تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النكاح على المهر الفاسد ونكاح التفويض بغير مهر



سعيد عبد الله
2025-08-23, 03:34 AM
[النكاح على المهر الفاسد ونكاح التفويض بغير مهر - من مسألة المهر من الرد على ابن أبى شيبة]
وإذا نكح الرجل المرأة على مهر فاسد لا يحل كأن ينكحها على خمر أو خنزير أو ثمرة لم يبد صلاحها تترك إلى الجذاذ أو غرر أو بعير شارد أو عبد آبق وغير ذلك مما لا يحل بيعه فإن أكثر أهل العلم يقولون إن النكاح صحيح جائز لازم ولا تملك المرأة أن تفارق وهو قول الشافعى وأحمد وأبى حنيفة وقال الشافعى لها مهر مثلها وقال أحمد وأبو حنيفة لها مثله إن كان له مثل وإلا فقيمته. وقال أبو حنيفة فى ما لم يكن موجودا الجنين وما تلد غنمه أو جاريته فلا مثل له ولا قيمة ولها مهر مثلها. وقال مالك يفسخ هذا النكاح إن أدركه السلطان قبل الدخول فإن دخل بها فقد ثبت النكاح ولا يملك السلطان أن يفرق بينهما ولها مهر مثلها.
قال ابن القاسم: "إلا أن مالكا قال في الرجل يتزوج المرأة على الصداق المجهول على ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها أو على بعير شارد أو على عبد آبق أو على ما في بطن أمته، أنه إن لم يدخل بها فرق بينهما وإن دخل بها لم يفسخ نكاحهما وثبت وكان لها صداق مثلها" (المدونة 2/146)
قال الشافعى: "في عقد النكاح شيئان أحدهما العقدة والآخر المهر الذي يجب بالعقد فلا يفسد العقد إلا بما وَصَفْنَا العقدَ يفسدُ به من أن يُعْقَدَ منهيا عنه وليس المهر من إفساد العقد ولا إصلاحه بسبيل ألا ترى أن عقد النكاح بغير مهر مسمى صحيح فإذا كان العقد منهيا عنه لم يصح أن يكون عقد بمهر صحيح أو لا ترى أن عقد النكاح يكون بلا مهر فيثبت النكاح ولا يفسد بأن لم يكن مهر ويكون للمرأة إذا وُطِئَت مهر مثلها.
(قال الشافعي) : وهذا الموضع الذي يخالف فيه النكاح البيع لأن البيع إذا وقع بغير ثمن لم يجب وذلك أن يقول قد بعتك بحكمك فلا يكون بيعا وهذا في النكاح صحيح فإن قال قائل من أين أجزت هذا في النكاح ورددته في البيوع وأنت تحكم في عامة النكاح أحكام البيوع؟ قيل قال الله عز وجل {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء} إلى {ومتعوهن} وقال تبارك وتعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} فأعلم الله تعالى في المفروض لها أن الطلاق يقع عليها كما أعلم في التي لم يفرض لها أن الطلاق يقع عليها والطلاق لا يقع إلا على زوجة والزوجة لا تكون إلا ونكاحها ثابت قال ولم أعلم مخالفا مضى ولا أدركته في أن النكاح يثبت وإن لم يسم مهرا وأن لها إن طلقت وقد نكحت ولم يسم مهرا المتعة وإن أصيبت فلها مهر مثلها فلما كان هذا كما وصفت لم يجز أبدا أن يفسد النكاح من جهة المهر بحال أبدا فإذا نكحها بمهر مجهول أو مهر حرام البيع في حاله التي نكحها فيها أو حرام بكل حال قال فذلك كله سواء وعقد النكاح ثابت والمهر باطل فلها مهر مثلها إن طلقها قبل أن يدخل بها لأنها سمت مهرا وإن لم يجز بأنه معلوم حلال ولم يحل لأنها لم ترد نكاحه بلا مهر.
وذلك مثل أن ينكح بثمرة لم يبد صلاحها على أن يدعها إلى أن تبلغ فيكون لها مهر مثلها وتكون الثمرة لصاحبها لأن بيعها في هذه الحال لا يحل على هذا الشرط ولو نكحت بها على أن تقطعها حينئذ كان النكاح جائزا فإن تركها حتى يبدو صلاحها فهي لها وهو متطوع ومتى قام عليها بقطعها فعليها أن تقطعها في أي حال قام عليها فيها قال ولو نكحها بخمر أو خنزير فالنكاح ثابت والمهر باطل ولها مهر مثلها وكذلك إن نكحته بحكمها أو حكمه فلها مهر مثلها وإن حكمت حكما أو حكمه فرضيا به فلهما ما تراضيا عليه وإنما يكون لهما ما تراضيا عليه بعدما يعرفان مهر مثلها ولا يجوز ما تراضيا عليه أبدا إلا بعدما يعرفان مهر مثلها" (الأم - المهر الفاسد)
قوله: "والزوجة لا تكون إلا ونكاحها ثابت" يعنى لا تملك أن تفارق والزوجة عند أهل العلم جميعا هى التى ملك عليها زوجها بضعها فلا تملك أن تفارقه.
قال الشافعى: "قال الله تبارك وتعالى {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن وقال {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} وقال عز وجل {للذين يؤلون من نسائهم} وقال {الذين يظاهرون منكم من نسائهم} وقال {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} وقال عز وجل {ولهن الربع مما تركتم} مع ما ذكر به الأزواج ولم أعلم مخالفا في أن أحكام الله تعالى في الطلاق والظهار والإيلاء لا تقع إلا على زوجة ثابتة النكاح يحل للزوج جماعها وما يحل للزوج من امرأته إلا أنه محرم الجماع في الإحرام والمحيض وما أشبه ذلك حتى ينقضي ولا يحرم أن ينظر منها إلى ما لا ينظر إليه غيره ولم أعلم مخالفا في أن الميراث بين الزوجين لا يكون إلا في نكاح صحيح وأن يكون دينا الزوجين غير مختلفين ويكونا حرين فكل نكاح كان ثابتا وقع فيه الطلاق وكل من وقع عليه الطلاق من الأزواج وقع عليه الظهار والإيلاء" (الأم - من يقع عليه الطلاق من النساء)
قال الشافعى: "فإذا عتقت الأمة عند العبد فلها الخيار فإن أوقع عليها الطلاق بعد العتق قبل الخيار فالطلاق موقوف فإن ثبتت عنده وقع وإن فسخت النكاح سقط" (الأم 5/269)
فهذا يبين لك معنى قوله إن نكاحها ثابت.
قال فى الأصل: "وإذا تزوج الرجل المرأة على ما في بطن جاريته أو على ما في بطون غنمه أو على ما تحمل نخله أو على ما تخرج أرضه العام أو على ما يكسب غلامه فإنه لا يكون شيء من هذا مهرا، والنكاح جائز عليه، ولها مهر مثلها إن دخل بها أو مات عنها أو ماتت هي. ولها المتعة إن طلقها قبل الدخول." (الأصل 10/238)
قال: "وإذا تزوج الرجل المرأة على خمر أو خنزير وهما مسلمان أو على شيء مما لا يحل كان النكاح جائزا، وكان لها مهر مثلها إن طلقها أو مات عنها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وإذا تزوج الرجل المرأة على حكمه أو على حكمها كان النكاح جائزا، ولها مهر مثلها إن مات عنها أو ماتت هي أو دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول" (الأصل 10/244)
قال: "وإذا تزوج الرجل المرأة على عبد بعينه فاستحق ذلك العبد أو مات فإن لها عليه القيمة يوم تزوجها عليه. وكذلك لو استحق عندها. وإن كان حرا فإن في هذا قولين. أما أحدهما فإن لها مهر مثلها إن دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك إن تزوجها على دن من خل فإذا هو خمر فلها مهر مثلها في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن لها مثل هذا الدن خل وسط. ولا يشبه هذا الباب الأول في قولهما من قبل أن العبد جنس واحد، والخل والخمر جنسان مختلفان، فمن ثم اختلفا. وفي قول أبي حنيفة لها مهر مثلها. وقال أبو يوسف بعد ذلك: لها في الحر قيمته عبدا" (الأصل 10/238)
قال ابن قدامة: "وكذلك إذا تزوجها على عبد فخرج حرا، أو استحق، سواء سلمه إليها أو لم يسلمه. وجملة ذلك أنه إذا تزوجها على عبد بعينه، تظنه عبدا مملوكا فخرج حرا، أو مغصوبا، فلها قيمته. وبهذا قال أبو يوسف، والشافعي في قديم قوليه. وقال في الجديد: لها مهر المثل، وقال أبو حنيفة ومحمد في المغصوب كقولنا، وفي الحر كقوله؛ لأن العقد تعلق بعين الحر بإشارته إليه، فأشبه ما لو علماه حرا" (المغنى - مسألة تزوجها على عبد فخرج حرا)

وإذا تزوج الرجل المرأة على عرض من العروض فوجدته معيبا أو مخالفا للصفة التى اشترطت عليه كأن ينكحها على ثوب فتجد به عيبا أو على عبد أو أمة فتجده معيبا أو ينكحها على دار فتجدها معيبة أو على غير الصفة التى نكحها عليها أو على حيوان فتجد به عيبا ففى قول أهل العلم جميعا لا تملك المرأة أن تفارق ولها إن ردت المهر لعيبه مثله إن كان له مثل وقيمته صحيحا إن لم يكن له مثل وهذا قول مالك وأحمد وأبى حنيفة وقول الشافعى القديم على اختلاف بينهم فى العيوب التى يرد بها المهر والرجوع بأرش العيب نحوا من اختلافهم فى البيوع. وقال الشافعى بمصر لها مهر مثلها لا قيمة المهر صحيحا وقوله الأول الموافق لجماعة أهل العلم أحب إلى.
وقد قال الشافعى إنه لا يعلم فى هذه المسألة خلافا أن المرأة لا تملك أن تفارق لا قبل الدخول ولا بعده. وقد كان قياس قول مالك أن يفسخ هذا النكاح قبل الدخول ويثبت بعده غير أنه ترك قياس قوله لإجماع أهل العلم وكان ابن تيمية الحرانى يزعم أن هذا قول المسلمين جميعا ثم يعيبه عليهم ويقول قد أخطأوا النظر. وقبح الله قوله هذا وما العيب على المسلمين إلا عين الجهل والخطأ.
قال الشافعى: "فإن قال قائل: فأراك أنزلت صدقات النكاح منزلة البيوع وأنت تقول المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا فيكون المرأة والرجل بالخيار في الصداق ما لم يتفرقا، قيل لا، فإن قال قائل: فما فرق بينهما؟ قيل إنا لما جعلنا - ولم يخالفنا أحد علمناه - النكاح كالبيوع المستهلكة فقلنا إذا كان الصداق مجهولا فللمرأة مهر مثلها ولا يرد النكاح كما قلنا في البيع بالشيء المجهول يهلك في يدي المشتري وفي البيع المعلوم فيه الخيار لصاحبه فيه قيمته حكمنا في النكاح إذا كان حكمه لا يرد عقده أنه كبيع قد استهلك في يد مشتريه، ألا ترى لو أن رجلا اشترى من رجل عبدا على أنه بالخيار يومه أو ساعته فمات قبل مضي وقت الخيار لزمه بالثمن لأنه ليس ثم عين ترد والنكاح ليس بعين ولا يكون للمتناكحين خيار لما وصفت" (الأم 5/72)
قال سحنون: "قلت: أرأيت إن تزوجها على قلال من خل بأعيانها فأصابتها خمرا؟ قال: أراها بمنزلة التي تزوجت على مهر فأصابت بمهرها عيبا أنها ترده وتأخذ مثله إن كان مما يوجد مثله أو قيمته إن كان مما لا يوجد مثله" (المدونة – 2/148)
قال سحنون: "قلت: أرأيت إن تزوج رجل امرأة على عبد بعينه فدفعه إليها ثم أصابت المرأة بالعبد عيبا؟ قال: قال مالك: ترد ولها قيمته وهذا مثل البيوع سواء، فإن كان قد فات العبد عندها بعتاقة أو بشيء يكون فوتا فلها على الزوج قيمة العيب، وإن كان قد دخله عيب مفسد، فالمرأة بالخيار إن شاءت حبست العبد ورجعت بقيمة العيب وإن أحبت ردت العبد وما نقصه العيب عندها ورجعت بالقيمة" (المدونة 2/149)
وفى قول الشافعى إذا أمكن الرد فى البيوع وكذلك الصداق فليس له إلا أن يرد أو يمسك ولا يرجع بأرش العيب وإذا حدث به عيب بعد القبض فليس له أن يرده معيبا ويرجع بفرق ما بين قيمته صحيحا ومعيبا.
قال سحنون فى دعوى الصداق: "وأصل هذا كله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اختلف البيعان والسلعة قائمة فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار» وقال أيضا: «إذا اختلف البائع والمبتاع والسلعة قائمة فالقول قول البائع ويتحالفان ويتفاسخان» فهكذا المرأة وزوجها إذا اختلفا قبل الدخول، فالقول قول المرأة؛ لأنها بائعة لنفسها والزوج المبتاع، وإن فات أمرها بالدخول فالقول قول الزوج لأنه فات أمرها بقبضه لها فهي مدعية وهو مقر لها بدين فالقول قوله" (المدونة 2/166)
وفى قول الشافعى إنها تفوت بالعقد ولو لم يدخل بها فإذا اختلفا فى الصداق ولا بينة مع واحد منهما قبل الدخول أو بعده فكل ذلك سواء ويتحالفان وتُرد إلى مهر مثلها على ما أحب الزوجان وكرها ولا تملك المرأة أن تفارقه ولا يملك هو أن يسقط عن نفسه المهر.
قال ابن قدامة: "فأما إذا فسد الصداق لجهالته أو عدمه، أو العجز عن تسليمه، فإن النكاح ثابت. لا نعلم فيه خلافا" (المغنى 7/223)
قال ابن قدامة: "وذلك لأن فساد العوض يقتضي رد المُعَوَّض وقد تعذر رده لصحة النكاح، فيجب رد قيمته، وهو مهر المثل، كمن اشترى شيئا بثمن فاسد، فقبض المبيع، وتلف في يده فإنه يجب عليه رد قيمته" (المغنى 7/223)
الشىء المُعَوَّض فى النكاح هو بضع المرأة. وقوله: "وقد تعذر رده لصحة النكاح" لأن النكاح أن يملك الرجل المراة فلا تملك أن تفارقه فلما كان النكاح صحيحا لم تملك أن تفارقه ورجعت بقيمة بضعها وهو مهر المثل.
خذ هذا ثم انظر إلى قول قرامطة النجدية إن الرجل إذا أدى للمرأة ما اتفقا عليه من المهر فلها أن ترد إليه مهره وتفارقه وكأنه ليس بينهما عقد لازم. واسأل الله العافية من استحلال الزنا والفروج بغير عقود.
وجهل ابن تيمية الحرانى فقال: "فالمسلمون كلهم يُجَوِّزون أن يشترط فى المهر شيئا مُعَيَّنَا مثل هذا العبد وهذه الفرس وهذه الدار لكن يقولون إذا تَعَذَّرَ تسليمُ المهر لَزم بدلُه فلم تملك الفسخَ وإن كان المنع من جهته. وهذا ضعيف مخالف للأصول فإن لم يقل بامتناع العقد فقد يَتَعَذَّر تسليمُ العقد فلا أقلَّ من أن تُمَكَّنَ المرأةُ من الفسخ فإنها لم تَرْضَ وتُبِحْ فرجَها إلا بهذا فإذا تَعَذَّرَ فلها الفسخ" (مجموع الفتاوى 29/351)
ألا قبح الله تعالى هذا القول. وكيف يخطئ المسملون كلهم من أولهم لآخرهم ويصيب رجل من المتأخرين؟ وكيف يسمى أتباع ابن تيمية نفسهم سلفية والسلف عندهم ضلال مخالفون لأصولهم المبتدعة؟ وقرامطة النجدية فى زماننا يقولون إن المرأة تملك الفسخ ولو أوفاها زوجها ما تعاقدا عليه من المهر قبل الدخول وبعد الدخول وهذا قول مخرج من الملة.
وحجة المسلمين والسلف على ابن تيمية كما قال الشافعى: "إنا لما جعلنا - ولم يخالفنا أحد علمناه - النكاح كالبيوع المستهلكة فقلنا إذا كان الصداق مجهولا فللمرأة مهر مثلها ولا يرد النكاح" (الأم 5/72)
وقال حكاية عن مناظره موافقا له: "وليس في السنة ولا إجماع الفقهاء إلا التسليم، ولا تضرب له الأمثال، ولا تدخل عليه المقاييس" (الأم 4/29)

سعيد عبد الله
2025-08-23, 03:35 AM
وإذا أراد الرجل أن ينكح امرأة فإنه لا يحل له أن يستمتع بشىء منها ولا يحل له أن يستمتع بالنظر إليها بشهوة ولا بكلامها لشهوة لأن الله تبارك وتعالى حرم على الرجل أن يستمتع بامرأة لا يملكها بملك نكاح أو ملك يمين بل إنه لو نكحها ثم استحقت فراقه بسبب صحيح كالأمة تعتق تحت عبد فإنه لا يحل له أن يستمتع بها حتى تختاره لأنه لا يجوز للرجل أن يستمتع بامرأة تملك أن تفارقه أو يملك ذلك القاضى.

فإن قال قائل: أوليس قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالنظر إلى المرأة يريد الرجل نكاحها؟ قيل له – إن شاء الله – بلى قد صح ذلك وبه أقول غير أنه نظر لغير شهوة كما ينظر الرجل إلى الجارية يريد شراءها ولا يحل له أن ينظر لشهوة. وقد فشا فى زماننا ما يسمونه فترة الخطبة يستمتع الرجل فيها بامرأة ليس بينه وبينها عقد إلا وعدا أنه سينكحها والرجال يلجأون إلى مثل هذا لأنه لو نكحها لزمه المهر فلم يملك أن يرجع فيه فيستمتع بها قبل أن ينكحها ويقول أستخبر حالها وهذا حرام لا يحل. وفرق ما بين المخطوبة والمنكوحة أن المخطوبة تملك أن تفسخ الخطبة متى شاءت ولا يملك عليها خاطبها أمرها وأما المنكوحة فهى مملوكة لا تملك أن تفارق كذلك قال الشافعى وأهل العلم وكذلك أقول.
فإن قال قائل: فهل من سبيل ليستمتع الرجل بالنظر إلى المرأة وبكلامها ويستخبر حالها من غير أن يجب عليه مهر؟ قيل له: نعم قد أحل الله تبارك وتعالى للرجل أن ينكح امرأة من غير أن يسمى صداقا فلا يجب عليه مهر حتى يدخل بها ويكون له أن يستمتع بها بالنظر والكلام من غير أن يجب عليه صداق ويقال له نكاح التفويض وإذا فارقها لم يكن لها شىء إلا المتعة وهى مستحبة غير واجبة عند مالك وواجبة فى هذا الموضع عند غيره ولو أتى الرجل بأدنى المتعة لم يملك السلطان أن يجبره على أكثر من ذلك وقد متع عبد الرحمن بن عوف امرأته بجارية سوداء وهو من أكثر قريش مالا ولم يكلفه عثمان بن عفان زيادة عليها.
والحجة فى نكاح التفويض قول الله تبارك وتعالى: }لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين{
وأجمع أهل العلم على صحة نكاح التفويض وأن المرأة لا تملك أن تفارق فيه وهو فضل فضل الله به الرجال على النساء والحمد لله رب العالمين.