المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث في دلالة نزل ونزيل



الأزهري الشافعي
2009-03-12, 11:29 AM
بسم الله الرحم الرحيم

وبه نستعين ، والصلاة والسلام على سيد العالمين .
وبعد ....
فإننا بصدد البحث عن دلالة كلمة " نزل ، ونزيل" سواء أكان في لغة العرب ، أم في اصطلاح المحدثين وأهل الفن .

أما نزيل في اللغة فمعانيها كألاتي :
ففي القاموس المحيط للفيروزآبادي (1372/1) " والنَّزِيلُ : الضَّيْفُ "
وقال صاحب المصباح المنير(601/2) : ( أَنْزَلْتُ ) الضيف بالألف فهو ( نَزِيلٌ ) فعيل بمعنى مفعول و ( النُّزُلُ ) بضمتين طعام النّزيل الذي يهيأ له .
وفي كتاب التعاريف للمناوي (335/1) " والدخيل بين القوم الذي ليس من نسبهم بل نزيل عندهم ومنه قولهم هذا الفرع دخيل في الباب أي ذكر استطرادا أو لمناسبة ولا يشتمل عليه عقد الباب" .
أما النسبة فتعريفها كما قال ابن منظور : " النَّسَبُ نَسَبُ القَراباتِ وهو واحدُ الأَنْسابِ ابن سيده النِّسْبةُ والنُّسْبَةُ والنَّسَبُ القَرابةُ وقيل هو في الآباء خاصَّةً وقيل النِّسْبَةُ مصدرُ الانْتِسابِ والنُّسْبَةُ الاسمُ التهذيب النَّسَبُ يكون باللآباءِ ويكونُ إِلى البلاد ويكون في الصِّناعة . " لسان العرب(755/1) .
والنسب اصطلاحا كما في "ابجد العلوم " هو علم يتعرف منه أنساب الناس، وقواعده الكلية والجزئية والغرض منه الاحتراز عن الخطأ في نسب شخص .
وقال الصفدي في كتابه الرائع " الوافي بالوفَيَات "(11/1) : النسب هو الإضافة لأن النسب إضافة شيء إلى بلد أو قرية أو صناعة أو مذهب أو عقدية أو علم أو قبيلة أو والد كقولك مصري أو مزي أو منجنيقي أو شافعي أو معتزلي أو نحويأ وزهري أو خالدي فهذا المعنى إنما هو إضافة . ولهذا كان النحاة الأقدمون يترجمونه بباب الإضافة وإنما سميته نسباً لأنك عرفته بذلك كما تعرف الإنسان بآبائه .

والمؤلفات في علم الأنساب كثيرة ومتباينة ومتغايرة .
فهذا محمد بن سعد صاحب الطبقات (493/7) يفرد لكل مصرٍ ما نزله من الصحابة فقال : " تسمية من نزل مصر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم "عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم , عبد الله بن عمرو بن العاص ، خارجة بن حذافة بن غانم ..............الخ . فهل ننسب الصحابي الجليل عمرو بن العاص إلى مصر أم ماذا ؟
وتوجد تراجم كثير ة يذكر فيها المصنف الترجمة ويبتدأ بالاسم ثم بالنسبة ثم يقول نزيل كذا وكذا . فلماذا لم ينسبه المصنف إلى هذه البلدة التي نزلها ، فلو أن "نزل ونزيل" لها دلالة واضحة في النسبة لنسبه المصنف إليها ، وهاكم صنيع الأئمة في إيراد الترجمة الحديثية :
فهذه بعض التراجم :
** يزيد بن زياد القرشي البصري : نزيل صور قيل إنه دمشقي حدث عن حميد الطويل . " تاريخ دمشق "
**موسى بن مروان أبو عمران البغدادي : نزيل الرقة التمار سمع بدمشق الوليد بن مسلم وشعيب بن إسحاق الدمشقيين .
وهذا كتاب الأنساب للسمعاني ؛ وهو كتاب رائد في هذا الفن . فأورد كثيرا من التراجم توضح أن " نزل ونزيل " ليست دلالة واضحة في انتساب الرجل إلى البلدة التي نزلها .
*البطي: بضم الباء الموحدة وبعدها الطاء المهملة، هذه النسبة إلى بطة وهو إسم لبعض أجداد أبي عبد الله محمد بن أحمد بن بطة بن إسحاق بن الوليد بن عبد الله البزاز الاصبهاني البطي من أهل أصبهان، نزل نيسابور ووردها سنة اثنتين وثلاثين
*باب الواو والضاد (المعجمة) الوضاحي: بفتح الواو والضاد المعجمة المشددة والحاء المهملة في آخرها.
هذه النسبة إلى الوضاح ، وهو اسم لجد أبي عبد الله محمد بن الحسين بن علي بن الحسن بن يحيى بن حسان بن الوضاح بن حسان الانباري الوضاحي الشاعر.
من أهل الانبار، نزل نيسابور، وكان حسن الشعر، مليح القول، ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ في تاريخه وقال: أبو عبد الله الوشاحي الشاعر، نزيل نيسابور وكان من أشعر من ذكر في وقته وأحسنهم عشرة، وقد سمعته يذكر غير مرة سماعه العلم من أبي عبد الله المحاملي القاضي، وأبي عبد الله بن مخلد الدوري وأبي روق الهزاني وغيرهم. وثلاثمائة، وخرج من نيسابور منصرفا إلى وطنه بأصبهان سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة .
*الأرموي بضم الألف وسكون الراء وفتح الميم وفي آخرها الواو - هذه النسبة إلى أرمية وهي من بلاد أذربيجان والمشهور بالنسبة إليها جماعة منهم أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن الشويخ الأرموي نزل مصر وتوفي بها سنة ستين وأربعمائة وغيره " اللباب 45/1" .

فمن صنيع الأئمة يتبين أن كلمة " نزل ونزيل " لاتعطينا دلالة واضحة في أن الرجل إذا نزل بلداً من البلدان ينتسب إليها .
ومما فهمت من تعامل الأئمة مع هذا الشيء يتبين أن "نزيل كذا" توضح أن الرجل نزل هذه البلدة ، ومكث فيها فترة ما . وقد يقطن فيها إلى الوفاة ولاينسب إليها .
وتوجد ترجمة توضح هذا وهي ترجمة أحمد بن حجر الهيثمي ( (908 - 973هـ، 1503 - 1565م). شيخ الشافعية في عصره أبو العباس شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي السعدي الأنصاري، فقيه عصره. ولد بمصر وتعلم فيها، كتب في أكثر علوم عصره، تعلم بالأزهر، ثم انتقل إلى مكة.
من كتبه تحفة المحتاج شرح المنهاج؛ و الإيعاب شرح العباب المحيط بمعظم نصوص الشافعية والأصحاب؛ والصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة.
وهونزيل مكة ومات بها ولم ينسب إليها .