مشاهدة النسخة كاملة : أوصيكم بتقوى الله و السمع والطاعة وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء ..
احمد ابو انس
2025-06-26, 06:34 PM
17144 - حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ لَهَا الْأَعْيُنُ (1) ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا أَوْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَأَوْصِنَا. قَالَ: " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " (2)
(1) في (ص) : العيون. وهي نسخة في (س) .
(2) قال محققوا المسند: حديث صحيح، سلف الكلام عليه برقم (17142) ، ورجاله ثقات ثور: هو ابن يزيد الحمصي.
وأخرجه الدارمي 1/44-45، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/344، والترمذي عقب الحديث (2676) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1186) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (617) ، والآجري في "الشريعة" ص47، والحاكم 1/95-96، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص482 -483، والبغوي في "شرح السنة" (102) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة، وقد احتج البخاري بعبد الرحمن بن عمرو وثور بن يزيد، وروى هذا الحديث في أول كتاب الاعتصام بالسنة، والذي عندي أنهما رحمهما الله توهّما أنه ليس له راوٍ عن خالد بن معدان غير ثور بن يزيد، وقد رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث المخرّج حديثه في "الصحيحين" عن خالد بن معدان، ووافقه الذهبي.
قلنا: إنما ذكره البخاري في أول كتاب الاعتصام الذي هو كتاب مفرد، ككتابه "الأدب المفرد"، لكنه لم يورد منه في صحيحه إلا ما يليق بشرطه فيه، ذكر ذلك الحافظ في شرح قول البخاري عقب الحديث (7271) : ينظر في أصل كتاب الاعتصام. والبخاري لم يخرج في صحيحه لعبد الرحمن السلمي،
بله أن يكون قد احتج به.
وأخرجه ابن ماجه (44) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (31) و (54) من طريقين عن ثور بن يزيد، به.
وأخرجه بنحوه ابنُ أبي عاصم في "السنة" (34) و (49) ، والطبراني 18/ (642) من طريق شعوذ الأزدي، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن العرباض بن سارية، به.
وسلف برقم (17142) ، وذكرنا أحاديث الباب لفقراته هناك غير قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثةٍ بدعة"، ففي الباب عن جابر بن عبد الله عند مسلم (867) (43) بلفظ: "وشرّ الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة
احمد ابو انس
2025-06-26, 06:38 PM
17142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: " قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ (1) عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ (2) حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ " (3)
(1) في هامش (س) : ولو.
(2) في (س) : الآنف، وكلاهما بمعنى.
(3) قال محققوا المسند:حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد حسن، عبد الرحمن بن عمرو السلمي روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الكاشف": صدوق، وقد صحّح حديثه الترمذي، والحاكم، والذهبي، وأبو نعيم فيما نقله ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/109، والبزار فيما نقله ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص483، وابن عبد البر، وقد تابع عبد الرحمن بن عمرو السُّلَمي هذا حُجر بن حجر الكلاعي فيما سيرد برقم (17145) ، وعبدُ الله بن أبي بلال الخزاعي فيما سيرد (17146) ، وثمة طرق أخرى للحديث تأتي في موضعها في التخريج، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الحاكم 1/96 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه (43) ، وابن عبد البر في "جامع بين العلم" ص482 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (33) و (48) و (56) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (619) ، وفي "مسند الشاميين" (2017) ، والآجري في "الشريعة" ص 47، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص482 من طريقين عن معاوية بن صالح، به.
وله طريق ثانية عند ابن أبي عاصم (28) و (29) و (59) ، والطبراني 18/ (623) ، أخرجاه من طريقين عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن إسماعيل ابن عياش، عن أرطاة بن المنذر، عن المهاصر بن حبيب، عن العرباض بن سارية، وهذا إسناد حسن إن ثبت سماع المهاصر من العرباض، فقد ذكره ابن حبان في "أتباع التابعين"، غير أن ابن أبي حاتم ذكر في "الجرح والتعديل"
8/439-440 أن له رواية عن أبي ثعلبة الخشني، وهذا يعني أنه من التابعين، فيكون متصل الإسناد، ونقل عن أبيه قوله فيه: لا بأس به. وإسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذه منها.
وله طريقٌ ثالثة عند ابن ماجه (420) ، وابن أبي عاصم (26) و (55) ، والطبراني في "الكبير" 18/ (622) ، والحاكم 1/97 أخرجوه من طريق يحيى ابن أبي مطاع، عن العرباض بن سارية، به. ويحيى بن أبي مطاع، وإن صرح بالسماع من العرباض بن سارية، واعتمده البخاري في "تاريخه"، أنكر حفاظ أهل الشام سماعه منه، فيما ذكر المزي في "التهذيب"، وابنُ رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/110، فالإسناد منقطع. قال ابن رجب: وقد رُوي عن العرباض من وجوه أخر.
قلنا: سيرد من طريق خالد بن معدان عن عبد الرحمن السُّلمي وحجر بن حجر برقم (17144) و (17145) .
ومن طريق خالد أيضاً عن أبي بلال برقم (17146) و (17147) . وحجر بن حجر وابن أبي بلال- وإن كانا مجهولي الحال- تشدُّ بقيةُ الطرق روايتهما.
قال أبو نعيم- فيما نقله ابن رجب-: هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين، ولم يتركه البخاري ومسلم من جهة إنكارِ منهما له.
ونقل ابن عبد البر عن البزار قوله: حديث العرباض بن سارية في الخلفاء الراشدين حديث ثابت صحيح، وهو أصح إسناداً من حديث حذيفة: "واقتدوا باللذين من بعدي"، لأنه مختلفٌ في إسناده، ومتكلم فيه من أجل مولى ربعي، وهو مجهول عندهم. ثم قال ابن عبد البر: هو كما قال البزار، حديث عرباض حديث ثابت، وحديث حذيفة حسن. وقال الهروي: وهذا من أجود حديث في أهل الشام، وصححه الضياء المقدسي في جزء "اتباع السنن واجتناب البدع".
وسيرد تصحيح الترمذي والحاكم له في الرواية الآتية برقم (17144) .
وفي الباب في قوله: "قد تركتكم على البيضاء".... إلى قوله: "لا يزيغ بعدي عنها إلا هالك" عن جابر بن عبد الله عند مسلم (1218) (147) بلفظ: "وقد تركتُ فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله".
وفي الباب في قوله: "ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً" عن معاوية سلف برقم (16937) بلفظ: "وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين ملّة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة"، وذكرنا هناك أحاديث الباب.
وفي الباب في وصيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اتباع سنة الخلفاء الراشدين عن أبي قتادة عند مسلم (681) ، وابن حبان (6901) ولفظه عنده: "إن يطع الناس أبا بكر وعمر فقد أرشدوا"، وسيرد عند أحمد 5/ 298.
وعن حذيفة عند الترمذي (3663) ، وسيرد 5/382، وصححه ابن حبان (6902) ، ولفظه عنده: "إني لا أرى بقائي فيكم إلا قليلاً، فاقتدوا باللذين من بعدي- وأشار إلى أبي بكر وعمر- واهتدوا بهدي عمار، وما حدثكم ابن مسعود فاقبلوه".
وفي الباب في وصية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالطاعة وإن عبداً حبشياً، عن أنس عند
البخاري (7142) بلفظ: "اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشيٌّ كأن رأسه زبيبة".
وآخر من حديث أبي ذر عند مسلم (648) (240) بلفظ: إن خليلي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدّع الأطراف.
وثالث من حديث أم الحصين الأحمسية عند أحمد 6/402، ومسلم (1218) (311) ، والترمذي (1706) ، ولفظه عند مسلم: "إن أمر عليكم عبد مجدع- حسبتها قالت: أسود يقودكم بكتاب الله تعالى، فاسمعوا له وأطيعوا".
وعن عددٍ من الصحابة.
وفي الباب في قوله: "فإنما المؤمن كالجمل الأَنِف" عن مكحول مرسلاً عند البيهقي في "الشعب" (8128) بلفظ: "المؤمنون هينون لينون، كالجمل الأَنِف، إن قيد انقاد، وإن أنيخ استناخ على صخرة".
وعن ابن عمر مرفوعاً عند العقيلي في "الضعفاء" (842) ، والبيهقي في "الشعب" (8129) ، باللفظ السابق، وفي إسناده عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، قال العقيلي: أحاديثه مناكير غير محفوظة، ليس ممن يقيم الحديث.
وقال البيهقي: الأول مع إرساله أصح.
قلنا: في إسناد المرسل سعيدُ بنُ عبد العزيز التنوخي الدمشقي، اختلط في آخر عمره، غير أنه ثم يذكر الأئمةُ من سمع منه قبل الاختلاط أو بعده فالظاهرُ أنه لم يُحَدِّث حال اختلاطه، وهو من أخصّ أصحاب مكحول.
قال السندي: قوله: ذَرَفَت: ذَرَفَ، كضرب: إذا سال، والمراد: سال منها دموع العيون، إلا أنه نسب الفعل إلى العين مبالغة.
ووَجِلَت من وَجِلَ كعَلِم: إذا خاف.
لموعظة مُوَدِّعَ: اسم فاعل من التوديع، أي المبالغةُ فيها دليل على أنك تودعنا، فزد في المبالغة.
تعهد: توصي
"على البيضاء": صفة المِلَّة.
والمراد بقوله: "ليلها كنهارها" دوام البياض "إلا هالك": أي من قدَّر الله تعالى له الهلاك.
"الخلفاء الراشدين": قيل: هم الأربعة رضي الله تعالى عنهم، وقيل: بل هم ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام المجتهدين في الأحكام، فإنهم خلفاء رسول الله عليه الصلاة والسلام في إعلاء الحق وإحياء الدين وإرشاد الخلق إلى الصراط المستقيم.
"بالطاعة": للأمير.
"عضُّوا عليها بالنواجذ": أي على سنتي وسنة الخلفاء الراشدين، أو على الطاعة، وهو الأوفق لما بعده. والنواجذ، بالذال المعجمة: هي الأضراس، والمراد الحتم في لزوم السنة، كفعل من أمسك الشيء بين أضراسه، وعضَّ عليه منعاً له من أن ينتزع منه. "الأنفِ"، بالمد أو القصر، وهو مجروح الأنف، وهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به، وهذا الكلام أنسبُ بالطاعة، ويناسب السنة أيضاً نظراً إلى أن من السُّنَّة ما هو ثقيل على النفس، فقيل: المؤمن من شأنه الطاعة في كل شيء. والله تعالى أعلم.
احمد ابو انس
2025-06-26, 06:39 PM
https://www.youtube.com/watch?v=NC5BaGUU8is&ab_channel=omaraboomar
احمد ابو انس
2025-06-26, 06:45 PM
الشيخ محمد بن صالح العثيمين (https://www.alathar.net/home/esound/index.php?op=shch&shid=6) / رياض الصالحين (https://www.alathar.net/home/esound/index.php?op=shbovi&shid=6&boid=14)
شرح رياض الصالحين-23b (https://www.alathar.net/home/esound/index.php?op=tadevi&id=11949)
شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح ... " . حفظ (https://www.alathar.net/home/esound/index.php?op=pdit&cntid=213616)
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله في باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ) وهذا من دأبه صلى الله عليه وسلم أنه كان يعظ الناس بالمواعظ أحيانًا على وجه راتب، كمواعظ يوم الجمعة خطب يوم الجمعة وخطب العيدين وأحيانً،ا على وجه عارض إذا وجد سبب يقتضي الموعظة قام فوعظ الناس عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك موعظته بعد صلاة الكسوف فإنه خطب ووعظ موعظة عظيمة بليغة، من أحب أن يرجع إليها فعليه بزاد المعاد لابن القيم رحمه الله، أما هنا فيقول: (وعظنا موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ) وجلت يعني: خافت، وذرفت العيون من البكاء فأثرت فيهم تأثيرًا بالغًا حتى ( قالوا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا ) لأن المودع إذا أراد المغادرة فإنه يعظ من خلفه الموعظة البليغة التي تكون ذكرى لهم لا ينسونها، ولهذا تجد الإنسان إذا وعظ عند فراقه بسفر أو غيره، فإن الموعظة تمكث في قلب الموعوظ وتبقى، فلهذا قالوا: ( كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بتقوى الله ) وهذه الوصية هي التي أوصى بها الله عز وجل عباده فقال تعالى: (( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )) والتقوى كلمة جامعة من أجمع الكلمات الشرعية وهي: أعني التقوى اتخاذ وقاية من عذاب الله، أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله ولا يكون هذا إلا بفعل الأوامر واجتناب النواهي، ولا يكون فعل الأوامر واجتناب النواهي إلا بعلم الأوامر والنواهي، إذًا فلا بد من علم ولا بد من عمل، فإذا اجتمع للإنسان العلم والعمل نال بذلك خشية الله وحصلت له التقوى، فتقوى الله إذًا أن يتخذ الإنسان وقاية من عذابه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، ولا وصول إلى ذلك إلا بالعلم، وليس المراد بالعلم أن يكون الإنسان بحرًا لا العلم فيما يتعين عليه من أوامر الله، والناس يختلفون فمثلًا من عنده مال يجب أن يعلم أحكام الزكاة، ومن قدر على الحج وجب عليه أن يعلم أحكام الحج، وغيرهم لا يجب عليهم، فالعلوم الشرعية فرض كفاية إلا ما تعين على العبد فعله فإن علمه يكون فرض عين، قال: ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي ) السمع والطاعة يعني لولي الأمر ( وإن تأمر عليكم عبد حبشي ) سواء كانت إمرته عامة كالرئيس الأعلى في الدولة، أو خاصة كأمير بلدة أو أمير قبيلة أو ما أشبه ذلك، وقد أخطأ من ظن أن المراد بقوله: ( وإن تأمر عليكم عبد حبشي ) أن المراد بهم الأمراء الذين دون الولي الأعظم، الذي يسميه الفقهاء الإمام الأعظم، لأن الإمارة في الشرع تشمل الإمارة العظمى وهي الإمامة، وما دونها كإمارة البلدان والمقاطعات والقبائل وما أشبه ذلك، ودليل هذا أن المسلمين منذ تولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسمون الخليفة أمير المؤمنين فيجعلونه أميرًا، وهذا لا شك فيه، ثم يسمى أيضًا إمامًا لأنه السلطان الأعظم، ويسمى سلطانًا، لكن الذي عليه الصحابة أنهم يسمونه أمير المؤمنين، أمير المؤمنين، وقوله: ( وإن تأمر عليكم عبد حبشي ) يعني حتى لو لم يكن من العرب، لو كان من الحبشة وتولى وجعل الله له السلطة فإن الواجب السمع والطاعة له، لأنه صار أميرًا ولو قلنا بعدم السمع والطاعة له لأصبح الناس فوضى كل يعتدي على الآخر وكل يضيع حقوق الآخرين، وقوله: ( والسمع والطاعة ) هذا الإطلاق مقيد، مقيد بما قيده به النبي صلى الله عليه وسلم حيث: ( إنما الطاعة في المعروف إنما الطاعة في المعروف إنما الطاعة في المعروف ) يعني: فيما يقره الشرع، وأما ما ينكره الشرع فلا طاعة لأحد فيه، حتى لو كان الأم أو الأب أو الأمير العام أو الخاص فإنه لا طاعة له، فمثلًا: لو أمر ولي الأمر بأن لا يصلي الجنود مثلًا قلنا: لا سمع ولا طاعة لأن الصلاة فريضة فرضها الله على العباد وعليك أنت أيضًا أنت أول من يصلي وأنت أول من تفرض عليك الصلاة، فلا سمع ولا طاعة، لو أمرهم بشيء محرم كحلق اللحى مثلًا قلنا: لا سمع ولا طاعة نحن لا نطيعك إنما نطيع النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: ( أعفوا اللحى وحفوا الشوارب ) وهكذا كل ما أمر به ولي الأمر إذا كان معصية لله فإنه لا سمع له ولا طاعة، يجب أن يعصى علنا ولا يهتم به، لأن من عصى الله وأمر عباد الله بمعصية الله فإنه لا حق له في السمع والطاعة، لكن يجب أن يطاع في غير هذا، يعني ليس معنى ذلك إذا أمر بمعصية أنها تسقط طاعته مطلقًا لا إنما تسقط طاعته في هذا الأمر المعين الذي هو معصية لله، أما ما سوى ذلك فإنه يجب طاعته، وقد ظن بعض الناس أنها لا تجب طاعة ولي الأمر إلا فيما أمر الله به، وهذا خطأ لأن ما أمر الله به ننفذه ونفعله سواء أمرنا به ولي الأمر أم لا، فالأحوال ثلاثة: إما أن يكون ما أمر به ولي الأمر مأمورًا به شرعًا كما لو أمر بالصلاة مع الجماعة مثلًا فهذا يجب امتثاله لأمر الله ورسوله ولأمر ولي الأمر، وإما أن يأمر ولي الأمر بمعصية الله من ترك واجب أو فعل محرم فهنا لا طاعة له ولا سمع، وإما أن يأمر بما ليس فيه أمر شرعي ولا معصية شرعية فهذا تجب طاعته فيه، لأن الله قال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )) فطاعة ولي الأمر في غير معصية طاعة لله ولرسوله، والله الموفق.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح ".
احمد ابو انس
2025-06-26, 06:48 PM
https://majles.alukah.net/showthread.php?t=22422
احمد ابو انس
2025-06-26, 06:48 PM
https://www.youtube.com/watch?v=JoJ0EUy-ldU&ab_channel=%D9%81%D8%B6%D9%8A% D9%84%D8%A9%D8%A7%D9%84%D8%B4% D9%8A%D8%AE%D9%85%D8%AD%D9%85% D8%AF%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1% D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86% D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D8%A8% D8%A7%D9%86%D9%8ASheikhAlalban y
احمد ابو انس
2025-06-26, 06:49 PM
https://majles.alukah.net/t187639/
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.