المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيهما أفضل مخالطة الناس أو اعتزالهم ؟!



أبو جهاد
2008-12-13, 04:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الكرام الفضلاء / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

هذا الموضوع يهمني كثيرا , فأريد التفصيل الممل في هذه المسألة , فلا تبخلوا علينا بالإفادة العلمية أو الإحالة على كتب السلف في هذا الموضوع .

بوركتم

عدنان البخاري
2008-12-13, 11:41 AM
/// وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الكلام عن المفاضلة بين العزلة والخلطة نسبيٌّ..
/// لا يُقال إنَّ أحدهما أفضل مطلقًا، ولكن هذا له حالٌ يفضل بها على الآخر، وكذا الآخر له حال يفضل بها على الأول. هذا من جهةٍ.
/// ومن جهةٍ أخرى إنَّ أحدهما يفضل الآخر من جهة الشَّخص العامل به، فبعض النَّاس لا يصلحه إلَّا العزلة (النسبيَّة)، وبعض الناس لا يصلح له إلَّا الخلطة (النسبية).

بندر المسعودي
2008-12-13, 03:50 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
جاء في الموسوعة الكويتية في مادة عزلة :
حُكْمُ الْعُزْلَةِ :
ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ إِلَى أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْعُزْلَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ وَفَسَادِ النَّاسِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الإِْنْسَانُ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إِزَالَةِ الْفِتْنَةِ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ فِي إِزَالَتِهَا بِحَسَبِ الْحَال وَالإِْمْكَانِ ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْفِتْنَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْعُزْلَةِ وَالاِخْتِلاَطِ : قَال النَّوَوِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ الاِخْتِلاَطَ بِالنَّاسِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ - أَيْ مِنْ شُهُودِ خَيْرِهِمْ دُونَ شَرِّهِمْ ، وَسَلاَمَتِهِمْ مِنْ شَرِّهِ - هُوَ الْمُخْتَارُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَائِرُ الأَْنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِمْ ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْيَارِهِمْ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَفْضَلِيَّةِ الْمُخَالَطَةِ : بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمَرَ بِالاِجْتِمَاعِ ، وَحَضَّ عَلَيْهِ ، وَنَهَى عَنِ الاِفْتِرَاقِ وَحَذَّرَ مِنْهُ ، فَقَال تَعَالَى ذِكْرُهُ : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا } وَأَعْظَمُ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي جَمْعِ الْكَلِمَةِ وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ مِنْهُمْ فَقَال عَزَّ وَجَل : { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ } .
وَقَال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ }
وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ نَبَوِيَّةٍ مِنْهَا : قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ، خَيْرٌ مِنَ الْمُؤْمِنَ الَّذِي لاَ يُخَالِطُهُمْ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ .
وَقَالُوا : إِنَّ الْمُخَالَطَةَ فِيهَا اكْتِسَابُ الْفَوَائِدِ ، وَشُهُودُ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ ، وَتَكْثِيرُ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِيصَال الْخَيْرِ إِلَيْهِمْ وَلَوْ بِعِيَادَةِ الْمَرْضَى ، وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ ، وَإِفْشَاءُ السَّلاَمِ ، وَالأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، وَإِعَانَةُ الْمُحْتَاجِ ، وَحُضُورُ جَمَاعَاتِهِمْ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُل أَحَدٍ .
وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ وَالْعَيْنِيُّ عَنْ قَوْمٍ : تَفْضِيل الْعُزْلَةِ ، لِمَا فِيهَا مِنَ السَّلاَمَةِ الْمُحَقَّقَةِ ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِوَظَائِفِ الْعِبَادَةِ الَّتِي تَلْزَمُهُ وَمَا يُكَلَّفُ بِهِ ، قَال الْكِرْمَانِيُّ : الْمُخْتَارُ فِي عَصْرِنَا تَفْضِيل الاِنْعِزَال لِنُدْرَةِ خُلُوِّ الْمَحَافِل عَنِ الْمَعَاصِي .
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : { وَأَعْتَزِلُكُم ْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا } وَبِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَال : يَا رَسُول اللَّهِ مَا النَّجَاةُ ؟ قَال : أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْعُزْلَةِ وَالْمُخَالَطَة ِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الأَْشْخَاصِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ أَحَدُ الأَْمْرَيْنِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَرَجَّحُ فِي حَقِّهِ أَحَدُهُمَا وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ عَنِ الْخَطَّابِيِّ : أَنَّ الْعُزْلَةَ وَالاِخْتِلاَطَ يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلاَفِ مُتَعَلِّقَاتِه ِمَا ، فَتُحْمَل الأَْدِلَّةُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَضِّ عَلَى الاِجْتِمَاعِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِطَاعَةِ الأَْئِمَّةِ وَأُمُورِ الدِّينِ ، وَعَكْسُهَا فِي عَكْسِهِ ، وَأَمَّا الاِجْتِمَاعُ وَالاِفْتِرَاقُ بِالأَْبْدَانِ ، فَمَنْ عَرَفَ الاِكْتِفَاءَ بِنَفْسِهِ فِي حَقِّ مَعَاشِهِ وَمُحَافَظَةِ دِينِهِ ، فَالأَْوْلَى لَهُ الاِنْكِفَافُ عَنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ بِشَرْطِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالسَّلاَمِ وَالرَّدِّ وَحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعِيَادَةِ وَشُهُودِ الْجِنَازَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَالْمَطْلُوبُ إِنَّمَا هُوَ تَرْكُ فُضُول الصُّحْبَةِ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ شُغْل الْبَال وَتَضْيِيعِ الْوَقْتِ عَنِ الْمُهِمَّاتِ وَيُجْعَل الاِجْتِمَاعُ بِمَنْزِلَةِ الاِحْتِيَاجِ إِلَى الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ ، فَيَقْتَصِرُ مِنْهُ عَلَى مَا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَهُوَ رُوحُ الْبَدَنِ وَالْقَلْبِ .
قَال الْغَزَالِيُّ : إِنْ وَجَدْتَ جَلِيسًا يُذَكِّرُكَ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ وَسِيرَتُهُ فَالْزَمْهُ وَلاَ تُفَارِقْهُ ، وَاغْتَنِمْهُ وَلاَ تَسْتَحْقِرْهُ ، فَإِنَّهَا غَنِيمَةُ الْمُؤْمِنِ وَضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ ، وَتَحَقَّقَ أَنَّ الْجَلِيسَ الصَّالِحَ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ ، وَأَنَّ الْوَحْدَةَ خَيْرٌ مِنَ الْجَلِيسِ السُّوءِ.

آدَابُ الْعُزْلَةِ :
4 - يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ - إِذَا آثَرَ الْعُزْلَةَ - أَنْ يَعْتَقِدَ بِاعْتِزَالِهِ عَنِ الْخَلْقِ سَلاَمَةَ النَّاسِ مِنْ شَرِّهِ ، وَلاَ يَقْصِدَ سَلاَمَتَهُ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ ، فَإِنَّ الأَْوَّل نَتِيجَةُ اسْتِصْغَارِ نَفْسِهِ ، وَالثَّانِيَ شُهُودُ مَزِيَّتِهِ عَلَى الْخَلْقِ ، وَمَنِ اسْتَصْغَرَ نَفْسَهُ فَهُوَ مُتَوَاضِعٌ وَمَنْ رَأَى لِنَفْسِهِ مَزِيَّةً عَلَى أَحَدٍ فَهُوَ مُتَكَبِّرٌ ، وَأَنْ يَكُونَ خَالِيًا مِنْ جَمِيعِ الأَْذْكَارِ إِلاَّ ذِكْرَ رَبِّهِ ، خَالِيًا مِنْ جَمِيعِ الإِْرَادَاتِ إِلاَّ رِضَا رَبِّهِ ، وَخَالِيًا مِنْ مُطَالَبَةِ النَّفْسِ مِنْ جَمِيعِ الأَْسْبَابِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَإِنَّ خَلْوَتَهُ تُوقِعُهُ فِي فِتْنَةٍ أَوْ بَلِيَّةٍ . وَأَنْ يَتْرُكَ الْخِصَال الْمَذْمُومَةَ ؛ لأَِنَّ الْعُزْلَةَ الْحَقِيقِيَّةَ هِيَ اعْتِزَال الْخِصَال الْمَذْمُومَةِ ، فَالتَّأْثِيرُ لِتَبْدِيل الصِّفَاتِ لاَ لِلتَّنَائِي عَنِ الأَْوْطَانِ ، وَأَنْ يَأْكُل الْحَلاَل ، وَيَقْنَعَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْمَعِيشَةِ ، وَيَصْبِرَ عَلَى مَا يَلْقَاهُ مِنْ أَذَى الْجِيرَانِ ، وَيَسُدَّ سَمْعَهُ عَنِ الإِْصْغَاءِ إِلَى مَا يُقَال فِيهِ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهِ بِالْعُزْلَةِ .
وَلْيَكُنْ لَهُ أَهْلٌ صَالِحَةٌ ، أَوْ جَلِيسٌ صَالِحٌ لِتَسْتَرِيحَ نَفْسُهُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ سَاعَةً مِنْ كَدِّ الْمُوَاظَبَةِ ، فَفِيهِ عَوْنٌ عَلَى بَقِيَّةِ السَّاعَاتِ .
وَلْيَكُنْ كَثِيرَ الذِّكْرِ لِلْمَوْتِ وَوَحْدَةِ الْقَبْرِ.
وَلْيَلْزَمِ الْقَصْدَ فِي حَالَتَيِ الْعُزْلَةِ وَالْخُلْطَةِ ؛ لأَِنَّ الإِْغْرَاقَ فِي كُل شَيْءٍ مَذْمُومٌ وَخَيْرُ الأُْمُورِ أَوْسَطُهَا ، وَالْحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْن ِ .
قَال الْخَطَّابِيُّ : وَالطَّرِيقَةُ الْمُثْلَى فِي هَذَا الْبَابِ أَلاَّ تَمْتَنِعَ مِنْ حَقٍّ يَلْزَمُكَ لِلنَّاسِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبُوكَ بِهِ ، وَأَلاَّ تَنْهَمِكَ لَهُمْ فِي بَاطِلٍ لاَ يَجِبُ عَلَيْكَ وَإِنْ دَعَوْكَ إِلَيْهِ ، فَإِنَّ مَنِ اشْتَغَل بِمَا لاَ يَعْنِيهِ فَاتَهُ مَا يَعْنِيهِ ، وَمَنِ انْحَل فِي الْبَاطِل جَمَدَ عَنِ الْحَقِّ ، فَكُنْ مَعَ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ ، وَكُنْ بِمَعْزِلٍ عَنْهُمْ فِي الشَّرِّ ، وَتَوَخَّ أَنْ تَكُونَ فِيهِمْ شَاهِدًا كَغَائِبٍ وَعَالِمًا كَجَاهِلٍ .

كَيْفِيَّةُ الاِعْتِزَال :
5 - الاِعْتِزَال عَنِ النَّاسِ يَكُونُ مَرَّةً فِي الْجِبَال وَالشِّعَابِ ، وَمَرَّةً فِي السَّوَاحِل وَالرِّبَاطِ ، وَمَرَّةً فِي الْبُيُوتِ ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ : إِذَا كَانَتِ الْفِتْنَةُ فَأَخْفِ مَكَانَكَ ، وَكُفَّ لِسَانَكَ وَلَمْ يَخُصَّ مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ .
وَقَدْ جَعَلَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعُزْلَةَ ، اعْتِزَال الشَّرِّ وَأَهْلِهِ بِقَلْبِكَ وَعَمَلِكَ إِنْ كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ . قَال ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي تَفْسِيرِ الْعُزْلَةِ : أَنْ تَكُونَ مَعَ الْقَوْمِ ، فَإِذَا خَاضُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ فَخُضْ مَعَهُمْ ، وَإِنْ خَاضُوا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَاسْكُتْ .
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ : أَحْوَال النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ تَخْتَلِفُ فَرُبَّ رَجُلٍ تَكُونُ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى سُكْنَى الْكُهُوفِ وَالْغِيرَانِ فِي الْجِبَال ، وَهِيَ أَرْفَعُ الأَْحْوَال ؛ لأَِنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِدَايَةِ أَمْرِهِ وَنَصَّ عَلَيْهَا فِي كِتَابِهِ مُخْبِرًا عَنِ الْفِتْيَةِ فَقَال : { وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوه ُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ } ، وَرُبَّ رَجُلٍ تَكُونُ الْعُزْلَةُ لَهُ فِي بَيْتِهِ أَخَفَّ عَلَيْهِ وَأَسْهَل ، وَقَدِ اعْتَزَل رِجَالٌ مِنْ أَهْل بَدْرٍ فَلَزِمُوا بُيُوتَهُمْ بَعْدَ قَتْل عُثْمَانَ ، فَلَمْ يَخْرُجُوا إِلاَّ إِلَى قُبُورِهِمْ ، وَرُبَّ رَجُلٍ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ لَهُ مِنَ الْقُوَّةِ مَا يَصْبِرُ بِهَا عَلَى مُخَالَطَةِ النَّاسِ
وَأَذَاهُمْ ، فَهُوَ مَعَهُمْ فِي الظَّاهِرِ وَمُخَالِفٌ لَهُمْ فِي الْبَاطِنِ .

فَوَائِدُ الْعُزْلَةِ :
6 - قَدْ يَكُونُ لِلْعُزْلَةِ فَوَائِدُ مِنْهَا :
أ - التَّفَرُّغُ لِلْعِبَادَةِ وَالْفِكْرِ ، وَالاِسْتِئْنَا سِ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى .
ب - التَّخَلُّصُ بِالْعُزْلَةِ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي يَتَعَرَّضُ الإِْنْسَانُ لَهَا غَالِبًا بِالْمُخَالَطَة ِ ، وَيَسْلَمُ مِنْهَا فِي الْخَلْوَةِ ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ : الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ ، وَالرِّيَاءُ ، وَالسُّكُوتُ عَنِ الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَمُسَارَقَةِ الطَّبْعِ مِنَ الأَْخْلاَقِ الرَّدِيئَةِ ، وَالأَْعْمَال الْخَبِيثَةِ الَّتِي يُوجِبُهَا الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا .
ج - الْخَلاَصُ مِنَ الْفِتَنِ وَالْخُصُومَاتِ ، وَصِيَانَةُ الدِّينِ وَالنَّفْسِ عَنِ الْخَوْضِ فِيهَا وَالتَّعَرُّضِ لأَِخْطَارِهَا .
د - الْخَلاَصُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ .
هـ - السَّلاَمَةُ مِنْ آفَاتِ النَّظَرِ إِلَى زِينَةِ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا وَالاِسْتِحْسَا نُ لِمَا ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ زُخْرُفِهَا وَعَابَهُ مِنْ زَبْرَجِ غُرُورِهَا .
و - السَّلاَمَةُ مِنَ التَّبَذُّل لِعَوَامِّ النَّاسِ وَحَوَاشِيهِمْ وَالتَّصَوُّنُ عَنْ ذِلَّةِ الاِمْتِهَانِ مِنْهُمْ .

آفَاتُ الْعُزْلَةِ :
7 - قَال الْغَزَالِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْمَقَاصِدِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيّ َةِ مَا يُسْتَفَادُ بِالاِسْتِعَانَ ةِ بِالْغَيْرِ وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ إِلاَّ بِالْمُخَالَطَة ِ ، فَكُل مَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْمُخَالَطَةِ يَفُوتُ بِالْعُزْلَةِ وَفَوَاتُهُ مِنْ آفَاتِ الْعُزْلَةِ .

بندر المسعودي
2008-12-13, 04:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الكرام الفضلاء / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هذا الموضوع يهمني كثيرا , فأريد التفصيل الممل في هذه المسألة , فلا تبخلوا علينا بالإفادة العلمية أو الإحالة على كتب السلف في هذا الموضوع .
بوركتم
انظر كتب الآداب مثل كتاب الاحياء للغزالي وكتاب الآداب الشرعية لمحمد ابن مفلح وأيضا" كتاب الخطابي المسمى بالعزلة فإنه مغنى.

عدنان البخاري
2008-12-13, 04:03 PM
/// من أقدم المصنَّفات في ذلك "الاعتصام بالعزلة للخطَّابي"، وهو مطبوع.
/// وهنا مخطوطة الكتاب:
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=169564#post16 9564