أبو يعقوب البويطي
2009-05-05, 09:50 AM
هذا من بديع كلام العلامة/محمد عبد الله دراز
في كتابه الماتع ( النبأ العظيم )
قال رحمه الله"
المعني الأول:- أنه لو قيل"ليس مثله شئ" لكان ذلك نفيا للمثل المكافئ ، وهو المثل التام المماثلة فحسب ، إذ إن هذا المعني هو الذي ينساق إليه الفهم من لفظ المثل عند إطلاقه.
وإذاً لدبّ إلي النفس دبيب الوساوس والأوهام : أن لعل هنالك رتبة لا تضارع رتبة الألوهية ولكنها تليها ، وأن عسي أن تكون هذه المنزلة للملائكة والأنبياء ، أو للكواكب وقوي الطبيعة أو للجن والأوثان والكهان ،
فيكون لهم بالإله شبهٌ ما في قدرته أو في علمه ، وشِرْكٌ ما في خلقه أو في أمره...
فكان وضْعُ هذا الحرف إقصاءاً للعالَم كله عن المماثلة وعن ما يشبه المماثلة وما يدنو منها،
كأنه قيل : ليس هناك شئٌ يشبه أن يكون مثلاً لله فضلاً أن يكون مثلا له علي الحقيقة.
وهذا من باب التنبيه بالأدني علي الأعلي علي حد قوله تعالي " فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما "
نهيا عن يسير الأذي صريحاً ، وعما فوق اليسير بطريق الأحري .
المعني الثاني: وهو أدقهما مسلكاً ، أن المقصود الأولي من هذه الجملة -وهو نفي الشبيه – وإن كان يكفي لأدائه أن يقال " ليس كالله شئ " أو "ليس مثل الله شئ "
لكن هذا القدر ليس هو كل ما ترمي إليه الآية الكريمة ، بل إنها كما تريد أن تعطيك هذا الحكم تريد في الوقت نفسه أن تلفتك إلي وجه حجته وطريق برهانه العقلي.
ألا تري أنك إذا أردت أن تنفي عن امرئ نقيصة في خلقه فقلت "فلان لا يكذب ولا يبخل " أخرجت كلامك عنه مخرج الدعوي المجردة عن دليلها .
فإذا زدت فيه كلمة فقلت :"مثل فلان لا يكذب ولايبخل" لم تكن مشيراً إلي شخص آخر يماثله مبرأً عن تلك النقائص ، بل كان هذا تبرئة له هو ببرهان كلي
وهو أن من يكون علي مثل صفاته وشِيَمه الكريمة لا يكون كذلك ، لوجود التنافي بين طبيعة هذه الصفات وبين ذلك النقص الموهوم.
علي هذا المنهج البليغ وضِعَتْ الآية الحكيمة قائلة " مثله تعالي لا يكون له مثل"
تعني أنه من كانت له تلك الصفات الحسني وذلك المثل الأعلي لا يمكن أن يكون له شبيهٌ
ولا يتسع الوجود لاثنين من جنسه ، فلا جَرَم جئ فيها بلفظين كل واحد منهما يؤدي معني المماثلة ، ليقوم أحدهما ركنا في الدعوى ، والآخر دعامة لها وبرهاناً ...". اهـ
في كتابه الماتع ( النبأ العظيم )
قال رحمه الله"
المعني الأول:- أنه لو قيل"ليس مثله شئ" لكان ذلك نفيا للمثل المكافئ ، وهو المثل التام المماثلة فحسب ، إذ إن هذا المعني هو الذي ينساق إليه الفهم من لفظ المثل عند إطلاقه.
وإذاً لدبّ إلي النفس دبيب الوساوس والأوهام : أن لعل هنالك رتبة لا تضارع رتبة الألوهية ولكنها تليها ، وأن عسي أن تكون هذه المنزلة للملائكة والأنبياء ، أو للكواكب وقوي الطبيعة أو للجن والأوثان والكهان ،
فيكون لهم بالإله شبهٌ ما في قدرته أو في علمه ، وشِرْكٌ ما في خلقه أو في أمره...
فكان وضْعُ هذا الحرف إقصاءاً للعالَم كله عن المماثلة وعن ما يشبه المماثلة وما يدنو منها،
كأنه قيل : ليس هناك شئٌ يشبه أن يكون مثلاً لله فضلاً أن يكون مثلا له علي الحقيقة.
وهذا من باب التنبيه بالأدني علي الأعلي علي حد قوله تعالي " فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما "
نهيا عن يسير الأذي صريحاً ، وعما فوق اليسير بطريق الأحري .
المعني الثاني: وهو أدقهما مسلكاً ، أن المقصود الأولي من هذه الجملة -وهو نفي الشبيه – وإن كان يكفي لأدائه أن يقال " ليس كالله شئ " أو "ليس مثل الله شئ "
لكن هذا القدر ليس هو كل ما ترمي إليه الآية الكريمة ، بل إنها كما تريد أن تعطيك هذا الحكم تريد في الوقت نفسه أن تلفتك إلي وجه حجته وطريق برهانه العقلي.
ألا تري أنك إذا أردت أن تنفي عن امرئ نقيصة في خلقه فقلت "فلان لا يكذب ولا يبخل " أخرجت كلامك عنه مخرج الدعوي المجردة عن دليلها .
فإذا زدت فيه كلمة فقلت :"مثل فلان لا يكذب ولايبخل" لم تكن مشيراً إلي شخص آخر يماثله مبرأً عن تلك النقائص ، بل كان هذا تبرئة له هو ببرهان كلي
وهو أن من يكون علي مثل صفاته وشِيَمه الكريمة لا يكون كذلك ، لوجود التنافي بين طبيعة هذه الصفات وبين ذلك النقص الموهوم.
علي هذا المنهج البليغ وضِعَتْ الآية الحكيمة قائلة " مثله تعالي لا يكون له مثل"
تعني أنه من كانت له تلك الصفات الحسني وذلك المثل الأعلي لا يمكن أن يكون له شبيهٌ
ولا يتسع الوجود لاثنين من جنسه ، فلا جَرَم جئ فيها بلفظين كل واحد منهما يؤدي معني المماثلة ، ليقوم أحدهما ركنا في الدعوى ، والآخر دعامة لها وبرهاناً ...". اهـ