المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض



احمد ابو انس
2025-07-07, 04:58 PM
شرح حديث: إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها!» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ»[1] (https://www.alukah.net/sharia/0/137544/%D8%B4%D8%B1%D8%AD-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A5%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%B3%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF%D9%8A-%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%85%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D9%86%D9%83%D8%B1%D9%88 %D9%86%D9%87%D8%A7/#_ftn1)؛ متفق عليه.«والأثرة»: الانفراد بالشيء عمن له فيه حق.وَعَنْ أَبِي يَحْيَى أُسَيْدِ بْنِ حُضَيَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا، فَقَالَ: «إِنكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ»[2] (https://www.alukah.net/sharia/0/137544/%D8%B4%D8%B1%D8%AD-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A5%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%B3%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF%D9%8A-%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%85%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D9%86%D9%83%D8%B1%D9%88 %D9%86%D9%87%D8%A7/#_ftn2)؛ متفق عليه.

«وأسيد»؛ بضم الهمزة؛ «وحضير»: بحاء مهملة مضمومة، وضاد معجمة مفتوحة، والله أعلم.قال العلامةمحمد ابن صالح العثيمين رحمه الله: هذان الحديثان: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وحديث أسيد بن حضير رضي الله عنه ذكرهما المؤلف في باب الصبر؛ لأنهما يَدُلان على ذلك، أما حديث عبدالله بن مسعود، فأخبر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةً»، والأثرة يعني: الاستئثار بالشيء عمن له فيه حق.يريد بذلك صلى الله عليه وسلم أنه سيستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاؤوا، ويمنعون المسلمين حقَّهم فيها.وهذه أثرة وظلم من الولاة أن يستأثروا بالأموال التي للمسلمين فيها الحق، ويستأثروا بها لأنفسهم عن المسلمين، ولكن قالوا: ما تأمرنا؟ قال: «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ»؛ يعني: لا يمنعكم استئثارهم بالمال عليكم أن تمنعوا ما يجب عليكم نحوهم من السمع والطاعة، وعدم الإثارة، وعدم التشويش عليهم، بل اصبروا، واسمعوا وأطيعوا، ولا تنازعوهم الأمر الذي أعطاهم الله، «وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ»؛ أي: اسألوا الحق الذي لكم من الله؛ أي: اسألوا الله أن يهديهم حتى يؤدوكم الحق الذي عليهم لكم، وهذا من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه عليه الصلاة والسلام علم أن النفوس شحيحة، وأنها لن تصبر على من يستأثر عليهم بحقوقهم، ولكنه عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أمرٍ قد يكون فيه الخير، وذلك بأن نؤدي ما علينا نحوهم من السمع والطاعة، وعدم منازعة الأمر وغير ذلك، ونسأل الله الذي لنا؛ وذلك إذا قلنا: اللهم اهدهم حتى يعطونا حقنا، كان في هذا خير من جهتين.وفيه دليل على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبر بأمر وقع، فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد كانوا يستأثرون المال، فنجدهم يأكلون إسرافًا، ويشربون إسرافًا، ويلبسون إسرافًا، ويسكنون ويركبون إسرافًا، وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة، ولكن هذا لا يعني أن ننزع يدًا من طاعة، أو أن ننابذهم، بل نسأل الله الذي لنا، ونقوم بالحق الذي علينا.وفيه أيضًا استعمال الحكمة في الأمور التي قد تقتضي الإثارة؛ فإنه لا شك أن استئثار الولاة بالمال دون الرعية، يوجب أن تثور الرعية وتطالب بحقها، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالصبر على هذا، وأن نقوم بما يجب علينا، ونسأل الله الذي لنا.أما حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه، فهو كحديث عبدالله بن مسعود أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا سَتَكُونُ أَثَرَةً»، ولكنه قال: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ».يعني: اصبروا ولا تنابذوا الولاة أمرَهم حتى تلقوني على الحوض؛ يعني: أنكم إذا صبرتم فإن من جزاء الله لكم على صبركم أن يسقيكم من حوضه، حوض النبي صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلنا جميعًا ممن يَرِدُه ويشرب منه.هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة في مكان وزمان أحوج ما يكون الناس إليه؛ لأنه في ذلك المكان وفي ذلك الزمان، في يوم الآخرة، يحصل على الناس من الهَمِّ، والغم، والكرب، والعرق، والحَرِّ ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء، فيَرِدون حوض النبي صلى الله عليه وسلم، حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر، يَصُب عليه ميزابان من الكوثر، وهو نهر في الجنة أعطية النبي صلى الله عليه وسلم، يصبان عليه ماءً أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، وفيه أوان كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة، مَن شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبدًا، اللهم اجعلنا ممن يشرب منه.فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يصبروا ولو وجدوا الأثرة؛ فإنَّ صبرهم على ظلم الولاة من أسباب الورد على الحوض والشرب منه.وفي هذين الحديثين: حث على الصبر على استئثار ولاة الأمور في حقوق الرعية، ولكن يجب أن نعلم أن الناس كما يكونون يُولَّى عليهم، إذا أساؤوا فيما بينهم وبين الله، فإن الله يسلط عليهم ولاتهم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 129]؛ فإذا صلحت الرعية يسَّر الله لهم ولاة صالحين، وإذا كانوا بالعكس كان الأمر بالعكس.ويذكر أن رجلًا من الخوارج جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال له: يا علي، ما بال الناس انتقضوا عليك ولم ينتقضوا على أبي بكر وعمر؟فقال له: إن رجال أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنا وأمثالي، أما أنا فكان رجالي أنت وأمثالك؛ أي: ممن لا خير فيه، فصار سببًا في تسلط الناس وتفرُّقهم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وخروجهم عليه، حتى قتلوه رضي الله عنه.ويذكر أن أحد ملوك بني أمية سمع مقالة الناس فيه، فجمع أشراف الناس ووجهاءهم وكلمهم - وأظنه عبدالملك بن مروان - وقال لهم: أيها الناس، أتريدون أن نكون لكم مثل أبي بكر وعمر؟ قالوا: نعم، قال إذا كنتم تريدون ذلك، فكونوا لنا مثل رجال أبي بكر وعمر!فالله سبحانه وتعالى حكيم، يولِّي على الناس من يكون بحسب أعمالهم إن أساؤوا فإنه يُسَاء إليهم، وإن أحسنوا أُحْسِن إليهم.ولكن مع ذلك لا شك أن صلاح الراعي هو الأصل، وأنه إذا صلح الراعي صلحت الرعية؛ لأن الراعي له سلطة يستطيع أن يُعدِّل مَن مال، وأن يؤدب من عال وجار، والله الموفق.
المصدر: شرح رياض الصالحين

[1] (https://www.alukah.net/sharia/0/137544/%D8%B4%D8%B1%D8%AD-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A5%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%B3%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF%D9%8A-%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%85%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D9%86%D9%83%D8%B1%D9%88 %D9%86%D9%87%D8%A7/#_ftnref1) أخرجه البخاري (7052)، ومسلم (1843).
[2] (https://www.alukah.net/sharia/0/137544/%D8%B4%D8%B1%D8%AD-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D8%A5%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%B3%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF%D9%8A-%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%85%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D9%86%D9%83%D8%B1%D9%88 %D9%86%D9%87%D8%A7/#_ftnref2) أخرجه البخاري (7057)، ومسلم (1845).

احمد ابو انس
2025-07-07, 04:59 PM
1768 - " الأنصار شعار و الناس دثار و لو أن الناس استقبلوا واديا أو شعبا و استقبلت
الأنصار واديا لسلكت وادي الأنصار و لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 367 :
أخرجه ابن ماجة ( 164 ) عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن
جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قال البوصيري في
" الزوائد " ( 12 / 1 ) : " هذا إسناد ضعيف ، و الآفة فيه من عبد المهيمن بن
عباس ، و باقي رجال الإسناد ثقات . رواه الترمذي في " الجامع " من حديث أبي بن
كعب إلا أنه لم يقل : " الأنصار شعار و الناس دثار " و قال : " لو سلك " بدل
" استقبلوا " و الباقي نحوه ، و قال : " حديث حسن " .
قلت : هذا الحديث صحيح جدا ، و لقد قصر البوصيري في حقه حين لم يستشهد له إلا
بحديث الترمذي ، فأوهم أنه لا شاهد له سواه ، و ليس كذلك ، و أسوأ منه عملا
السيوطي ، فإنه أورده في " الزيادة على الجامع الصغير " ( ق 69 / 1 ) من رواية
ابن ماجة فقط عن سهل ، و كان الواجب أن يذكر له بعض الشواهد التي تدل على أنه
صحيح لغيره ، و لو اختلفت بعض ألفاظه كما هي غالب عادته ، و لذلك رأيت من
الواجب ذكر بعض الشواهد ليكون الواقف عليها على بينة من صحة الحديث ، و الموفق
الله تعالى . و قد جاء الحديث عن عبد الله بن زيد بن عاصم و أنس بن مالك و أبي
هريرة و أبي قتادة و أبي بن كعب .
1 - أما حديث عبد الله بن زيد ، فأخرجه البخاري ( 3 / 152 و 4 / 412 ) و مسلم
( 3 / 108 - 109 ) و أحمد ( 4 / 42 ) بتقديم و تأخير ، و لفظه : " لولا الهجرة
لكنت امرأ من الأنصار و لو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار و شعبها
، و الأنصار شعار و الناس دثار ، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على
الحوض " .
2 - حديث أنس ، أخرجه البخاري ( 3 / 4 و 153 و 154 ) و مسلم ( 3 / 106 و 107 )
و أحمد ( 3 / 169 و 172 و 188 و 246 و 249 و 275 و 280 ) من طرق عنه و ليس عند
الشيخين إلا الجملة الوسطى من لفظ الترجمة و هو رواية أحمد و إسناده في الرواية
الأولى التامة صحيح على شرط مسلم .
3 - حديث أبي هريرة ، أخرجه البخاري ( 3 / 5 و 4 / 412 ) و ابن حبان ( 2292 )
و أحمد ( 2 / 410 و 414 و 419 و 469 و 501 ) من طرق عنه ، و ليس عند البخاري
و ابن حبان الجملة الأولى منه خلافا لأحمد في رواية ، و إسناده صحيح أيضا على
شرط مسلم .
4 - حديث أبي قتادة ، أخرجه أحمد ( 5 / 307 ) عنه بتمامه و كذا الحاكم ( 4 / 79
) و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ، و هو كما قالا . و قال الهيثمي
في " المجمع " ( 10 / 35 ) : " رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح غير يحيى بن
النضر الأنصاري و هو ثقة " .
5 - حديث أبي بن كعب ، أخرجه الترمذي ( رقم 3895 ) و أحمد ( 5 / 137 و 138 )
و عنه الحكم ( 4 / 78 ) عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب
عن أبيه مرفوعا به ، دون الجملة الأولى ، و قال الترمذي : " حديث حسن " . و قال
الحاكم : " صحيح الإسناد " ! و وافقه الذهبي !
قلت : هو حسن الإسناد عند أحمد ، فإن له عنده طريقا أخرى صحيحة عن ابن عقيل
و هو حسن الحديث . و في الباب عن جمع آخر من الصحابة ، فمن شاء الإطلاع عليها ،
فليرجع إلى " مجمع الزوائد " ، و فيما ذكرنا كفاية .
( تنبيه ) لم تقع الجملة الثالثة من الحديث في نسخة بولاق من " الترمذي " ( 2 /
324 ) و لذلك اعتمدنا في هذا التخريج على نسخة الأستاذ الدعاس ، و لقد كان يحسن
به التنبيه على ذلك .

احمد ابو انس
2025-07-07, 05:00 PM
3096- (وأنتم معشرَ الأنصار! فجزاكم الله خيراً- أو: أطيب الجزاء-، فإنكم- ما علمتُ- أَعِفَّةٌ صُبُرٌ، وسَتَرونَ بعدي أَثَرةً في القَسْمِ والأمر، فاصبروا حتى تَلْقَوْني على الحَوْضِ).
قال الألباني في السلسلة الصحيحة:
أخرجه ابن حبان في "صحيحه " (7277- الإحسان)، والحاكم (4/79)، وابن عدي في "الكامل " (5/1879)، ومن طريقه : البيهقي في "شعب الإيمان " (6/520/9136)، وكذا النسائي في "فضائل الصحابة" (240) من طرق عن عاصم بن سويد بن يزيد بن جارية الأنصاري قال: ثنا يحيى بن سعيد عن أنس ابن مالك قال:
أتى أسيد بن الحضير النقيب الأشهلي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكلمه في أهل بيت من بني ظَفَر عامتهم نساء ، فقسم لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شيء قسمه بين الناس ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
"تركتنا يا أسيد! حتى ذهب ما في أيدينا، فإذا سمعت بطعام قد أتاني ؛ فأتني فاذكر لي أهل ذلك البيت ، أو اذكر لي ذاك ".
فمكث ما شاء الله، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعام من خيبر: شعير وتمر، فقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الناس، قال: ثم قسم في الأنصار فأجزل ، قال: ثم قسم في أهل ذلك البيت فأجزل، فقال له أسيد شاكراً له : جزاك الله أي رسول الله! أطيب الجزاء- أو خيراً؛ يشك عاصم- قال : فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -... فذكره. وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي.
وأقول: هو كما قالا، فإن عاصماً هذا قال فيه أبو حاتم :
"شيخ محله الصدق ".
وذكره ابن حبان في "الثقات " (7/259)، وروى عنه جمع من الثقات؛ منهم محمد بن الصباح وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي وعلي بن حجر، وثلاثتهم رووا الحديث هذا عنه، ويعقوب بن محمد الزهري كما في "التهذيب "، وأبو مصعب ؛ هو أحمد بن أبي بكر الزهري المدني كما في "الجرح "، وعليه ؛ فقول ابن معين فيه :
لا أعرفه " لا يجرحه إن شاء الله تعالى ؛ فقد عرفه ابن حبان والحاكم والذهبي الذين صححوا حديثه ، وأبو حاتم من قبلهم .
ولبعض حديثه أصل من غير طريقه وشواهد؛ فروى البخاري وغيره من طريق سفيان وغيره عن يحيى بن سعيد أنه سمع أنس بن مالك مرفوعاً:
" إنكم ستلقون بعدي أثرة ؛ فاصبروا حتى تلقوني "، زاد من طريق آخر عن أنس- وسيأتي قريباً- :
"على الحوض ". وهي عند ابن حبان (7231) من الطريق الأولى.
وهو مخرج في "ظلال الجنة" (752 و 1102 و 1103)،.
وروى الترمذي وغيره من طريق أخرى ضعيفة عن أنس عن أبي طلحة قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
"أقرئ قومك السلام؛ فإنهم- ما علمت- أعفة صبر".
وصححه في بعض النسخ، ولا وجه له ؛ إلا أن يعني تصحيحه لشواهده ، فهو مقبول في الشطر الثاني منه، وهو مخرج في "المشكاة" (6242)، وذهل الهيثمي؛ فأورده في "كشف الأستار" (3/304)، و"المجمع " (10/33) من رواية البزار، وليس على شرط الكتابين.
وأما الشواهد ؛ فقال معمر : عن الزهري قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - :
"الأنصار أعفة صبر".
أخرجه عبد الرزاق (11/55/19894).
قلت: وهذا معضل أو مرسل.
ووصله يونس عن ابن شهاب : حدثني يزيد بن وديعة الأنصاري أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول... فذكره.
أخرجه ابن حبان (2290- موارد و 6264- إحسان).
قلت: ويزيد بن وديعة لا يعرف إلا برواية الزهري، كذلك أورده ابن حبان في "الثقات " (5/537)، وذكره ابن أبي حاتم فبيض له !
وقال ابن أبي شيبة (12/ 160): حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر قال:
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر الأنصار قال:
"أعفة صبر".
وقد خولف ابن إدريس في إسناده؛ فقال يحيى بن زكريا بن أبي زائدة: حدثنا محمد بن إسحاق عن حصين بن عبد الرحمن عن محمود بن لبيد عن ابن شفيع- وكان طبيباً- قال:
دعاني أسيد بن حضير، فقطعت له عرق النسا، فحدثني بحديثين قال:
أتاني أهل بيتين من قومي : أهل بيت من بني ظَفَرٍ؛ وأهل بيت من بني معاوية، فقالوا: كلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقسم لنا أو يعطينا- أو نحواً من هذا- ، فكلمته، فقال:
"نعم، أقسم لكل أهل بيت منهم شطراً، فإن عاد الله علينا عدنا عليهم ".
قال : قلت : جزاك الله خيراً يا رسول الله ! قال :
"وأنتم فجزاكم الله خيراً؛ فإنكم- ما علمتكم- أعفة صبر".
قال: وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول:
"إنكم ستلقون أثرة بعدي ".
فلما كان عمر بن الخطاب قسم حُللاً بين الناس.. إلخ.
أخرجه أبو يعلى (945): حدثنا زكريا بن يحيى زحمويه: عن ابن أبي زائدة به.
ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن حبان (7279).
ورجاله ثقات- على عنعنة ابن إسحاق-؛ غير ابن شفيع فلم أجد له ترجمة فيما لدي من المراجع.
ثم رأيته مترجماً في "التاريخ الكبير" للبخاري، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وأما قول الهيثمي في "المجمع " (10/33) عقب رواية ابن شفيع هذا:
"رواه أحمد، ورجاله ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس، وهو ثقة ".
فهو وهم ؛ إما منه وإما من الناسخ ؛ أراد أن يقول : " أبو يعلى" فقال : " أحمد" ؛ فإنه ليس في "مسنده "؛ وإنما له فيه (4/352 و353) من طريق قتادة عن أنس عن أسيد بن حضير مرفوعاً بلفظ :
"إنكم ستلقون بعدي أثرة ؛ فاصبروا.. " الحديث كما تقدم مشاراً إليه بقولي : "زاد من طريق آخر" من رواية البخاري. وأخرجه مسلم أيضاً (6/19)، وصححه الترمذي (2190).*

احمد ابو انس
2025-07-07, 05:03 PM
https://www.youtube.com/watch?v=xsOTzrzTUBs&ab_channel=%D9%82%D9%86%D8%A7% D8%A9%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A% D8%AE%D8%A7%D8%A8%D9%86%D8%B9% D8%AB%D9%8A%D9%85%D9%8A%D9%86

احمد ابو انس
2025-07-07, 05:04 PM
228 من حديث: (إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها..)

تحميل المادة (https://files.zadapps.info/binbaz.org.sa/sawtyaat/shroh_alkotob/ryad_salheen_elias/227%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6%20 %D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84 %D8%AD%D9%8A%D9%86%20%D8%AA%D8 %B9%D9%84%D9%8A%D9%82%20%D8%A7 %D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE%20%D8 %B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8 %B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2%20%D8%A8 %D9%86%20%D8%A8%D8%A7%D8%B2%20 %D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%87%20%D8 %A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D9%85 %D9%86%20%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8 %AB671%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8 %AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB674.mp3)

8/670- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ  قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ:إنَّهَا ستَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: يَا رسُولَ اللَّهِ، كَيفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذلكَ؟ قَالَ: تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ متفقٌ عليه.
9/671- وعن أبي هريرة  قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ أَطَاعَني فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه، وَمَنْ عَصَاني فَقَدْ عَصَى اللَّه، وَمَنْ يُطِعِ الأمِيرَ فَقَدْ أطَاعَني، ومَنْ يَعْصِ الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي متفقٌ عَلَيْهِ.
10/672- وعن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: مَنْ كَرِه مِنْ أَمِيرِهِ شيْئًا فَلْيَصْبِر، فإنَّهُ مَن خَرج مِنَ السُّلطَانِ شِبرًا مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيةً متفقٌ عَلَيْهِ.
11/673- وعن أبي بكرة  قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقول: مَن أهَانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ اللَّه رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
وفي الباب أحاديث كثيرةٌ في الصحيح، وقد سبق بعضُها في أبوابٍ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كالتي قبلها في الحثِّ على طاعة ولاة الأمور، وعدم الخروج عليهم، وعدم المنازعة؛ لما في ذلك من استتاب الأمن، ونصر المظلوم، وردع الظالم، وقضاء حاجة المسلمين، والقضاء على الفتن، ولهذا قال لهم ﷺ: إنها ستكون بعدي أثرةٌ وأمورٌ تُنكرونها، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدُّوا الذي عليكم، وسَلُوا الله الذي لكم، فالمؤمن يُؤدي ما عليه من الحقوق، ويسأل الله الذي له، ولا يفتح بابَ فتنةٍ؛ فإن عليه السمع والطاعة في المعروف.
وجاء في الحديث: مَن خلع يدًا من طاعةٍ لقي اللهَ ولا حجَّةَ له، فالواجب السمع والطاعة لولاة الأمور، والتعاون معهم على البر والتقوى، وإذا رأى من أميره شيئًا فليَكْرَه ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنَّ يدًا من طاعةٍ، هذا هو الواجب على الجميع؛ وهو التعاون مع ولاة الأمور، والحرص على استتباب الأمن، وعلى قضاء حاجات المسلمين، وعلى كفِّ الأذى عنهم؛ لما فيه من المصلحة العامة، فالمصلحة العامة تُقدَّم على المصلحة الخاصَّة، وكونه على حقٍّ أو ما أُعطي حقًّا هذه مسألة جزئية، فلا تُوجب أن ينزع يدًا من طاعةٍ، بل عليه أن يسمع ويُطيع في المعروف، ويسأل الله الذي له، ويُؤدي الذي عليه من السمع والطاعة في المعروف، والتعاون على البر والتقوى، هذا هو الواجب على الجميع.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: حديث: مَن أهان السلطانَ أهانه اللهُ ما درجة صحته؟
ج: ما أعرف حاله، ولا تتبعتُ سنده، لكن مقتضى الأدلة تُؤيد ذلك؛ لأنَّ إهانته تُنزل قدره عند الناس، وتُضعف شوكتَه، ويتساهل به الناس، فالواجب احترامه، والسمع والطاعة له في المعروف؛ حتى يُحترم ويُهاب ويأمن الناسُ.
س: الجماعة إذا خرجوا في سفرٍ وأمَّروا أميرًا، فهل يدخل في قول الرسول ﷺ: مَن أطاعني فقد أطاع الله؟
ج: نعم يدخل فيه، فالمقصود من تأميره السمع والطاعة، حتى يتم أمرُهم ويسيروا مُطمئنين.
س: الصلاة خلف إمامٍ يقنت في صلاة الفجر؟
ج: صلِّ معه، فله شُبهة، يُقْنَت معه؛ لأنه قولُ بعض أهل العلم، لا بأس.
س: يُتابعه؟
ج: نعم يُتابعه، إنما جُعِلَ الإمامُ ليُتابَع، وليس ليُخَالَف.
س: مَن قال: "إنَّ أشرف وظيفةٍ على وجه الأرض هي وظيفة الرسل، وهي الدَّعوة إلى الله، وليست المراتب وغيرها"، فهل يُعتبر هذا من إهانة الأمير؟
ج: لا، ليست إهانةً، فدعوة الرسل لا شكَّ أنها مهمةٌ جدًّا عن الأمراء والعلماء، ودعوة الرسل واجبةٌ على الأمراء والعلماء جميعًا، فهي واجب الجميع.

الشيخ عبدالعزيز بن باز

احمد ابو انس
2025-07-07, 05:05 PM
الشيخ محمد بن صالح العثيمين (https://alathar.net/home/esound/index.php?op=shch&shid=6) / رياض الصالحين (https://alathar.net/home/esound/index.php?op=shbovi&shid=6&boid=14)
شرح رياض الصالحين-07a (https://alathar.net/home/esound/index.php?op=tadevi&id=11916)
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا يا رسول الله فما تأمرنا قال تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم ) متفق عليه والأثرة الانفراد بالشيء عمن له فيه حق . وعن أبي يحيى أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار قال يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا فقال ( إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) متفق عليه ... " . حفظ (https://alathar.net/home/esound/index.php?op=pdit&cntid=213272)

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذان الحديثان : حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وحديث أُسيد بن حُضير ذكرهما المؤلف في باب الصبر ، لأنهما يدلان على ذلك ، أما حديث عبد الله بن مسعود : فأخبر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنها ستكون بعدي أثرة ) : الأثرة : يعني الاستئثار بالشيء عمن له فيه حق ، يريد بذلك صلى الله عليه وسلم أنه سيتولى على المسلمين ولاةً يستأثرون بأموال المسلمين ، يصرفونها كما شاؤوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها ، وهذه أثرة وظلم مِن الولاة أن يستأثروا بالأموال التي للمسلمين فيها الحق ، ويستأثروا بها لأنفسهم عن المسلمين ، ولكن : ( قالوا : ما تأمرنا ؟ قال : تؤدون الحق الذي عليكم ) : يعني لا يمنعكم استئثارهم بالمال عليكم أن تمنعوا ما يجب عليكم نحوَهم من السمع والطاعة ، وعدم الإثارة ، وعدم التشويش عليهم ، لا ، اصبروا ، اسمعوا وأطيعوا ولا تنازعوهم الأمر الذي أعطاهم الله .
( واسألوا الذي لكم ) : يعني اسألوا الحق الذي لكم ، اسألوا الله الذي لكم يعني : اسألوا الله الحق الذي لكم ، أي : اسألوا الله أن يهديهم حتى يؤدوكم الحق الذي عليهم لكم ، وهذا من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه عليه الصلاة والسلام علم أن النفوس شحيحة وأنها لن تصبر على من يستأثر عليهم بحقوقهم ، ولكنه عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أمر قد يكون فيه الخير ، وذلك بأن يؤدي ما علينا نحوهم من السمع والطاعة ، وعدم منازعة الأمر ، وغير ذلك ، ونسأل الله الذي لنا ، وذلك إذا قلنا : اللهم اهدهم حتى يعطونا حقنا ، كان في هذا خير من جهتين .
وفيه دليل على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأنه أخبر في أمر وقع ، أخبر بأمر وقع ، فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد كانوا يستأثرون بالمال ، فتجدهم يأكلون إسرافًا ويشربون إسرافًا ويلبسون إسرافًا ويسكنون إسرافًا ويركبون إسرافًا ، وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة ، ولكن هذا لا يعني أن ننزع يداً مِن طاعة ، أو أن ننابذهم ، بل نسأل الله الذي لنا ونقوم بالحق الذي علينا .
وفيه أيضا : استعمال الحكمة في الأمور التي قد تقتضي الإثارة ، فإنه لا شك أن استئثار الولاة بالمال دون الرعية يوجب أن تثور الرعية ، وتطالب بحقها ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالصبر على هذا ، وأن نقوم بما يجب علينا ونسأل الله الذي لنا .
أما حديث أُسيد بن حضير رضي الله عنه فهو كحديث ابن مسعود ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنها ستكون أثرة ) ، ولكنه قال : ( اصبروا حتى تلقوني على الحوض ) : يعني اصبروا : لا تنابذوا الولاة أمرهم ، حتى تلقوني على الحوض يعني : أنكم إذا صبرتم ، فإن من جزاء الله لكم على صبركم أن يسقيكم من حوضه ، من حوض النبي صلى الله عليه وسلم ، اللهم اجعلنا جميعا ممن يرده ويشرب منه .
الطالب : آمين .
الشيخ : هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة ، في مكان وزمان أحوجَ ما يكون الناسُ إليه ، لأنه في ذلك المكان وفي ذلك الزمان في يوم الآخرة يحصل على الناس من الهم والغم والكَرب والعرق والحر ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء ، فيردون حوض النبي صلى الله عليه وسلم ، حوضٌ عظيم طوله شهر وعرضه شهر ، يصبُّ عليه ميزابان من الكوثر وهو نهر في الجنة ، أُعطيَه النبي صلى الله عليه وسلم ميزابان يعني : مثعبان ، يصبان عليه ماءً أشدَّ بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأطيب من رائحة المسك ، وفيه أواني كنجوم السماء ، آنيته كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة ، مَن شرب منه شَربة واحدة لم يظمأ بعدها أبدا ، اللهم اجعلنا ممن يشرب منه .
فأرشدهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يصبروا ولو وجدوا الأثرة ، فإن صبرهم على ظلم الولاة مِن أسباب الورود على الحوض والشرب منه .
إذًا في هذين الحديثين حث على الصبر على أي شيء ؟ على استئثار ولاة الأمر بحقوق الرعية ، ولكن يجب أن نعلم : " أن الناس كما يكونون يولى عليهم " ، كما يكونون يولى عليهم ، إذا أساؤوا ما بينهم وبين الله فإن الله يسلط عليهم ولاتهم كما قال تعالى : (( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) فإذا صلحت الرعية يسر الله لهم ولاة صالحين ، وإذا كان بالعكس كان الأمر بالعكس ، ويُذكر أن رجلا من الخوارج جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال له : " يا علي ! ما بال الناس انتقضوا عليك ، ولم ينتقضوا على أبي بكر وعمر ؟ فقال له : إن الرجال إن رجال أبي بكر وعمر كنت أنا وأمثالي ، رجال أبي بكر وعمر ، أما أنا فكان رجالي أنت وأمثالَك " : يعني أنت ما فيك خير فصار سببا لتسلط الناس وتفرقهم على علي بن أبي طالب وخروجهم عليه ، حتى قتلوه رضي الله عنه ، ويُذكر أن أحد ملوك بني أمية سمع مقالة الناس فيه ، فجمع أشراف الناس ووجهاءَهم ، وكلمهم ، وأظنه عبد الملك بن مروان كلمهم وقال لهم : " أيها الناس أتريدون أن نكون لكم مثل أبي بكر وعمر ؟ قالوا : نعم ، قال : إذا كنتم تريدون ذلك فكونوا لنا مثل رجال أبي بكر وعمر " ، الله سبحانه وتعالى حكيم ، يولي على الناس مَن يكون بحسب أعمالهم ، إن أساؤوا فإنه يساء إليهم ، وإن أحسنوا أحسن إليهم ، ولكن مع ذلك لا شك أن صلاح الراعي هو الأصل ، وأنه إذا صلح الراعي صلحت الرعية ، لأن الراعي له سلطة يستطيع أن يعدل مَن مال ، وأن يؤدب من عال وجار ، والله الموفق .

احمد ابو انس
2025-07-07, 05:07 PM
شبهة أن الصحابة يشهدون على أنفسهم بعدم امتثال أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن ذلك إستشهادهم بما روي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال للأنصار: (إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض. قال أنس: فلم نصبر). وعن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: لقيت البراء بن عازب رضي الله عنه فقلت: (طوبى لك صحبت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده)([1] (https://www.fnoor.com/main/articles.aspx?article_no=5566# _ftn1)). وإذا كان هذا الصحابي من السابقين الأولين الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة، ورضي عنهم وعلم ما في قلوبهم فأثابهم فتحاً قريباً، يشهد على نفسه وعلى أصحابه بأنهم أحدثوا بعد النبي، وهذه الشهادة هي مصداق ما أخبر به صلى الله عليه وآله وسلم وتنبأ به من أنّ أصحابه سيحدثون بعده ويرتدون على أدبارهم فهل يمكن لعاقل بعد هذا أن يصدق بعدالة الصحابة كلهم أجمعين على ما يقول به أهل السنة والجماعة؟

ردود العلماء:
§ الذي ورد عن الزهري أنه قال: أخبرني أنس بن مالك أن (أناساً من الأنصار قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أموال هوازن ما أفاء، فطفق يعطي رجالاً من قريش المائَةَ من الإِبلِ، فقالوا: يغفرُ الله لرسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، يعطي قريشاً ويدعنا، وسيوفنا تقطرُ من دمائهم. قال أنس: فحُدِّثَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمقالتهم، فأَرسلَ إلى الأنصار فجمعهم في قُبَّة من أدم، ولم يدع معهم أحداً غيرهم، فلمَّا اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما كان حديث بلغني عنكم. قال لهم فُقهاؤُهم: أمَّا ذَوُو آرائِنَا يا رسول الله فلم يقولوا شيئاً، وأمَّا أُناسٌ مِنَّا حديثةٌ أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يعطي قريشاً، ويترك الأنصار، وسيوفنا تقطر من دماءهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني أعطي رجالاً حديثٌ عهدهم بكُفرٍ، أما ترْضوْنَ أنْ يذهب الناس بالأموال، وترجعوا إلى رحالكم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فواللهِ ما تنقلبون به خيرٌ مما ينقلبون بهِ. قالوا: بلى يا رسول الله قدْ رضينا، فقال لهمْ: إنكم ستَروْن بعدى أثرةً شديدةً فاصبروا حتى تلْقَوا الله تعالى ورسوله على الحوض. قال أنس: فلم نصبر)([2] (https://www.fnoor.com/main/articles.aspx?article_no=5566# _ftn2)). فهذا الحديث كما هو ظاهر من فضائل الأنصار ويظهر حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأنصار. وقول أنس: (فلم نصبر) لا يعدو أن يكون رأيه هو فلا يقبل أن يجعل حجة على جميع الصحابة ولعله أخطأ في قوله، لذلك لم يلتفت لهذه الزيادة أيُّ من شراح الحديث.
§ لا يجوز شرعاً وعقلاً أن يحمل قول واحد من الصحابة لا يفهم منه القدح أصلاً لترد به آيات محكمة وكثيرة في مدح الصحابة عموماً ومدح الأنصار خاصة.
§ قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث: (... فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على الحوض) لا يفهم منه أنهم إن لم يصبروا فلن يلقوا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على الحوض؟! و(حتى) بمنزلة (إلى) ولم يستخدم أداة الشرط فيقول: (إن) صبرتم ستلقوني على الحوض حتى يكون مطعنا.
§ لعل أنس ذكر ذلك بسبب موقف قومه من الخلافة ومحاولة منازعتهم للمهاجرين في بداية الأمر، ولعل الذي يؤكد ذلك ما رواه أنس عن أسيد بن حضير أن رجلاً من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (ألا تستعملني كما استعملت فلاناً؟ فقال: إنكم ستلقون بعدي أثرة. فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)([3] (https://www.fnoor.com/main/articles.aspx?article_no=5566# _ftn3)) خصوصاً إذا عرفنا أن (الأثرة) هي: الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا.
§ قول البراء بن عازب رضي الله عنه: «إنك لا تدري ما أحدثنا بعده» يشير إلى ما وقع لهم من الحروب وغيرها، فخاف غائلة ذلك، وذلك من كمال فضله. ومن المعلوم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أحد المشاركين في هذه الحروب، فلا بد أن يشمله الخطاب على حد فهم هذا الطاعن، فيكون ممن أحدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن الحق الذي يجب أن يقال: إن هذين الحديثين لا يمكن أن يردّا مجموع الأدلة القرآنية والحديثية في مدح الصحابة والرضا عنهم من الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ووقوعهم في الأخطاء لا ينفي فضلهم وطهارتهم الظاهرة والباطنة.([1]) رواه البخاري برقم 4170.([2]) رواه البخاري برقم 3147.([3]) رواه البخاري برقم 3792، ومسلم برقم 1845.

منقول

احمد ابو انس
2025-07-07, 05:09 PM
https://alathar.net/home/esound/index.php?op=codevi&coid=204263