تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إعادة الجماعة فى مسجد الجماعة



سعيد عبد الله
2025-08-24, 02:40 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
قد وضع أبو بكر بن أبى شيبة رحمه الله فى مصنفه كتابا للرد على أبى حنيفة رحمه الله فى ما خالف فيه - بزعمه - الأثر الذى جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأت الكتاب وجدت أن ابن أبى شيبة قد أسرف على نفسه فى رده على أبى حنيفة وزعمه أنه خالف الأثر. فمن ذلك أنه احتج فى بعض الأبواب بأحاديث ضعاف لا يثبت أهل الفقه مثلها ولا يحتجون بها ومن ذلك أنه خالف جماعة أهل العلم فى غير مسألة فإما أتى بحديث ضعيف فقال به وأهل العلم على خلافه أو أنه أتى بحديث له تأويل قد تأوله أهل العلم وقالوا به وتأوله أبو بكر على خلاف ما تأولوه. وفى الكتاب أيضا مسائل لم ينفرد أبو حنيفة بالقول بها بل كثير منها قول الجمهور ومنها قول مالك وأبى حنيفة وكثير منها قول فقهاء الكوفيين أخذه عنهم أبو حنيفة كإبراهيم النخعى وعامر الشعبى. ومن هذه المسائل ما خالف فيه أبو حنيفة الأثر حقا. فأردت أن أجمع أقوال أهل العلم فى هذه المسائل لأرى ما أصاب فيه ابن أبى شيبة وما أخطأ فيه من عيبه على أبى حنيفة خلاف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا رابط الكتاب الذى فيه المسائل التى جمعت أقوال أهل العلم فيها ولم أنته بعد من مسائل الكتاب كلها:
https://archive.org/details/20250810_20250810_2127


[من مسائل الجماعة]
قال أبو بكر حدثنا عبدة عن ابن أبي عروبة عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال: "جاء رجل وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم" قال: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أيكم يتجر على هذا؟» قال: "فقام رجل من القوم فصلى معه"
قال أبو بكر: وذكر أن أبا حنيفة قال: لا تجمعوا فيه

هذه مسألة قد خالف فيها أبو بكر بن أبى شيبة أكثر أهل العلم وهى مسألة إعادة الجماعة فى مسجد الجماعة وقد اختلف أهل العلم فيها فقال أكثرهم لا تعاد الجماعة فى مسجد الجماعة لئلا يطمع بذلك أهل البدع فيتخذوا لأنفسهم جماعة غير جماعة المسلمين وأجازوا إعادة الجماعة فى مساجد المسافرين التى ليس فيها إمام راتب وهذا قول مالك والشافعى وأبى حنيفة وسفيان الثورى والأوزاعى والليث بن سعد وقال الشافعى إنه قول السلف من قبلهم. وقال مالك إن من صلى الصلاة فى جماعة فلا يعيد تلك الصلاة فى جماعة بعد ذلك لأن الذى جاء به الحديث إنما هو فى الرجل يصلى وحده ثم يدرك الجماعة.
وقال غيرهم تعاد الجماعة فى مسجد الجماعة وهذا قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وابن المنذر.
قال الشافعى: "وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته فيه الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي، وإن لم يأته وصلى في مسجد منفردا فحسن وإذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلا، أو رجالا فيه الصلاة صلوا فرادى ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه وإنما كرهت ذلك لهم؛ لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم (قال الشافعي) : وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرق الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام جماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة وفيهما المكروه.
وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن، فأما مسجد بني على ظهر الطريق، أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام معلوم ويصلي فيه المارة ويستظلون فلا أكره ذلك فيه؛ لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره وإن صلى جماعة في مسجد له إمام، ثم صلى فيه آخرون في جماعة بعدهم كرهت ذلك لهم لما وصفت وأجزأتهم صلاتهم" (الأم 1/180)
قال سحنون: " قال ابن القاسم: وقال مالك في مسجد على طريق من طرق المسلمين ليس له إمام راتب، أتى قوم فجمعوا فيه الصلاة مسافرين أو غيرهم ثم أتى قوم من بعدهم، فلا بأس أن يجمعوا فيه أيضا وإن أتى كذلك عدد ممن يجمع فلا بأس بذلك.
قلت لابن القاسم أرأيت مسجدا له إمام راتب إن مر به قوم فجمعوا فيه صلاة من الصلوات أللإمام أن يعيد تلك الصلاة فيه بجماعة؟ قال: نعم، وقد بلغني ذلك عن مالك.
قلت: فلو كان رجل هو إمام مسجد قوم ومؤذنهم أذن وأقام فلم يأته أحد فصلى وحده ثم أتى أهل ذلك المسجد الذين كانوا يصلون فيه؟
قال: فليصلوا أفذاذا ولا يجمعون لأن إمامهم قد أذن وصلى، قال: وهو قول مالك.
قلت: أرأيت إن أتى هذا الرجل الذي أذن في هذا المسجد وصلى وحده إلى مسجد آخر فأقيمت عليه فيه الصلاة أيعيد مع الجماعة أم لا في قول مالك؟
قال: لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكن لا يعيد لأن مالكا قد جعله وحده جماعة.
قال: وقال مالك: إذا أتى الرجل المسجد وقد صلى أهله فطمع أن يدرك جماعة من الناس في مسجد آخر وغيره فلا بأس أن يخرج إلى تلك الجماعة قال: وإذا أتى قوم وقد صلى أهل المسجد فلا بأس أن يخرجوا من المسجد فيجمعوا وهم جماعة إلا أن يكون المسجد الحرام أو مسجد الرسول فلا يخرجون، وليصلوا وحدانا لأن المسجد الحرام أو مسجد الرسول أعظم أجرا لهم من صلاتهم في الجماعة، قال ابن القاسم: وأرى مسجد بيت المقدس مثله.
قال سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر قال: دخلت مع سالم بن عبد الله مسجد الجحفة وقد فرغوا من الصلاة فقالوا: ألا تجمع الصلاة؟ فقال سالم: لا تجمع صلاة واحدة في مسجد واحد مرتين.
قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة والليث مثله" (المدونة - المسجد تجمع الصلاة فيه مرتين)
قال محمد بن الحسن: "وقال أبو حنيفة رحمه الله في مؤذن أذن لقوم ثم انتظر هل يأتيه احد فلم يأته أحد فأقام وصلى وحده ثم جاء الناس بعد أن يفرغ أيعيد الصلاة معهم قال لا يعيد الصلاة معهم ولا يجمع في مسجد مرتين وقال أهل المدينة مثل قول أبي حنيفة وقال أهل المدينة ومن جاء بعد انصرافه فليصل لنفسه وحده" (الحجة على أهل المدينة 1/78)
قال أبو جعفر الطحاوى: "قال أصحابنا ومالك والثوري والحسن بن حي والليث والشافعي إذا صلى فيه أهله لم يعد الجماعة فيه وإن كان مسجدا على الطريق صلى فيه قوم جماعة ثم جاء آخرون فلا بأس بأن يصلوا جماعة وقال الليث لا تعاد الجماعة في تلك الصلاة في المسجد الذي على الطريق غير من صلى فيه قوم جماعة ثم جاء آخرون فلا بأس بأن يصلوا جماعة في الصحراء ويجمعون فيه صلاة أخرى
وقال بعض أهل الحديث يعاد في المسجد الذي له إمام ومؤذن
واحتجوا بما روى وهيب بن خالد قال حدثنا سليمان الأسود الناجي قال حدثنا أبو المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وحده فقال ألا رجل يتصدق على هذا يصلي معه
قال وهذا لا حجة فيه لأنه لم يذكر أنه كان في مسجد قد صلى فيه أهله
وفي إسناده سليمان الناجي وهو غير معروف" (مختصر اختلاف العلماء - في إعادة الجماعة في المسجد)
وسليمان الناجى ثقة وثقه على بن المدينى وغيره.
قال أبو بكر حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن أنه كان يقول: "يصلون فرادى"
قال أبو بكر حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة قال: "يصلون فرادى"
قال أبو بكر حدثنا وكيع عن أبي هلال عن كثير عن الحسن قال: "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، إذا دخلوا المسجد وقد صُلي فيه صلوا فرادى"
قال أبو بكر حدثنا وكيع عن أفلح قال: دخلنا مع القاسم المسجد وقد صُلي فيه، قال: فصلى القاسم وحده.
قال إسحاق بن منصور: "قلت: يصلي في مسجد قد صلي فيه مرة جماعة؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال. قال إسحاق: وأما إعادة الجماعة في مسجد الجماعة بعد مما صلي فيه مرة فحسن جميل، قد فعل ذلك أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" (مسائل الكوسج 253)
قال إسحاق بن منصور: "قلت: إذا صلى مرة يعيد في الجماعة؟
قال: إذا أقيمت الصلاة وهو في المسجد يعيد، وإذا لم يكن في المسجد فلا يدخل.
وقال: كل الصلوات يصليها إذا كان في المسجد إلا أنه يشفع المغرب.
قال إسحاق: كما قال" (مسائل الكوسج 255)
قال أبو بكر حدثنا شريك عن عبد الله بن يزيد قال: "دخلت مع إبراهيم، مسجد محارب وقد صلوا فأمني"
قال أبو بكر حدثنا وكيع عن مسافر الجصاص عن فضيل بن عمرو أن عدي بن ثابت، وأصحابا له رجعوا من جنازة فدخلوا مسجدا، وقد صلي فيه فجمعوا فكره ذلك إبراهيم.
وهذا اختلاف من قوله.
قال أبو بكر حدثنا أبو معاوية عن عمرو بن محمد عن عطاء أنه صلى هو وسالم بن عطية، في المسجد الحرام في جماعة، بعدما صلى أهله.
قال أبو بكر حدثنا حفص عن أشعث عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن تصلى الجماعة بعد الجماعة في مسجد الكلاء بالبصرة.
قال أبو بكر حدثنا هشيم قال أخبرنا منصور عن الحسن قال: "إنما كانوا يكرهون أن يجمعوا مخافة السلطان"
وهذا خلاف قوله الأول.