المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف أفهم سند البخاري هذا



محمديامين منيرأحمدالقاسمي
2008-12-27, 04:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال البخاري في صحيحه /كتاب الشهادات
باب: إذا عدل رجل أحدا فقال: لا نعلم إلا خيرا، أو قال: ما علمت إلا خيرا.
2494 - حدثنا حجاج: حدثنا عبد الله بن عمر النميري: حدثنا ثوبان. قال الليث: حدثني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة وابن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله، عن حديث عائشة رضي الله عنها، وبعض حديثهم يصدق بعضا، حين قال لها أهل الإفك:
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة، حين استلبث الوحي، يستأمرهما في فراق أهله، فأما أسامة فقال: أهلك ولا نعلم إلا خيرا، وقالت بريرة: إن رأيت عليها أمرا أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يعذرنا من رجل بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت من أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا).
المسؤول أن ثوبان المذكور في هذاالسند من
شكرا لك ... بارك الله فيك ...

أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2008-12-27, 04:38 PM
الجواب هيِّنٌ يا أخي : فثوبان هذا شيخ لم يُخلق بعد !! وإنما هو من كيس كاتب الإسناد في : ( المكتبة الشاملة ) !!
وأراك نقلته عنه !! وصواب الإسناد : ( حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَاب......... إلخ ) فانتبه يا رعاك الله لمثل تلك الأمور المزعجة !!

القاموس
2008-12-27, 06:50 PM
الأخ النوراني لعلك استعجلت في هذا .
فإن هذا الاسم ( ثوبان ) هو موجود في النسخة اليونينية التي هي أصح نسخة لصحيح البخاري كما ذكر ذلك القسطلاني رحمه الله في ( إرشاد الساري ) فقال : كتب عليه - أي ثوبان - في اليونينية وفرعها إشارة السقط عليه .
وقد رجعتُ إلى طبعة دار طوق النجاة التي هي من الإتقان بمكان ، فوجدت هذا الاسم موجوداً وقد رُمز عليه بـ ( لا ) وفي الهامش رمز بـ ( صح ) وتحته ( يونس بن عبدالأعلى ) أي أن هذا هو الصواب .
وأنصحك يا أخي ( محمد يامين ) أن ترجع إلى كتاب ( إرشاد الساري ) للقسطلاني في معرفة رجال البخاري ، وأسأل الله لي ولك الهداية والسداد .

أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2008-12-27, 07:15 PM
الأخ النوراني لعلك استعجلت في هذا .
فإن هذا الاسم ( ثوبان ) هو موجود في النسخة اليونينية التي هي أصح نسخة لصحيح البخاري كما ذكر ذلك القسطلاني رحمه الله في ( إرشاد الساري ) فقال : كتب عليه - أي ثوبان - في اليونينية وفرعها إشارة السقط عليه .
وقد رجعتُ إلى طبعة دار طوق النجاة التي هي من الإتقان بمكان ، فوجدت هذا الاسم موجوداً وقد رُمز عليه بـ ( لا ) وفي الهامش رمز بـ ( صح ) وتحته ( يونس بن عبدالأعلى ) أي أن هذا هو الصواب .
وأنصحك يا أخي ( محمد يامين ) أن ترجع إلى كتاب ( إرشاد الساري ) للقسطلاني في معرفة رجال البخاري ، وأسأل الله لي ولك الهداية والسداد .
لا بأس : فلعل ( ثوبان ) من كيس أحد نساخ الطبعة اليونينية على إتقانها !!
وكون الاسم موجودا فيها : لا يعني أنه ثابت في بعض روايات : ( الصحيح ) !!
وما زلتُ أصرُّ على كون : ( ثوبان ) رجلا ليس له وجود إلا في عالم خيال البعض ! وإن وقع في مائة نسخة من ( الصحيح ) على غرار اليونينية !!
فيا سبحان الله !! ثوبان ؟ وما ثوبان ؟ ومن يكون هذا الثوبان ؟ !!

مسلم بن عبدالله
2008-12-27, 07:42 PM
الأخ النوراني لعلك استعجلت في هذا .
فإن هذا الاسم ( ثوبان ) هو موجود في النسخة اليونينية التي هي أصح نسخة لصحيح البخاري كما ذكر ذلك القسطلاني رحمه الله في ( إرشاد الساري ) فقال : كتب عليه - أي ثوبان - في اليونينية وفرعها إشارة السقط عليه .
وقد رجعتُ إلى طبعة دار طوق النجاة التي هي من الإتقان بمكان ، فوجدت هذا الاسم موجوداً وقد رُمز عليه بـ ( لا ) وفي الهامش رمز بـ ( صح ) وتحته ( يونس بن عبدالأعلى ) أي أن هذا هو الصواب .
وأنصحك يا أخي ( محمد يامين ) أن ترجع إلى كتاب ( إرشاد الساري ) للقسطلاني في معرفة رجال البخاري ، وأسأل الله لي ولك الهداية والسداد .

فمن هو إن كان صحيحاً عندك يا أخي الكريم ؟ ، أو : بِمَ عرفه القسطلاني رحمه الله ؟ ، فما قاله النوراني حفظه الله إن كان صحيحاً فهو مُشكِلٌ .

القاموس
2008-12-28, 12:21 AM
الإخوة الفضلاء على رسْلكم .
يتضح من كلامي أن ( ثوبان ) هذا خطأ في الإسناد ولا إشكال فيه ، فقد قال القسطلاني كما سبق : ( كتب في اليونينية وفرعها على ثوبان علامة السقوط من غير رقم ولأبي ذر : حدثنا يونس بن يزيد الأيلي ) . والذي يُفهم من هذا - عندي - أن إشارة السقوط تعني إسقاطه ؛ لأنه ليس بصحيح في السند . وأن الصواب هو ( يونس ) كما ذكرتُ ذلك بأن هذا في طبعة دار طوق النجاة .
لكن الذي قصدته هو أن هذا ليس من أخطاء المكتبة الشاملة فقط ، وإنما هو ِأيضاً في الكتب السالفة الذكر ، فلا بد إذا من تحرير الخطأ .
تنبيه : ذكرت سابقاً أن الصحيح ( يونس بن عبدالأعلى ) وهو خطأ مني ، والصواب ( يونس ) كذا في طبعة طوق النجاة ، وفي ( الإرشاد ) يونس بن يزيد الأيلي .

مسلم بن عبدالله
2008-12-28, 10:36 PM
ليتكم زدتمونا إيضاحاً لهذا الأمر .


........

على الهامش :
أخي الكريم (القاموس) في توقيعك فائدة بليغة جزاك الله خيراً ، في أي كتب شيخ الإسلام بن حجر أجدها .

القاموس
2008-12-29, 01:43 AM
الأخ / مسلم بن عبدالله ، بارك الله فيك وجعلك مباركاً أينما كنت .
الأمر - عندي - واضح ، فإن هذا الاسم ( ثوبان ) ليس بصحيح وإنما هو إقحام من أحد النساخ أو غيرهم ، ولذلك أُشير عليه بإشارة السقط كما ذكر ذلك القسطلاني ، وذكر القسطلاني لهذا يدل على شدة عنايتة بصحيح البخاري .
ومن كان عنده مزيد علم فليتحفنا وجزاه الله عنا خيراً .
أما توقيعي الذي نقلته عن ابن حجر ، فتجده في كتابه ( تعجيل المنفعة ) في مقدمته . وفقك الله

القاموس
2008-12-30, 12:04 AM
الإخوة الفضلاء ، نظرت في ( فتح الباري ) لابن حجر طبعة طيبة ت : نظر الفاريابي ، ووجدت فيها هذا الاسم ( ثوبان ) في السند ! فليُصحح . فإني لا أشك أنه ليس في النسخ التي اعتمدها الحافظ ابن حجر ، فإنه لم يتعرض له .
فهل يتفضل أحد الإخوة بالنظر في الطبعة ( السلفية ) ويخبرنا عن وجود هذا الاسم ، وجزاه الله خيراً .

الواحدي
2008-12-30, 12:26 AM
"أَوَ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَان؟!" (ابتسامة)

أبو رقية الذهبي
2008-12-30, 12:43 AM
الإخوة الفضلاء ، نظرت في ( فتح الباري ) لابن حجر طبعة طيبة ت : نظر الفاريابي ، ووجدت فيها هذا الاسم ( ثوبان ) في السند ! فليُصحح . فإني لا أشك أنه ليس في النسخ التي اعتمدها الحافظ ابن حجر ، فإنه لم يتعرض له .
فهل يتفضل أحد الإخوة بالنظر في الطبعة ( السلفية ) ويخبرنا عن وجود هذا الاسم ، وجزاه الله خيراً .
هو فيها كذلك!.
"صحيح البخاري" (2 /246) حديث رقم (2637) ط المطبعة السلفية (الخطيب/ عبد الباقي)
«حدثنا حجاج؛ حدثنا عبد الله بن عمر النميري؛ حدثنا ثوبان، وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير وابن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله عن حديث عائشة...الحديث»ا ـ بنصه وحروفه.
وهي كذلك في طبعة بيت الأفكار ص 499؛ أول العمود الأيسر.

أبو رقية الذهبي
2008-12-30, 12:56 AM
وفي طبعة المكنز من "صحيح البخاري" ص(717) حديث رقم (2637):
«حدثنا حجاج؛ حدثنا عبد الله بن عمر النميري؛ حدثنا يونس، وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عروة وابن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله عن حديث عائشة...الحديث»ا ـ بنصه وحروفه.

ابن السائح
2008-12-30, 10:32 AM
"أَوَ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَان؟!" (ابتسامة)
أضحك الله سنك
ذكرتني بقول الشمس الرخسي في مبسوطه: روي في حديث أم هانئ رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ثمان ركعات في ثوب واحد فقال: يا ثوبان أو لكلكم ثوبان
وثوبان من كيس السرخسي
وأم هانئ من جيبه : )
وحديث أو لككم ثوبان من حديث أبي هريرة عقب حديث آخر لأم هانئ في صحيح البخاري في رابع باب من كتاب الصلاة من الجامع الصحيح : )
وكأن السرخسي كان نظر في الباب وارتسم في ذهنه أشتات منه ولما احتاج إلى الإملاء من جبه الاضطراري : ) حيث لا شمس ولا ظل : ) أملاه على علاته فكان ما كان : )
وعسى ألا أرى زاعما يزعم أن ثوبان ممن روى حديث أولكلكم ثوبان : )
لأن هذا مما لا يستطيع إثباته مصنف العباب ولا صاحب نزهة الألباب

أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2008-12-30, 12:16 PM
"أَوَ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَان؟!" (ابتسامة)
جزاك الله خيرا وابنَ السائح على تلك المداخلة الطريفة منكما !!
ولكن : ماذا عندكما في تحرير ما نحن بصدده هنا ؟
هل نغادر أصل الموضوع للتَّنَدُّر حول : ( ثوبان ؟ ) إن كان ذلك كذلك ! فالله المستعان ...

أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2008-12-30, 12:21 PM
الإخوة الفضلاء ، نظرت في ( فتح الباري ) لابن حجر طبعة طيبة ت : نظر الفاريابي ، ووجدت فيها هذا الاسم ( ثوبان ) في السند ! فليُصحح . فإني لا أشك أنه ليس في النسخ التي اعتمدها الحافظ ابن حجر ، فإنه لم يتعرض له .
فهل يتفضل أحد الإخوة بالنظر في الطبعة ( السلفية ) ويخبرنا عن وجود هذا الاسم ، وجزاه الله خيراً .
قد قلت ُ سابقا : بكون ( ثوبان ) هذا لم يخلق بعد !! إنما أتى من جرَّة قلم بعض نسَّاخ ( الصحيح ) !! وتابعه من تابعه ممن نسخ الكتاب وطبعه !
فلْيسكن من القاموس موجه !! ( ابتسامة )

القاموس
2008-12-30, 02:04 PM
بارك الله في الجميع ،
الأخ أبو رقية بارك الله فيك على تواصلك العلمي
الأخوان الواحدي وابن السائح بارك الله فيكما على المؤانسة
الأخ النوراني ، بارك الله فيك ، أنت وأنا نتفق على أنه خطأ ، إنما المراد تصحيح جميع المواطن في الطبعات من ( صحيح البخاري ) ومن ( فتح الباري ) حتى لا يطول العهد ويُستشكل الأمر ، وتكون النسخ مضبوطة .
وللفائدة : سمعت الشيخ عبدالكريم الخضير يقول : إن الحافظ ابن حجر عندما شرح صحيح البخاري ، لم يدخل المتن في الشرح ، ولكن الذين طبعوا كتابه ، تصرفوا فيه فأدخلوا المتن في الشرح وحصل بهذا بعض الأخطاء فيه .

القاموس
2008-12-30, 02:07 PM
والشكر موصول للأخ / محمد يامين ، الذي فتح لنا باب هذا التنبيه .

أبو المظَفَّر السِّنَّاري
2008-12-30, 02:56 PM
وللفائدة : سمعت الشيخ عبدالكريم الخضير يقول : إن الحافظ ابن حجر عندما شرح صحيح البخاري ، لم يدخل المتن في الشرح ، ولكن الذين طبعوا كتابه ، تصرفوا فيه فأدخلوا المتن في الشرح وحصل بهذا بعض الأخطاء فيه .
هذا نصَّ عليه أبو الفضل في طليعة ( فتحه ) وإغفاله التعليق على هذا الاسم المدرج في بعض نسخ ( الصحيح ) قرينة أخرى على عدم التفاته إليه ، إن كان قد وقف عليه !! وهو من أعلم أهل الدنيا باختلاف نسخ صحيح أبي عبد الله الجعفي بلا ريب ! والله المستعان لا رب سواه ...

الواحدي
2008-12-30, 03:38 PM
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
قبل المسارعة إلى التصحيح، يجب التثبت والتأكد أنّ "ثوبان" أُدرج خطأً في هذا الموضع.
وهو مذكور في الموضع نفسه من الصحيح في "عمدة القاري" و"الكواكب الدراري" و"تغليق التعليق". فهل ينطبق على هذه المصادر كلام الشيخ "عبد الكريم الخصير" –حفظه الله؟
المسألة إذن ليست بهذه البساطة...
من السهل أن ننفي، ونريح عقولنا؛ لكن المسألة تقتضي التمحيص وإعمال النظر. والأمر يتطلب شيئا من الوقت...
ونحن أمام ثلاث مسائل مربكات:
1_ ثوبان مذكور في هذا الموضع من صحيح البخاري. فمن هو؟ وهل إثباته هنا خطأ؟
2_ المصادر المشار إليها (الشروح) ذكرت ثوبان في ذلك الموضع، لكن الشرَّاح لم يتوقفوا عند اسمه. فهل يعني هذا حتمًا أنَّ ما اعتمدوا عليه من نسخ الصحيح لم يُذكَر فيه ثوبان، وأنّ ورود اسمه إنما هو من فعل الناشرين اعتمادًا على اليونينية؟ مسألة فيها نظر...
3_ المواضع الأخرى التي ذُكِر فيها الحديث من الصحيح لا يوجد في سندها "ثوبان".
4_ لو كان إثبات ثوبان خطأ محضًا، لماذا أُثبِت في اليونينية؟ وما هو منشأ هذا الخطأ؟ هل هو بسبب انتقال نظر أحد النسَّاخ أو ما إلى ذلك من العوامل؟ الجواب يحتاج وقتًا وجمام فكر...
وهنا أضيف أمرين قد يثيران استغراب أرباب الفن؛ ولكن ليعتبراهما منِّي "حديث نفس"، لا تأكيدًا لنتيجة أقرّ بها وأستند إليها:
_ لعل هذا الموضع من "المواضع المبيضة الكثيرة" التي كانت موجودة في بعض نسخ صحيح البخاري، وأشار إليها العلماء.. وإن كانوا يقصدون بتلك المواضع التراجم لا الأسانيد.
_ من رجال البخاري: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. وهو أحيانا يُذكَر منسوبا إلى جده، فيقال "ابن ثوبان". والزهري يروي عن ابن ثوبان. وابن ثوبان يروي عن أمّه. وأمّه تروي عن عائشة.
وهنا سؤال: هل روى يونس الحديث أيضا عن الزهري عن ابن ثوبان عن عائشة؟
النص لا يسعفنا بذلك ولا السند بهذا الترتيب...
وهو تخريج حسن، لو وجد شاهدا يعضده...

الواحدي
2008-12-30, 03:56 PM
أضحك الله سنك
ذكرتني بقول الشمس الرخسي في مبسوطه: روي في حديث أم هانئ رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح ثمان ركعات في ثوب واحد فقال: يا ثوبان أو لكلكم ثوبان
وثوبان من كيس السرخسي
وأم هانئ من جيبه : )
وحديث أو لككم ثوبان من حديث أبي هريرة عقب حديث آخر لأم هانئ في صحيح البخاري في رابع باب من كتاب الصلاة من الجامع الصحيح : )
وكأن السرخسي كان نظر في الباب وارتسم في ذهنه أشتات منه ولما احتاج إلى الإملاء من جبه الاضطراري : ) حيث لا شمس ولا ظل : ) أملاه على علاته فكان ما كان : )
وعسى ألا أرى زاعما يزعم أن ثوبان ممن روى حديث أولكلكم ثوبان : )
لأن هذا مما لا يستطيع إثباته مصنف العباب ولا صاحب نزهة الألباب

عودًا محمودًا، شيخنا الفاضل!
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى --- وحنينه أبدًا لأوّل منزل
والالتفات إلى الالتفات من علامات الأثبات...
وعندي تخريج حسن لوهم السرخسي (إن صح)، قد يحمدني عليها أتباع أبي حنيفة، وهو أنّ بعض المستملين لم يسمع جزءًا من إملاءات الشيخ، فوصلوا بين حديثين.. وهذا متوقف على عمق الجب الذي ابتلي السرخسي بالحبس فيه، رحمه الله وأجزل مثوبته... وهو أمر نتركه للذين يقيسون النصوص بآلات عد الطول والزمن...
ولي أيضا تخريج آخر مستملح، وهو أنّ السرخسي كان يلمِّح إلى لحم الأضحية، لشدة جوعه، لكن مستمعيه لم يفهموا ذلك!

القاموس
2008-12-30, 06:36 PM
أخي الواحدي ، هل قرأت النقل الذي نقلته سابقاً عن القسطلاني في ( إرشاد الساري ) !

الواحدي
2009-01-02, 01:19 AM
أخي الواحدي ، هل قرأت النقل الذي نقلته سابقاً عن القسطلاني في ( إرشاد الساري ) !

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
نعم، أخي الكريم؛ قرأتُه وقلَّبتُ فيه النظر. لكنني لم أفهمه كما كما فهمتَه.. وكان كلامك الذي أحاط به قبلا وبَعدًا هو الباعث الأول على مشاركي. ودعْوَتُك إلى "تصحيح جميع المواطن في الطبعات من ( صحيح البخاري) ومن (فتح الباري)" هي التي استوقفتني..
ولهذا دعوتُ إلى التمهُّل وتجنُّب العجلة. وما كانت إشارتي إلى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان إلا من باب ما أسمِّيه "التضليل الهادي"؛ لأن الشك مفتاح اليقين...
وإن أردت كلاما يطمئنك، قرَّرتُ لك أنّ اسم "ثوبان" لم يرد في كافة طرق هذا الحديث، وليس من رجال البخاري، واسمه في هذا الموضع بين الراويَين المذكورين لم يَرِد في أي سند، ولعلَّه تصحيف لـ "يونس"...
لكن المهم الآن هو الذي استوقفني من كلامك..
ورجائي أن تجيبني عن سؤالي: ما الذي فهمتَه من كلام القسطلاني.
وسيكون جوابك، لو تكرّمتَ، بعثًا جديدًا للمذاكرة حول المسألة، بإذن الله.
و... أثاب الله مَن جذبنا بسؤاله إلى "ثوبان"...

القاموس
2009-01-02, 01:36 AM
حتى لا أطيل أخي الواحدي ، انظر ما فهمته في ردي رقم ( 6 ) .

الواحدي
2009-01-02, 02:18 AM
بارك الله فيك أخي الكريم.
وأرجو أن تعتبر ما نحن فيه من باب المذاكرة، لا المجادلة والمماراة؛ فقد أتعبتنا في الأيام الأخيرة إصرار بعضهم على تحويل المنتدى إلى حلبة صراع واستعراض عضلات، ولو بالمغالطة والتألِّي على العقول السويّة...
لنفترض أنَّ قارئا حصيفًا لم يطّلع إطلاقًا على صحيح البخاري ولا على شروحه، ولم يقع بين يديه إلا "إرشاد الساري"، وقرأ هذا النص:
"(حدّثنا ثوبان) كُتب في اليونينية وفرعها علامة السقوط مِن غير رقم، ولأبي ذر: حدَّثنا يونس بن يزيد الأيلي". ثم فهمَه كما تفضلتَ وأشرت بقولك: "إشارة السقوط تعني إسقاطه ؛ لأنه ليس بصحيح في السند".
ماذا كان سيقول؟ لا ريب أنه كان سيتساءل: ما معنى أن يكون لفظ "ثوبان" ساقطا في اليونينية، ومع ذلك يثبته صاحبها؟ وإذا كان ساقطًا فعلًا، فلماذا أثبته القسطلاني ولم يكتف برواية أبي ذر الهروي؟
ألا ترى أنّ السؤالين بديهيان؟
وهذا يعيدنا إلى كلامك. ولا أقصد شخصك، بل كل من قد يشتبه عليه النقل الذي أوردتَه عن القسطلاني؛ حتى لا تتحوَّل مذاكرتنا إلى مناجزة غير علمية...
وقد قلتَ: "إشارة السقوط تعني إسقاطه ؛ لأنه ليس بصحيح في السند". ولو تأمّلْتَ كلام القسطلاني، لاستوقفتك عبارة "مِن غير رقم". فما معنى هذه العبارة؟ الجواب تجده في فك رموز النسخة اليونينية:
في "اليونينية": "لا" إشارة إلى سقوط الكلمة الموضوع عليها هذا الرمز، عند أصحاب الرمز الذي بعدها. أي إنَّ الأصل أن تكون "لا" مردَفةً برمز آخر يشير إلى النسخة التي سقطت منها الكلمة المرموز لها بـ "لا". مثال ذلك:
في كتاب الوضوء/باب التخفيف في الوضوء، تجد التالي:
"عن ابن عباس أنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نام حتى نفخ ثم صلَّى وربّما قال اصطجع حتى نفخ ثم قام فصلّى".
في اليونينية، فوق "ثم صلَّى" كُتِبَ: لا س. وهذا يعني أنَّ عبارة "ثم صلَّى" غير موجودة في رواية ابن عساكر.
ومن هنا نفهم قول القسطلاني "من غير رقم". فاليونيني يُغْفِل أحيانًا الإشارة إلى النسخة التي سقطت منها عبارة أو عبارات،مع إثباته لسقوطها برمز "لا". كما أنه أحيانًا يرمز بـ "صحـ" إلى عبارة دون أن يردفها برمز يشير إلى النسخة التي صحَّح منها، وذلك قد يعني أحد الأمرين: إمّا أنَّ التصحيح تصحيح اليونيني، لصحّة ذلك السماع عنده. وإمَّا أنَّه وجد ذلك التصحيح في إحدى الروايات، لكنه سها عن وضْع علامة تلك الرواية بعد رمز "صحـ".
وقد يكون معنى غياب الرقم بعد رمز "لا" أن ذلك اللفظ موجود في كافة النسخ، لكن صحَّ عند اليونيني سماع بغيره. وهذا يعكِّر عليه أنّ القسطلاني أشار إلى أنَّ الذي في رواية أبي ذر الهروي "يونس بن يزيد الأيلي"..
ولديّ شك راجح بأنَّ الذي في رواية الهروي "يونس" فقط، وبأنّ الباقي (أي: بن يزيد الأيلي) أضافه القسطلاني توضيحًا. وهذا الشك يؤيِّده ما جاء في "تغليق التعليق"، وبه وحده يمكننا تفسير ورود "ثوبان" في هذا الموضع، كما سيأتي...
وبناءً على سبق ينبغي فهم علامة السقوط من غير رقم في اليونينية. فهي لا تعني أنّ العبارة ساقطة من كل الروايات، وإلا لم يكن من معنى لإثباتها؛ بل على العكس من ذلك، هي تعني أنّ العبارة ساقطة على الأقل من رواية واحدة. إذ لو كانت كلمة "ثوبان" ساقطة من كل الروايات، لكان بإمكان اليونيني كشطها، أو عدم إثباتها أصلا، أو إثبات "يونس" بدلها... ولكنه لم يفعل؛ وهذا "مئنَّة من" أمانته ودقة ضبطه.

(يتبع...)

الواحدي
2009-01-02, 03:18 AM
(...تابع)

ويوضح ذلك قول القسطلاني في مقدمة شرحه:
(( وإن اتفق الأربعة الرواة عنهم رقم لهم: ه ص ش (أو: س) ظ (أو: ط) (أي: أبو ذر الهروي، والأصيلي، وابن عساكر، وأبو الوقت)
وما سقط مع الأربعة زاد معها "لا".
وما سقط عند البعض أسقط رقمه من غير "لا" ))
وهذا معناه: إذا كان اللفظ ساقطا عند بعض الرواة، أثبتت فوقه "لا" لكن أُسقِط رقم الذي (أو الذين) سقطت العبارة في روايته. وهذا ينطبق تمامًا على لفظ "ثوبان" وما أُشير إليه في اليونينية.
يؤكِّد ذلك المثال الذي ساقه القسطلاني في المقدمة، حيث يقول:
(( مثاله: أنه وقع في أصل سماعه في حديث بدء الوحي: "جمعه لك في صدرك"، ووقع عند الأربعة: "جمعه لك صدرك"، بإسقاط "في". فيرقم على "في": "لا"، ويرقم فوقها إلى جانبها: "ه ص ش ظ". هذا إن وقع الاتفاق على سقوطها.))
ولنا عودة إلى هذا المثال وإشكالاته...
ومدلول كلام القسطلاني أنَّ "ثوبان" لم يقع الاتفاق على سقوطه؛ لأنه لو اتُفق على سقوطه، لرقم فوقه إلى جانبه "ه ص ش ظ". كما أنّ في اليونينية إشارة إلى أنَّ الذي في رواية أبي ذر الهروي "يونس"، لا ثوبان. وتقرأ فوق يونس: "صحـ ه" وعلى يسار كلمة يونس: "صحـ"؛ وهذا يعني أنّ لفظ يونس صحّ عند الهروي، وصح سماعه عند اليونيني. وهذا يؤيده ما جاء في "إرشاد الساري"، وكذا في مخطوط "تغليق التعليق"

(يتبع...)

الواحدي
2009-01-02, 04:44 AM
(... تابع)
لنعد الآن إلى المثال الذي ساقه القسطلاني لتبيين دلالة بعض رموز اليونينية واستعمالاتها. في "اليونينية" نقرأ ما يلي:
"إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَ قٌرْآنَهُ قَالَ جَمْعُهُ لَهُ فِي صَدْرِكَ".
وفوق "جَمْعُهُ لَهُ" نقرأ: "صحـ ه ص س ط".
وفوق "في" نقرأ: "لا ه س ط"
وعلى الهامش نقرأ: "أي جَمْعُه تعالى للقرآن في صدرك". ونقرأ أيضًا: "جَمَعَهُ لَكَ صَدْرُكَ" وفوقها: "صحـ ه ص س ط".
وإذا عدنا إلى شرح القسطلاني للحديث في موضعه من الشرح وجدنا التالي:
"(جمعه) بفتح الميم والعين (لك صدرك) بالرفع على الفاعلية. كذا في أكثر الروايات. وهي في "اليونينية" للأربعة؛ أي: جمَعَه الله في صدرك، وفيه إسناد الجمع إلى الصدر بالمجاز..."
ثم يقول:
"ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: جمعه لك صدرك، بسكون الميم وضم العين مصدَرًا ورفع راء صدرك فاعل به.
ولكريمة والحمُّوي ممّا ليس في اليونينية: جمعه لك في صدرك، بفتح الجيم وإسكان الميم وزيادة في.
وفي رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر أيضًا، ممّا في "الفرع" كأصله: جمعه له، بإسكان الميم؛ أي: جمْعُه تعالى للقرآن صدرك.
وللأصيلي وحده: جمعه له في صدرك، بزيادة في".
وقد سقت كلام القسطلاني، على طوله، للتنبيه على مدى وعورة رموز اليونينية؛ وكذلك للإشارة إلى تعدد الروايات عند الراوي الواحد؛ وأيضا إلى صعوبة تحديد موضع الرمز أو الرقم بالنسبة للكلمة..
والإقرار بهذه الصعوبة ممّا لا يختلف عليه الراسخون.. بل إنَّ جهابذة العلماء والمحققين المدققين توقفوا عند بعض رموزها، ولم يجدوا لها ما يفسرها!
ومن ذلك رمز "ق". يشير القسطلاني إلى أن المقصود به لعلَّه أبو الوقت، مع أنّه أشار إلى أنّ رمز أبي الوقت "ط" (أو: ظ). لكنه لم يجزم. لهذا تجد ابن حجر في الفصل السابع من "هدي الساري" يشير إلى الرمز دون تحديد المرموز إليه، ولعلّ ذلك لاستشكاله؛ حيث يقول حول قول البخاري: "وأفهَمَني بعضَه أحمد"، في كتاب الشهادات (باب تعديل النساء بعضهنَّ بعضًا):
" لم يُبيِّن أبو علي الجياني مَن هو أحمد هذا؟ ووقع في كتاب خلف الواسطي في الأطراف: "وأفهمني بعضه أحمد بن يونس"، وبهذا جزم الدمياطي. وقال بن عساكر والمزي إنه وهْم. قلت: ورأيته في نسخة الحافظ أبي الحسين اليونيني، وقد أهمله في جميع الروايات التي وقعت له إلا رواية واحدة، فإنه كتب عليها علامة "ق"، ونسبه فقال: أحمد بن يونس".
والقسطلاني، في نفس الموضع من شرحه، لم يزد على أن أضاف شهادته إلى شهادة ابن حجر بخصوص صحة ما قرأه في "اليونينية". وقد نقلتُ هذا الشاهد لغايتين اثنتين:
_ تأكيد أنّ اليونينية صعبة المراس، وأنَّ التعامل مع رموزها يحتاج إلى دربة طويلة واستقراء كامل شامل...
_ تأكيد ضرورة التثبت فيما يتعلق بالأسماء المبهَمة في الأسانيد، وعدم المسارعة إلى إلغائها أو التعجُّل في تحديد هوية أصحابها. وأحمد هذا الذي ذكره البخاري دوّخ العلماء، وبالعودة إلى كلام ابن حجر عنه في الموضع الذي أشرتُ إليه يتضح الكلام.
(يتبع...)

الواحدي
2009-01-02, 06:34 AM
(... تابع)
والذي ذكره الفاضل "القاموس" عن الشيخ عبد الكريم الخضير، من أنَّ أصول فتح الباري لا تضم متن "صحيح البخاري"، قد يخفى على البعض، لكنه صحيح ومعروف لدى حذّاق القراء وطلبة العلم. ومن المعلوم أنّ المتن المدمَج مع "الفتح" هو متن وقع فيه تلفيق ترجيحي بين الروايات المُشار إليها في اليونينية. ومن المعلوم أيضًا أنَّ ابن حجر اعتمد في شرحه للصحيح على رواية أبي ذر الهروي، لاعتباره أنها أتقن الرواية. وهذا لا يعني أنه أهمل بقية الروايات؛ فإنه كثيرًا ما يذكرها عند الحاجة.
وقد نبّه الشيخ عبد القادر شبة الخمد في مقدمته لفتح الباري إلى ذلك؛ بل جعله السبب الباعث لإعادة تحقيق "فتح الباري"، مع إدماج متن الصحيح برواية أبي ذر الهروي، لاكتشافه نسختين منها.
يقول شيبة الحمد في تحقيقه: "وقد غفل عامة مَن جمع متن "البخاري" مع "فتح الباري" عن شرط الحافظ ابن حجر رحمه الله، فقد جاءت جميع المتون التي خُطَّت أو طُبِعت مع فتح الباري ملفقة للرواة الآخرين".
ثم يضيف: "ولذلك نجد كثيرا ما يشرح الحافظ ابن حجر كلمات لا وجود لها في المتن، أو نجد كلمات في المتن لا وجود لها في "فتح الباري".
لكن، هل تقيد الشيخ عبد القادر شيبة الحمد بذلك؟ الجواب نجده في ترجمة باب الحديث الذي شغلنا. حيث قال ابن حجر في الفتح:
"قوله: (وساق حديث الإفك فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأسامة حين استشاره فقال: أَهْلَكَ ولا نَعلم إلا خيرًا). كذا لأبي ذر، ولم يقع هذا كلُّه عند الباقين، وهو اللائق".
وإذا بحثتَ عن هذا الكلام في متن الصحيح من "الفتح" بتحقيق الشيخ عبد القادر شيبة الحمد، لم تجده!
والسؤال الذي يقتضيه المقام هو: هل الفقرة التي أشار إليها ابن حجر مفقودة في النسختين اللتين اعتمدهما الشيخ؟ وهذا يؤيِّد قول مَن قال إن الشيخ عبد القادر شيبة الحمد تسرَّع بإخراج الفتح بتحقيقه. ولو عاد إلى اليونينة، لوجد الإشارة إلى ما ذكره ابن حجر؛ بل لو اعتمد الطبعة السلطانية (وهي اليونينية) وقارنها بنسختي رواية أبي ذر الهروي، لأمكنه تمحيصهما على ضوئها..
وفي طبعة الفاريابي، تجد ما أغفله الشيخ عبد القادر شيبة الحمد من الترجمة مثبَتًا، لكنك تجد "ثوبان" بدل "يونس"!!
ولست أدري ما هي ظروف الطبعة الأولى من "عمدة القاري"، لكن لديَّ ظن راجح أنّه تعرَّض لما تعرَّض له "فتح الباري" في طبعة السلفية. وذلك لسببين اثنين:
_ أثناء شرحه للبخاري، كان العيني يواكب شرح ابن حجر مواكبة مطَّلع على مضمونه، وقد نظر إليه بعين مستنسِخة في أكثر من موضع. وهذا يؤيد احتمال أنه لم يُدمج المتن في الشرح، على غرار معاصره ومنافسه.
_ في "عمدة القاري" تجد في المتن، على سبيل المثال، العنوان التالي:
"باب الإيمان وقول النبي بُنِيَ الإسلام على خمس"
ثم تقرأ في الشرح: "أي: هذا بابٌ في ذكر قول النبيِّ: "بُنِيَ الإسلامُ على خَمْس". فيكون ارتفاع "باب" على أنه خبرُ مبتدأ محذوف. ويجوز النصب على: "خذ بابَ قولِ النبيِّ". وفي بعض النسخ: "باب الإيمان وقول النبي بُني الإسلامُ على خمس". والأولى أصح، لأنه ذكر أوَّلا كتاب الإيمان، ولا يناسب بعده إلا الأبواب التي تدل على الأنواع؛ وذِكْرُ باب الإيمان بعد ذِكر كتاب الإيمان لا طائل تحته على ما لا يخفى".
وهذا يؤكِّد أنَّ المتن أُدمِج في الشرح مِن طرف الناشرين، بدليل ترجيح العيني لخلاف ما هو مثبَتٌ في المتن.
أمّا الرواية التي اعتمد عليها صاحب العمدة متنًا لشرحه، فلم أتبيَّنها بعد، ولا علم لي بها. وغالب ظني أنه اقتفى أثر ابن حجر، لكن إثبات ذلك يحتاج إلى تتبُّع، والتتبُّع يستدعي سعة في الوقت. ولمن له علم بالمسألة أن يفيدنا بها مأجورًا، بإذن الله...
وهذا يحل إشكالية عدم تعرُّض ابن حجر والعيني لـ "ثوبان" بالتعليق أو الاستشكال أو التحفظ، لاعتمادهما على رواية أبي ذر الهروي.
ومن عجيب تحكُّم الطبعة السلفية للفتح في الباحثين وطلبة العلم عمومًا أنّ محقِّق "تغليق التعليق" أثبت "ثوبان" في سند الحديث، كما أشرتُ مِن قبل. وكنت حينئذ اختلستُ النظرَ إلى الكتاب، فلمَّا وقعتُ على اسم ثوبان اكتفيتُ. لكنني رجعت بعد ذلك إلى الموضع نفسه للتمحيص، فقرأت في هامش المحقق ما يلي (في الصفحة 373 من المجلد الثالث، هامش:4):
"من البخاري. وفي المخطوطة: يونس"!!!
وذلك لاعتماده على الطبعة الملفقة لمتن صحيح البخاري.فكذَّب المخطوط، وصدّق المطبوع!!
وهذا يؤكد ما أردت الوصول إليه، وهو أنَّ الدعوة إلى "تصحيح جميع المواطن في الطبعات من صحيح البخاري" لا تستقيم على إطلاقها؛ لأنها ستؤدي بنا إلى طبعة أخرى تلفيقية ترجيحية، وهذا مُنافٍ للأمانة العلمية. وفي البال اقتراحات بهذا الصدد، ليس هنا موضع ذِكرها...
وأردت التأكيد أيضا على أنه لا يحق لنا المجازفة بالتأكيد على أنَّ "ثوبان" "من إقحام النسّاخ"، وإن توصَّلنا بالقرائن إلى أنه تصحيف لـ "يونس"؛ لأنَّ ذلك يسؤدي بنا إلى التشكيك في كثير ممّا قد يخفى علينا من "صحيح البخاري"؛ وهذا فيه ما فيه...
وأردت القول أخيرًا: بارك الله في الأخ القاسمي لإثارته هذا الإشكال، وجزى الله خيرًا الأخ "القاموس" على مذاكرته، وكذا الفاضل النوراي وأبا رقية الذهبي ومسلم بن عبد الله؛ دون أن أنسى الفاضل الأريب "ابن السائح، وله جزيل الشكر على إطلالته الوارفة..
وأختم بهذه الفائدة:
قال الحافظ عمر ابن الحاجب عن تقي الدين اليونيني (والد شرف الدين صاحب "اليونينية"):
" من جملة محفوظه: "الجمع بين الصحيحين للحميدي". وحدثني أنه حفظ "صحيح مسلم" جميعه وكرر عليه في أربعة أشهر (!) وكان يكرر عليَّ أكثر "مسند أحمد" من حفظه. وكان يحفظ في الجلسة الواحدة ما يزيد على سبعين حديثا"!!
وقال قطب الدين اليونيني (أخو شرف الدين):
"حفظ "الجمع بين الصحيحين"، وحفظ "صحيح مسلم" في أربعة أشهر، وحفظ سورة الأنعام في يوم واحد، وحفظ ثلاث مقامات من الحريرية في بعض يوم"!!
ومن مغيَّبات أسرار القدر أنَّ سبب وفاة الشيخ شرف الدين اليونيني كان ضربة مجنونٍ في رأسه، قضى بعدها بستتة أيام! وكانت وفاته في شهر رمضان، نسأل الله حسن الختام. رحمه الله، وأجزل له المثوبة على قيِّم ما بذل...

الواحدي
2009-01-02, 07:25 AM
(... تابع)

وقد نبّه الشيخ عبد القادر شبة الخمد

والصواب: شيبة الحمد...

القاموس
2009-01-02, 06:14 PM
أخي الواحدي ، جزاك الله خيراً .
اعلم أنني أسعد بالنقاش العلمي ، ولا أضجر من ذلك . ثم اعلم أنني قد استفدت من كلامك فوائدة كثيرة . لكن أود منك أمرين : 1- أن تختار خطا واحداً واضحاً تكتب به ، فإن الخط أظنه رقم 25 قد تعبت في قراءته . 2- أن تختصر قدر الإمكان ، فإن لم يكن الاختصار ، فلا بأس نتحمل من أجل العلم . وبارك الله فيك . أما ما تبقى من إشكالات فسأذكرها إن شاء الله .
يتبع إن شاء الله

الواحدي
2009-01-02, 07:27 PM
أخي الواحدي ، جزاك الله خيراً .
لكن أود منك أمرين : 1- أن تختار خطا واحداً واضحاً تكتب به ، فإن الخط أظنه رقم 25 قد تعبت في قراءته . 2- أن تختصر قدر الإمكان ، فإن لم يكن الاختصار ، فلا بأس نتحمل من أجل العلم . وبارك الله فيك .

أحسن الله إليك.
أمّا الاختصار، فكل ما ذكرتُه كان على سبيل الإيجاز والإيماء...
وأمّا صغر الحرف، فلم أستطع تغييره البارحه لثقل الاتصال. وسنكون ممتنِّين للإخوة المشرفين لو غيَّروا حرف المشاركتين رقم: 25 و26

هادي آل غانم
2009-01-02, 10:00 PM
ما شاء الله تبارك الله ما أجمل هذا التحقيق من الشيخ ( الواحدي ) حفظه الله تعالى

وأتطفل بإضافة ما يمكن أن يكون له فائدة
وهو أن الحافظ المزي عندما ذكر طرق هذا الحديث في تحفة الأشراف لم يذكر ثوبان البتة في طرق هذا الحديث لا عند البخاري ولا عند غيره .

والتصحيف قريب جدا في مثل هذا الموضع لو نظرنا في كتابة ثوبان عند الأقدمين وتكون بحذف الألف فتكتب هكذا ثوبن وقارنها ب( يونس ) ترى أن التصحيف ممكن جدا فيها . والله أعلم

القاموس
2009-01-03, 09:55 PM
أخي الواحدي :
الخلاصة - فيما ظهر لي _ :
أولا : أن ( ثوبان ) لم يرد في أي رواية من روايات البخاري ، وهذا يتبين بعدم تعرض الشراح له ، كابن حجر وغيره .
ثانياً : أنها قد تكون محرفة من أحد النساخ .
ثالثاً : أن اليونيني ليس له ضابط في الرمز بـ ( لا إلى ) فإني قد وجدته يرمز بها من غير رقم وهي ليست في الروايات الأربع .
رابعاً : حاولت أن أقف على موضع آخر يشبه هذا الموضع ، فلم أجد ، والذي وقفت عليه كله بسبب السقط .
هذا ما ظهر لي ، فما ملخص ما ظهر لك .

الواحدي
2009-01-05, 05:49 AM
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
الأخ القاموس، حفظه الله وزاده علمًا وفضلا:
إكرامًا لك، سأتوخَّى الإيجاز قدر الإمكان، لعل في الكلام الموجَز بركة الوضوح والبيان. وأشير –احترازًا- إلى أنّ ما أوردتُه من كلام لم يكن موجَّهًا إليك تحديدًا، بل سطرتُه للمدارسة مع جميع الأفاضل المهتمين بهذه المسألة؛ وإن كان لك فضل بعث الموضوع بالإضافة والتعقيب...
1_ نتفق على أنّ ورود اسم "ثوبان" في هذا الموضع من السند مشكل. ونتفق أيضًا على أنّ راجح الظن هو كونه تصحيفًا عن "يونس". بيد أنّني لا أجزم بنفيه من روايات الصحيح...
2_ إعراض الشرَّاح عن التعرُّض له، لا يعني أنَّه "لم يَرِد في أيَّ رواية من روايات البخاري". إذ كل شارح له رواية اعتمدها أصلاً، أو له منهج في الترجيح بين الروايات. والقسطلاني من شرَّاح البخاري، وقد ذكر ثوبان استشكالا، ولم يجزم بنفيه عن روايات صحيح البخاري. ثم إنّ اليونيني أثبته، وهذا يعني حتمًا أنَّه ورَد في رواية واحدة على أقل تقدير، كما أسلفتُ. كذلك ينبغي ألَّا ننسى أنَّ القسطلاني اعتمد على النسخة الأصل التي كتبها اليونيني بخط يده. وكلام العلماء الذين أشرفوا على الطبعة السلطانية يوحي بأنَّهم استندوا إلى اليونينية الأصل، لكنه يحتاج إلى تمحيص وتثبُّت...
3_ تقول: "حاولتُ أن أقف على موضع آخر يشبه هذا الموضع ، فلم أجد ، والذي وقفت عليه كله بسبب السقط". وبهذا الصدد، أكرِّر دعوتي إلى التمهُّل وتجنُّب التسرُّع. ولو أنزلتَ بصرَك قليلا، في الحديث نفسه والصفحة نفسها من اليونينية، لقرأتَ:
"مَنْ يَعْذِرُنَا مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي..."
ولَلاحظتَ فوق "مِنْ": لا. ولا يوجد بعدها رقم للمرموز له! وتجد في الحاشية رقم 6: في. وفوقها ه، فوقها حـ. وهذا يعني أنّ "في" موجودة في رواية أبي ذر الهروي عن ابن حمُّويه. وتقرأ في "إرشاد الساري": "وللكشميهيني مِن".
4_ يجب التفريق بين الترميز الخاص باليونيني، والترميز الذي استعمله لأنه مصطلح عليه وتداوَل في زمانه. وقد استعمل اليونيني الاثنين.
أمَّا الرموز الخاصة به، فمعظمها معروف، وبعضها لم تتبيَّن بعد دلالته. وقد ذكر المشرفون على الطبعة السلطانية كلامًا لليونيني وجدوه آخر بعض المجلدات، ومنه، بعد أن أشار إلى بعض العلامات وما يوافقها في نسخته:
"وقد ذكرتُ ذلك في أوَّل الكتاب في فرخة لتُعْلَم الرموز".
وهذا يعني، والله أعلم، أنَّ اليونيني وضع جدولاً لرموز نسخته في بطاقة مستقلة، لتعين القارئ على فهم رموزه في أيِّ موضع كان من الكتاب. ويبدو أنَّ هذه "الفرخة" فُقِدَت لكونها ورقة مفرَدة مستقلَّة..
وأمّا الرموز الأخرى، المشتركة بينه وبين غيره من المصنِّفين، فدلالتُها معروفة لدى أهل الصنعة. ومن بين هذه الرموز: "لا" أو "لا إلى"؛ فهو ليس رمزًا خاصًّا باليونيني، بل تداوله وتعارف عليه المصنِّفون قبله بزمان يعود إلى ما قبل مطلع القرن الرابع الهجري على أقل تقدير. ومثال ذلك "ح" للفصل، أو "صحـ" لتصحيح الكتابة، أو "صـ" للتضبيب...إلخ.
والرمز الذي يعنينا مشار إليه تحديدًا في ألفية الحديث للعراقي. جاء في "الباعث الحثيث" (ج3، ص77):
"ويُبْعَدُ الزائد أيضا بِكَتْب "لا" أو "مِن" في أوَّله ثم "إلى" في آخره. وذلك – والله أعلم- فيما يجوِّزون أنَّ نفيَه أو إثباتَه غيرُ متَّفَقٍ عليه في سائر الروايات. ولذا يُضاف إليه ببعض الأصول: الرمزُ لمن وقع عنده أو نُفِي عنه من الرواة. وقد يُقتَصَر على الرمز، لكن حيث يكون الزائد كلمةً أو نحوَها. وقد قال ابن الصلاح، تبعًا لعياض: "إنّ مثلَ هذه العلامة تَحسُنُ فيما ثبت في روايةٍ، وسقط مِن أخرى".
وفحوى هذا الكلام أنّ "لا" تشير إلى ثبوت اللفظ المرموز إليه في رواية وسقوطه في أخرى، سواء كانت متبوعة بالرمز لمَن لم تثبت عنده أو لا.
5_ الذي أردتُ التأكيد عليه في مشاركتي السابقة، وأكرِّره في هذه المشاركة، هو التثبُّت وعدم التسرُّع في النفي أو الإثبات في مثل هذه المسائل التي تحتاج إلى علم بمصطلحات القوم وما درجوا عليه من استعمالات في عصورهم، ممّا قد يخفى بعضه أو كله عنّا؛ لا سيما وهي تحتاج إلى استقراء وتتبُّع.. وقد ذكرت مِن قبل مثال تعليق الحافظ ابن حجر على قول البخاري: "وأفهمني بعضه أحمد". ولا أجد مناصًا من تكرار الدعوة إلى تأمُّله في موضعه...
وبما أنَّني رجعت إلى "الباعث الحثيث" لضرورة النقل، رأيتُ من المناسب أن أورد هذه الفقرة، لأنها تناسب المقام:
"وقد تجاسر بعضُهم، وأكثرُهم مِن متأخري المحدِّثين –كما أفاده عياض- كأبي الوليد هشام بن أحمد الوقَّشي- أحد كبار العلماء وأهل اللغة- فكان، كما قال تلميذه عياض: إذا مرَّ به شيءٌ لمْ يتَّجه له وجهُه أصلحه بما يظن، اعتمادًا على وثوقه بعلمه في العربية واللغة وغيرها؛ ثم يظهر أنَّ الصوابَ ما كان في الكتاب وتبيَّن وجهُه، وأنّ ما غيَّرَه إليه خطأ فاسد".
والله من وراء القصد، وهو وليُّ التوفيق.

الواحدي
2009-01-05, 07:08 AM
جاء في "الباعث الحثيث" (ج3، ص77)...
وبما أنَّني رجعت إلى "الباعث الحثيث" لضرورة النقل...

تصويب:
إنما أردت "فتح المغيث"...

ابن السائح
2009-01-05, 02:39 PM
وهذا يعني، والله أعلم، أنَّ اليونيني وضع جدولاً لرموز نسخته في بطاقة مستقلة، لتعين القارئ على فهم رموزه في أيِّ موضع كان من الكتاب. ويبدو أنَّ هذه "الفرخة" فُقِدَت لكونها ورقة مفرَدة مستقلَّة..
أثابك الله شيخنا الواحدي على ما أمتعتنا ونفعتنا وأفدتنا
وأرجو أن تكون الفرخة موجودة بدمشق
والله أعلم

ابن السائح
2009-01-05, 02:51 PM
"وقد تجاسر بعضُهم، وأكثرُهم مِن متأخري المحدِّثين –كما أفاده عياض- كأبي الوليد هشام بن أحمد الوقَّشي- أحد كبار العلماء وأهل اللغة- فكان، كما قال تلميذه عياض: إذا مرَّ به شيءٌ لمْ يتَّجه له وجهُه أصلحه بما يظن، اعتمادًا على وثوقه بعلمه في العربية واللغة وغيرها؛ ثم يظهر أنَّ الصوابَ ما كان في الكتاب وتبيَّن وجهُه، وأنّ ما غيَّرَه إليه خطأ فاسد".
والله من وراء القصد، وهو وليُّ التوفيق.
وهل السخاوي حين ظن أن عياضا تلميذ الوقشي
والحق أنه من شيوخ بعض شيوخه
ولعياض شيخان اسمهما هشام بن أحمد وكنيتهما أبو الوليد
ترجمهما عياض في الغنية ص217-220
وهو مما يصلح أن يُذيل به على كتاب المتفق والمفترق لأحمد بن علي البغداذي
ولعلك تتتبع مواضع ذكر الوقشي في الغنية ص37 و 59 و 176 و 205 و 206 و 210
وهذا تذكير بكلام عياض في مقدمة المشارق مضمّنا تنبيهه على تسرع الوقشي:
والصواب من هذا كله لمن زرق فهما وأوتي علما إقرار ما سمعه كما سمعه ورواه والتنبيه على ما انتقده في ذلك ورآه حتى يجمع الأمرين ويترك لمن جاء بعد النظر في الحرفين وهذه كانت طريق السلف فيما ظهر لهم من الخلل فيما رووه من إيراده على وجهه وتبيين الصواب فيه أو طرح الخطأ البين والإضراب عن ذكره في الحديث جملة أو تبييض مكانه والاقتصار على رواية الصواب أو الكناية عنه بما يظهر ويفهم لا على طريق القطع وقد وقع من ذلك في هذه الأمهات ما سنوقف عليه ونشير في مظانه إليه وهي الطريقة السليمة ومذاهب الأيمة القويمة
فأما الجسارة فخسارة فكثيرا ما رأينا من نبه بالخطأ على الصواب فعكس الباب
ومن ذهب مذهب الإصلاح والتغيير فقد سلك كل مسلك في الخطأ ودلاه رأيه بغرور
وقد وقفت على عجائب في الوجهين وسننبه من ذلك على ما توافيه العبر وتحقق من تحقيقه أن الصواب مع من وقف وأجحم لا مع من صمم وجسر وتتأمل في هذه الفصول ما تكلمنا عليه وتكلم عليه الأشياخ والحفاظ فيما أصلحه أبو عبد الله بن وضاح في الموطأ على يحيى بن يحيى فيمن تقدم وعلى ما أصلحه القاضي أبو الوليد الكناني على هذه الكتب فيمن تأخر وإظهار الحجج على الغلط في كثير من ذلك الإصلاح وبيان صحة الرواية في ذلك من الأحاديث الصحاح اهـ
والكناني هو الوقشي
وقال عياض في الإلماع: ومنهم من يجسر على الإصلاح وكان أجرأهم على هذا من المتأخرين القاضى أبو الوليد هشام بن أحمد الكنانى الوقشى فإنه لكثرة مطالعته وتفننه كان في الأدب واللغة وأخبار الناس وأسماء الرجال وأنسابهم وثقوب فهمه وحدة ذهنة جسر على الإصلاح كثيرا وربما نبه على وجه الصواب لكنه ربما وهم وغلط في أشياء من ذلك وتحكم فيها بما ظهر له أو بما رآه في حديث آخر وربما كان الذى أصلحه صوابا وربما غلط فيه واصلح الصواب بالخطأ
وقد وقفنا له من ذلك في الصحيحين والسير وغيرها على أشياء كثيرة وكذلك لغيره ممن سلك هذا المسلك
وحماية باب الإصلاح والتغير أولى لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن ويتسلط عليه من لا يعلم وطريق الأشياخ أسلم مع التبيين فيذكر اللفظ عند السماع كما وقع وينبه عليه ويذكر وجه صوابه إما من جهة العربية أو النقل

القاموس
2009-01-06, 02:37 PM
بارك الله فيك أخي الواحدي وجميع الإخوة ، فقد استمتعنا واستفدنا .

ابن الرومية
2009-01-06, 06:44 PM
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم الواحدي وقانا الله و اياكم من شرور أنفسنا و زاد من اتساع دائرة تحقيقكم في العلوم و فتح عليكم...

الواحدي
2009-01-09, 06:57 AM
الأخ العزيز: ابن الرومية
بوركت، جزاك الله خيرًا، وأجاب دعاءك..
ولو كان دعاؤك بظهر الغيب، لاستفدتَ أكثر! (ابتسامة)
لأنَّ الملَك سيقول: "ولك بمثله"، كما صح ذلك عن الصادق المصدوق، صلّى الله عليه وسلّم ...

الواحدي
2009-01-09, 07:09 AM
وأرجو أن تكون الفرخة موجودة بدمشق
والله أعلم
لعلّ وعسى...
وهذه "الفرخة"، سعيت وراء أثرها منذ زمن طويل، حتى كاد اليأس ينسيني إياها...
ولعل سعيي الحثيث وراءها هو الذي أعماني عنها، فلم أنتبه لوجودها..
ثم لمَّا صرفت النظر عنها وعن ذكراها، إذا بها تأتيني "تمشي على استحياء"..
لكنها سرعان ما انصرفت، تاركة لي عنوانها فحسب.. ولا زال الشك يساورني: هل هي هي؟ أم أختها؟ أم بنت عمِّها؟
وها هي ذي البيانات التي تركَتْها لي:
_ "رموز الجامع الصحيح": مخطوطة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم ( 1417/خ ).
_ نسخة ثانية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة.
_ نسخة ثالثة بالمكتبة الملكية المغربية برقم (10802).
فالرجاء ممَّن وقف على هذه المخطوطة أن يفيدنا بمضمونها.
والرجاء ممَّن بإمكانه تصويرها أن يسعفنا بصورة عنها.
والشكر الدعاء سلفًا لمن يستجيب...

الواحدي
2009-01-09, 07:35 AM
وهل السخاوي حين ظن أن عياضا تلميذ الوقشي
والحق أنه من شيوخ بعض شيوخه
ولعياض شيخان اسمهما هشام بن أحمد وكنيتهما أبو الوليد
ترجمهما عياض في الغنية ص217-220


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أحسن الله إليك، شيختنا ابن السائح، وجزاك خير الجزاء.
ولو لم يكن في ما تذاكرناه حول مسألتنا إلا هذا الاستدراك، لكفى به فائدة..
وهي –لعمري- من الدرر التي تصان ويغالى بها.. وهي لا تتأتَّى إلا لغوَّاص ماهر. ومن خصائص هذا الغوَّاص أن يكون يحصبيَّ المشرب، أندلسي الإسناد، مغربيَّ الدار.. ولئن أخطأتُ في واحدة من هؤلاء، فلا أظنني جانبتُ الصواب فيهن كلّهن...
وكان من بركات تنبيهك إلى "وهلة" السخاوي أن حرَّضتني على المراجعة والتمحيص، فوهلتُ إلى مظان ترجمة أبي الوليد الوقَّشي، وكان ما كان...
وممّا "كان" أنني اكتشفت أنَّ وهل السخاوي قد جرَّ وراءه أوهالاً، وأنَّ لوهلته أخوات من الهنات...
وممّا "كان" أيضا أنني جنيت من نتائج الأفكار أشياء، أحسبها فوائد.. لذا سأسردها، وإنْ لم أُسأل عنها، لظنِّي أنها لن تسوء السائل إن أُبدِيَت له.
وسأسوق جميع ذلك تباعًا، بإذن الله. وأرجو أن يلحظها القارئ بعين الناقد البصير، إذ لا أحد يسلَم من "الوهل"...

الواحدي
2009-01-09, 09:59 AM
1_ السخاوي يصوِّب وهلة للقاضي عياض!جاء في "فتح المغيث" (ج4/ص 278-279):
"(يحيى ابن بِشْر) هو: ابن كثير، أبو زكريا الأسدي الكوفي الحريري، بسكون آخره، أيضا (فُتِحا) أي: الحاء منه. وهو ممن انفرد مسلم بالرواية عنه. وقول ابن الصلاح: إنه شيخ البخاري، أيضا قلَّد فيه عياضا، وهو قلد شيخه الجيَّاني في تقييده، وسبقهم الحاكم والكلابادي؛ خطأ، فشيخ البخاري إنما هو: البلخي الفلَّاس الزاهد. وقد فرق بينهما ابن أبي حاتم، والخطيب، ثم المزي، وشيخنا، وآخرون"
ومورد الاشتباه هو تطابق اسميهما (يحيى) وكنيتيهما (أبو زكريا) واسمي والدِ كُلٍّ منهما (بشر)؛ لكنهما مختلفا البلدة والوفاة.
وهذه الوهلة من عياض يشفع له فيها أنّ له فيها سلفًا...
وإذا صحَّ أنَّ السخاوي هو الواهل في اعتبار عياض تلميذ أبي الوليد الوقَّشي، فإنه يصحّ لنا أن نقول: "رُبَّ واهل وَهَّل غيره، ثم وهل في شيوخه"...
ولكن، هل السخاوي هو الذي وهل بخصوص أبي الوليد؟ مسألة فيها نظر...
(يتبع...)

الواحدي
2009-01-09, 10:05 AM
(... تابع)


2_ و... شبه وهلة من الشيخ عبد الكريم الخضير!

في الهامش رقم 9 من "فتح المغيث" (ج4/ص278)، قال الشيخ عبد الكريم الخضير:
"أخرج (أي: مسلم) له (أي: ليحيى بن بشر بن كثير الحريري) في "صلاة المسافرين": باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- في الليل (1/509)، و"الصيام": باب لا تقدَّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين (2/763)، و"الطلاق": باب وجوب الكفارة على مَن حرَّم امرأته ولم ينو الطلاق(2/1100).
وقول العراقي في "التقييد والإيضاح" (403): "إنَّ له عند مسلم حديثا واحدا" ليس كما قال."
وهذا من استدراكات راسخي المحققين، ممّا يلحق بالدرر الشبيهة باستدراك شيخنا ابن الساعي –حفظه الله.
لكن فات الشيخ عبد الكريم الخضير –نفعنا الله بعلمه- موضع رابع في صحيح مسلم، روى فيه عن يحيى بن بشر الحريري، وهو في "الصيام": باب بيان أنّ القُبلة في الصوم ليست محرَّمة على من لم تحرِّك شهوتَه.
والمستدرك على أمثال الشيخ الخضير يتعيَّن في حقه أن يردف كلامه بقول: "والله أعلم"، إذ من الجائز أن يكون هو الواهل في استدراكه، لا الشيخ...
ثم هي ليست وهلة بالمعنى التام للكلمة، بل استقراء ناقص...
والله أعلم.

(يتبع...)

الواحدي
2009-01-09, 11:12 AM
(...تابع)


3_ أربع "وهلات" ونصف
من فحل المحققين
السيد أحمد صقر!

أ_ قال السيد أحمد صقر، في مقدمة تحقيقه لإلماع القاضي عياض (ص 27): "ثم غمز للمرة الثالثة أستاذه أبا الوليد هشام الوقَّشي الكناني، فقال: "وكان القاضي أبو الوليد الكناني ممَّن أتقن، وربَّما تكلَّف في الإصلاح والتقويم بعضَ ما نُعِيَ عليه".
وهذه وهلة من الشيخ الصقر، كان فيها رهينة لوهلة "فتح المغيث".. ولنا عودة إليها، بإذن الله تعالى.
وقد تأكَّد لديَّ أنّ الشيخ صقر –رحمه الله- إنّما قال ذلك تبعًا لما جاء في "فتح المغيث"، فهو ينقل عنه النص نفسه الذي أوردته عن السخاوي، وتعقبه الفاضل ابن الساعي، وذلك في الهامش رقم 2 من الصفحة 167.
وكأنَّما خفي عليه قول عياض في الإلماع (ص 224): ""سمعتُ شيخنا سفيان بن العاصي الأسدي، يحكي عن شيخه القاضي أبي الوليد الكناني..."!
وسفيان هذا هو أبو بحر.

ب_ جاء في فهرس الأعلام للمحقق السيد أحمد صقر: "هشام بن أحمد، أبو الوليد الكناني الوقشي، المعروف بـ: "عواد" شيخ عياض"!!
وهذا الكلام فيه وهمان: قوله "شيخ عياض"، وقوله "عواد"!
وهذا يبيِّن مدى الإرباك الذي تسبب فيه الوهل الوارد في "فتح المغيث"...
فقد اضطر بسبب ذلك الوهل الشيخُ صقر إلى الدمج بين علَمين متمايزين هما:
_ أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام الوقَّشي (ت. 489هـ)
_ أبو الوليد هشام بن أحمد بن سعيد القرطبي، المعروف بـ "ابن العوَّاد" (ت. 509 هـ)
وهذا الدمج أدَّى به إلى نوع من التناقض. إذ في الصفحة 55، تعقيبًا على قول عياض: "وحدّثنا أبو الوليد هشام بن أحمد الفقيه، بقراءتي عليه..."، يقول الشيخ صقر في الهامش:
"هو هشام بن أحمد بن سعيد، يعرف بابن العوّاد: من أهل قرطبة".
وفي الصفحة 186، عند كلام القاضي عياض عن أبي الوليد هشام بن أحمد الكناني، يقول الشيخ صقر في الهامش رقم 2: "مضت ترجمته"!
وهذا يؤكد أنّ ما ورد في الفهرس لم يأت نتيجة سهو، بل نتيجة ما جاء في "فتح المغيث"...
جـ_ والوهلة الثالثة هي قوله، في فهرس الأعلام: "المعروف بـ "عوّاد". والصواب "ابن العوَّاد".
والغريب أنّ الشيخ ذكر نسبته صائبة في الصفحة 55 من الكتاب! ولعل منشأ هذا تعقيدات الفهرسة. إذ من المحتمل أنه كان ينوي إضافة مدخل "ابن العواد" إلى فهرس الأعلام، ثم صرف النظر عن ذلك، فظل "عوّاد عالقًا بذهنه أو بأوراقه...
والله أعلم.
د_ جاء في ترجمة أبي علي الحسين بن محمد ابن سكّرة، شيخ القاضي عياض، في الهامش 3 من الصفحة 8 من الإلماع:
"هو القاضي الشهيد الحافظ أبو علي الحسين بن محمد بن فِيُرَّة بن حيُّون الصدفي، المعروف بابن سُكَّرة".
وفي ضبط السيد لـ "فيرة" نظر. فقد جاء في "تبصير المنتبه": "وبِضَمِّ الراء وتثقيلها: القاسم بن فِيرُّه (...) وأبو علي الصدفي، اسمه الحسين بن محمد بن فيره".
وهذا يقتضي أن يكون الضبط بكسر الفاء، وياء ساكنة، وراء مثقلة مضمومة. وظني أنَّ الذي يلي الراء هاء، لا تاء مربوطة؛ أي: فِيرُّه. والله أعلم.
وجاء في "معجم البلدان" أنّ فِيرُّه: اسم للحديد بالبربرية. وهذا الكلام صواب، لكن تعتريه "وهلة". لأنّ "فِيرُّه" اسم للحديد باللاتينية، لا البربرية.
والله أعلم.
هـ_ في الهامش 2 من الصفحة 192: "(...) وإلا ما جمع الشيخ الحافظ أبو علي: الحسن بن محمد الغساني، شيخنا –رحمه الله، في كتابه المسمَّى بتقييد المهمل؛ فإنه تقصَّى فيه أكثر ما اشتمل عليه الصحيحان، وقيَّده أحسن تقييد".
والصواب: الحسين. وهو خطأ مطبعي على التأكيد، لأنه أورده على الصواب في فهرس الأعلام.
ولهذا اعتبرت ذلك "نصف وهلة"... (ابتسامة)
والله أعلم
(يتبع...)

الواحدي
2009-01-09, 11:39 AM
(... تابع)


4_ وهلة من السمعاني
تبعه عليها السيوطي!

جاء في "الأنساب" للسمعاني: "الفيري: بكسر الفاء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى فيرة. وهي بلدة بالاندلس. منها: عثمان بن أحمد بن مدرك الفيري الاندلسي، حدث وتوفي بالأندلس سنة عشرين وثلاثمائة."!
وتبعه صاحب "لب اللباب"، فقال: "الفيري: بالكسر وراء، [نسبة] إلى فيرة: مدينة بالأندلس" (لب اللباب)!!
وأنت لو بحثت عن "فيرة" في بلاد الأندلس، لم تجد لها أثرًا! وإنما "فيرة" موضع في بلاد ما وراء النهر، أشار إليه الإدريسي.
والصواب: "القبْري"، نسبةً إلى "قبْرَة": مدينة بالأندلس.

جاء في "تبصير المنتبه": "القبْرِي، بسكون الموحدة: جماعة من مدينة قبرة بالأندلس، منها: عبد الله بن يونس بن القبري، صاحب بقي بن مخلد. وعثمان بن أحمد بن مدرك القبري، مات سنة 320.
قلت: ضبطه السمعاني بفاء مكسورة وياء ساكنة. وتُعُقِّب."
... وكذا في "الإكمال" لابن ماكولا، وذكر جماعة ممَّن عُرِف بهذا النسب.
وإنّما جرَّنا إلى "الفيري" القاضي الشهيد أبو علي الحسين بن محمد بن فِيرُّه، بفضل أبي الوليد الكناني. وهذا كله من بركات استدراك شيخنا ابن الساعي، جزاه الله عنّا خير الجزاء...

(يتبع...)

الواحدي
2009-01-09, 12:44 PM
(...تابع)


5_ و... وهلة مزدوجة من
الرافعي الأديب!

جاء في "نفح الطيب":
"واجتمع أبو الوليد الوقَّشي وأبو مروان عبد الملك بن سراج القرطبي، وكانا فريدي عصرهما حفظاً وتقدُّماً. فتعارفا، وتساءلا. ثم بادر أبو الوليد بالسؤال، وقال: كيف يكون قول القائل:
ولو أنَّ ما بي بالحصى "فَعَلَ" الحصى --- وبالريح لم يُسمَع لهنَّ هبوبُ
ما ينبغي أن يكون مكان "فعل الحصى"؟
فقال أبو مروان: "فلق الحصى" (بالفاء).
فقال [أبو الوليد]: "وهمتَ؛ إنما يكون "قَلِق الحصى" (بالقاف)، ليكون مطابقاً لقوله "لم يسمع لهنَّ هبوب"؛ يريد أن ما به يحرك ما شأنه السكون، ويسكن ما شأنه الحركة."
فقال أبو مروان: ما يريد الشاعر بقوله:
وراكعةٍ في ظِلِّ غصنٍ منوطةٍ --- بلؤلؤة نِيطت بمنقار طائرِ؟"
وكان اجتماعهما في مسجد، فأقيمت الصلاة إثر فراغ ابن سراج من إنشاد البيت. فلمَّا انقضت الصلاة، قال له الوقَّشي: "ألغز الشاعر باسم أحمد. فالراكعة الحاء، والغصن كناية عن الألف، واللؤلؤة الميم، ومنقار الطائر الدال."
فقال له ابن سراج: "ينبغي أن تعيد الصلاة، لشغل خاطرك بهذا اللغز."
فقال له الوقَّشي: "بين الإقامة وتكبيرة الإحرام فككته". (انتهى)

وحفظ هذه القصة من أظرف ما يتحلَّى به الأديب في المجالس.. ويعتبرها البعض من فلتات ذلك الزمن؛ لكن غاب عنهم أنّ "زمان الوصل بالأندلس" كثرت فلتاته وتواترت، حتى غدت هي الأصل! وما انفلتت الأندلس منّا إلا لأننا لم نلتفت إلى فلتاتها...
ثم رأيت الأديب المبدع البارع مصطفى صادق الرافعي –رحمه الله- يقول في الجزء الثالث من "تاريخ الأدب العربي":
"ومن الألغاز نوع عجيب، وهو أن تلغز في اسم ويأتي في اللغز بما يطابق صورة أحرفه في الرسم من الأشياء، وهو نادر جداً في المأثور عنهم؛ ومنه أن الوليد الوقشي وأبا مروان بن عبد الملك بن سراج القرطبي اجتمعا، وكانا فريدي عصرهما..."
وفي هذا الكلام وهل مزدوج. فالمقصود: أبو الوليد الوقّشي، لا "الوليد الوقشي"؛ وكذلك: أبو مروان عبد الملك بن سراج القرطبي، لا "أبا مروان بن عبد الملك".
فالأوّل صرنا نعرفه. (ابتسامة)
أمَّا الثاني فهو: أبو مروان عبد الملك بن سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج القرطبي. (ت. 489هـ). كان إمام الأندلس في اللغة، ولنا عودة إليه بإذن الله تعالى.
وقد رأيت الرافعي يحيل على كتاب "تسهيل المجاز إلى فنّ المعمّى والالغاز" للشيخ طاهر الجزائري –رحمه الله، فعدت إلى الكتاب، لاحتمال أن يكون "الوهل" من الشيخ طاهر لا منه؛ لكنني وجدت ما يلي، في الصفحة 120:
"اجتمع أبو الوليد الوقَّشي وأبو مروان عبد الملك بن سراج القرطبي، وكانا فريدَي عصرهما، فتعارفا..."
وهذا يؤكِّد أنّ الوهل كان من الرافعي، رحمه الله. والغالب على الظن أنه نقل ما نقل اعتمادًا على ذاكرته. وقد كان آية في الحفظ، كما يشهد بذلك تلاميذه والذين عرفوه عن قرب...
والشيخ طاهر الجزائري لم ينقل القصة عن "نفح الطيب"، وإنّما عن مصدر متقدم على عصر المقري، ألا وهو: "لمح السحر من روح الشعر" لابن ليون التجيبي (ت. 750هـ)، وهو اختصار لكتاب "روح الشعر" لابن الجلاب الفهري.
وأرجو ألاّ يطلب منِّي أحد الإخوة رفع "تسهيل المجاز" للتحميل من المنتدى! (ابتسامة مبهمة...)
(يتبع...)

الواحدي
2009-01-09, 02:36 PM
(... تابع)


6_ ولكن...
هل وَهِلَ السخاوي؟

للتذكير: قال السخاوي في "فتح المغيث":
"وقد تجاسر بعضُهم، وأكثرُهم مِن متأخري المحدِّثين –كما أفاده عياض- كأبي الوليد هشام بن أحمد الوقَّشي- أحد كبار العلماء وأهل اللغة- فكان، كما قال تلميذه عياض: إذا مرَّ به شيءٌ لمْ يتَّجه له وجهُه أصلحه بما يظن، اعتمادًا على وثوقه بعلمه في العربية واللغة وغيرها؛ ثم يظهر أنَّ الصوابَ ما كان في الكتاب وتبيَّن وجهُه، وأنّ ما غيَّرَه إليه خطأ فاسد."
وفي هذا النص وهلٌ في اعتبار القاضي عياض تلميذًا لأبي الوليد هشام بن أحمد الوقّشي الكناني.
وقد أشار شيخنا الفاضل ابن الساعي –زاده الله علمًا وفضْلا- إلى أنَّ لعياض شيخين لهما نفس الكنية (أبو الوليد)، واسم كلِّ واحد منهما: هشام بن أحمد، وهُما:
_ أبو الوليد هشام بن أحمد بن سعيد القرطبي، المعروف بـ "ابن العوَّاد"، المتوفى سنة 509هـ.
_ أبو الوليد هشام بن أحمد الهلالي، المعروف بـ "ابن البَقْوة"، المتوفَّى عام 530هـ.
أمّا أبو الوليد هشام بن أحمد الوقَّشي الكناني الطليطلي، فتاريخ وفاته: 489هـ؛ أي لمّا توفي كان عمر عياض 13 سنة. والقاضي عياض لم يذكره ضمن شيوخه، بل في "الغنية" إشارة صريحة إلى كونه شيخ بعض شيوخه.
ويحتمل أنّ الوهل الواقع في "فتح المغيث" لم يقع من السخاوي. فالسخاوي اطَّلع على "مشارق الأنوار" و"الشفا" للقاضي عياض، وهذا تؤكده إحالاته في "فتح المغيث"، وتُشعر به إحالات أخرى أيضا في "الضوء اللامع". وفي "المشارق" و"الشفا" ما يومئ إلى أنّ أبا الوليد الوقّشي كان شيخَ شيخِ عياض: أبي الوليد ابن العوّاد الفقيه.
وهنا يأتي احتمال أن يكون منشأ الخطأ سهو بعض النسَّاخ أو تدخُّله في النص بما رآه صوابًا. وتوجيهه: أنَّ العبارة الأصل كانت: "كما قال تلميذُ تلميذِه عياضٌ"، فظن الناسخ أنَّ عبارة "تلميذ" مكرّرة، فحذفها. وهذا وارد...
لكن يعكِّر عليه أنَّ الشيخ عبد الكريم الخضير ومحمد آل فهيد اعتمدا –فيما اعتمداه- في تحقيقهما لفتح المغيث على نسختين كتبهما السخاوي بيده. والخروم التي أشارا إليها في مقدمة التحقيق لا تطابق موضع النص الذي يعنينا (ج3/ص 70-71).
وهذا يعيدنا إلى احتمال كون الوهل من السخاوي نفسه. وهو احتمال راجح؛ لكن تفسيره أنه وقع منه عن سهو. ويحتمَل أيضا أنه نسي أن يكتب "تلميذ" قبل "تلميذه"، وهذا يقع كثيرًا للمصنِّفين؛ إذ يقرأون مِن ذاكرتهم، لا ممّا كتبوه، فلا ينتبهون للأخطاء التي سببها السهو.
والله أعلم.

هذه بعض "الوهلات" التي ساقنا إليها شيخنا الفاضل ابن الساعي...
وكنت أنوي ذكر بعض الفوائد التي جنيتها من خلال زيراتي للوقَّشي، وابن سراج، وابن العوَّاد، وغيرهم... لكن بدا لي أن أرجئ ذلك إلى ما بعد، بإذن الله.
والله وليُّ التوفيق.

الواحدي
2009-01-10, 05:58 AM
استدراك:


7_ و... وهلة أخرى من الشيخ
عبد القادر شيبة الحمد
في "فتح الباري"، بتحقيق الشيخ عبد القادر شيبة الحمد (باب الخزيرة من كتاب الأطعمة): "قال أبو لبيد الوقشي: كذا قرئ عليه"!!
والصواب: أبو الوليد.
والخطأ ليس مطبعيا، لانعدام قرائن التصحيف التصحيحي أو المطبعي...
والله أعلم.

الواحدي
2009-01-11, 06:40 AM
أحسن الله إليك، شيختنا...
وهو "سبق زر"، كما يقال... والصواب: شيخنا، كما لا يخفى...
وقد تكرر في مشاركاتي الأخيرة "ابن الساعي"، وابن الساعي هذا لا وجود له في المنتدى (فيما أعلم). ولست أدري لماذا علق بذهني، مع أنني لم أزر "المستنصرية" إطلاقا! ولم يبق من "المستنصرية" إلا اسمها، وبعض رسمها...
وهي "وهلة" قد تضاف إلى أُخَر خفيت عنِّي...
والمقصود: ابن السائح..
ومنِّي أصدق الاعتذار إلى شيخنا الفاضل ابن السائح.
ونحن في انتظار فوائده، وما تجلبه لنا -عادةً- من "الاغتباط"...

السكران التميمي
2009-01-12, 10:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة وبعد...
فقد أكثرتم وأطلتم في الموضوع وحملتموه فوق طاقته، والأمر أسهل من هذا كله ولكن بشرط أن نلم بالموضوع إلمام سبر وتقصي وتفنيد، فخذوها من أفقر العباد إلى الله لعلها شافية كافية، فأقول وبالله التوفيق:
وقع في طبعة صحيح البخاري الأميرية، وهي أصح الطبعات وأشملها تحقيقا ومقابلة؛ سند الحديث هكذا:
حدثنا حجاج، حدثنا عبد الله بن عمر النميري، حدثنا ثوبان، وقال الليث: حدثني يونس... الخ.
وهنا عدة أمور أجملها بما يلي:
1) كتب فوق (ثوبان) في النسخة الخطية رمز[لا إلى]، وهذا يدل على سقوط الكلمة التي فوقها هذا الرمز، وحيث أنه لم يعقبها في النسخة برمز من سقطت منه هذه الكلمة من الرواة علم من ذلك أن الكلمة أصلا كلها ساقطة، وكأنه سبق من الناسخ سواء أكان اليونيني نفسه أو غيره ولكن تحت إشرافه رحمه الله. فتنبه لهذا الأمر.
ومن ثم بين هو هذا الأمر في حاشية النسخة الحطية من الصحيح، حيث رمز الى الصواب من خلال رواية أخرى هي رواية ابي ذر الهروي فرمر [صحـ ه (يونس)]، ثم أضاف ثانيا رمزا آخر مفيدا صحة ما في الحاشية من تصويب، فوضع عند كلمة (يونس) رمز [صحـ] فقط، وهذا يعني صحة هذه اللفظة وهي (يونس) عند اليونيني كما هو معروف لمن تتبع طريقته في وضع الرموز. فتنبه
2) ان صنيع البخاري في ذكره للسند يبين أنه مروي من طريقين:
الأول: من طريق النميري عن ثوبان. على فرض صحته طبعا.
الثاني: من طريق الليث عن يونس.
وقد يفهم من هذا الصنيع خطأ لفظة (ثوبان) وأن المقصود هو (يونس) وأنه يروى عنه من طريقين: النميري والليث. فتنبه
ومن جهة أخرى فإنه عند الرجوع إلى طبعات شروح صحيح البخاري: الكرماني، ابن حجر، العيني، نجد أن لفظة (ثوبان) مثبة في متن الحديث فقط، دون التعرض لها من قبل هؤلاء الشراح الكبار. فتنبه
وتقريرا لما أثبتناه فإنه قد وقع في الطبعة الأنصارية للفتح وكذا في نسخ الصحيح من الطبعات الباكستانية سند الحديث هكذا:
حدثنا حجاج، حدثنا عبد الله بن عمر النميري، ثنا يونس. (ح) وقال الليث: حدثني يونس... الخ. فتنبه
بل إنه في نسخة الحافظ ابن حجر لكتاب (تغليق التعليق) يونس، حيث ذكر السند نفسه السابق.
3) من خلال تتبعي للموضوع وجدت أن الخطأ في إثبات (ثوبان) لم يقع إلا في العصور المتأخرة، وخاصة ما بعد الحافظ ابن حجر، دليل ذلك:
أولا: عدم ظهور نسخة اليونيني إلا بعد الحافظ رحمه الله.
ثانيا: أنه لم يتعرض لهذا الإشكال إلا من شرح الصحيح على نسخة اليونيني، منهم:
أ_ العلامة زكريا الأنصاري حيث ذكر الحديث في شرحه للصحيح بلفظ (ثوبان) ثم قال: في نسخة: حدثنا يونس بن يزيد الأيلي.
ب_ العلامة القسطلاني حيث ذكر الحديث في شرحه بلفظ (ثوبان) ثم قال: كتب في اليونينية وفرعها على ثوبان علامة السقوط من غير رقم، ولأبي ذر: حدثنا يونس بن يزيد الأيلي.
فبان من هذا نكتة مهمة، وهي: أن الإضطراب في لفظة (ثوبان) إنما حصل من اليونيني ومن إعتمد على نسخته في شرحه. فتنبه
والله من وراء القصد، وصلى الله على محمد وآله وسلم

الواحدي
2009-01-12, 11:07 AM
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
بارك الله فيك، أخي الكريم، على الاهتمام والمتابعة.
لكن اعذرني إذا ما دعوتك إلى التأمُّل في كافة المشاركات.
إذ يبدو لي أنَّك لم تطَّلع إلا على بعضها.
والله أعلم.

السكران التميمي
2009-01-12, 11:23 AM
أولا أهلا بك أخي (الواحدي) وجزاك الله خيرا.
ثانيا إن كنت تقصد مشاركتي أخي (الواحدي) فأعتقد أنك أنت لم تستوعبها الاستيعاب الكامل، أو لم تتفهمها الفهم الصحيح مع إحترامي لشخصك، فليس المجال مجال إثبات رأيي فقط أو رأيك فقط، فالمجال مجال حقائق قد تكون مبهمة أو مشوهة أو محرفة نحاول إستقصائها وتتبعها ومحاولة إصلاح خللها.
وعلى كل فقد قرأت كل المشاركات لا كما تظن أنت، وفعلا وجد منكم محاولات لفرض وجهاتكم وإلزام الآخرين بها.
وكما قلت سابقا الأمر أسهل من ذلك فقط بالتتبع والإستقراء الصحيح للأمور.
وعلى كل أوجز الكلام بكلمتين: [ثوبان مجرد سهو، ليس هو المراد، بل هو يونس] لا أكثر ولا أقل.
وكلامي ليس فرضا على أحد، فقط اسبر الموضوع سبرا كاملا.

الواحدي
2009-01-12, 11:35 AM
أخي الكريم
كلامك في جملته يلتقي مع نتج عن مدارسة جميع الإخوة.
ولست أدري كيف خطر ببالك أنني حاولت فرض وجهة نظري!
وقد دعوتك إلى مراجعة كافة المشاركات، لأنَّك قررت أمرين لم أستوعبهما حقا، كما أشرتَ:
_ من أين لك أنّ ابن حجر لم يطَّلع على النسخة اليونينية؟
_ من أين لك أنَّ علامة "لا" تعني السقوط من كافة النسخ؟
والله من وراء القصد، وهو وليُّ التوفيق.
ولا تُعدنا إلى "أفلااطون"، بارك الله فيك (ابتسامة)

السكران التميمي
2009-01-12, 01:37 PM
أخي العزيز (الواحدي) أفيدك عما سألتني عنه بما يلي:
أولا: الحافظ العلامة ابن حجر العسقلاني رحمه الله لم أنفي عنه الإطلاع على نسخة اليونيني، كيف ذا وهو قد قال بلسانه أنه إطلع على نسخة اليونيني كما في (هدي الساري). لكن كلامي هو في اعتماد الحافظ عليها، فعلى الصحيح أنه لم يعتمد في شرحه للصحيح على هذه النسخة.
ثانيا: أما بالنسبة لما يفيده رمز [لا] فهو كما قلت لك وهو ما يفيده كلام الإمام اليونيني بنفسه في فرخته التي كتبها في أول نسخته. وقد كنت اطلعت على مصورة منها منذ زمن بعيد ولا أعلم الآن عنها شيئا، لكن الأغلب على ظني أنها في مكتبة خاصة في المدينة المنورة.
وبالمناسبة الرمز الذي ذكرته أنا هو [لا إلى] وليس [لا] فقط
وجزاك الله خير الجزاء. محبكم

الواحدي
2009-01-12, 01:51 PM
أحسن الله إليك
وفتح علينا بالعلم النافع
ورزقنا الإخلاص في القصد والصدق في القول.

محمديامين منيرأحمدالقاسمي
2009-02-03, 11:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
برجاء العفو يا اخواني وأساتذتي الكرام أفدم اليكم مشكلة توجد في ذهني وهي أن حينما عرفت أن لفظة ثوبان في هذاالسند خطأ فلماذاتطبع فتح الباري و عمدةالقاري وغيرهمابدون التصحيح والتعليق
شكرا لك ... بارك الله فيك ...

محمديامين منيرأحمدالقاسمي
2009-02-04, 08:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
برجاء العفو يا اخواني وأساتذتي الكرام أفدم اليكم مشكلة توجد في ذهني وهي أن حينما عرفت أن لفظة ثوبان في هذاالسند خطأ فلماذاتطبع فتح الباري و عمدةالقاري وغيرهمابدون التصحيح والتعليق
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ارجوكم ان تحلوا مشكلتي شكرا لك ... بارك الله فيك ...

السكران التميمي
2009-02-04, 08:40 PM
هديء من روعك أخي (محمد يامين) وبالنسبة لسؤالك، فأفيدك أخي العزيز أن أول حصول هذا الأمر كان عند طبع الصحيح على نسخة اليونيني رحمه الله، وكانت عادة أصحاب المطابع في تلك الحقبة كتابة ما في المخطوط بالحرف تقريبا، إذ لم يكن هناك مدققين بالمعنى المتعارف عليه. فكانت هذه هي النواة الأولى لنشر ما ذكرت، ومن ثم قامت دور الطباعة عند إرادة نشر كتاب من شروح الصحيح أن تضع متن الصحيح الذي طبع بتلك الصورة، إذ ليس المتن في الأصول الخطية لتلك الشروح المطبوعة.
فلعل الأمر بان لديك عزيزي.

محمد طلحة مكي
2009-03-01, 01:51 PM
سألت أبا داود عن عبد الله بن عمر النميري الذي يحدث عن يونس بن يزيد ، قال : ثقة حدث عنه حجاج بن منهال ( سؤالات الآجري )
وانفرد البخاري بالرواية عن النميري دون بقية الستة .
والحديث أخرجه الطبراني في الكبير قال : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، قَالا: ثنا حَجَّاجُ بن الْمِنْهَالِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بن عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، ثنا يُونُسُ بن يَزِيدَ الأَيْلِيُّ ...
والبيهقي في الكبرى قال : (أخبرنا) أبو على الروذبارى أنبأ اسمعيل بن محمد الصفار ثنا عبد الرحمن بن خلف ثنا حجاج بن منهال ثنا عبد الله بن عمر النميري ثنا يونس بن يزيد ...

السكران التميمي
2009-03-01, 05:40 PM
سألت أبا داود عن عبد الله بن عمر النميري الذي يحدث عن يونس بن يزيد ، قال : ثقة حدث عنه حجاج بن منهال ( سؤالات الآجري )
وانفرد البخاري بالرواية عن النميري دون بقية الستة .
والحديث أخرجه الطبراني في الكبير قال : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، قَالا: ثنا حَجَّاجُ بن الْمِنْهَالِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بن عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، ثنا يُونُسُ بن يَزِيدَ الأَيْلِيُّ ...
والبيهقي في الكبرى قال : (أخبرنا) أبو على الروذبارى أنبأ اسمعيل بن محمد الصفار ثنا عبد الرحمن بن خلف ثنا حجاج بن منهال ثنا عبد الله بن عمر النميري ثنا يونس بن يزيد ...


جزاك الله خيرا أخي (محمد بن طلحة) على فائدتك
وهذا يؤيد أن ورود اسم (ثوبان) وهم أو خطأ

محمود الرضواني
2010-03-20, 08:35 PM
جزاكم الله خيرا على هذه التحقيقات العلمية الرائعة، وبخاصة ما ختم به الحديث أخي الفاضل السكران التميمي، فقد أوجز وأفاد إفادة عظيمة، جزى الله الجميع خير الجزاء.