المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (سورة النساء )وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل



امانى يسرى محمد
2025-04-01, 04:30 PM
﴿ وَلَا تُؤْتُوا۟ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَٰلَكُمُ ٱلَّتِى جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤﴾] في الآية إشارة إلى مدح الأموال، وكان السلف يقولون: المال سلاح المؤمن، ولأن أترك مالا يحاسبني الله تعالى عليه خير من أن أحتاج إلى الناس... وكانوا يقولون: اتجروا، واكتسبوا؛ فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه. الألوسي: 4/202.

﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا۟ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣﴾] وفي هذا: أن تعرض العبد للأمر الذي يخاف منه الجور والظلم وعدم القيام بالواجب -ولو كان مباحاً- أنه لا ينبغي له أن يتعرض له، بل يلزم السعة والعافية؛ فإن العافية خير ما أعطي العبد. السعدي: 164.

﴿ فَٱنكِحُوا۟ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ ۖ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣﴾] فاختاروا على نظركم، ومن أحسن ما يختار من ذلك صفة الدين؛ كما قال النبي ﷺ: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يمينك). وفي هذه الآية أنه ينبغي للإنسان أن يختار قبل النكاح، بل وقد أباح له الشارع النظر إلى من يريد تزوجها؛ ليكون على بصيرة من أمره. السعدي: 164.


﴿ وَءَاتُوا۟ ٱلْيَتَٰمَىٰٓ أَمْوَٰلَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا۟ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢﴾] قد تقدم في السورة الماضية ذكر قصة أحد التي انكشفت عن أيتام، ثم ذكر في قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت) أن الموت مشرع لا بد لكل نفس من وروده؛ علم أنه [لا] بد من وجود الأيتام في كل وقت، فدعا إلى العفة والعدل فيهم؛ لأنهم بعد الأرحام أولى من يتقى الله فيه، ويخشى مراقبته بسببه، فقال: (وآتوا اليتامى). البقاعي: 2/207.

﴿ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١﴾] الموجب الداعي لتقواه تساؤلكم به، وتعظيمكم، حتى إنكم إذا أردتم قضاء حاجاتكم ومآربكم توسلتم لها بالسؤال بالله، فيقول من يريد ذلك لغيره: أسألك بالله أن تفعل الأمر الفلاني؛ لعلمه بما قام في قلبه من تعظيم الله الداعي أن لا يرد من سأله بالله، فكما عظمتموه بذلك فلتعظموه بعبادته وتقواه. السعدي: 163.

﴿ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١﴾] وأعيد فعل (اتقوا)؛ لأن هذه التقوى مأمور بها المسلمون خاصة؛ فإنهم قد بقيت فيهم بقية من عوائد الجاهلية لا يشعرون بها؛ وهي التساهل في حقوق الأرحام والأيتام. ابن عاشور: 4/217.

﴿ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١﴾] مقام المراقبة -وهو مقام شريف- أصله: علمٌ وحال؛ أما العلم فهو: معرفة العبد أن الله مطلع عليه، ناظر إليه، يرى جميع أعماله، ويسمع جميع أقواله، ويعلم كل ما يخطر على باله. وأما الحال فهي: ملازمة هذا العلم للقلب بحيث يغلب عليه، ولا يغفل عنه. ولا يكفي العلم دون هذه الحال. ابن جزي: 1/172.

﴿ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِىٓ أَوْلَٰدِكُمْ.... ...ٱللَّهِ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١﴾] وضع لكم هذه الأحكام على غاية الإحكام في جلب المنافع لكم ودفع الضر عنكم، ورتبها سبحانه وتعالى أحسن ترتيب؛ فقدَّم ما هو بلا واسطة لشدة قربه، وبدأ منه بالنسب لقوته، وبدأ منهم بالولد لمزيد الاعتناء به. البقاعي: 2/221.

﴿ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١﴾] تقديم الوصية على الدَين ذكراً مع أن الدين مقدم عليها حكما؛ لإظهار كمال العناية بتنفيذها؛ لكونها مظنة للتفريط في أدائها؛ حيث إنها تؤخذ كالميراث بلا عوض، فكانت تشق عليهم. الألوسي: 4/227.

﴿ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِىٓ أَوْلَٰدِكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠﴾] هذا مما يدل على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين؛ حيث أوصى الوالدين مع كمال شفتقهم عليهم. السعدي: 166.

﴿ وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا۟ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَٰفًا خَافُوا۟ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُوا۟ قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩﴾] أي: فليعدلوا في أمرهم؛ ليقيِّض الله لهم من يعدل في ذريتهم، وليقولوا قولاً عدلاًً قاصداًً صواباًً، وإلا أوشك أن يسلط على ذريتهم من يجور عليهم. البقاعي: 2/218.

﴿ وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُو۟لُوا۟ ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينُ فَٱرْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا۟ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨﴾] والأمر بأن يقولوا لهم قولاً معروفاً، أي: قولاً حسناً -وهو ضد المنكر- تسلية لبعضهم على ما حرموا منه من مال الميت. ابن عاشور: 4/252.

﴿ وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُو۟لُوا۟ ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينُ فَٱرْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا۟ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨﴾] ويؤخذ من المعنى: أن كل مَن له تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان؛ ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر. السعدي: 165.

﴿ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلْأَقْرَبُون َ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلْأَقْرَبُون َ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧﴾] كان العرب في الجاهلية من جبروتهم وقسوتهم لا يورثون الضعفاء؛ كالنساء، والصبيان، ويجعلون الميراث للرجال الأقوياء؛ لأنهم بزعمهم أهل الحرب والقتل، والنهب والسلب، فأراد الرب الرحيم الحكيم أن يشرع لعباده شرعاًً يستوي فيه رجالهم ونساؤهم، وأقوياؤهم وضعفاؤهم، وقدَّم بين يدي ذلك أمراًً مجملاًً لتتوطن على ذلك النفوس، فيأتي التفصيل بعد الإجمال، قد تشوفت له النفوس، وزالت الوحشة التي منشؤها العادات القبيحة. السعدي: 165.

﴿ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدْخِلْهُ نَارًا خَٰلِدًا فِيهَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤﴾]من اجتمع فيه معصية وطاعة كان فيه من موجب الثواب والعقاب بحسب ما فيه من الطاعة والمعصية، وقد دلت النصوص المتواترة على أن الموحدين- الذين معهم طاعة التوحيد- غير مخلدين في النار، فما معهم من التوحيد مانع لهم من الخلود فيها. السعدي: 169.

﴿ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ﴿مَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣﴾] (ومن يطع الله ورسوله) أي: فيها؛ فلم يزد بعض الورثة، ولم ينقص بعضاً بحيلة ووسيلة، بل تركهم على حكم الله وفريضته وقسمته (يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم). (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) أي: لكونه غيَّر ما حكم الله به، وضاد الله في حكمه. ابن كثير: 1/437.

﴿ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا ۚ ﴾ ﴿ يُدْخِلْهُ نَارًا خَٰلِدًا فِيهَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣﴾] (خالدين فيها)، (خالداً فيها) أفرد هنا وجمع هناك؛ لأن أهل الطاعة أهل الشفاعة، وإذا شفع أحدهم في غيره دخلها معه، وأهل المعاصي لا يشفعون؛ فلا يدخل بهم غيرهم فيبقون فرادى. أو للإيذان بأن الخلود في دار الثواب بصيغة الاجتماع الذي هو أجلب للأنس، والخلود في دار العقاب بصيغة الانفراد الذي هو أشد في استجلاب الوحشة. الألوسي: 4/233.


﴿ غَيْرَ مُضَآرٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢﴾] جعل حقوق المسلمين أولى من حقوق الأقارب الكفار الدنيوية، فإذا مات المسلم انتقل ماله إلى من هو أولى وأحق به، فيكون قوله تعالى: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) [الأنفال:75] إذا اتفقت أديانهم، وأما مع تباينهم فالأخوة الدينية مقدمة على الأخوة النسبية المجردة. السعدي: 169.


﴿ غَيْرَ مُضَآرٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢﴾] الإضرار في الوصية من الكبائر، ووجوه المضار كثيرة؛ منها: الوصية لوارث، والوصية بأكثر من الثلث، أو بالثلث فراراً عن وارث محتاج. ابن جزي: 1/179.

﴿ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ﴾ ﴿ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ﴾ ﴿ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ﴾ ﴿ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢﴾] كرر حكم الوصية اهتماماًً بشأنها، وإشارة إلى أن الوصية أمر عظيم ينبغي أن يكون مستحضراًً في الذهن، غير مغفول عنه عند أحد من الناس. البقاعي: 2/222.


﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢﴾] وتأمل هذا المعنى في آية المواريث، وتعليقه سبحانه التوارث فيها بلفظ الزوجة دون المرأة؛ كما في قوله تعالى: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) إيذاناً بأن هذا التوارث إنما وقع بالزوجية المقتضية للتشاكل والتناسب، والمؤمن والكافر لا تشاكل بينهما، ولا تناسب، فلا يقع بينهما التوارث. السعدي: 169.


﴿ فَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًٔا وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٩﴾] إن كرهتموهن؛ فاصبروا عليهن، ولا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها، فلعل لكم فيما تكرهونه خيراً كثيراً؛ فإن النفس ربما تكره ما يحمد، وتحب ما هو بخلافه، فليكن مطمح النظر ما فيه خير وصلاح، دون ما تهوى الأنفس؟ ا الألوسي: 4/243.


﴿ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًٔا وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٩﴾] أي: ينبغي لكم أيها الأزواج أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن؛ فإن في ذلك خيراًً كثيراً؛ من ذلك: امتثال أمر الله، وقبول وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة، ومنها: أن إجباره نفسه -مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، والتخلق بالأخلاق الجميلة، وربما أن الكراهة تزول، وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك، وربما رزق منها ولدًا صالحًا، نفع والديه في الدنيا والآخرة. السعدي: 172.


﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٩﴾] الخطاب للجميع؛ إذ لكل أحد عِشرة؛ زوجاً كان، أو ولياً، ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج، وهو مثل قوله تعالى: (فإمساك بمعروف)؛ وذلك توفية حقها من المهر والنفقة، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون منطلقاً في القول، لا فظاً، ولا غليظاً، ولا مظهراً ميلاً إلى غيرها. القرطبي: 6/159.


﴿ إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٍ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٧﴾] أي: جهالة منه بعاقبتها، وإيجابها لسخط الله وعقابه، وجهل منه بنظر الله ومراقبته له، وجهل منه بما تؤول إليه من نقص الإيمان، أو إعدامه؛ فكل عاص لله فهو جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالماً بالتحريم. السعدي: 171.


﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦﴾] (رحيما) أي: يخص من يشاء من عباده بالتوفيق لما يرضاه له، فتخلَّقوا بفعله سبحانه، وارحموا المذنبين إذا تابوا، ولا يكن أذاكم لهم إلا لله؛ ليرجعوا، وليكن أكثر كلامكم لهم الوعظ بما يقبل بقلوبهم. البقاعي: 2/226.

﴿ وَٱلَّٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥﴾] أي: الزنا، ووصفها بالفاحشة لشناعتها وقبحها. السعدي: 171.

﴿ وَٱلَّٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُوا ۟ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥﴾] قيل: إنما جعل شهداء الزنا أربعة تغليظا على المدعي، وسترا على العباد. ابن جزي: 1/179.


﴿ وَأَن تَجْمَعُوا۟ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٣﴾] ذكر الله الجمع بين الأختين، وحَرَّمه... وذلك لما في ذلك من أسباب التقاطع بين الأرحام. السعدي: 174.


﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَٰلَٰتُكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٣﴾] فمرجع تحريم هؤلاء المحرمات إلى قاعدة المروءة التابعة لكلية حفظ العرض، من قسم المناسب الضروري، وذلك من أوائل مظاهر الرقي البشري. ابن عاشور: 4/289.


https://akhawat.islamway.net/forum/uploads/monthly_2025_02/image.png.3126059048735822ad0c 6c9c8457ccda.png (https://akhawat.islamway.net/forum/uploads/monthly_2025_02/image.png.3126059048735822ad0c 6c9c8457ccda.png)



﴿ وَلَا تَنكِحُوا۟ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَمَقْتًا وَسَآءَ سَبِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٢﴾] الفاحشة تتناول العقود الفاحشة، كما تتناول المباشرة بالفاحشة. ابن تيمية: 2/222.

﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُۥ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢١﴾] لما مضى في الآية المتقدمة حكم الفراق الذي سببه المرأة، وأن للزوج أخذ المال منها عقب ذلك بذكر الفراق الذي سببه الزوج، وبين أنه إذا أراد الطلاق من غير نشوز وسوء عشرة؛ فليس له أن يطلب منها مالا. القرطبي: 6/170.


﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُۥ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢١﴾] والميثاق الغليظ الذي أخذه للنساء على الرجال: إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان. الطبري: 8/127.


﴿ وَإِنْ أَرَدتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَىٰهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا۟ مِنْهُ شَيْـًٔا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ ۥ بُهْتَٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٠﴾] وإنما جعل هذا الأخذ بهتانا لأنهم كان من عادتهم إذا كرهوا المرأة وأرادوا طلاقها رموها بسوء المعاشرة، واختلقوا عليها ما ليس فيها، لكي تخشى سوء السمعة فتبذل للزوج مالا فداء ليطلقها. ابن عاشور:4/ 289.

﴿ وَإِنْ أَرَدتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَىٰهُنَّ قِنطَارً ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٠﴾] الأفضل واللائق الاقتداء بالنبي ﷺ في تخفيف المهر. السعدي: 173.



﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٦﴾] (ويتوب عليكم) أي: يلطف بكم في أحوالكم وما شرعه لكم، حتى تتمكنوا من الوقوف على ما حده الله، والاكتفاء بما أحله، فتقل ذنوبكم بسبب ما يسر الله عليكم؛ فهذا من توبته على عباده. ومن توبته عليهم أنهم إذا أذنبوا فتح لهم أبواب الرحمة، وأوزع قلوبهم الإنابة إليه والتذلل بين يديه، ثم يتوب عليهم بقبول ما وفقهم له. السعدي:175.


﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٦﴾] أي: يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين لتقتدوا بهم. ابن جزي: 1/186.


﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٦﴾] أي: (ليبين لكم) أمر دينكم ومصالح أمركم، وما يحل لكم وما يحرم عليكم؛ وذلك يدل على امتناع خلو واقعة عن حكم الله تعالى، ومنه قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) [الأنعام: 38] القرطبي: 6/244.

﴿ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِىَ ٱلْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ وَأَن تَصْبِرُوا۟ خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٥﴾] وختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين: (الغفور) و(الرحيم) لكون هذه الأحكام رحمة بالعباد، وكرماًً وإحساناًً إليهم؛ فلم يضيق عليهم، بل وَسَّع عليهم غاية السعة. ولعل في ذكر المغفرة بعد ذكر الحد إشارة إلى أن الحدود كفارات؛ يغفر الله بها ذنوب عباده، كما ورد بذلك الحديث. السعدي: 175.


﴿ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِىَ ٱلْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ وَأَن تَصْبِرُوا۟ خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٥﴾] قيل: أصل العنت انكسار العظم بعد الجبر؛ فاستعير لكل مشقة وضرر يعتري الإنسان بعد صلاح حاله، ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم بارتكاب أفحش القبائح. الألوسي: 5/12.


﴿ ۚ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّنۢ بَعْضٍ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٥﴾] أي: لا تتعرضوا للباطن في الإيمان، وخذوا بالظاهر؛ فإن الله أعلم بإيمانكم. البغوي: 1/509.


﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٤﴾] كل ما لم يذكر في هذه الآية فإنه حلال طيب؛ فالحرام محصور، والحلال ليس له حد ولا حصر؛ لطفاً من الله ورحمة، وتيسيراً للعباد. السعدي: 174.


﴿ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُوا۟ ۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٢﴾] عبر عن فضل الله بالاكتساب تأكيداًً لاستحقاق كل منهما لنصيبه، وتقوية لاختصاصه؛ بحيث لا يتخطاه إلى غيره؛ فإن ذلك مما يوجب الانتهاء عن التمني المذكور، فلكلٍّ حظٌ من الثواب على حسب ما كلفه الله تعالى من الطاعات بحسن تدبيره. الألوسي: 5/19.

﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا۟ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٢﴾] فنهى الله تعالى عن التمني لما فيه من دواعي الحسد. والحسد أن يتمنى زوال النعمة عن صاحبه -سواء تمناها لنفسه أم لا- وهو حرام، والغبطة أن يتمنى لنفسه مثل ما لصاحبه؛ وهو جائز. قال الكلبي: لا يتمنى الرجل مال أخيه ولا امرأته ولا خادمه، ولكن ليقل اللهم ارزقني مثله. البغوي: 1/517.

يتبع


امانى يسرى محمد
2025-04-02, 03:25 PM
﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا۟ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُوا۟ ۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ ۚ وَسْـَٔلُوا۟ ٱللَّهَ مِن فَضْلِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٢﴾] (ولا تتمنوا...) الآية: سببها أن النساء قلن: ليتنا استوينا مع الرجال في الميراث، وشاركناهم في الغزو؛ فنزلت نهيا عن ذلك؛ لأن في تمنيهم ردّ على حكم الشريعة، فيدخل في النهي تمني مخالفة الأحكام الشرعية كلها. ابن جزي: 1/187.


﴿ إِن تَجْتَنِبُوا۟ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـَٔاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣١﴾] قال ابن عباس: الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار، أو لعنة، أو غضب. ابن جزي: 1/187.


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَأْكُلُوٓا۟ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٩﴾] وهذه الآية أدل دليل على فساد قول الجهلة من المتصوفة المنكرين طلب الأقوات بالتجارات والصناعات. القرطبي: 6/250.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَأْكُلُوٓا۟ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ ﴾ إلى قوله ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا۟ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٩﴾] لما نهى الله تعالى عن أكل أموال الناس بالباطل، وقتل الأنفس عقبه بالنهي عما يؤدي إليه من الطمع في أموالهم؛ نهاهم أولا عن التعرض لأموالهم بالجوارح، ثم عن التعرض لها بالقلب على سبيل الحسد؛ لتطهر أعمالهم الظاهرة والباطنة. الألوسي: 5/19.

﴿ وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُوا۟ مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٢٧﴾] فإذا عرفتم أن الله يأمركم بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم، وأن هؤلاء المتبعين لشهواتهم يأمرونكم بما فيه غاية الخسار والشقاء؛ فاختاروا لأنفسكم أَولى الداعيين، وتخيروا أحسن الطريقتين. السعدي: 175.

﴿ وَٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا۟ بِهِۦ شَيْـًٔا ۖ وَبِٱلْوَٰلِدَي ْنِ إِحْسَٰنًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٤﴾] قال العلماء: فأحق الناس بعد الخالق المنان بالشكر والإحسان، والتزام البر والطاعة له والإذعان: من قرن الله الإحسان إليه بعبادته وطاعته، وشكره بشكره؛ وهما الوالدان. القرطبي: 6/302.

﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٤﴾] تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب؛ فإن الله العلي الكبير، وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن. ابن كثير: 1/467.

﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا۟ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرً ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٤﴾] تجاوزوا أنتم عن سيئات أزواجكم، واعفوا عنهن إذا تبن، أو أنه تعالى قادر على الانتقام منكم، غير راض بظلم أحد، أو أنه سبحانه -مع علوه المطلق وكبريائه- لم يكلفكم إلا ما تطيقون؛ فكذلك لا تكلفوهن إلا ما يطقن. الألوسي: 5/26.

﴿ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٤﴾] يحفظن أنفسهن وفروجهن في حالة غيبة أزواجهن، وكذلك ما يجب حفظه في النفس والمال، وحافظات لأسرار أزواجهن؛ أي: ما يقع بينهم وبينهن في الخلوة. الألوسي: 5/24.

﴿ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٤﴾] وذلك بحفظ الله لهن، وتوفيقه لهن، لا من أنفسهن؛ لأن النفس أمَّارة بالسوء، ولكن من توكل على الله كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه. السعدي: 177.

﴿ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٤﴾] أي: النساء الصالحات في دينهن مطيعات لأزواجهن، أو مطيعة لله في حق أزواجهن (حافظات للغيب)أي: تحفظ كل ما غاب عن علم زوجها؛ فيدخل في ذلك صيانة نفسها وحفظ ماله وبيته، وحفظ أسراره. (بما حفظ الله) أي: بحفظ الله ورعايته، أو بأمره للنساء أن يطعن الزوج ويحفظنه. ابن جزي: 1/188.

﴿ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٣٤﴾] فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات؛ كالجهاد، والأعياد، والجُمَع، وبما خصهم الله به من العقل، والرزانة، والصبر، والجََلََد الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات، بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال، ويتميزون عن النساء. السعدي: 177.


﴿ فَتَيَمَّمُوا۟ صَعِيدًا طَيِّبًا فَٱمْسَحُوا۟ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٣﴾] وقوله: (إن الله كان عفواً غفوراً) تذييل لحكم الرخصة؛ إذ عفا عن المسلمين فلم يكلفهم الغسل أو الوضوء عند المرض، ولا ترقب وجود الماء عند عدمه، حتى تكثر عليهم الصلوات؛ فيعسر عليهم القضاء. ابن عاشور: 5/71.


﴿ فَتَيَمَّمُوا۟ صَعِيدًا طَيِّبًا فَٱمْسَحُوا۟ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٣﴾] وأحسب أن حكمة تشريعه تقرير لزوم الطهارة في نفوس المؤمنين، وتقرير حرمة الصلاة، وترفيع شأنها في نفوسهم، فلم تترك لهم حالة يعدون فيها أنفسهم مصلين بدون طهارة؛ تعظيما لمناجاة الله تعالى. ابن عاشور: 5/69.


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَقْرَبُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا۟ مَا تَقُولُونَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٣﴾] ويؤخذ من المعنى: منع الدخول في الصلاة في حال النعاس المفرط، الذي لا يشعر صاحبه بما يقول ويفعل، بل لعل فيه إشارة إلى أنه ينبغي لمن أراد الصلاة أن يقطع عنه كل شاغل يشغل فكره؛ كمدافعة الأخبثين، والتَّوق لطعامٍ ونحوه. السعدي: 179.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَقْرَبُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا۟ مَا تَقُولُونَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٣﴾] رمز إلى أنه ينبغي للمصلي أن يتحرز عما يلهيه ويشغل قلبه، وأن يزكي نفسه عما يدنسها؛ لأنه إذا وجب تطهير البدن فتطهير القلب أولى، أو لأنه إذا صين موضع الصلاة عمن به حدث فلأن يصان القلب عن خاطر غير طاهر ظاهر الأولوية. الألوسي: 5/401.
https://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (https://akhawat.islamway.net/forum/uploads/monthly_2025_02/image.png.94a1fffe8222939e5985 446a67ed750a.png)

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍۭ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ شَهِيدً ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤١﴾] وقال النبي ﷺ لابن مسعود : (اقرأ عليَّ القرآن) فقال: أقرأ عليك وعليك أنزل! قال: (إني أحب أن أسمعه من غيري) فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا بلغت هذه الآية: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) فقال: (حسبك)، فنظرت فإذا عيناه تذرفان بالدمع. ابن تيمية: 2/249.

﴿ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٠﴾] إلى عشرة أمثالها، إلى أكثر من ذلك؛ بحسب: حالها، ونفعها، وحال صاحبها؛ إخلاصاًً، ومحبة، وكمالاًً. السعدي: 179.

﴿ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٠﴾] قال أبو هريرة رضي الله عنه: وإذا قال الله: (أجراًً عظيماًً) فمن الذي يقدر قدره. القرطبي: 6/324.


﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ نَصِيبًا مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا۟ هَٰٓؤُلَآءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ سَبِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٥١﴾] (الجبت): السحر. و(الطاغوت): الشيطان والوثن. وهذه حال كثير من المنتسبين إلى الملة؛ يعظمون السحر والشرك، ويرجحون الكفار على كثير من المؤمنين المتمسكين بالشريعة. ابن تيمية: 2/266.

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٩﴾] هذه الآية وقوله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم) [النجم: 32] يقتضي الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله، وزكاه الله عز وجل؛ فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه، وإنما العبرة بتزكية الله له. القرطبي: 6/407-408.

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿٤٩﴾ ٱنظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٩﴾] هذا من أعظم الافتراء على الله؛ لأن مضمون تزكيتهم لأنفسهم: الإخبار بأن الله جعل ما هم عليه حقاًً، وما عليه المؤمنون المسلمون باطلاًً، وهذا أعظم الكذب، وقلب الحقائق بجعل الحق باطلاًً، والباطل حقاًً. السعدي: 182.


يتبع

امانى يسرى محمد
2025-04-02, 03:30 PM
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ ءَامِنُوا۟ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰٓ أَدْبَارِهَآ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٧﴾] قال مالك رحمه الله: «كان أول إسلام كعب الأحبار أنه مر برجل من الليل وهو يقرأ هذه الآية: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا...) فوضع كفيه على وجهه، ورجع القهقرى إلى بيته، فأسلم مكانه، وقال: والله لقد خفت ألا أبلغ بيتي حتى يطمس وجهي». القرطبي: 6/404.

﴿ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُوا۟ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٦﴾] فهذا حالهم في العلم: أشر حال؛ قلبوا فيه الحقائق، ونزلوا الحق على الباطل، وجحدوا لذلك الحق. وأما حالهم في العمل والانقياد فإنهم: (يقولون سمعنا وعصينا). السعدي: 181.


﴿ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَآئِكُم ْ ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٥﴾] فلا تلتفتوا إليهم، ولا تكونوا في فكر منهم، (وكفى بالله وليا) يلي أمركم وينفعكم بما شاء، (وكفى بالله نصيرا) يدفع عنكم مكرهم وشرهم؛ فاكتفوا بولايته ونصرته، ولا تبالوا بهم، ولا تكونوا في ضيق مما يمكرون. الألوسي: 5/45.


﴿ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَآئِكُم ْ ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٤٥﴾] (والله أعلم بأعدائكم) منكم؛ فلا تستنصحوهم؛ فإنهم أعداؤكم، (وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً). البغوي: 1/542.


﴿ فَإِن تَنَٰزَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٥٩﴾] (فردوه إلى الله والرسول): الردّ إلى الله هو النظر في كتابه، والردّ إلى الرسول ﷺ هو سؤاله في حياته، والنظر في سنته بعد وفاته. ابن جزي: 1/196.


﴿ وَأُو۟لِى ٱلْأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٥٩﴾] فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم. السعدي: 183.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُوا۟ ٱلرَّسُولَ وَأُو۟لِى ٱلْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٥٩﴾] بشرط أن لا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم، وذكره مع طاعة الرسول؛ فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله. السعدي: 184.

﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا۟ ٱلْأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُوا۟ بِٱلْعَدْلِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعًۢا بَصِيرً ﴾ [سورة النساء آية:﴿٥٨﴾] وعلى الحكام أن لا يحكموا إلا بالعدل. و(العدل) هو ما أنزل الله؛ كما قال تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا). ابن تيمية: 2/272.


﴿ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۖ لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٥٧﴾] (ظليلاً) أي: متصلاًً لا فرج فيه، منبسطاًً لا ضيق معه، دائماً لا تصيبه الشمس يوماً ما، ولا حر فيه ولا برد، بل هو في غاية الاعتدال. البقاعي: 2/270.


﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٥٦﴾] ولما كانت النار -على ما نعهده- مفنية ماحقة؛ استأنف قوله رداًً لذلك: (كلما نضجت جلودهم) أي: صارت بحرّها إلى حالة اللحم النضيج الذي أدرك أن يؤكل، فصارت كاللحم الميت الذي يكون في الجرح، فلا يحس بالألم، (بدلناهم) أي: جعلنا لهم (جلوداً غيرها) أي: غير النضيجة بدلاًً منها؛ بأن أعدناها إلى ما كانت عليه؛ كما كانوا يجددون التكذيب بذلك كل وقت؛ ليكون الجزاء من جنس العمل. البقاعي: 2/269.


﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ ۖ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ نَصِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٥٢﴾] (أولئك): هؤلاء الذين وصف صفتهم أنهم أوتوا نصيباً من الكتاب؛ وهم يؤمنون بالجبت والطاغوت، (الذين لعنهم الله)؛ يقول: أخزاهم الله؛ فأبعدهم من رحمته بإيمانهم بالجبت والطاغوت، وكفرهم بالله ورسوله؛ عنادا منهم لله ولرسوله. الطبري: 8/471.


﴿ وَقُل لَّهُمْ فِىٓ أَنفُسِهِمْ قَوْلًۢا بَلِيغًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٣﴾] أي: انصحهم سراًً بينك وبينهم؛ فإنه أنجح لحصول المقصود. السعدي: 184.

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُوا ۟ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُوا۟ ٱللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٤﴾] هذا المجيء إلى الرسول ﷺ مختص بحياته؛ لأن السياق يدل على ذلك، لكون الاستغفار من الرسول لا يكون إلا في حياته، وأما بعد موته فإنه لا يطلب منه شيء، بل ذلك شرك. السعدي: 185.


﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِىٓ أَنفُسِهِمْ قَوْلًۢا بَلِيغًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٣﴾] فما أرسلناك وغيرك من الرسل إلا للرفق بالأمة، والصفح عنهم، والدعاء لهم على غاية الجهد والنصيحة. البقاعي: 2/274.

﴿ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِىٓ أَنفُسِهِمْ قَوْلًۢا بَلِيغًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٣﴾] قال أبو جعفر: إنما هذا تعريض من الله تعالى ذكره لهؤلاء المنافقين بأن تركهم طاعة الله وطاعة رسوله والرضى بحكمه، إنما هو للسابق لهم من خذلانه وغلبة الشقاء عليهم، ولولا ذلك لكانوا ممن أذن له في الرضى بحكمه، والمسارعة إلى طاعته. الطبري: 8/516.


﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِىٓ أَنفُسِهِمْ قَوْلًۢا بَلِيغًا ﴿ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٣﴾] وفي هذا دليل على أن مقترف المعاصي، وإن أعرض عنه، فإنه ينصح سراًً، ويبالغ في وعظه بما يظن حصول المقصود به. السعدي: 184.


﴿ فَكَيْفَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌۢ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنْ أَرَدْنَآ إِلَّآ إِحْسَٰنًا وَتَوْفِيقًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٢﴾] استدل بالآية على أنه قد تصيب المصيبة بما يكتسب العبد من الذنوب. الألوسي: 5/69.


﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا۟ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيْتَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ﴿٦١﴾ فَكَيْفَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌۢ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنْ أَرَدْنَآ إِلَّآ إِحْسَٰنًا وَتَوْفِيقًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦١﴾] فإن هؤلاء إذا دعوا إلى ما أنزل الله من الكتاب وإلى الرسول - والدعاء إليه بعد وفاته هو الدعاء إلى سنته- أعرضوا عن ذلك وهم يقولون: إنا قصدنا الإحسان علماً وعملاً بهذه الطريق التي سلكناها، والتوفيق بين الدلائل العقلية والنقلية. ابن تيمية: 2/286.


﴿ وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَٰبَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَىَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدً ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٢﴾] ومعناه: يبطئ غيره؛ يثبطه عن الجهاد، ويحمله على التخلف عن الغزو، وقيل: يبطئ و يتخلف هو عن الغزو ويتثاقل. (فإن أصابتكم مصيبة) أي: قتل وهزيمة، والمعنى: أن المنافق تسره غيبته عن المؤمنين إذا هزموا. ابن جزي: 1/198.


﴿ وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَٰبَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَىَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٢﴾] (لمن ليبطئن) أي: يتثاقل في نفسه عن الجهاد؛ لضعفه في الإيمان، أو نفاقه، ويأمر غيره بذلك أمراًً مؤكداًً؛ إظهارًاً للشفقة عليكم، وهو عين الغش؛ فإنه يثمر الضعف المؤدي إلى جرأة العدو، المفضي إلى التلاشي. البقاعي: 2/278.


﴿ ذَٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمً ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٠﴾] وفيه بيان أنهم لم ينالوا تلك الدرجة بطاعتهم، وإنما نالوها بفضل الله عز وجل. البغوي: 1/560.


﴿ ذَٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٠﴾] أي: ذلك الفضل العظيم كائن من الله تعالى لا من غيره... أو كائن من الله تعالى لا أن أعمال العباد توجبه. (وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً) بثواب من أطاعه، وبمقادير الفضل، واستحقاق أهله. الألوسي: 5/79.

يتبع

امانى يسرى محمد
2025-04-02, 10:51 PM
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا۟ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٦﴾] وَالْعَبْد إِذا عمل بِمَا علم؛ أورثه الله علم مَا لم يعلم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً). ابن تيمية: 2/293.

﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُوا۟ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٦﴾] فأخبر سبحانه أنه لم يكتب ذلك علينا رفقاً بنا؛ لئلا تظهر معصيتنا؛ فكم من أمر قصرنا عنه مع خفته، فكيف بهذا الأمر مع ثقله؟ لكن أما والله لقد ترك المهاجرون مساكنهم خاوية، وخرجوا يطلبون بها عيشة راضية. القرطبي: 6/446.

﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُوا۟ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٦﴾] يخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس من: قتل النفوس والخروج من الديار؛ لم يفعله إلا القليل منهم والنادر، فليحمدوا ربهم، وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد، ولا يشق فعلها، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي أن يلحظ العبدُ ضد ما هو فيه من المكروهات لتخف عليه العبادات. السعدي: 185.

﴿ فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٨﴾] وفي ضمن ذلك مدح من يفهم عن الله وعن رسوله، والحث على ذلك، وعلى الأسباب المعينة على ذلك من الإقبال على كلامهما وتدبره، وسلوك الطرق الموصلة إليها. السعدي: 189.


﴿ قُلْ مَتَٰعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٧﴾] ومتاع الدنيا منفعتها والاستمتاع بلذاتها، وسماه قليلاً لأنه لا بقاء له، وقال النبي ﷺ: (مثلي ومثل الدنيا كراكب قال قيلولة تحت شجرة ثم راح وتركها). القرطبي: 6/463.


﴿ ۚ وَقَالُوا۟ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ لَوْلَآ أَخَّرْتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَٰعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٧﴾] أي: ولو فرض أنه مدّ في آجالكم إلى أن تملوا الحياة، فإن كل منقطع قليل، مع أن نعيمها غير محقق الحصول، وإن حصل كان منغصاًً بالكدورات. البقاعي: 2/283.

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوٓا۟ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٧﴾] لعل أمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة [تنبيه] على أن الجهاد مع النفس مقدم، وما لم يتمكن المسلم في الانقياد لأمر الله تعالى بالجود بالمال لا يكاد يتأتى منه الجود بالنفس، والجود بالنفس أقصى غاية الجود. الألوسي: 5/85.

﴿ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٦﴾] والمراد بكيد الشيطان تدبيره؛ وهو ما يظهر على أنصاره من الكيد للمسلمين والتدبير لتأليب الناس عليهم. ابن عاشور: 5/124.

﴿ فَقَٰتِلُوٓا۟ أَوْلِيَآءَ ٱلشَّيْطَٰنِ ۖ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٦﴾] وإنما وصفهم جل ثناؤه بالضعف لأنهم لا يقاتلون رجاء ثواب، ولا يتركون القتال خوف عقاب، وإنما يقاتلون حمية، أو حسداً للمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله، والمؤمنون يقاتل من قاتل منهم رجاء العظيم من ثواب الله، ويترك القتال إن تركه على خوف من وعيد الله في تركه؛ فهو يقاتل على بصيرة بما له عند الله إن قتل، وبما له من الغنيمة والظفر إن سلم، والكافر يقاتل على حذر من القتل، وإياس من معاد. الطبري: 8/547.

﴿ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓا۟ أَوْلِيَآءَ ٱلشَّيْطَٰنِ ۖ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٦﴾] بحسب إيمان العبد يكون جهاده في سبيل الله، وإخلاصه، ومتابعته، فالجهاد في سبيل الله من آثار الإيمان ومقتضياته ولوازمه، كما أن القتال في سبيل الطاغوت من شعب الكفر ومقتضياته. السعدي: 187.

﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا۟ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَسِيبًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٦﴾] تعليم لنوع من مكارم الاخلاق ومحاسن الأعمال؛ فالمعنى: إذا مَنَّ الله تعالى عليكم بعطية فابذلوا الأحسن من عطاياه، أو تصدقوا بما أعطاكم، وردوه إلى الله تعالى على يد المستحقين، والله تعالى خير الموفقين. الألوسي: 5/104.

﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا۟ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَسِيبًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٦﴾] ما أحسن جعلها تالية لآية الجهاد؛ إشارة إلى أن من بذل السلام وجب الكف عنه ولو كان في الحرب، وأن من مقتضيات هاتين الآيتين أن مبنى هذه السورة على الندب إلى الإحسان والتعاطف والتواصل، ومن أعظمه القول اللين؛ لأنه ترجمان القلب الذي به العطف، ومن أعظم ذلك الشفاعة والتحية. البقاعي: 2/292.

﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُۥ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٥﴾] الشفاعة الحسنة هي الإصلاح بين الناس، والشفاعة السيئة هي المشي بالنميمة بين الناس. البغوي: 1/568
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/04/3.jpg (https://akhawat.islamway.net/forum/uploads/monthly_2025_02/image.png.9397496fc72052089e2e 5142d715ccd3.png)

﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُۥ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٥﴾] الشفاعة الحسنة هي: الشفاعة في مسلم لتفرج عنه كربة، أو تدفع مظلمة، أو تجلب إليه خيراً، والشفاعة السيئة بخلاف ذلك. ابن جزي: 1/201.

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًا كَثِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٢﴾] أي: تناقضاً كما في كلام البشر، أو تفاوتاً في الفصاحة. لكن القرآن منزّه عن ذلك؛ فدل على أنه كلام الله. وإن عرضت لأحد شبهة وظن اختلافاً في شيء من القرآن، فالواجب أن يتهم نظره ويسأل أهل العلم، ويطالع تآليفهم حتى يعلم أن ذلك ليس باختلاف. ابن جزي: 1/200.

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًا كَثِيرً ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٢﴾] ودلت هذه الآية، وقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) [محمد: 24] على وجوب التدبر في القرآن ليُعرف معناه. القرطبي: 6/477.

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٢﴾] من فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين. السعدي: 190.
﴿ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَٰتَلُوكُم ْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٠﴾] تسليط الله تعالى المشركين على المؤمنين هو بأن يقدرهم على ذلك، ويقويهم؛ إما عقوبة ونقمة عند إذاعة المنكر وظهور المعاصي، وإما ابتلاء واختباراً... وإما تمحيصاًً للذنوب. القرطبي: 6/511.

﴿ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٩﴾] (فإن تولوا) أي: أعرضوا عن المهاجرة. وهذا إنذار لهم قبل مؤاخذتهم، إذ المعنى: فأبلغوهم هذا الحكم فإن أعرضوا عنه ولم يتقبلوه فخذوهم واقتلوهم، وهذا يدل على أن من صدر منه شيء يحتمل الكفر لا يؤاخذ به حتى يُتَقدَّم له، ويُعَرَّف بما صدر منه، ويعذر إليه، فإن التزمه يؤاخذ به، ثم يستتاب. ابن عاشور: 5/152.

﴿ فَلَا تَتَّخِذُوا۟ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٩﴾] وهذا يستلزم عدم محبتهم؛ لأن الولاية فرع المحبة، ويستلزم أيضاًً بغضهم وعداوتهم؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده. السعدي: 192.

﴿ فَمَا لَكُمْ فِى ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓا۟ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٧﴾] وقد جعل الله ردهم إلى الكفر جزاءً لسوء اعتقادهم، وقلة إخلاصهم مع رسوله ﷺ؛ فإن الأعمال تتوالد من جنسها؛ فالعمل الصالح يأتي بزيادة الصالحات، والعمل السيء يأتي بمنتهى المعاصي. ابن عاشور: 5/150.
﴿ فَمَا لَكُمْ فِى ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓا۟ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٨﴾] أي: فما لكم تفرقتم في أمر المنافقين فِئَتَيْنِ -أي: فرقتين- ولم تتفقوا على التبرؤ منهم؟ والاستفهام للإنكار والنفي، والخطاب لجميع المؤمنين، لكن ما فيه من معنى التوبيخ متوجه إلى بعضهم؛ وذلك أن فرقة من المؤمنين كانت تميل إليهم، وتذب عنهم، وتواليهم، وفرقة منهم تباينهم وتعاديهم، فنهوا عن ذلك، وأمروا بأن يكونوا على نهج واحد في التباين والتبرؤ منهم؛ لأن دلائل نفاقهم وكفرهم ظاهرة جلية. القاسمي: 1/200.

﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٧﴾] إخبار بأن حديثه وأخباره وأقواله في أعلى مراتب الصدق، بل أعلاها؛ فكل ما قيل في العقائد والعلوم والأعمال مما يناقض ما أخبر الله به فهو باطل؛ لمناقضته للخبر الصادق اليقيني، فلا يمكن أن يكون حقاً. السعدي: 191.


يتبع

امانى يسرى محمد
2025-04-02, 10:58 PM
﴿ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُ مْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۗ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٧﴾] الكاذب إنما يكذب ليجتلب بكذبه إلى نفسه نفعاً، أو يدفع به عنها ضراً، والله -تعالى ذكره- خالق الضر والنفع، فغير جائز أن يكون منه كذب. الطبري: 8/593.

﴿ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] أي: فكما هداكم بعد ضلالكم فكذلك يهدي غيركم، وكما أن الهداية حصلت لكم شيئاً فشيئاً، فكذلك غيركم. فنظر الكامل لحاله الأولى الناقصة، ومعاملته لمن كان على مثلها بمقتضى ما يعرف من حاله الأولى، ودعاؤه له بالحكمة والموعظة الحسنة من أكبر الأسباب لنفعه وانتفاعه. السعدي: 195.
﴿ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوٓا۟ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] وهذه تربية عظيمة؛ وهي أن يستشعر الإنسان عند مؤاخذته غيره أحوالا كان هو عليها تساوي أحوال من يؤاخذه؛ كمؤاخذة المعلم التلميذ بسوء إذا لم يقصر في إعمال جهده، وكذلك هي عظيمة لمن يمتحنون طلبة العلم؛ فيعتادون التشديد عليهم وتطلب عثراتهم. ابن عاشور: 5/168.

﴿ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَوٰةِٱلدّ ُنْيَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] (تبتغون) أي: حال كونكم تطلبونه طلبا حثيثا بقتله. (عرض الحياة الدنيا) أي: بأخذ ما معه من الحطام الفاني، والعرض الزائل، أو بإدراك ثأر كان لكم قبله؛ روى البخاري في التفسير، ومسلم في آخر كتابه عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) قال: كان رجل في غُنَيْمَةٍ له، فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته، فأنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك إلى قوله: (عرض الحياة الدنيا). البقاعي: 2/299.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُوا۟ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] (فَتَبَيَّنوا) أي: اطلبوا بالتأني والتثبت بيان الأمور والثبات في تلبسها، والتوقف الشديد عند منالها؛ وذلك بتميز بعضها من بعض، وانكشاف لبسها غاية الانكشاف، ولا تقدموا إلا على ما بان لكم. (ولا تقولوا) قولاً،فضلاً عما هو أعلى منه، لمن (ألقى) أي: كائنا من كان (إليكم السلام) أي: بادر بأن حيَّاكم بتحية الإسلام، ملقياً قياده(لست مؤمناً). البقاعي: 2/299.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُوا۟ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] (فَتَبَيَّنوا) أي: اطلبوا بالتأني والتثبت بيان الأمور والثبات في تلبسها، والتوقف الشديد عند منالها؛ وذلك بتميز بعضها من بعض، وانكشاف لبسها غاية الانكشاف، ولا تقدموا إلا على ما بان لكم. (ولا تقولوا) قولاً،فضلاً عما هو أعلى منه، لمن (ألقى) أي: كائنا من كان (إليكم السلام) أي: بادر بأن حيَّاكم بتحية الإسلام، ملقياً قياده(لست مؤمناً). البقاعي: 2/299.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُوا۟ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] وفي هذا من الفقه باب عظيم؛ وهو أن الأحكام تناط بالمظان والظواهر لا على القطع واطلاع السرائر. القرطبي: 7/51.

https://majles.alukah.net/imgcache/2025/04/3.jpg (https://akhawat.islamway.net/forum/uploads/monthly_2025_02/image.png.9397496fc72052089e2e 5142d715ccd3.png)

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَـًٔا ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٢﴾] في هذا: الإخبار بشدة تحريمه، وأنه مناف للإيمان أشد منافاة، وإنما يصدر ذلك إما من كافر، أو من فاسق قد نقص إيمانه نقصاً عظيماً، ويخشى عليه ما هو أكبر من ذلك؛ فإن الإيمان الصحيح يمنع المؤمن من قتل أخيه الذي قد عقد الله بينه وبينه الأخوة الإيمانية التي من مقتضاها محبته وموالاته، وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى؛ وأي أذى أشد من القتل؟. السعدي: 192.

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَـًٔا ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَـًٔا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُوا۟ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٢﴾] لما كان الخطأ مرفوعاً عن هذه الأمة، فكان لذلك يظن أنه لا شيء على المخطئ؛ بيَّن أن أمر القتل ليس كذلك؛ حفظاًً للنفوس؛ لأن الأمر فيها خطر جداًً، فقال مغلظاً عليه، حثاً على زيادة النظر والتحري عند فعل ما قد يقتل: (فتحرير) أي: فالواجب عليه تحرير (رقبة) أي: نفس؛ عبر بها عنها لأنها لا تعيش بدونها. البقاعي: 2/297.

﴿ وَمَن يَخْرُجْ مِنۢ بَيْتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٠﴾] المهاجر له إحدى الحسنيين: إما أن يرغم أنف أعداء الله ويذلهم بسبب مفارقته لهم، واتصاله بالخير والسعة، وإما أن يدركه الموت ويصل إلى السعادة الحقيقية والنعيم الدائم. الألوسي: 5/128.

﴿ وَمَن يَخْرُجْ مِنۢ بَيْتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٠﴾] كل من نوى خيراًً ولم يدركه فهو موفيه إياه توفية ما يلتزمه الكريم. البقاعي: 2/305.

﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِدْ فِى ٱلْأَرْضِ مُرَٰغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِنۢ بَيْتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٠﴾] رغب في الهجرة بما يسلي عما قد يوسوس به الشيطان من أنه لو فارق رفاهية الوطن وقع في شدة الغربة، وأنه ربما تجشم المشقة فاخترم قبل بلوغ القصد. البقاعي: 2/304.

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِىٓ أَنفُسِهِمْ قَالُوا۟ فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا۟ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ قَالُوٓا۟ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةً فَتُهَاجِرُوا۟ فِيهَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٧﴾] أي: ألم تكونوا متمكنين قادرين على الهجرة والتباعد ممن كان يستضعفكم؟! وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي. القرطبي: 7/64.

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِىٓ أَنفُسِهِمْ قَالُوا۟ فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا۟ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ قَالُوٓا۟ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةً فَتُهَاجِرُوا۟ فِيهَا ۚ فَأُو۟لَٰٓئِكَ مَأْوَىٰهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٧﴾] نزلت في قوم من أهل مكة كانوا قد أسلموا حين كان الرسول ﷺ بمكة، فلما هاجر أقاموا مع قومهم بمكة، ففتنوهم فارتدوا، وخرجوا يوم بدر مع المشركين؛ فكثروا سواد المشركين، فقتلوا ببدر كافرين، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، ولكنهم أكرهوا على الكفر والخروج، فنزلت هذه الآية فيهم. رواه البخاري عن ابن عباس. ابن عاشور: 5/174.


يتع

امانى يسرى محمد
2025-04-03, 03:23 PM
﴿ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٩٥﴾ دَرَجَٰتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٥﴾] تأمل حسن هذا الانتقال من حالة إلى أعلى منها؛ فإنه نفى التسوية أولاًً بين المجاهد وغيره، ثم صرَّح بتفضيل المجاهد على القاعد بدرجة، ثم انتقل إلى تفضيله بالمغفرة والرحمة والدرجات. السعدي: 195.



﴿ وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٥﴾] إذا فَضَّلَ الله تعالى شيئاًً على شيء، وكل منهما له فضل، احترز بذكر الفضل الجامع للأمرين؛ لئلا يتوهم أحدٌ ذَم المفضل عليه؛ كما قال هنا: (وكلاًًّ وعد الله الحسنى). السعدي: 195.



﴿ وَلَا تَكُن لِّلْخَآئِنِين َ خَصِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٥﴾] قال العلماء: ولا ينبغي إذا ظهر للمسلمين نفاق قوم أن يجادل فريق منهم فريقاً عنهم ليحموهم ويدفعوا عنهم؛ فإن هذا قد وقع على عهد النبي ﷺ، وفيهم نزل قوله تعالى: (ولا تكن للخائنين خصيماً). القرطبي: 7/116.



﴿ وَلَا تَهِنُوا۟ فِى ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا۟ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٤﴾] إن الألم لا ينبغي أن يمنعكم؛ لأن لكم خوفا من الله تعالى ينبغي أن يحترز عنه فوق الاحتراز عن الألم، وليس لهم خوف يلجئهم الى الألم، وهم يختارونه لإعلاء دينهم الباطل، فما لكم والوهن. الألوسي: 5/138.




﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ قِيَٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٣﴾] يأمر الله تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف، وإن كان مشروعاًً مرغباً فيه أيضاً بعد غيرها، ولكن ههنا آكد؛ لما وقع فيها من التخفيف في أركانها، ومن الرخصة في الذهاب والإياب، وغير ذلك مما ليس يوجد في غيرها. ابن كثير: 1/521.

﴿ وَخُذُوا۟ حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَٰفِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٢﴾] لما كان الأمر بالحذر من العدو موهما لغلبته واعتزازه؛ نفى ذلك الإيهام بالوعد بالنصر، وخذلان العدو؛ لتقوى قلوب المأمورين، ويعلموا أن التحرز في نفسه عبادة. الألوسي: 5/137.


﴿ فَإِذَا سَجَدُوا۟ فَلْيَكُونُوا۟ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا۟ فَلْيُصَلُّوا۟ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا۟ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُم ْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٢﴾] هذه الآية تدل على أن صلاة الجماعة فرض عين من وجهين: أحدهما: أن الله تعالى أمر بها في هذه الحالة الشديدة؛ وقت اشتداد الخوف من الأعداء وحَذَرْ مهاجمتهم؛ فإذا أوجبها في هذه الحالة الشديدة فإيجابها في حالة الطمأنينة والأمن من باب أولى وأحرى. والثاني: أن المصلين صلاة الخوف يتركون فيها كثيراًً من الشروط واللوازم، ويعفى فيها عن كثير من الأفعال المبطلة في غيرها، وما ذاك إلا لتأكد وجوب الجماعة؛ لأنه لا تعارض بين واجب ومستحب، فلولا وجوب الجماعة لم تترك هذه الأمور اللازمة لأجلها. السعدي: 198.



﴿ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا۟ فَلْيُصَلُّوا۟ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا۟ حِذْرَهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٢﴾] وتدل الآية الكريمة على أن الأَوْلَى والأفضل أن يصلوا بإمام واحد، ولو تضمن ذلك الإخلال بشيء لا يخل به لو صَلُّوها بعدة أئمة؛ وذلك لأجل اجتماع كلمة المسلمين واتفاقهم، وعدم تفرق كلمتهم، وليكون ذلك أوقع هيبة في قلوب أعدائهم. السعدي: 198.



﴿ وَلْيَأْخُذُوا۟ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُم ْ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٢﴾] وهذا يدل على تأكيد التأهب والحذر من العدو في كل الأحوال، وترك الاستسلام؛ فإن الجيش ما جاءه مصاب قط إلا من تفريط في حذر. القرطبي: 7/109.



﴿ وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١١﴾] (وكان الله عليماً حكيماً) ومن علمه وحكمته أنه يعلم الذنب وما صدر منه، والسبب الداعي لفعله، والعقوبة المترتبة على فعله، ويعلم حالة المذنب؛ أنه إن صدر منه الذنب بغلبة دواعي نفسه الأمارة بالسوء مع إنابته إلى ربه في كثير من أوقاته، أنه سيغفر له، ويوفقه للتوبة، وإن صدر منه بتجرؤه على المحارم؛ استخفافا بنظر ربه، وتهاونا بعقابه، فإن هذا بعيد من المغفرة، بعيد من التوفيق للتوبة. السعدي: 201.



﴿ وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١١﴾] لكن إذا ظهرت السيئات فلم تُنكَر عَمَّت عقوبتُها، وشمل إثمُها، فلا تخرج أيضاًً عن حكم هذه الآية الكريمة؛ لأن من ترك الإنكار الواجب فقد كسب سيئة. السعدي: 201.



https://majles.alukah.net/imgcache/2025/04/4.jpg (https://akhawat.islamway.net/forum/uploads/monthly_2025_02/image.png.70ec56f8ed74d5b5c834 21e31b2f5232.png)



﴿ أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُۥ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٠﴾] وسمي ظلم النفس ظلماًً؛ لأن نفس العبد ليست ملكاً له يتصرف فيها بما يشاء، وإنما هي ملك لله تعالى؛ قد جعلها أمانة عند العبد، وأمره أن يقيمها على طريق العدل، بإلزامها للصراط المستقيم علماًً وعملاًً، فيسعى في تعليمها ما أمر به، ويسعى في العمل بما يجب؛ فسعيه في غير هذا الطريق ظلم لنفسه وخيانة، وعدول بها عن العدل. السعدي: 201.



﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوٓءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُۥ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٠﴾] وروي عن علي-رضي الله عنه- أنه قال:...حدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر- قال: ما من عبد يذنب ذنباً ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله إلا غفر له، ثم تلا هذه الآية: (ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً). القرطبي: 7/117.



﴿ وَلَا تُجَٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٧﴾] جعلت خيانة الغير خيانة لأنفسهم؛ لأن وبالها وضررها عائد عليهم. الألوسي: 5/140.



﴿ وَلَا تُجَٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٧﴾] (يختانون أنفسهم): يظلمونها باكتساب المعاصي وارتكاب الآثام... (إن الله لا يحب من كان خواناً أثيما) كثير الخيانة، مفرطاً فيها، أثيما... وقال أبو حيان: أتى بصيغة المبالغة فيهما ليخرج منه من وقع منه الإثم والخيانة مرة، ومن صدر منه ذلك على سبيل الغفلة وعدم القصد. الألوسي: 5/141.



﴿ وَلَا تُجَٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٧﴾] فإن الخوان هو: الذي تتكرر منه الخيانة، والأثيم هو: الذي يقصدها، فيخرج من هذا التشديد: الساقط مرة واحدة، ونحو ذلك مما يجيء من الخيانة بغير قصد أو على غفلة. ابن عطية: 2/110.




﴿ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٠﴾] أي: تزييناًً بالباطل، خداعاًً ومكراًً وتلبيساًً، إظهاراًً لما لا حقيقة له -أو له حقيقة سيئة- في أبهى الحقائق، وأشرفها، وألذها إلى النفس، وأشهاها إلى الطبع؛ فإن مادة «غر» و«رغ» تدل على الشرف والحسن ورفاهة العيش. البقاعي: 2/321.



﴿ وَلَءَامُرَنَّه ُمْ فَلَيُغَيِّرُنّ َ خَلْقَ ٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٩﴾] وذلك يتضمن: التسخط من خلقته، والقدح في حكمته، واعتقاد أن ما يصنعون بأيديهم أحسن من خلقة الرحمن، وعدم الرضا بتقديره وتدبيره. السعدي: 204.


﴿ وَلَأُضِلَّنَّه ُمْ وَلَأُمَنِّيَنّ َهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٩﴾] قيل: أمنيهم ركوب الأهواء، وقيل: أمنيهم ألا جنة ولا نار ولا بعث، وقيل: أمنيهم إدراك الآخرة مع ركوب المعاصي. البغوي: 1/600.




يتبع

امانى يسرى محمد
2025-04-03, 03:32 PM
﴿ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٨﴾] فإن قال قائل: وكيف يتخذ الشيطان من عباد الله نصيباً مفروضاً؟ قيل: يتخذ منهم ذلك النصيب بإغوائه إياهم عن قصد السبيل، ودعائه إياهم إلى طاعته، وتزيينه لهم الضلالَ والكفر؛ حتى يزيلهم عن منهج الطريق، فمن أجاب دعاءَه واتَّبع ما زينه له فهو من نصيبه المعلوم، وحظّه المقسوم. الطبري: 9/212.


﴿ وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٥﴾] (ويتبع غير سبيل المؤمنين) استدل الأصوليون بها على صحة إجماع المسلمين، وأنه لا يجوز مخالفته؛ لأن من خالفه اتبع غير سبيل المؤمنين. ابن جزي: 1/210.

﴿ أَوْ إِصْلَٰحٍۭ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٤﴾] النِّزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره، فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء، والأموال، والأعراض، بل وفي الأديان. السعدي: 202.


﴿ لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَىٰهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَٰحٍۭ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٤﴾] قال الأوزاعي: ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة إصلاح ذات البين، ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار. القرطبي: 7/129.

﴿ وَأَن تَقُومُوا۟ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٧﴾] وهذا يشمل: القيام عليهم بإلزامهم أمر الله، وما أوجبه على عباده، فيكون الأولياء مكلفين بذلك؛ يلزمونهم بما أوجبه الله. ويشمل: القيام عليهم في مصالحهم الدنيوية بتنمية أموالهم، وطلب الأحظ لهم فيها، وأن لا يقربوها إلا بالتي هي أحسن، وكذلك لا يحابون فيهم صديقاً ولا غيره، في تزوج وغيره، على وجه الهضم لحقوقهم، وهذا من رحمته تعالى بعباده؛ حيث حث غاية الحث على القيام بمصالح من لا يقوم بمصلحة نفسه. السعدي: 206.

﴿ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَٰهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٥﴾] وهذا من باب الترغيب في اتباعه؛ لأنه إمام يقتدى به؛ حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له؛ فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة، وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه. ابن كثير: 1/530.

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَٰهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٥﴾] فالذي أسلم وجهه لله هو الذي يُخلص نيّته لله ويبتغي بعمله وجه الله.ا ابن تيمية: 2/345.

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٥﴾] وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما؛ أي: يكون خالصاً صواباً؛ والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون متابعًاً للشريعة؛ فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص، فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد؛ فمن فقد الإخلاص كان منافقا؛ وهم الذين يراءون الناس، ومن فقد المتابعة كان ضالاً جاهلاً. ابن كثير:2/530.

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٥﴾] لما عبر تعالى عن كمال الاعتقاد بالماضي؛ شرط فيه الدوام والأعمال الظاهرة بقوله: (وهو) أي: والحال أنه (محسن) أي: مؤمن مراقب، لا غفلة عنده أصلاً، بل الإحسان صفة له راسخة؛ لأنه يعبد الله كأنه يراه. البقاعي: 2/324.

﴿ مَن يَعْمَلْ سُوٓءًا يُجْزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدْ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿١٢٣﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُو۟لَٰٓئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٣﴾] (من يعمل سوءًا يجز به): وعيد حتم في الكفار، ومقيد بمشيئة الله في المسلمين. (ومن يعمل من الصالحات): دخلت من للتبعيض رفقاً بالعباد؛ لأن الصالحات على الكمال لا يطيقها البشر. ابن جزي: 1/211.

﴿ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۖ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقًّا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٢﴾] فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من: أنواع المآكل والمشارب اللذيذة، والمناظر العجيبة، والأزواج الحسنة، والقصور، والغرف المزخرفة، والأشجار المتدلية، والفواكه المستغربة، والأصوات الشجية، والنعم السابغة، وتزاور الإخوان، وتذكرهم ما كان منهم في رياض الجنان، وأعلى من ذلك كله وأجل: رضوان الله عليهم، وتمتع الأرواح بقربه، والعيون برؤيته، والأسماع بخطابه الذي ينسيهم كل نعيم. السعدي: 205.

﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٤﴾] عند (الله) أي: الذي له الكمال المطلق، (ثواب الدنيا): الخسيسة الفانية، (والآخرة) أي: النفيسة الباقية؛ فليطلبها منه؛ فإنه يعطي من أراد ما شاء. ومن علت همته عن ذلك فأقبل بقلبه إليه، وقصر همه عليه فلم يطلب إلا الباقي؛ جمع سبحانه وتعالى له بينهما؛ كمن يجاهد لله خالصاً؛ فإنه يجمع له بين الأجر والمغنم. البقاعي: 2/333.

﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِـَٔاخَرِينَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٣﴾] قال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره. ابن كثير: 1/535.

﴿ وَلَن تَسْتَطِيعُوٓا۟ أَن تَعْدِلُوا۟ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا۟ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَة ِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٩﴾] (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) معناه: العدل التام الكامل في الأقوال، والأفعال، والمحبة، وغير ذلك، فرفع الله ذلك عن عباده؛ فإنهم لا يستطيعون. ابن جزي: 1/213.

﴿ وَلَن تَسْتَطِيعُوٓا۟ أَن تَعْدِلُوا۟ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا۟ كُلَّ ٱلْمَيْلِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٩﴾] لاتجوروا على المرغوب عنها كل الجور؛ فتمنعوها حقها من غير رضا منها، واعدلوا ما استطعتم؛ فان عجزكم عن حقيقة العدل لا يمنع عن تكليفكم بما دونها من المراتب التى تستطيعونها. الألوسي: 5/162.

﴿ وَإِن تُصْلِحُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٩﴾] (وإن تصلحوا) ما بينكم وبين زوجاتكم؛ بإجبار أنفسكم على فعل ما لا تهواه النفس، احتساباً وقياماً بحق الزوجة، (فإن الله كان غفوراً رحيماً): يغفر ما صدر منكم من الذنوب والتقصير في الحق الواجـب، ويرحمكم كما عطفتم على أزواجكم ورحمتموهن. السعدي: 207.

﴿ وَأُحْضِرَتِ ٱلْأَنفُسُ ٱلشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٨﴾] (وإن تحسنوا) أي: توقعوا الإحسان بالإقامة على نكاحكم وما نُدِبتم إليه من حسن العشرة وإن كنتم كارهين. (وتتقوا) أي: توقعوا التقوى بمجانبة كل ما يؤذي نوع أذى؛ إشارة إلى أن الشحيح لا محسن، ولا متق. (فإن الله كان بما تعملون خبيراً) أي: بالغ العلم به، وأنتم تعلمون أنه أكرم الأكرمين؛ فهو مجازيكم عليه أحسن جزاء. البقاعي: 2/329.

﴿ وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ ٱلْأَنفُسُ ٱلشُّحَّ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٨﴾] جبلت النفوس على الشح؛ وهو عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان، والحرص على الحق الذي له؛ فالنفوس مجبولة على ذلك طبعاًً؛ أي: فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخلق الدنيء من نفوسكم، وتستبدلوا به ضده؛ وهو السماحة، وهو بذل الحق الذي عليك، والاقتناع ببعض الحق الذي لك. السعدي: 207.

يتبع

امانى يسرى محمد
2025-04-04, 02:07 PM
﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا۟ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا۟ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦٓ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٠﴾] (في جهنم): التي هي سجن الملك. (جميعاً): كما جمعهم معهم مجلس الكفر الذي هو طعن في ملك الملك، والتسوية بينهم في الكفر بالقعود معهم دالة على التسوية بين العاصي ومجالسه بالخلطة من غير إنكار. البقاعي: 2/337.




﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا۟ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا۟ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦٓ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٠﴾] لما كانت آية الأنعام مكية؛ اقتصر فيها على مجرد الإعراض، وقطع المجالسة؛ لعدم التمكن من الإنكار بغير القلب. وأما هذه الآية فمدنية، فالتغيير عند إنزالها باللسان واليد ممكن لكل مسلم، فالمجالس من غير نكير راض. البقاعي: 2/337.




﴿ ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٩﴾] ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون، والمقصود من هذا: التهييج على طلب العزة من جناب الله، والإقبال على عبوديته، والانتظام في جملة عباده المؤمنين. ابن كثير: 1/536.




﴿ ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٩﴾] نص تعالى في صفة المنافقين على أشدها ضرراً على المؤمنين؛ وهي موالاتهم الكفار واطراحهم المؤمنين. ونبه على فساد ذلك ليدعه من عسى أن يقع في نوع منه من المؤمنين غفلة، أو جهالة، أو مسامحة. ابن عطية: 2/125.




﴿ فَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلْهَوَىٰٓ أَن تَعْدِلُوا۟ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٥﴾] الهوى: إما أن يعمي بصيرة صاحبه حتى يرى الحق باطلاًً والباطل حقاًً، وإما أن يعرف الحق ويتركه لأجل هواه.. السعدي: 209




﴿ فَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلْهَوَىٰٓ أَن تَعْدِلُوا۟ ۚ وَإِن تَلْوُۥٓا۟ أَوْ تُعْرِضُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٥﴾] اتباع الهوى مُردٍ؛ أي: مهلك؛ قال الله تعالى: (فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) [ص: 26]؛ فاتباع الهوى يحمل على الشهادة بغير الحق، وعلى الجور في الحكم، إلى غير ذلك. وقال الشعبي: أخذ الله عز وجل على الحكام ثلاثة أشياء: ألا يتبعوا الهوى، وألا يخشوا الناس ويخشوه، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا. القرطبي: 7/178.




﴿ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٥﴾] أي: إن يكن المقسط في حقه، أو المشهود له: غنياً أو فقيراً؛ فلا يكن غناه ولا فقره سبباً للقضاء له أو عليه، والشهادة له أو عليه. والمقصود من ذلك: التحذير من التأثر بأحوال يلتبس فيها الباطل بالحق لما يحف بها من عوارض يتوهم أن رعيها ضرب من إقامة المصالح، وحراسة العدالة. ابن عاشور: 5/226.




﴿ مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنتُمْ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٧﴾] وقدّم الشكر على الإيمان؛ لأن العبد ينظر إلى النعم فيشكر عليها، ثم يؤمن بالمنعم؛ فكان الشكر سبباً للإيمان، متقدّم عليه. ابن جزي: 1/216.




﴿ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِى ٱلدَّرْكِ ٱلْأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٥﴾] لأن ذلك أخفى ما في النار، وأستره، وأدناه، وأوضعه، كما أن كفرهم أخفى الكفر وأدناه، وهو أيضاًً أخبث طبقات النار، كما أن كفرهم أخبث أنواع الكفر. البقاعي: 2/340.




﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا۟ لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰنًا مُّبِينًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٤﴾] أي: حجة ظاهرة في العذاب. وفيه دلالة على أن الله تعالى لا يعذب أحداً بمقتضى حكمته إلا بعد قيام الحجة عليه؛ ويشعر بذلك كثير من الآيات. وقيل: أتريدون بذلك أن تجعلوا له تعالى حجة بينة على أنكم منافقون؛ فإن موالاة الكافرين أوضح أدلة النفاق. الألوسي: 5/177.




﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٢﴾] لأنهم لا يذكرونه إلا باللسان، وعند حضورهم بين الناس، بخلاف المؤمنين الصادقين؛ فإنهم إذا قاموا إلى الصلاة يطيرون إليها بجناحي الرغبة والرهبة، بل يحنون إلى أوقاتها. الألوسي: 5/181.




﴿ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوٓا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٢﴾] أي: متثاقلين، متباطئين، لا نشاط لهم، ولا رغبة؛ كالمكره على الفعل؛ لأنهم لا يعتقدون ثواباً في فعلها، ولا عقاباً على تركها. الألوسي: 5/175.




﴿ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوٓا۟ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُوا۟ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٢﴾] فهذه الأوصاف المذمومة تدل بتنبيهها على أن المؤمنين متصفون بضدها من: الصدق ظاهراًً وباطناًً، والإخلاص، وأنهم لا يجهل ما عندهم، ونشاطهم في صلاتهم وعباداتهم، وكثرة ذكرهم لله تعالى، وأنهم قد هداهم الله ووفقهم للصراط المستقيم. فليعرض العاقل نفسه على هذين الأمرين، وليختر أيهما أولى به، وبالله المستعان. السعدي: 211.




﴿ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوٓا۟ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَٰفِرِينَ نَصِيبٌ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤١﴾] (وإن كان للكافرين نصيب): ولم يقل: «فتح» لأنه لا يحصل لهم فتح يكون مبدأ لنصرتهم المستمرة، بل غاية ما يكون أن يكون لهم نصيب غير مستقر. السعدي: 210.




﴿ يَسْـَٔلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَٰبًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا۟ مُوسَىٰٓ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓا۟ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ۚ ثُمَّ ٱتَّخَذُوا۟ ٱلْعِجْلَ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَٰلِكَ ۚ وَءَاتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَٰنًا مُّبِينًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥٣﴾] الرسل لا تجيء بإجابة مقترحات الأمم في طلب المعجزات؛ بل تأتي المعجزات بإرادة الله تعالى عند تحدي الأنبياء، ولو أجاب الله المقترحين إلى ما يقترحون من المعجزات لجعل رسله بمنزلة المشعوذين... إذ يتلقون مقترحات الناس في المحافل والمجامع العامة والخاصة، وهذا مما يحط من مقدار الرسالة. ابن عاشور:6/14.




﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا۟ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا۟ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ﴿١٥٠﴾ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْكَٰفِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَٰفِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥٠﴾] يتوعد تبارك وتعالى الكافرين به وبرسله من اليهود والنصارى؛ حيث فرَّقوا بين الله ورسله في الإيمان؛ فآمنوا ببعض الأنبياء، وكفروا ببعض بمجرد التشهي والعادة وما ألفوا عليه آباءهم، لا عن دليل قادهم إلى ذلك؛ فإنه لا سبيل لهم إلى ذلك، بل بمجرد الهوى والعصبية. ابن كثير:1/541.




﴿ أَوْ تَعْفُوا۟ عَن سُوٓءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٩﴾] (أو تعفوا عن سوء) أي: عمن ساءكم في أبدانكم، وأموالكم، وأعراضكم، فتسمحوا عنه؛ فإن الجزاء من جنس العمل، فمن عفا لله عفا الله عنه، ومن أحسن أحسن الله إليه... وفي هذه الآية إرشاد إلى التفقه في معاني أسماء الله وصفاته، وأن الخلق والأمر صادر عنها، وهي مقتضية له؛ ولهذا يعلل الأحكام بالأسماء الحسنى، كما في هذه الآية. السعدي:212.




﴿ إِن تُبْدُوا۟ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا۟ عَن سُوٓءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٩﴾] الآية ترغيب في فعل الخير سرا وعلانية، وفي العفو عن الظلم بعد أن أباح الانتصار؛ لأن العفو أحب إلى الله من الانتصار، وأكد ذلك بوصفه تعالى نفسه بالعفو مع القدرة. ابن جزي:1/216.




﴿ لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٨﴾] ورخص الله للمظلوم الجهر بالقول السيء ليشفي غضبه، حتى لا يثوب إلى السيف أو إلى البطش باليد. ابن عاشور:6/6.




﴿ لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٨﴾] ويدل مفهومها: أنه يحب الحسن من القول؛ كالذكر، والكلام الطيب اللين. السعدي:212.




﴿ لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٤٨﴾] (إلا من ظُلِم) أي: إلا جهر المظلوم؛ فيجوز له من الجهر أن يدعو على من ظلمه، وقيل: أن يذكر ما فعل به من الظلم، وقيل: أن يرد عليه بمثل مظلمته إن كان شتمه. ابن جزي:1/216.



https://akhawat.islamway.net/forum/uploads/monthly_2025_02/image.png.1f1e86d30b9cd41b4ddd e89e1fadc005.png (https://akhawat.islamway.net/forum/uploads/monthly_2025_02/image.png.1f1e86d30b9cd41b4ddd e89e1fadc005.png)




﴿ لَّٰكِنِ ٱلرَّٰسِخُونَ فِى ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُون َ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ۚ وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَ ۚ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلْمُؤْمِنُون َ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ أُو۟لَٰٓئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٢﴾] لما ذكر معايب أهل الكتاب، ذكر الممدوحين منهم فقال: (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) أي: الذين ثبت العلم في قلوبهم، ورسخ الإيقان في أفئدتهم؛ فأثمر لهم الإيمان التام العام (بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِن قَبْلِكَ)، وأثمر لهم الأعمال الصالحة من: إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة اللذَين هما أفضل الأعمال، وقد اشتملتا على الإخلاص للمعبود والإحسان إلى العبيد. السعدي:214.




﴿ فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُوا۟ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٠﴾] أخبر تعالى أنه حرَّم على أهل الكتاب كثيراً من الطيبات التي كانت حلالاً عليهم، وهذا تحريم عقوبة؛ بسبب ظلمهم واعتدائهم، وصدهم الناس عن سبيل الله، ومنعهم إياهم من الهدى، وبأخذهم الربا وقد نهوا عنه؛ فمنعوا المحتاجين ممن يبايعونه عن العدل، فعاقبهم الله من جنس فعلهم، فمنعهم من كثير من الطيبات التي كانوا بصدد حلها لكونها طيبة. وأما التحريم الذي على هذه الأمة فإنه تحريم تنْزيه لهم عن الخبائث التي تضرهم في دينهم ودنياهم. السعدي:214.




﴿ بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥٨﴾] لأنه لما عز فقد حق لعزه أن يعز أولياءه، ولما كان حكيما فقد أتقن صنع هذا الرفع، فجعله فتنة للكافرين، وتبصرة للمؤمنين. ابن عاشور:6/24.




﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُوا۟ فِيهِ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًۢا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥٧﴾] (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ): ردّ عليهم وتكذيب لهم وللنصارى أيضا في قولهم: إنه صلب؛ حتى عبدوا الصليب من أجل ذلك. والعجب كل العجب من تناقضهم في قولهم: إنه إله، أو ابن إله، ثم يقولون: إنه صلب. ابن جزي:1/ 217.




﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُوا۟ فِيهِ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًۢا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥٧﴾] عدّد الله في جملة قبائحهم قولهم: (إنا قتلنا المسيح) لأنهم قالوها افتخارا وجرأة، مع أنهم كذبوا في ذلك، ولزمهم الذنب، وهم لم يقتلوه؛ لأنهم صلبوا الشخص الذي ألقى عليه شبهه، وهم يعتقدون أنه عيسى. ابن جزي:1/217.




﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُوا۟ فِيهِ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًۢا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥٧﴾] عدّد الله في جملة قبائحهم قولهم: (إنا قتلنا المسيح) لأنهم قالوها افتخارا وجرأة، مع أنهم كذبوا في ذلك، ولزمهم الذنب، وهم لم يقتلوه؛ لأنهم صلبوا الشخص الذي ألقى عليه شبهه، وهم يعتقدون أنه عيسى. ابن جزي:1/217.




﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥٧﴾] أي: هذا الذي يَدَّعِي لنفسه هذا المنصب قتلناه، وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء؛ كقول المشركين: (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون) [الحجر:6]. ابن كثير:1/543.




﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَٰقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٥٥﴾] وهذه الطريقة من أحسن الطرق لمحاجة الخصم المبطل؛ وهو أنه إذا صدر منه من الاعتراض الباطل ما جعله شبهة له ولغيره في رد الحق أن يبين من حاله الخبيثة وأفعاله الشنيعة ما هو من أقبح ما صدر منه، ليعلم كل أحد أن هذا الاعتراض من ذلك الوادي الخسيس، وأن له مقدمات يجعل هذا معها. السعدي:214.




﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَظَلَمُوا۟ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٨﴾] وقد نفي عن الله أن يغفر لهم تحذيرا من البقاء على الكفر والظلم. ابن عاشور:6/47. ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَظَلَمُوا۟ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٨﴾] إن الذين جحدوا رسالة محمد- صلى الله عليه وسلم- فكفروا بالله بجحود ذلك، وظلموا بمقامهم على الكفر على علم منهم، بظلمهم عباد الله، وحسدا للعرب، وبغيا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ (لم يكن الله ليغفر لهم) يعني: لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها. الطبري:9/411.




﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّوا۟ ضَلَٰلًۢا بَعِيدًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٧﴾] (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ) أي: جمعوا بين الكفر بأنفسهم وصدِّهم الناس عن سبيل الله؛ وهؤلاء هم أئمة الكفر ودعاة الضلال. (قَدْ ضَلُّوا ضَلالا بَعِيدًا): وأي ضلال أعظم من ضلال من ضل بنفسه وأضل غيره، فباء بالإثمين ورجع بالخسارتين وفاتته الهدايتان... (لَم يَكُنِ اللَّهُ لِيَغفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهدِيَهُم طَرِيقًا * إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ): وإنما تعذرت المغفرة لهم والهداية لأنهم استمروا في طغيانهم، وازدادوا في كفرانهم، فطبع على قلوبهم، وانسدت عليهم طرق الهداية بما كسبوا. السعدي: 215.




﴿ لَّٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنزَلَهُۥ بِعِلْمِهِۦ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٦﴾] عطاء بن السائب قال: أقرأني أبو عبد الرحمن السلمي القرآن، وكان إذا قرأ عليه أحدنا القرآن قال: قد أخذت علم الله؛ فليس أحد اليومَ أفضل منك إلا بعمل، ثم يقرأ قوله: (أنزله بعلمه). ابن كثير:1/557.




﴿ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٥﴾] (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل): ولهذا لا يجوز قتال الكفار الذين لم تبلغهم الدعوة حتى يدعوا إلى الإسلام. ابن تيمية:2/371.




﴿ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٥﴾] فالآية ظاهرة في أنه لا بد من الشرع، وإرسال الرسل، وأن العقل لا يغني عن ذلك. الألوسي:6/263.




﴿ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٦٥﴾] (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل): يقول: أرسلت رسلي إلى عبادي مبشرين ومنذرين لئلا يحتج من كفر بي، وعبد الأنداد من دوني، أو ضل عن سبيلي -بأن يقول إن أردت عقابه-: (لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) [طه: 134]. الطبري:9/407.




﴿ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُوا۟ بِهِۦ فَسَيُدْخِلُهُم ْ فِى رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَٰطًا مُّسْتَقِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٧٥﴾] أي: ومن لم يؤمن بالله، ويعتصم به، ويتمسك بكتابه منعهم من رحمته، وحرمهم من فضله، وخلَّى بينهم وبين أنفسهم؛ فلم يهتدوا، بل ضلوا ضلالاً مبيناً؛ عقوبة لهم على تركهم الإيمان، فحصلت لهم الخيبة والحرمان. السعدي:217.




﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُم بُرْهَٰنٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٧٤﴾] (ربكم): والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطَبين لإظهار اللطف بهم، والإيذان بأن مجيء ذلك لتربيتهم وتكميلهم. الألوسي:6/295.




﴿ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِۦ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٧٣﴾] (ويزيدهم من فضله): من التضعيف ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. البغوي:1/627.




﴿ لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِۦ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُم ْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٧٢﴾] وجاء في الحديث عنه ﷺ: (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر)، فقال رجل: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، قال ﷺ: (إن الله جميلٌ يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس). الألوسي:6/293.




﴿ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْحَقَّ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٧١﴾] وهذا الكلام يتضمن ثلاثة أشياء: أمرين منهي عنهما؛ وهما: قول الكذب على الله، والقول بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله، وشرعه، ورسله، والثالث مأمور به، وهو: قول الحق في هذه الأمور. السعدي:216.




﴿ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لَا تَغْلُوا۟ فِى دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْحَقَّ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٧١﴾] الغلو في الدين أن يظهر المتدين ما يُفَوِّت الحد الذي حدد له الدين... فاليهود طولبوا باتباع التوراة ومحبة رسولهم، فتجاوزوه إلى بغض الرسل؛ كعيسى ومحمد- عليهما السلام- والنصارى طولبوا باتباع المسيح فتجاوزوا فيه الحد إلى دعوى إلهيته أو كونه ابن الله، مع الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم. ابن عاشور:6/51.




﴿ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ لَا تَغْلُوا۟ فِى دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْحَقَّ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٧١﴾] وخوطبوا بعنوان أهل الكتاب تعريضا بأنهم خالفوا كتابهم. ابن عاشور:6/50.