أبو عبدالله السعيدي
2007-05-16, 05:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أن الحمد الله نحمده تعالى ونستعينه ونستهد يه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يظلل فلا هادي له وأشهد ألا اله الالله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، أما بعد:ـ
فأنه قد كثر في هذه الأزمان المتأخرة الحلف بغير الله سبحانه وتعالى: ومن ذلك الحلف بالأمانة والحرام والطلاق وبالنبي صلى الله عليه وسلم وبالكعبة وبالأخوة والصداقة والشرف والشرف العسكري والعيش والملح والأولاد والأب ولأم....ألخ. والناس يحتفلون من بد إلى آخر فتجدهم في مصر يحلفون بالبدوي والسيدة زينب وفي اليمن با بن العجيل والهيتار والحندج ، وفي البيضاء يقولون في عمر المبارك وفي موسى بن عمر وفي العراق والهند وما جاورهما بعبد القادر الجيلاني ،،،،، مع أن للنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث ابن عمر عندما أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب وعمر يحلف بأ بيه فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فيحلف بالله أو ليصمت وكما في صحيح مسلم عنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله) وكما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف منكم فقال باللات والعزى فليقل لا له إلا الله ، ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق بشي) وكما في سنن أبي داوود بسند صحيح عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف بالأمانة فليس منا فالحلف عبادة وهو تعظيم للمحلوف به ولا يجوزا لحلف إلا بالله أو بأسمائه وصفاته ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقال والكعبة ، وقال لأ صحابه: ( قولوا ورب الكعبة) وذلك عند ما عاب اليهود بعض الصحابة لقولهم والكعبة ، ثم إنني وجدت بعض من يدعي العلم من المقلدين وتابعيهم يحتجون لما يحصل من العوام من الحلف بالنبي والأمانة وغير ذلك من دون أن ينكروا عليهم ، بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي أتى أليه وسأله عن شرائع الإسلام فقال الرجل والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما ولى الرجل: (أفلح وأبيه أن صدق أودخل الجنة وأبيهإن صدق)ويحتجون أيضا بقوله للرجل الذي سأله أي الصدق أعظم أجر فقال: (أما وأبيك لتنبأ نه)... الحديث فأحببت أن أجمع طرق هذين الحديثين لأنظر في هذه اللفظة أهي ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أم غير ثابتة ؟ على حسب ما تقتضية قواعد علم مصطلح الحديث فأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع المسلمين بهذا العمل المتواضع وأن يبصرهم في دينهم وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم أنه أكرم مسئول.
قال الأمام البخاري رحمه الله تعالى (ج3 ـ ص 284)
فتح ـ في كتاب الزكاة باب فضل صدقة الشحيح الصحيح:ـ
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا عمارة بن القعقاع حدثنا أبو زرعه حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجر قال: (أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل ، حتى
إ ذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا وقد كان لفلان). وأخرجه أيضاً في كتاب الوصايا (ج 5 ص 373). باب الصدقة عند الموت من طريق سفيان عن عمارة به وأخرجه مسلم في صحيحه (ج2 ص 716) متن ـ من طريق جرير عن عمارة به وأخرجه أبو داوود في سننه
(ج3 ص 287) حديث رقم (2865) من طريق عبد الواحد بن زياد عن عمارة به. وأخرجه النسائي في سننه (ج6 ص 237) حديث رقم (3611) من طريق محمد بن فضيل عن عمارة به وأخرجه أيضاً (ج5
ص68) حديث رقم (2542) باب أي الصدقة أفضل من طريق سفيان عن عمارة به وأخرجه أحمد (ج2
ص415) من طريق عبد الواحد بن زياد عن عمارة به وفي (ج2 ص447) من طريق سفيان عن عمارة به غير أنه قال أو صحيح وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى (ج2 467) من طريق مالك عن أبي سهيل به وأخرجه مالك في الموطأ ج1 ص104) مع الزر قاني من طريق أبي سهيل به ،ثم أخرجه مسلم رحمه الله تعالى (ج1 ص41) من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صل الله عليه وسلم بهذا الحديث نحو حديث مالك غير أنه قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أفلح وأبيه أن صدق) وأخرجه أبو داوود (ج1 ص273) حديث رقم (392): من طريق إسماعيل ابن جعفر عن أبي سهيل بالزيادة التي عند مسلم وكذا في (ج3ص57.ـ 571) حديث رقم (3250) وأخرجه الدامي في سننه (ج1 ص 37) من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى (ج2 ص466) (ج 4 ص2.1) ومن طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل إلا أنه قال: (أفلح وبيه أن صدق ، دخل الجنة والله أن صدق) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم:(ج1 ص 168) أفلح وأبيه أن صدق هذا مما جرت عادتهم أن يسألوا عن الجواب عنه مع قوله صلى الله عليه وسلم من كان حالفاً فليحلف بالله وقوله صلى الله عليه وسلم:(إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) وجوابه أن قوله صلى الله عليه آله وسلم: (أفلح وأبية) ليس هو حلفا أنما هوـ كلمه جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها وحقيقة الحلف والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به الله سبحانه وتعالى فهذا هو الجواب المرضي وقيل يحتمل أن يكون هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى والله أعلم ،أهـ كلامه وقال الحافظ في الفتح (ج1ـ ص107):(قوله أفلح أن صدق) وقع عند مسلم من رواية أسما عيل بن جعفر المذكور (أفلح وأبيه أن صدق ، أو دخل الجنة وأبيه أن صدق) ولأبي داوود مثله ولكن بحذف(أو) فأن قيل ما الجمع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالإباء ؟ أجيب بأن ذلك كان قبل النهي أو بأنها كلمه جاريه على اللسان لا يقصد بها الحلف كما جري على لسانهم عقرى حلقى وما أشبه ذلك أو فيه أضمار اسم الرب كأنه قال ورب أبيه وقيل هو خاص ويحتاج إلى دليل وحكى السهيلي عن بعض مشايخه أنه قال هو تصحيف وإنما كان
والله فقصرت اللامات. واستنكر القرطبي هذا وقال إنه يجزم الثقة بالروايات الصحيحة وغفل القرافي فادعي أن الرواية بلفظ وأبية لم تصح لأنها ليست في الموطأ وكأنه لم يرتض الجواب فعدل إلى رد الخبر وهو صحيح لا مرية فيه وأقوى الأجوبة الاولان ،أهـ وأخرجه مسلم في صحيحه (ج2 ص716) حديث رقم (93) في كتاب الزكاة من طريق محمد بن فضيل عن عمارة فزاد أما وأبيك لتنبأنه وأخرجه أيضاً أحمد في مسندة (ج2 ص231) من طريق محمد بن فضيل عن عمارة مع الزيادة. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم (ج7ص147)(أما وأبيك لتنبانه) فقد يقال حلف بأبيه وقد نهى عن الحلف بغير الله وعن الحلف بالآباء والجواب أن النهي عن اليمين بغير الله لمن تعمده
وهذه اللفظة الواقعة في الحديث تجري على اللسان من غير تعمد فلا تكون يمينا ولا منهياً عنها كما سبق بيانه في كتاب الأيمان.
قلت: وسيأتي كلامه إن شاء الله تعالى.
قال أبو عبد الرحمن: وعد الإمام مسلم في مقدمة صحيحه أنه قد يأتي ببعض الأحاديث الضعيفة أو المعلة في صحيحه ذلك لبيان علتها. فلفظه(أما وأبيك لتنبانه) ليست في البخاري كما ترى إنما تفرد بها مسلم وأحمد فهي تعتبر شاذة لأن محمد بن فضيل قد خالف عبد الواحد بن زياد وسفيان ومع هذا فقد وافقهم أيضاً كما عند النسائي فلا دليل لمن تعلق بها وعلماء المصطلح رحمهم الله يعرفون الشاذ بأنه مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى(ج1ص16)حدثنا
أسما عيل حدثنا مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحه بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنى فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل على غيرها ؟ قال لا ألا أن تطوع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام رمضان ،قال هل على غيره ؟ قال لا إلا أن تطوع قال وذكر له رسول الله صلى اله عليه وعلى أله وسلم الزكاة ، قال هل على غيرها قال لا إلاأن تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أفلح أن صدق) وأخرجه أيضاً (ج4ص12) من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به وأخرجه أيضاً (ج5ص287) من طريق مالك عن أبي سهيل به وأخرجه أيضا (ج12ص33) من طريق إسماعيل بن جعفر وأخرجه مسلم (ج1ص4ـ14) من طريق مالك عن أبي سهيل به وأخرجه النسائي(ج1ص226ـ228) من طريق مالك عن سهيل به، و(ج4ص12 ـ121) من طريق إسماعيل بن جعفر
عن أبي سهيل به، و(ج8ص118 ـ119) من طريق مالك عن أبي سهيل به، وأخرجه أبو داوود) (ج1ص372) حديث رقم (391) من طريق مالك عن أبي سهيل به، وأخرجه احمد في مسنده (ج1ص162) من طريق مالك عن أبي سهيل به وذكر الخطابي في معالم السنن (ج1ص273) نحو هذا الكلام وكذلك الزر قاني في شرحه على الموطأ (ج1ص107) ثم قال الحافظ الفتح (ح1 ص 107): وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير الله ففيه جوابان.أحدهما أن فيه حذفا والتقدير ورب الشمس ونحوه: والثاني أن ذلك يختص بالله فإذا أراد تعظيم شي من مخلوقات أقسام به وليس لغيره ذلك أهـ ونقله عنه الشوكاني في النيل
(ج8ص237) قلت: والثاني أرجح والله أعلم وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في نيل الأوطار (ج8ص237): وما وقع مما يخالف ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي أفلح وأبيه إن صدق فقد أجيب عنه بأجوبة الأول الطعن في صحة هذه اللفظة كما قال ابن عبد البر إنها غير محفوظة وزعم أن أصل الرواية أفلح والله فصحفها بعضهم والثاني: أن ذلك يقع من العرب ويجري على ألسنتهم من دون قصد للقسم والنهي إنما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف ، قاله البيهقي وقال النووي أنه الجواب المرضى والثالث: أنه كان يقع في كلامهم على وجهين للتعظيم والتأكيد ، والنهي إنما وقع عن الأول ، والرابع: أن ذلك كان جائزا ثم نسخ قال الماوردى: وقال السهيلي لا يصح لأنه لا يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحلف بغير الله ويجاب بأنه قبل النهي عنه غير ممتنع عليه ، ولا سيما والأقسام القرنية على ذلك النمط وقال المنذري: دعوى النسخ ضعيفة لامكان الجمع ولعدم تحقق التاريخ والخامس أنه كأنه في ذلك حذف والتقدير أفلح ورب أبيه قاله البيهقي والسادس: أنه للتعجب قاله السهيلي والسابع: أنه خاص به صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتعقب بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال وأحاديث الباب تدل على أن الحلف بغير الله لا ينعقد لان النهي يدل على فساد المنهي عنه وإليه ذهب الجمهور وقال بعض الحنابلة إن الحلف بنبينا صلى الله عليه وسلم ينعقد وتجب الكفارة ،أهـ
قال أبو عبد الرحمن: والصواب شذوذ هذه اللفظة لأن أسما عيل بن جعفر خالف مالكا ومالك أوثق منه فالزيادة شاذة ولا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم على أنه قد أختلف عليه نفسه كما تقدم.
وسألت شيخنا مقبل بن هادي الو ادعي رحمه الله تعالى عن هاتين الزيادتين فقال:(شاذة).
فقلت له:هل سبقك إلى القول بشذوذها أحد من العلماء؟ فقال: لا أعلم أحد سبقني إلى هذا. قلت: هذا فضل الله يؤتيه من يشاء فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لعدم الحلف بغيره وأن يثبتنا على ذلك وأن يجعلنا ممن يعظمه ويقدره أنه سميع مجيب وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه/ عقيل بن محمد بن زيد المقطري
اليمن -- تعز
بحث (نشر في مجلة الاستجابة السودانية العدد العاشر شوال 14.7هـ)
أن الحمد الله نحمده تعالى ونستعينه ونستهد يه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يظلل فلا هادي له وأشهد ألا اله الالله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، أما بعد:ـ
فأنه قد كثر في هذه الأزمان المتأخرة الحلف بغير الله سبحانه وتعالى: ومن ذلك الحلف بالأمانة والحرام والطلاق وبالنبي صلى الله عليه وسلم وبالكعبة وبالأخوة والصداقة والشرف والشرف العسكري والعيش والملح والأولاد والأب ولأم....ألخ. والناس يحتفلون من بد إلى آخر فتجدهم في مصر يحلفون بالبدوي والسيدة زينب وفي اليمن با بن العجيل والهيتار والحندج ، وفي البيضاء يقولون في عمر المبارك وفي موسى بن عمر وفي العراق والهند وما جاورهما بعبد القادر الجيلاني ،،،،، مع أن للنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث ابن عمر عندما أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب وعمر يحلف بأ بيه فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فيحلف بالله أو ليصمت وكما في صحيح مسلم عنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله) وكما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف منكم فقال باللات والعزى فليقل لا له إلا الله ، ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق بشي) وكما في سنن أبي داوود بسند صحيح عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف بالأمانة فليس منا فالحلف عبادة وهو تعظيم للمحلوف به ولا يجوزا لحلف إلا بالله أو بأسمائه وصفاته ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقال والكعبة ، وقال لأ صحابه: ( قولوا ورب الكعبة) وذلك عند ما عاب اليهود بعض الصحابة لقولهم والكعبة ، ثم إنني وجدت بعض من يدعي العلم من المقلدين وتابعيهم يحتجون لما يحصل من العوام من الحلف بالنبي والأمانة وغير ذلك من دون أن ينكروا عليهم ، بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي أتى أليه وسأله عن شرائع الإسلام فقال الرجل والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما ولى الرجل: (أفلح وأبيه أن صدق أودخل الجنة وأبيهإن صدق)ويحتجون أيضا بقوله للرجل الذي سأله أي الصدق أعظم أجر فقال: (أما وأبيك لتنبأ نه)... الحديث فأحببت أن أجمع طرق هذين الحديثين لأنظر في هذه اللفظة أهي ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أم غير ثابتة ؟ على حسب ما تقتضية قواعد علم مصطلح الحديث فأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع المسلمين بهذا العمل المتواضع وأن يبصرهم في دينهم وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم أنه أكرم مسئول.
قال الأمام البخاري رحمه الله تعالى (ج3 ـ ص 284)
فتح ـ في كتاب الزكاة باب فضل صدقة الشحيح الصحيح:ـ
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا عمارة بن القعقاع حدثنا أبو زرعه حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجر قال: (أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل ، حتى
إ ذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا وقد كان لفلان). وأخرجه أيضاً في كتاب الوصايا (ج 5 ص 373). باب الصدقة عند الموت من طريق سفيان عن عمارة به وأخرجه مسلم في صحيحه (ج2 ص 716) متن ـ من طريق جرير عن عمارة به وأخرجه أبو داوود في سننه
(ج3 ص 287) حديث رقم (2865) من طريق عبد الواحد بن زياد عن عمارة به. وأخرجه النسائي في سننه (ج6 ص 237) حديث رقم (3611) من طريق محمد بن فضيل عن عمارة به وأخرجه أيضاً (ج5
ص68) حديث رقم (2542) باب أي الصدقة أفضل من طريق سفيان عن عمارة به وأخرجه أحمد (ج2
ص415) من طريق عبد الواحد بن زياد عن عمارة به وفي (ج2 ص447) من طريق سفيان عن عمارة به غير أنه قال أو صحيح وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى (ج2 467) من طريق مالك عن أبي سهيل به وأخرجه مالك في الموطأ ج1 ص104) مع الزر قاني من طريق أبي سهيل به ،ثم أخرجه مسلم رحمه الله تعالى (ج1 ص41) من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صل الله عليه وسلم بهذا الحديث نحو حديث مالك غير أنه قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أفلح وأبيه أن صدق) وأخرجه أبو داوود (ج1 ص273) حديث رقم (392): من طريق إسماعيل ابن جعفر عن أبي سهيل بالزيادة التي عند مسلم وكذا في (ج3ص57.ـ 571) حديث رقم (3250) وأخرجه الدامي في سننه (ج1 ص 37) من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى (ج2 ص466) (ج 4 ص2.1) ومن طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل إلا أنه قال: (أفلح وبيه أن صدق ، دخل الجنة والله أن صدق) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم:(ج1 ص 168) أفلح وأبيه أن صدق هذا مما جرت عادتهم أن يسألوا عن الجواب عنه مع قوله صلى الله عليه وسلم من كان حالفاً فليحلف بالله وقوله صلى الله عليه وسلم:(إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) وجوابه أن قوله صلى الله عليه آله وسلم: (أفلح وأبية) ليس هو حلفا أنما هوـ كلمه جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها وحقيقة الحلف والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به الله سبحانه وتعالى فهذا هو الجواب المرضي وقيل يحتمل أن يكون هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى والله أعلم ،أهـ كلامه وقال الحافظ في الفتح (ج1ـ ص107):(قوله أفلح أن صدق) وقع عند مسلم من رواية أسما عيل بن جعفر المذكور (أفلح وأبيه أن صدق ، أو دخل الجنة وأبيه أن صدق) ولأبي داوود مثله ولكن بحذف(أو) فأن قيل ما الجمع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالإباء ؟ أجيب بأن ذلك كان قبل النهي أو بأنها كلمه جاريه على اللسان لا يقصد بها الحلف كما جري على لسانهم عقرى حلقى وما أشبه ذلك أو فيه أضمار اسم الرب كأنه قال ورب أبيه وقيل هو خاص ويحتاج إلى دليل وحكى السهيلي عن بعض مشايخه أنه قال هو تصحيف وإنما كان
والله فقصرت اللامات. واستنكر القرطبي هذا وقال إنه يجزم الثقة بالروايات الصحيحة وغفل القرافي فادعي أن الرواية بلفظ وأبية لم تصح لأنها ليست في الموطأ وكأنه لم يرتض الجواب فعدل إلى رد الخبر وهو صحيح لا مرية فيه وأقوى الأجوبة الاولان ،أهـ وأخرجه مسلم في صحيحه (ج2 ص716) حديث رقم (93) في كتاب الزكاة من طريق محمد بن فضيل عن عمارة فزاد أما وأبيك لتنبأنه وأخرجه أيضاً أحمد في مسندة (ج2 ص231) من طريق محمد بن فضيل عن عمارة مع الزيادة. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم (ج7ص147)(أما وأبيك لتنبانه) فقد يقال حلف بأبيه وقد نهى عن الحلف بغير الله وعن الحلف بالآباء والجواب أن النهي عن اليمين بغير الله لمن تعمده
وهذه اللفظة الواقعة في الحديث تجري على اللسان من غير تعمد فلا تكون يمينا ولا منهياً عنها كما سبق بيانه في كتاب الأيمان.
قلت: وسيأتي كلامه إن شاء الله تعالى.
قال أبو عبد الرحمن: وعد الإمام مسلم في مقدمة صحيحه أنه قد يأتي ببعض الأحاديث الضعيفة أو المعلة في صحيحه ذلك لبيان علتها. فلفظه(أما وأبيك لتنبانه) ليست في البخاري كما ترى إنما تفرد بها مسلم وأحمد فهي تعتبر شاذة لأن محمد بن فضيل قد خالف عبد الواحد بن زياد وسفيان ومع هذا فقد وافقهم أيضاً كما عند النسائي فلا دليل لمن تعلق بها وعلماء المصطلح رحمهم الله يعرفون الشاذ بأنه مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى(ج1ص16)حدثنا
أسما عيل حدثنا مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحه بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنى فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل على غيرها ؟ قال لا ألا أن تطوع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام رمضان ،قال هل على غيره ؟ قال لا إلا أن تطوع قال وذكر له رسول الله صلى اله عليه وعلى أله وسلم الزكاة ، قال هل على غيرها قال لا إلاأن تطوع قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أفلح أن صدق) وأخرجه أيضاً (ج4ص12) من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل به وأخرجه أيضاً (ج5ص287) من طريق مالك عن أبي سهيل به وأخرجه أيضا (ج12ص33) من طريق إسماعيل بن جعفر وأخرجه مسلم (ج1ص4ـ14) من طريق مالك عن أبي سهيل به وأخرجه النسائي(ج1ص226ـ228) من طريق مالك عن سهيل به، و(ج4ص12 ـ121) من طريق إسماعيل بن جعفر
عن أبي سهيل به، و(ج8ص118 ـ119) من طريق مالك عن أبي سهيل به، وأخرجه أبو داوود) (ج1ص372) حديث رقم (391) من طريق مالك عن أبي سهيل به، وأخرجه احمد في مسنده (ج1ص162) من طريق مالك عن أبي سهيل به وذكر الخطابي في معالم السنن (ج1ص273) نحو هذا الكلام وكذلك الزر قاني في شرحه على الموطأ (ج1ص107) ثم قال الحافظ الفتح (ح1 ص 107): وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير الله ففيه جوابان.أحدهما أن فيه حذفا والتقدير ورب الشمس ونحوه: والثاني أن ذلك يختص بالله فإذا أراد تعظيم شي من مخلوقات أقسام به وليس لغيره ذلك أهـ ونقله عنه الشوكاني في النيل
(ج8ص237) قلت: والثاني أرجح والله أعلم وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في نيل الأوطار (ج8ص237): وما وقع مما يخالف ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي أفلح وأبيه إن صدق فقد أجيب عنه بأجوبة الأول الطعن في صحة هذه اللفظة كما قال ابن عبد البر إنها غير محفوظة وزعم أن أصل الرواية أفلح والله فصحفها بعضهم والثاني: أن ذلك يقع من العرب ويجري على ألسنتهم من دون قصد للقسم والنهي إنما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف ، قاله البيهقي وقال النووي أنه الجواب المرضى والثالث: أنه كان يقع في كلامهم على وجهين للتعظيم والتأكيد ، والنهي إنما وقع عن الأول ، والرابع: أن ذلك كان جائزا ثم نسخ قال الماوردى: وقال السهيلي لا يصح لأنه لا يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحلف بغير الله ويجاب بأنه قبل النهي عنه غير ممتنع عليه ، ولا سيما والأقسام القرنية على ذلك النمط وقال المنذري: دعوى النسخ ضعيفة لامكان الجمع ولعدم تحقق التاريخ والخامس أنه كأنه في ذلك حذف والتقدير أفلح ورب أبيه قاله البيهقي والسادس: أنه للتعجب قاله السهيلي والسابع: أنه خاص به صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتعقب بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال وأحاديث الباب تدل على أن الحلف بغير الله لا ينعقد لان النهي يدل على فساد المنهي عنه وإليه ذهب الجمهور وقال بعض الحنابلة إن الحلف بنبينا صلى الله عليه وسلم ينعقد وتجب الكفارة ،أهـ
قال أبو عبد الرحمن: والصواب شذوذ هذه اللفظة لأن أسما عيل بن جعفر خالف مالكا ومالك أوثق منه فالزيادة شاذة ولا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم على أنه قد أختلف عليه نفسه كما تقدم.
وسألت شيخنا مقبل بن هادي الو ادعي رحمه الله تعالى عن هاتين الزيادتين فقال:(شاذة).
فقلت له:هل سبقك إلى القول بشذوذها أحد من العلماء؟ فقال: لا أعلم أحد سبقني إلى هذا. قلت: هذا فضل الله يؤتيه من يشاء فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لعدم الحلف بغيره وأن يثبتنا على ذلك وأن يجعلنا ممن يعظمه ويقدره أنه سميع مجيب وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه/ عقيل بن محمد بن زيد المقطري
اليمن -- تعز
بحث (نشر في مجلة الاستجابة السودانية العدد العاشر شوال 14.7هـ)