المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إقامة الحدود على ملك اليمين



سعيد عبد الله
2025-08-15, 11:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قد وضع أبو بكر بن أبى شيبة رحمه الله فى مصنفه كتابا للرد على أبى حنيفة رحمه الله فى ما خالف فيه - بزعمه - الأثر الذى جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأت الكتاب وجدت أن ابن أبى شيبة قد أسرف على نفسه فى رده على أبى حنيفة وزعمه أنه خالف الأثر. فمن ذلك أنه احتج فى بعض الأبواب بأحاديث ضعاف لا يثبت أهل الفقه مثلها ولا يحتجون بها ومن ذلك أنه خالف جماعة أهل العلم فى غير مسألة فإما أتى بحديث ضعيف فقال به وأهل العلم على خلافه أو أنه أتى بحديث له تأويل قد تأوله أهل العلم وقالوا به وتأوله أبو بكر على خلاف ما تأولوه. وفى الكتاب أيضا مسائل لم ينفرد أبو حنيفة بالقول بها بل كثير منها قول الجمهور ومنها قول مالك وأبى حنيفة وكثير منها قول فقهاء الكوفيين أخذه عنهم أبو حنيفة كإبراهيم النخعى وعامر الشعبى. ومن هذه المسائل ما خالف فيه أبو حنيفة الأثر حقا. فأردت أن أجمع أقوال أهل العلم فى هذه المسائل لأرى ما أصاب فيه ابن أبى شيبة وما أخطأ فيه من عيبه على أبى حنيفة خلاف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا رابط الكتاب الذى فيه المسائل التى جمعت أقوال أهل العلم فيها ولم أنته بعد من مسائل الكتاب كلها:
https://archive.org/details/20250810_20250810_2127

[إقامة الحدود على ملك اليمين]
قال أبو بكر حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن زيد بن خالد وشبل وأبي هريرة قالوا: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فسأله عن الأمة تزني قبل أن تحصن؟ قال: «اجلدوها فإن عادت فاجلدوها» قال في الثالثة أو الرابعة: «فبيعوها ولو بضفير»
قال أبو بكر حدثنا أبو الأحوص عن عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم»
وفيه عبد الأعلى وليس بالقوى
قال أبو بكر حدثنا ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يثرب عليها فإن عادت فليبعها ولو بضفير من شعر»
قال أبو بكر حدثنا شبابة عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عمار بن أبي فروة عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا زنت الأمة فاجلدوها فإن عادت فاجلدوها فإن عادت فاجلدوها فإن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير» والضفير الحبل
قال أبو بكر حدثنا معلى بن منصور عن أبي أويس عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عمه وكان بدريا قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا زنت الأمة فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير»
وفيه أبو أويس وقد تكلم فيه.
قال أبو بكر: وذكر أن أبا حنيفة قال: لا يجلدها سيدها

وإذا أتى المملوك حدا من الزنا والقذف وشرب الخمر والسرقة فإن عامة أهل العلم يقولون إن عليه فى الزنا خمسين جلدة وفى القذف أربعين على النصف من الحر وكذلك فى الخمر على النصف من الحر وتقطع يده ورجله فى السرقة على نحو ما يقطع من الحر. واتفقوا على أن العبد إذا رفع إلى السلطان بعدما أصاب حدا أيا كان الحد وقامت عليه بينة أو أقر فإن السلطان يقيم عليه الحد كما يقيمه على الحر سواء. ثم اختلفوا فى السيد هل له أن يقيم على عبده حدا إذا أتاه؟
فقال الشافعى إن له ذلك فى الزنا والقذف والسرقة على ما جاء فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عن عبد الله بن عمر أنه قطع عبدا له فى سرقة.
وقال مالك إن السيد يقيم على عبده الحدود سوى القطع فلا يليه إلا السلطان. وقال أحمد نحوا من قول مالك.
وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يقيم الحد على المملوك إلا السلطان ولسيده أن يعزره ولعلهم ردوا الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل أنها من رواية أبى هريرة وهم فيما يزعمون لا يأخذون بقول أبى هريرة.
قال سحنون: " قلت: أرأيت الحر، أيقيم على مملوكه حد الزنا والسرقة والقذف وشرب الخمر في قول مالك أم لا؟
قال: قال مالك: نعم، يقيم ذلك كله عليهم إلا السرقة، فإن السرقة لا يقيمها على العبد إلا الوالي، ولا يقيم سيده عليه حد الزنا حتى يشهد على زنا العبد أربعة سواه.
قال: قال مالك في الرجل تزني جاريته ولا زوج: إنه لا يقيم عليها الحد وإن شهد على ذلك أربعة سواه حتى يرفع ذلك إلى السلطان." (المدونة 4/519)
قال الشافعى: "وكان الأنصار ومن بعدهم يحدون إماءهم وابن مسعود يأمر به وأبو برزة حد وليدته، فإن قال قائل: لا يحد الرجل أمته وإنما ذلك إلى الإمام واعتلوا فيه بأن قالوا إن كان صاحب الأمة لا يعقل الحد؟ قلنا: إنما يقيم الحد من يعقله. وقلنا لبعض من يقول هذا القول: قال الله تبارك وتعالى {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} (قال الشافعي) : فقد أباح الله عز وجل أن يضرب الرجل امرأته وهي حرة غير ملك يمين قال: ليس هذا بحد قلت: فإذا أباحه الله عز وجل فيما ليس بحد فهو في الحد الذي بعدد أولى أن يباح؛ لأن العدد لا يتعدى والعقوبة لا حد لها فكيف أجزته في شيء وأبطلته في غيره قال: روينا عن ابن عباس ما يشبه قولنا قلت أو في أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة؟ قال: لا قلنا: فلم تحتج به وليس عن ابن عباس بمعروف؟ فقال لي بعض من يقول لا يحد الرجل أمته إذا زنت إذا تركت الناس يحدون إماءهم أليس في الناس الجاهل أفيولى الجاهل حدا؟ (قال الشافعي) : قلت له: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زنت أمته أن يحدها كان ذلك لكل من كانت له أمة والحد موقت معروف قال فلعله أمر بهذا أهل العلم قلت ما يجهل ضرب خمسين أحد يعقل ونحن نسألك عن مثل هذا قال وما هو؟ قلت أرأيت رجلا خاف نشوز امرأته أو رأى منها بعض ما يكره في نفسه أله ضربها؟ قال: نعم قلت له ولم؟ قال رخص الله عز وجل في ضرب النساء وأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤدب الرجل أهله قلنا: فإن اعتل عليك رجل في ضرب المرأة في النشوز والأدب بمثل علتك في الحد وأكثر وقال: الحد مؤقت والأدب غير مؤقت. فإن أذنت لغير العالم في الضرب خفت مجاوزته العدد قال: يقال له أدب ولا تجاوز العدد قلنا: فقال وما العدد؟ قال ما يعرف الناس قلت: وما يعرفون؟ قال الضرب غير المبرح ودون الحد قلنا قد يكون دون الحد ضربة وتسعة وثلاثين وتسعة وسبعين فأي هذا يضربها؟ قال ما يعرف الناس قلنا فإن قيل لك لعله لم يؤذن إلا للعالم قال حق العالم والجاهل على أهلهما واحد قلنا: فلم عبت علينا بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من زنت أمته أن يحدها. ثم زعمت أن ليس للعالم أن يحد أمته؟ فإن اعتللت بجهالة الجاهل فأجز للعالم أن يحدها وأنت لا تجيزه، وإنما أدخلت شبهة بالجاهل وأحد يعقل لا يجهل خمسين ضربة غير مبرحة ثم صرت إلى أن أجزت للجاهلين أن يضربوا نساءهم بغير أن توقت ضربا. فإن اتبعت في ذلك الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تجز لأحد أن يتأول عليك؛ لأنه جملة فهو عام للعالم ولغيره قال: نعم قلنا فلم لم تتبع الخبر الذي هو أصح منه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن يحد الرجل أمته فأثبت أضعف الخبرين وجعلت العالم والجاهل فيهما سواء بالخبر ثم منعت العالم والجاهل أن يحد أمته؟ ما ينبغي أن يبين خطأ قول بأكثر من هذا (قال الشافعي) : ما إلى العلة بالجهالة ذهب من رد هذا ولو كانت العلة بالجهالة ممن يحد إذا لأجازه للعالم دون الجاهل فهو لا يجيزه لعالم ولا لجاهل وقد رد أقوى الخبرين وأخذ بأضعفهما وكلا الحديثين نأخذ به نحن ونسأل الله سبحانه التوفيق" (الأم 6/146)
وقال فى كتاب خلاف مالك: "أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عبدا له سرق وهو آبق فأبى سعيد بن العاص أن يقطعه فأمر به ابن عمر فقطعت يده، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يقطع السيد يد عبده إذا أبى السلطان يقطعه فقال الشافعي: قد كان سعيد بن العاص من صالحي ولاة أهل المدينة فلما لم ير أن يقطع الآبق أمر ابن عمر بقطعه وفي هذا دليل على أن ولاة أهل المدينة كانوا يقضون بآرائهم ويخالفون فقهاءهم وأن فقهاء أهل المدينة كانوا يختلفون فيأخذ أمراؤهم برأي بعضهم دون بعض وهذا أيضا العمل لأنكم كنتم توهمون أن قضاء من هو أسوأ حالا من سعيد ومثله لا يقضي إلا بقول الفقهاء وأن فقهاءهم زعمتم لا يختلفون وليس هو كما توهمتم في قول فقهائهم ولا قضاء أمرائهم وقد خالفتم رأي سعيد وهو الوالي وابن عمر وهو المفتي فأين العمل؟ إن كان العمل فيما عمل به الوالي فسعيد لم يكن يرى قطع الآبق وأنتم ترون قطعه وإن كان العمل في قول ابن عمر فقد قطعه وأنتم ترون أن ليس لنا أن نقطعه وما درينا ما معنى قولكم العمل ولا تدرون فيما خبرنا وما وجدنا لكم منه مخرجا إلا أن تكونوا سميتم أقاويلكم العمل والإجماع فتقولون على هذا العمل وعلى هذا الإجماع تعنون أقاويلكم وأما غير هذا فلا مخرج لقولكم فيه عمل ولا إجماع لأن ما نجد عندكم من روايتكم ورواية غيركم اختلاف لا إجماع الناس معكم فيه لا يخالفونكم" (الأم 7/247)
قال إسحاق بن منصور: "قال سفيان في الآبق لا يقطعه مولاه: قد عيب ذلك على ابن عمر رضي الله عنهما.
قال أحمد: قريبا مما قال، وأما إذا زنت أو زنا ملك يمينه فيجلده أو يجلدها المولى قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا زنت فاجلدوها».
قال إسحاق: كما قال." (مسائل الكوسج 2667)
قال أبو جعفر الطحاوى: "قال أصحابنا يقيمه الإمام دون المولى وهو قول الحسن بن حي
وقال مالك يحده المولى في الزنا وشرب الخمر والقذف إذا شهد عنده الشهود ولا يقطعه في السرقة إنما يقطعه الإمام وهو قول الليث
وقال الشافعي يحده المولى ويقطعه
وقال الثوري يحده المولى في الزنا رواية الأشجعي وذكر عنه الفريابي أن المولى إذا حد عبدا ثم أعتقه جازت شهادته
وقال الأوزاعي يحده المولى" (مختصر اختلاف العلماء 3/298)