مشاهدة النسخة كاملة : هل يُصَحّح الحديث الضعيف بتلقي العلماء له بالقبول أو بجريان عمل المسلمين على مُقتضاه؟
أبو نافع البجمعوي
2009-02-07, 04:56 PM
هل يُصَحّح الحديث الضعيف بتلقي العلماء له بالقبول أو بجريان عمل المسلمين على مُقتضاه؟
ابو قتادة السلفي
2009-02-07, 05:32 PM
السؤال غريب والله كيف يتلقى العلماء حديث ضعيف بالقبول؟
نريد امثلة لهذا والا فالحديث الضعيف يمتنع ان يتلقاه اهل الحديث بالقبول ويكون في نفس الامر ضعيف
ولو فرضنا جدلا ان الحديث تلقوه العلماء بالقبول لا يجعله صحيحا اي اذا كان فيه ضعيف في السند يصير الحديث صحيح السند لان العلماء تلقوه بالقبول لا يمكن ابدا الا اذا قيل سبب تلقي العلماء لهذا الحديث بالقبول لكون معناه صحيح فهذا شيء اخر كحديث اذا تغير طعم ولون وريح الماء بنجاسة وقعت فيه فالحديث تلقوه العلماء بالقبول لكون المعنى صحيح ولهذا اجماع العلماء على ان الماء اذا تغير لونه او طعمه او ريحه بنجاسة وقعت فيه فهو نجس كما نقل ذلك غير واحد من اهل العلم كابن المنذر وغيره
وايضا لا اعلم حديث تلقته الامة بالقبول مثل هذا الحديث حديث ابي امامة ومع ذلك لم يحكم عليه اهل الحديث بالصحة
شيعي تائب
2009-02-07, 06:43 PM
اثر ابن عباس رضي الله عنهما "كفر دون كفر" لايصح عنه وقال بعض العلماء المعاصرين تلقاه العلماء بالقبول
أبو و أم معاذ
2009-02-07, 08:04 PM
قال الشيخ زكريا بن غلام قادر الباكستاني(أصول الفقه على منهج أهل الحديث)
الحديث الضعيف الذي تلقاه العلماء بالقبول له حالتان :
الحالة الأولى : أن يكون ذلك الحديث الضعيف أجمع العلماء على القول به ، فيؤخذ بذلك الحكم الذي ورد في ذلك الحديث لاجماع العلماء عليه ، ولا ينسب ذلك الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لأن الإجماع إنما هو على الحكم الذي وقع في ذلك الحديث ، والعمل به لا على نسبة ذلك الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا مراد الشافعي المتقدم بقوله : لا يثبته أهل العلم بالحديث ، ولكن العامة تلقته بالقبول .
فانظر كيف حكم على الحديث بضعفه ، والأخذ بالحكم الوارد فيه والعمل بمقتضاه للإجماع ، ولذا قال الحافظ في الفتح ( 12/ ) بعد أن ذكر الحديث : (( لا وصية لوارث )) :
لكن الحجة في هذا إجماع العلماء على مقتضاه كما صرح به الشافعي وغيره . انتهى .
قلت : على أن هذا الحديث قد ثبت إسناده بعض أئمة الحديث .
فالحاصل أن الحديث الضعيف الذي أجمع العلماء بالقول به ، يؤخذ بالحكم الوارد فيه لإجماع العلماء عليه ، ، ولا ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لضعف إسناده .
الحالة الثانية : أن يكون الحديث الذي قيل أنه متلقى بالقبول قد صرح بعض الأئمة بقبوله ، وبعض الأئمة سكت عنه فلم يصرح بقبوله ولا برده ، فلا يقال عن هذا الحديث أنه ملتقى بالقبول .
وذلك لسكوت بعض الأئمة عنه والساكت لا ينسب له قول . انتهى
قال الدكتور عبد الغني مزهر(أصول التصحيح و التضعيف)
مما اشتهر عند بعض العلماء أن الحديث الضعيف الذي لا يعرف له إسناد ثابت إذا تلقاه العلماء بالقبول فإنه يعمل به، ويقوى من أجل هذا التلقي.
وقد نظرت أقوال أهل العلم في هذه المسألة فتبين لي فيها ما يلي:
1- أن القول بأن العلماء تلقوه بالقبول، المقصود به جمهور العلماء فلا يعد إجماعاً.
2- أن أكثر الأحاديث التي وصفت بهذا الوصف مختلف في تصحيحها وتضعيفها.
3- أن تلقي معنى الحديث بالقبول لا يلزم منه تصحيح الحديث.
4- أن هذه الطريقة لا تعرف لتصحيح الحديث عند المحدثين، فلا تعتمد لتصحيح إسناد الحديث، والإحتجاج به على قواعد المحدثين ومنهجهم.
نقله أبو معاذ.
ابن تيميـة
2009-02-08, 07:03 AM
استشهد ابن عبدالبر بهذه القاعدة في بضعة مواطن من كتابه التمهيد , والصواب والله تعالى أعلم التفريق بين : معنى الحديث و صحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ـ فمن حيث الصحه هذا أمر لا يثبت إلا بتحقق شروط وانتفاء موانع ليس هذا الأمر أحدها .
ـ وأما من حيث العمل بمعناه فتلقي العلماء له بالقبول :
ـ إن كان عن إجماع فالعبرة بالإجماع لا بمجرد الحديث المذكور , ولا بد للإجماع من مستند صحيح علمه من علمه وجهله من جهله , والإجماع على العمل به تصحيح لمعناه دون سنده .
ـ وإن كان تلقيهم له بالقبول عن غير إجماع فليس في هذا حجة على تصحيحه لا من حيث السند ولا من حيث المعنى .
والله من وراء القصد .
أبو عبد الله الخضير
2009-02-08, 11:06 AM
أورد الدكتور ماهر الفحل في كتابه : أثر علل الحديث في الإختلاف بين الفقهاء ما نصه الأتي فيما يتكلم عن أقوال العلماء عن الحديث الضعيف الذي تلقته العلماء بالقبول :
أما تلقي العلماء لحديث بالقبول فهو من الأمور التي تزول به العلة و تخرج الحديث من حيز الرد الى العمل بمقتضاه ، بل ذهب بعض العلماء الى أن له حكم الصحة ؛ قال الحافظ ابن حجر : (( و جزم القاضي أبو نصر عبد الوهاب المالكي في كتاب الملخص بالصحة فيما اذا تلقوه بالقبول)) .
و قال ابن عبد البر في الاستذكار -لما حكى عن الترمذي أن البخاري صحح حديث البحر: ((هو الطهور ماؤه)) - : و أهل الحديث لا يصححون مثل اسناده لكن الحديث عندي صحيح لأن العلماء تلقوه بالقبول ).
و في التمهيد (روى جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم : الدينار أربع و عشرون قيراطا).
قال ((و في قبول جماعة من العلماء و اجماع الناس على معناه غنى عن اسناده))
و قال الزركشي : ((ان الحديث الضعيف اذا تلقته الأمة بالقبول عمل به على الصحيح حتى أنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع))
و عند الحنفية يعدون الضعيف اذا تلقاه العلماء بالقبول في حيز المتواتر كما نص عليه الجصاص106 فقد قال عند الكلام على حديث : ((طلاق الأمة تطليقتان و عدتها حيضتان))107 : (( و قد تقدم سنده و قد استعملت الأمة هذين الحديثين في نقصان العدة و ان كان وروده من طريق الآحاد فصار في حيز المتواتر لأن ما تلقاه الناس بالقبول من أخبار الآحاد فهو عندنا في معنى المتواتر لما بيناه في مواقع )) .
و الذي يبدو لي أن الشافعي رحمه الله تعالى هو أول من أشار الى تقوية الضعيف بتلقي العلماء فقد قال : ((فاستدللنا بما و صفت من نقل عامة أهل المغازي عن النبي صلى الله عليه و سلم أن ((لا وصية لوارث )) على أن المواريث ناسخة للوصية للوالدين و الزوجة مع الخبر المنقطع و اجماع العامة على القول به)) .
ثم ان الامام الشافعي قد أشار الى ذلك عند كلامه عن شروط قبول المرسل فقال : ((و كذلك ان وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عنهم عن النبي صلى الله عليه و سلم)).
و ربما التمس الترمذي ذلك من كلام الشافعي فأخذ يقول في كثير من الأحاديث الضعيفة
الاسناد من حيث الصناعة الحديثية ((و عليه العمل عند أهل العلم)) مشيرا في ذلك -و الله أعلم- الى تقوية الحديث عند أهل العلم لأن عملهم بمقتضاه يدل على اشتهار أصله عندهم . و قد يلتمس هذا من صنيع البخاري رحمه الله فقد قال في كتاب الوصايا من صحيحه : ((و يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية)) . و قد علق على ذلك الحافظ ابن حجر قائلا : ((و كأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه ، و الا فلم تجر عادته أن يورد الضعيف في مقام الاحتجاج)) .
و قال ابن الوزير : (( و قد احتج العلماء على صحة أحاديث بتلقي الأمة لها بالقبول)) و قال الحافظ ابن حجر : (من جملة صفات القبول التي لم يتعرض لها شيخنا أن يتفق العلماء على العمل بمدلول حديث ، فانه يقبل حتى يجب العمل به ، و قد صرح بذلك جماعة من أئمة الأصول ، و من أمثلته قول الشافعي رضي الله عنه : و ما قلت من أنه اذا غير طعم الماء و ريحه و لونه يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله ، و لكنه قول العامة لا أعلم بينهم خلافا . و قال في حديث: (( لا وصية لوارث)) لا يثبته أهل العلم بالحديث و لكن العامة تلقته بالقبول و عملوا به حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية)) .
أقول :
فالشافعي رحمه الله تعالى يشير بذلك الى حديث أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : ((الماء طهور لا ينجسه شيء)). أخرجه أحمد، و أبو داود ،و الترمذي ، و النسائي . و قد صححه أحمد بن حنبل و يحيى بن معين و ابن حزم .
و قد جاء هذا الحديث من طريق ضعيف عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه و سلم ((الماء لا ينجسه شيء الا ما غلب على ريحه و طعمه و لونه)) . فزيادة قوله : ((الا ما غلب على ريحه ... الخ)) ضعيفة لأنها من طريق رشدين بن سعد و هو رجل صالح لكن أدركته غفلة فخلط في حديثه
فالشافعي رحمه الله تعالى يشير الى هذه الزيادة ، فهو قد احتج بها مع ضعفها ؛ لأن الأمة تلقتها بالقبول : حيث لاخلاف بين العلماء أن الماء اذا غيرته النجاسة تنجس .
أما حديث الوصية فقد أشرت آنفا الى أنه ثابت و لم يصل للشافعي الا بطريق ضعيف.
و قال الكمال بن الهمام : ((و مما يصحح الحديث أيضا : عمل العلماء على و فقه)) .
و قال السيوطي في التعقبات على الموضوعات - بعد أن ذكر حديث حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر)) - أخرجه الترمذي و قال : العمل على هذا عند أهل العلم ؛ فأشار بذلك الى أن الحديث أعتضد بقول أهل العلم ، و قد صرح غير واحد بأن من دليل صحة الحديث قول أهل العلم به و ان لم يكن له اسناد يعتمد على مثله)) .
و اكتفي بما نقلته من نصوص عن الأئمة في هذه المسألة و لكن يبدو لي من كلام الامام الشافعي رحمه الله تعالى : أنه ينبغي التفريق بين الحكم بصحة الحديث و بين قبوله و العمل به ؛ و ذلك أن التصحيح على مقتضى الصناعة الحديثية شيء و قبول الحديث شيء آخر ، فاذا وجد حديث مثل هذا فهو مقبول يعمل به لكنه لا يسمى صحيحا و رحم الله الحافظ ابن حجر حيث قال : ((لأن اتفاقهم على تلقي خبر غير ما في الصحيحين بالقبول و لو كان سنده ضعيفا يوجب العمل بمدلوله)) فقد أشار رحمه الله الى العمل و لم يتكلم عن الصحة الاصطلاحية ، و من دقق النظر في كلام الشافعي السابق ذكره يجده ينحو نحو هذا الاتجاه .
أبو نافع البجمعوي
2009-02-14, 03:08 PM
بارك الله فيكم على الفوائد.
عبدالرزاق الحيدر
2009-02-15, 01:08 AM
(و قد جاء هذا الحديث من طريق ضعيف عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه و سلم ((الماء لا ينجسه شيء الا ما غلب على ريحه و طعمه و لونه)) . فزيادة قوله : ((الا ما غلب على ريحه ... الخ)) ضعيفة لأنها من طريق رشدين بن سعد و هو رجل صالح لكن أدركته غفلة فخلط في حديثه
فالشافعي رحمه الله تعالى يشير الى هذه الزيادة ، فهو قد احتج بها مع ضعفها ؛ لأن الأمة تلقتها بالقبول : حيث لاخلاف بين العلماء أن الماء اذا غيرته النجاسة تنجس) .
# من باب الفائدة, مستند الاجماع ليس هذا الحديث المختلف فيه فقط!!
بل توجد آية ! ذكرها الشيخ عبدالله العقيل في الاجوبة النافعة على ما أذكر.
# هذا الرابط مفيد في هذا الباب http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9631&highlight=%D5%CD%ED%DD%C9+%DA% E3%D1%E6+%CD%D2%E3+%D3%E1%ED%E 3%C7%E4+%C3%D1%DE%E3
ابو بردة
2009-02-15, 12:26 PM
بارك الله فيكم
اتماما للفائدة ينظر
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37000
أبو نافع البجمعوي
2009-02-19, 09:23 PM
والملاحظة أن الأخ أباقتادة السلفي يعتريه تسرع وجرأة في الأحكام لابدَّ أن يقهره بتؤدة وتروي تريث....
أبو نافع البجمعوي
2009-03-04, 01:29 PM
وجدتُ كلاما مُفيدا في هذا الباب للعلامة الألباني رحمه الله سأفرّغه بإن الله تعالى وأنقله هنا.
أبو عبد البر رشيد
2009-03-06, 08:09 PM
السلام عليكم و رحمة الله. أما بعد:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"و لهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له أو عملا به أنه يوجب العلم.
وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد، إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذللك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك؛ و لكن كثيرا من أهل الكلام أو أكثرهم يوافقون الفقهاء و أهل الحديث و السلف على ذلك" مجموع الفتاوى (351/13) و (41/18).
السكران التميمي
2009-03-06, 10:46 PM
تنبيه
قال الحافظ ابن حجر: إتفاقهم على تلقي خبر غير ما في (الصحيحين) بالقبول؛ ولوكان سنده ضعيفا؛ يوجب العمل بمدلوله.
فأما متى قلنا: يوجب العمل فقط؛ لزم تساوي الصحيح والضعيف. فلا بد للصحيح من ميزة.
أخي (الرشيد)
في نسختي من نكت الحافظ ما يلي:
(وكأنه عنى بهذا الشيخ تقي الدين ابن تيمية؛ فإني رأيت فيما حكاه عن بعض ثقات أصحابه ما ملخصه: "الخبر إذا تلقته الأمة بالقبول؛ تصديقا له وعملا بموجبه؛ أفاد العلم عند جماهير العلماء من السلف والخلف") إلى آخر كلامه، وليس فيه (الواحد).
ابو هبة الباري
2009-03-09, 02:33 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
حديث معاذ اقوىحجة لاثبات القياس تلقته الامة بالقبول مع ضعفه والعلماء الى اليوم يستشهدون به و هذا يشكل من عدة وجوه ولذا وجب تحرير هذه القاعدة ولا مطمع للاستدلال عليها باجماع او غيره ولكن هي اجتهادات اهل العلم واراؤهم وعلوم الحديث ليست توقيفية وباب المراجعة والاجتهاد مفتوح الا من تحخر وابى
أمجد الفلسطيني
2009-03-09, 05:05 PM
المراد بالعلماء في هذا المقام
أهل العلم بالحديث ونقده
فإن وافقهم غيرهم فنور على نور وإلا فالعبرة بتلقي أهل الفن وعدمه
أبو الفداء
2009-03-09, 06:17 PM
المراد بالعلماء في هذا المقام
أهل العلم بالحديث ونقده
فإن وافقهم غيرهم فنور على نور وإلا فالعبرة بتلقي أهل الفن وعدمه
ولكن يا شيخ أمجد - وفقكم الله - الكلام هنا كما لا يخفاكم متوجه على ما أجمع الفقهاء - لا أهل الحديث - على قبوله والعمل به ولم نقف له على سند صحيح..
فقد يقع إجماع بين الفقهاء على العمل بحديث لا نجد له فيما بين أيدينا إلا طرقا ضعيفة لا يحتج بمثلها، فتكون الحجة هنا في الإجماع لا في ذات الأثر.. وهذا لا دخل لأهل الحديث به من جهة إختصاصهم بالقول به.. فقبول أهل العلم المقصود هنا للأثر والقول بالعمل به، ليس قبول أهل الحديث له من جهة التصحيح والتضعيف.
وأقول أنه قد يُحتج للحديث الذي هكذا حاله، بهذا الإجماع الحاصل على صحة معناه، فيقال أنه يلزم أن يكون له أصل صحيح وإن لم نقف عليه، لامتناع الإجماع على ضلالة. وبالمثل، فقد يكون هذا الراوي غير الضابط أو المجهول في سنده قد أجاد في روايته هذه تحديدا ولم يَهِم أو يفسد فيها، أو أن هؤلاء المجاهيل أو تلك الطبقات الساقطة كان فيها ثقات وإن جهلنا أعيانهم، فصحة معنى الحديث قد تكون قرينة على زوال الاحتمال أو المظنة التي من أجلها تسقط حجية أي حديث يقع في سنده مثل هذا الراوي أو مثل هذا السقط أو الانقطاع!
وأقول هذا الإجماع قرينة فقط - وليس بحجة - لتبرئة الحديث مما تسقط حجية مثله بمثله من العلل، فلا يُنتهى منها إلى الحكم بأن هذا السند صحيح.. فقد تكون في المتن اضطرابات لا يعرفها إلا النقاد المدققون من أهل الحديث، فليزم من القول بصحة المتن فساد في جهة أخرى غير جهة الحكم الذي في الحديث الذي قبله العلماء وأجمعوا عليه. فلا نقول بصحة الرواية متنا ولا سندا، ولكن بصحة الحكم - تحديدا - الذي فيها لوجود الإجماع، حتى وإن لم نكن نجد أصلا آخر صحيحا فيما بين أيدينا من النصوص، نقيم عليه هذا الإجماع..
ومثال ذلك حديث الشروط العمرية في أحكام أهل الذمة، فهو مجمع على العمل بما فيه كما هو معلوم، ولكنه لا يصح له طريق من جهة السند! فلا نقول بأن الإجماع يصحح أيا من تلك الطرق - بمعنى تصحيح المتن والسند على طريقة أهل الحديث - ولكن اتفاق أهل العلم على العمل به يجعله حجة على الرغم من ضعفه، وعلى الرغم من فقدنا لأصل صحيح فيه تلك الأحكام!
والله أعلم.
أشرف بن محمد
2009-03-10, 03:30 PM
أخي الفاضل
يمكنك الاستفادة من رسالة الشيخ حُسَين الأنصاري اليماني: "التحفة المرضيّة في حلّ بعض المشكلات الحديثيّة"، وفي أوّلها: (وبعد: فإنه وقع السؤال: عن قول الحافظ الإمام الترمذي في "جامعه" إذا ذكر حديثا ضعيفا، قال: والعمل عليه عند أهل العلم ...).
معاذ احسان العتيبي
2009-03-10, 04:11 PM
بـارك الله فيـكم قد كفيـتم وشفيتـم .
أبو نافع البجمعوي
2009-03-11, 01:04 PM
ـ كلام العلامة الألباني رحمه الله الموعود به:
ـ قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى في سلسلة الهدى والنور شريط رقم [776] بداية الشريط بعدما سأله سائل: هل ممكن أن يتقوى الحديث المرسل بقبول العلماء أو بعمل العلماء به ؟
أجاب الشيخ: إذا لم يكن هناك خلاف نعم إذا لم يكن هناك خلاف في المسألة التي تضمنها الحديث المرسل فهو كذلك وعلى ذلك يُقاس أيُّ حديث آخر وآخر سهرة أقمناها مع بعض إخواننا الجدد كان في المجلس أحد إخواننا من طلاب العلم السعوديين ويبدو أنه على ثقافة جيدة وجَّه إليَّ السؤال التَّالي:قال: أنتَ ذكرتَ في صفة الصَّلاة في باب أو فصل التشهد أنَّ السنة في التشهد إخفاؤه. والحديثُ الذي أنتَ أوردتَهُ وخرَّجتَهُ في الحاشية في سنده أبو إسحق السّبيعي وهوكما تَعلَم مدلِّس. يقولُ هو بأنَّه راجَع المصادر التي أنا عزوتُ الحديثَ إليها فلم يجد في شيء منها تصريحه بالتَّحديث فإذن الحديث يكون على هذا مُعلَّلاً بعنعنة المُدلِّس وبالتَّالي يكون الحديثُ ضعيفا.كيفَ أنتَ ذكرتَهُ في صفة الصلاة ونَقلتَ – هو يقول هكذا – نقلتَ عن الحاكم أنَّه صحَّحه ووافقه الذَّهبي. قلتُ لهُ: - وهذه في الواقع من دقائق العلم الذي يتعلَّق بفنّ التخريج والتصحيح والتضعيف الذي يجهلهُ إذا قلتُ: جُلّ لا أكون إلاَّ صادِقاً وإذا قلتُ: كُلّ فقد لا
أكون بعيدا عن الصَّواب. يجهلُه جُلّ أو كُلّ طلبة العلم الذين اهتمُّوا في هذا الزمان بالتخريج وليس فقط بالتخريج بل وبالتصحيح والتضعيف فهم يتوهّمون أن التصحيح والتضعيف يقوم فقط على علم الحديث مصطلح حديث وتراجم روَّاة الحديث بينما هذا العلم له علاقة في كثير من جوانبه بالفقه الفهم للأحكام الشرعية. قُلتُ هذا في تلك الجلسة وأُكرِّر هذا في هذه الجلسة وتابَعتُ الكلام معه فقلتُ له: افتَرِض الآن أنَّ هذا الحديث لا وُجود له إطلاقا في كتب السنة. الحديثُ يقول بإخفاء التشهُّد. ماذا يكون موقفنا من النَّاحية العمليَّة أنجهرُ بالتَّشهُّد أم نُسِرُّ ؟ قال – وهو كما قلتُ آنفا على شيء من العلم والفقه – قال: نُسِرُّ. قلتُ: من أين أخذنا هذا الحكم ؟ نحن افترضنا أنه ليس عندنا حديث أبي إسحق السبيعي من أين أخذنا هذا الفقه أو هذا الحكم ؟ طبعا تابعتُ كلامي قائلا: أخذناه من عمل المسلمين. جريان عمل المسلمين خلفا عن سلف. إذن هذا شاهد قوِيٌّ جرى عليه عمل المسلمين سلفا وخلفا يشهد لصحَّة حديث أبي إسحق السبيعي.فأنا حينما خرَّجتُهُ ونقلتُ تصحيح الحاكم له وإقرار الذهبي إيَّاه وأقرَرتُهُ أو أقررتُهُما ذلك لأنّي مُطمَئِنّ في قرارة قلبي ونفسي بأنّ هذا الحديث صحيح ولو كان فيه تلك العلَّة وهذا يُقال نفسُهُ في الحديث المُرسَل أو في غيره من الأحاديث التي فيها علَّة تمنع من الحكم بالصحّة أو بالحُسن عليه حديثيّاً لكن قد يتقوَّى بناحية فقهيَّة...
ـ وكما يُقال: الشيء بالشيء يُذكر لغفلة الجماهير عن هذه الناحية تجد هناك تفاوتا أحيانا في التصحيح والتضعيف بين بعض العلماء سواء كانوا قدماء أو مُحدَثين فمن الأمثلة التي يُناسِبُ ذكرها الآن الحديث الذي لا يزال بعض المتشددين على المرأة الذين يوجبون عليها إيجابا تغطية الوجه ولا يكتفون فقط عن القول باستحباب التغطية فيبادرون إلى تضعيف الحديث الذي رواه أبوداود بسند معلول ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: إذا بلغت المرأة المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا وجهها وكفيها. أجمعوا كل هؤلاء الذين يذهبون إلى فرضية تغطية المرأة لوجهها على تضعيف هذا الحديث وحينما يضعّفونه يضعفونه وقوفا منهم على إسناد الحديث في سنن أبي داود ويذكرون أن فيه انقطاعا أو إرسالا بين خالد [كلام لم أتبينه] وبين عائشة وعلة أخرى وهي سعيد بن بشير يذكرون هاتين العلتين ويمضون إذن الحديث ضعيف ثمَّ يتجاهلون بعض الحقائق العلمية بعضها حديثية وبعضها فقهية دقيقة لها علاقة بالفقه المذكور آنفا أمَّا الناحية الحديثية فهي تتعلق بأمرين اثنين
ـ الناحية الأولى: أن لهذا الحديث شاهدا من حديث أسماء بنت عميس صحيح أن في إسناد هذا الشاهد عبد الله بن لهيعة وهومعروف أنه ضعيف لسوء حفظه لكن هذا لا يمنع العالم من الاستشهاد به فهم يتجاهلون الاستشهاد بمثل حديث ابن لهيعة ويكتفون أن يقولوا بأنه ضعيف وانتهى الأمر. أمَّا أن يتذكروا أن ضعيفا زائد ضعيف يساوي قويا هذه القاعدة المذكورة في المصطلح والتي أكني عنها أحيانا بقول الشاعر:
لا تُحارب بناظريك فؤادي ...فضعيفان يغلبان قوياً.
يتجاهلون هذه الحقيقة يقولون: ابن لهيعة ضعيف طيب لكن ضعيف زائد ضعيف لا يساوي شدة ضعف لا . يساوي حسنا . هذه واحدة. والأخرى: يتجاهلون أن سعيد بن بشير الذي روى الحديث بالانقطاع المُشار إليه آنفا قد تُوبِع من رجل ثقة فرواه عن شيخه قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث لو ضربنا صفحا عن الحديثين السابقين ذكرهما ووقفنا عند حديث قتادة مُرسلا لقلنا: هذا حديث مرسل صحيح الإسناد. وصلنا إلى سؤالك فهل هذا الحديث المرسل يتقوى بأمور أخرى منها:
حديث ابن بشير الذي رواه مسندا صح نحن ما نحتج به
منها حديث ابن لهيعة الذي رواه مسندا من طريق أخرى يأتي أخيرا مدعمات أخرى منها: أنه قد عمل بل أفتى بالحديث ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وأزهد الصحابة وأعبدهم وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب كلاهما قال بأن كشف وجه المرأة ليس بعورة ضربوا صفحا عن كل هذه القضايا وعن جريان عمل المسلمين وهذا آخر ما يُقال بجواز الكشف حتى من بعض علماء الحنابلة وعلى رأسهم ابن مفلح الحنبلي الذي شهد له ابن تيمية رحمه الله شهادة عظيمة جدا فقال: أنت مفلح سئل عن وجه المرأة إذا خرجت في الطريق هل يجوز لها أن تخرج سافرة ذكر الخلاف بين علماء المسلمين وقال بأنه يجوز وهذا ذكرته أنا مفصلا في مقدمة جلباب المرأة المسلمة فقصدي أن مثل هذا الحديث إذا وقفنا على رواية أبي داود فقط يبقى ضعيفا لكننا إذا نظرنا إلى تلك الشواهد وإلى إفتاء بعض كبار الصحابة ودون أن يُعرف أي مخالف لهما ثم استمرار عمل المسلمين خاصة في الحج على هذ الحكم كل ذلك مما يجعل الباحث يقطع بصحة قوله عليه الصلاة والسلام : إذا بلغت المرأة المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها وكفيها ومن العجائب أن الإمام الشافعي صرح بأن الحديث المرسل إذا جاء مسندا من طريق أخرى ولو كانت ضعيفة فيرتقي الحديث المرسل إلى مرتبة الحجة هذا أيضا تغافلوه فالشاهد أريد أن أقول أن علم الحديث لا يستغني عن علم الفقه كما أن علم الفقه لا يستغني عن علم الحديث بل هما أخوان متعاونان . انتهى.
ـ بعد مانقلتُ ما قال الشيخ الألباني رحمه الله أريد أن أنبِّه الأخوة الباحثين إلى أمور مهمة.
ـ أن المقصود من ذكر كلامه بيان منهجه الذي سار عليه ألا وهو تصحيح الحديث الضعيف بجريان العمل.
فلا يهجم الأخوة لبيان الراجح في مسألة وجه المرأة هل هو عورة فهذا له موضع آخر.
أن في كلام الشيخ من الأشياء التي ينكرها كبار العلماء في هذا العصر وهي التي جرَّأت طوائف من الأغمار على التنقص من شأن جهابذة من العلماء.فالله المستعان.
ـ أن العجب كل العجب يكمن في أنَّ الشيخ لم يمش ولم يطرد ما أصله هنا في جميع المسائل. ومما وقفتُ عليه
ـ حديث خلق الله آدم عل صورة الرحمن.
بين شيخ الاسلام في الرد على الجهمية أن الأئمة تلقوه بالقبول من جهة الرواية ومن جهة المعنى حيث أمرّوه كما جاء ولم يتعرَّضوا لتأويله. وبيّن أن أول من أنكره هم الجهمية. ثم قال بقول الجهمية أبوثور ومن بعدِه ابن خزيمة وقد غلطهما الأئمة.
ـ و تلقي العلماء له بالقبول نص عليه الإمام أحمد كما في الشريعة للآجري حيث قال بعد ذُكِر له طائفة من أحاديث الصفات التي تنكرها الجهمية ومنها هذا الحديث قال: حدَّثوا بها تلقاها العلماء بالقبول.
ـ وأمّا ما يُنقل عن أبي ثور فقد ردَّ عليه الأئمَّة وهجروه ونقل صاحب نفح الطيب تراجعه بين يدي الإمام أحمد .
ـ وقولهم: قال به بعض محدِّثي البصرة. فيُقال الوصف بالمحدِّث ليس تعديلا وكم من مبتدعة كانوا علماء في الحديث. وليس لهم سلف من الأئمة بل سلفهم الجهمية .
ـ أثر مجاهد في إجلاس النبي الكريم على العرش لأنه في حكم المرسل. لم ينكره زمن الأئمة إلا الجهمية. ومن ضعفه فقد وافق الجهمية في نفي فضيلة أثبتها السلف لنبيهم.
ـ وقول بعضهم: لا نقلد. قلنا: كذالكم قالها الخوارج من قبل لما زعموا الأخذ من النصوص وضربوا بفهم السلف عرض الحائط. لتتبعُنَّ سلفكم الصالح في إثبات ما أثبتوه أو لتقولُنَّ بقول الجهمية . فهنا إمَّا السنة وإمَّا البدعة. ولا يلزم من الوقوع في البدعة التبديع دائما.
ـ لهذا فقد عقدت مشاركة بعنوان: ـ فهم السلف وأثره في تصحيح الأحاديث وتعليلها.
ـ فمن أحب أن يدلي بدلوه بعلم وحلم فليتفضل مشكورا http://majles.alukah.net/showthread.php?p=201123#
أبو فهر السلفي
2009-03-11, 01:41 PM
وفي شرح الإلمام لابن دقيق العيد..
ما يؤيد أن لتصحيح المتن طريقان:
1- صحة الإسناد
2-تلقي العلماء للمتن بالقبول
الحُميدي
2009-03-11, 06:07 PM
من الأمثلة على ذلك ما نقله الحافظ في (تلخيص الحبير ،3/168) عن الإمام احمد -رحمه الله - حيث قال عن حديث : "أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اختر أربعا وفارق سائر"..، (هذا الحديث ليس بصحيح ، والعمل عليه)
ومن طالع سنن الترمذي حصل جملة وافرة من الاحاديث التي يعرض أو يصرح بضعفها ،ثم يقول أن العمل عليها عند أهل العلم ..،و المقصود باهل العلم اهل الرواية و الاجتهاد من الرعيل الأول من طبقة شيوخ الترمذي ومن فوقهم ..، والله أعلم .
ولكن الإشكال إذا تلقى العلماء المتأخرون حديثا بالقبول ،هل يقبل منهم قبولهم له ...؟..، ولا أدر هل هذا واقع ام لا ..؟
أبو نافع البجمعوي
2009-04-18, 04:37 PM
للاستزادة بارك الله فيكم.
أبو نافع البجمعوي
2009-05-14, 04:43 PM
ـ فائدة: في كلام العلامة الألباني المنقول أعلاه ذكر أن المدلس المذكور في السند هو أبو إسحق السبيعي. قلتُ: صوابه محمد بن إسحق كما يعلم من الأصول. فلعله انتقال ذهن والله أعلم.
أبو زرعة حازم
2009-06-27, 10:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرى أن بعض مشايخنا الكرام قد خلط بين عنوان الموضوع وهو تصحيح [نسبة]الحديث [إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الصحابي : أي أنه قال هذا المتن] بتلقي العلماء له بالقبول.
وبين المسائل الآتية :
1- قبول العلماء لمعنى متن الحديث وجريان عملهم عليه لكونه يوافق قواعد الشريعة ومقاصدها أو لكونه شبيه المتن من حديث صحيح كحال حديث (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر).
2- قبول المرسل من عدمه والتفصيل في ذلك من حيث المرسِل والمرسَل عنه ومعرفة أصحاب الروايات المنقطعة الصحيحة ...
3- الحديث الذي اختلف العلماء في صحته على طريقة المحدثين.
وليعلم أن علماء الحديث النقاد رحمهم الله قد يحتجون (لا يصححون) بحديث غير صحيح وفق قواعد المصطلح التي دوّنها المتأخرون
وما يجلي الأمر أن نفهم كيفية احتجاج الأئمة بالحديث ولهذا ظهرت الدعوة إلى منهج النتقدمين في النقد.
أبوعاصم أحمد بلحة
2013-08-17, 12:39 PM
جزاكم الله خيراً ،،،،
هل مزيد إثراءٍ للموضوع ؟
احمد ابو انس
2019-12-19, 10:27 PM
حديث سنده ضعيف، لكن وصفه بعض العلماء بأنه تُلُقِّي بالقبول، فهل يُعمل به، أم لا؟
صرح جماعة من العلماء بالاحتجاج بما كان هذا سبيله، وذلك لأنَّ عمل العلماء بالحديث أو بمعنى الحديث يجبر الضعف في سنده، بل هو أقوى من مجرد متابعة ضعيف آخر، فإن العمل بالحديث مما يؤكده ويقويه، وهاك أقوال أهل العلم في ذلك:
1 – الإمام الشافعي – يرحمه الله -:
فقد سبق في السؤال (224) كلامه في الاستشهاد بالمرسل، فقال: وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، اهـ من «الرسالة» (ص:463) برقم (1270).
وقال ابن برهان في «الوجيز»: مذهب الشافعي: أن المراسيل لا يجوز الاحتجاج بها، إلا مراسيل الصحابة – رضي الله عنهم – ومراسيل سيعد بن المسيب، وما انعقد الإجماع على العمل به، اهـ نقلاً من «النكت» (2/547) وفي «التلخيص» (3/199/1421) قال الشافعي في حديث: «لا وصية لوارث»:
وروى بعض الشاميين حديثاً ليس مما يثبته أهل الحديث، فإن بعض رجاله مجهولون، فاعتمدنا على المنقطع مع ما انضم إليه من حديث المغازي وإجماع العلماء على القول به، اهـ.
2 – الإمام البيهقي يرحمه الله: قال في «السنن الكبرى» (3/282) ك/ صلاة العيدين، ب/ الغدو إلى العيدين: وهذا أيضاً مرسل، وشاهده عمل المسلمين بذلك، أو بما يقرب منه…، اهـ وقال في (9/285) ك/ الضحايا ب/ ما جاء في ذبيحة المجوس: هذا مرسل، وإجماع أكثر الأمة عليه يؤكده، اهـ وانظره في «التلخيص» (3/353-354/1643).
وفي (3/222) ك/ الجمعة، ب/ من زعم أن الإنصات للإمام اختيار… قال: وهذا وإن كان مرسلاً، فهومرسل جيد، وهذه قصة مشهورة فيما بين أرباب المغازي…، اهـ.
3 ـ وقال ابن عبدالبر في «الاستذكار» (2/98) برقم (1569): وهذا إسناد وإن لم يخرجه أصحاب الصحاح، فإن فقهاء الأمصار وجماعة من أهل الحديث متفقون على أن ماء البحر طهور، بل هو أصل عندهم في طهارة المياه الغالبة على النجاسات المستهلكة لها، وهذا يدل على أنَّه حديث صحيح المعنى، يُتَلقى بالقبول والعمل، والذي هو أقوى من الإسناد المنفرد، اهـ.
4 – وفي «التلخيص» (4/36/1879) قال الحافظ: وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور – يعني حديث عمرو بن حزم في كتاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأهل اليمن – جماعةٌ من الأئمة، لا من حيث الإسناد، بل من حيث الشهرة، فقال الشافعي في «رسالته»: لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنَّه كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال ابن عبدالبر: هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم، معروفة يُستغنى بشهرتها عن الإسناد، لأنه أشبه التواتر في مجيئه، لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة، قال: ويدل على شهرته: ما روى ابن وهب عن مالك عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، قال: وُجِدَ كتابٌ عند أل حزم يذكرون أنَّه كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال العقيلي: هذا حديث ثابت محفوظ، إلا أنا نرى أنَّه كتاب غير مسموح عمن فوق الزهري، وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب المنقولة كتاباً أصح من كتاب عمرو بن حزم هذا، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتابعين يرجعون إليه، ويَدَعُون رأيهم، وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبدالعزيز وإمام عصره الزهريُّ لهذا الكتاب بالصحة، ثم ساق ذلك بسنده إليهما، اهـ.
5 – وفي «التلخيص» (4/121/2074) ذكر حديث: «لا قطع في ثمر ولا كثَر» ثم قال الحافظ: اختلف في وصله وإرساله، وقال الطحاوي: هذا الحديث تلقت العلماء متنه بالقبول، اهـ. والكثر هو الجمار، وفي «الإرواء» (6/95-96/1655). قال شيخنا الألباني – حفظه الله -: ومن ذلك تعلم أن قول الإمام الطحاوي في «مشكل الآثار» (2/136) في أحاديث ذكرها، هذا أحدها: وجدنا أهل العلم احتجوا بهذا الحديث، فوقفنا بذلك على صحته عندهم… وإن كان ذلك كله لا يقوم من جهة الإسناد. اهـ.
7 – وفي «النكت» (1/340) ذكر الحافظ حديثاً من رواية الحارث عن علي، وقال: والحارث ضعيف جداً، وقد استغربه الترمذي، ثم حكى إجماع أهل العلم على القول بذلك، فاعتضد الحديث بالإجماع، والله أعلم، اهـ وفي «التلخيص» (3/206/1440) قال: والحارث وإن كان ضعيفاً، فإن الإجماع منعقد على وفق ما روى، اهـ.
8 – وفي «التدريب» (1/66) ذكر كلام ابن عبدالبر في حديث ماء البحر، ثم قال: وقال في «التمهيد»: روى جابر عن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم: «الدينار أربعة وعشرون قيراطاً» قال: وفي قول جماعة العلماء وإجماع الناس على معناه غنّى عن الإسناد.
وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني: تُعرف صحة الحديث إذا اشتهر عند أئمة الحديث بغير نكير منهم.
وقال نحوه ابن فُورك، وزاد بأن مثّل ذلك بحديث: «في الرقة ربع العشر، وفي مائتي درهم خمسة دراهم».
وقال أبو الحسن بن الحصار في «تقريب المدارك على موطأ مالك»: قد يعلم الفقيه صحة الحديث إذا لم يكن في سنده كذاب، بموافقة آية من كتاب الله، أو بعض أصول الشريعة، فيحمله ذلك على قبوله والعمل به…..، اهـ.
9 – وقد ذكر التهانوي – يرحمه الله – هذه المسألة في كتابه: «قواعد في علوم الحديث» (ص:60-62) وذكر المعلِّق فوائد متمّمة لذلك، وسأذكر كلاهمهما – إن شاء الله تعالى – وقد يتداخل في مواضع، مكتفياً بهذه الإشارة، قال يرحمه الله بعد ذكره الكلام السابق في حديث ماء البحر: قلت: والقبول يكون تارة بالقول، وتارة بالعمل عليه، ولذا قال المحقق في «الفتح» (1/217): وقل الترمذي: «العمل عليه عند أهل العلم» يقتضي قوة أصله، وإن ضَعِّف خصوصَ هذا الطريق.
وفي الحاشية:
قال المحقق ابن الهمام أيضاً في «الفتح» في آخر الفصل الأول من فصول كتاب الطلاق (3/143): ومما يصحح الحديث أيضاً عمل العلماء على وفقه، وقال الترمذي عقيب روايته حديث (طلاق الأمة ثنتان»: حديث غريب، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وغيرهم. وفي «سنن الدارقطني» (4/40) قال القاسم وسالم: عمل به المسلمون، وقال مالك: شهرة الحديث بالمدينة تغني عن صحة سنده.
قال التهانوي – يرحمه الله -: قال السيوطي في «التعقيبات» (ص: 12): الحديث أخرجه الترمذي (1/303) – أي حديث ابن عباس: «من جمع بين الصلاتين من غير عذر، فقد أتى باباً من الكبائر» – وقال: حسين ضعفه أحمد وغيره، والعمل عليه عند أهل العلم، اهـ قال: فأشار بذلك أن الحديث اعتضد عند أهل العلم، وقد صرح غير واحد بأن من دليل صحة الحديث: قولَ أهل العلم به، وإن لم يكن له إسناد يعتمد على مثله، اهـ.
قال: وفيه أيضاً (ص:13): وقال الترمذي: وقد رأى ابن المبارك وغيره صلاة التسبيح، وذكروا الفضل فيه، وقال البيهقي: كان عبدالله بن المبارك يصليها، وتداوله الصالحون بعضهم عن بعض، وفي ذلك تقوية للحديث المرفوع، اهـ.
ثم قال التهانوي: بل الحديث إذا تلقته الأمة بالقبول فهو عندنا في معنى المتواتر، قال الجصاص في «أحكام القرآن» له (1/386): وقد استعملت الأمة هذين الحديثين – يعني حديث ابن عمر وعائشة في طلاق الأمة وعدتها – وإن كان وروده: يعني لفظ: «طلاق الأمة تطليقتان، وعدتها حيضتان» – من طريق الآحاد، فصار في حيِّز التواتر، لأنَّ ما تلقاه الناس من أخبار الأحاد بالقبول، فهو عندنا في معنى المتواتر، لما بيّناه في مواضع، اهـ.
فهذه المواضع من كلام أهل العلم تدل على أن الحديث، وإن كان ضعيف السند، فإنَّ عَمَلَ العلماءِ به، أو احتجاجهم به فيما بينهم دون نكير من بعضهم، أو نحو ذلك، يجبر الضعف، بل لو صح أن علماء الأمة تلقوه بالقبول، لكان في معنى المتواتر في إفادة العلم، أعني العلم النظري، لأن الأمة لا تجتمع على خطأ، لكن ينبغي التيقظ، فإن بعض أهل العلم يدعي الإجماع، أو تلقى الأمة بالقبول، في مواضع شاع فيها النزاع، والله أعلم.
(تنبيه):
ولأبي غدّة جمع موسع في ذلك، انظره في نهاية «الأجوبة الفاضلة) (ص:228-238) وبه ينتهي الكتاب.
https://sulaymani.net/?p=2174 (https://sulaymani.net/?p=2174)
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.