المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحلال قول الشعر أم حرام ؟؟؟؟؟



الأيام
2007-05-27, 12:22 AM
في مقدمة ديوانه (صور من ماساتنا ) ناقش الشيخ مصطفى قاسم عباس قضية الشعر وإليك المقدمة كما هي :

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد العظيم
الحمد لله على نعمه وآلائه ، وله الفضل – سبحانه – على نعمة البيان لأنه – جلَّ وعلا – خلق الإنسان علمه البيان ، فله- وحده – الفضل والامتنان.
والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ عبده ورسوله القائــل في الحديث الشريف
( إن من البيانِ سحراً ، وإن من الشِّعر حكمةً ) (1)
وبعد : فقد بدأتُ المقدمةَ بسؤالين وهما : أحلالٌ قول الشعر أم حرامٌ ؟! وما رأيُ الإسلامِ في ذلكَ؟ وسأجيب عنهما – بعون الله عز وجل – فأقول وبالله التوفيق : لقد رزقني الله عز وجل موهبة قرْضِ الشِّعر من غير حول مني ولا قوةٍ ، وكتبت هذه المقدمةَ لأبيِّن فيها أن الشعرَ كلامٌ ، فحسنُه حسنٌ ، و قبحُه قبيحٌ. وعلى الإنسان أنْ يقفَ من الشعر موقف العدل والإنصاف حتى لا يَظْلِمَ الشِّعرَ ، لأنَّ البعضَ يحَرِّمُهُ مستدلاً بقوله تعالى :( والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهمُ الغَاوونَ ، ألمْ ترَ أنَّهم في كلِّ وادٍ يهيمونَ وأنهم يقولون ما لا يفعلون ). (2)
ولا يكمِلُ تلاوةَ الآيةِ إلى آخرها ، كالذي قرأ قولَه تعالى: ( فَوَيْلٌ للمصلِّين )(3) وتوقف عن متابعةِ القراءةِ ، فحصل خطأٌ فاحشٌ عند عدم المتابعةِ ، وكذلك عند الآية السابقة ، علينا أن نتابعَ قراءَتَها بتمعُّنٍ لنرى الله- عز وجل- يقول :
( إلاَّ الَّذين آمنوا وعَمِلوا الصالحاتِ وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعدِ ما ظُلِموا وسَيَعْلمُ الذين كفروا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبونَ )(4)


(1) – الحديث عند أبي داود بلفظ :جاء أعرابي إلى النبي عليه الصلاة والسلام فجعل يتكلم بكلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من.....) الحديث
(2) الشعراء – الآيات (( 224 - 226 ))
(3) الماعون – الآية (( 4 ))
(4) الشعراء – الآية (( 227 ))
فقد استثنى الله – عز وجل – الذين آمنوا و عملوا الصالحات وكانوا دائماً يذكرون الله عز وجل استثناهم من الشُّعراء والغاوين.
- نعم عندما يكتب الشاعر شعراً ماجناً أو ساخراً به من أحد أو قاذفاً بشعرهِ أحداً فهذا وأمثاله يعتبر من الغاوين والعياذُ بالله.
- ولأنَّ الإسلامَ في القرآن حرَّم السخريةَ والاستهزاءَ ، لذلك ،لم أكتب أشعاراً في الهجاءِ ، فالله – عز وجل – يقول : ( يا أيُّها الذين آمنوا لا يَسْخَرْ قومٌ مِنْ قَومٍ عسى أنْ يكونوا خيراً مِنهمْ ، ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أنْ يكنَّ خيراً مِنهنَّ ولا تَلْمِزوا أنْفُسَكم ولا تَنابزوا بالألقابِ ، بئسَ الاسمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيمانِ ، ومن لمْ يتبْ فأولئك هم الظالمونَ )(1)
فشعرُ الهجاء سُخرية – كما هو معلومٌ – والله ينهانا عنها وعن اللَّمز (2) والتنابُزِ بالألقابِ ، فهل أنتم منتهون يا شعراءَ الهجاء؟!
كما أنَّي لم أكتبْ في الغزلِ لأنَّ وصفَ النساء ومحاسِنهنَّ نهانا عنه الله عز وجل ، لأنَّ الله أمرنا بغضِّ البصرِ ، فمن باب أولى أن يكون النهيُ عن الوصفِ لأنه تابعٌ لإطلاقِ البصر ، والله عز وجل يقول : ( قُلْ للمؤمنينَ يَغُضُّوا من أبصارهم ) وبعدها ( و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن )(3).
يروى أن امرأةً عربيةً من حرائرِ العربِ مرَّت على جماعةٍ من رجالاتِ قبيلةِ بَني نُميْرٍ ، فأحدُّوا أبصارَهم إليها ، وأتبعوها بسهامِ أعيُنِهم ، فقالت لهم : يا بني نُميْرٍ ، والله ما أخذتم بواحدة من اثنتين: لا بقول الله تعالى : ( قُلْ للمؤمنينَ يَغُضُّوا من أبصارهم ). ولا بقول الشاعر :


(1) - الحجرات – الآية (( 11 ))
(2) – اللَّمزُ : العيب في الوجه . والإشارة بالعين أو الرأس أو الشفة مع كلام خفي.
(3) – النور –أول الآية (( 30 )) وأول الآية ((31))
فَغُضَّ الطَّرْفَ إنكَ من نُميْرٍ
فلا كعباً بلغْتَ ولا كِلابا !. (1)

فالهجاء والغزل لم يُذْكَرا في كتابي هذا. ذكرت فقط هجاءً للعدوِّ ، وهذا جائز كما سنرى بعد قليلٍ من خلال الأدلةِ.
وها أنا الآن أقدِّم طائفةً من الأحاديثِ التي تدل على أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام كان يتمثَّل بشيءٍ مِنَ الشِّعر ، وأنَّ أصحابَه – رضي الله عنهم – كانوا يتناشدونَ الشِّعرَ أمام النبيِّ عليه الصلاة والسلام ، وأن هجاءَ الكفَّار جائزٌ ، بل هو أسرعُ فيهم من نَضْحِ النَّبْلِ.
وهذه الأحاديث أسوقها لك من كتاب ( الشمائل المحمديةِ ) للإمامِ التِّرمِذيِّ بحرفيتها :
- عن عائشةَ رضي الله عنها قالت :( قيل لها : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمَثَّلُ بشيءٍ من الشعر؟ . فقالت : كان يتمَثَّلُ بشعرِ ابن رواحةَ ، ويتمَثَّلُ بقوله : ويأتيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تُزَوِّد). – رواه الترمذي ، وقال : حسنٌ صحيح، ومعنى يتمثل : يستشهدُ ، ولم تزود : منْ لم تطلبْ منه ذلك .
- عن أبي هريرةِ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ أصدق كلمة قالها شاعرٌ كلمةُ لَبيـدٍ :ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ . وكادَ أميَّةُ بنُ الصَّلْتِ أنْ يُسْلمَ ) – رواه البخاري ومسلم ، ومعنى كاد أن يسلم : أي بشعره ، وقد أدرك الإسلامَ ولم يوَفَّقْ له.
- عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما قال :قال لي رجل : أَفَرَرْتُم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا عُمارةَ؟ فقال : لا واللهِ ما ولَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنْ ولَّى سَرَعانُ الناسِ ، تلقَتْهم هُوازنُ بالنَّبلِ ، ورسول الله
(1) – انظر كتاب ( من معين الأخلاق الإسلامية ) للدكتور إبراهيم عبد العزيز اليوسف ، ص 248 – الطبعة الأولى 2003م – مطبعة اليمامة.
صلى الله عليه وسلم على بَغْلتِهِ ، وأبو سفيان بنُ الحارث بنِ عبد المطلب آخذٌ بلِجامها ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( أنا النَّبي لا كذبْ أنا ابنُ عبدِ المطَّلبْ ))
رواه البخاري ، ومعنى سَرَعانُ الناسِ : أوائلهم الذين يقبلون علـى الشيء بسرعةٍ ، وكان ذلك يوم غزوة حنين.
- عن أنس رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاءِ وابنُ رواحةَ ينشد بين يديه وهو يقول :
خلُّوا بني الكفارِ عن سبيلـه اليومَ نَضْربُكم على تَنْزِيلِهِ
ضرباً يُزيلُ الهامَ عن مَقِيلِهِ ويُذْهِلُ الخليلَ عن خليلـــه
فقال له عُمر : يا ابنَ رواحةَ ، بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال صلى الله عليه وسلم : خلِّ عنه يا عمرُ ، فَلَهِي أسرعُ فيهم من نضحِ النَّبل.- رواه الترمذي ، وقال : حسن صحيح غريب ، ومعنى الهام : الرأس ، ومقيله : العنق ، ونَضْحُ النبل : أيْ رميُ السِّهام.
- عن جابر بن سَمُرةَ رضي الله عنه قال : ( جالستُ النبي صلى الله عليه وسلم أكثرَ من مئةِ مرةٍ ، وكان أصحابه يتناشدون الشعرَ ، ويتذاكرون من أمر الجاهليةِ وهو ساكتٌ ، وربما تبسَّمَ معهم ). رواه الترمذي وقال : حسن صحيح.
- عن الشَّريدِ بن سُوَيْدٍ رضي الله عنه قال : ( كنت رَدِفَ النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته مئةَ قافيةٍ مِنْ قول أميةَ بن أبي الصلتِ الثقفيِّ ، وكلما أنشدته بيتا قال لي النبي صلى الله عليه وسلم هِيهِ ، حتى أنشدته مئة – يعني بيتاً – فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن كاد ليسلم ). – رواه مسلم ، ومعنى ردف : راكب خلفه على الدابة ، وهيه : زدني [من الحديث المعروف ، وهيهٍ : زدني من أيِّ حديث كان.
- عن عائشةَ رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع لحسانَ بنِ ثابتٍ منبراً في المسجد يقوم عليه قائماً يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو قال : ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يؤيِّدُ حسان بروح القُدُس ما ينافح – أو يفاخر – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ). – رواه أحمد والترمذي وقال : حسن صحيح غريبٌ ، ومعنى ينافح : يدافع. (1)
- وبعد قراءة هذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث التي لم أذكرها هنا.(2) نلاحظ أن الشعر إذا كان منضبطاً مع الأخلاق الإسلامية السامية وقيمها النبيلة ، فإنه يكتب لأنه إما أن يكون حكمةً أو موعظةً أو عاطفةً جيَّاشةً ، و إن لم يكن كذلك فهو مجونٌ أو تقطيعٌ أو أوزانٌ لا شعور فيها كما قال الشاعر :
والشعر إن لم يكن ذكرى وعاطفةً
أو حكمةً فهْوَ تقطيعٌ وأوزانُ
- فالشاعر الحقيقي : هو الذي يشعر بالآخرين ، يشعر بمآسيهم وأتراحهم ، تغرقه دمعة اليتيم المحزون ، وتذيبه مرارة اليــأسِ التـــــــي تعتصرُ قلوبَ البائسينَ ، فبشعره يحمل عنهم بعض الذي يعانون ،
وبشعره يبعث الأمل من جديدٍ عند من قَنَطَ منهم. حسُّه مرهف ، وعاطفته ملتهبةٌ ، ولا يعلم ذلك إلاَّ من نظرَ بعين قلبهِ إلى شعر الشاعر لا من نظرَ بعينه المبصرة ، فالشاعر يكتب ولا يهمه من لم يذقْ الطعم الحقيقيَّ للشعر ،
أو ذاقه وكان ذا فمٍ مرٍّ مريضٍ لا يميز بين الغثِّ والسمينِ ، وبين الجيدِ والرديءِ ، فهو لا يتذوق إلاَّ المرارة كما قالوا :

(1) – انظر كتاب :( الشمائل المحمدية صفات النبي صلى الله عليه وسلم الجسمية والخُلُقيَّةِ). للإمام الترمذي ، تحقيق : خالد محمود خادم السروجي ، ص :71-74 ، الطبعة الأولى ، عام :2002م ، الدار الدمشقية.
(2) – كقصيدة : ( البردة ) التي مدح كعب بن زهير بها النبيَّ عليه الصلاة والسلام.
ومن يكُ ذا فمٍ مرٍّ مريضٍ
يجدْ مرَّاً به الماءَ الزُّلالا.
الشاعر : بلبلٌ صدَّاحٌ يشدو للآخرين ليُطرِبَ الأسماعَ ، وينيرَ العقولَ ، ويفتحَ صميمَ القلوبِ ليدخلها ، ويشعرَ بالآخرينَ بكلِّ ما تحملُه كلمةُ الشُّعورِ من معنىً ، هو كما قالوا :
يشْدو وآلامُ كلِّ النَّاسِ تؤْلِمُهُ
وجدول الحزن يسري في حَناياهُ
ونشربُ الشعرَ في أقداحِ لوعتهِ
وتـــــزْدري شِعــــرَهُ الرَّقــــراقَ أفــــــواهُ
يسعى لإسعادنا في كلِّ قافيةٍ
وخافقُ الشاعــــرِ الحيرانِ أشقــــاهُ

فما أروع هذا الكلامَ وأبهاهُ !
- هذا ، وقد تضمن ديواني هذا قصائدَ قد نشرت كلها – تقريباً- في جريدة ( الفداء ) بحماةَ ، وقد ذكرتُ في الحاشيةِ تاريخ اليومِ الذي نُشِرَتْ فيه القصيدةُ.
- وقد استعنت في شرحِ بعض الكلمات الغامضةِ بمعجم الإرشاد الأصغر. لمؤلفه : خليل توفيق موسى ، و بـ (مختار الصَّحاح ) للرازي.
- وقد علَّقت على بعض القصائدِ بتعليقٍ سريعٍ هو أشبه بالخاطرةِ ، كما سيلاحظ ذلك القارئُ الكريم.
- وقد سميتُ ديوانيَ هذا : ( صورٌ من مأساتنا وتأملات في الحياة ) وجاء – كما ذكرت – منضبطاً مع الأشعار الإسلامية الراقية ، لا مجونَ ولا هجاءَ ولا غزلَ فيه ، لأن ذلك قد يؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى أمورٍ لا يرضى عنها إسلامنا الحنيف.
- فما أعجبك منه ، فذلك من فضل الله عليَّ ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاءُ من عباده.
- وإن رأيت أيها القارئ الكريم هفوةً أو تقصيراً في هذا الديوانِ فالتمس لي عذراً لأن هذا الديوان هو باكورةُ أعمالي ، ولا تكن ممن قيل فيهم :

فإن رأَوْا هَفْوَةً طاروا بها فرحاً
منِّي وما علموا من صالحٍ دفنوا


- واللهَ أسألُ أن ينفعَ بهِ ، ويجعَلَهُ عملاً مقبولاً وشعراً أنافحُ أو أفاخرُ به عن الإسلامِ وأهلهِ ، إنه سميعٌ قريبٌ مجيب ، وهو نعم المولى ونعم النصير.

آل عامر
2007-05-27, 05:00 PM
بارك الله فيكم

الأيام
2007-11-10, 06:27 PM
آل عامر لك شكري ومحبتي