المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشكال في شرط المحبة في كلمة التوحيد



أبو سلمى رشيد
2008-12-02, 10:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقريباً الكل أو كل من طلب العلم ودرس العقيدة السلفية الصحيحة على منهج السلف الصالح
عند العلماء السلفيين قد تعلم في صغره شروط كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " ومنها شرط المحبة المنافي للبغض
لكن أنا ورد لدي إشكال لما اطلعت على حديث نبوي صحيح ؛ فأرجو أن تبينوا لي المسألة
و الحديث رواه الإمام احمد وغيره ، قال الإمام أحمد في مسنده (ج 24 / ص 164)
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ :[ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ أَسْلِمْ قَالَ أَجِدُنِي كَارِهًا قَالَ أَسْلِمْ وَإِنْ كُنْتَ كَارِهًا ]
قال محدِّث العصر العلامة الألباني - رحمه الله - في السلسلة الصحيحة - (ج 3 / ص 439 ): [ 1454 - " أسلم و إن كنت كارها " .
رواه أحمد ( 3 / 19 / 181 ) و أبو بكر الشافعي في " الرباعيات " ( 1 / 98 / 1 )
و الضياء في " المختارة " ( 100 / 1 - 2 ) من طرق عن حميد عن أنس أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : أسلم قال : أجدني كارها . قال : فذكره .
قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين ، و هو عند أحمد ثلاثي . ] اهـ
- ثم وجدت ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في شرحه لصحيح البخاري يقول (ج 1 / ص 28) :[ وهذا يدل على صحة الإسلام مع نفور القلب عنه وكراهته له ]
وضحوا لي المسألة بارك الله فيكم .

الإمام الدهلوي
2008-12-02, 11:04 PM
أخي الكريم
هذا الموضوع قريب جداً من موضوع أخر كان قد أشكل علي منذ فترة فطرحته للنقاش في هذا المنتدى
وإليك رابط الموضوع
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=20263&highlight=%DE%C8%E6%E1+%C7%E1% C5%D3%E1%C7%E3+%C7%E1%D4%D1%D8
وننتظر من الأخوان أن يرفعوا هذا الأشكال بارك الله فيكم

الإمام الدهلوي
2008-12-03, 12:17 AM
هذه بعض أقوال العلماء في الحديث .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله وهو بصدد الكلام عن مسألة الإكراه على الدخول في الإسلام : ( أما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن حميد عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أسلم" قال: إني أجدني كارها. قال: "وإن كنت كارها " فإنه ثلاثي صحيح، ولكن ليس من هذا القبيل فإنه لم يكرهه النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام بل دعاه إليه فأخبر أن نفسه ليست قابلة له بل هي كارهة فقال له: "أسلم وإن كنت كارهًا فإن الله سيرزقك حسن النية والإخلاص ) إهـ تفسير ابن كثير.
وقال أيضاً : ( لهذا قال تعالى: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ " ومن هذا القبيل ما رواه الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عَدِيّ، عن حميد، عن أنس؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أسلم". قال: أجدني كارها. قال: "أسلم وإن كنت كارها" ) إهـ
ويقول العلامة الشوكاني رحمه الله : ( بابُ صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ :
عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاتَيْنِ فَقَبِلَ مِنْهُ .
رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ لَهُ : عَلَى أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا صَلَاةً فَقَبِلَ مِنْهُ ) .
وَعَنْ وَهْبٍ قَالَ : سَأَلْت جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إذْ بَايَعَتْ ، فَقَالَ اشْتَرَطَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلَا جِهَادَ ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ : سَيَتَصَدَّقُون َ وَيُجَاهِدُونَ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ : أَسْلِمْ ، قَالَ : أَجِدُنِي كَارِهًا ، قَالَ : أَسْلِمْ وَإِنْ كُنْت كَارِهًا .
رَوَاهُ أَحْمَدُ . هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مُبَايَعَةُ الْكَافِرِ وَقَبُولُ الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا بَاطِلًا ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ إسْلَامُ مَنْ كَانَ كَارِهًا . ) إهـ نيل الأوطار .

أبو سلمى رشيد
2008-12-03, 01:13 AM
جزاك الله خيراً على التوضيح
والحديث

وَعَنْ وَهْبٍ قَالَ : سَأَلْت جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إذْ بَايَعَتْ ، فَقَالَ اشْتَرَطَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلَا جِهَادَ ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ : سَيَتَصَدَّقُون َ وَيُجَاهِدُونَ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

صححه الألباني - رحمه الله - في الصحيحة ( 1888 )

أبو شعيب
2008-12-03, 06:45 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،

هذا الحديث يذكّرني بآية : { كتب عليكم القتال وهو كره لكم } ..

فهم كرهوا الجهاد ولكنهم فعلوه حباً في الله تعالى وطلباً لرضاه .

وهذا كآية : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }

فالذي يظهر لي من الحديث هو أن الرجل كان يحب الله تعالى ويعتقد أن رسوله (ص) هو الحق .. ولكنه كان كارهاً لبعض ما عليه المسلمون من شعائر الدين .. وقد قال النبي (ص) له : (( أسلم وإن كنت كارهاً )) .. فإما أنه يُكرهه على الإسلام ، وهذا لا يمكن .. وإما أنه يعني : اتبعني والتزم بشعائر الدين ، وإن كنت كارهاً لها ..

فالكره هنا هو ليس لله تعالى ، أو لرسوله (ص) .. بل هو لبعض شعائر الدين الذي قد يرى فيها مشقة أو لا يفهمها .

هذا ، والله أعلم

الإمام الدهلوي
2008-12-03, 10:10 AM
أبو شعيب وفقك الله
أقـرأ هــذا الكـلام
ويقول العلامة الشوكاني رحمه الله : ( بابُ صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ :
عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاتَيْنِ فَقَبِلَ مِنْهُ .
رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ لَهُ : عَلَى أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا صَلَاةً فَقَبِلَ مِنْهُ ) .
وَعَنْ وَهْبٍ قَالَ : سَأَلْت جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إذْ بَايَعَتْ ، فَقَالَ اشْتَرَطَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلَا جِهَادَ ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ : سَيَتَصَدَّقُون َ وَيُجَاهِدُونَ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ : أَسْلِمْ ، قَالَ : أَجِدُنِي كَارِهًا ، قَالَ : أَسْلِمْ وَإِنْ كُنْت كَارِهًا .
رَوَاهُ أَحْمَدُ . هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مُبَايَعَةُ الْكَافِرِ وَقَبُولُ الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا بَاطِلًا ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ إسْلَامُ مَنْ كَانَ كَارِهًا . ) إهـ نيل الأوطار .
فانظر كيف قال الشوكاني رحمه الله أن هذا الحديث وغيره من النصوص تدل على صحة قبول الإسلام على الشرط الفاسد
وقولك وفقك الله: ( فالذي يظهر لي من الحديث هو أن الرجل كان يحب الله تعالى ويعتقد أن رسوله هو الحق .. ولكنه كان كارهاً لبعض ما عليه المسلمون من شعائر الدين .. وقد قال النبي له : (( أسلم وإن كنت كارهاً )) .. فإما أنه يُكرهه على الإسلام ، وهذا لا يمكن .. وإما أنه يعني : اتبعني والتزم بشعائر الدين ، وإن كنت كارهاً لها ..
فالكره هنا هو ليس لله تعالى ، أو لرسوله .. بل هو لبعض شعائر الدين الذي قد يرى فيها مشقة أو لا يفهمها .) إهـ
فأقول أخي : هل قال أحد من أهل العلم بمثل هذا التأويل .. ثم إذا كان هذا الرجل يجب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الجملة ولكنه يبعض بعض شعائر الإسلام فما هو الحد الذي يكفي في أن يعذر به من هذا البغض وما هي الشعائر التي كان يبغضها وقد صح إسلامه مع ذلك ؟ .

عبدالله الجنوبي
2008-12-03, 12:28 PM
أيها الإخوة الكرام:
ألا يقال بأن علم النبي (ص) بكراهيته كعلمه بالمنافقين حيث لم تثبت البينة على هذه الكراهية في أحكام الظاهر لا بقول و لا بفعل ظاهر منضبط في دلالته على الكراهية الباطنة... و بالتالي يحكم له بالإسلام الحكمي ما لم تثبت ردته عن طريق شرعي ... و لا يكفي مجرد علمنا بعدم إيمانه إن لم يثبت بطريقة شرعية، كما أن القاضي و إن شاهد بنفسه واقعة الزنا- عافاني الله و إياكم منه- فلا يحق له الحكم بإدانة المتهمين ما لم تثبت البينة و بالتالي فهو يحكم عليهم بالبراءة في ظاهر الأحكام و إن كانوا زناة على الحقيقة.

.فالمحبة الباطنة شرط لصحة الإيمان و الإسلام النافع لا لثبوت و صحة الإسلام و الإيمان الحكمي... و الله أعلم.

فإن أصبت فمن الله وحده و إن أخطأت فمني و من الشيطان و أستغفر الله.

أخوكم و محبكم

أبو القاسم
2008-12-03, 01:14 PM
ما قاله أخي أبو شعيب صحيح
ولا يجابه بمثل:هل قال بهذا التأويل..إلخ
لأن كلام الشوكاني أصلا يعارضه..
وهذه الكراهة هي من جنس كراهة الجهاد والموت في سبيل الله
لكن ثم من يكره الجهاد فيستجيب لداعي النفرة في نفسه..وثم من يجاهد نفسه ويجيب داعي الله
فهنا الفرق
فقوله:أجدني كارها..اعتراف منه يتضمن أنه في الأصل راغب في دين
وقد يدخل في هذا الضرب ما أخرجه البخاري وغيره"عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل" من حديث أبي هريرة
وإن كان هؤلاء الغالب فيهم أنهم الأسارى الذين يسلمون
والله أعلم

ابن تيمية الحراني
2008-12-03, 01:21 PM
أنا أقول والله أعلم
أن سبب ذلك :
يريد النبي صلى الله عليه وسلم إدخاله في الإسلام لكي يضح له محاسنه ويبدى له ما خفي منه ، وهو قبل الإسلام يمكن لا يعلم ذلك .
مجرد استنباط لا غير .
والله أعلم .

أبو فيصل الحضني
2008-12-03, 04:52 PM
في مثل هذا نزل قول الله تعالى:{ قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}فكثير هم أولئك الذين قبل منهم "قول" لاإله إلا الله،مع الالتزام بشرائع الدين الظاهرة ،ولم يفتش النبي (ص) عما وراء ذلك منهم . ألا ترى الى جوابه لمن قال :يا رسول الله إن فلان مؤمن. فقال له أو مسلم .
والنبي (ص) لم يقل :{ لا يسلم أحدكم حتى أكون أحب اليه ....} وإنما قال :{ لا يؤمن ...}فالمحبة لها تعلق بالإيمان لا بمجرد الاسلام.قال ابرجب رحمه الله معلقا على قوله :{ وإن كنت كارها ؟ }:[ ...وهذا يدل على صحة الإسلام مع نفور القلب عنه وكراهته له ، لكن إذا دخل في الإسلام واعتاده وألفه دخل حبه قلبه ووجد حلاوته ]
فإن قيل :من كره شيئا مما جاء به الرسول هل يكون مؤمنا ؟قيل له : لا .ولكنه يعامل معاملة المسلمين ،إلا أن يقول أو يعمل بما يعتقده.

الإمام الدهلوي
2008-12-03, 05:16 PM
أخي أبو القاسم وفقك الله تعالى
قولك : ( وقد يدخل في هذا الضرب ما أخرجه البخاري وغيره"عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل" من حديث أبي هريرة وإن كان هؤلاء الغالب فيهم أنهم الأسارى الذين يسلمون ) إهـ
أقـول : الذين ينقادون إلى الجنة بالسلاسل ليس معناه أنهم يدخلون في الإسلام وهم يخبرون عن بغضهم له في نفس الإمر ليس هذا مقصود الحديث .. بل القصد أنهم يقعون في الأسر و يُقدم بهم إلى ديار الإسلام ثم بعد ذلك يسلمون وتصلح أعمالهم وسرائرهم فيكونون من أهل الجنة .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله : ( قد ذهب طائفة كثيرة من العلماء أن هذه محمولة على أهل الكتاب ومن دخل في دينهم قبل النسخ والتبديل إذا بذلوا الجزية .
وقال آخرون : بل هي منسوخة بآية القتال وأنه يجب أن يدعى جميع الأمم إلى الدخول في الدين الحنيف دين الإسلام فإن أبى أحد منهم الدخول فيه ولم ينقد له أو يبذل الجزية، قوتل حتى يقتل. وهذا معنى الإكراه .
قال الله تعالى: " سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُم ْ أَوْ يُسْلِمُون " .
وقال تعالى: " يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ " .
وقال تعالى: " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ " .
وفي الصحيح: "ع جب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل" يعني : الأسارى الذين يقدم بهم بلاد الإسلام في الوثائق والأغلال والقيود والأكبال ثم بعد ذلك يسلمون وتصلح أعمالهم وسرائرهم فيكونون من أهل الجنة .
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن حميد عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أسلم" قال: إني أجدني كارها. قال: "وإن كنت كارها " فإنه ثلاثي صحيح، ولكن ليس من هذا القبيل فإنه لم يكرهه النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام بل دعاه إليه فأخبر أن نفسه ليست قابلة له بل هي كارهة فقال له: "أسلم وإن كنت كارهًا فإن الله سيرزقك حسن النية والإخلاص". ) إهـ تفسير ابن كثير .

الإمام الدهلوي
2008-12-03, 05:34 PM
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وقول القائل المحبة للإحسان محبة العامة وتلك محبة الخاصة ليس بشيء، بل كل مؤمن يحب الله لذاته ولو أنكر ذلك بلسانه ومن لم يكن الله ورسوله أحب إليه مما سواهما لم يكن مؤمنًا ومن قال: إنِّي لا أجد هذه المحبة في قلبي لله ورسوله فأحد الأمرين لازمه. إما أن يكون صادقًا في هذا الخبر فلا يكون مؤمنًا فإن أبا جهل وأبا لهب وأمثالهما إذا قالوا ذلك كانوا صادقين في هذا الخبر وهم كفَّار أخبروا عما في نفوسهم من الكفر مع أن هؤلاء في قلوبهم محبة الله لكن مع الشرك به فإنهم اتخذوا من دون الله أندادًا يحبونهم كحبِّ الله ولهذا أبغضوا الرسول وعادوه لأنه دعاهم إلى عبادة الله وحده ورفض ما يحبونه معه فنهاهم أن يحبوا شيئًا كحبِّ الله فأبغضوه على هذا فقد يكون بعض هؤلاء المشركين الذين اتخذوا من دون الله أندادًا يحبونهم كحبِّ الله يفضل ذلك الندّ على الله في أشياء، وهؤلاء قد يعلمون أن الله عزَّ وجل أجل وأعظم لكن تهوى نفوسهم ذلك الند أكثر والربُّ تعالى إذا جعل من يحب ... إلى أن قال : ويوجد كثير من الناس يحلف بند جعله لله وينذر له ويوالي في محبته ويعادي من يبغضه ويحلف به فلا يكذب ويوفي بما ينذره له وهو يكذب إذا حلف بالله ولا يوفي بما نذره لله ولا يوالي في محبة الله ولا يعادي في الله كما يوالي ويعادي لذلك الند، فمن قال إني لا أجد في قلبي أن الله أحبّ إلى مما سواه فأحد الأمرين لازم إما أن يكون صادقًا فيكون كافرًا مخلدًا في النار من الذين اتخذوا من دون الله أندادًا يحبونهم كحبِّ الله، وإما أن يكون غالطًا في قوله لا أجد في قلبي هذا والإنسان قد يكون في قلبه معارف وإرادات ولا يدري أنها في قلبه فوجود الشيء في القلب شيء والدراية به شيء آخر، ولهذا يوجد الواحد من هؤلاء يطلب تحصيل ذلك في قلبه وهو حاصل في قلبه فتراه يتعب تعبًا كثيرًا لجهله، وهذا كالموسوس في الصلاة فإن كل من فعل فعلاً باختياره وهو يعلم ما يفعله فلابد أن ينويه ووجود ذلك بدون النية التي هى الإرادة ممتنع ... إلى أن يقول : وكذلك كثير من المعارف قد يكون في نفس الإنسان ضروريًا وفطريًا وهو يطلب الدليل عليه لإعراضه عما في نفسه وعدم شعوره بشعوره فهكذا كثير من المؤمنين يكون في قلبه محبة الله ورسوله وقد نظر في كلام الجهمية والمعتزلة نفاة المحبة واعتقد ذلك قولاً صحيحًا لما ظنه من صحة شبهاتهم أو تقليدًا لهم فصار يقول بموجب ذلك الاعتقاد وينكر ما في نفسه ) إهـ منهاج السنة ج3، ص 99-101.
وهـذا يوضح لك أن المحبة القلبية التي هي عكس البغض والكراهية شرط أساسي يتوقف عليها صحة الإيمان والله أعلم .

أبو شعيب
2008-12-03, 06:22 PM
السلام علكيم ،

أخي الإمام الدهلوي ،

إن من أصول مذهب أهل السنة ردّ المتشابه إلى المحكم .. وهذا ما يجب عليك إعماله في تأويل النصوص .

علمنا أن من لا يحقق أصل الدين فليس بمسلم ، ولا يصح إسلامه .. فكيف يقال إن رسول الله (ص) صحح إسلامه مع بغضه لله تعالى ؟ أو بغضه له (ص) ، أو بغضه للحق الذي جاء من عند الله ؟ .. هذا لا يمكن .. وإلا كان إسلامه كإسلام المنافقين .

يقول الله تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ [8] ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [9] } .

جعل سبب كفرهم هو كرههم لما أنزل الله تعالى .. فإن هم أظهروا الإسلام مع بقاء هذا الكره فيهم ، فهم منافقون ، ويستحيل عقلاً وشرعاً أن يكونوا مؤمنين وهم يكرهون ما أنزل الله .

هذا هو المحكم الذي لا يجادل فيه أحد ..

وإن جئنا لتأويل هذا الحديث ، نجد أن الله تعالى يقول : { كتب عليكم القتال وهو كره لكم } .. فلم يكن كرههم للقتال ناقضاً لإسلامهم .. لأنهم لم يكرهوه لأنه الحق من عند الله .. إنما كرهوه لما يتبعه من مشقة وقتل ..

وهكذا يكون تأويل هذا الحديث .. أن الرجل كره أن يلتزم ببعض ما عليه المسلمون من الأمور الظاهرة .. فأمره الرسول (ص) أن يدخل الإسلام مع هذا الكره لهذه الشعائر ، وسيحببها الله تعالى له .

وقد قال له النبي (ص) : (( أسلم وإن كنت كارهاً )) .. ومن كان يبغض الله أو رسوله أو دينه ، فهذا لم يسلم قلبه لله .

يقول الله تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [النساء : 65]

فهل من أبغض حكم الله .. أو أبغضه أو أبغض رسوله .. حقق أصل الإيمان الذي أقسم الله - عز وجل - بنفسه الجليلة أنه لا يؤمن إلا من حقق تمام التسليم لحكم الله ؟؟

هذا لا يمكن .

والله أعلم

أبو شعيب
2008-12-03, 06:30 PM
فإن قيل :من كره شيئا مما جاء به الرسول هل يكون مؤمنا ؟ قيل له : لا .ولكنه يعامل معاملة المسلمين ، إلا أن يقول أو يعمل بما يعتقده.
وإن صرّح أنه يكره ما أنزل الله ؟ هل يُعامل معاملة المسلمين ؟ .. وهل يُعقل أن يقول الرسول (ص) لمن يكره الإسلام : ادخل الإسلام دخول المنافقين فيه .. وسنعاملك معاملة المسلمين ونحن نعلم أنك كاره للإسلام ؟؟

الإمام الدهلوي
2008-12-03, 08:01 PM
أخي أبو شعيب وفقك الله تعالى
وهـذا الحديث ينبغي أن يحمل على هذا التأويل حتى لا تتعارض عندنا النصوص الشرعية .
وجزاك الله خيراً على هذا التوضيح
بقية مسألة أخيرة وهي : لمـاذا أخـاز كثير من الفقهاء جواز قبول الإسلام على الشرط الفاسد .. وما هو الشرط الفاسد الذي يصح قبول الإسلام معه أبتـداءً ؟ .

أبو القاسم
2008-12-03, 08:19 PM
أخي الدهلوي..سدده الله
لم يأت في كلامي ما فهمته منه..
والله يرعاك

أبو فيصل الحضني
2008-12-03, 09:49 PM
وإن صرّح أنه يكره ما أنزل الله ؟ هل يُعامل معاملة المسلمين ؟ .. وهل يُعقل أن يقول الرسول (ص) لمن يكره الإسلام : ادخل الإسلام دخول المنافقين فيه .. وسنعاملك معاملة المسلمين ونحن نعلم أنك كاره للإسلام ؟؟

من صرح بسوء ما يضمر أو عمل بموجب ما يعتقده من كراهية شرائع الاسلام ،فإنه ـ كما قلت في مداخلتي ـ لا يعامل معاملة أهل الاسلام.
إنما قال (ص) :{ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إاله إلا الله ،فإن هم قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله }فقوله (ص) "حسابهم على الله "فيه إشارة الى أنه إنما يقبل الظاهر منهم وأما ما تكن صدورهم فلم يكلفه الله أن يشق صدور الناس ليعلم الصادق من غيره.وقد أعلمه الله بالمنافقين بأعيانهم فلم يهج أحدا منهم وظل يعاملهم معاملة المسلمين .
أما قولك [ وهل يُعقل أن يقول الرسول (ص) لمن يكره الإسلام : ادخل الإسلام دخول المنافقين فيه .. وسنعاملك معاملة المسلمين ونحن نعلم أنك كاره للإسلام ؟؟] فلا أدري من أين جئت به .
على أن ها هنا دقيقة لغوية أحب أن أنبه عليها ـ ولك الفضل لأنك كنت سبب عودتي لهذا الموضوع ـ وهي أن الكره لا يقابله الحب ،والكراهية لا تقابلها المحبة ،إنما البغض هو الذي يقابل الحب ،ولهذا جاء في الحديث {..وأن يحب في الله وأن يبغض في الله ...} فقد تكره الطعام ولكنك لا تبغضه،وقد تكره مجالسة رجل وأنت لاتحمل له في قلبك بغضا غاية ما في الأمر أنك تستثقله .فالرجل هنا مستثقل للعمل بشرائع الاسلام ،يشق عليه أداؤها والامتثال لهاولكن هذا لا يلزم منه أنه مبغض لها حاقد على صاحبها.

أبو شعيب
2008-12-03, 10:44 PM
جزاك الله خيراً .. الآن توضحت المسألة ، ويبدوا أننا أُتينا من العجمة .

فالكره غير البغض .. وقد فحصت لسان العرب فوجدت الأمر كما قلتَ .

فكونه يكره الشيء لا يعني أنه يبغضه ، بل يعني أنه يستثقله وينفر منه .

الآن أظن المسألة واضحة بيّنة .. والحمد لله رب العالمين .

عبدالله الجنوبي
2008-12-04, 01:48 PM
الإشكال أننا سواء قررنا أن الكراهية هنا تنافي المحبة القلبية أم لا ، فإن الكراهية في حد ذاته منافية لشرط آخر و هو الطمأنية بالإيمان و عدم وجود الحرج مما أنزله الله تعالى...و هي سبب من أسباب بطلان العمل و منافية للإيمان و بالمناسبة أعيد ذكر الآية التي ذكرها الأخ الدهلوي- حفظه الله- :

يقول الله تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ [8] ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [9] }

و بارك الله فيكم

أبو فيصل الحضني
2008-12-04, 09:34 PM
بقية مسألة أخيرة وهي : لمـاذا أخـاز كثير من الفقهاء جواز قبول الإسلام على الشرط الفاسد .. وما هو الشرط الفاسد الذي يصح قبول الإسلام معه أبتـداءً ؟ .
الحمد لله ...فقد أخرج الأئمة في الصحاح حديث أم عطية الذي تقول فيه لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا) (وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ) قَالَتْ كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَةُ. قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ آلَ فُلاَنٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِى فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَلاَ بُدَّ لِى مِنْ أَنْ أُسْعِدَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِلاَّ آلَ فُلاَنٍ ».
وهذا دليل على صحة الإسلام مع وجود الشرط الفاسد ،ولم أر من شراح الحديث من نبه الى هذا المعنى فيه فالله أعلم بصوابه.
على أن ابن رجب ـ رحمه الله ـ قد ذكر حديث اشتراط ثقيف على رسول الله (ص) أن لا يجاهدوا ولا يزكوا ،وحديث فضالة الليثي الذي ظاهره أنه (ص) قبل منه ألا يصلي إلا العصرين .ثم قال : وأخذ الإمام أحمد بهذه الأحاديث وقال: يصح الإسلام على الشرط الفاسد، ثم يلزم بشرائع الإسلام كلها.
أقول : وقد لبثت زمنا أستشكل هذه الأحاديث ثم تبين لي أن الأمر يتعلق بقاعدة درء أعظم المفسدتين ،فلما كان الشرك بالله أعظم المفاسد على الاطلاق كان درؤه مع ترك اتيان بعض شرائع الاسلام خير من البقاء عليه .

أبو شعيب
2008-12-05, 06:24 AM
على أن ها هنا دقيقة لغوية أحب أن أنبه عليها ـ ولك الفضل لأنك كنت سبب عودتي لهذا الموضوع ـ وهي أن الكره لا يقابله الحب ،والكراهية لا تقابلها المحبة ،إنما البغض هو الذي يقابل الحب ،ولهذا جاء في الحديث {..وأن يحب في الله وأن يبغض في الله ...} فقد تكره الطعام ولكنك لا تبغضه،وقد تكره مجالسة رجل وأنت لاتحمل له في قلبك بغضا غاية ما في الأمر أنك تستثقله .فالرجل هنا مستثقل للعمل بشرائع الاسلام ،يشق عليه أداؤها والامتثال لهاولكن هذا لا يلزم منه أنه مبغض لها حاقد على صاحبها.
مع أنني فحصت لسان العرب ووجدت أن الكره بمعنى المشقة ، وكره الشيء أي استثقله .. ولكنني وجدت في كتاب الله أن الكره يأتي بمعنى البغض .

قال الله تعالى : { ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ، وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان } .

فمقابل الحب هنا هو الكُره ..

جاء في تفسير ابن كثير :

{ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ } أي : وبغّض إليكم الكفر والفسوق
وجاء في البحر المحيط :

فأما قوله : { وكره إليكم الكفر } فعلى التضمين بمعنى بغض ، وهو يتعدى لواحد ، وبإلى إلى آخر ، وبغض منقول بالتضعيف من بغض الشيء إلى زيد.
وفي تفسير آية : { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم } .. يقول ابن كثير :

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ } أي : لا يريدونه ولا يحبونه
فالكره يستلزم ولا بد البغض ، وإن كان البغض ليس داخلاً في معناه ، إلا أن الكره يستلزمه .

هذا فقط للفائدة .

وجزاكم الله خيراً

أبو سلمى رشيد
2009-02-10, 03:00 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وتقبل منكم صالح أعمالكم
اخوتي أنا أعتذر كثيراً وكثيراً جدا على تأخر شكري لكم
حفظكم الله من كل سوء

الإمام الدهلوي
2009-04-18, 06:12 PM
إخواني الكرام وفقكم الله تعالى :
-------------------
الـذي يظهر لي أنه لابـد من التفريق عند الحكم على المـرء بالإسلام بين أمرين :
الأول : أنه مسلم على الحقيقة .
الثاني : أنه مسلم حكماً .
فـإن الحكم بالإسـلام يطلق باعتبارين :
الأول : باعتبار الإسلام الحقيقي في الظاهر والباطن وهو الذي تحصل به النجاة عند الله ، ويُقبل من صاحبه في الآخرة ، وهذا لابد فيه من توفر شروط صحته من : العلم ، والإخلاص ، والصدق ، والإنقياد ، والقبول ، والمعرفة ، واليقين ، والمحبة .
وقـد بوب الإمام البخاري في صحيحه : ( بـاب إذا لـم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الإستسلام أو الخوف )
واستدل على الأول بقوله تعالى : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) سورة الحجرات :14 .
واستدل على الثاني بقوله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) سورة آل عمران : 19 ، وقوله : ( ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ) سورة آل عمران : 85 .
الثاني : باعتبار الإسلام الحكمي في الظاهر فقط ، وهـذا يعصم به المرء دمـه ومـالـه ، ويصير من جملة أهل الإسلام ، وقـد يكون في الباطن على خلاف ذلك كالمنافقين مثلاً ، وهـذا الإسلام الحكمي لا يُشترط في قبوله ظاهراً معرفة تحقق شروط صحته من العلم والمعرفة ، والمحبة والإخلاص ، والصدق واليقين ، بل يكفي الإلتزام وترك ما يناقضه ظاهراً .
يقول الإمام البربهاري رحمه الله : ( ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يَرُدَّ آية من كتاب الله عزوجل أو يرد شيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله، وإذا فعل شيئاً من ذلك فقد وَجَبَ عليك أن تخرجه من الإسلام ، فإذا لم يفعل شيئاً من ذلك فهو مؤمن ومسلم بالإسم لا بالحقيقة ) إهـ شرح السنة (31 ) .
وقـوله : " مؤمن ومسلم بالإسم لا بالحقيقة " أي في الحكم الظاهر الدنيوي ، وهـذا هو الإسلام الحكمي .
ومن الأمثلة الواضحة على هذا الأمـر مـا قـالـه الفقهاء في كتب الفقه من أن الكافر إذا أتى بكلمة الإسلام هـازلاً كـأن ينطق بالشهادتين باختياره ورضاه ، إلا أنه لا يعتقد حقيقة الإسلام في باطنه ولا يرضاه ، وإنما نطق بذلك مازحاً وهازلاً ، فإنه يصير بذلك مسلماً حكماً ، حتى أنه إذا رجع عن ذلك صار مرتداً عند طائفة منهم .
يقول الإمام ابن الهُمام الحنفي رحمه الله تعالى : (ويلزم الإسلام بالهزل بـه ) إهـ تيسير التحرير (2 /299 ) .
وقال العلامة ابن نجيم الحنفي رحمه الله : ( وإذا هزل الكافر بكلمة الإسلام وتبرأ عن دينه هازلاً قالوا : يجب أن يحكم بإيمانه في أحكام الدنيا كالمكره ترجيحاً لجانب الإيمان .. ) إهـ فتح الغفار بشرح أصول المنار(3 /114 ) .
وقال العلامة البخاري الحنفي رحمه الله : ( فأما الكافر إذا هزل بكلمة الإسلام وتبرأ عن دينه هازلاً فيجب أن يحكم بإيمانه في أحكام الدنيا ، لأن الإيمان هو التصديق بالقلب والإقرار باللسان ، وقد باشر أحد الركنين وهو الإقرار على سبيل الرضا والإقرار هو الأصل في أحكام الدنيا فيجب الحكم بالإيمان بناءً عليه ) إهـ كشف الأسرار على أصول البزدوي (4 /369 ) . ويقول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى : ( فلو تكلم الكافر بكلمة الإسـلام هـازلاً ألـزم بـه ، وجـرت عليه أحكامه ظاهراً ) إهـ إعلام الموقعين (3 /319 ) .
قلت : فهذا يدل على أنه إذا تكلم الكافر بالإسلام هازلاً ولا يعتقد حقيقته أنه يصير مسلماً حكماً وفي الظاهر ، مـع أن الهـزل ينافي الصدق الذي هو شرط في صحة الإسلام ، كما أن الهزل في حقيقته لا يبدل القصد والإعتقاد في الباطن ، والهازل بالإسلام رغم أن لفظه لا يكون موافق لاعتقاده ، إلا أن الشارع أهـدر هـذا الظن ولـم يعتبره وأنـاط الأحكام بالطواهر ، والله مطلع على السرائر .
فمـا رأيكم في هذا الكلام ؟ .

أبو سلمى رشيد
2010-03-14, 07:58 PM
يقول الإمام البربهاري رحمه الله : ( ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يَرُدَّ آية من كتاب الله عزوجل أو يرد شيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله، وإذا فعل شيئاً من ذلك فقد وَجَبَ عليك أن تخرجه من الإسلام ، فإذا لم يفعل شيئاً من ذلك فهو مؤمن ومسلم بالإسم لا بالحقيقة ) إهـ شرح السنة (31 ) .
هل الإمام البربهاري - رحمه الله - مصيب في حصره هذا ؟

أبو سلمى رشيد
2010-05-25, 03:06 AM
هل الإمام البربهاري - رحمه الله - مصيب في حصره هذا ؟
هَلْ مِنْ مُجِيب ؟

أبو سلمى رشيد
2012-01-14, 11:15 AM
هَلْ مِنْ مُجِيب ؟
أين أنتم يا اخوة ؟

ابو العلياء الواحدي
2012-01-16, 10:25 PM
الحَمْدُ للَّهِ ... أَبُومُحَمَّد البَرْبَهارِيُّ لاَ يَقْصِدُ حَصْراً ولَكِنَّهُ أَرادَ التَّمْثِيلَ بِجُمْلةٍ مُجْمَعٍ عَلَيْها مِن مُوجِبَاتِ الكُفْرِ .

أبو إسماعيل محمد حلمي
2020-12-09, 08:53 PM
يقول الإمام الزرقاني فى كلامه حول إعجاز القران فى "مناهل العرفان" (364/2):
(( ترتيبه الأوامر والنواهي ترتيبا يسع جميع الناس على تفاوت استعدادهم ومواهبهم فالأوامر الدينية درجات هذا إيمان وهذا إسلام وهذا ركن وهذا فرض وهذا واجب وهذا مندوب مؤكد وهذا مندوب غير مؤكد والمناهي كذلك درجات هذا نفاق وهذا شرك وهذا كفر وهذه كبيرة وهذه صغيرة وهذا مكروه تحريما وهذا مكروه تنزيها وما وراء هذه الأوامر والنواهي فمباحات لكل أن يأخذ وأن يدع منها ما شاء.
ولا ريب أن وضع التشريع على هذا الوجه فيه متسع للجميع وفيه إغراء للنفوس الضعيفة أن تتشرف باعتناق الإسلام ولو في أدنى درجة من درجاته حتى إذا أنست به وذاقت حلاوته تدرجت في مدارج الرقي فمن إيمان إلى إسلام إلى أداء ركن إلى أداء فرض إلى أداء واجب إلى أداء مندوب غير مؤكد ومن ترك نفاق إلى ترك شرك وكفر إلى ترك كبيرة إلى ترك صغيرة إلى ترك مكروه تحريما إلى ترك مكروه تنزيها إلى ترك ما لا بأس به حذرا مما به بأس ومن مجرد أداء للنوافل إلى زيادة فيها وإكثار منها حتى يصل العبد إلى ذلك المقام الذي جاء فيه عن الله تعالى: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه" رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه.
على ضوء هذه السياسة الشرعية الحكيمة التي نزل بها القرآن كان صلى الله عليه وسلم يتدرج بالأقوام رويدا رويدا كما كان يتساهل معهم تأليفا لقلوبهم واستمالة لهم إلى اعتناق الدين على أي وجه ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد بسنده عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم انه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على أن يصلي صلاتين لا خمسا فقبل منه وجاء في رواية أخرى على ألا يصلي إلا صلاة فقبل وعن وهب قال سألت جابر عن شأن ثقيف إذ بايعت فقال اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد ذلك سيتصدقون ويجاهدون رواه أبو داود وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أسلم" قال أجدني كارها قال: "أسلم وإن كنت كارها" رواه أحمد قال الشوكاني في نيل الأوطار بعد أن سرد هذه الأحاديث فيها دليل على أنه يجوز مبايعة الكافر وقبول الإسلام منه وإن شرط شرطا باطلا.))