المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وما علمناه الشعـر وما ينبغي له !



السلفية النجدية
2009-03-20, 02:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ..

قال - صلى الله عليه وسلم - : (( بلغوا عني ولو آية )) رواه البخاري في الجامع الصحيح رقم : (3461) .


* * * * * *


بينما أنا أقرأ كتاب من كتب العلامة الشيخ : ( محمد بن صالح العثيمين ) - رحمه الله - فإذا بحديث يصادفني جعلني أقف عنده لحظات وأفكر بأمره ولسان حالي يقول : (( كيف يكون هذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى قال وقوله الحق : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ .... } يس69 )) ؟!

خاصة أن هذا الحديث في (( صحيح البخاري ومسلم )) ؟؟ فالشيخ - رحمه الله - في الكتاب الذي قرأته لم يتطرق لشرحه ، فذهبت إلى كتاب أشمل منه وهو : (( شرح النووي على صحيح مسلم ، جزء 6 ، صفحة 353 - 354 )) ففتح الله - عز وجل - علي حتى وفقني للحصول على الأحاديث وشرحها ، فجمعت بين كلامه - سبحانه - وكلام رسوله - صلوات ربي وسلامه عليه - فلله الحمد والمنة ..


شرح الحديث : (( قوله صلى الله عليه وسلم " أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب " قال القاضي عياض : قال المازري : أنكر بعض الناس كون الرجز شعرا لوقوعه من النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ... } وهذا مذهب الأخفش ، واحتج به على فساد مذهب الخليل في أنه شعر ، وأجابوا عن هذا بأن الشعر هو ما قصد إليه ، واعتمد الإنسان أن يوقعه موزونا مقفى يقصده إلى القافية ، ويقع في ألفاظ العامة كثير من الألفاظ الموزونة ، ولا يقول أحد إنها شعر ، ولا صاحبها شاعر ، وهكذا الجواب عما في القرآن من الموزون كقوله تعالى : { لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } آل عمران 92 ، وقوله تعالى : { نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } الصف13 ، ولا شك أن هذا لا يسميه أحد من العرب شعراً ، لأنه لم تقصد تقفيته وجعله شعرا ، ( 12 / 119 ) قال : وقد غفل بعض الناس عن هذا القول فأوقعه ذلك في أن قال الرواية ( أنا النبي لا كذب ) بفتح الباء ، حرصاً منه على أن يفسد الروي ، فيستغني عن الاعتذار ، وإنما الرواية بإسكان الباء ، هذا كلام القاضي عن المازري .

قلت : وقد قال الإمام أبو القاسم علي بن أبي جعفر بن علي السعدي الصقلي ، المعروف بابن القطاع في كتابه ( الشافي في علم القوافي ) : قد رأى قوم منهم الأخفش وهو شيخ هذه الصناعة بعد الخليل ، أن مشطور الرجز ومنهوكه ليسا بشعر ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( الله مولانا ولا مولى لكم )) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( هل أنت إلا أصبع دميتِ وفي سبيل الله ما لقيتِ )) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب )) وأشباه هذا . قال ابن القطاع : وهذا الذي زعمه الأخفش وغيره غلط بين ، وذلك لأن الشاعر إنما سمي شاعراً لوجوه منها :

1- أنه شعر القول ، وقصده وأراده واهتدى إليه .

2- وأتى به كلاماً موزوناً على طريقة العرب مقفى .

فإن خلا من هذه الأوصاف ، أو بعضها لم يكن شعراً ، ولا يكون قائله شاعراً ، بدليل أنه لو قال كلاماً موزوناً على طريقة العرب ، وقصد الشعر ، أو أراده ولم يقفه ، لم يسمَّ ذلك الكلام شعرا ولا قائله شاعراً بإجماع العلماء والشعراء ، وكذا لو قفاه وقصد به الشعر ، ولكن لم يأت به موزونا لم يكن شعراً ، وكذا لو أتى به موزونا مقفى ، لكن لم يقصد به الشعر لا يكون شعرا ، ويدل عليه أن كثيرا من الناس يأتون بكلام موزون مقفى ، غير أنهم ما قصدوه ولا أرادوه ، ولا يسمّى شعراً ، وإذا تفقد ذلك وجد كثيرا في كلام الناس ، كما قال بعض السؤال : (( اختموا صلاتكم بالدعاء والصدقة )) وأمثال هذا كثيرة ، فدل على أن الكلام الموزون لا يكون شعراً إلا بالشروط المذكورة ، وهي القصد وغيره مما سبق ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بكلامه ذلك الشعر ولا أراده ، فلا يعد شعراً وإن كان موزوناً ، والله أعلم . انتهى كلامه رحمه الله .

******

أما ما وجدته في كتاب (( فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، جزء 9 ، ص 429 )) فهو مقارب جدا لما ذكر آنفا ..

( قوله : " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " قال ابن التين : كان بعض أهل العلم يقوله بفتح الباء من قوله : ( لا كذب ) ليخرجه عن الوزن ، وقد أجيب عن مقالته – صلى الله عليه وسلم – هذا الرجز بأجوبة :

أحدهما : أنه نظم غيره ، وأنه كان فيه : ( أنت النبي لا كذب أنت ابن عبد المطلب ) ، فذكره بلفظ ( أنا ) في الموضعين .

ثانيها : أن هذا رجز وليس من أقسام الشعر ، وهذا مردود .

ثالثها : أنه لا يكون شعراً حتى يتم قطعة ، وهذه كلمات يسيرة ولا تسمى شعراً .

رابعها : أنه خرج موزوناً ولم يقصد به الشعر ، وهذا أعدل الأجوبة ، وقد تقدم هذا المعنى في غير هذا المكان ، ويأتي تاماً في كتاب الأدب { 1 } ) انتهى كلامه رحمه الله .


هذا ، ونسأل المولى عز وجل أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح ويرزقنا الإخلاص بهما إنه قريب مجيب وهو الموفق وعليه التكلان ..
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــ

{ 1 } ( 14 / 6 ) ، كتاب الأدب ، باب 90 ، ح 6146 .


وكتبته / الراجية عفو ربها : السلفية النجدية ..

عدنان البخاري
2009-03-20, 02:58 AM
/// بارك الله فيكِ..
/// ومن الأجوبة عن التَّعارض الظَّاهر بين تمثُّله (ص) بهذين البيتين ونفي تعلُّم الشِّعر عنه في الآية= ممَّا تقدَّم وممَّا لم يتقدَّم:
1- أنَّ هذين البيتين من إنشاده لشعر غيره لا من نظمه، إذ لا دليل على أنَّه هو من نظمه، وتمثُّله بشعر غيره واردٌ، كما تمثَّل ببيت لبيد العامري:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل /// /// وكل نعيم لا محالة زائل
وببيت طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا /// /// ويأتيك بالأخبار من لم تزوَّدِ
2- أنَّ النَّبي (ص) لم يقصده شعرًا، بل وقع منه موقع الشِّعر، وبيانه في الثالث.
3- أنَّ الشَّاعر لا يكون شاعرًا بنظم بيتٍ أوبيتين، إذ قد يقع على لسانه قصدًا ولا يحسن النَّظط على البحور ولا التَّقفية، وإيضاحه في الرَّابع.
4- أنَّ النَّبي (ص) لو كان يعلم الشِّعر لما وقع منه خطأ في إنشاد بيت العبَّاس بن مرداس، حيث قال:
أتجعل نهبي ونهب العُبيد /// /// بين الأقرع وعيينة
وإنَّما البيت:
أتجعل نهبي ونهب العُبيد /// /// بين عيينة والأقرع
/// حتى أصلح العبَّاس ررر البيت له، فقال أبو بكرٍ ررر وكان حاضرًا: أشهد أنَّك كما قال الله تعالى: ((وما علَّمناه الشِّعر وما ينبغي له)).

أبو عبد العظيم
2009-03-20, 11:59 AM
بارك الله فيكم

السلفية النجدية
2009-03-20, 11:35 PM
وفيك بارك الله أخي الموقر ( عدنان البخاري ) ..

مداخلة مباركة ، نفع الله بك ..