المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ارجو شرح : وإلا فلو قبل العلم وكان فيه كدر وخبث أفسد ذلك العلم وكان كالدغل في الزرع



أم علي طويلبة علم
2025-04-12, 07:14 PM
في مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله قال:

وبلغنا عن بعض السلف قال : القلوب آنية الله في أرضه فأحبها إلى الله تعالى أرقها وأصفاها . وهذا مثل حسن فإن القلب إذا كان رقيقا لينا كان قبوله للعلم سهلا يسيرا ورسخ العلم فيه وثبت وأثر وإن كان قاسيا غليظا كان قبوله للعلم صعبا عسيرا .

ولا بد مع ذلك أن يكون زكيا صافيا سليما حتى يزكو فيه العلم ويثمر ثمرا طيبا وإلا فلو قبل العلم وكان فيه كدر وخبث أفسد ذلك العلم وكان كالدغل في الزرع إن لم يمنع الحب من أن ينبت منعه من أن يزكو ويطيب وهذا بين لأولي الأبصار .



نرجو الشرح المفصل وجزاكم خيرا

عبد الرحمن هاشم بيومي
2025-04-13, 12:57 AM
في صحيح مسلم رحمه الله من حديث الأغر المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّه لَيُغانُ على قَلْبِي، وإنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ في اليَومِ مِائَةَ مَرَّةٍ ". اهـ.

فمِن لُطفِ اللهِ عزَّ وجلَّ بعِبادِه أنْ يَسَّرَ لهمْ أبوابَ التَّوبةِ والاستغفارِ، ودلَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسلِمَ على ما تُوضَعُ به الخَطايا والذُّنوبُ وتُمْحَى، ولو كانتْ كَثيرةً كَزَبَدِ البَحْرِ، وهو ذِكرُ اللهِ واستغفارُه والمداوَمةُ على ذلك بقُلوبٍ مُخلِصةٍ؛ وذلك ممَّا يُؤنِسُ الرُّوحَ والقَلبَ، ويَرزُقُ النَّفْسَ الطُّمأْنينةَ، ويُثقِّلُ مَوازينَ العَبدِ بالحَسَناتِ، ويُنَجِّي اللهُ تَعالَى به صاحِبَه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ، فيَكشِفُ ضُرَّه ويُذهِبُ غَمَّه.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّه لَيُغَانُ» أي: يُغطي ويلبس على قلبي، والمرادُ به: السَّهوُ في بَعضِ الفَتَرات مِنَ الغَفَلاتِ عَنِ الذِّكْرِ الَّذي كان شَأنُه الدَّوامَ عليه، فإذا فَتَرَ عنه أو غَفَلَ، وغيرِ ذلك ممَّا يَحجُبُه عن الاشْتِغالِ بِذِكْرِ اللهِ والتَّضَرُّعِ إليهِ ومُشاهدَتِه ومُراقبَتِه، فيَرى ذلك ذنبًا بالنِّسبَةِ إلى المَقَامِ العَليِّ، فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَستغفِرُ في اليومِ مِائةَ مرَّةٍ.

وأرق القلب وأصفاها قلب النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه:
أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ أتاهُ جِبْرِيلُ ﷺ وهو يَلْعَبُ مع الغِلْمانِ، فأخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عن قَلْبِهِ، فاسْتَخْرَجَ القَلْبَ، فاسْتَخْرَجَ منه عَلَقَةً،
فقالَ: هذا حَظُّ الشَّيْطانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِن ذَهَبٍ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أعادَهُ في مَكانِهِ، وذكر الحديث، قالَ أنَسٌ: وقدْ كُنْتُ أرى أثَرَ ذلكَ المِخْيَطِ في صَدْرِهِ. اهـ.
وذلك ليكون القلب أصفى لتلقي الوحي ، وقد تم غسل القلب مرة أخرى كما في حديث مالك بن صعصعة الأنصاري رضي الله عنه أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ حَدَّثَهُمْ عن لَيْلَةِ أُسْرِيَ بهِ: بيْنَما أنا في الحَطِيمِ -ورُبَّما قالَ: في الحِجْرِ- مُضْطَجِعًا، إذْ أتانِي آتٍ، فَقَدَّ [وفي رِوايةٍ]: فَشَقَّ ما بيْنَ هذِه إلى هذِه -فَقُلتُ لِلْجارُودِ وهو إلى جَنْبِي: ما يَعْنِي بهِ؟ قالَ: مِن ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إلى شِعْرَتِهِ. [وفي رِوايةٍ]: مِن قَصِّهِ إلى شِعْرَتِهِ- فاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إيمانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ، وذكر الحديث.

وفي المقابل أسوأ القلب وأخبثها قلب الشيطان لعنه الله، رغم أنه يعلم ما في الكون والجنة والنار، ولم ينفعه العلم وانشغل بالحقد والكبر والحسد الذي أكل قلبه.

فقول الشيخ رحمه الله: "فلو قبل العلم وكان فيه كدر وخبث، أفسد ذلك العلم"، بأن جعل ذلك الخبث العلم وبالا عليه وحجة عليه.
"وكان كالدغل في الزرع"، أي كالشيء المفسد للزرع وهذا المثال أشبه بقول الله تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا}:
أي معناه التشبيه، شبه تعالى السريع الفهم بالبلد الطيب ، والبليد بالذي خبث. تفسير القرطبي - تفسير سورة الأعراف - الآية 58.

والله أعلم.

أم علي طويلبة علم
2025-04-14, 11:37 AM
بارك الله فيكم