المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دلالة العام عند بعض الفقهاء



مجدي فياض
2007-04-10, 02:14 PM
معلوم عند الأصوليين أن دلالة العام كلية وليست كلا مجموعا ولا دلالة عددية أي أن الحكم في العام متعلق بكل فرد فرد على حدة وليس متعلق بالمجموع ولا بعدد معين
واستدلوا على ذلك أن الله حرم قتل الأولاد " ولا تقتلوا أولادكم " والمراد النهي عن قتل أي ولد كان لا يقال النهي عن قتل جميع الأولاد ولا النهي عن قتل ثلاثة من الأولاد لأن أولادكم جمع بل لا يجوز قتل ولا واحد ولا ولدان ولا ثلاثة ... وهكذا فدخول الألف واللام على الجمع تسلبه معنى الجمعيه ويصير دلالته كلية على كل فرد فرد
أيضا هناك أنواع من أسماء الأجناس :
1- اسم جنس أحادي مثل الفرس والحمار والعبد أي يصح وصفه بالوحدة ويفرق بين مذكره ومؤنثه بالتاء المربوطة
2- اسم جنس جمعي مثل البقر والنخل والتمر ويفرق بين مفرده وجمعه بالتاء المربوطة فيقال البقرة للواحد سواء كان مذكرا أو مؤنثا ويقال البقر للجمع
3- اسم جنس إفرادي وهو ما يستوي فيه القليل والكثير مثل الماؤ والتراب والذهب
وهذا كله مقدمة للموضوع وتوطئة للأسئلة المراد الإجابة عنها
أولا :بعض أهل العلم جعل اسم الجنس الجمعي دلالته دلالة عدد كما في مسئلة النخل التي أبرت والاشتراط فيها إذ جعل الحكم متعلقفقط بثلاث نخلات فصاعدا لكن نخلا جمع نكرة في سياق الشرط دلالته دلالة كلية فيستوى الحكم بين النخلة الواحدة والنخلتان والثلاثة
وهل يصح بيع تمرة بتمرة متفاضلا أو تمرتين بتمرتين متفاضلا وبزيادة لأن النص جاء في التمر وهو لا يقع على أقل من ثلاثة ؟؟
2- بعض أهل العلم أيضا حينما تكلم على مصارف الزكاة اشترط أن لا بد أن يعطي ثلاثة أنفس فصاعدا لأن الفقراء والمساكين جمع كما في المحلى 6/144 وإن كان ابن حزم قال واسم الجمع لا يقع إلا على ثلاثة فصاعدا .. " فالاعتراض هنا أن الفقراء جمع وليس اسم جمع كما أن اشتراط عدد الثلاثة هذا في حالة مجيء فقراء أو مساكين منكرة في سياق اللإثبات مثل أعطوا فقراء أما أن تأتي معرفة فلا يقال هنا بالعدد بل دلالته كلية وهل لو أمر الله بقتل المشركين هل لا بد لكي يحدث الامتثال للأمر أن يقتل ثلاثة مشركين أم كل ما وجد مشرك ولو واحد وجب قتله
على أن ابن حزم في المحلى 4 / 24 4/ 26 كان يذهب إلى أن المنهي عنه موضع بروك ثلاثة من البعير فصاعدا ثم رجع عن ذلك وقال بل لو برك بعير واحد وكان معدا لبروكه في ذلك المكان لا يجوز الصلاة فيه مع أن الإبل اسم جمع وليس جمعا لأنه لا واحد له من لفظة فلماذ فرق ابن حزم بين الإبل والمساكين !!
فنرجو توضيح المذهب الراجح في دلالة العام في اسم الجنس الجمعي هل هي كلية كباقي مسائل العام أم عددية أقله ثلاثة ؟
وهل الجمع المعرف بالألف واللام هل دلالته كلية أم مرتبطة بعدد ما أقله ثلاثة ؟
وبيان سبب هذه التفريقات وبيان الصواب منها
وجزاكم الله خيرا

أبو مالك العوضي
2007-04-11, 10:13 AM
ابتداء أحب أن أوضح فرقا مهما جدا ينبغي التنبه له، وهو التفريق بين مخاطبة الجمع بالجمع، وبين مخاطبة المفرد بالجمع

فإن قوله تعالى : { ولا تقتلوا أولادكم } { واقتلوا المشركين } مخاطبة للجمع بالجمع، ومن ذلك أيضا قوله تعالى: { ولا تجعلوا لله أندادا }، و{واجنبني وبني أن نعبد الأصنام}، {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} {ولا تنكحوا المشركات} والنصوص في ذلك كثيرة جدا.
فكل هذه النصوص مخاطبة للجمع بالجمع، فيكون المعنى توزيع كلٍ على كلٍ، أي لا يفعل كلُ واحد منكم كلَ واحد من هذه الأفعال، ولا يقول عاقل: إن {لا تنكحوا المشركات} معناه إباحة نكاح مشركة واحدة ! وكذلك في باقي هذه النصوص.

أما إن كان الخطاب للواحد بالجمع، فحينئذ هناك مجال للاختلاف في الفهم بين أهل العلم، ولذلك اختلفوا في مثل (من باع نخلا)؛ لأن الخطاب هنا للواحد (من باع)، فيحتمل أن يكون للنخل حكم يختلف عن نخلة واحدة.

مجدي فياض
2007-04-11, 12:47 PM
نعم كلامك صحيح في مخاطبة الجمع بالجمع، وبين مخاطبة المفرد بالجمع
لكن ما الراجح في مخاطبة المفرد بالجمع واسم الجنس الجمعي ؟؟
لاحظ الإبل اسم جمع بينما الفقراء جمع
ابن حزم ذهب إلى تعلق الحكم بثلاث من الإبل ثم رجع عن ذلك المحلى 4 /24 , 26
بينما في مصارف الزكاة اشترط ثلاثة فصاعدا
وهل اسم الجنس الجمعي مثل النخل والتمر يتعلق حكمه بعدد ما أقله ثلاثة أم لا يشترط ؟؟

بانتظار إكمال مشاركتك

أبو مالك العوضي
2007-04-11, 01:01 PM
أخي الكريم

ينبغي أن أوضح لك طريقتي في بحث مثل هذه المسائل؛ وهي منهجية ينبغي التمسك بها في البحث عموما، وهي التفريق بين ( فهم كلام أهل العلم وتنزيله على وجهه )، وبين ( الترجيح بين الأقوال المختلفة )

فإن الترجيح يا أخي الكريم ليس مسألة سهلة، بل أحيانا يتردد الإنسان عشرين سنة قبل أن يرجح قولا على قول ! وهذا كثير عند أهل العلم، كما قاله السيوطي في بعض المسائل في حياة الأنبياء أظن، وقال القرافي في الفروق إنه بحث مسألة واحدة ثماني سنين ! وغير ذلك مما هو مشهور عند أهل العلم.

لأن الترجيح يقتضي من الباحث أن يستوعب جوانب النظر في المسألة، وهذا لا يتيسر لكل أحد، بل لا يتيسر إلا لمن قضى عمرا طويلا في البحث والدرس والفحص والتمحيص، ولذلك تجد كثيرا من أهل العلم يرجحون قولا على قول ثم لعلهم يرجعون إلى قول آخر بعد سنين طويلة !

ولذلك فإن طالب العلم ينبغي أن يكون همه ابتداءً فهم كلام أهل العلم فهما صحيحا، ومعرفة محل الخلاف والوفاق معرفة صحيحة؛ لأن كثيرا من الناس يعد كلام أهل العلم خلافا وعند التحقيق تجد المعاني متفقة، وقد ذكر الشاطبي في أواخر الموافقات عشرة أوجه ينبغي مراعاتها عند نقل الخلاف، فإن مجرد فهم أقوال أهل العلم وتحقيق موطن النزاع مسألة صعبة، وقد أخطأ فيها كثير من كبار أهل العلم فضلا عن صغارهم.

وأما الترجيح بين الأقوال، فينبغي أن يكون مرحلة تالية بعد ذلك، وبعد المبالغة والاستقصاء واستفراغ الوسع في البحث وعدم الاكتفاء بما هو مسطر في أدلة كل فريق؛ لأننا وجدنا كثيرا من المسائل عليها أدلة ليست مذكورة في مواطنها من مناظرات أهل العلم !

وأما ما ذهب إليه ابن حزم من اشتراط ثلاثة في الفقراء والمساكين، فلا أعرف هل وافقه أحد على ذلك أو لا، ولكني أظن ذلك بعيدا؛ لأن النص أصلا فيه رد جمع على جمع كما سبق ذكره { إنما الصدقات للفقراء ... }، (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)، وغير ذلك من النصوص.

وأما تحقيق القول في المسألة التي ذكرتَها فالخطوة الأولى في ذلك هي تجميع أكبر قدر من النصوص الشرعية المشتملة على ذلك، وسأحاول جمع ما أستطيع، وساعدني أنت بجمع ما تستطيع ثم ننظر فيها معا.
والله الموفق والهادي

مجدي فياض
2007-04-11, 02:10 PM
1- لا حظ أخي الفاضل أن الفقراء جمع وكذلك المساكين لكنه جمع معرف فسلبت عنه معنى الجمعية وصار كاسم الجنس أي لو جاء نص بقتل المشركين مثل " اقتل المشركين " دلالته تختلف عن " اقتل مشركين " فالأول جمع معرف وسلب عنه معنى الجمعية للتعريف فدلالته دلالة العام بينما الثاني جمع منكر في سياق الإثبات أقله ثلاثة
2-يغلب على ظني أن ابن حزم موافق للشافعي في اشتراط ثلاثة أنفس فصاعدا لمصارف الزكاة
3- لا حظ أيضا أخي الفاضل أن هناك جمع واسم جمع واسم جنس جمعي فهل الحكم يختلف في كل واحد منها فالإبل اسم جمع ومع ذلك ابن حزم جعل الحكم مرتبط بواحد فصاعدا بينما نخل اسم جنس جمعي جعله ابن حزم مرتبط بثلاثة فصاعدا وكذلك فعل ابن حزم في وله تعالى " فإن كان له إخوة .. " جعل ذلك مرتبط بثلاثة فصاعدا على أن إخوة جمع وليست اسم جمع
4- قوله تعالى " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " آلهة جمع منكر في سياق الشرط كما أن نخلا اسم جمعا جنسي منكر في سياق الشرط " من باع نخلا .. " فهل يقال الحكم بالفساد متعلق بوجود ثلاث آلهة فصاعدا أما اثنان فلا , طبعا لا يقول ذلك مسلم , فالفساد متعلق بوجود إله واحد ولا يشترط ثلاثة فصاعدا فلماذا يقال في النخل وهي اسم جنس جمعي منكر في سياق الشرط وكذلك إخوة وهو جمع منكر في سياق الشرط متعلق بثلاث فصاعدا , هذا هو محل الإشكال عندي ؟؟ وهل يجوز بيع التمرة بالتمرتين تفاضلا ونسيئة لأن النص جاء في التمر وهو اسم جنس جمعي أقله ثلاثة ؟؟

وجزاكم الله خيرا

أبو مالك العوضي
2007-04-11, 06:27 PM
مجدي فياض:
3- لاحظ أيضا أخي الفاضل أن هناك جمع واسم جمع واسم جنس جمعي فهل الحكم يختلف في كل واحد منها

قلت:
لا يختلف الحكم بينها بحسب ما رأيتُ من كلام الأصوليين

مجدي فياض
2007-04-11, 11:48 PM
أخي الفاضل أنا ألاحظ دائما لما يحدث اقتباس المتصفح عندي لا يظهر حوالي كلمتين من أول السطر
فليتك أخي الفاضل لا تستخدم اقتباس
وأرسل لي استفسارك الأخير مرة أخرى لو سمحت
وجزاكم الله خيرا

أبو مالك العوضي
2007-05-03, 05:49 AM
قد يستفاد في هذا الباب مما يذكره علماء المعاني والبيان من دلالة قرائن الحال والمقال على المراد

قال ابن الوزير في <ترجيح أساليب القرآن >:

(( ..... ويوضح ما ذكرت أنك إذا قلت في النفي: ما جاء رجل أفاد العموم، فإذا جعلت الرجال موضع رجل تغير المعنى، فيتغير العموم، وقد ذكره مختار في المجتبى وقال: هو مثل ما جاء عشرة رجال لا يفيد مجيء التسعة فما دونها وأجاب عن قوله {لا تدركه الأبصار} بأن العموم مستفاد من معنى المدح كقولنا: فلان لا يفعل القبائح فإنه يعلم من معنى المدح أنه لا يراد أن يفعل بعضها )).

قلت: ومن ذلك أيضا قوله تعالى: { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث }، فإنه لا يقول عاقل: إن الطيبات لا تحل إلا إن كانت ثلاثا فأكثر، وأن الخبائث لا تحرم إلا إن كانت ثلاثا فأكثر.

مجدي فياض
2007-05-03, 10:28 AM
أخي الفاضل :
المستقر عندي بل وهو موجود في كتب الأصول أن دلالة العام كلية أن متعلقة بكل فرد فرد على حدة ولا ارتباط بين فرد وآخر فمثلا حينما يأمر الله بقتل المشركين فكل مشرك الأمر متوجه بقتله ولا يقال أنا قتلت مشركا واحدا فيكفي وعلى هذا فلو لم يجد في العالم إلا مشرك واحد فقتله يكون امتثل للأمر لأنه كما قلنا دلالة العام كليه متعلقة بكل فرد فرد فلا يقال هو لم يمتثل لأنه لم بقتل ثلاثة من المشركين لأنه لم يجد إلا واحدا أما لو وجد ثلاثة وقتل واحدا فقط يكون هنا ليس ممتثلا
وعلى هذا فالطيبات كل ما هو طيب واحد أو أو ثلاثة أو أربع وهكذا فكل ما وجد طيب كان حلالا ولا يقال هو ليس حلالا إلا أن يكون ثلاثا فصاعدا
أما بالنسبة لمصاريف الزكاة فالله عز وجل أمر بإعطاء الزكاة للفقراء والمساكين ولنطبق ما قلناه فنقول هذا الحكم متعلق بكل مسكين مسكين لا ارتباط بين واحد وآخر فكلما وجد مسكين تعين إعطاءه من الزكاة لكن لو فرض إنسان أعطى كل زكاته لمسكين واحد فجاءه مسكين آخر هنا لا يمكن أن يعطى من الزكاة لأن الزكاة نفذت بخلاف القتل فالقتل لأنه عمل لا ينفذ أما المال والزكاة تنفذ بإخراجها لذا لو أعطى مسكين واحد كل زكاته فلا حرج ولو أعطى نصفها لمسكسن ونصفها الآخر لمسكين آخر فلا حرج لأنه ممتثل فلا يشترط ثلاثة فصاعدا كما قال ابن حزم وأظنه مذهب الشافعي

لكن بقي محل الإشكال هل اسم الجنس الجمعي واسم الجمع دلالته كليه مثل الجمع أم لا ولماذا ؟؟
وهل حديث : من باع نخلا .. " نخلا اسم جنس جمعي متعلق بثلاث نخلات فصاعدا أم لا ؟؟
وهل يجوز بيع التمرة بالتمرتين متفاضلا لأن التمر اسم جنس جمعي أم لا ؟؟
وهل الإبل وهي اسم جمع دلالته كليه أم مرتبطة بعدد ما فصاعدا
وجزاكم الله خيرا