06:27 PM
اخى العاصمى انا قلت فى بداية مشاركتى ان الظاهر المتبادر للاذهان منفى عن الله وان له نزولا يليق بجلاله ولكن المعنى الظاهر الممتنع عن الله هذا ماقد يفهمه الناس ويظهر فاللالفاظ معانى تواطا الناس على فهمها وهو ماننزه الحق عنه اما معنى يليق بجلال الله غير المتبادر للافهام فهذا ما اذهب اليه ولكن من عادة الناس فهم اللفظ على معناها المعهود اما جوابك انت فقد كان جوابا صحيحا لالبس فيه ولكن قلة هم من يفهم المعنى كما تفهمهه انت وجزيت خيرا على ماتفضلت به من حسن البيان

المزوغى
2009-12-09, 06:48 PM
ما اشكل من ذلك وجب اباته لفظا وترك التعرض لمعناه ونرد علمه الى قائله اتباعا لطريق الراسخين فى العلم الذين اثنى الله عليهم ابن قدامة لمعة الاعتقاد وقال ابن الجوزى ظاهر اللفظ هو ماوضع له فى كتاب دفع شه التشبيه ويبدو انهم من اصحاب الافهام السقيمة فعجزوا عن فهم ما فهمت فعطلوا ووقعوا فى المحنة فهم لم يهديهم الله الى الفهم الصحيح

العاصمي من الجزائر
2009-12-09, 06:56 PM
اخى العاصمى انا قلت فى بداية مشاركتى ان الظاهر المتبادر للاذهان منفى عن الله وان له نزولا يليق بجلاله ولكن المعنى الظاهر الممتنع عن الله هذا ماقد يفهمه الناس ويظهر فاللالفاظ معانى تواطا الناس على فهمها وهو ماننزه الحق عنه اما معنى يليق بجلال الله غير المتبادر للافهام فهذا ما اذهب اليه ولكن من عادة الناس فهم اللفظ على معناها المعهود اما جوابك انت فقد كان جوابا صحيحا لالبس فيه ولكن قلة هم من يفهم المعنى كما تفهمهه انت وجزيت خيرا على ماتفضلت به من حسن البيان


أخي العزيز كلامي هو نفس كلام الذهبي رحمه الله إذ يقول كما جاء في كتاب [العلو] :[عن يزيد بن هارون شيخ الإسلام، أنه قيل: من الجهمية ؟ قال: من زعم أن "الرحمن على العرش استوى" على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي].

قال الذهبي: [والعامة، مراده بهم جمهور الأمة وأهل العلم، والذي وقر في قلوبهم من الآية هو ما دل عليه الخطاب، مع يقينهم بأن المستوي "ليس كمثله شيء" هذا هو الذي وقر في فطرهم السليمة، وأذهانهم الصحيحة، ولو كان له معنى وراء ذلك لتفوهوا به ولما أهملوه! ولو تأول أحد منهم الاستواء لتوفرت الهمم على نقله، ولو نقل لاشتهر، فإن كان في بعض جهلة الأغبياء من يفهم من الاستواء ما يوجب نقصاً أو قياساً للشاهد على الغائب وللمخلوق على الخالق فهذا نادر، فمن نطق بذلك زجر وعلم، وما أظن أن أحداً من العامة يقر في نفسه ذلك والله أعلم] انتهى.

المزوغى
2009-12-10, 02:14 AM
قد ذكرت فى اولى مشاركاتى نقلا عن الامام النووى ان مذهب السلف انه يؤمن بانها حق على مايليق بالله وان ظاهرها المتعارف فى حقنا غير مراد ولايتكلم فى تاويلها اليس هذا ما اردت الاشارة اليه واعلم ان من غلاة المثبتة من اثبت نزولا بحركة واستواء باستقرار ومماسة وهم ليسوا من العوام بل من العلماء لان المعنى الظاهر للنزول عندهم لايستقيم ولايكون الابالنقلة والحركة على المقتضى الظاهر للكلمة وهذا هو مااردنا تنزيه الحق عنه ويسمون من لايثيت الاستقرار والحركة معطل

العاصمي من الجزائر
2009-12-10, 02:02 PM
عزيزي المزوغي .. مالي أراك تقفز من موضوع لآخر ومن شبهة لأختها وكأنّك لا تقرأ ما يكتبه محاورك وقد ساءني زعمك أنّ ظاهر الصفات غير مراد وهذا والله من أبطل الباطل إذ بناه المعترض على أصل من أصول الأشعرية وهي قولهم بأن ظاهر الصفات يقتضي التشبيه وقد رد الأئمة هذا الزعم الشنيع لما فيه من (إساءة أدب بل إساءة ظن بالله الذي أنزل تلك النصوص وأوحى بها إلى رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام
وهل يجوز أن يعتقد أن الله ينـزل آيات، ويوحي إلى نبيه بأحاديث ظاهرها ضلال أو كفر؟ ثم إن الرسول نفسه عليه الصلاة والسلام لا يبين المعاني الصحيحة الحقة لأصحابه؟!* فلازم ذلك أن الصحابة لم يفهموا هذه النصوص على حقيقتها فكيف يفهمون لأن الرسول لم يبين لهم تلك الحقيقة التي فهمها الخلف فيما بعد، وليت شعري من أين فهموها؟!!)
(وسر المسألة أن معرفة حقيقة الصفة وكيفيتها تابعة لمعرفة حقيقة الموصوف وكيفيته، فإذا كان إيمان العباد بالله إيمان إثبات وتسليم دون محاولة لمعرفة حقيقة ذاته سبحانه فيلزم أن يكون إيمانهم بصفاته كذلك إيمان إثبات وتسليم لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يسلم إيمان المرء إلا بهذا التسليم وحده، ذلك لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحذو حذوه) ..

يقول الإمام عبد العزيز ابن ابي سلمة الماجشون :( فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقا وتكلفا فقد إستهوته الشياطين في الأرض حيران فصار يسدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمى من نفسه بأن قال : لابد أن كان له كذا من أن يكون له كذا فعمي عن البين بالخفي فجحد ما سمى الرب من نفسه عما لم يسمي منها)


وقال الحافظ أبو زرعة الرازي رحمه الله : (المعطلة النافية الذين ينكرون صفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه ، ويكذبون بالأخبار الصحاح التي جاءت عن رسول الله في الصفات، ويتأولونها بآرائهم المنكوسة على موافقة ما اعتقدوا من الضلالة، وينسبون رواتها إلى التشبيه، فمن نسب الواصفين ربهم تبارك وتعالى بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تمثيل ولا تشبيه إلى التشبيه فهو معطل نافٍ، ويستدل عليهم بنسبتهم إياهم إلى التشبيه أنهم معطلة نافية، كذلك كان أهل العلم يقولون منهم: عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح) ذكره أبو القاسم التيمي في الحجة في بيان المحجة (1/178).

وقال الحافظ ابن عبد البر : (وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" عندهم مثل قول الله عز وجل: {فلما تجلى ربه للجبل} الأعراف143، ومثل قوله: {وجاء ربك والملك صفا صفا} الفجر 22، كلهم يقول: ينزل، ويتجلى، ويجيء بلا كيف، لا يقولون كيف يجيء؟ وكيف يتجلى؟ وكيف ينزل؟ ولا من أين جاء؟ ولا من أين تجلى؟ ولا من أين ينزل؟ لأنه ليس كشيء من خلقه وتعالى عن الأشياء ولا شريك له) اهـ


وقال رحمه الله في إثبات حقيقة الاستواء وأنه معلوم المعنى مجهول الكيف: (فإن قال إنه لا يكون مستوياً على مكان إلا مقروناً بالتكييف، قيل قد يكون الاستواء واجباً والتكييف مرتفع، وليس رفع التكييف يوجب رفع الاستواء، ولو لزم هذا لزم التكييف في الأزل، لأنه لا يكون كائن في لا مكان إلا مقروناً بالتكييف، وقد عقلنا وأدركنا بحواسنا أن لنا أرواحاً في أبداننا ولا نعلم كيفية ذلك، وليس جهلنا بكيفية الأرواح يوجب أن ليس لنا أرواح، وكذلك ليس جهلنا بكيفية على عرشه يوجب أنه ليس على عرشه) التمهيد (7/135)



وقال الإمام الحافظ ابوالقاسم إسماعيل بن محمد التميمي الطلحي الأصبهاني :(مذهب مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وحماد ابن سلمة، وحماد بن زيد، وأحمد، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهويه: أن صفات الله التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله من السمع، والبصر، والوجه، واليدين، وسائر أوصافه إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور، من غير كيف يتوهم فيها، ولا تشبيه ولا تأويل، قال ابن عيينة: كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره. ثم قال: أي هو هو على ظاهره لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل)

وقال الحافظ عبد ابن أحمد بن رجب الحنبلي : (وقد اعترض بعض من كانيعرف هذا على حديث النزول ثلث الليل الآخر، وقال: ثلث الليل يختلف باختلاف البلدان، فلا يمكن أن يكون النزول في وقت معين. ومعلوم بالضرورة من دين الإسلام قبح هذا الاعتراض، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أو خلفاءه الراشدين لو سمعوا من يعترض به لما ناظروه بل بادروا إلى عقوبته وإلحاقه بزمرة المخالفين المنافقين المكذبين.) اختيار الأولى في شرح اختصام الملأ الأعلى (ص134).

المزوغى
2009-12-10, 03:59 PM
ساءني زعمك أنّ ظاهر الصفات غير مراد وهذا والله من أبطل الباطل يااخى اتق الله وراجع المشاركة قلت ظاهرها المتعارف عليه فى حقناوان نؤمن بانها حق على مايليق بالله ولايتكلم فى تاويلهاام ان الامر مجرد تهويل واستعراض وراجع كلام بن عبد البر والامام الذهبى فى المسالة اخرج البيهقى عن سفيان بن عيينة قال ماوصف الله به نفسه فقراءته تفسيره ليس لاحد ان يفسره بالعربية ولا بالفارسية الدرر المنثور للسيوطى وحسبى منك سوء ظن ورمى مره بالتعطيل ومره بالتشبيه ماهكذا يكون الحوار لاينبغى له ان يكون

العاصمي من الجزائر
2009-12-10, 06:01 PM
لا عليك عزيزي المزوغي فهذه هي النقطة الفاصلة بيننا فلم يبق لي إلاّ الدعاء لأخي فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المزوغى
2009-12-11, 02:43 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اخى العاصمى لاتنسانى من دعائك بان يوفقنى الله لمرضاته وبارك الله فيك

ابن البيطار
2010-01-23, 08:36 AM
ماأجمــــــل دكك لحصونهم

حرم الله وجهك عن النار

أبو محمد المقدشي
2010-02-06, 12:14 PM
يا مزوغي إذا قلت : نزول بلا تحرك ولا تنقل فأنت وقعت في الابتداع وقد مر الإمام أحمد بن حنبل برجل يقول مثل ذلك فأنكره, وإنما نحن نقول كما قال الإمام مالك " الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة" وانطلاقا من هذه القاعدة نقول كذلك النزول معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
ثم أسألك سؤالا وهي ماذا تقول في المجيء في القرآن هل ترى في ذلك تشبيها أو تعطيلا أو تفويضا أم تثبته وتترك من الخوض في ذلك أم تقول هذا حلول أو تحيز أو ما شابهه
فنصيحتي لك أن تترك عن الخوض في مثل هذه الأمور لئلا تنزلق كما انزلق المبتدعون وأهل الكلام الأوائل فيوردك الله مواردهم
وأسال الله لنا ولك وللمسلمين الهداية والعافية إنه هو المولى والقادر على ذلك.

طيف إنسان
2010-03-02, 11:04 AM
جزاكم الله خيراً وبورك فيكم ..

ابو عبد الله المقدسي
2010-03-04, 09:19 PM
بارك الله فيك؛وجزاك ربي خيراً