مشاهدة النسخة كاملة : إِنَّ حَلَاوَةَ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ مَرَارَةَ الدُّنْيَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ
احمد ابو انس
2025-08-10, 10:03 AM
191 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ عِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَوَارِيِّي نَ: " عَلَيْكُمْ بِخُبْزِ الشَّعِيرِ، كُلُوهُ بِمِلْحٍ جَرِيشٍ، وَلَا تَأْكُلُوهُ إِلَّا عَلَى شَهْوَةٍ، وَالْبَسُوا مِسُوحَ الشَّعْرِِ، وَاخْرُجُوا مِنَ الدُّنْيَا سَالِمِينَ، بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ حَلَاوَةَ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ مَرَارَةَ الدُّنْيَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّم ِينَ، بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ شَرَّكُمْ عَمَلًا عَالِمٌ يُحِبُّ الدُّنْيَا فَيُؤْثِرُهَا عَلَى عَلْمِهِ، لَوْ يَسْتَطِيعُ جَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِثْلَهُ فِي عَمَلِهِ، مَا أَحَبَّ إِلَى عَبِيدِ الدُّنْيَا أَنْ يَجِدُوا مَعْذِرَةً، وَأَبْعَدَهُمْ مِنْهَا لَوْ يَعْلَمُونَ "
الكتاب: الجوع
المؤلف: أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي الأموي القرشي المعروف بابن أبي الدنيا
حسن يوسف حسن
2025-08-21, 03:09 PM
موعظة عيسى -عليه السلام- للحواريين:
يروى هذا عن بعض الصحابة والسلف من طرق متعددة، فقد أخرجه ابن المبارك في "الزهد"، ص 198، رقم 563، ط الكتب العلمية، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه، ج 47، ص 424، ترجمة 5519، (ترجمة عيسى ابن مريم -عليهما السلام-)، ط الفكر، فقال ابن المبارك: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، وأخرجه ابن الأعرابي في معجمه، ج 3، ص 1070، رقم 2304، ط ابن الجوزي، فقال: أخبرنا عُبَيْدٌ، أخبرنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ، كلاهما، ابن المبارك، وعلي بن حكيم، عن شريك، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، يحكيه عن عيسى ابن مريم، فقال: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «اتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ مَسَاكِنَ، وَالْبُيُوتَ مَنَازِلَ، وَكُلُوا مِنْ بَقْلِ الْبَرِيَّةِ، وَانْجُوا مِنَ الدُّنْيَا بِسَلَامٍ»، قَالَ شَرِيكٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُلَيْمَانَ -يعني الأعمش-، فَزَادَنِي: «وَاشْرَبُوا مِنَ الْمَاءِ الْقَرَاحِ».
بل هناك من رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد أخرج ابن عدي في "الكامل"، ج 5، ص 28، ترجمة 888، ط الكتب العلمية، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه، ج 47، ص 424، ترجمة 5519، قال ابن عدي: أخبرنا الحسن بن سفيان، حَدثنا الحارث بن عَبد الله الهمداني، حَدثنا شَريك، عن عاصم بن أبي النجود والأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صَلى الله عليه وسَلم-: "قال عيسى ابن مريم: (اتخذوا البيوت منازل، والمساجد سكنا، وكلوا من بقل البرية)"، قَالَ: وَزَادَ الأَعْمَش: "وَاشْرَبُوا مِنْ مَاءِ الْقُرَاحِ، وَاخْرُجُوا مِنَ الدُّنْيَا بِسَلامٍ".
وقد أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"، ج 6، ص 340، رقم 31880، كتاب الفضائل، مَا ذُكِرَ فِيمَا فُضِّلَ بِهِ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، و ج 7، ص 65، رقم 34228، كتاب الزهد، كَلَامُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ط الرشد، فقال: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، رَفَعَهُ إِلَى عِيسَى، فذكره.
وأخرج أحمد في "الزهد"، ص 78، رقم 484، ط الكتب العلمية، فقال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، إِسْمَاعِيلُ الْحِمْصِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْبَهْرَانِيِّ ، قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِلْحَوَارِيِّي نَ: "عَلَيْكُمْ بِخُبْزِ الشَّعِيرِ، وَاخْرُجُوا مِنَ الدُّنْيَا سَالِمِينَ آمِنِينَ؛ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ حَلَاوَةَ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ مَرَارَةً فِي الدُّنْيَا حَلَاوَةٌ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّم ِينَ، بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ شَرَّكُمْ عَمَلًا عَالِمٌ يُحِبُّ الدُّنْيَا، فَيُؤْثِرُهَا عَلَى عَمَلِهِ، إِنَّهُ لَوْ يَسْتَطِيعُ جَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي عَمَلِهِ مِثْلَهُ".
وأخرج ابن أبي الدنيا في "الزهد له"، ص 157، رقم 340، ط ابن كثير، وفي "ذم الدنيا"، ص ١٥٣ و 154، رقم ٣٦١، ط الكتب الثقافية، بلفظ فيه بعض الاختلاف، وفيه أنه قال: "مَا أَحَبَّ إِلَى عَبِيدِ الدُّنْيَا لَوْ يَجِدُونَ مَعْذِرَةً، وَمَا أَبْعَدَهُمْ مِنْهَا لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"، قال ابن أبي الدنيا: حدثنا شُجَاعُ بْنُ الْأَشْرَسِ، قَالَ: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ الْبَهْرَانِيُّ ، وَغَيْرُهُ.
وقد أخرجه ابن أبي الدنيا -كذلك- في "الجوع"، ص 124، رقم 191، ط ابن حزم، -كما ذكر أخونا أحمد- فقال ابن أبي الدنيا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، به، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه، ج 47، ص 423، ترجمة 5519.
إلا أن خيثمة بن سليمان، قد أخرج في جزء من حديثه، ص ١٧١، ط الكتاب العربي، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه، ج 47، ص 423، ترجمة 5519، طريق داود بن عمرو الضبي هذا، من رواية ابن عمر، فقال: حَدَّثَنَا الْبَرْتِيُّ , حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، يحكيه عن عيسى عليه السلام-.
وأخرج ابن أبي الدنيا -أيضا- في "الزهد"، ص 100، رقم 205، وفي "ذم الدنيا"، ص ٧٥، رقم ١٣٨، فقال: حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، فساق الخبر مختصرا عن عيسى -عليه السلام-، إلا أنه قال في أوله: "كُلُوا خُبْزَ الشَّعِيرِ، وَالْمَاءَ الْقَرَاحَ، وَنَبَاتَ الْأَرْضِ، فَإِنَّكُمْ لَا تَقُومُونَ بِشُكْرِهِ".
وأخرج ابن عساكر في تاريخه، ج 47، ص 424 و 425، ترجمة 5519، فقال: أخبرنا أبو الحسن الفرضي، أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء، (ح) وأخبرنا أبو المعالي الشعيري، أنبأ نجيب، قالا: أنبأنا أبو محمد، أنبأنا خيثمة، حدثنا أبو العباس، حدثنا مسلم -هو ابن إبراهيم-، حدثنا جعفر -هو ابن سليمان-، حدثنا عطاء الأزرق، قال: بلغنا أن عيسى، فذكره بنحوه.
وفي الموطأ، ج 2، ص 932، رقم 27، بَاب جَامِع مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، ط إحياء التراث، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"، ج 6، ص 328، ط السعادة، والبيهقي في "شعب الإيمان"، ج 6، ص 321، رقم 4264، ط الرشد، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه، ج 47، ص 425، ترجمة 5519، أن مالك قال: بَلَغَنِي أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ يَقُولُ: "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، عَلَيْكُمْ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ، وَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ، وَخُبْزِ الشَّعِيرِ، وَإِيَّاكُمْ وَخُبْزَ الْبُرِّ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَقُومُوا بِشُكْرِهِ".
فأما الطريق الذي فيه شريك بن عبد الله النخعي، فلعله اضطرب فيه، فقد رواه تارة موقوفا على أبي هريرة، وتارة يرويه مرفوعا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتارة يرويه مقطوع إلى أبي صالح السمان، وقد بين هذه العلة الشيخ الألباني -رحمه الله- في "الضعيفة"، ج 13، ص ٢٩٠ و ٢٩١، رقم ٦١٢٩، ط المعارف، إلا أن ابن عدي، ج 5، ص 28، قد عصبها بعنق الحارث بن عبد الله الهمداني الخازن، وحكم على الإسناد بالنكارة، لكن الحارث هذا قد قَبِلَه غالب أهل العلم الذين ذكروه، وأبو زرعة لم ينكر عليه إلا حديثا واحدا، وبالطبع ليس هذا هو الحديث المقصود، والطريقان الآخران يدلاك بالفعل على اضطراب شريك.
وأما طريق عبد الله بن دينار البهراني، فقد توقفت مطولا عند إسناد أحمد بن حنبل، فإن عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول فيه: "حَدَّثَنِي أبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، إِسْمَاعِيلُ الْحِمْصِيُّ"، وسبب توقفي عنده هو:
1 - جميع ما وجدته لأحمد بن حنبل عن إسماعيل بن عياش كان بواسطة بينهما، بينما هذه الرواية تكاد تكون الوحيدة -بحسب ما اطلعت عليه- يحدث فيها أحمد بن حنبل مباشرة عن إسماعيل دون واسطة.
2 - بعد البحث، فإنني لم أعثر على أن إسماعيل بن عياش معدودٌ في شيوخ أحمد بن حنبل المباشرين.
3 - وفي خبر من الأخبار المنسوبة للقمان -عليه السلام- في كتاب "الزهد"، ص 88، رقم 551، مذكور بعد روايتنا هذه، يروى بإسناد مشابه لهذه، وهو عن عبد الله بن دينار البهراني -كذلك-، وهو: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: " إِنَّ لُقْمَانَ" الخ، فيوجد لدينا هنا احتمالان، ربما يكون أحد الرواة قد سقط من النسخة، ودخل كلمة "أبي" في الإسناد بالخطأ، ويحتمل أن يكون هذا الراوي هو داود بن عمرو الضبي، فهو المذكور فعلا في طريق ابن أبي الدنيا، وهو ممن روى عن إسماعيل بن عياش، وهو من شيوخ عبد الله بن أحمد بن حنبل وأبيه، ويحتمل -كذلك- أن يكون أحمد بن حنبل قد سمعه من داود بن عمرو الضبي بنفسه، وسقط اسمه من النسخة، وأما في الحديث المروي عن لقمان، فلعل داود بن عمران هذا قد تصحف من عمرو إلى عمران.
وأما داود بن عمرو الضبي وشجاع بن الأشرس فثقتان، وإسماعيل بن عياش روايته عن الشاميين مستقيمة، إلا أن يروي عن غيرهم ففيها الأوهام والتخليط، وفي هذا الخبر، هو يروي عن عبد الله بن دينار البهراني، وهو حمصيٌ شاميٌ مثله، لكن البهراني ضعيف، ولعل عبد الله بن دينار هذا قد أخطأ في وقف الخبر على ابن عمر في إحدى مرات روايته له، ولا يبعد أن الخطأ جاء من قبل إسماعيل بن عياش -كذلك-، ففي بعض الطرق، هو يرويه عن عبد الله بن دينار وغيره، وفي بعضها يرويه عنه وحده.
وأما طريق مالك بن دينار، فأقل أحوال رجاله أن يقال: "صدوق"، هذا طبعا بخلاف أن مالك بن دينار لم يسمي من سمع منه.
وطريق عطاء بن عبد الله الأزرق أبي همام، طريق لا بأس به، لكن يبقى -أيضا- أن عطاء لم يسم من روى عنه.
وأما طريق مالك بن أنس في "الموطأ"، فهو من بلاغات مالك التي اشتهر بها موطؤه، وهي غير صحيحة -على الراجح- عند أهل العلم.
ويحتمل أن يكون هذا الكلام روي عن عيسى -عليه السلام- من طرق أخرى عن بعض السلف، لكن -كما ترى-، لا يخلو طريقٌ من وجهٍ من وجوه الضعف، والأعم الأغلب أنها مراسيل، وقد أخذها هؤلاء من كتب أهل الكتاب الأول، لكن كان أشد هذه الطرق ضعفا ما كان مرفوعا منها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما كان موقوفا على الصحابة -رضي الله عنهم-، والله أعلم.
احمد ابو انس
2025-08-21, 04:43 PM
جزاكم الله خيرا على هذا التحقيق النفيس .
حسن يوسف حسن
2025-08-21, 06:59 PM
بارك الله فيكم أخي الفاضل، وجزيت جنة الفردوس الأعلى
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.