مشاهدة النسخة كاملة : لا جديد في شبهات مبتدعة العصر!
عدنان البخاري
2006-12-25, 02:41 PM
لا جديد في شبهات مبتدعة العصر:
الحمدلله وحده، والصلاة على نبيه وآله وصحبه وأتباعه... وبعد.
ما ألَّفه المبتدعة في هذا العصر ( بأنواعهم ) من الكتب المليئة بالاعتقادات الباطلة المناقضة لدعوة الرسل والمحشوَّة بشبهاتٍ وحججٍ ساقطة ؛ ظنُّوها أو أوهموا غيرهم من الجهلاء أنها حججاً دامغة وبراهين واضحة = كل تلك الحجج والأدلَّة ليست إلاَّ شبهات قديمة قد قالها الذين من قبلهم من المبتدعة الذين خرجوا في القرون الأولى ورُدَّ عليهم حينها بما يُدحض باطلهم .
ولعل أعظم الكتب وأهمها في الرد على بعض شبهات أهل الضلال = كتاب الله تعالى .
فالاستفادة من طريقة القرآن الكريم في الرد وإدحاض الشبهة قضية لابد لطالب العلم أن يوليها عناية تامة .
قال ابن القيم رحمه الله : (( في القرآن الكريم وفي السنة المطهَّرة الإرشاد إلى طريق المناظرة وتصحيحها ، وبيان العلل والفروق المؤثرة .
وإشارتهما إلى إبطال الدور والتسلسل بأوجز لفظ وأبينه .
وذكر ما تضمَّناه من التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين ، والأجوبة عن المعارضات .
وإلغاء ما يجب إلغاؤه من المعاني التي لاتأثير لها واعتبار ما يجب اعتباره .
وإبداء تناقض المبطلين في دعاويهم وحججهم .
وتقرير الحجج الصحيحة وإبطال الشبه الفاسدة ، وذكر النقض والفرق والمعارضة والمنع ...
وأمثال ذلك من كنوز القرآن التي ضل عنها أكثر المتأخرين فوضعوا لهم شريعة جدلية فيها حق وباطل )) . بدائع الفوائد ( 4/311 ـ 314 ) .
ومن المعلوم أنَّ المبتدعة والضلاَّل كما أنهم يتناسلون جيلاً بعد جيل ؛ فكذلك هم يتوارثون بدعهم وشبهاتهم جيلاً بعد جيل .
صحيح أنَّ هنا بدع محدثة ؛ لكنها ترجع في (( أصولها )) إلى أصول أهل البدع الأقدمين ، من كل مدارس البدع والضلال ؛ كالاعتزال والتجهم والرفض والخروج وغيرها .
ولو ألقيت نظرةً متفحصةً للشبهات التي أوردها بشر بن غياث المريسي الجهمي في كتاب الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في ردِّه ونقضه عليه في باب الصفات والأحاديث الدالة عليه ، ثم نظرت إلى شبهات المبتدعة العصرانيين = لما وجدت فارقاً كبيراً بين الشبه المريسيَّة وشبه هؤلاء ، اللهم إلاَّ في طريقة السبك والعبارة ، وبعض شبهٍ يسيرة زادها المحدثون عليه !
قال ابن القيِّم رحمه الله في الثناء على كتابي عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله - الرد على بشر المريسي العنيد و الرد على الجهمية - : (( وكتاباه من أجلِّ الكتب المصنفة في السنة وأنفعها ، وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه ، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يوصي بهذين الكتابين أشد الوصيَّة ويعظِّمهما جدَّاً ، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما )) . اجتماع الجيوش الإسلامية (ص/108) .
وكذلك بعض الشبه التي أوردها الفخر الرازي في كتبه وغيره ، وردَّها شيخ الإسلام ابن تيميَّة في كثير من كتبه قد أوردها المبتدعة العصرانيون في كتبهم المليئة باعتراضات المتكلَّمين والمعظمين للعقل من المدرسة العقليَّة الغابرة .
وصدق شيخ الإسلام ابن تيميَّة حين قال : (( وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس ، هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه ؛ مثل التأويلات التي ذكرها أبو بكر ابن فورك في ( كتاب التأويلات ) ، وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه ( تأسيس التقديس ) ، ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء ، مثل أبي علي الجبَّائي وعبد الجبَّار الهمذاني وأبي الحسين البصري وأبي الوفاء ابن عقيل وأبي حامد الغزالي وغيرهم ... )) . الفتوى الحمويَّة الكبرى (ص/14) .
وقد ردَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيميَّة نفسه في كتابه العظيم ، المسمَّى بنقض تأسيس الجهميَّة لبدعهم الكلاميَّة ، أو : بيان تلبيس الجهميَّة .
فالحاصل مما مضى أنَّ الإهتمام بكتب الردود على شبهات المبتدعة بألوانهم ، والتحذير منهم ؛ والتي ألَّفها أئمة السلف وأتباعهم من الأئمة مهم جداً في ردِّ الشبه المستحدثة ، قبل الشروع في الرد ابتداءاً .
ثم إنَّ ردود أئمة السلف على المبتدعة الأقدمين أقوى وأخصر ؛ فيستفاد منها إن لم يقتصر عليها حسب الحاجة .
ولعل من أعظم من فصَّل في هذه الأصول وفنَّدها بالذكر والبيان الشيخ الإمام ابن قيم الجوزية نور ضريحه = في كتابه العظيم (الصواعق المرسلة ) .
وسيأتي ذكر بعض الأصول التي يفرِّع عليها كل مبتدع بدعته في كل عصر .
وبمعرفة ذلك الأصل ونقضه يملك الداعية وطالب العلم حجة ومكنة في الرد عليهم ارتجالاً قبل نسف التفاصل المتفرعة عن ذانك الأصل .
============
فاصلة :
مثال في الاستفادة من طريقة القرآن الكريم للرد على بعض الشبهات العصرانية .
من الأمثلة : أن الله لما حرَّم الرِّبا في كتابه قال المشركون : { إنما البيع مثل الربا } فردَّ عليهم بقوله : { وأحل الله البيع وحرَّم الربا } [ البقرة : 275 ] .
وبيان الجواب عن شبهتهم من وجوه :
الوجه الأول : أنهم كانوا يعلمون الفرق بين البيع والربا ، ولكنَّ هذه المعارضة منهم مغالطة بالمسلَّمات ، فكان الوضوح الظاهر لوهاء حجَّتهم ومغالطتهم مغنياً عن استهلاك الوقت بالمناظرة في المسلَّمات ،كحجَّة الكافر لإبراهيم ، كماتقدم .
الوجه الثاني : أن يُبيَّن تحريمه من كل وجهٍ مطلقاً ، وأنَّ الله حرَّمه عليهم ، وأغلق بابه بجميع صوره ألبته ، لئلاَّ يحتجَّ محتجُّ بحجَّة أخرى غير تلك الحجة الهالكة ، من الحيل والشبه التي قد تستحدث مستقبلاً ، فالتحريم المطلق يقطع الجدال .
الوجه الثالث : أنَّ تلك المعارضة كانت معارضة بالرأي والقياس ؛ فأجيب بأن لا قياس مع النص ، وهي كحجَّة إبليس اللعين في الاحتجاج بالرأي - وقد تقدَّمت - .
ومما يماثل هذه الشبهة ما سمعته بنفسي من بعض منحرفي الاعتقاد والمعظِّمين لدين القبوريين ؛ من القول بمشروعية الطواف بالأصنام أوالقبب المبنيَّة على القبور والأضرحة والسجود لها ؛ استدلالاً واحتجاجاً بمشروعيَّة الطواف بالكعبة والسجود لها وهي حجارة ، وادِّعاء المساواة بين الصورتين ، والزعم بعدم وجود فرق بينهما .
والجواب عن هذه الشبه من وجوه :
الوجه الأول : أنه كقوله تعالى : { وأحلَّ الله البيع وحرَّم الربا } فحيث إنَّ الطواف بالكعبة مشروع من قبل الله فكذلك الطواف أو السجود لغيره منهي عنه من قِبَلِه ، ولله أن يحرِّم ما شاء ويحلَّ ما شاء ، فعليك التسليم ، وإيَّاك والاعتراض بالقياس على النص ، فإنك إنما تعترض على تشريع الله وحكمه وأمره برأيك وقياسك ، ونعوذ بالله من الزيغ .
ويشابهه اعتراض السفهاء ( وهم اليهود ومن تبعهم ) على الرسول والمؤمنين معه حين أمرهم الله أن يتوجَّهوا بالقبلة إلى الكعبة في صلاتهم بدلاً من بيت المقدس ؛ كما قال تعالى : { سيقول السفهاء من الناس ما ولاَّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلاَّ لنعلم من يتَّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرةً إلاَّ على الذين هدى الله ... الآيات } [ البقرة : 142 ـ 150 ] .
الوجه الثاني : أنَّ هذا قياس فاسد ومغالطة واضحة ؛ فإنَّ المسلمين لا يتوجَّهون إلى الكعبة بالسجود وعليها بالطواف إلاَّ امتثالاً لأمر الله ؛ ويعلمون يقيناً أنها حجارة لا تضرُّ ولا تنفع ؛ ولولا أنَّ الله ورسوله أمرا بذلك لما فعلوه ؛ وكما قال عمر بن الخطَّاب عند استلامه للحجر الأسود بها : (( والله إني لأعلم أنَّك حجر لا تضرُّ ولاتنفع ، ولولا أنَّي رأيت النبي يقبِّلك ما قبَّلْتُك )) . أخرجه الستة وأحمد إلاَّ الترمذي .
بخلاف هؤلاء المعظِّمين للحجارة والأضرحة والأصنام من المشركين وكثير من جهلة المنتسبين إلى الإسلام في أرجاء شتَّى ؛ فإنهم إنما يعتقدون فيها النفع والضرَّ استقلالاً ، ويرجون رحمتها ويخافون عذابها ، ولها هيبة وإجلال ظاهر في قلوبهم وجوارحهم ،كما لوكانت إلـهاً ؛ ولذا تراهم على تماثيلها عاكفين وبحجارتها متمسِّحين وبترابها متبرِّكين متعفِّرين ، وأمور جليلة الوصف ؛ بل هذا حال كثير من جهلة المسلمين حين يتمسَّحون بأركان الكعبة كلِّها وثيابها وحجارتها وبمقام إبراهيم ، بل وبأبواب المسجد وبسطه ، يعتقدون بركتها ونفعها... هذه حالهم المشاهدة بالعيان وما خفي أعظم !
أما الموحِّدون من أتباع السلف فإنَّهم لايعتقدون ذا الاعتقاد ، لافي الكعبة ولا في غيرها ، ولا يسجدون للكعبة ولا يطوَّفون بها إلاَّ لأمر الله ورسوله .
ولا يعظِّمون منها أومن غيرها إلاَّ بنصِّ الشرع الصحيح الصريح ، ويعلمون أنها لا تضرُّ ولا تنفع استقلالاً كنحو ما قاله عمر في الحجر الأسود ؛ بل يرجون الثواب من الله وحده لا شريك له ...
فأين المشابهة بين الفريقين ؟!
إنَّه المغالطة والدجل !
عدنان البخاري
2006-12-25, 02:51 PM
/// فصلٌ :
الفائدة المقصودة من هذا المطلب بيان قِدَم شأن الاستدلال بالشبهة لمعارضة الحق بها ، وأنَّ المبتدعـة لهم سلف سوء في الغابرين ، بل كل ضال فله أئمة في الضلالة سابقين .
كما قال الله سبحانه وتعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوَّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربُّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون } [ الأنعام: 112] .
وقال سبحانه وتعالى : { وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم } [ البقرة : 118 ] .
وقال سبحانه وتعالى : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلاَّ قالوا ساحر أو مجنون } [ الذاريات : 52 ] .
الخلاصة : وقد أحببت قبيل الشروع في ذا المطلب التنبيه إلى ضرورة إدراك التفريق المهم بين حالين مختلفين لمن يتعامل مع الشرع ونصوصه ؛ ذلك أنَّه ليس كل جدال أو بحث في الشرع أوالنصوص مذموم ألبته ، بل الأمر فيه تفصيل وتفريق .
فإنَّ سنَّة الاسترشاد عن مدلولات بعض النصوص سنَّة قديمة ، والجدال القائم لطلب بيان الحق .
أوإزالة الإشكالات الواردة في توهُّم تناقض أو تعارض بعض النصوص طريق من طرق الصالحين مسلوكة .
لذا فهذه ( أمثلة سريعة مقتضبة ) لكلا الحالين المختلفين ، وإشارة لمبدأ كليهما وتسلسله وتعاقب توارد الطائفتين عليه :
(1) : الحال الأولى : وهي ما يورده المبتدع ( مريض الشبهة ) من شبهات معترضة على الشرع ؛ بقصد الاعتراض ومحاولة التهويش على النصوص المحكمة بالمتشابه منها ، أو الاعتراض بالرأي والقياس ومحصَّل زبالة الأذهان ، أو بادِّعاء تناقض النصوص واضطرابها ونحو هذه المقاصد والمسالك ؛ وهذا هو الزيغ عن الطريق القويم ، واتباع المتشابه المذموم بقصد الفتنة ؛ وهذا كالكفار والجهميِّة والمعتزلة والفلاسفة والمتكلِّمين بأصنافهم ، والزنادقة المنافقين من الملحدين والرافضة وأشباههم ، وكل منحرف عن أصل هذا الدين وطريقة السلف الصالحين ، وهي مبثوثة في كتبهم المنحرفة ، كما سيأتي .
أمثـلـة للحـال الأولى :
1 ـ (( اعلم أنَّ أوّل شبهة وقعت في الخليقة هي شبهة إبـليس لعنه الله ، ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص ، واستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة آدم وهي الطين ؛ وذلك حين قال : { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} [ الأعراف : 12 ] ، ودعواه أنَّه خير من آدم ، وأنَّ النار خير من التراب دعوى كاذبة خاطئة .
وقد ردَّ شبهة إبليس اللعين وبيَّن بطلانها الإمام ابن القيِّم ؛ فانظره في : بدائع الفوائد (4/321) ومختصر الصواعق المرسلة (152-155) .
وانشعبت من هذه الشبهـة شبهاً عدَّة ، وسارت في الخليقة وسرت في أذهان الناس حتى صارت مذاهب بدعةٍ وضلالة .
هذا وكلُّ من جادل نوحاً وهوداً وصالحاً وإبراهيم ولوطاً وشعيباً وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم فقد نسج على منوال اللعين الأول في إظهار شبهاته ؛ فاللعين الأول لما حكَّم العقل على من لا يُحْكم عليه بالعقل لزمه أن يجري حكم الخالق في الخلق ، أو حكم الخلق في الخالق ، والأول غلو ، والثاني تقصير .
وكما تقرَّر أن الشبهات التي وقعت في آخر الزمان هي بعينها تلك التي وقعت في أوَّل الزمان ، كذلك يمكننا أن نقرِّر في زمان كل نبي ودور صاحب كل ملَّة وشريعة : أنَّ شبهات أمته في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أوَّل زمانه من الكفَّار والملحدين وأكثرها من المنافقين .
وإن خفي ذلك علينا في الأمم السالفة لتمادي الزمان فلم يخف في هذه الأمة أنَّ شبهاته نشأت كلَّها من شبهات منافقي زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى ، وشرعوا فيما لا مسرح للفكر فيه ولا مسرى ، وسألوا عما منعوا من الخوض فيه والسؤال عنه ، وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه .
والمنافقون يُخادعون فيظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وإنما يظهر نفاقهم بالاعتراض في كل وقت ، فصارت الاعتراضات كالبذور ، وظهرت منها الشبهات كالزروع )) انظر : الملل والنحل (1/23-29) !
2 ـ ومن الأمثلة : حكاية الله سبحانه وتعالى عن بعض أعداء الرسل في تكذيبهم الرسل بحجج واهية وبأدلةٍ ونظرةٍ مادِّية لا علاقة لها بصحَّة حجَّة الرسول ولا تصلح حجَّة لهم ، وإنما غاية ما فيها التشبيه والتلبيس على ضعاف العقول من الدهماء ، فتارةً يحتجُّون ببشريَّة الرسول ، وتارة بكون أتباعه من الضعفاء ، وتارةً بما عندهم من العلم ، أوكثرة المال والولد ، وتارةً بالمطالبة - تعنُّتاً وتعجيزاً - بالمعجزات ، وتارةً بتقليدهم ما عليه الأباء والرؤساء من الدين ، وبحجج باطلة كأمثال ما تقدَّم .
فمن ذلك ما حكاه الله سبحانه وتعالى عن قوم نوح عليه الصلاة والسلام حين قالوا له : { أنؤمن لك واتبعك الأرذلون } [ الشعراء : 111 ]، وقولهم كذلك : { ما نراك إلاَّ رجلاً مثلنا وما نراك اتبعك إلاَّ الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين} .
فكان جواب نوح عليه الصلاة والسلام المفحم لهم : { قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيِّنةٍ من ربِّي وآتاني رحمةً من عنده فعُمِّيت عليكم أنُلْزِمكُمُوْه ا وأنتم لها كارهون وياقوم لا أسألكم عليه مالا إن أجريَ إلاَّ على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنَّهم ملاقوا ربِّهم ولكنِّي أراكم قوماً تجهلون ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذّكَّرون ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما في أنفسهم إني إذاً لمن الظالمين .
ولهذا كان جوابهم بعد نفاد حججهم الباطلة : { قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنَّما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ... الآيات } [ هود : 27 - 32] .
وقال سبحانه وتعالى حاكياً عن آخرين : { فقالوا أبشر منا واحد نتبعته إنا إذاً لفي ضلال وسعـر/// ءأنزل عليه الذكـر من بيننا بل هوكـذَاب أشر } .
فكان الردُّ عليهم : { سيعلمون غداً من الكذَّاب الأشر } [ القمر : 24 - 26 ] .
واحتجَّ بعضهم فقالوا : { وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذَّبين } فكان الردَّ بقوله : { قل إنَّ ربِّي يبسط الرزق لمن يشاء وقدر ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقرِّبكم عندنا زلفى إلاَّ من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرُفات آمنون } [سبأ : 35-37] .
وكذا احتجاج مشركي مكة على النبي صلى الله عليه وسلم : { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنَّةٌ من نخيل وعنب فتفجِّر الأنهار خلالها تفجيراً أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائة قبيلاً أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيِّك حتى تنزِّل علينا كتاباً نقرؤه } .
فردَّ عليهم بقوله : { قل سبحان ربِّي هل كنت إلاَّ بشراً رسولاً وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدى إلاَّ أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزَّلْنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً } [ الإسراء :90-95] .
3 - ومن الأمثلة : أنَّ بعض المشركين - وهو : عبدالله بن الزبعرى - حين سمع من الوليد قوله سبحانه وتعالى : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنَّم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون } [ الأنبياء : 98 ـ 100 ] .
قال : أما والله لو وجدت محمداً لخصمته ؛ فسلوا محمداً : أكل ما نعبد من دون الله في جهنَّم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيراً والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم كلُّ من أحبَّ أن يُعبد من دون الله فهو مع من عبده ، إنما يعبدون الشياطين ومن أمرهم بعبادته ، فأنزل الله قوله : { إنّ الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت انفسهم خالدون لايحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون } [ الأنبياء : 101 ـ 103 ] .
فالمعنى : أنَّ عيسى ابن مريم وعزير ومَنْ عُبِدوا من دون الله من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله فاتُّخذوا أربابـاً من دون الله مبعدون عن جهنم ودخولها .
قال ابن كثير رحمه الله : وهذا الذي أورده ابن الزبعرى خطأ كبير ؛ لأنَّ الآية إنما نزلت في أهل مكة في عبادتهم الأصنام ، التي هي جماد لا تعقل ، فكيف يُورَد على المسيح والعزير ونحوهما ، ممن له عمل صالح ولم يرض بعبادته ، وعوَّل ابن جرير في الجواب : أنَّ ( ما ) لما لا يعقل عند العرب . انظر : تفسير ابن كثير ( 3/207 ) ، جامع البيان (9/91) ، القرطبي ( 11/227 ) ، زاد المسير (5/271 ) ، فتح القدير (3/613 ) .
/// وانظر كذلك أقوال المفسرين في سبب نزول قوله تعالى : { ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون وقالوا ءألهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلاَّ جدلاً بل هم قوم خصمون } .
4 - ومن الأمثلة : مناظرة إبراهيم عليه الصلاة والسلام للملك الكافر ، حين حاجَّه في ادَّعاء ه الأُلوهية : { إذ قال إبراهيم ربِّي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإنَّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين} [ البقرة : 258 ] .
/// ووجه الشبهة : أنَّ إبراهيم حين حاجَّه على إثبات ألوهية الله سبحانه وتعالى بكونه يحيي ويميت الناس ، عارضه الكافر بشبهةٍ باردةٍ فقال : { أنا أُحيي وأُميت } .
وذلك أنِّي أوتى برجلين قد استحقَّا القتل فآمر بقتل أحدهما فيُقتل وآمر بالعفو عن الآخر فلا يُقتل ، فذلك معنى الإحياء والإماتة عنده . ، انظر : جامع البيان ( 3/26) ، القرطبي ( 3/186 ) ، ابن كثير ( 1/321 ) ، فتح القدير ( 1/419 ) .
ومن المعلوم أنَّ في جوابه هذا تمويهٌ وتزوير وحيدةٌ عن المقصود ؛ فلما رآه الخليل مموِّهاً تمويهاً قد يروج على العوام قال له ملزماً بصدق قوله إن كان كما يزعم : { فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } وليس هذا من الخليل انتقالاً من دليل لآخر ، وإنما هو إلزام له بطرد دليله إن كان صادقاً ، وأتى بهذا الذي لا يقبل الترويج والتزوير والتمويه . تيسير الكريم الرحمن (1/206 ) .
وقيل : إنَّ هذا الكافر إنَّما أراد أن يدَّعي لنفسه هذا المقام عناداً ومكابرةً ، ويوهم أنَّه الفاعل لذلك وأنه يحيي ويميت حقيقة ؛ فقال له إبراهيم ذلك لأن الذي يحيي ويميت هو الذي يتصرَّف في الوجود ومنه تسخير الكواكب والشمس التي تبدو كل يوم . تفسير ابن كثير ( 1/321 ) .
5 ـ ومن الأمثلة : قصَّة حمل بن النابغة الهذلي ، في معارضته الشرع بالرأي والكلام المسجوع المنمَّق ...
(2) : الحال الثانية : وهي ما قد يحصل من إشكال لدى بعض المعظِّمين للنصوص من الراسخين في العلم والإيمان ، مع كمال يقينهم بصدق الشرع وتسليمهم له .
وإنما ورد ذلكم الإشكال لقصد الفهم وإزالة اللبس والخلط ؛ وذلك كالمحاورة في بعض النصوص والاسترشاد عن مقصود الشرع فيها ، أو التوجيه والجمع بين ما قد يُضنُّ تعارضه وتناقضه - ظاهراً - لشيءٍ من النصـوص - وليس هوكـذلك في الحقيـقة - خـشيـة الغلط .
وهو ما يُسمَّى بـ( الإشكـال ) ، وهذا قـد يقـع في قلب أي مخلوق ؛ لضعفه بالنسبة للخالق العظيم المنزَّه عن كلِّ عيب ونقص ، ولقلَّة علمه وإدراكه لإنَّه مخلوق .
/// أمثلة للحال الثانية :
1 ـ (( أوَّل من سنَّ ذلك هم ( الملائكة ) عليهم الصلاة والسلام حين أراد الله أن يخلق آدم ويجعله في الأرض خليفة فقالوا : { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن سبح بحمدك ونقدس لك } [ البقرة : 30 ] .
ووجه كونه استرشاداً وليس معارضةً قولهم : ( ونحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك ) ، فهم يستفهمون مع تمام تقديسهم لربِّهم سبحانه وتعالى ، .
لذا قالوا بعد ذلك : { سبحانك لا علم لنا إلاَّ ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم } [البقرة : 32 ] فاعترفوا وسلَّموا بعظيم علمه سبحانه وتعالى وأنهم لا يعلمون إلاَّ ما علَّمهم إياه .
2 ـ ومن الأمثلة : قول نوح عليه الصلاة والسلام : { إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين } ، ومما يدلُّ على عدم كون ذلك منه اعتراضاً قوله : ( وإنَّ وعدك الحق وأنت أرحم الرَّاحمين ) فأجابه الله بقوله : { إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ماليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين } ، ولهذا كان قوله صلى الله عليه وسلم مسلِّماً لربِّه سبحانه وتعالى غاية التسليم :{ رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تـغـفرلي وترحمني أكن من الخاسرين } [ هود : 45 ـ 47 ] .
ومن الأمثلة : (( أنَّ الصحابة كانوا يستشكلون بعض النصوص ويوردون استشكالاتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجيبهم عنها ، وكانوا يسئلونه عن الجمع بين النصوص ويوردون عليه ما يوهم ظاهرها التعارض ؛ ولم يكن أحد منهم يورد عليه معقولاً يعارض النص ألبته )) مختصر الصواعق المرسلة (ص : 164- 168) .
وكانوا مسلِّمين ومتَّبعين لأمر نبيِّهم صلى الله عليه وسلم ، وما يوحى إليهم من ربِّهم سبحانه وتعالى ، وما عارضوه في شيء من أمره إلاَّ استغفروا وأنابوا وتابوا ، فمن ذلك :
3 ـ ومن الأمثلة : ما حصل عام الحديبية حين أراد النبي صلى الله عليه وسلم الصلح مع قريش (( فجاء سهيل بن عمرو – رضي الله عنه - فقال : هات اكتب بيننا وبينكم كتاباً ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم .
فقال سهيل : أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي ، ولكن اكتب باسمك اللهم ، كما كنت تكتب .
فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اكتب باسمك اللهم .
ثم قال : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله .
فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب محمد بن عبد الله .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ، أكتب محمد بن عبد الله .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به .
فقال سهيل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ، ولكن ذلك من العام المقبل ، فكتب .
فقال سهيل : وعلى أنه لا يأتيك منا رجل - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا ، قال المسلمون : سبحان الله ! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً .
فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده ، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين .
فقال سهيل : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد .
قال : فوالله إذاً لا أصالحك على شيء أبداً .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأجزه لي .
قال : ما أنا بمجيزه لك .
قال : بلى فافعل .
قال : ما أنا بفاعل .
قال مكرز : بل قد أجزناه لك .
قال أبو جندل : أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً ، ألا ترون ما قد لقيت ، وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله .
قال : فقال عمر بن الخطاب : فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ألست نبي الله حقاً ؟!!
قال : بلى !
قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟!!
قال : بلى !
قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً ؟!!
قال : إني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولست أعصيه ، وهو ناصري .
قلت : أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟!
قال : بلى ، فأخبرتك أنا نأتيه العام ؟
قال : قلت : لا .
قال : فإنك آتيه ومطوف به ، قال : فأتيت أبا بكر فقلت : يا أبا بكر : أليس هذا نبي الله حقاً ؟
قال بلى ، قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟
قال : بلى ، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً ؟
قال : أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره ، فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق .
قلت : أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟!!
قال : بلى ، أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟
قلت : لا .
قال : فإنك آتيه ومطوف به .
قال الزهري : - قال عمر : - فعملت لذلك أعمالاً .
قال : فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا .
قال : فوالله ما قام منهم رجل ، حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس .
فقالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك ؟ اخرج ، ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك .
فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك : نحر بدنه ، ودعا حالقه فحلقه .
فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً ... )) . صحيح البخاري ، الفتح ( 5/388 ـ 392 ) .
وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المحرر
2007-01-03, 11:51 AM
جزاك الله خيراً ، وبارك فيك ، ونفع بك .
أبومعاذ الناصري
2007-02-08, 11:18 AM
أحسنت وجزاك الله خيرا 0
آل عامر
2007-02-08, 12:29 PM
بورك لك وفيك وجزيت خيرا على هذه الموضوع الماتعة ، وأسأل الله الكريم أن يدفع عنك الشر وييسر لك الخير .
فوزي زماري
2007-02-08, 06:47 PM
بارك الله فيك أخي كلام متين وملاحظ فلا عمل للمبتدعة إلا اجترار الشبهات التي رد عليها العلماء ولكنه ـ وللأسف ـ الجهل الذي يجعلها خطيرة.
فاللهم علمنا وقنا الشبهات.
أبو حماد
2007-02-12, 10:08 AM
الكثير من مبتدعة العصر هم امتداد لمن سبقهم، ونلحظ أيضاً في كلام المستشرقين ومن نحا نحوهم من أهل الانحراف ولعاً شديداً بالفرق المخالفة البائدة، وعلى رأس تلك الفرق " المعتزلة "، فقد لحقهم ثناء وإطراء، مع أنهم من أكثر الفرق المنسوبة إلى الإسلام تكفيراً لمخالفيهم بل ولأنفسهم، فضلا عن منهجهم المخالف لأصول الشريعة.
إبراهيم المديهش
2007-02-14, 11:30 PM
جزاك الله خيرا على هذا المقال الجميل ، وهو بحقٍّ يستحق الاستفادة منه ،والاشادة به...
وعلى القارئ له ،المستفيدِ منه، أن لايقتصرَ على قراءته ، فلو أرسله ببريده ،نشرا للخير ودلالة عليه ، وتحذيرا من الشر ، خاصة مع كثرة المغترين بالدعوات الجديدة .
أماتنا الله جميعا على الإسلام والسُّنة .. آمين
أبوعبدالله
2007-02-15, 12:56 AM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
عدنان البخاري
2007-02-18, 02:29 PM
جزى الله الأخوة الأكارم خيراً وبارك فيهم ونفع بي وبهم.
واعتذر إليهم عن التأخر في الرد.
الكثير من مبتدعة العصر هم امتداد لمن سبقهم، ونلحظ أيضاً في كلام المستشرقين ومن نحا نحوهم من أهل الانحراف ولعاً شديداً بالفرق المخالفة البائدة، وعلى رأس تلك الفرق " المعتزلة "، فقد لحقهم ثناء وإطراء، مع أنهم من أكثر الفرق المنسوبة إلى الإسلام تكفيراً لمخالفيهم بل ولأنفسهم، فضلا عن منهجهم المخالف لأصول الشريعة.
جزاك الله خيراً على الإفادة..
وأمَّا اهتمام المستشرقين -كثيرٌ منهم- بكتب أهل الباطل وفرقهم، والرافضة والصوفية بطبقاتهم على الخصوص، ثم اهتمام (سياسيي الغرب الصليبيين) =بهم أمرٌ معلومٌ مشهودٌ لا ريب فيه؛ إذ هم يرومون بذلك هدم الإسلام من الداخل -ظنُّوا-!
ومن أمثل ما يستدلُّ به اجتهادهم في نشر ما يخدمهم في هذا الشأن دون غيره، كنشرهم لبعض كتب ابن عربي المضمَّنة للزندقة والكفر.
عدنان البخاري
2007-06-11, 02:00 PM
/// التأنِّي ورد الفعل الأوَّلي تجاه الشُّبهات الفاتنات:
/// ورود الشُّبهة على قلب أوسمع الرَّاسخين في الإيمان والاعتقاد تمنعهم من العجلة في الافتنان بها، مهما كان قوَّة زخرفتها وتلوِّنها.
فيتمسَّك بالمحكم الذي قد رسخ في قلبه، ممَّا قد دلَّت عليه تواتر الأدلَّة وتظافرها، بل إجماع السَّلف وأتباعهم عليه.
إذ مِن أولى الرَّاسخات اعتقاد أنَّ الحق لا يخرج عمَّا كان عليه الأوائل -إن ثبَت أنَّه كذلك-، كما في بيت الشَّاعر (النَّاظم):
وكلُّ خيرٍ في اتِّباع مَن سَلَف /// /// /// وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خلف
ومن اللَّطائف أنَّ البيت عينه من خواتيم منظومة الجوهرة الأشعريَّة؟! التي يردِّد أصحابها قضية (أسلم - وأحكم - وأعلم)!
/// فيستمسك الرَّاسخ في الإيمان بمدلول وصيَّة الرحمن المضمَّن في خبره: ((والرَّاسخون في العِلم يقولون: (آمنَّا به كلٌّ من عند ربِّنا) وما يتذكر إلَّا أولو الألباب)).
/// ولئن أخبر الله بموقف أولئك الرَّاسخين فيما قد يعرض في شيءٍ من آيات كتابه فقال: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ وأُخر متشابهات)، أيات كتابه السَّالمة من التناقض والخطأ والقصور في الإهام وغير ذلك من آفات الخطاب البشري = فكيف بتخليطات ووساوس فاسدي الأفكار من البشر، وزبالة المقالات التي تطفح الفينة والأخرى، من أناسٍ منطلق تفكيرهم الشك، والشك في كلِّ شيءٍ! وتوهُّم التناقض في كلِّ شيءٍ.
/// إنَّ الحذر من الانخداع -بَلْهَ التأثُّر بها- أولى، والرُّجوع للحصن الحصين، والخندق المنيع لصدِّ هذه الشُّبهات أحرى.
والتأثُّر بهذه الشُّبهات حتى يسري الشَّكُّ في القلوب هو اتبِّاعٌ لمنهج الزَّائغة قلوبهم الذين (يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)، وشرُّ النَّاس من تشرَّف للفتنة، ومن أعظم أبواب الفتن فتن الشُّبهات.
/// بل الفتن كلُّ الفتن هذا شأنها وحالها أنَّها: (إذا أقبلت شبَّهَت وإذا أدْبَرَت بيَّنَت).
/// وقد قال أبوعبدالله البخاري رحمه الله في صحيحه: باب الفتنة التي تموج كموج البحر، وقال ابن عيينة عن خَلَف بن حَوْشب: كانوا يستحبُّون أن يتمثَّلُوا بهذه الأبيات عند الفتن:
قال امرؤ القيس:
الحرب أول ما تكون فتيَّةً /// /// /// تسْعَى بزِينتها لكلِّ جَهُولِ
حتى إذا اشتعلت وشبَّ ضِرامها /// /// /// ولَّت عجوزًا غير ذات حليلِ
شمطاء يُنْكَر لونها وتغيَّرت /// /// /// مكروهةً للشَّمِّ والتَّقبيلِ
/// إذا تبيَّن هذا، وأنَّ كلَّ صاحب شُبهةٍ يزيِّن شبهته ويبهرج (فتنته) فإيَّاكم والانخداع بالفِتَن! ثمَّ الاستعجال في الرَّدِّ عليها.
إذ التأنِّي في معالجة الرَّدِّ على الشُّبهات الجديدة عند من يسمعها -للمتأهِّل لها- شرطٌ للوقاية في الخطأ.
فكم سمعنا من الأفاضل من أنكر شيئًا أو أبطل صحَّته لعجلة وارتجال ردِّه قبل نضج الفكرة في ذهنه، والتأخُّر في الرَّدِّ لم كان هذا حاله ولو كان على الهواء مباشرةً! خيرٌ من العجلة الموقعة فيما لا يُحمد.
وليس المشروع في الرد مجرَّد الرَّد! فلن يكشف خبث الحديد إلاَّ بعد عرضه وامتحانه من أهله.
سبكناهُ ونحسبهُ لُجينًا /// /// /// فأبدى الكير عن خبث الحديد
/// وللحديث بقيَّة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عدنان البخاري
2007-06-14, 12:51 AM
/// إذا تبيَّن هذا، وأنَّ كلَّ صاحب شُبهةٍ يزيِّن شبهته ويبهرج (فتنته) فإيَّاكم والانخداع بالفِتَن! ثمَّ الاستعجال في الرَّدِّ عليها.
إذ التأنِّي في معالجة الرَّدِّ على الشُّبهات الجديدة عند من يسمعها -للمتأهِّل لها- شرطٌ للوقاية في الخطأ.
فكم سمعنا من الأفاضل من أنكر شيئًا أو أبطل صحَّته لعجلة وارتجال ردِّه قبل نضج الفكرة في ذهنه، والتأخُّر في الرَّدِّ لم كان هذا حاله ولو كان على الهواء مباشرةً! خيرٌ من العجلة الموقعة فيما لا يُحمد.
وليس المشروع في الرد مجرَّد الرَّد! فلن يكشف خبث الحديد إلاَّ بعد عرضه وامتحانه من أهله...
وتأمَّل فعل النَّبيِّ (ص)، كم كان الوحي يستأنيه، وكم كان يُسْألُ المسائل وتطرح عليه الشبهات فينتظر علم الله ووحيه، وهو (ص) من هو في مقامه.
عدنان البخاري
2007-12-02, 09:10 PM
/// ومن أنواع الشُّبُهات القديمة الهزيلة: ردُّ الحقِّ أوالتهويش عليه باستصغار واحتقار الدَّاعي إليه.
أوأتباعه وتلاميذه.
أوالنَّظَر إلى ماضيه وتتبُّع أخطائه وهفواته.
أوالامتنان بشيءٍ عليه.
أو نحو ذلك ممَّا قد يصرف عقل الذَّاهل عن أصل الشُّبة وقوَّة حُجَّة الرَّادِّ عليها إلى بنيَّات الطَّريق.
/// وانظر إلى شبهة (فرعون المسكين): ((قال ألم نربِّك فينا وليدًا ولبثتَ فينا من عمرك سنين /// وفعلت فعلتك التي فعلتَ وأنت من الكافرين)).
/// وقد أعجبتني كلمةٌ سمعتها من سنين من أحد الدعاة هداه الله وثبتنا على الحق، حيث ذكر الآية الآنف ذكرها، فقال: (وأنت ما فعلتَ شيئًا يا أبا الفعائل؟!).
/// فرعون الذي أمر -عن سابق إصرار وتعمُّد!- بقتل أبناء بني إسرائيل، وسخَّر رجالهم، يعتب على موسى أن قتل رجلًا خطأً؟!
/// انظروا إلى جواب موسى عليه السَّلام له: ((فعلتها إذًا وأنا من الضَّالين /// ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربِّي حُكمًا وجعلني من المرسلين /// وتلك نعمة تمنُّها عليَّ أنْ عبَّدَّت بني إسرائيل؟!)).
/// قال العلاَّمة الأمين رحمه الله في الأضواء: "يعني: أنعمنا عليك بتربيتنا إيَّاك صغيرًا وإحساننا إليك، تتقلَّب في نعمتنا، فكفرت نعمتنا وقابلت إحساننا بالإساءة لقتلك نفسًا مِنَّا... ردَّ موسى على فرعون امتنانه عليه بالتربية بقوله: ((وتلك نِعْمةٌ تمنُّها على أنْ عبَّدَّت بنى إسرائيل)) يعني: تعبيدك لقومي وإهانتك لهم لا يعتبر معه إحسانك إليَّ؛ لأني رجلٌ واحد منهم!".
/// قال الشيخ ابن سِعدي رحمه الله: "اعتراض فرعون على موسى اعتراض جاهلٍ أو متجاهلٍ؛ فإنَّه جعل المانع من كونه رسولًا أنْ جَرَى منه القتل، فبيَّن له موسى أنَّ قتلَه كان على وجه الضَّلال والخطأ الذي لم يقصد نفس القتل، وأنَّ فضل الله تعالى غير ممنوعٍ منه أحدٌ، فلم منعتم ما منحني الله من الحكم والرِّسالة".
/// قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: "ولهذا لا يذكر الكفار حُجَّةً صحيحة تقدح فى صدق الرسل؛ إنما يعتمدون على مخالفة أهوائهم، كقولهم لنوح: ((أنؤمن لك واتبعك الأرذلون)).
ومعلوم أنَّ اتِّباع الأرذلين له لا يقدح فى صِدقه؛ لكن كرهوا مشاركة أولئك.
كما طلب المشركون من النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إبعاد الضُّعفاء -كسعد بن أبى وقاص وإبن مسعود وخباب بن الارت وعمار بن ياسر وبلال ونحوهم-، وكان ذلك بمكة قبل أن يكون فى الصَّحابة أهل الصُّفَّة، فأنزل الله تبارك وتعالى: ((ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين /// وكذلك فتنَّا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بَيْنِنا أليس الله بأعلم بالشاكرين)).
ومثل قول فرعون: ((أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون)).
وقول فرعون: ((ألم نُرَبِّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين /// وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين)).
ومثل قول مشركى العرب: ((إنْ نتَّبع الهُدَى معك نتخطَّف من أرضنا))، قال الله تعالى: ((أو لم نمكِّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كُلِّ شيءٍ رزقًا من لدُنَّا)).
ومثل قول قوم شعيب له: ((أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء)).
ومثل قول عامَّة المشركين: ((إنَّا وجدنا آباءنا على أُمَّةٍ وإنَّا على آثارهم مقتدون)).
وهذه الأمور وأمثالها ليست حُججًا تقدح فى صدق الرُسل، بل تبين أنَّها تخالف إرادتهم وأهوائهم وعاداتهم، فلذلك لم يتبعوهم".
شذى الجنوب
2007-12-02, 11:46 PM
السلام عليكم
فضيلة الشيخ.. لم أفهم العبارة في الاقتباس فأرجو منك فضلا لا أمرا ايضاحها :
فاللعين الأول لما حكَّم العقل على من لا يُحْكم عليه بالعقل لزمه أن يجري حكم الخالق في الخلق ، أو حكم الخلق في الخالق ، والأول غلو ، والثاني تقصير .
هل المقصود بحكم الخالق في الخلق ما عليه الجبرية من نفي أرادة العبد ، وإثبات إرادة الرب ، والزعم أن المخلوق مجبور لا إرادة له..؟؟
جزاك الله خير على هذا المبحث الرائع
غفر الله لك شيخنا عدنان ونفع بك..
إمام الأندلس
2007-12-02, 11:57 PM
جيد .
أبو القاسم
2007-12-02, 11:58 PM
شكر الله لكم يا شيخ عدنان..على موضوعكم القيّم
وليتك تحذف "من" من قولك:لعل من أهم الكتب في الرد عليهم:كتاب الله
بل الحق أن أهم الكتب في ذلك :كتاب الله تعالى..دون أي احتراز أو توقف..
مهند المعتبي
2007-12-03, 11:57 PM
الشَّيخَ الفاضلَ / أبا عـاصِمٍ البُخاريَّ
/
جزاكَ اللهُ خير الجزاءِ على هذا الموضوعِ النافعِ الماتعِ ..
/
أسألُ اللهَ أن يكتبَ لك به الأجرَ
وأن يحطَّ عنك به الوزر .
/
محبُّكم في الله
نضال مشهود
2007-12-04, 12:47 AM
بارك الله فيكم .
ثَم كتاب لا يحضرني الآن اسمه ألفه أحد الحنابلة رحمهم الله في جدل القرآن موجود بالشاملة . فمن يأتينا بها ؟ وأجره على الله تعالى .
عدنان البخاري
2007-12-04, 06:22 AM
لعلك تقصد استخراج الجدل من القرآن الكريم.
عدنان البخاري
2007-12-09, 07:27 PM
السلام عليكم
فضيلة الشيخ.. لم أفهم العبارة في الاقتباس فأرجو منك فضلا لا أمرا ايضاحها :
هل المقصود بحكم الخالق في الخلق ما عليه الجبرية من نفي أرادة العبد ، وإثبات إرادة الرب ، والزعم أن المخلوق مجبور لا إرادة له..؟؟
جزاك الله خير على هذا المبحث الرائع
/// وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاك خيرًا ونفع بكِ
/// الذي تبادر إلى فهمي أنَّه لا يقصد ما ذكرتيه في مسألة القدر، بل لعلَّه يقصد قياس الخالق على المخلوق، والعكس.
فقياس الخالق بالمخلوق تقصير في حقِّ الخالق إذ هو أعلى من المخلوق وليس من جِنسِه حتى يقاس به.
وقياس المخلوق بالخالق غلوٌّ وإفراط، إذ المخلوق لا يصل قدر الخالق.
/// الإخوة الكرام... تميم، نضال، أبوالقاسم، إمام الأندلس... بارك الله فيكم ونفع بكم
وقد نبَّهني بعض الإخوة الأفاضل إلى التصحيفات والأخطاء الكتابية في الموضوع في رسالة خاصة وههنا الأخ الفاضل أبوالقاسم فأصلحتها، أصلح الله أحوالنا وأحوالكم في الدنيا والآخرة وجزكم خيرًا
/// الأخ الكريم مهند المعتبي.. آمين، وإياك ونفع بك، وأحبَّك الله
العرب
2007-12-12, 10:29 PM
شكر الله لكم يا شيخ عدنان..على موضوعكم القيّم
أشرف بن محمد
2007-12-12, 11:37 PM
العنوان جيِّد وموفَّق
جزاكم الله خيرا
أشرف بن محمد
2007-12-12, 11:43 PM
ومن باب الاستطراد، فقد قرأت في كتاب "ماذا خسر العالم .." للندوي رحمه الله أن الحضارة الغربية الحديثة، ما هي إلا امتداد للحضارة اليونانية والرومانية التي يرجع تاريخها لآلاف السنين ..
عدنان البخاري
2008-08-04, 02:10 PM
/// الأخوان الكريمان.. "العرب"، أشرف بن محمد.. جزاكما الله خيرًا ونفع بكما
/// بل الفتن كلُّ الفتن هذا شأنها وحالها أنَّها: (إذا أقبلت شبَّهَت وإذا أدْبَرَت بيَّنَت).
/// وقد قال أبوعبدالله البخاري رحمه الله في صحيحه: باب الفتنة التي تموج كموج البحر، وقال ابن عيينة عن خَلَف بن حَوْشب: كانوا يستحبُّون أن يتمثَّلُوا بهذه الأبيات عند الفتن:
قال امرؤ القيس:
الحرب أول ما تكون فتيَّةً /// /// /// تسْعَى بزِينتها لكلِّ جَهُولِ
حتى إذا اشتعلت وشبَّ ضِرامها /// /// /// ولَّت عجوزًا غير ذات حليلِ
شمطاء يُنْكَر لونها وتغيَّرت /// /// /// مكروهةً للشَّمِّ والتَّقبيلِ
/// إذا تبيَّن هذا، وأنَّ كلَّ صاحب شُبهةٍ يزيِّن شبهته ويبهرج (فتنته) فإيَّاكم والانخداع بالفِتَن! ثمَّ الاستعجال في الرَّدِّ عليها.
إذ التأنِّي في معالجة الرَّدِّ على الشُّبهات الجديدة عند من يسمعها -للمتأهِّل لها- شرطٌ للوقاية في الخطأ.
فكم سمعنا من الأفاضل من أنكر شيئًا أو أبطل صحَّته لعجلة وارتجال ردِّه قبل نضج الفكرة في ذهنه، والتأخُّر في الرَّدِّ لم كان هذا حاله ولو كان على الهواء مباشرةً! خيرٌ من العجلة الموقعة فيما لا يُحمد.
وليس المشروع في الرد مجرَّد الرَّد! فلن يكشف خبث الحديد إلاَّ بعد عرضه وامتحانه من أهله.
سبكناهُ ونحسبهُ لُجينًا /// /// /// فأبدى الكير عن خبث الحديد
/// وللحديث بقيَّة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
/// وقريبٌ من هذا الموضوع أنَّ كثيرًا من "الخواص" -بلْه العامَّة- من ينحاز -حال الفتنة، أيًّا كانت- إلى طائفةٍ أوأخرى دون رويَّةٍ أونظَرٍ؛ لغلبة التعصُّب، أوالحبِّ الغالب لهذا الطرف دون مقابله، أو عدم معرفته بالطرف المقابل، مع إمكانه النَّظر وإعمال العقل في أي المسلكين هو الحق أوأقرب إليه، أو أي الحُجَّتين أرجح.
/// وقد ذمَّ الله عز وجل أهل الكتب على تسارعهم في الإثم والعدوان.. فلنحذر أن نشابههم في ذلك.
/// وعند الاشتباه ، وكثيرًا ما يكون ذلك في أوائل الأمور =فالسلامة لا يعدلها شيءٌ.. وإمساك اللِّسان خيرٌ من النَّدم غدًا.
/// فمن يعرف الحق من الباطل، أو أقرب الأمرين إلى الحق من أبعدهما عنه، ثم يتكلَّم (عن علمٍ ونظَرٍ) فقد سلم، ومن لا.. فلا أظنُّك ناجيًا !
ابو القعقاع
2008-08-04, 06:17 PM
بعد التحية يبدوا أن الشيخ عدنان كان في فترة تأمل (ابتسامة) فجاءنا بهذه الدرر جعلها الله في ميزان حسناته ورفع قدره آمين
ووحمدا لله على سلامتك وعودة حميدة وتقبل تقديري وتحياتي
عدنان البخاري
2009-01-26, 10:22 PM
/// الأخ الكريم أبوالقعقاع.. وفقك الله وبارك فيك وجزاك خيرا
/// ومن الأساليب القديمة الجديدة عند أصحاب الشبهات -ومن نحا نحوهم- أنَّهم إذا أعيتهم الحجج أوضعفوا عن المناظرة والمقارعة بالحجة اشتغلوا باللغو ورفع الصوت بهجر القول واللغط والصياح وصرف الموضوع عن أصله إلى غيره.
/// وقد قال الله عن مثل هؤلاء: ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)).
/// قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: ((وهذا من شأن دعاة الضلال والباطل أن يكُمُّوا أفواه الناطقين بالحق والحجة، بما يستطيعون من تخويف وتسويل، وترهيب وترغيب، ولا يدعوا الناس يتجادلون بالحجة، ويتراجعون بالأدلة؛ لأنهم يوقنون أن حجة خصومهم أنهَضُ، فهم يسترونها ويدافعونها، لا بمثلها، ولكن بأساليب من البهتان والتضليل، فإذا أعيتهم الحِيَل ورأوا بوارق الحق تخفق خَشُوا أن يعُمَّ نورُها الناسَ الذين فيهم بقية من خير ورشد =عدلوا إلى لغو الكلام، ونفخوا في أبواق اللغو والجعجعة؛ لعلهم يغلبون بذلك على حجج الحق ويغمرون الكلام القول الصالح باللغو، وكذلك شأن هؤلاء)).
أبو فهر السلفي
2009-01-27, 02:17 AM
بوركتم ونفع الله بكم..
خلوصي
2009-02-01, 09:17 PM
/// ومن الأساليب القديمة الجديدة عند أصحاب الشبهات -ومن نحا نحوهم- أنَّهم إذا أعيتهم الحجج أوضعفوا عن المناظرة والمقارعة بالحجة اشتغلوا باللغو ورفع الصوت بهجر القول واللغط والصياح وصرف الموضوع عن أصله إلى غيره.
/// وقد قال الله عن مثل هؤلاء: ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)).
/// قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: ((وهذا من شأن دعاة الضلال والباطل أن يكُمُّوا أفواه الناطقين بالحق والحجة، بما يستطيعون من تخويف وتسويل، وترهيب وترغيب، ولا يدعوا الناس يتجادلون بالحجة، ويتراجعون بالأدلة؛ لأنهم يوقنون أن حجة خصومهم أنهَضُ، فهم يسترونها ويدافعونها، لا بمثلها، ولكن بأساليب من البهتان والتضليل، فإذا أعيتهم الحِيَل ورأوا بوارق الحق تخفق خَشُوا أن يعُمَّ نورُها الناسَ الذين فيهم بقية من خير ورشد =عدلوا إلى لغو الكلام، ونفخوا في أبواق اللغو والجعجعة؛ لعلهم يغلبون بذلك على حجج الحق ويغمرون الكلام القول الصالح باللغو، وكذلك شأن هؤلاء)).
كلام معبر جدا بارك الله فيكم و أجزل لكم الثواب .
عدنان البخاري
2009-05-22, 08:11 PM
/// الأخ الكريم خلوصي.. بارك الله فيك وجزاك خيرًا
/// بل الفتن كلُّ الفتن هذا شأنها وحالها أنَّها: (إذا أقبلت شبَّهَت وإذا أدْبَرَت بيَّنَت).
/// أخرج عبدالرزَّاق (11/359) ومن طريقه الحاكم في المستدرك -وصحَّحه- وأبونُعيم في الحلية عن حذيفة -وهو أخبر الصَّحابة بالفتن- قال: «إيَّاكم والفِتَن، لا يشخص إليهاأحدٌ، فواللهِ ما شخص فيها أحدٌ إلَّا نَسَفَتْه كما ينْسِفُ السَّيلُ الدَّمِن؛ إنَّها مشبِّهة مقبلةً، حتى يقول الجاهل: هذه تشبه، وتبين مدبرةً، فإذا رأيتموها فاجثموا في بيوتكم واكسروا سيوفكم». انتهى.
/// وينبغي للعاقل المحتاط لدينه أن يتجنَّب الخوض فيما لا يحسنه من الشُّبهات، أوالنَّظر في كتب البدع والزندقة إذا كان ضعيف بصيرة وعلم ومعرفة.
/// فإنَّ هذا أصلٌ عظيمٌ في الوقاية من غوائلها.
/// وتأمَّل ما حذَّر به رسول الله (ص) في حديث الدَّجَّال؛ حيث أخرج أحمد وأبوداود والحاكم -وصحَّحه- وغيرهم، عن عمران بن حصين ررر قال: قال رسول الله (ص) : «من سمع بالدَّجَّال فلْيَنْأ عنه، فوالله إنَّ الرَّجل ليأتيه وهو يحسب أنَّه مؤمنٌ، فيتبعه بما يبعث به من الشُّبهات».
عدنان البخاري
2009-08-11, 04:36 PM
/// كثير من شبهات أهل البدع وكلامهم في العقيدة هو إلى الخطبة أقرب منه إلى الحُجَّة.
/// فينبغي التنبُّه لهذا عند مقارعتها.
/// ولا بأس ببيان وجه الخُطبة فيها عند مقارعتها بالحُجَّة، بل قد يكون ذلك ملحًّا؛ إذ إنَّه يزيل الغشاوة عن العوام وأشباههم؛ ممَّن تروج عليهم الخطب والصياح والبكاء والعويل.
/// وممَّا يماثل هذا استخدامهم للألفاظ التي يتمظهرون بها الثقافة والذكاء والتنوير والمعاصرة، والتي يخفون خلفها كثيرًا من الباطل المموَّه.
/// فتجد بعض القصَّاص والضلَّال المعاصرين ممَّن لمَّعتهم الفضائيَّات يستخدم ألفاظًا خدَّاعة لتسويق ضلالاته وكلامه الفارغ.
/// كاستخدام ألفاظ البوتقة واللاوعي والمركزية والفسيولوجيا والفوبيا والاستراتيجية.. الخ!! أوحتى استخدام ألفاظ أعجميَّة من الإنجليزية أوالفرنسية أومصطلحات نفسية أواجتماعيَّة.. وهذه خدعة قديمة تافهة.
/// وكأنَّ الحُجَّة صارت في التقعُّر المعاصر!
/// وفي السِّيَر والتَّاريخ للذَّهبي عن المرُّوذي وغيره أنَّ الإمام أحمد رحمه الله قال عن بشر المريسي: «ما كان صاحب حُججٍ؛ بل صاحب خُطَبٍ».
/// وقال شيخ الإسلام عن كلام بعض أتباع بشرٍ، وهو فخر الدِّين الرَّازي: «وما ذكره من الحُجَّة أشبه بكلام أهل الجهل والضَّلال، ومن لا يدري ما يخرج منه من المقال، من كلام أهل العقل والعلم والبيان.
وهو أشبه بكلام جُهَّال القُصَّاص والمغالطين من كلام العلماء المجادلين بالحقِّ.
وما أحسن ما قال الإمام أحمد رحمه الله في بشر المريسي إمام الجهمية قال: كان صاحب خُطَبٍ، لم يكن صاحب حُجَجٍ.
بل هذا الكلام دون كلام أهل الخطب والحجج!».
عدنان البخاري
2009-08-11, 06:23 PM
/// فتجد بعض القصَّاص والضلَّال المعاصرين ممَّن لمَّعتهم الفضائيَّات يستخدم ألفاظًا خدَّاعة لتسويق ضلالاته وكلامه الفارغ.
/// كاستخدام ألفاظ البوتقة واللاوعي والمركزية والفسيولوجيا والفوبيا والاستراتيجية.. الخ!! أواستخدام ألفاظ أعجميَّة من الإنجليزية أوالفرنسية أومصطلحات نفسية أواجتماعيَّة.. وهذه خدعة قديمة تافهة.
/// وفي الصَّحيحين في حديث المرأتين اللتين اقتتلتا من هُذيلٍ، فقضى فيهما النَّبي (ص) ما قضى = قال حمل بن النَّابغة الهذلي: يا رسول الله! كيف أغْرَمُ من لا شرب ولا أكل ولا نَطَق ولا استهلَّ، فمثل ذلك يُطَلُّ؟!
فقال رسول الله (ص): «إنَّما هذا من إخوان الكُهَّان!» من أجل سجعه الذي سَجَع.
أبو حازم البصري
2009-11-24, 03:54 PM
بارك الله فيك، مفيدٌ كما عهدناك، وفقك الله ونفعنا بما كتبت.
عدنان البخاري
2011-01-20, 12:10 PM
وفيكم بارك الله ونفع بكم ووفقكم.
للإفادة..
ابو نسيبة
2011-01-22, 10:02 AM
جزاكم الله خيرا شيخ عدنان وسدد الله يمينك.
وصدق شيخ الإسلام ابن تيميَّة حين قال : (( وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس ، هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه ؛ مثل التأويلات التي ذكرها أبو بكر ابن فورك في ( كتاب التأويلات ) ، وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه ( تأسيس التقديس ) ، ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء ، مثل أبي علي الجبَّائي وعبد الجبَّار الهمذاني وأبي الحسين البصري وأبي الوفاء ابن عقيل وأبي حامد الغزالي وغيرهم ... )) . الفتوى الحمويَّة الكبرى (ص/14) .
وقد ردَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيميَّة نفسه في كتابه العظيم ، المسمَّى بنقض تأسيس الجهميَّة لبدعهم الكلاميَّة ، أو : بيان تلبيس الجهميَّة .
بسم الله الرحمن الرحيم
التطابق بين قانون الرازي الاشعري وقانون المريسي الجهمي
قال الرازي الاشعري في قانونه الكلي (http://www.asha3ira.co.cc/2010/12/blog-post_7545.html) : " ولما بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه (الدلائل النقلية*) إما أن يقال : إنها (غير صحيحة*) ، أو يقال : إنها صحيحة إلا أن (المراد منها غير ظواهرها*) .
ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل، وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى ." ا.هـ
ونقارن الان قانون الرازي الاشعري بأساليب الجهمية (سلف الاشاعرة) في محاربة أهل السنة بالتقية :
قال في مقال : عنيف القول ولطيفه تجاه السلف (http://www.alabdulltif.net/index.php?option=content&task=view&id=19665) " وقد يستغرب القارئ الكريم إذا علم أن هذا الكيد الخفي هو سبيل قديم لأهل البدع الذين مردوا على النفاق؛ كما كشفه الإمام عثمان بن سعيد الدارمي (ت 280هـ) - رحمه الله - قائلاً: «بلغنا أن بعض أصحاب بشـر المريسـي قال: كيف تصنعون بهذه (الأسانيد*) التي يحتجون بها علينا في ردِّ مذهبنا مما لا يمكن التكذيب بها؟ قال: (لا تردُّوه*) فتفضحوا، (ولكن غالطوهم بالتأويل*)، فتكونوا قد رددتم بلطف؛ إذ لم يمكنكم ردٌّ بعنف»" (الرد على بشر، ص 556.)
وهذا جدول المطابقة من النقول السابقة :
مصطلحات الرازي = مصطلحات المريسي
(الدلائل النقلية*) = (الأسانيد*)
(غير صحيحة*) = (لا تردُّوه*)
(المراد منها غير ظواهرها*) = (ولكن غالطوهم بالتأويل*)
بقي قول الرازي : "وإن لم يجز التأويل (فوضنا العلم بها*) إلى الله تعالى ". فننقل هذه القطعة "وأما الرب تعالى فإنا (لا ندري ما عنى*) بذلك ؟" من الرواية التالية التي تثبت أن تفويض المعنى منهج الجهمية منذ القدم.
ذكر الإمام أبو عثمان الصابوني في عقيدته قال :
" قرأت لأبي عبد الله ابن أبي البخاري وكان شيخ بخارى في عصره بلا مدافعة وأبو حفص كان من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني قال أبو عبد الله أعني ابن أبي حفص هذا سمعت عبد الله بن عثمان وهو عبدان شيخ مرو يقول سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول :
قال حماد بن أبي حنيفة : قلنا لهؤلاء أرأيتم قول الله عز و جل وجاء ربك والملك صفا صفا ؟
قالوا : أما الملائكة فيجيئون صفا صفا ، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك ؟ ولا ندري كيفية مجيئه ؟
فقلت لهم : إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه ، أرأيتم إن أنكر أن الملائكة تجيء صفاً صفاً ماهو عندكم ؟
قالوا: كافر مكذب.
قلت : فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب " ا.هـ
راوه أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف وإسناده صحيح
فقول هذا المفوض هنا الذي حاوره حماد :
" وأما الرب تعالى ، فإنا لا ندري ما عنى بذلك ، ولا ندري كيفية مجيئه "
دال على أن ادعاء الجهل بالمعنى والذي هو تفويضٌ هو مذهب أهل التعطيل
ويراه حماد بن أبي حنيفة غير كاف في الإيمان بهذه الصفة ، بل عندما اعترض هذا المفوضُ بأنه لا يدري المعنى ولا الكيفية عقّب حماد بإقراره على عدم الدراية بالكيفية خلافا لعدم درايته للمعنى فلم يقره عليها وذلك عندما قال الإمام حماد :
" إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته "
وترَكَ موافقته على عدم علمه بالمعنى ، ولم يقل ولم نكلفكم دراية ما عنى
مصدر رواية الصابوني والتعليق عليها: التفويض في الصفات و حقيقة مذهب السلف (http://www.ahl-elathar.net/vb/showthread.php?t=2017)
ابو نسيبة
2011-01-23, 04:51 AM
/// ومن الأساليب القديمة الجديدة عند أصحاب الشبهات -ومن نحا نحوهم- أنَّهم إذا أعيتهم الحجج أوضعفوا عن المناظرة والمقارعة بالحجة اشتغلوا باللغو ورفع الصوت بهجر القول واللغط والصياح وصرف الموضوع عن أصله إلى غيره.
/// وقد قال الله عن مثل هؤلاء: ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)).
/// قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: ((وهذا من شأن دعاة الضلال والباطل أن يكُمُّوا أفواه الناطقين بالحق والحجة، بما يستطيعون من تخويف وتسويل، وترهيب وترغيب، ولا يدعوا الناس يتجادلون بالحجة، ويتراجعون بالأدلة؛ لأنهم يوقنون أن حجة خصومهم أنهَضُ، فهم يسترونها ويدافعونها، لا بمثلها، ولكن بأساليب من البهتان والتضليل، فإذا أعيتهم الحِيَل ورأوا بوارق الحق تخفق خَشُوا أن يعُمَّ نورُها الناسَ الذين فيهم بقية من خير ورشد =عدلوا إلى لغو الكلام، ونفخوا في أبواق اللغو والجعجعة؛ لعلهم يغلبون بذلك على حجج الحق ويغمرون الكلام القول الصالح باللغو، وكذلك شأن هؤلاء)).
صدقت كم رأينا هذا من الصوفية المتمشعرة !
إن كان عندهم حجة أو شبهة بدأوا في الجدال
وإن استصعب عليهم الأمر لجأوا الى الصراخ أحيانا وإلى السب أخرى مع الوصفة الدائمة الجاهزة : البكاء على حال الأمة !
وهذه مشاركة صغيرة للمبتدئين :
ملاحظات عند مناقشة الاشاعرة الجهمية والقبوريين (http://www.asha3ira.co.cc/2010/07/blog-post_7022.html)
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.