تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم



احمد ابو انس
2025-07-29, 11:56 AM
16945 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ". قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ
اللهِ؟ قَالَ: " لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِنَبِيِّهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَامَّتِهِمْ " (1)
__________
قال محققوا المسند:
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر (16940) إلا أن شيخ أحمد هنا هو سفيان بن عيينة.
وأخرجه الحميدي (837) ، وابنُ أبي عاصم في "السنة" (1089) ، والقضاعي في "مسند الشهاب " (17) ، والبغوي في "شرح السنة" (3514) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1265) ، والحافظ في "التغليق" 2/56 من طريق سفيان، بهذا الإسناد.

احمد ابو انس
2025-07-29, 11:59 AM
07 من حديث : (الدين النصيحة..)

الحديث السابععن أبي رُقية تميم بن أوس الدَّاري : أن النبيَّ ﷺ قال: الدِّين النَّصيحة، قلنا: لمَن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين وعامَّتهم. رواه مسلم.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.أما بعد: فيقول المؤلفُ الحافظ النَّووي - رحمه الله -: الحديث السابع: عن أبي رُقية تميم بن أوس الدَّاري - أبو رُقية كُنيته - عن النبي ﷺ أنه قال: الدِّين النَّصيحة، قال الصحابةُ: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامَّتهم.هذا حديث عظيم جامع، فيه بيان حقّ الله، وحقّ الكتاب، وحقّ الرسول، وحقّ الأئمة، وحقّ المسلمين، ما أبقى شيئًا، وقال في روايةٍ كررها ثلاثًا: الدين النَّصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، معناه: يعني معظم الدين وخلاصة الدين النَّصيحة، يعني: دين الإسلام والإيمان، يعني: خلاصة الإسلام والكلمات الجامعة فيه: الدين النصيحة؛ لأنها تجمع النَّصيحة لله بتوحيده والإخلاص له، والنصيحة للرسول باتِّباعه وتحكيم شريعته، والنصيحة للقرآن باتِّباعه وتعظيمه، والنصيحة لأئمة المسلمين بالسمع والطاعة، والأمر بالمعروف، وإعانتهم في الخير، والنصيحة للمسلمين بتوجيههم إلى الخير، وتعليمهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وعدم غشِّهم في المعاملة، إلى غير ذلك، فهو جامع.وهذا يجب على المسلمين جميعًا؛ لأن المسلمين إخوة وشيء واحد، كما قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10]، وقال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمَّى، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدُّ بعضه بعضًا وشبَّك بين أصابعه.فالواجب على كل مسلمٍ أن ينصح لله في توحيده والإخلاص له، وطاعة أوامره، وترك نواهيه عن إخلاصٍ، وعن متابعةٍ، وعن صدقٍ، لا عن رياء، ولا عن سمعةٍ، ولا عن جفاءٍ، ولكن عن إيمانٍ وصدقٍ وإخلاصٍ لله؛ حتى يعبده وحده دون كلِّ ما سواه.وهكذا مع الرسول ﷺ: ينصح في اتِّباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، والانقياد لما جاء به، وعدم تقديم آراء الرجال على قوله وسنته.المعنى: تكون أعماله خالصةً نقيةً سليمةً في توجيه العبادة لله، وفي متابعة الرسول ﷺ، لا يكون فيها شرك، ولا تكون فيها بدعة ولا تقصير، بل يكون ناصحًا لله ولرسوله في العبادة، إخلاصًا لله، ومتابعة الرسول ﷺ.وهكذا للقرآن: باتِّباعه وتعظيمه وتحكيمه، والحذر مما يُخالفه، الناصح للقرآن هو الذي يحكمه ويعمل بما فيه ويتعقله ويتدبره، ويحذر مُخالفته: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29]، وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:155]، ويقول في الرسول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، ويقول: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [المائدة:92]، ويقول - جلَّ وعلا -: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].فالنصيحة للرسول: اتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، وللقرآن: اتباعه وتعظيمه، والإيمان بأنه كلام الله منزل غير مخلوقٍ، وتحكيمه مع سنة الرسول ﷺ.أما القسم الرابع وهو النَّصيحة لولاة الأمور من الأمراء والملوك: فهذا بالتَّعاون معهم في الخير، والسمع والطاعة لهم في المعروف؛ لأنهم إذا لم يُطاعوا اختلَّ الأمنُ، وفسد الأمر ومرج؛ ولهذا قال - جلَّ وعلا -: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، ويقول ﷺ: على المرء السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وفي أثرةٍ عليه، ما لم يُؤمر بمعصية الله.وكان يخطب النبيُّ أصحابه ويقول: عليكم بالسمع والطاعة، والله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ [التغابن:16].فالسمع والطاعة من أهم الواجبات؛ لما فيها من التَّعاون على الخير، وتثبيت الأمن، وردع المجرم عن جرمه، وهو يشمل السلطان وأُمراءه وكلَّ مَن له أمر عليك، فعليك السمع والطاعة في المعروف: كالزوجة تسمع لزوجها في المعروف، والولد لأبيه في المعروف، والعامَّة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في المعروف؛ لأنهم سلطان بالنسبة إليهم، فالزوج له سلطة على زوجته، والوالد له سلطة على أولاده، ومن برِّهم له أن يُطيعوه في المعروف، والآمرون بالمعروف والنَّاهون عن المنكر لهم سلطان؛ لأن السلطان جعل لهم سلطانًا، وهكذا القُضاة الشرعيون لهم سلطان بالحكم الشَّرعي.الخامس: النصح للعامَّة: ينصح لعامَّة المسلمين في كل شيءٍ بأمرهم بالصلاة، بأمرهم بسائر المعروف، بنهيهم عن المنكر، بإرشادهم ودعوتهم إلى الخير، بتعليم الجاهل، بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، بعدم غشِّهم في المعاملة، عدم خيانتهم، عدم الكذب عليهم، عدم غيبتهم، عدم النَّميمة، إلى غير هذا، ينصح لهم في كلِّ ما أمر الله به ورسوله، ويحذر أن يغشَّهم ويُؤذيهم ويضرّهم، فعليه أن يُعاملهم بالنصح، وأداء الأمانة، وبذل المعروف، وكفّ الأذى.هذه النصيحة لعامَّة المسلمين؛ أن يُسدي إليهم المعروف، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ويكفّ الأذى عنهم في أموالهم، وفي أبشارهم، وفي أعراضهم، يكون ناصحًا لهم في المال والعرض والدين والبدن، يحرص على جلب الخير إليهم، وعلى كفِّ الشرِّ عنهم؛ لأنَّ المؤمن أخو المؤمن، كما قال ﷺ: المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يكذبه، ولا يخذله، ويقول ﷺ: مَن غشَّنا فليس منا.فالمسلمون يجب عليهم التَّعاون على البرِّ والتقوى، والتناصح، وأداء الأمانة، وعدم الغش، وعدم الكذب، وعدم الخيانة؛ لأنَّ المسلم أخو المسلم.وبهذا تعلم عظم شأن هذا الحديث، وأنه حديث عظيم شامل. وفَّق الله الجميع.س: الذي يُنصح هل يجب عليه التَّطبيق؟ج: إذا كانت النَّصيحة موافقةً للشرع يجب على المنصوح أن يتَّقي الله ويقبل الحقَّ، وهكذا المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر يجب أن يتَّقي الله ويقبل ما نُصح به، إذا كان الناصحُ أقام عليه الدليل واتَّضح له الحقّ.س: .............؟ج: لا، النَّصيحة عامَّة حتى في أمور الدنيا: الغشّ في المعاملة وغير ذلك، نعم الرسول قال: «الدين النصيحة» عام، ويقول جرير البجلي : بايعتُ النبيَّ ﷺ على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنُّصح لكل مسلمٍ.س: ............؟ج: لا، على المسلمين، الواجب على المسلمين، أما الكفَّار فتجب دعوتهم أولًا، دعوتهم إلى توحيد الله مع القُدرة، هذا من النصح لهم؛ أن تدعوهم إلى الله أولًا قبل ما يتعلق بالأمور الأخرى، تبدأ بالدَّعوة إلى الله.



https://binbaz.org.sa/audios/1844/07-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D9%8A %D8%AD%D8%A9

احمد ابو انس
2025-07-29, 12:05 PM
(26) - (حديث: " الدين النصيحة " (ص 13) .
صحيح.
ورد من حديث تميم الدارى وأبى هريرة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس.
أما حديث تميم: فأخرجه مسلم (1/52) وأبو عوانة (1/37) وأبو داود (رقم 4944) والنسائى (2/186) وأحمد (4/102) وابن نصر فى " الصلاة " (ق 165/2) عن سهيل بن أبى صالح عن عطاء بن زيد الليثى عنه مرفوعا به وزادوا - إلا مسلما -: " الدين النصيحة ثلاثا " ثم زادوا جميعا: " قلنا: لمن؟ قال: لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين , وعامتهم ".
وأما حديث أبى هريرة: فأخرجه النسائى والترمذى (1/350) وأحمد (2/297) وابن نصر فى " الصلاة " (ق 165 - 166/1) عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبى صالح عن أبى هريرة مرفوعا به مثل حديث سهيل.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح " وله طرق أخرى عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة.
أخرجه أبو نعيم (6/242 و7/142) ورجاله ثقات لكن أشار أبو نعيم إلى شذوذه.
وأما حديث ابن عمر: فأخرجه الدارمى (2/311) وابن نصر والبزار (ص 15 - زوائده) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم ونافع عنه.
قلت: وهذا سند حسن , وهو على شرط مسلم وعزاه فى " الجامع الصغير " لأبى الشيخ فى " التوبيخ ".
وأما حديث ابن عباس: فأخرجه أحمد (1/351) من طريق عمرو بن دينار قال: أخبرنى من سمع ابن عباس يقول: فذكره مرفوعا.
وأخرجه الضياء فى " المختارة " (77/100/1) وكذا البخارى فى " التاريخ " (3/2/461) .
قلت: ورجاله ثقات غير الذى لم يسم , وقد أعله ابن أبى حاتم (2/176) عن أبيه وذكر أن الصواب حديث تميم.
والحديث علقه البخارى فى " الإيمان " من صحيحه.
وقال الحافظ بعد أن ذكر رواية مسلم له موصولا: وللحديث طرق دون هذه فى القوة , منها: ما أخرجه أبو يعلى من حديث ابن عباس , والبزار من حديث ابن عمر , وقد بينت جميع ذلك فى" تغليق التعليق ".

الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني

احمد ابو انس
2025-07-29, 12:09 PM
https://www.youtube.com/watch?v=o5KqblIkMfo&ab_channel=omaraboomar

احمد ابو انس
2025-07-29, 12:14 PM
شرح حديث (إن الدين النصيحة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النصيحة. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله وكتابه ورسوله وأئمة المؤمنين وعامتهم، أو أئمة المسلمين وعامتهم) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: باب النصيحة، والنصيحة كلمة جامعة فيها إيصال الخير ودفع الشر، وهي من أجمع الكلمات التي يندرج تحتها كل خير مطلوب والتخلص من كل شر؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة) وكأن الدين هو النصيحة؛ وذلك لعظم شأن النصيحة، وهذا مثل قوله: (الحج عرفة) ففيه تعظيم شأن عرفة، فكذلك هذا الحديث فيه تعظيم شأن النصيحة. وقد أورد أبو داود حديث تميم بن أوس الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المؤمنين وعامتهم، أو قال: لأئمة المسلمين وعامتهم) وهذا شك من الراوي، وهذا الحديث من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام. وقد أورده النووي في الأربعين النووية التي اختار فيها أربعين حديثاً من جوامع الكلم، وقد ألف كثير من العلماء مؤلفات في الأربعين، وقد ورد حديث ضعيف فيه ذكر الأربعين وهو: (من حفظ على أمتي أربعين حديثاً ...) ولكن الذي اشتهر هو تأليف النووي ، فتأليفه هو الذي اشتهر من بين المؤلفات الكثيرة في الأربعين؛ وذلك لأن الأحاديث التي جمعها كلها من جوامع الكلم؛ لأن من العلماء من كان يجمع أربعين حديثاً في موضوع واحد، وأما النووي فقد جمعها واختارها من جوامع الكلم، وذكر اثنين وأربعين حديثاً، وزادابن رجب الحنبلي رحمه الله عليها ثمانية، وألف في شرحها كتابه الذي سماه: "جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم"، وهو من أحسن الكتب ومن أوضحها وأجمعها وأكثرها فوائد؛ لأنه شرح تلك الأحاديث الخمسين في مجلد كبير، وهو شرح نفيس، مشتمل على الآثار عن السلف، وعلى التحقيق في بعض المسائل؛ لأنه رحمه الله على منهج السلف وعلى طريقتهم، فشرحه نفيس جداً، لا سيما وهو مظنة لذكر الآثار. وهذا الحديث من جملة الأحاديث التي أوردها النووي في الأربعين، ولكن النووي عزاه إلى مسلم ، وفيه أنه قال: (قالها ثلاثاً) وقد وهم رحمه الله، فإن مسلماً لم يكررها، وليس فيه: (قالها ثلاثاً) وإنما الذي في صحيح مسلم أنه قال: (الدين النصيحة) مرة واحدة ولم يكررها، ولكنها مكررة عند أبي داود، ومكررة أيضاً في مستخرج أبي عوانة على صحيح مسلم، وأما صحيح مسلم فليس فيه ذكر التكرار، فقول النووي رحمه الله في الأربعين: (قالها ثلاثاً) وعزاه إلى مسلم وحده، هذا وهم من النووي رحمه الله. وقوله: (الدين النصيحة، الدين النصيحة ، الدين النصيحة) كررها ثلاثاً هذا يدل على الاهتمام بها، والاهتمام بها من جهتين: من جهة أن الدين هو النصيحة، وأن هذا يدل على عظم شأن النصيحة، ثم من جهة أنه كررها ثلاثاً، فكان الاهتمام من رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة قصر المبتدأ على الخبر وهو قصر الدين على النصيحة، وهذا يدل على عظم شأن النصيحة في الدين، وهو مثل قوله: (الحج عرفة) ؛ لأن أهم أعمال الحج هي عرفة، وهي التي لها وقت محدد، وإذا فات الوقوف بعرفة فات الحج، بخلاف الأركان الأخرى كالطواف والسعي فإنها ليس لها وقت محدد، فيمكن للحاج تداركها لو فاتت أو أخطأ فيها، لكن من فاته الوقوف فقد فاته الحج، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) . إذاً: الاهتمام من جهتين: من جهة قصر المبتدأ على الخبر، ومن جهة التكرار وكونها قالها ثلاثاً. ثم إن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم سألوه: فقالوا: لمن يا رسول الله! تكون النصيحة؟ أي: ما دام هذا شأن النصيحة وهذه أهميتهافلمن تكون؟ فقال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). فالنصيحة لله هي: أن يعبد العبد ربه ولا يشرك به شيئاً، ويوحده في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، فيؤمن بربوبية الله وأنه رب كل شيء، ومليك كل شيء، وخالق كل شيء، وأنه المألوه الذي يعبد وتصرف له العبادة وحده، ولا يشرك معه أحداً فيها؛ لأن توحيد الربوبية هو توحيد الله في أفعاله، ككونه خالقاً رازقاً محيياً مميتاً، فهو سبحانه وتعالى واحد لا شريك له فيها، فيجب توحيد الله تعالى في أفعاله وأنه لا شريك له في أفعاله التي هي الخلق والرزق والإحياء والإماتة ونحوها. وتوحيد الألوهية: هو توحيد الله في أفعال العباد، فتكون أفعال العباد التي يتعبد بها ويتقرب بها خالصة لله عز وجل، كالدعاء والخوف والرجاء والذبح والنذر والاستغاثة والاستعانة والتوكل وغير ذلك من أنواع العبادة، فكلها لابد أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى. وتوحيد الأسماء والصفات: أن يثبت لله عز وجل كل ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله عليه الصلاة والسلام من الأسماء والصفات، ولكن هذا الإثبات يكون على ما يليق بالله سبحانه وتعالى إثباتاً ليس معه تشبيه، وتنزيهاً ليس معه تعطيل؛ لأن الذين انحرفوا عن عقيدة أهل السنة والجماعة في الصفات منهم من أثبت وشبه، فلم يحصل منه التنزيه، ومنهم من نزه فلم يثبت خوفاً من التشبيه فعطل، وأهل السنة والجماعة أثبتوا ونزهوا كما قال الله عز وجل عن نفسه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فأثبت السمع والبصر في قوله: (وهو السميع البصير)، ونفى المشابهة بقوله: (ليس كمثله شيء)، فله سمع لا كالأسماع، وبصر لا كالأبصار، وهكذا يقال في جميع الصفات، فما يضاف إلى الله عز وجل من الصفات يختص به، فلا يشبه الخلق في صفاتهم، ولا الخلق يشبهون الله عز وجل في صفاته، بل صفات الباري تليق بكماله وجلاله، وصفات المخلوقين تليق بضعفهم وافتقارهم إلى الله سبحانه وتعالى. فالنصيحة لله هي عبادته وعدم الإشراك به وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وتوحيده في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، وكلها تندرج تحت قوله صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس : (احفظ الله يحفظك) أي: قم بما يجب عليك نحو ربك من كل ما هو مطلوب منك وجزاؤك على ذلك أن يحفظك الله. قوله: (ولكتابه)، وهو هذا الكتاب المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بأن يقرأه المسلم، ويتعبد الله بتلاوته، ويعمل بأوامره ويجتنب نواهيه، ويعلم أنه كلام الله، وأنه منزل من عنده، وأنه مشتمل على ما فيه الخير والسعاد لهذه الأمة مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله: (ولرسوله) رسوله هو محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بالإيمان به وتصديقه، وأنه جاء بالحق من عند الله، وأنه دل الناس على كل خير، وبلغ البلاغ المبين، وما ترك أمراً يقرب إلى الله إلا ودل الأمة عليه، وما ترك أمراً يباعد من الله إلا وحذر منه، وقد بلغ البلاغ المبين، قال الزهري رحمة الله عليه كما ذكره البخاري عنه في الصحيح: من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم. فالذي من الله قد حصل؛ لأنه قد أرسل، وعلى الرسول البلاغ وقد بلغ البلاغ المبين، وعلينا التسليم، وهنا ينقسم الناس إلى موفق وغير موفق: موفق يسلم ويستسلم وينقاد، وغير موفق يحصل منه الانحراف وعدم الانقياد والاستسلام، فالموفق يشهد بأنه رسول الله حقاً، وأنه أفضل الرسل، وأنه جاء بالحق والهدى، وأن من أخذ بما جاء به فقد ظفر بسعادة الدنيا والآخرة، ومن أعرض عما جاء به فإنه يخسر الدنيا والآخرة، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى). قوله: (ولأئمة المسلمين) وهم ولاة أمر المسلمين، والنصح لهم يكون بدلالتهم على الخير، والدعاء لهم، وترك
الخروج عليهم ولو كانوا جائرين، وبذل النصح لهم، وغير ذلك مما هو مطلوب في حق الرعية للراعي والوالي؛ ولهذا جاء عن جماعة من السلف بيان ما يدل على عظم شأن الدعاء للولاة والنصح لهم، وذلك أنه يحصل بصلاحهم إذا صلحوا الخير الكثير؛ فقد جاء عن الإمام أحمد وعن الفضيل بن عياض أن كل واحد منهما قال: لو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان. لأنه حينئذ سوف ينفع الناس ويصلحهم، ومعلوم أن الراعي إذا صلح فإن الأمور تصلح بصلاحه. وكذلك من طريقة أهل السنة والجماعة الدعاء للولاة وعدم الدعاء عليهم، وعلامة أهل السنة أنهم يدعون للولاة، وعلامة أهل البدع أنهم يدعون على الولاة. قوله: (وعامتهم) أي: عامة المسلمين، وذلك بالنصح لهم ودلالتهم على الخير وإعانتهم عليه، وإرادة الخير لهم، ودفع الشر عنهم، وغير ذلك من الأمور التي يشملها النصح لعامة المسلمين، وهذا حديث عظيم من جوامع كلم الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث (إن الدين النصيحة ...)
قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا هو الذي وصفه الإمام أحمد بأنه شيخ الإسلام. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري له مقرونة؛ ولهذا لم يرو البخاري عنه هذا الحديث؛ لأن فيه سهيلاً وليس على شرطه، ولكنه أورد تحته حديث جرير بن عبد الله البجلي المتفق على صحته (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم)، فإنه قال: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) وذكره إياه في ترجمة باب يدل على صحته عنده، لكنه لم يورده في الصحيح مسنداً؛ لأنه ليس على شرطه؛ لأن سهيل بن أبي صالح ليس ممن خرج لهم استقلالاً، بل خرج له متابعة. [ عن عطاء بن يزيد ]. هو عطاء بن يزيد الليثي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن تميم الداري ]. هو تميم بن أوس الداري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

الكتاب : شرح سنن أبي داود
المؤلف : عبد المحسن العباد