تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال فى الجحر قالوا لقتادة: ما يكره من البول فى الجحر؟ قال: يقال: إنها مساكن الجن



احمد ابو انس
2025-05-07, 06:13 PM
(55) - (حديث قتادة عن عبد الله بن سرجس: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال فى الجحر قالوا لقتادة: ما يكره من البول فى الجحر؟ قال: يقال: إنها مساكن الجن ". رواه أحمد وأبو داود (ص 19) .
قال الالباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
ضعيف.
أخرجه أحمد (5/82) وأبو داود (1/6) وكذا النسائى (1/15) والحاكم (1/186) والبيهقى (1/99) بسند صحيح {؟} عن قتادة عن ابن سرجس به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين , ولعل متوهما يتوهم أن قتادة لم يذكر سماعه من عبد الله بن سرجس , وليس هذا بمستبعد فقد سمع قتادة من جماعة من الصحابة لم يسمع منهم عاصم بن سليمان الأحول , وقد احتج مسلم بحديث عاصم عن عبد الله بن سرجس , وهو من ساكنى البصرة ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر لوجوه ثلاثة:
الأول: أن غاية ما يفيده كلام الحاكم هذا إثبات معاصرة قتادة لابن سرجس , وإمكان لقائه وسماعه منه , وهذا يكفى فى إثبات الاتصال عند مسلم وحده دون البخارى لأن من شرطه ثبوت اللقاء كما هو معروف عنه , وحينئذ فالحديث على شرط مسلم فقط.
الثانى: أن الحاكم نفسه نفى أن يكون سمع منه , فقال فى " معرفة علوم الحديث " (ص 111) " إن قتادة لم يسمع من صحابى غير أنس ".
فالسند هذا منقطع , وبه أعله ابن التركمانى فى " الجوهر النقى " فقال متعقبا على البيهقى: " قلت: روى ابن أبى حاتم عن حرب بن إسماعيل عن ابن حنبل قال: ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس , قيل له: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعا ".
ومما لا شك فيه أن أحمد رضى الله عنه لا يخفى عليه تعاصر قتادة مع ابن سرجس , فلو كان ذلك كافيا لإثبات سماعه منه لم ينفه عنه , ولهذا فالقلب لا يطمئن للإثبات الذى أشار إليه الحاكم وحكاه الحافظ فى " التلخيص " (1/465 - المنيرية) عن على بن المدينى , والله أعلم.
الثالث: أن قتادة مدلس معروف التدليس وقد أورده فيهم الحافظ برهان الدين ابن العجمى (ص 12) من " التبيين " , وقال: " إنه مشهور به ". وكذلك صنع الحافظ ابن حجر فى " طبقات المدلسين " وسبقهم إليه الحاكم فى " المعرفة " لكن ذكره فى " المدلسين الذين لم يخرجوا من عداد الذين تقبل أخبارهم ".
غير أن ثبوت كونه مدلسا فى الجملة مع ما قيل من عدم صحة سماعه من عبد الله بن سرجس مما لا يجعل القلب يطمئن لاتصال السند , فيتوقف عن تصحيحه حتى نجد له طريقا أخرى , والله أعلم.

احمد ابو انس
2025-05-07, 06:14 PM
شرح حديث: (لا يبولن أحدكم في الجحر...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كراهية البول في الجحر.أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبولن أحدكم في الجحر. قالوا لـقتادة: وما يكره من البول في الجحر؟ -يعني: ما سبب الكراهة- قال: يقال: إنها مساكن الجن) ].يقول الإمام النسائي رحمه الله تعالى: كراهية البول في الجحر، وأورد فيه حديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبولن أحدكم في الجحر. قيل لقتادة -وهو راوي الحديث عن عبد الله بن سرجس - : وما يكره من البول في الجحر؟ -يعني: ما سبب الكراهية؟- قال: يقال: إنها مساكن الجن).هذا الحديث أورده النسائي تحت هذه الترجمة, وهي قوله: كراهية البول في الجحر، ومن المعروف أن التراجم التي مضت يصرح فيها النسائي بلفظ النهي: النهي عن كذا، وهنا في هذه الترجمة قال: كراهية البول في الجحر، فلعل ذلك إما لكون الحديث لا يخلو من مقال، أو لكون المقصود من ذلك: أن هذا من الآداب التي ينبغي التأدب بها، ولا يكون المقصود منه التحريم، أو أنه جرى على طريقة المتقدمين الذين يطلقون المكروه على كل ما كان ممنوعاً ولو كان محرماً، كما جاء في القرآن بعد ما ذكر الله عز وجل في سورة الإسراء أموراً من الكبائر، وفي آخرها قال: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً [الإسراء:38]، والحديث يدل على النهي، أو على كراهية البول في الجحر، وما ذكره قتادة أنه يقال: إنها مساكن الجن، فهذا تعليل.وهناك تعليل آخر: أن الجحر إذا بال فيه الإنسان قد يحصل فيه إيذاء لبعض الهوام والحيوانات التي فيه؛ فيكون قد آذاها، وأيضاً عرَّض نفسه للضرر؛ بأن يخرج عليه ما كان في ذلك الجحر بسبب بوله فيه، وقد يكون حية وقد يكون غير ذلك، فيفزعه ذلك فيقوم ويصيب البول ثيابه وجسده بسبب فزعه, فيتأذى بذلك هو، ويؤذي تلك الدواب بفعله ذلك.والحديث فيه كلام من حيث إن قتادة اختلف في سماعه من عبد الله بن سرجس رضي الله عنه، وأيضاً مع كونه مختلفاً في سماعه منه هو أيضاً مدلس، وقد عنعن في روايته عن عبد الله بن سرجس ، لكن وإن كان الحديث فيه مقال إلا أنه لا ينبغي أن يبول الإنسان في الجحر؛ لما يترتب على ذلك من الضرر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار)، فالإنسان لا يعرض نفسه للضرر، ولا يجلب الضرر لغيره، ومن المعلوم أن الإنسان إذا بال في جحر فإنه يؤذي تلك الدواب التي فيه، وأيضاً هو يتسبب في جلب الضرر لنفسه، فالكراهية -وإن كان في الحديث مقال- هي من حيث ما يترتب على ذلك من المضرة له ولغيره.


تراجم رجال إسناد حديث: (لا يبولن أحدكم في الجحر...)


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن سعيد ].هو شيخ النسائي، وهو ثقة مأمون كما قال الحافظ ابن حجر ، وقد خرج له البخاري, ومسلم, والنسائي ، ولم يخرج له الباقون من أصحاب السنن.[حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي].الدستوائي ، سبق أن مرَّ بنا قريباً، وأبوه هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وأما هذا فهو ابنه معاذ بن هشام ، وهو من رجال الجماعة، وهو صدوق كما قال ذلك الحافظ ابن حجر ، وربما وهم, أو له أوهام، يروي عن أبيه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وهو ثقة ثبت, من رجال الجماعة، خرج له أصحاب الكتب كما سبق أن مرَّ بنا ذكره فيما مضى.[عن قتادة].هو: ابن دعامة السدوسي ، وهو ثقة حافظ، وهو يدلس، وهو من رجال الجماعة، خرج أحاديثه أصحاب الكتب الستة، وهو يروي عن عبد الله بن سرجس ، والمقال الذي في الإسناد من حيث روايته عن عبد الله بن سرجس ؛ لأن سماعه منه مختلف فيه، ومع ذلك أيضاً هو مدلس، وقد عنعن، فالحديث فيه مقال من أجل هذا.[عن عبد الله بن سرجس].أما عبد الله بن سرجس فهو صحابي من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الذي يروي عنه هذا الحديث، وحديثه عند مسلم والأربعة، وله سبعة عشر حديثاً في الكتب، انفرد مسلم بحديث منها، وليس له في البخاري شيء.

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )