السكران التميمي
2009-02-13, 12:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام الدارمي الحنظلي التميمي
هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام، أبو محمد التميمي، السمرقندي الدارمي، من بني دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، هذه القبيلة التي أنجبت الفرزدق وغيره من أمراء البيان.
فالدارمي رحمه الله من سلالة عربية درجت على بناء أولادها بناء إسلاميا.
ولد أبو محمد سنة 181هـ في سمرقند، فورث من الجو الطبيعي الهدوء والاتزان والروية والحلم، وصفاء الفكر، وبعد النظر فأصبح مفكرا كأحسن ما يكون المفكرون، وفقيها عالما، أحاط بأسرار الشريعة وألم بأصولها وأحكامها، ونفذ بنافذ بصيرته إلى بواطن الأمور فأدرك خوافيها.
تعالى على شهوات البطن، وجافى شهوات الغريزة، وازدرى الميل إلى المجد والغنى والجاه، هانت عليه الدنيا.
لقد كان واحدا ممن جمع الله شملهم، وجعل غناهم في قلوبهم فأتتهم الدنيا وهي راغمة، كان ركنا من أركان الدين وواحدا من أعظم حفظته: "اظهر السنة ببلده، ودعا إليها، وذب عن حريمها، وقمع من خالفها".
جاب الدارمي عواصم العالم الإسلامي في عصره بعد أن أحاط بكل التيارات الفكرية في مسقط رأسه:
زار خراسان وسمع فيها من عثمان بن بجلة، ومحمد بن سلام، وبقية هذه الطبقة.
وزار العراقين وسمع من عبيد الله بن موسى، وأبي نعيم، وروح بن عبادة، وعبدان، وهذه الطبقة.
وذهب إلى مصر وفيها سمع سعيد بن أبي مريم، وأبا صالح، وغيرهما.
ورحل إلى الحجاز فسمع من المقرئ، والحميدي، وابن أبي أويس، وطبقتهم.
وعرج على الشام فسمع من محمد بن يوسف الفريابي، وأبي اليمان، وأبي مسهر، وطبقتهم.
كان رحمه الله كالنحلة لا يحط رحاله إلا على الزهرة الفواحة يمتص رحيقها، ولذا فقد اتصل بكل ذي باع في ميدان سامق من ميادين المعرفة، فذكر له المزي رحمه الله تعالى (114) شيخا اختلفت مشاربهم وتنوعت معارفهم فتزود بعلومهم وخبراتهم في الحياة.
لقد جمع معارف العصر وتمثلها فأصبح بالورع والتقوى آية، وفي الفقه والعلم بحرا زاخرا، وأصبح للزهد منارة.
قد أصبح الدارمي رحمه الله قبلة لكثير من أهل العلم، أحصى من تلامذته الحافظ المزي أربعين تلميذا، ويكفيه فخرا أن مسلما روى عنه في صحيحه، وأن البخاري شيخ الدنيا روى عنه في غير الصحيح.
توفي رحمه الله يوم التروية بعد العصر يوم عرفة يوم الجمعة سنة 255هـ. ولما وصل كتاب نعيه إلى البخاري نكس رأسه، ثم رفع واسترجع، وجعلت تسيل دموعه على خديه.
أقوال العلماء فيه:
قال الإمام أحمد: عرضت عليه الدنيا فلم يقبل. وقال: كان ثقة وزيادة. وقال: إنه إمام.
قال محمد بن عبد الله بن نمير: غلبنا عبد الله بن عبد الرحمن بالحفظ والورع.
قال أبو حاتم الرازي: عبد الله بن عبد الرحمن إمام أهل زمانه.
وقال محمد بن إبراهيم الشيرازي: كان عبد الله على غاية من العقل والديانة، من يضرب به المثل: في الحلم والدراية، والحفظ والعبادة والزهادة، أظهر علم الحديث والآثار بسمرقند، وذب عنها الكذب، وكان مفسرا كاملا، وفقيها عالما.
وقال رجاء بن جابر المرجى: ما رأيت أحدا أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي.
آثاره:
لم نقع على ما يدل على مكانة هذا الإمام العلمية من الآثار، وما رأيت من ذكر ماله من آثار قبل الخطيب في تاريخه 10/29، لقد قال في معرض الثناء عليه: وصنف المسند، والتفسير، والجامع. ونقل هذا القول عن الخطيب كل من ترجم له بعده.
لكن من تدبر ما وصل إلينا من آثاره نجده علما شامخا في معرفة الحديث رواية ودراية، وجعا للأدلة، وترجيحا للأقوى. عالما بالناسخ والمنسوخ من الحديث، فقيها دقيق النظر، نافذ البصيرة، وقاد الذهن يدرك أغوار النص وما يحمله في طياته وبين حنايا كلماته، ذا شخصية قوية في القبول والرد والتعليل لذلك.
نجده عالما في اللغة غريبها وتراكيبها، قادرا على تحديد معنى اللفظ في الإطار الذي ورد فيه هذا اللفظ، مجتهدا ضليعا.
وهو قبل ذلك علم سامق من أعلام الجرح والتعديل ومعرفة الرجال، واسع الإطلاع على مذاهب المتقدمين.
وكان رحمه الله يتجنب القطع والجزم بالتحليل والتحريم، فالدارمي رحمه الله رجل موسوعي المعرفة، ولذا فإنا نكاد نزعم بأن للدارمي أكثر من مؤلف في أكثر من مجال من مجالات العلم والمعرفة والدعوة، ومما يقوي هذا الزعم ما سطره عنه إسماعيل البغدادي في (ذيل كشف الظنون 5/441) حيث سرد مجموعة من مؤلفاته المفقودة.
وهكذا فإنه بحق ليستحق من الثناء أكثر مما قيل فيه، وإنه بالفعل لجدير بأن يبكيه علم الأعلام، تلميذه البخاري عليهما رحمة الله تعالى.
الإمام الدارمي الحنظلي التميمي
هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام، أبو محمد التميمي، السمرقندي الدارمي، من بني دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، هذه القبيلة التي أنجبت الفرزدق وغيره من أمراء البيان.
فالدارمي رحمه الله من سلالة عربية درجت على بناء أولادها بناء إسلاميا.
ولد أبو محمد سنة 181هـ في سمرقند، فورث من الجو الطبيعي الهدوء والاتزان والروية والحلم، وصفاء الفكر، وبعد النظر فأصبح مفكرا كأحسن ما يكون المفكرون، وفقيها عالما، أحاط بأسرار الشريعة وألم بأصولها وأحكامها، ونفذ بنافذ بصيرته إلى بواطن الأمور فأدرك خوافيها.
تعالى على شهوات البطن، وجافى شهوات الغريزة، وازدرى الميل إلى المجد والغنى والجاه، هانت عليه الدنيا.
لقد كان واحدا ممن جمع الله شملهم، وجعل غناهم في قلوبهم فأتتهم الدنيا وهي راغمة، كان ركنا من أركان الدين وواحدا من أعظم حفظته: "اظهر السنة ببلده، ودعا إليها، وذب عن حريمها، وقمع من خالفها".
جاب الدارمي عواصم العالم الإسلامي في عصره بعد أن أحاط بكل التيارات الفكرية في مسقط رأسه:
زار خراسان وسمع فيها من عثمان بن بجلة، ومحمد بن سلام، وبقية هذه الطبقة.
وزار العراقين وسمع من عبيد الله بن موسى، وأبي نعيم، وروح بن عبادة، وعبدان، وهذه الطبقة.
وذهب إلى مصر وفيها سمع سعيد بن أبي مريم، وأبا صالح، وغيرهما.
ورحل إلى الحجاز فسمع من المقرئ، والحميدي، وابن أبي أويس، وطبقتهم.
وعرج على الشام فسمع من محمد بن يوسف الفريابي، وأبي اليمان، وأبي مسهر، وطبقتهم.
كان رحمه الله كالنحلة لا يحط رحاله إلا على الزهرة الفواحة يمتص رحيقها، ولذا فقد اتصل بكل ذي باع في ميدان سامق من ميادين المعرفة، فذكر له المزي رحمه الله تعالى (114) شيخا اختلفت مشاربهم وتنوعت معارفهم فتزود بعلومهم وخبراتهم في الحياة.
لقد جمع معارف العصر وتمثلها فأصبح بالورع والتقوى آية، وفي الفقه والعلم بحرا زاخرا، وأصبح للزهد منارة.
قد أصبح الدارمي رحمه الله قبلة لكثير من أهل العلم، أحصى من تلامذته الحافظ المزي أربعين تلميذا، ويكفيه فخرا أن مسلما روى عنه في صحيحه، وأن البخاري شيخ الدنيا روى عنه في غير الصحيح.
توفي رحمه الله يوم التروية بعد العصر يوم عرفة يوم الجمعة سنة 255هـ. ولما وصل كتاب نعيه إلى البخاري نكس رأسه، ثم رفع واسترجع، وجعلت تسيل دموعه على خديه.
أقوال العلماء فيه:
قال الإمام أحمد: عرضت عليه الدنيا فلم يقبل. وقال: كان ثقة وزيادة. وقال: إنه إمام.
قال محمد بن عبد الله بن نمير: غلبنا عبد الله بن عبد الرحمن بالحفظ والورع.
قال أبو حاتم الرازي: عبد الله بن عبد الرحمن إمام أهل زمانه.
وقال محمد بن إبراهيم الشيرازي: كان عبد الله على غاية من العقل والديانة، من يضرب به المثل: في الحلم والدراية، والحفظ والعبادة والزهادة، أظهر علم الحديث والآثار بسمرقند، وذب عنها الكذب، وكان مفسرا كاملا، وفقيها عالما.
وقال رجاء بن جابر المرجى: ما رأيت أحدا أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي.
آثاره:
لم نقع على ما يدل على مكانة هذا الإمام العلمية من الآثار، وما رأيت من ذكر ماله من آثار قبل الخطيب في تاريخه 10/29، لقد قال في معرض الثناء عليه: وصنف المسند، والتفسير، والجامع. ونقل هذا القول عن الخطيب كل من ترجم له بعده.
لكن من تدبر ما وصل إلينا من آثاره نجده علما شامخا في معرفة الحديث رواية ودراية، وجعا للأدلة، وترجيحا للأقوى. عالما بالناسخ والمنسوخ من الحديث، فقيها دقيق النظر، نافذ البصيرة، وقاد الذهن يدرك أغوار النص وما يحمله في طياته وبين حنايا كلماته، ذا شخصية قوية في القبول والرد والتعليل لذلك.
نجده عالما في اللغة غريبها وتراكيبها، قادرا على تحديد معنى اللفظ في الإطار الذي ورد فيه هذا اللفظ، مجتهدا ضليعا.
وهو قبل ذلك علم سامق من أعلام الجرح والتعديل ومعرفة الرجال، واسع الإطلاع على مذاهب المتقدمين.
وكان رحمه الله يتجنب القطع والجزم بالتحليل والتحريم، فالدارمي رحمه الله رجل موسوعي المعرفة، ولذا فإنا نكاد نزعم بأن للدارمي أكثر من مؤلف في أكثر من مجال من مجالات العلم والمعرفة والدعوة، ومما يقوي هذا الزعم ما سطره عنه إسماعيل البغدادي في (ذيل كشف الظنون 5/441) حيث سرد مجموعة من مؤلفاته المفقودة.
وهكذا فإنه بحق ليستحق من الثناء أكثر مما قيل فيه، وإنه بالفعل لجدير بأن يبكيه علم الأعلام، تلميذه البخاري عليهما رحمة الله تعالى.