تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (سورة الأعراف)وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل



امانى يسرى محمد
2025-04-18, 12:25 AM
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَٰكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَٰٓئِكَة ِ ٱسْجُدُوا۟ لِءَادَمَ فَسَجَدُوٓا۟ إِلَّآ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١﴾] ينبه تعالى بني آدم في هذا المقام على شرف أبيهم آدم، ويبين لهم عداوة عدوهم إبليس، وما هو منطوٍ عليه من الحسد لهم ولأبيهم؛ ليحذروه، ولا يتبعوا طرائقه. ابن كثير:2/193.




﴿ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨﴾] فإن قلت: أليس الله -عز وجل- يعلم مقادير أعمال العباد؟ فما الحكمة في وزنها؟ قلت: فيه حكم، منها: إظهار العدل، وأن الله -عز وجل- لا يظلم عباده... ومنها: تعريف العباد ما لهم من خير وشر، وحسنة وسيئة. القاسمي:1/297.


﴿ فَلَنَسْـَٔلَنّ َ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْـَٔلَنّ َ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦﴾] اتفق أهل العلم -أهل الكتاب والسنة- على أن كل شخص سوى الرسول فإنه يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر؛ فإنه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وهو الذي يسأل الناس عنه يوم القيامة؛ كما قال تعالى: (فلنسألن الذين أُرسِل إليهم ولنسألن المرسلين). ابن تيمية:3/137.





﴿ فَمَا كَانَ دَعْوَىٰهُمْ إِذْ جَآءَهُم بَأْسُنَآ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥﴾] وإنما جعل تكذيبهم ظلما لأنه تكذيب ما قامت الأدلة على صدقه، فتكذيبه ظلم للأدلة. ابن عاشور:8/32.



﴿ وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَٰهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَٰتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤﴾] أي: فكان منهم من جاءه أمر الله وبأسه ونقمته (بياتاً) أي: ليلاً، (أو هم قائلون): من القيلولة؛ وهي الاستراحة وسط النهار. وكلا الوقتين وقت غفلة ولهو. ابن كثير:2/192.




﴿ ٱتَّبِعُوا۟ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ مِن دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١﴾] ودلت الآية على ترك اتباع الآراء مع وجود النص. القرطبي:9/151.


﴿ الٓمٓصٓ ﴿١﴾ كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِي ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١﴾] الحروف المقطعة في أوائل السور أعقبت بذكر القرآن، أو الوحي، أو ما في معنى ذلك؛ وذلك يرجح أن المقصود من هذه الحروف التهجي، إبلاغا في التحدي للعرب بالعجز عن الإتيان بمثل القرآن. ابن عاشور:8/10.




﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ لِيُبْدِىَ لَهُمَا مَا وُۥرِىَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَٰتِهِمَا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٠﴾] (من سوءاتهما): من عوراتهما، وسمي الفرج عورة لأن إظهاره يسوء صاحبه، ودل هذا على قبح كشفها. القرطبي:9/175.



﴿ ثُمَّ لَءَاتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَٰكِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧﴾] قال ابن عباس وعكرمة في قوله تعالى عن إبليس: (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) قال: ولم يقل من فوقهم لأنه علم أن الله من فوقهم. ابن تيمية:3/140.




﴿ فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّٰغِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣﴾] (فاخرج إنك من الصاغرين) أي: الذليلين الحقيرين؛ معاملة له بنقيض قصده، مكافأة لمراده بضده. ابن كثير:2/195.



﴿ قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّٰغِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣﴾] (فما يكون لك أن تتكبر فيها): لأن أهلها الملائكة المتواضعون، (فاخرج إنك من الصاغرين) أي: الأذلين، ودل هذا على أن من عصى مولاه فهو ذليل. القرطبي:9/169.




﴿ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُۥ مِن طِينٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢﴾] كَذب في تفضيل مادة النار على مادة الطين والتراب؛ فإن مادة الطين فيها الخشوع والسكون والرزانة، ومنها تظهر بركات الأرض من الأشجار وأنواع النبات على اختلاف أجناسه وأنواعه، وأما النار ففيها الخفة والطيش والإحراق. السعدي:284.



﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا۠ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُۥ مِن طِينٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢﴾] حجة إبليس في قوله: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) هي باطلة؛ لأنه عارض النص بالقياس. ابن تيمية:3/183




﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا۠ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُۥ مِن طِينٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢﴾] (قال أنا خير منه): تعليلٌ علَّلَ به إبليس امتناعه من السجود، وهو يقتضي الاعتراض على الله تعالى في أمره بسجود الفاضل للمفضول على زعمه، وبهذا الاعتراض كفر إبليس؛ إذ ليس كفره كفر جحود. ابن جزي:1/297.



﴿ ُ ۗ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا۟ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٠﴾] وفيه دليل على أن الهـدايـة بفضـل الله ومنِّه، وأن الضـلالة بخـذلانه للعبـد إذا تــولى-بجهله وظلمه- الشيطان، وتسبب لنفسه بالضلال، وأن من حسب أنه مهتد وهو ضال أنه لا عذر له. السعدي:287.




﴿ إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَٰطِينَ أَوْلِيَآءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٧﴾] أي: زيادة في عقوبتهم، وسوينا بينهم في الذهاب عن الحق. القرطبي:9/393.




﴿ إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٧﴾] قال مالك بن دينار: إن عدواً يراك ولا تراه لشديد الخصومة والمؤنة، إلا من عصم الله. البغوي:2/97.




﴿ وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٦﴾] خير من اللباس الحسي؛ فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى، ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح، وأما اللباس الظاهري فغايته أن يستر العورة الظاهرة في وقت من الأوقات، أو يكون جمالاً للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع. السعدي:286.





﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٣﴾] من أشبه آدم بالاعتراف، وسؤال المغفرة، والندم، والإقلاع إذا صدرت منه الذنوب: اجتباه الله وهداه. ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب، ولا يزال يزداد من المعاصي، فإنه لا يزداد من الله إلا بعداً. السعدي:285.




﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٣﴾] فالمغفرة إزالة السيئات والرحمة إنزال الخيرات. ابن تيمية:3/142.



﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٣﴾] قال بعض الشيوخ: اثنان أذنبا ذنبا: آدم وإبليس؛ فآدم تاب فتاب الله عليه، واجتباه وهداه، وإبليس أصر واحتج بالقدر، فمن تاب من ذنبه أشبه أباه آدم، ومن أصر واحتج بالقدر أشبه إبليس. ابن تيمية:3/142.





﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ ٱلْفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٣﴾] القبح والحسن في المعاني إنما يتلقى من جهة الشرع، والفاحش كذلك؛ فقوله هنا: (الْفَواحِشَ) إنما هي إشارة إلى ما نص الشرع على تحريمه في مواضع أخر؛ فكل ما حرمه الشرع فهو فاحش وإن كان العقل لا ينكره؛ كلباس الحرير والذهب للرجال ونحوه. ابن عطية:2/395.



﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ ٱلْفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلْإِثْمَ وَٱلْبَغْىَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا۟ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ سُلْطَٰنًا وَأَن تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٣﴾] أصول المحرمات التي قال الله فيها: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) مما اتفقت عليه شرائع الأنبياء. ابن تيمية:3/157.




﴿ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ ٱلْفَوَٰحِشَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٢﴾] (كذلك نفصل الآيات) أي: نوضحها ونبينها، (لقوم يعلمون): لأنهم الذين ينتفعون بما فصله الله من الآيات، ويعلمون أنها من عند الله، فيعقلونها ويفهمونها. ثم ذكر المحرمات التي حرمها الله في كل شريعة من الشرائع، فقال: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) أي: الذنوب الكبار التي تستفحش وتستقبح لشناعتها وقبحها؛ وذلك كالزنا، واللواط، ونحوهما. السعدي:287.



﴿ قُلْ هِىَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۗ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٢﴾] هي خالصة يوم القيامة من التنغيص والغم للمؤمنين؛ فإنها لهم في الدنيا مع التنغيص والغم. البغوي:2/100.




﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِىٓ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ ۚ قُلْ هِىَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٢﴾] دلت الآية على لباس الرفيع من الثياب، والتجمل بها في الجمع والأعياد، وعند لقاء الناس، ومزاورة الإخوان. القرطبي:9/203.



﴿ ﴾ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِىٓ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ ۚ قُلْ هِىَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٢﴾] هذا التوسيع من الله لعباده بالطيبات جعله لهم ليستعينوا به على عبادته، فلم يبحه إلا لعباده المؤمنين، ولهذا قال: (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) أي: لا تبعة عليهم فيها، ومفهوم الآية أن من لم يؤمن بالله، بل استعان بها على معاصيه، فإنها غير خالصة له، ولا مباحة، بل يعاقب عليها وعلى التنعم بها، ويسأل عن النعيم يوم القيامة. السعدي:287.




﴿ يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا۟ وَٱشْرَبُوا۟ وَلَا تُسْرِفُوٓا۟ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣١﴾] قيل: المراد به الزينة زيادة على الستر؛ كالتجمل للجمعة بأحسن الثياب، وبالسواك والطيب، (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) أي: لا تكثروا من الأكل فوق الحاجة، وقال الأطباء: إن الطب كله مجموع في هذه الآية. ابن جزي:1/300.


﴿ وَقَالُوا۟ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَىٰنَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلَآ أَنْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٣﴾] الذي يعمل الحسنات، إذا عملها فنفس عمله الحسنات هو من إحسان الله، وبفضله عليه بالهداية والإيمان؛ كما قال أهل الجنة: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله). ابن تيمية:3/162.



﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلْأَنْهَٰرُ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٣﴾] يقول تعالى ذكره: وأذهبنا من صدور هؤلاء الذين وصف صفتهم، وأخبر أنهم أصحاب الجنة، ما فيها من حقد وغمر وعداوة كان من بعضهم في الدنيا على بعض، فجعلهم في الجنة إذا أدخلوها على سرر متقابلين، لا يحسد بعضهم بعضاً على شيء خص الله به بعضهم، وفضله من كرامته عليه، تجري من تحتهم أنهار الجنة. الطبري:12/437.



﴿ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَآ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٢﴾] (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) أي: آمنت قلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم؛ ضد أولئك الذين كفروا بآيات الله، واستكبروا عنها. وينبه تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل؛ لأنه تعالى قال لا نكلف نفسا إلا وسعها. ابن كثير:2/205.




﴿ لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤١﴾] (لهم من جهنم مهاد) أي: فراش، (ومن فوقهم غواش) أي: لحف، وهي جمع غاشية؛ يعني: ما غشاهم وغطاهم؛ يريد إحاطة النار بهم من كل جانب. البغوي:2/103.





﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُوا ۟ عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِى سَمِّ ٱلْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٠﴾] ومفهوم الآية أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر الله المصدقين بآياته تفتح لها أبواب السماء حتى تعرج إلى الله، وتصل إلى حيث أراد الله من العالم العلوي، وتبتهج بالقرب من ربها والحظوة برضوانه. السعدي:288.﴿ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٨﴾] أي: لا يعلم كل فريق ما بالفريق الآخر؛ إذ لو علم بعض من في النار أن عذاب أحد فوق عذابه، لكان نوع سلوة له. القرطبي:9/222.




﴿ قَالَ ٱدْخُلُوا۟ فِىٓ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ فِى ٱلنَّارِ ۖ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱدَّارَكُوا۟ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَىٰهُمْ لِأُولَىٰهُمْ رَبَّنَا هَٰٓؤُلَآءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ ٱلنَّارِ ۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٣٨﴾] فيما قص الله من محاورة قادة الأمم وأتباعهم ما فيه موعظة وتحذير لقادة المسلمين من الإيقاع بأتباعهم فيما يزج بهم في الضلالة، ويحسن لهم هواهم، وموعظة لعامتهم من الاسترسال في تأييد من يشايع هواهم، ولا يبلغهم النصيحة. ابن عاشور:8/125.



﴿ وَنَادَىٰٓ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصْحَٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا۟ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ ۚ قَالُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٠﴾] والأشنع على الكافرين في هذه المقالة أن يكون بعضهم يرى بعضا؛ فإنه أخزى وأنكى للنفس. ابن عطية:2/406.




﴿ وَنَادَىٰٓ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصْحَٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا۟ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ ۚ قَالُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٠﴾] في هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال، وقد سئل ابن عباس: أي الصدقة أفضل؟ فقــال: المـــاء؛ ألـم تـروا إلـى أهـل النـار حين استغاثوا بأهل الجنة: (أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله)... وقد قال بعض التابعين: من كثرت ذنوبه؛ فعليه بسقي الماء، وقد غفر الله ذنوب الذي سقى الكلب، فكيف بمن سقى رجلاً مؤمناً موحداً، وأحياه؟! القرطبي:9/233.




﴿ أَهَٰٓؤُلَآءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٩﴾] من كلام أصحاب الأعراف خطاباً لأهل النار، والإشارة بهؤلاء إلى أهل الجنة؛ وذلك أن الكفار كانوا في الدنيا يقسمون أن الله لا يرحم المؤمنين، ولا يعبأ بهم؛ فظهر خلاف ما قالوا. ابن جزي:1/360.





﴿ وَنَادَىٰٓ أَصْحَٰبُ ٱلْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَىٰهُمْ قَالُوا۟ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٨﴾] (ونادى أصحاب الأعراف رجالا) كانوا عظماء في الدنيا من أهل النار، (يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم) في الدنيا من المال والولد، (وما كنتم تستكبرون) عن الإيمان. قال الكلبي: نادوهم وهم على السور: يا وليد بن المغيرة، يا أبا جهل بن هشام، يا فلان، [وهم ينظرونهم في النار]، ثم ينظرون إلى الجنة فيرون فيها الفقراء والضعفاء ممن كانوا يستهزئون بهم؛ مثل سلمان، وصهيب، وخباب، وبلال. البغوي:2/106.





﴿ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى ٱلْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّۢا بِسِيمَىٰهُمْ ۚ وَنَادَوْا۟ أَصْحَٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُو ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٦﴾] بين أصحاب الجنة وأصحاب النار حجاب يقال له: (الأعراف) لا من الجنة ولا من النار، يشرف على الدارين، وينظر من عليه حال الفريقين، وعلى هذا الحجاب رجال يعرفون كلا من أهل الجنة والنار (بسيماهم) أي: علاماتهم التي بها يعرفون ويميزون، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوهم: (أن سلام عليكم) أي: يحيونهم ويسلمون عليهم، وهم إلى الآن لم يدخلوا الجنة، ولكنهم يطمعون في دخولها، ولم يجعل الله الطمع في قلوبهم إلا لما يريد بهم من كرامته. السعدي:290.





﴿ وَهُم بِٱلْءَاخِرَةِ كَٰفِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٥﴾] وهذا الذي أوجب لهم الانحراف عن الصراط، والإقبال على شهوات النفوس المحرمة، عدم إيمانهم بالبعث، وعدم خوفهم من العقاب ورجائهم للثواب. السعدي:290.



﴿ وَنَادَىٰٓ أَصْحَٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ۖ قَالُوا۟ نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌۢ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٤٤﴾] وهذا النداء من أهل الجنة لأهل النار تقريع، وتوبيخ، وزيادة في الكرب. ابن عطية:2/402.




﴿ إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٦﴾] اختص أهل الإحسان بقرب الرحمة لأنها إحسان من الله -عز وجل- أرحم الراحمين، وإحسانه - تبارك وتعالى- إنما يكون لأهل الإحسان؛ لأن الجزاء من جنس العمل، وكلما أحسنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته. ابن تيمية:15/27.



﴿ وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٦﴾] والرجاء على ثلاث درجات: الأولى: رجاء رحمة الله مع التسبب فيها بفعل طاعة وترك معصية؛ فهذا هو الرجاء المحمود، والثانية: الرجاء مع التفريط والعصيان؛ فهذا غرور، والثالثة: أن يَقوَى الرجاء حتى يبلغ الأمن؛ فهذا حرام. والناس في الرجاء على ثلاث مقامات: فمقام العامة رجاء ثواب الله، ومقام الخاصة رضوان الله، ومقام خاصة الخاصة رجاء لقاء الله حبا فيه وشوقا إليه. ابن جزي:1/360.




﴿ وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٦﴾] اعلم أن الخوف على ثلاث درجات: الأولى: أن يكون ضعيفا يخطر على القلب ولا يؤثر في الباطن ولا في الظاهر؛ فوجود هذا كالعدم، والثانية: أن يكون قويا فيوقظ العبد من الغفلة ويحمله على الاستقامة، والثالثة: أن يشتد حتى يبلغ إلى القنوط واليأس؛ وهذا لا يجوز، وخير الأمور أوسطها. والناس في الخوف على ثلاث مقامات: فخوف العامة من الذنوب، وخوف الخاصة من الخاتمة، وخوف خاصة الخاصة من السابقة، فإن الخاتمة مبنية عليها. ابن جزي:1/360.





﴿ وَلَا تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَٰحِهَا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٦﴾] ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله، وعبادته، وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والدعوة إلى غير الله. ابن تيمية:3/170.



﴿ ٱدْعُوا۟ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٥﴾] يقول تعالى ذكره: ادعوا أيها الناس ربكم وحده، فأخلصوا له الدعاء، دون ما تدعون من دونه من الآلهة والأصنام، (تضرعا) يقول: تذللا واستكانة لطاعته (وخفية)... لا جهارا ومراءاة، وقلوبكم غير موقنة بوحدانيته وربوبيته؛ فعل أهل النفاق والخداع لله ولرسوله. الطبري:12/485.

يتبع

امانى يسرى محمد
2025-04-18, 05:47 AM
﴿ ٱدْعُوا۟ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٥﴾] والشريعة مقررة أن السر فيما لم يفترض من أعمال البر أعظم أجراً من الجهر... قال الحسن بن أبي الحسن: لقد أدركنا أقواماً ما كان على الأرض عمل يقدرون على أن يكون سراً فيكون جهراً أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء فلا يسمع لهم صوت، إن هو إلا الهمس بينهم وبين ربهم. القرطبي:9/244-245.






﴿ وَلَقَدْ جِئْنَٰهُم بِكِتَٰبٍ فَصَّلْنَٰهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٢﴾] (على علم) من الله بأحوال العباد في كل زمان ومكان، وما يصلح لهم وما لا يصلح، ليس تفصيله تفصيل غير عالم بالأمور، فتجهله بعض الأحوال، فيحكم حكماً غير مناسب، بل تفصيل من أحاط علمه بكل شيء، ووسعت رحمته كل شيء. السعدي:291.









﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ فِى ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَآ ۚ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦٤﴾] وهذه سنة الله في عباده في الدنيا والآخرة: أن العاقبة فيها للمتقين، والظفر والغلب لهم؛ كما أهلك قوم نوح بالغرق، ونجى نوحاً وأصحابه المؤمنين. ابن كثير:2/214.








﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ فِى ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَآ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَوْمًا عَمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦٤﴾] فقدم الإنجاء للاهتمام بإنجاء المؤمنين، وتعجيلا لمسرة السامعين من المؤمنين بأن عادة الله إذا أهلك المشركين أن ينجي الرسول والمؤمنين. ابن عاشور:8/197.








﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّى وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦٢﴾] أي: وظيفتي تبليغكم ببيان توحيده وأوامره ونواهيه، على وجه النصيحة لكم والشفقة عليكم، (وأعلم من الله ما لا تعلمون) فالذي يتعين أن تطيعوني وتنقادوا لأمري إن كنتم تعلمون. السعدي:293.








﴿ قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِى ضَلَٰلَةٌ وَلَٰكِنِّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿٦١﴾ أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّى وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦١﴾] وهذا شأن الرسول، أن يكون مبلغاً، فصيحاً، ناصحاً، عالماً بالله. ابن كثير:2/214.








﴿ قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِى ضَلَٰلَةٌ وَلَٰكِنِّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦١﴾] وقوله لهم جوابا عن هذا: (ليس بي ضلالة) مبالغة في حسن الأدب، والإعراض عن الجفاء منهم، وتناول رفيق، وسعة صدر حسبما يقتضيه خلق النبوة. ابن عطية:2/415.








﴿ قَالَ ٱلْمَلَأُ مِن قَوْمِهِۦٓ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦٠﴾] (قال الملأ من قومه) أي: الجمهور، والسادة، والقادة، والكبراء منهم. (إنا لنراك في ضلال مبين) أي: في دعوتك إيانا إلى ترك عبادة هذه الأصنام التي وجدنا عليها آباءنا. وهكذا حال الفجار: إنما يرون الأبرار في ضلالة؛ كما قال تعالى: (وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون) [المطففين: 32]، (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه) [الأحقاف: 11]. ابن كثير:2/214.








﴿ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذْنِ رَبِّهِۦ ۖ وَٱلَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلْءَايَٰتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٥٨﴾] هذا مثال للقلوب حين ينزل عليها الوحي... فإن القلوب الطيبة حين يجيئها الوحي تقبله، وتعلمه، وتنبت بحسب طيب أصلها، وحسن عنصرها، وأما القلوب الخبيثة التي لا خير فيها، فإذا جاءها الوحي لم يجد محلا قابلا، بل يجدها غافلة معرضة، أو معارضة، فيكون كالمطر الذي يمر على السباخ والرمال والصخور، فلا يؤثر فيها شيئا. السعدي:292.








﴿ ۖ قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِىٓ أَرْضِ ٱللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧٣﴾] (بينة من ربكم) أي: آية ظاهرة؛ وهي الناقة، وأضيفت إلى الله تشريفاً لها، أو لأنه خلقها من غير فحل، وكانوا قد اقترحوا على صالح -عليه السلام- أن يخرجها لهم من صخرة، وعاهدوه أن يؤمنوا به إن فعل ذلك، فانشقت الصخرة وخرجت منها الناقة وهم ينظرون، ثم نتجت ولداً فآمن به قوم منهم، وكفر به آخرون. ابن جزي:1/360.








﴿ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَٰدِلُونَن ِى فِىٓ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَا ٓ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَٰنٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧١﴾] (قَد وَقَعَ عَلَيكُم مِن رَبِّكُم رِجسٌ وَغَضَبٌ) أي: لا بد من وقوعه؛ فإنه قد انعقدت أسبابه، وحان وقت الهلاك. (أَتُجَادِلُونَ ِي فِي أَسمَاءٍ سَمَّيتُمُوها أَنْتُم وآبَاؤُكُم) أي: كيف تجادلون على أمور لا حقائق لها، وعلى أصنام سميتموها آلهة وهي لا شيء من الإلهية فيها، ولا مثقال ذرة. السعدي:294.








﴿ قَالُوٓا۟ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا ۖ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧٠﴾] قبحهم الله؛ جعلوا الأمر الذي هو أوجب الواجبات وأكمل الأمور، من الأمور التي لا يعارضون بها ما وجدوا عليه آباءهم، فقدموا ما عليه الآباء الضالون من الشرك وعبادة الأصنام على ما دعت إليه الرسل من توحيد الله وحده لا شريك له، وكذبوا نبيهم، وقالوا: (فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين). السعدي:294.








﴿ قَالُوٓا۟ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا ۖ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧٠﴾] قبحهم الله؛ جعلوا الأمر الذي هو أوجب الواجبات وأكمل الأمور، من الأمور التي لا يعارضون بها ما وجدوا عليه آباءهم، فقدموا ما عليه الآباء الضالون من الشرك وعبادة الأصنام على ما دعت إليه الرسل من توحيد الله وحده لا شريك له، وكذبوا نبيهم، وقالوا: (فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين). السعدي:294.








﴿ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦٩﴾] وهذا التذكير تصريح بالنعمة، وتعريض بالنذارة والوعيد بأن قوم نوح إنما استأصلهم وأبادهم عذاب من الله على شركهم، فمن اتبعهم في صنعهم يوشك أن يحل به عذاب أيضا. ابن عاشور:8/205. وجعلكم تخلفون الأمم الهالكة الذين كذبوا الرسل، فأهلكهم الله وأبقاكم؛ لينظر كيف تعملون، واحذروا أن تقيموا على التكذيب كما أقاموا فيصيبكم ما أصابهم. السعدي:294.








﴿ ۚ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِى ٱلْخَلْقِ بَصْۜطَةً ۖ فَٱذْكُرُوٓا۟ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦٩﴾] انتقل من أمرهم بالتوحيد إلى تذكيرهم بنعمة الله عليهم التي لا ينكرون أنها من نعم الله دون غيره -لأن الخلق والأمر لله لا لغيره- تذكيرا من شأنه إيصالهم إلى إفراد الله تعالى بالعبادة. ابن عاشور:8/204.








﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلَٰتِ رَبِّى وَأَنَا۠ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٦٨﴾] وهذه الصفات التي يتصف بها الرسل: البلاغ، والنصح، والأمانة. ابن كثير:2/215.




يتبع

امانى يسرى محمد
2025-04-19, 05:53 AM
﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨١﴾] أي أنتم قوم تمكن منهم الإسراف في الشهوات؛ فلذلك اشتهوا شهوة غريبة لما سئموا الشهوات المعتادة. ابن عاشور:8/232.



﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِۦٓ أَتَأْتُونَ ٱلْفَٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٠﴾] (أتأتون الفاحشة) أي: الخصلة التي بلغت في العظم والشناعة إلى أن استغرقت أنواع الفحش، (ما سبقكم بها من أحد من العالمين): فكونها فاحشة من أشنع الأشياء، وكونهم ابتدعوها وابتكروها، وسنوها لمن بعدهم، من أشنع ما يكون أيضا. السعدي:296.



﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّى وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ ٱلنَّٰصِحِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧٩﴾] قوله: (لا تحبون الناصحين) عبارة عن تغليبهم الشهوات على الرأي؛ إذ كلام الناصح صعب مضاد لشهوة نفس الذي يُنصح. ابن عطية:2/424.





﴿ فَعَقَرُوا۟ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْا۟ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا۟ يَٰصَٰلِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧٧﴾] (فعقروا الناقة): نسب العقر إلى جميعهم لأنهم رضوا به، وإن لم يفعله إلا واحد منهم. ابن جزي:1/360.





﴿ قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوٓا۟ إِنَّا بِٱلَّذِىٓ ءَامَنتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧٦﴾] حملهم الكبر أن لا ينقادوا للحق الذي انقاد له الضعفاء. السعدي:295.





﴿ قَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوا۟ لِمَنْ ءَامَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَٰلِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِۦ ۚ قَالُوٓا۟ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِۦ مُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧٥﴾] عدل الملأ الذين استكبروا عن مجادلة صالح -عليه السلام- إلى اختبار تصلب الذين آمنوا به في إيمانهم، ومحاولة إلقاء الشك في نفوسهم. ولما كان خطابهم للمؤمنين مقصودا به إفساد دعوة صالح -عليه السلام- كان خطابهم بمنزلة المحاورة مع صالح -عليه السلام-... ووصفهم بالذين استكبروا هنا لتفظيع كبرهم، وتعاظمهم على عامة قومهم، واستذلالهم إياهم، وللتنبيه على أن الذين آمنوا بما جاءهم به صالح -عليه السلام- هم ضعفاء قومه. ابن عاشور:8/222.





﴿ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِى ٱلْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَٱذْكُرُوٓا۟ ءَالَآءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا۟ فِى ٱلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٧٤﴾] أي: لا تخربوا الأرض بالفساد والمعاصي؛ فإن المعاصي تدع الديار العامرة بلاقع، وقد أخلت ديارهم منهم، وأبقت مساكنهم موحشة بعدهم. السعدي:295.





﴿ وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٦﴾] أي: نَمَّاكم بما أنعم عليكم من الزوجات والنسل، والصحة، وأنه ما ابتلاكم بوباء من أمراض من الأمراض الْمُقَلِّلَة لكم، ولا سَلَّط عليكم عدواً يجتاحكم، ولا فَرَّقَكم في الأرض، بل أنعم عليكم باجتماعكم، وإدرار الأرزاق وكثرة النسل. السعدي:296.





﴿ وَلَا تَقْعُدُوا۟ بِكُلِّ صِرَٰطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِهِۦ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٦﴾] ينهاهم شعيب- عليه السلام- عن قطع الطريق الحسي، والمعنوي بقـوله: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) أي: تتوعدون الناس بالقتل إن لم يعطوكم أموالهم... (وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجاً) أي: وتودون أن تكون سبيل الله عوجا مائلة. ابن كثير:2/222.





﴿ وَلَا تَقْعُدُوا۟ بِكُلِّ صِرَٰطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِهِۦ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٦﴾] عن ابن عباس قوله: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون): والصراط: الطريق؛ يخوِّفون الناس أن يأتوا شعيبًا...قال: كانوا يجلسون في الطريق، فيخبرون مَن أتى عليهم: أن شعيبًا -عليه السلام- كذاب، فلا يفتنكم عن دينكم. الطبري:12/557.





﴿ وَلَا تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَٰحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٥﴾] (ولا تفسدوا في الأرض) أي: بالكفر والظلم، (بعد إصلاحها) أي: بعد ما أصلح أمرها وأهلها الأنبياء وأتباعهم الصالحون العاملون بشرائعهم من: وضع الكيل والوزن، والحدود والأحكام. القاسمي:5/147.




﴿ فَأَوْفُوا۟ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٥﴾] البخس: النقص، وهو يكون في السلعة بالتعييب، والتزهيد فيها، أو المخادعة عن القيمة، والاحتيال في التزيد في الكيل، والنقصان منه، وكل ذلك من أكل المال بالباطل، وذلك منهي عنه في الأمم المتقدمة والسالفة على ألسنة الرسل صلوات الله وسلامه على جميعهم. القرطبي:10/333.






﴿ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٢﴾] وقول اللوطية: (أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) من جنس قوله سبحانه في أصحاب الأخدود: (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) [البروج: 8]، وهكذا المشرك؛ إنما ينقم على الموحد تجريده للتوحيد وأنه لا يشوبه بالإشراك، وهكذا المبتدع إنما ينقم على السنيّ تجريده متابعة الرسول، وأنه لم يَشُبها بآراء الرجال، ولا بشيء مما خالفها. فصبر الموحد المتبع للرسول على ما ينقمه عليه أهل الشرك والبدعة خير له وأنفع، وأسهل عليه من صبره على ما ينقمه الله ورسوله من موافقة أهل الشرك والبدعة. القاسمي:5/141.



﴿ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٢﴾] وقولهم: (إنهم أناس يتطهرون) سخرية بهم، وبتطهرهم من الفواحش، وافتخار بما كانوا فيه من القذارة؛ كما يقول الشطار من الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم: أبعدوا عنا هذا المتقشف، وأريحونا من هذا المتزهد. القاسمي:5/139.



﴿ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوا۟ وَّقَالُوا۟ قَدْ مَسَّ ءَابَآءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَٰهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٥﴾] (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) أي: أبدلنا البأساء والضراء بالنعيم؛ اختباراً لهم في الحالتين، (حتى عفوا) أي: كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم، (وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء) أي: قد جرى ذلك لآبائنا، ولم يضرهم، فهو بالاتفاق لا بقصد الاختبار. ابن جزي:1/360.



﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّبِىٍّ إِلَّآ أَخَذْنَآ أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٤﴾] وتخصيص القرى بإرسال الرسل فيها دون البوادي -كما أشارت إليه هذه الآية وغيرها من آي القرآن، وشهد به تاريخ الأديان- يُنبئ أن مراد الله تعالى من إرسال الرسل هو بث الصلاح لأصحاب الحضارة التي يتطرق إليها الخلل بسبب اجتماع الأصناف المختلفة، وأن أهل البوادي لا يخلون عن الانحياز إلى القرى والإيواء في حاجاتهم المدنية إلى القرى القريبة. ابن عاشور:9/16.

امانى يسرى محمد
2025-04-20, 06:10 AM
﴿ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٣﴾] أي: أحزن. القرطبي:9/287.

﴿ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا۟ فِيهَا ۚ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٢﴾] أي: كأنهم لما أصابتهم النقمة لم يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها. ابن كثير:2/223.

﴿ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩١﴾] أخبر تعالى أنهم أخذتهم الرجفة؛ وذلك كما أرجفوا شعيباً وأصحابه، وتوعدوهم بالجلاء. ابن كثير:2/223.

﴿ قَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ لَنُخْرِجَنَّكَ يَٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا ۚ قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَٰرِهِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٨﴾] إن التزام الدين عن إكراه لا يأتي بالغرض المطلوب من التدين؛ وهو تزكية النفس، وتكثير جند الحق، والصلاح المطلوب. ابن عاشور:9/7.

﴿ قَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٨﴾] وهم الأشراف والكبراء منهم؛ الذين اتبعوا أهواءهم، ولَهوا بلذاتهم، فلما أتاهم الحق ورأوه غير موافق لأهوائهم الرديئة ردوه، واستكبروا عنه. السعدي:296.

﴿ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٠٣﴾] أي: انظر يا محمد كيف فعلنا بهم، وأغرقناهم عن آخرهم بمرأىً من موسى وقومه، وهذا أبلغ في النكال بفرعون وقومه، وأشفى لقلوب أولياء الله موسى وقومه من المؤمنين به. ابن كثير:2/225-226.

﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ مِنۢ بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَٰهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٠٠﴾] (ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون)أي: إذا نبههم الله فلم ينتبهوا، وذكرهم فلم يتذكروا، وهداهم بالآيات والعبر فلم يهتدوا؛ فإن الله تعالى يعاقبهم، ويطبع على قلوبهم، فيعلوها الران والدنس، حتى يختم عليها، فلا يدخلها حق، ولا يصل إليها خير، ولا يسمعون ما ينفعهم، وإنما يسمعون ما به تقوم الحجة عليهم. السعدي:298.

﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٩﴾] قال الحسن البصري -رحمه الله-: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مُشْفِقٌ، وَجِل، خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن. ابن كثير:2/224.

﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٩﴾] وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان، بل لا يزال خائفاً وجلاً أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان. السعدي:298.

﴿ أَفَأَمِنُوا۟ مَكْرَ ٱللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٩﴾] ومكر الله واستدراجه إياهم بما أنعم عليهم في دنياهم. البغوي:2/132.

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٦﴾] أهل القرى لو آمنوا بقلوبهم إيماناً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله تعالى ظاهراً وباطناً بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات السماء والأرض. السعدي:298.

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا۟ فَأَخَذْنَٰهُم بِمَا كَانُوا۟ يَكْسِبُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٦﴾] وقوله: (بركات من السماء والأرض) مراد به حقيقته؛ لأن ما يناله الناس من الخيرات الدنيوية لا يعدو أن يكون ناشئا من الأرض؛ وذلك معظم المنافع، أو من السماء؛ مثل ماء المطر، وشعاع الشمس، وضوء القمر، والنجوم، والهواء والرياح الصالحة. ابن عاشور:9/22.

﴿ وَأُلْقِىَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٠﴾] وأعظم من تبين له الحق العظيم: أهل الصنف والسحر، الذين يعرفون من أنواع السحر وجزئياته ما لا يعرفه غيرهم، فعرفوا أن هذه آية عظيمة من آيات الله، لا يدان لأحد بها. السعدي:300.

﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلْقِىَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ ﴿١١٥﴾ قَالَ أَلْقُوا۟ ۖ فَلَمَّآ أَلْقَوْا۟ سَحَرُوٓا۟ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوه ُمْ وَجَآءُو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١٥﴾] تأدبوا مع موسى -عليه السلام- فكان ذلك سبب إيمانهم. القرطبي:9/296.

﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلْقِىَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ ﴿١١٥﴾ قَالَ أَلْقُوا۟ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١٥﴾] قيل: الحكمة في هذا -والله أعلم- ليرى الناس صنيعَهم، ويتأملوه، فإذا فرغوا من بهرجهم ومحالهم؛ جاءهم الحق الواضح الجلي بعد التطلب له، والانتظار منهم لمجيئه، فيكون أوقع في النفوس، وكذا كان. ابن كثير:2/227.

﴿ وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوٓا۟ إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَٰلِبِينَ ﴿١١٣﴾ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِي ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١٣﴾] قال فرعون للسحرة، إذ قالوا له: إن لنا عندك ثوابًا إن نحن غلبنا موسى؟ قال: نعم، لكم ذلك، وإنكم لممن أقرِّبه وأدْنيه مني. الطبري:13/26.

﴿ وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوٓا۟ إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَٰلِبِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١٣﴾] (قالوا) لفرعون (إن لنا لأجرًاً) أي: جُعلا ومالا. البغوي:2/135.

﴿ قَالُوٓا۟ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِى ٱلْمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١١﴾] والشأن أن يكون ملأ فرعون عقلاء أهل سياسة، فعلموا أن أمر دعوة موسى لا يكاد يخفى، وأن فرعون إن سجنه أو عاند تحقق الناس أن حجة موسى غلبت، فصار ذلك ذريعة للشك في دين فرعون، فرأوا أن يلاينوا موسى، وطمعوا أن يوجد في سحرة مصر من يدافع آيات موسى، فتكون الحجة عليه ظاهرة للناس. ابن عاشور:9/44.

﴿ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِىَ بَيْضَآءُ لِلنَّٰظِرِينَ *قَالَ ٱلْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ (فألقى) موسى (عصاه) في الأرض (فإذا هي ثعبان مبين) أي: حية ظاهرة تسعى، وهم يشاهدونها. (ونزع يده) من جيبه (فإذا هي بيضاء للناظرين) من غير سوء، فهاتان آيتان كبيرتان دالتان على صحة ما جاء به موسى وصدقه، وأنه رسول رب العالمين، ولكن الذين لا يؤمنون لو جاءتهم كل آية لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم. السعدي:1/299.

﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَآ ءَالَ فِرْعَوْنَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٠﴾] (بالسنين) أي: بالجدب والقحط؛ تقول العرب: مستهم السنة؛ أي: جدب السنة، وشدة السنة، وقيل: أراد بالسنين: القحط سنة بعد سنة، (ونقص من الثمرات): بإتلاف الغلات بالآفات والعاهات، قال قتادة: أما السنين فلأهل البوادي، وأما نقص الثمرات فلأهل الأمصار، (لعلهم يذَّكَّرون) أي: يتعظون؛ وذلك لأن الشدة ترقق القلوب، وترغبها فيما عند الله عز وجل. البغوي: 2/139.

﴿ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَك ُمْ فِى ٱلْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٩﴾] وجاء بفعل الرجاء دون الجزم تأدبا مع الله تعالى، وإقصاء للاتكال على أعمالهم؛ ليزدادوا من التقوى، والتعرض إلى رضى الله تعالى ونصره. ابن عاشور:9/62.

﴿ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٦﴾] اجعل لنا طاقة لتحمل ما توعدنا به فرعون، ولما كان ذلك الوعيد مما لا تطيقه النفوس؛ سألوا الله أن يجعل لنفوسهم صبرا قويا، يفوق المتعارف؛... فإن الإفراغ صب جميع ما في الإناء،... ودعوا لأنفسهم بالوفاة على الإسلام إيذانا بأنهم غير راغبين في الحياة، ولا مبالين بوعيد فرعون، وأن همتهم لا ترجو إلا النجاة في الآخرة، والفوز بما عند الله، وقد انخذل بذلك فرعون، وذهب وعيده باطلا. ابن عاشور:9/56.

﴿ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٦﴾] أي: عظيماً، كما يدل عليه التنكير؛ لأن هذه محنة عظيمة تؤدي إلى ذهاب النفس، فيحتاج فيها من الصبر إلى شيء كثير؛ ليثبت الفؤاد، ويطمئن المؤمن على إيمانه، ويزول عنه الانزعاج الكثير. السعدي:300.

﴿ وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلَّآ أَنْ ءَامَنَّا بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٦﴾] قال عطاء: ما لنا عندك من ذنب تعذبنا عليه (إلا أن آمنا بآيات ربنا). البغوي:2/138.

﴿ قَالُوٓا۟ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٥﴾] وعذابه أشد من عذابك، ونكاله على ما تدعونا إليه اليوم وما أكرهتنا عليه من السحر أعظم من نكالك، فلنصبر اليوم على عذابك لنخلص من عذاب الله. ابن كثير:2/228.

﴿ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِى ٱلْمَدِينَةِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٣﴾] وموسى-عليه السلام- لا يعرف أحدا منهم، ولا رآه، ولا اجتمع به، وفرعون يعلم ذلك، وإنما قال هذا تسترا وتدليسا على رعاع دولته وجهلتهم، كما قال تعالى: (فاستخف قومه فأطاعوه) [الزخرف: 54]؛ فإن قوما صدقوه في قوله: (فقال أنا ربكم الأعلى) [النازعات: 24] من أجهل خلق الله، وأضلهم. ابن كثير:2/228.

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُوا۟ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٧﴾] يعني: بتمامها نفاذ ما وعدهم به من النصر على فرعون، وإهلاكه. ابن تيمية:3/194.

﴿ وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُوا۟ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلْأَرْضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِى بَٰرَكْنَا فِيهَا ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٧﴾] قد أخبر الله بأنه بارك في أرض الشام في آيات: منها قوله: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها). ابن تيمية:3/194.

﴿ ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَٰهُ مْ فِى ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُوا۟ عَنْهَا غَٰفِلِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٦﴾] أي: أغرقناهم جزاء على تكذيبهم بالآيات، والغفلة: ذهول الذهن عن تذكر شيء... وأريد بها التغافل عن عمد؛ وهو الإعراض عن التفكر في الآيات، وإباية النظر في دلالتها على صدق موسى. ابن عاشور:9/75.

﴿ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَٰهُ مْ فِى ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُوا۟ عَنْهَا غَٰفِلِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٦﴾] (وكانوا عنها):...عن الآيات؛ أي: لم يعتبروا بها حتى صاروا كالغافلين عنها. القرطبي:9/315.

﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٍ مُّفَصَّلَٰتٍ فَٱسْتَكْبَرُوا ۟ وَكَانُوا۟ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٣﴾] وسمى الله هاته آيات لأنها دلائل على صدق موسى؛ لاقترانها بالتحدي، ولأنها دلائل على غضب الله عليهم. ابن عاشور:9/70.

﴿ فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُوا۟ لَنَا هَٰذِهِۦ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا۟ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓ ۗ أَلَآ إِنَّمَا طَٰٓئِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣١﴾] (ولكن أكثرهم لا يعلمون) أن ما لحقهم من القحط والشدائد إنما هو من عند الله - عز وجل- بذنوبهم. القرطبي:9/308.

﴿ فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُوا۟ لَنَا هَٰذِهِۦ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣١﴾] أي: نحن مستحقون لها، فلم يشكروا الله عليها. السعدي:301.

﴿ ۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَٰنَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٣﴾] قيل: قال على جهة الإنابة إلى الله والخشوع له عند ظهور الآيات، وأجمعت الأمة على أن هذه التوبة ما كانت عن معصية؛ فإن الأنبياء معصومون. القرطبي:10/439.

﴿ وَلَٰكِنِ ٱنظُرْ إِلَى ٱلْجَبَلِ فَإِنِ ٱسْتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوْفَ تَرَىٰنِى ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٣﴾] فإنه أكبر منك، وأشد خلقا، (فلما تجلى ربه للجبل) فنظر إلى الجبل لا يتمالك، وأقبل الجبل فدك على أوله، ورأى موسى ما يصنع الجبل؛ فخر صعقا. ابن كثير:2/235.

﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٢﴾] استخلف موسى على بني إسرائيل أخاه هارون، ووصَّاه بالإصلاح وعدم الإفساد، هذا تنبيه وتذكير، وإلا فهارون-عليه السلام- نبي شريف كريم على الله، له وجاهة وجلالة. ابن كثير:2/234.

﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٢﴾] ولما ذهب موسى إلى ميقات ربه قال لهارون موصيا له على بني إسرائيل من حرصه عليهم وشفقته: (اخلفني في قومي) أي: كن خليفتي فيهم، واعمل فيهم بما كنت أعمل، (وأصلح) أي: اتبع طريق الصلاح، (ولا تتبع سبيل المفسدين): وهم الذين يعملون بالمعاصي. السعدي:302.

﴿ قَالَ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٠﴾] والمراد بالعالمين: أمم عصرهم. وتفضيلهم عليهم بأنهم ذرية رسول وأنبياء، وبأن منهم رسلا وأنبياء، وبأن الله هداهم إلى التوحيد والخلاص من دين فرعون بعد أن تخبطوا فيه، وبأنه جعلهم أحرارا بعد أن كانوا عبيدا، وساقهم إلى امتلاك أرض مباركة، وأيدهم بنصره وآياته، وبعث فيهم رسولا ليقيم لهم الشريعة، وهذه الفضائل لم تجتمع لأمة غيرهم يومئذ. ابن عاشور:9/84.

﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَى ٱجْعَل لَّنَآ إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٨﴾] وكان وصف موسى إياهم بالجهالة مؤكَّدًا؛ لما دلت عليه الجملة الاسمية من كون الجهالة صفة ثابتة فيهم، وراسخة من نفوسهم، ولولا ذلك لكان لهم في بادي النظر زاجر عن مثل هذا السؤال. ابن عاشور:9/82.

﴿ وَجَٰوَزْنَا بِبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتَوْا۟ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا۟ يَٰمُوسَى ٱجْعَل لَّنَآ إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٨﴾] (إِنَّكُم قَومٌ تَجهَلُونَ): وأي جهل أعظم من جهل من جهل ربه وخالقه، وأراد أن يسوِّي به غيره ممن لا يملك نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورًا؟! السعدي:302.

﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَٰتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٦﴾] إذا كان المصحفُ الذي كُتِب فيه طاهرًا لا يمسُّه إلاّ البدن الطاهر، فالمعاني التي هي باطنُ القرآن لا يمسُّها إلاّ القلوبُ المطهرة، وأما القلوب المنجسة لا تمسُّ حقائقَه، فهذا معنىً صحيح؛ قال تعالى: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق). قال بعض السلف: أَمنَعُ قلوبَهم فهمَ القرآن. ابن تيمية:3/198.

امانى يسرى محمد
2025-04-20, 06:18 AM
﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَٰتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٦﴾] قال بعض السلف: لا ينال العلم حيي ولا مستكبر، وقال آخر: من لم يصبر على ذُلِّ التعلم ساعة بقي في ذُلِّ الجهل أبداً. ابن كثير:2/237.


﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَٰتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْا۟ كُلَّ ءَايَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا۟ بِهَا وَإِن يَرَوْا۟ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٦﴾] قال ابن عباس: «يريد: الذين يتجبرون على عبادي، ويحاربون أوليائي حتى لا يؤمنوا بي»؛ يعني: سأصرفهم عن قبول آياتي، والتصديق بها؛ عوقبوا بحرمان الهداية لعنادهم للحق؛ كقوله: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) [الصف: 5]. البغوي:2/152.

﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا۟ بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُو۟رِيكُمْ دَارَ ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٥﴾] فدل على أن فيما أنزل حسن وأحسن. ابن تيمية:3/198.

﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا۟ بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُو۟رِيكُمْ دَارَ ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٥﴾] (فخذها بقوة) أي: بجد واجتهاد، وقيل: بقوة القلب، وصحة العزيمة؛ لأنه إذا أخذه بضعف النية؛ أداه إلى الفتور. البغوي:2/152.

﴿ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِى وَبِكَلَٰمِى ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٤﴾] فلما منعه الله من رؤيته بعد ما كان متشوقاً إليها، أعطاه خيراً كثيراً. السعدي:302.

﴿ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٤﴾] يذكر تعالى أنه خاطب موسى بأنه اصطفاه على عالمي زمانه برسالاته وكلامه، ولا شك أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم من الأولين والآخرين، ولهذا اختصه الله بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين؛ الذي تستمر شريعته إلى قيام الساعة، وأتباعه أكثر من أتباع الأنبياء كلهم. ابن كثير:2/236.

﴿ إِنْ هِىَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِى مَن تَشَآءُ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٥﴾] أي: محنتك، واختبارك، وابتلاؤك؛ كما ابتليت عبادك بالحسنات والسيئات ليتبين الصبار الشكور من غيره، وابتليتهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليتبين المؤمن من الكافر، والصادق من الكاذب، والمنافق من المخلص؛ فتجعل ذلك سببا لضلالة قوم وهدي آخرين. ابن تيمية:3/208.

﴿ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٥﴾] أي: أتهلكنا وتهلك سائر بني إسرائيل بما فعل السفهاء -الذين طلبوا الرؤية حين قالوا: أرنا الله جهرة، والذين عبدوا العجل- فمعنى هذا إدلاء بحجته، وتبرؤ من فعل السفهاء، ورغبة إلى الله أن لا يعم الجميع بالعقوبة. ابن جزي:1/318.

﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلْأَلْوَاحَ ۖ وَفِى نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٤﴾] قال سهل بن عبد الله: «... وأصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله». ويدل على ذلك قوله تعالى: (ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون). ابن تيمية:3/208.

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُوا۟ ٱلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُفْتَرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٢﴾] أعقبهم ذلك ذلا وصغارا في الحياة الدنيا، وقوله: (وكذلك نجزي المفترين) نائلة لكل من افترى بدعةً؛ فإن ذل البدعة ومخالفة الرشاد متصلة من قلبه على كتفيه، كما قال الحسن البصري: «إن ذل البدعة على أكتافهم؛ وإن هملجت بهم البغلات، وطقطقت بهم البراذين».... وقال سفيان بن عيينة: كل صاحب بدعة ذليل. ابن كثير:2/238.

﴿ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِى وَكَادُوا۟ يَقْتُلُونَنِى ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٠﴾] وإنما قال (ابن أم) ليكون أَرَقَّ وأنجع عنده، وإلا فهو شقيقه لأبيه وأمه. ابن كثير: 2/238.

﴿ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٠﴾] والعجلة: التقدم بالشيء قبل وقته، وهي مذمومة، والسرعة: عمل الشيء في أول أوقاته، وهي محمودة. القرطبي:9/338.

﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوْمِهِۦ غَضْبَٰنَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى مِنۢ بَعْدِىٓ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٠﴾] لتمام غيرته عليه الصلاة والسلام، وكمال نصحه وشفقته. السعدي:303.

﴿ وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰٓ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِۦ يَعْدِلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٩﴾] وكأن الإتيان بهذه الآية الكريمة فيه نوع احتراز مما تقدم؛ فإنه تعالى ذكر فيما تقدم جملةً من معايب بني إسرائيل المنافية للكمال، المناقضة للهداية، فرُبَّمَا توهم متوهم أن هذا يعم جميعَهم، فذكر تعالى أن منهم طائفةً مستقيمة، هاديةً مَهْدِيَّةً. السعدي:306.

امانى يسرى محمد
2025-04-21, 05:43 AM
﴿ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلنُّورَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ ۙ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٧﴾] (فالذين آمنوا به) أي: بمحمد ﷺ، (وعزروه): وقَّروه، (ونصروه): على الأعداء، (واتبعوا النور الذي أنزل معه): يعني: القرآن، (أولئك هم المفلحون). البغوي:2/3159.

﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلْأَغْلَٰلَ ٱلَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٧﴾] الإصر: الثقل... فإن بني إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهداً أن يقوموا بأعمال ثقال؛ فوضع عنهم بمحمد ﷺ ذلك العهد، وثقل تلك الأعمال؛ كغسل البول، وتحليل الغنائم، ومجالسة الحائض، ومؤاكلتها. القرطبي:9/356.

﴿ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلْأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُۥ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٧﴾] فإن أميته لم تكن من جهة فقد العلم والقراءة عن ظهر قلب؛ فإنه إمام الأئمة في هذا، وإنما كان من جهة أنه لا يكتب ولا يقرأ مكتوبا. ابن تيمية:3/210.

﴿ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٦﴾] ومن تمام الإيمان بآيات الله: معرفة معناها، والعمل بمقتضاها، ومن ذلك: اتباع النبي-صلى الله عليه وسلم- ظاهراً وباطناً، في أصول الدين وفروعه. السعدي:305.

﴿ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٦﴾] أي: يؤمنون بجميع الكتب والأنبياء، وليس ذلك لغير هذه الأمّة. ابن جزي:1/319.

﴿ وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٦﴾] عمت كل شيء؛ قال الحسن وقتادة: وسعت رحمته في الدنيا البر والفاجر، وهي يوم القيامة للمتقين خاصة. البغوي:2/157.


﴿ وَسْـَٔلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٣﴾] وكانوا يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه؛ لأنا من سبط خليله إبراهيم، ومن سبط إسرائيل وهم بكر الله، ومن سبط موسى كليم الله، ومن سبط ولده عزير، فنحن من أولادهم، فقال الله -عز وجل- لنبيه: سلهم يا محمد عن القرية: أما عذبتهم بذنوبهم؟ وذلك بتغيير فرع من فروع الشريعة. القرطبي:9/362.
﴿ وَسْـَٔلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ يَفْسُقُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٣﴾] فأخبر أنه بلاهم بفسقهم؛ حيث أتى بالحيتان يوم التحريم، ومنعها يوم الإباحة؛ كما يؤتى المحرم المبتلى بالصيد يوم إحرامه، ولا يؤتى به يوم حله، أو يؤتى بمن يعامله ربا، ولا يؤتى بمن يعامله بيعا. ابن تيمية:3/215.



﴿ وَسْـَٔلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ يَفْسُقُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٣﴾] في هذه الآية مزجرة عظيمة للمتعاطين الحيل على المناهي الشرعية ممن يتلبس بعلم الفقه وليس بفقيه؛ إذ الفقيه من يخشى الله تعالى في الربويات، والتحليل باستعارة المحلل للمطلقات، والخلع لحل ما لزم من المطلقات المعلقات، إلى غير ذلك من عظائم ومصائب؛ لو اعتمد بعضها مخلوق في حق مخلوق لكان في نهاية القبح، فكيف في حق من يعلم السر وأخفى؟! ابن تيمية:3/215.



﴿ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ ٱلَّذِى قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُوا۟ يَظْلِمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٢﴾] إذا أنعم الله على عبد أو أمة نعمة ثم لم يشكرها تسلب منه أحب أم كره وكائناً من كان. الجزائري:2/252.



﴿ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ ٱلَّذِى قِيلَ لَهُمْ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٢﴾] وإذا بَدَّلُوا القول مع يسره وسهولته؛ فتبديلهم للفعل من باب أولى. السعدي:306.



﴿ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ ٱلَّذِى قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُوا۟ يَظْلِمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٢﴾] ووقع في هذه الآية: (فبدل الذين ظلموا منهم)، ولم يقع لفظ: (منهم) في سورة البقرة، ووجه زيادتها هنا: التصريح بأن تبديل القول لم يصدر من جميعهم، وأجمل ذلك في سورة البقرة؛ لأن آية البقرة لما سيقت مساق التوبيخ ناسب إرهابهم بما يوهم أن الذين فعلوا ذلك هم جميع القوم؛ لأن تبعات بعض القبيلة تحمل على جماعتها. ابن عاشور:9/145.



﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْغَمَٰمَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا۟ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٰكُمْ ۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٠﴾] (وَمَا ظَلَمُونَا) حين لم يشكروا الله، ولم يقوموا بما أوجب الله عليهم، (وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) حيث فوتوها كل خير، وعرضوها للشر والنقمة. السعدي:306.



﴿ وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٠﴾] (يُمَسِّكون): فيها معنى التكرير والتكثير للتمسك بكتاب الله تعالى وبدينه، فبذلك يمدحون؛ فالتمسك بكتاب الله والدين يحتاج إلى الملازمة والتكرير. القرطبي:9/374.



﴿ ۚ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أَن لَّا يَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْحَقَّ وَدَرَسُوا۟ مَا فِيهِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٩﴾] (ودرسوا ما فيه): فليس عليهم فيه إشكال، بل قد أَتَوا أمرهم متعمدين، وكانوا في أمرهم مستبصرين. وهذا أعظم للذنب، وأشد للوم، وأشنع للعقوبة. السعدي:307.



﴿ وَبَلَوْنَٰهُم بِٱلْحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔات ِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٨﴾] (وبلوناهم بالحسنات): بالخصب والعافية، (والسيئات): الجدب والشدة، (لعلهم يرجعون): لكي يرجعوا إلى طاعة ربهم ويتوبوا. البغوي:2/164.



﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٧﴾] وهذا من باب قرن الرحمة مع العقوبة؛ لئلا يحصل اليأس؛ فيقرن تعالى بين الترغيب والترهيب كثيراً لتبقى النفوس بين الرجاء والخوف. ابن كثير:2/249.



﴿ فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦٓ أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُّوٓءِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٥﴾] وهكذا سنة الله في عباده: أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر. السعدي:307.





﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا۟ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٤﴾] وهذا المقصود الأعظم من إنكار المنكر: ليكون معذرة، وإقامة حجة على المأمور المنهي، ولعل الله أن يهديه؛ فيعمل بمقتضى ذلك الأمر والنهي. السعدي:307.



﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا۟ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٦٤﴾] افترقت بنو إسرائيل ثلاث فرق: فرقة عصت يوم السبت بالصيد، وفرقة نهت عن ذلك واعتزلت القوم، وفرقة سكتت واعتزلت؛ فلم تنه ولم تعص. وأن هذه الفرقة لما رأت مهاجرة الناهية وطغيانَ العاصية قالوا للفرقة الناهية: لم تعظون قوماً يريد الله أن يهلكهم أو يعذبهم؟ فقالت الناهية: نَنهاهم معذرة إلى الله، ولعلهم يتقون، فهلكت الفرقة العاصية، ونجت الناهية، واختلف في الثالثة هل هلكت لسكوتها، أو نجت لاعتزالها وتركها العصيان؟ ابن جزي:1/326.

امانى يسرى محمد
2025-04-24, 04:59 AM
﴿ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِى ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٨﴾] وفيها تنويه بشأن المهتدين وتلقين للمسلمين للتوجه إلى الله تعالى بطلب الهداية منه والعصمة من مزالق الضلال. ابن عاشور:9/180.







﴿ ۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا ۚ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٦﴾] قال القتيبي: كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء، أو عطش، إلا الكلب؛ فإنه يلهث في حال الكلال، وفي حال الراحة، وفي حالة العطش، فضربه الله مثلاً لمن كذب بآياته، فقال: إن وعظته فهو ضال، وإن تركته فهو ضال؛ كالكلب: إن طردته يلهث، وإن تركته على حاله يلهث. البغوي:2/175.









﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخْلَدَ إِلَى ٱلْأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٦﴾] وقوله تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْناهُ بِهَا) أفاد أن تلك الآيات شأنها أن تكون سببا للهداية والتزكية لو شاء الله له التوفيق وعصمه من كيد الشيطان وفتنته فلم ينسلخ عنها، وهذه عبرة للموفقين؛ ليعلموا فضل الله عليهم في توفيقهم؛ فالمعنى: ولو شئنا لزاد في العمل بما آتيناه من الآيات فلرفعه الله بعلمه. ابن عاشور:9/176.








﴿ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىٓ ءَاتَيْنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ ﴿١٧٥﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخْلَدَ إِلَى ٱلْأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٥﴾] وفي هذه الآيات: الترغيب في العمل بالعلم، وأن ذلك رفعة من الله لصاحبه، وعصمة من الشيطان، والترهيب من عدم العمل به، وأنه نزول إلى أسفل سافلين، وتسليط للشيطان عليه، وفيه أن اتباع الهوى وإخلاد العبد إلى الشهوات يكون سبباً للخذلان. السعدي:308.










﴿ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىٓ ءَاتَيْنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٥﴾] لما عاند ولم يعمل بما هداه الله إليه حصلت في نفسه ظلمة شيطانية مكنت الشيطان من استخدامه، وإدامة إضلاله؛ فالانسلاخ على الآيات أثر من وسوسة الشيطان، وإذا أطاع المرء الوسوسة تمكن الشيطان من مقاده فسخره، وأدام إضلاله، وهو المعبر عنه بــــ(فاتبعه) فصار بذلك في زمرة الغواة المتمكنين من الغواية. ابن عاشور:9/176.









﴿ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىٓ ءَاتَيْنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٥﴾] انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بآيات الله؛ فإن العلم بذلك يصير صاحبه متصفا بمكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ويرقى إلى أعلى الدرجات، وأرفع المقامات، فترك هذا كتاب الله وراء ظهره، ونبذ الأخلاق التي يأمر بها الكتاب، وخلعها كما يخلع اللباس، فلما انسلخ منها أتبعه الشيطان؛ أي: تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين، وصار إلى أسفل سافلين، فأزه إلى المعاصي أزا (فَكانَ مِنَ الغَاوِينَ) بعد أن كان من الراشدين المرشدين. السعدي:309.








﴿ أَوْ تَقُولُوٓا۟ إِنَّمَآ أَشْرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنۢ بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٣﴾] فقد أودع الله في فِطَرِكم ما يدلكم على أن ما مع آبائكم باطل، وأن الحق ما جاءت به الرسل، وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءكم، ويعلو عليه. نعم... قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين، ومذاهبهم الفاسدة ما يظنه هو الحق، وما ذاك إلا لإعراضه عن حجج الله وبيناته وآياته الأفقية والنفسية، فإعراضه عن ذلك، وإقباله على ما قاله المبطلون ربما صيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق. السعدي:308.








﴿ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا سَنَسْتَدْرِجُه ُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٨٢﴾ وَأُمْلِى لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨٢﴾] قال الكلبي: يزين لهم أعمالهم، ويهلكهم، وقال الضحاك: كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة، قال سفيان الثوري: نسبغ عليهم النعم، وننسيهم الشكر. البغوي:2/176.








﴿ وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِۦ يَعْدِلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨١﴾] فدلت الآية على أن الله- عز وجل- لا يخلي الدنيا في وقت من الأوقات من داع يدعو إلى الحق. القرطبي:9/397.








﴿ وَذَرُوا۟ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨٠﴾] والمراد من ترك الذين يلحدون في أسمائه: الإمساك عن الاسترسال في محاجتهم؛ لظهور أنهم غير قاصدين معرفة الحق، أو: ترك الإصغاء لكلامهم؛ لئلا يفتنوا عامة المؤمنين بشبهاتهم. ابن عاشور:9/189.








﴿ وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨٠﴾] أي: اطلبوا منه بأسمائه؛ فيطلب بكل اسم ما يليق به؛ تقول: يا رحيم ارحمني، يا حكيم احكم لي. القرطبي:9/393.








﴿ وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨٠﴾] سمى الله سبحانه أسماءه بالحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب؛ فإنها تدل على توحيده، وكرمه، وجوده، ورحمته، وإفضاله. القرطبي:9/393.








﴿ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ كَٱلْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْغَٰفِلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٩﴾] لأنهم لا يهتدون إلى ثواب، فهم كالأنعام؛ أي: همتهم الأكل والشرب، وهم أضل؛ لأن الأنعام تبصر منافعها ومضارها، وتتبع مالكها، وهم بخلاف ذلك. القرطبي:9/390.








﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ كَٱلْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْغَٰفِلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٧٩﴾] ليس المعنى نفي السمع والبصر جملة، وإنما المعنى نفيها عما ينفع في الدين. ابن جزي:1/330.








﴿ قُلِ ٱدْعُوا۟ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٩٥﴾] المعنى: استنجدوا أصنامكم لمضرتي والكيد عليّ، ولا تؤخروني؛ فإنكم وأصنامكم لا تقدرون على مضرتي. ومقصد الآية الرد عليهم ببيان عجز أصنامهم، وعدم قدرتها على المضرة، وفيها إشارة إلى التوكل على الله، والاعتصام به وحده، وأن غيره لا يقدر على شيء. ابن جزي:1/333.








﴿ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۗ قُلِ ٱدْعُوا۟ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٩٥﴾] وخص الأرجل والأيدي والأعين والآذان؛ لأنها آلات العلم، والسعي، والدفع للنصر. ابن عاشور:9/222.








﴿ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۗ قُلِ ٱدْعُوا۟ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٩٥﴾] ثم وبخهم الله تعالى وسفه عقولهم، فقال: (ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها)... الآية؛ أي: أنتم أفضل منهم، فكيف تعبدونهم؟! والغرض بيان جهلهم. القرطبي 9/416.








﴿ فَلَمَّآ أَثْقَلَت دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ ءَاتَيْتَنَا صَٰلِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ﴿١٨٩﴾ فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُمَا صَٰلِحًا جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَىٰهُمَا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨٩﴾] ثم أوجد الذرية في بطون الأمهات وقتا موقوتا؛ تتشوف إليه نفوسهم، ويدعون الله أن يخرجه سويا صحيحا، فأتم الله عليهم النعمة وأنالهم مطلوبهم، أفلا يستحق أن يعبدوه، ولا يشركوا به في عبادته أحدا، ويخلصوا له الدين؟! ولكن الأمر جاء على العكس، فأشركوا بالله (ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم) أي: لعابديها (نصراً ولا أنفسهم ينصرون). السعدي:311.








﴿ فَلَمَّآ أَثْقَلَت دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ ءَاتَيْتَنَا صَٰلِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ﴿١٨٩﴾ فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُمَا صَٰلِحًا جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَىٰهُمَا ۚ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨٩﴾] (فلما آتاهما صالحا): على وفق ما طلبا، وتمت عليهما النعمة فيه، (جعلا له شركاء فيما آتاهما) أي: جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بإيجاده والنعمة به، وأقرَّ به أعين والديه، فَعَبَّدَاه لغير الله؛ إما أن يسمياه بعبد غير الله؛ كـ «عبد الحارث» و «عبد العزير» و «عبد الكعبة» ونحو ذلك، أو يشركا بالله في العبادة، بعدما منَّ الله عليهما بما منَّ من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد. السعدي:311.








﴿ إِنْ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨٨﴾] وخص بهم البشارة والنذارة؛ لأنهم هم الذين ينتفعون بها. ابن جزي:1/332.



﴿ قُل لَّآ أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٨٨﴾] (قل لا أملك لنفسي نفعاً) أي: لا أقدر لنفسي نفعاً؛ أي: اجتلاب نفع بأن أربح، (ولا ضراً) أي: دفع ضر. البغوي:2/178.





﴿ وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِى نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلْءَاصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ ٱلْغَٰفِلِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٠٥﴾] وهذه من الآداب التي ينبغي للعبد أن يراعيها حق رعايتها؛ وهي: الإكثار من ذكر الله آناء الليل والنهار -خصوصا طَرَفَيِ النهار- مخلصا خاشعا متضرعا، متذللا ساكنا، متواطئا عليه قلبه ولسانه، بأدب ووقار، وإقبال على الدعاء والذكر، وإحضار له بقلبه وعدم غفلة؛ فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. السعدي:314.



﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ إِذَا مَسَّهُمْ طَٰٓئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَٰنِ تَذَكَّرُوا۟ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٠١﴾] قال سعيد بن جبير: هو الرجل يغضب الغضبة فيذكر الله؛ فيكظم الغيظ، وقال ليث عن مجاهد: هو الرجل يهم بالذنب فيذكر الله فيدعه. ابن تيمية:3/239.








﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ إِذَا مَسَّهُمْ طَٰٓئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَٰنِ تَذَكَّرُوا۟ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٠١﴾] أي: يبصرون مواقع خطاياهم بالتذكر والتفكر، قال السدي: إذا زلوا تابوا. البغوي:2/185.








﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٠٠﴾] (فاستعذ بالله) أي: اطلب النجاء من ذلك بالله؛ فأمر تعالى أن يدفع الوسوسة بالالتجاء إليه، والاستعاذة به. القرطبي:9/423.








﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٢٠٠﴾] نزغ الشيطان: وسوسته بالتشكيك في الحق، والأمر بالمعاصي، أو تحريك الغضب، فأمر الله بالاستعاذة منه عند ذلك، كما ورد في الحديث: أن رجلاً اشتد غضبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما به: نعوذ بالله من الشيطان الرجيم). ابن جزي:1/335.








﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَٰهِلِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٩٩﴾] إذا تسفه عليك أحد فلا تقابله بالسفه. البغوي:2/184.








﴿ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٩٦﴾] فالمؤمنون الصالحون لما تولوا ربهم بالإيمان والتقوى، ولم يتولوا غيره ممن لا ينفع ولا يضر، تولاهم الله، ولطف بهم، وأعانهم على ما فيه الخير والمصلحة لهم في دينهم ودنياهم، ودفع عنهم بإيمانهم كل مكروه. السعدي:312.

الكلم الطيب