أبو الحارث السلفي
2009-03-13, 05:32 PM
السلام عليكم
اخوتي في هذا المنتدى المبارك
ارجو مناقشة هذه المسألة من مسائل التوحيد واثراء الموضوع بالأدلة والنقولات عن أهل العلم
نجد في شروحات كتاب التوحيد تقرير مسألة أن اعتقاد ان الحلقة او التميمة تنفع وتضر بإذن الله هو شرك أصغر وليس أكبر لانه جعلها سببا وهي ليست سببا كونيا ولا شرعيا
لكن كثير من طلبة العلم يقررون أن الاعتقاد في الميت في القبر أنه ينفع ويضر بإذن الله هو شرك أكبر
فما الفرق بين الاثنتين؟
سمير عبد الخالق
2009-03-17, 07:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري
الشرك بالله وأنواعه
توطئة البحث
الحمد لله الذي وسع كل شيء رحمة وعلما , وعمّ العوالم كلها جودا وكرما وحلما, وأسبغ على عباده برسالة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم من النعم ما لا يحد بقياس, ولا يقدر عاى عدّه الناس, ولا يعلمه الا العليّ العظيم الذي أحسن كل شيء خلقه وخلق الانسان من طين.
نحمده سبحانه وتعالى حمدا يوافي نعمه حمدا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, سبحانه ربنا لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه المجيدة والعظيمة, ونستغفره من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, ومن انشغال أفئدتنا واهمالنا واسرافنا في أمرنا, ونشهد أنه لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال رب السموات والأرض وما بينهما الفعال لما يريد, الملك العلام الحنان المنان ذو الجلال والاكرام.
ونشهد أن حبيبنا ونبينا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله, الرفيع المقام صلى الله عليه وسلم , وعلى آله وأزواجه أمهات المؤمنين الطاهرات وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وبعد...
الفرق بين الشرك والكفر
من الناحية اللغوية: فالكفر أعمّ من الشرك , لأنّ المشرك يعترف بوجود الله عزوجل أي مؤمن بوجوده, ولكنه يشرك بعبادته الها آخرا تماما كمشركي وكفار قريش, بينما الكفر فهو عكس الايمان , والكافر أساسا لا يعترف بوجود الله عزوجل , وان سألته من خلقك؟ ينسب الأمر الى التقاء أبويه على فراش اللذة, ولئن سألته من خلق الطبيعة, ليقول هي أوجدت نفسها بنفسها, وهكذا الكافر يكون يجد لك لكل سؤال عذرا فلعنة الله على الكافرين.
أما من الناحية الشرعية: فالكفروالشرك وجهان لعملة واحدة, وكلاهما يصبّ في بوتقة واحدة هي أنهما في النار خالدين فيها أبدا,ومما يدل على أنّ الشرك والكفر يطلقان بمعنى واحد قوله تعالى في سورة الكهف في حوار أصحاب الجنتين 35-38: ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظنّ أن تبيد هذه أبدا* وما أظنّ الساعة قائمة ولئن رددت الى ربي لأجدنّ خيرا منها منقلبا* قال له صاحبه وهو يحاوره, أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا* لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا*
انواع الشرك
الشرك أنواعه ثلاثة: الشرك الأكبر… الشرك الأصغر… الشرك الخفي.. وعن هذه الأنواع الثلاثة كما قال العلماء رحمهم الله يتفرّع منها 21 غصنا أو فرعا من الشرك يتراوح بين الأكبر والأصغر والخفي...
فنسأل الله تعالى المعونة والاخلاص في الأعمال والأقوال والحركات والسكنات, انه جواد كريم, سميع عليم, ألرحمن الرحيم الأرحم والأرأف من الأم على وليدها, الحنان المنان ذو الجلال والاكرام.
وساتناول النوع الأول من الشرك وهو الأكبر والذي حوله يحثنا يدور, وهذا النوع من الشرك لا يغفره الله عزجل لقوله تعالى في سورة النساء 48 و 116:
انّ الله َ لا يغفرُ أنْ يُشرَكَ ويغفرُ ما دونَ ذلكَ لمنْ يشاء هذا
وهذا الشرك موجب للخلود وهو ثلاثة أنواع: الشرك في الربوبية.. الشرك في توحيد الأسماء والصفات.. والشرك في توحيد الألوهية..
والشرك في ألألوهية ست أنواع:
الشرك في الدعاء.. الشرك في النية والقصد والارادة.. الشرك في الطاعة.. الشرك في المحبة... والشرك في التوكل.
وهذا الشرك ان مات صاحبه عليه اي دون توبة صادقة نصوح, فانه يخلد فيه بالنار لقوله تبارك وتعالى سورة لقمان 13 انّ الشرك لظلم عظيم... ولقوله تعالى في سورة المائدة 72: انّ من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة.
فمن أشرك بالله عزوجل ثم مات مشركا فهو قطعا من أصحاب النار, تماما كما أنّه من آمن بالله وهو مؤمن فهو من أصحاب الجنة وان عُذب بالنار, وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر(كررها ثلاثا)؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: الاشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور, فما زال يكرّرها حتى قلنا ليته سكت.
والشرك أنواعه كثيره وأخطرها وأشدها فتكا على الانسان هو شرك بالعقيدة , وهوكأن يجعل لله ندا وهو خلقه ويعبد معه غيره من صنم أو حجر أو انس أو جان أو شمس أو قمر أو نار أو ما الى هناك من معبودات غير الله عزوجل... وهذا هو النوع الذي لا يغفر أبدا ان مات صاحبه عليه.
و الشرك الأكبر ثلاثة أنواع وكل نوع ينقسم لأنواع:
1. الشرك في الربوبية.
2. الشرك في توحيد الأسماء والصفات.
3. الشرك في توحيد الالوهية .
وطالما فتحنا باب الحديث عن الشرك فاننا سنتناول أنواع كل شرك على حدة رغبة بالاستزادة في الالمام بانواع الشرك بغية تجنبها ما أمكننا الى ذلك سبيلا..
أولا: الشرك في الربوبية
كلنا نؤمن بأنّ الله عزوجل هو المالك المدبر، المعطي المانع، الضار النافع، الخافض الرافع، المعز المذل، ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: من شهد عكس ذلك أو نسب هذه الصفت الجليلة الى غيره سبحانه وتعالى فقد أشرك بربوبيته سبحانه وتعالى عما يشركون.
وهذا الشرك نوعان: إما شرك بالتعطيل وإما شرك بالأنداد.
أما الشرك بالتعطيل وسمي كذلك لأنه يعطل أسماء الله تعالى وصفاته العلى الحسنى وربوبيته تبارك وتعالى, ويقول عنه المفسرون رحمهم الله: أنه أقبح انواع الشرك, كشرك فرعون كما جاء في قوله تعالى في سورة الشعراء 23: وما ربُّ العالمين
وكمذهب الشيوعية , والماركسية و كشرك منكري البعث ومنكري ارسال الرسل واليوم الآخر والقدر وما الى هناك من غيبيات أقرها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة, وكشرك الفلاسفة الذين خاضوا كثيرا في علم الكون ما ليس به علم , ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود، كابن عربي وابن سبعين والعفيف التلمساني وابن الفارض، ونحوهم من الملاحدة الذين كسوا الإلحاد حلية الإسلام، ومزجوه بشيء من الحق، حتى راج أمرهم على ضعاف النفوس.
بينما شرك بالأنداد, سمي كلك لأنهم جعلوا لله ندا, مثيلا, فأشركوا بعبادة الله عزوجل الها أو الهة أخرى دون أن يعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العلى وربوبيته, تماما كمشركي قريش... وكشرك النصارى وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور، وحوادث الشر إلى الظلمة.
ومن هذا شرك كثير ممن يشرك بالكواكب العلويات، ويجعلها مدبّرة لأمر هذا العالم، بدعوى أنّ المتصرّف في هذا الكون غير الله تعالى , كما هو مذهب مشركي الصابئة والمتصوّفة القائلين بالغوث والقطب والأوتادغيرهم. ويلتحق به من وجه شرك غلاة عباد القبور الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت، فيقضون الحاجات، ويفرجون الكربات، وينصرون من دعاهم، ويحفظون من التجأ إليهم ولاذ بحماهم، وإما بإعطاء حق التشريع والتحليل والتحريم لغير الله تعالى كما هو عند النصارى وغيرهم وكما هو في القوانين الوضعية، وإما بدعوى تأثير النجوم والهياكل في الكون كما يعتقده الصابئة من قوم إبراهيم، أو دعوى تأثير الأولياء أو التمائم والأحجبة.
ثانيا: الشرك في توحيد الأسماء والصفات
وهو أيضا إما بالتعطيل وإما بالأنداد
أ- شرك التعطيل, وذلك بتعطيل الصانع عن كماله المقدس، كشرك الجهمية الغلاة والقرامطة الذين أنكروا أسماء الله عز وجل وصفاته.
ب- شرك الأنداد وهو على وجهين:
الوجه الأول: إثبات صفات الله تعالى للمخلوقين، وذلك بالتمثيل في أسمائه أو صفاته كالشرك في علم الباري المحيط، ويدخل في ذلك التنجيم والعرافة والكهانة، وادعاء علم المغيبات لأحد غير الله، وكالشرك في قدرة الله الكاملة، وذلك بادعاء التصرف للغير في ملكوت الله، وخوف الضرر أو التماس النفع من غير الله، أو بالاستغاثة بغير الله، أو تسمية غيره غوثاً، أو بالسحر والتسحّر.
الوجه الثاني: وصف الله تعالى وتقدس بصفات المخلوقين، كشرك اليهود المغضوب عليهم الذين شبهوا الله بخلقه، فوصفوا الله تعالى بأنه فقير وأن يده مغلولة، وهكذا النصارى في قولهم بالبنوة والأبوة، وما إلى ذلك من صفات المخلوقات.
ويدخل في ذلك كل من شبّه الله بخلقه ومثله بهم من هذه الأمة, فالله عز وجل لا يشبّه ولا يمثّل ولا يكيّف , قالله عزوجل كما وصف تعالى نفسه المجيدة والكريمة: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
ثالثا: الشرك في توحيد الألوهية
قال ابن تيمية رحمه الله: فأما الشرك في الإلوهية فهو الشرك الاكبر, هو أن يجعل العبد لله نداً ـ أي: مثلاً ـ في عبادته أو محبته أو خوفه أو رجائه أو إنابته، وهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، كما قال تعالى في سورة الانفال 48: قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف.
فالشرك في الإلوهية والعبادة هو الغالب على أهل الإشراك، وهو شرك عبّاد الأصنام، وعبّاد الملائكة، وعبّاد الجن، وعبّاد المشايخ والصالحين الأحياء والأموات، كما في قوله تعالى في سورة الزمر 3: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، ويشفعوا لنا عنده، وينالنا بسبب قربهم من الله وكرامته لهم قربٌ وكرامة. وهذا هو الشرك الذي قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب ، قال الله تعالى في سورة البقرة 165: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبّ الله والذين آمنوا لأشدّ حبا لله ... وقوله عزوجل في سورة ص 5: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَـهاً واحِداً إِنَّ هَـاذَا لَشَىْء عُجَابٌ... وقال تعالى في سورة ق : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد أثيم* الذي جعل مع الله الها آخر فألقياه في العذاب الشديد.
أنواع الشرك في الألوهية: وهي ستة أنواع:
أ- شرك الدعاء
كقوله تعالى في سورة العنكبوت 65: فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البرّ اذا هم يشركون.
أي بعدما ركبوا السفينة في البحر, ابتهلوا الى الله ولم يبتهلوا الى أصنامهم وأندادهم وأخلصوا العبادة
والطاعة لله عزوجل, ولكن عندما قطعوا البحر ووصلوا البرّ عادوا فأشركوا بعبادة الله وعادوا لعبادة أصنامهم, كقوله تعالى في سورة يونس 107- 106: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك فان فعلت فعلت فانك لمن الظالمين* وان يمسسك الله بضرّ فلا كاشف له الا هو , وان يردك بخير فلا راد لفضله, يصيب به و من يشاء من عباده, وهو الغفور الرحيم
وهذه الآية الكريمة يخاطب الله تعالى فيها النبي صلى الله عليه وسلم , وفيها بيان أن الخير والشر والنفع والضرر انما هو راجع الى الله عزوجل وحده, وعن أنس رضي الله عنه قال, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اطلبوا الخير دهركم كله, وتعرضوا لنفحات من رحمته, يصيب بها من يشاء من عباده, واسألوه أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم.
وقال المفسرون رحمهم الله عن هذه الآية الكريمة أنّ الدعاء لغير الله والاستغاثة من دونه ووجوب علينا إفراده بتوحيد الإلهية ، وإفراده بسؤال كشف الضر وجلب الخير فلا يكشف الضر إلا هو، ولا يجلب الخير إلا هو، يقول تعالى في سورة فاطر 4 :
ما يفتح الله من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم.
وقد قـرّر العلماء أن دعاء المسألة ودعاء العبادة أمران متلازمان، وفي هذا قالوا أنّ الدعاء نوعان: دعاء عبادة ودعاء مسألة، فدعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع له أو كشف ضر عنه، والمعبود كي يستحق لفظ العبودية لا بدّ أن يكون مالكاً للنفع والضر، متصرفا فيهما, آ اله مه الله, سبحان الله عما يشركون...لأجل هذا أنكر الله تبارك وتعالى على ما عبد من دونه مما لا يملك ضراً
ولا نفعاً واقرؤوا ان شئتم قوله عزوجل في سورة المائدة 76: قل أتعبدون من دون الله ما يملك لكم ضرّا ولا نفعا والله هو السميع العليم.
وقد نص العلماء على أن من صرف أو وجّه دعاء لغير الله فهو قطعا مشرك, ومن جعل وسيطا بينه وبين الله عزوجل يكون قطعا بنفس المنزلة من الاسشراك, , فالله تعالى وتبارك جعل النبي صلى الله عليه وسلم وسيطا بينه عزوجل وبين خلقه في أمور عدّة الا الدعاء, فقال: يسألونك عن الجبال قل ينسفها ربي نفسا, ويسألونك عن المحيض قل هو أذى وهكذا نجد في كل لفظ جاء القرآن فيه القرآن بلفظ السؤال تبعها عزوجل بكلمة قل, الا أمر الدعاء لم يجعل الله عزوجل فيها وسيطا بينه عزوجل وبين عباده, فقال عزوجل: واذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكّل عليهم يدعوهم ويسألهم فقد كفر , وهذا رأي الاجماع.
وقال ابن القيم رحمه الله: ومن أنواع الشرك في طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم والتوجه اليهم, وهذا أصل شرك العالم.
وقال المفسرون رحمهم الله: ومن نوع هذا الشرك أن يعتقد الإنسان في غير من نجم أو إنسان أو نبي أو صالح أو كاهن أو ساحر أو نبات أو حيوان أو غير ذلك أنه يقدر بذاته على جلب منفعة من دعاء.
وقد أجمع العلماء على أن من صرف شيئاً من أنواع الدعاء لغير الله فهو مشرك ولو قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلى وصام. لأنه من شروط الاسلام الى جانب التلفظ بالشهادتين أن لا يعبد الا الله الها واحدا لا شريك له , لأجل ذلك كان من شروط كلمة التوحيد أن تكون خالصا من القلب, لقوله عليه الصلاة والسلام: من قال لا اله الا الله من دخل الجنة... ، فمن أتى بالشهادتين وعبد غير الله فلا يكون قد أتى بالشهادتين حقيقة وإن تلفظ بهما، فالايمان محله القلب وليس اللسان, وهناك كثير من الناس آمنوا بلسانهم وكفر قلبهم وماتوا على الكفر, من هؤلاء الشاعر أمية بن أبي الصلت الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم لأخته الصحابية الجليلة الفارعة بنت أبي الصلت رضي الله عنها: يا فارعة كان أخيك كمثل الذي أتاه الله آياته فانسلخ عنها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين.... وقال عليه الصلاة والسلام لها: آمن شعره وكفر قلبه... وقال فيه الله عزوجل في سورة الأعراف 175: واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين.....
وقال ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله : أنه من جعل وسيطا بينه وبين الله عزوجل سواء في الدعاء أو طلب الحاجات أو توسل الى ميّت فهو مشرك بالله عزوجل.
ب- شرك النية والإرادة والقصد: وهو على أربعة انواع:
النوع الأول: كقوله تعالى في سورة هود 15- 16: من يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفّ اليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون* أولئك الذين ليس لهم في الآخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون
قال ابن عباس رضي الله عنهما: من عمل صالحاً التماس الدنيا، صوماً أو صلاة أو تهجداً بالليل لا يعمله إلا لالتماس الدنيا، يقول الله فيه في الحديث القدسي الجليل: أوفّيه الذي التمَسَ في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمل التمَاسَ الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين.
وقال ابن القيم رحمه الله: أما الشرك في الإرادات والنيّات فذلك البحر الذي لا ساحل له وقليل من ينجو منه.
ومن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئاً غير التقريب إليه وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيته وارادته.
وقد: ذكر عن السلف من أهل العلم عن قوله تعالى في سورة يونس 15: من يريد الحياة الدنيا
أن العلم أنواع:
النوع الأول مما يفعله الناس اليوم ولا يعرفون معناه، فمن ذلك العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجه الله من صدقة وصلاة وإحسان إلى الناس، وترك ظلم ونحو ذلك مما يفعله الانسان ، أو يتركه خالصاً لله لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، إنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله وتنميته أو حفظ أهله وعياله، أو إدامة النعم عليهم، ولا همّة له في طلب الجنة والهرب من النار ، فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة نصيب., تماما كقوله تعالى في سورة البقرة 200 : ومن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق.
النوع الثاني: وهو أخطر وأعم من النوع الأول حيث يدخل فيه رياء, فيرائي الناس بعلمه فلا يكون له أيّ ثواب
اذا لا ثواب لأي عمل , الا ما كان خالصا لوجه الكريم.
النوع الثالث: أن يعمل أعمالاً صالحة يقصد به مالاً، مثل أن يحج لمالٍ يأخذه لا يقصد به وجه لله، أو يهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها, أو يجاهد لأجل مصلحة دنيوية.
النوع الرابع: أن يعمل بطاعة الله مخلصاً لله وحده لا شريك له, لكنه يكون قائماعلى عمل يكفّره كفراً يخرجه من الاسلام, مثال ذلك أهل الكتاب: فانهم إذا عبدوا الله أو تصدقوا أو صاموا ابتغاء وجه الله والدار الآخرة لا يقبل منهم لأنهم بالأساس مشركين بالله عزوجل , يقول تعالى في سورة التوبة 30: وقالت اليهود عزير الله وقالت النصارى المسيح ابن الله, ذلك قولههم بأفواههم.
وقد ذكر الامام القرطبي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية : هذا لفظ خرج على العموم ومعناه الخصوص، لأنه ليس كل اليهود قالوا ذلك ،. والقول في هذا مثله القول في النصارى ، فإن النصارى طوائف منهم من يقول إن المسيح هو الله، ومنهم من يقول إنه ابن الله, ومنهم من يقول إنه ثالث ثلاثة، كما في قوله تعالى في سورة المائدة 72 : لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم, وقال تعالى المائدة 73: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة.
ومثل هذا النوع كثير في هذه الأمة , فيهم كفر أو شرك أكبر يخرجهم من الإسلام بالكلية, اذ أطاعوا الله عزوجل طاعة خالصة يريدون بها ثواب الله في الدار الآخرة، لكنهم قائمين على أعمال تخرجهم من الاسلام دون أن يشعرون وتمنع قبول أعمالهم.
بقي أن يقال: إذا أقام الرجل الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج ابتغاء وجه الله طالباً ثواب الآخرة ثم بعد ذلك عمل أعمالاً قاصداً بها الدنيا، مثل أن يحج فرضه لله، ثم يحج بعده لأهل الدنيا،
فهو لما غلب عليه منهما.
تنبيه هام جدا: مما ينبغي التأكيد عليه هنا أنه لا بد من التفريق بين شرك الإرادة المستوجب للشرك الأكبر والخلود في النار، وبين الشرك الأصغر المستوجب لحبوط العمل وإن لم يكن مخرجاً من الملة.
والضابط الفارق في ذلك هو النظر إلى النية والباعث على العمل، فمن كان عمله اتباعاً للهوى اتباعا مطلقا بحتا ويريد الدنيا يكون مشركاً بالله شركاً أكبر، ومن كان الباعث له على العمل حب الله وابتغاء رضوانه والدار الآخرة, لكن دخل مع ذلك حب الجاه أو نحو ذلك من أسباب الرياء , كان مشركاً بالله شركاً أصغرا......
ج- شرك الطاعة, كقوله تعالى في سورة التوبة 31: واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون.
وعندما فسّر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية لعدي بن حاتم رضي الله عنه , قال عدي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم له: : لسنا نعبدهم! فذكر له عليه الصلاة والسلام أن طاعتهم في المعصية تعني عبادتهم, وعبادتهم تعني طاعتهم في المعصية, وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وهذا نص الحديث الذي رواه الامامين أحمد والترمذي رحمهما الله عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب, وفي رواية من فضة فقال: يا عدّي، اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة: واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، ثم قال عليه الصلاة والسلام: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه....
قال ابن تيمية رحمه الله: وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحلّ الله يكونون على وجهين: أحدهما: أن يعلموا أنّهم قد بدّلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤساهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركاً وإن لم يكونوا يصلّون لهم ويسجدون لهم، فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركاً مثل هؤلاء.
وثانيهما: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتاً، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الطاعة في المعروف.. وقالصلوات ربي وسلامه عليه: على المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية.
ملاحظة هامة تستوجب الاشارة اليها: وقال ابن تيمية رحمه الله في هذا الصدد: ثم ذلك المحرِّم للحلال والمحلِّل للحرام إن كان مجتهداً قصده اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر، وقد اتقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه، بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه، ولكن من علم أن هذا خطأ فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم, ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم, فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمّه الله، لا سيما إن اتبع في ذلك هواه ونصره باللسان واليد، مع علمه بأنه مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا شرك يستحقّ صاحبه العقوبة عليه.
والى اللقاء في النوع الثاني من الشرك وهوة الشرك في الربوبية ان لا زال هناك في العمر من بقيّة
البحث بمجمله ملخص من بحث طويل للشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله
الكلاعي الأندلسي
2009-03-18, 04:35 AM
أخي الفرق أن في المسألة الأولى جعل ماليس سببا شرعيا ولاكونيا سببا وهذا شرك أصغر لكن لو اعتقد أنها تنفع وتضر هي بذاتها فهذا شرك أكبر
أما مسألة الاعتقاد بأن صاحب القبر ينفع ويضر فهذا شرك أكبر لاعتقاده النفع والضر من صاحب القبر
وهناك فرق آخر أن المسألة الثانية اعتقاد ماليس سببا سببا بخلاف المسألة الأولى بأنه سبب لكن لم يثبت نفعه شرعا ولا كونا
وأيضا أسألك هل الاعتقاد بصاحب القبر سبب أم لا بد من صرف العبادة له كدعاء وذبح وغيره فالمسألة الاولى لم تصرف شيء لغير الله بخلاف الثانية وهو صرف طاعة لغير الله
والله تعالى أعلم
أبو الحارث السلفي
2009-03-20, 04:29 AM
أخي الأندلسي بارك الله فيك
أنا أوافقك فيما ذكرت
لكن كلامي فيمن يقول أنه يتعقد أن الميت هذا ينفع ويضر بإذن الله يعني هو سبب والله هو النافع الضار يعني مثل الحلقة
هل يتصور هذا؟
بوركت
درداء
2009-11-07, 05:03 AM
السلام عليكم
اخوتي في هذا المنتدى المبارك
ارجو مناقشة هذه المسألة من مسائل التوحيد واثراء الموضوع بالأدلة والنقولات عن أهل العلم
نجد في شروحات كتاب التوحيد تقرير مسألة أن اعتقاد ان الحلقة او التميمة تنفع وتضر بإذن الله هو شرك أصغر وليس أكبر لانه جعلها سببا وهي ليست سببا كونيا ولا شرعيا
لكن كثير من طلبة العلم يقررون أن الاعتقاد في الميت في القبر أنه ينفع ويضر بإذن الله هو شرك أكبر
فما الفرق بين الاثنتين؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ممكن اخي تنقل لنا من شروحات كتاب التوحيد مع رقم المجلد والصفحة للفائدة
من صاحب النقب
2009-11-07, 03:39 PM
السلام عليكم
اخوتي في هذا المنتدى المبارك
ارجو مناقشة هذه المسألة من مسائل التوحيد واثراء الموضوع بالأدلة والنقولات عن أهل العلم
نجد في شروحات كتاب التوحيد تقرير مسألة أن اعتقاد ان الحلقة او التميمة تنفع وتضر بإذن الله هو شرك أصغر وليس أكبر لانه جعلها سببا وهي ليست سببا كونيا ولا شرعيا
لكن كثير من طلبة العلم يقررون أن الاعتقاد في الميت في القبر أنه ينفع ويضر بإذن الله هو شرك أكبر
فما الفرق بين الاثنتين؟
في شرح الشيخ الغنيمان على هذا الباب قال إن هذا شرك أكبر راجع الشرح في موقع البث الإسلامي
أبو شعيب
2010-02-26, 07:02 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،
الصواب الذي أراه - والله أعلم - أن الاعتقاد في ميّت أموراً هي في الحيّ ، هي مجرد بدعة وضلالة .. وإن بنى على ذلك تعلق قلبه به ، فهو شرك أصغر ..
من جنس التميمة .. إن اعتقدت أنها تضر وتنفع ، لكن لم يتعلق قلبك بها ، فإن هذا ليس بشرك . كما لو تظن أن فيها إشعاعات خفية تقوي الصحة ، أو تشفي الأمراض بإذن الله .. من جنس اعتقاد المرء في الدواء مثلاً .. فإن كان يعتقد أنه ينفع ، ولكن لم يعلق قلبه به ، وتعلق قلبه بالله تعالى .. وجعل الدواء من جملة الأسباب ، فهذا لا شيء فيه .. أما إن تعلق قلبه به ، وغفل عن الله تعالى ، فهذا شرك أصغر .
لكن التميمة تُعلّق ، وتكثر ملازمتها للمرء ، بما يفضي ضرورة لتعلق القلب بها ، لذلك جاء في الحديث : (من تعلق شيئاً وكل إليه) .
أما الدواء .. فهو عارض ، لا يُلازم المرء عادة .. لذلك كان هناك فرق .
وقياسك مسألة الميت على التميمة والتولة صحيح .. ولن تجد من المعترض - فيما أعلم من المذاهب المخالفة - جواباً شافياً .
هذا ، والله أعلم
سعود بن صالح
2011-07-17, 06:13 AM
الفرق بينهما أن الميت في قبره كان له نفع في حياته أي كان جعله الله سببا بخلاف الخيط والحلقة والتميمة فإن الله لم يجعلها سببا والله أعلم .
أبو خالد الدمياطي
2011-07-21, 10:45 PM
من جنس التميمة .. إن اعتقدت أنها تضر وتنفع ، لكن لم يتعلق قلبك بها ، فإن هذا ليس بشرك . كما لو تظن أن فيها إشعاعات خفية تقوي الصحة ، أو تشفي الأمراض بإذن الله .. من جنس اعتقاد المرء في الدواء مثلاً .. فإن كان يعتقد أنه ينفع ، ولكن لم يعلق قلبه به ، وتعلق قلبه بالله تعالى .. وجعل الدواء من جملة الأسباب ، فهذا لا شيء فيه .. أما إن تعلق قلبه به ، وغفل عن الله تعالى ، فهذا شرك أصغر .
كلام لا خطام له ولا زمام
وأي كلام بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من علق تميمة فقد أشرك " وقوله " إن الرقى والتمائم والتوله شرك " ؟
وكيف تجعل من اعتقد فيما جعله الشرع سببا ً أو جعله الله سببا كونياً ، كمن كذب على الشرع وكذب على القدر بجعله ما ليس بسبب سبباً ؟
وقياسك مسألة الميت على التميمة والتولة صحيح .. ولن تجد من المعترض - فيما أعلم من المذاهب المخالفة - جواباً شافياً .
أي صحة وأي قياس ؟
تقيس ما تعتقد نفعه إذا تناولته - بالتعلق أو غيره ، مع بطلانه - على ما تعتقد نفعه وضره بغير تناول ؟ إلا إذا كنت تقصد حصول النفع والضر من الميت بدعائه والاستغاثة به ....... فهذا نوع آخر إن صرحت به
فالأسباب - الشرعية أو الكونية - تنفع بتناولها ، مثل قراءة القرآن والعسل والدواء .............
أما اعتقاد النفع والضر للميت لا بلمسه ولا بتعليقه !!!!!! فهذا من الخبل
وأحس أنك - وأرجو أن أكون مخطئا - أنك عن قريب ستفصح عن جواز التبرك بالقبور أو غيرها .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.