ابو وليد البحيرى
2024-12-29, 11:05 PM
الميزان الرباني
الشيخ مجد مكي
اختلاف آراء الناس في النظر إلى القيم والأخلاق .
تختلف آراء الناس في الحكم على الأفكار والأوضاع والأشخاص، وتتباين وجهات نظرهم في تقدير قيم الأشياء، والأحداث والأخلاق.
1 ـ فمثلاً: هذه الحياة الدنيا، كيف يتعامل الإنسان مع ما فيها من خير وشر، مع متعها وشهواتها، وأموالها، تختلف نظرات بني البشر وآراؤهم كثيراً حول هذه القضيَّة.
2 ـ مَنْ هو الإنسان الذي يستحقُّ التبجيل والتكريم؟ وما صفاته؟ أهو الغني؟ أهو الوجيه ؟ أهو الكريم؟ أهو القوي؟ أهو النقي؟ أم ماذا؟
3 ـ ومَنْ هي المرأة التي تستحقُّ التقدير والاحترام؟ أهي الجميلة الفاتنة؟ أهي الممثلة العاهرة؟! أهي الشريفة العفيفة؟ أهي الزوجة المخلصة؟ أهي الأم المضحية؟ أم ماذا؟ وما حدود علاقة المرأة بالرجل؟ وما مهمة المرأة في الحياة؟
وهكذا تختلف آراء بني الإنسان ونظراتهم إلى القيم والأحداث والأشياء والأخلاق، وهذا التباين والاختلاف نتيجة حتمية لاختلاف عقول البشر وأهوائهم، وتباين انتماءاتهم وبيئاتهم، وتنازع مصالحهم ومنافعهم، وتعدد أهدافهم وغاياتهم.
رحمة الله سبحانه بعباده بإنزال الميزان:
وهنا يعلم الإنسان مقدار نعمة الله تعالى على عباده، وواسع رحمته بهم، إذ لم يتركهم لأهوائهم المختلفة ومصالحهم المتنازعة، وعقولهم القاصرة، وعلمهم المحدود، ولا لضعفهم الفطري، وإنما أعطاهم ميزاناً يزنون به كل قضيَّة تعرض لهم، فيعرفون مقدار ما فيها من حق أو باطل، ويزنون كل قيمة من القيم، وكل عمل من الأعمال، وكل صفة من الصفات، وكل شخص من الأشخاص، فيعرفون بواسطة هذا الميزان قيمة كل أمر مادي أو معنوي في حياتهم، قال تعالى:[لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ] {الحديد:25}.
فالميزان الذي أنزله الله تعالى على عباده، مع كلِّ رسول من رسله، يهدف إلى تقويم آراء الناس وسلوكهم، ليقوموا بالقسط والعدل في كل قضية.
وجوب التحاكم إلى الميزان الرباني:
والله تعالى حينما رحم عباده بهذا الميزان، لم يترك لاختيار الناس أن يستعملونه أو يرفضوه، أو يلتزموا بأحكامه أو ينبذوها وراءهم ظهرياً، و إنَّما فرض عليهم أن يستعملوه في كلِّ قضية فرضاً، وألزمهم بأحكامه إلزاماً وأوجب عليهم أن يقفوا عند حدود هذا الميزان، فلا يزيدوا ولا ينقصوا من قيم الأحداث والأشياء والأخلاق.
قال تعالى:[وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي المِيزَانِ وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا المِيزَانَ] {الرَّحمن:7-9}.
والتزام الناس بهذا الميزان الربَّاني هو مقتضى إيمانهم، ودليل صحَّة إسلامهم، فهم إما أن يلتزموا بأحكام هذا الميزان فهم مؤمنون، وإما أن يرفضوه فهم في الجاهلية ساقطون، وفي ظلماتها سادرون:[أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] {المائدة:50}.
كمال الميزان الرباني:
وهذا الميزان الربَّاني كامل لكلِّ شيء، لا تغيب عنه مسألة، ولا تندُّ عنه قضية، ولا عَجَبَ في ذلك، فهو من وضع الله ربِّ العالمين، الذي أحاط بكلِّ شيءٍ علماً، قال تعالى:[ مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ] {الأنعام:38}.
فعلى المسلمين أن يرجعوا إلى كتاب ربِّهم وسنة نبيهم، ليستخرجوا وزن كل ما يهمهم في حياتهم من الأخلاق والصفات، والقيم والأفكار، والعادات والتقاليد، والأنظمة والمعاملات، فيعطوا كل شيء الدرجة التي أعطاها القرآن دون زيادة أو نقصان.
ميزان التقوى ومنزله المتقين:
1 ـ فالتقوى مثلاً، لها في الميزان الرباني أعلى الدرجات، وصاحبها يتبوأ أرفع المراتب، قال تعالى:[ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ] {الحجرات:13}.
فيجب على المسلمين أن يُعطوا التقيَّ المرتبة التي أعطاه الله تعالى، دون النظر إلى الغنى والفقر، والعلم والشهادة، والحسب والنسب، والجمال والقبح، والجنس والوطن والبلد.
الكافر في ميزان القرآن:
2 ـ والكافر هو في ميزان القرآن الكريم أ عمى، قال تعالى:[أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ] {الرعد:19}. وهو في مستوى منحط ودَرَك هابط كالبهائم أو أحط، قال تعالى:[ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ] {محمد:12}.
وقال تعالى:[وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ] {الأعراف:179} .
وبناءً عليه يجب على المسلمين أن يعطوا الكافر حجمه ووزنه اللذين أعطاهما له القرآن الكريم، مهما كان غناه واسعاً، وشهادته عالية، واختصاصه نادراً.
الأخوة الإيمانية:
3 ـ وأخوة الإيمان في ميزان القرآن، رابطة قويَّة، تجمع بين المؤمنين على اختلاف الأنساب والبلدان والألوان. قال تعالى:[إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ] {الحجرات:10}.
ورابطة الإيمان مقدَّمة على رابطة النَّسب إذا اختلفت العقيدة، قال تعالى :[وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ] {التوبة:71}. على حين أنه لا موالاة بين الإخوان من النَّسب، ولا بين الأبناء والآباء حين تختلف العقيدة.
قال تعالى:[لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ...] {المجادلة:22}. فيجب على المسلمين أن يعطوا هذه الأخوة حقَّها من التقدير والمواساة والبر والتناصر، لا بالكلام، إنما بالسلوك العملي والوضع الاجتماعي.
الربت في ميزان القرآن:
4 ـ والربا هو في ميزان القرآن جريمة تستوجب غضب الله وانتقامه، ومرتكب هذه الجريمة عدو الله ورسوله، محاربٌ لهما، قال تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ] {البقرة:279}.
وهو في الأعراف الجاهلية والأنظمة الوضعية ضرورة اقتصادية، فما هو موقف المسلم من الربا؟ أيأخذ بميزان الله وحكمه فيرفض الربا ويهجره؟ أم ماذا؟
الزنى في ميزان القرآن :
5 ـ والزنى في ميزان القرآن فاحشة منكرة:[وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا] {الإسراء:32}. وهو قرين الكفر والقتل:[وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا] {الفرقان:68-69} .
بينما هو في ميزان الجاهلية متعةٌ يمارسها الرجل، وتمارسها المرأة كل بمقتضى حريته الشخصية، وحقه في التمتع.
وهكذا الشأن في قضية حجاب المرأة، وقضية الاختلاط، ووظيفة المرأة في الحياة، وفي سائر المعاملات المالية، والحدود والجنايات، والأخلاق والعادات، وفي كل شأن من شؤون الحياة، وكل قضية من قضاياها، يجب على المسلم أن يزن كل ذلك بميزان الله تعالى، ثم يلتزم بالنتيجة، هذا إن كان مسلماً:[أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] {المائدة:50}.
مستفاد من كتاب (زاد الدعاة) للأخ الدكتور الشيخ عبد المهيمن طحان.
الشيخ مجد مكي
اختلاف آراء الناس في النظر إلى القيم والأخلاق .
تختلف آراء الناس في الحكم على الأفكار والأوضاع والأشخاص، وتتباين وجهات نظرهم في تقدير قيم الأشياء، والأحداث والأخلاق.
1 ـ فمثلاً: هذه الحياة الدنيا، كيف يتعامل الإنسان مع ما فيها من خير وشر، مع متعها وشهواتها، وأموالها، تختلف نظرات بني البشر وآراؤهم كثيراً حول هذه القضيَّة.
2 ـ مَنْ هو الإنسان الذي يستحقُّ التبجيل والتكريم؟ وما صفاته؟ أهو الغني؟ أهو الوجيه ؟ أهو الكريم؟ أهو القوي؟ أهو النقي؟ أم ماذا؟
3 ـ ومَنْ هي المرأة التي تستحقُّ التقدير والاحترام؟ أهي الجميلة الفاتنة؟ أهي الممثلة العاهرة؟! أهي الشريفة العفيفة؟ أهي الزوجة المخلصة؟ أهي الأم المضحية؟ أم ماذا؟ وما حدود علاقة المرأة بالرجل؟ وما مهمة المرأة في الحياة؟
وهكذا تختلف آراء بني الإنسان ونظراتهم إلى القيم والأحداث والأشياء والأخلاق، وهذا التباين والاختلاف نتيجة حتمية لاختلاف عقول البشر وأهوائهم، وتباين انتماءاتهم وبيئاتهم، وتنازع مصالحهم ومنافعهم، وتعدد أهدافهم وغاياتهم.
رحمة الله سبحانه بعباده بإنزال الميزان:
وهنا يعلم الإنسان مقدار نعمة الله تعالى على عباده، وواسع رحمته بهم، إذ لم يتركهم لأهوائهم المختلفة ومصالحهم المتنازعة، وعقولهم القاصرة، وعلمهم المحدود، ولا لضعفهم الفطري، وإنما أعطاهم ميزاناً يزنون به كل قضيَّة تعرض لهم، فيعرفون مقدار ما فيها من حق أو باطل، ويزنون كل قيمة من القيم، وكل عمل من الأعمال، وكل صفة من الصفات، وكل شخص من الأشخاص، فيعرفون بواسطة هذا الميزان قيمة كل أمر مادي أو معنوي في حياتهم، قال تعالى:[لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ] {الحديد:25}.
فالميزان الذي أنزله الله تعالى على عباده، مع كلِّ رسول من رسله، يهدف إلى تقويم آراء الناس وسلوكهم، ليقوموا بالقسط والعدل في كل قضية.
وجوب التحاكم إلى الميزان الرباني:
والله تعالى حينما رحم عباده بهذا الميزان، لم يترك لاختيار الناس أن يستعملونه أو يرفضوه، أو يلتزموا بأحكامه أو ينبذوها وراءهم ظهرياً، و إنَّما فرض عليهم أن يستعملوه في كلِّ قضية فرضاً، وألزمهم بأحكامه إلزاماً وأوجب عليهم أن يقفوا عند حدود هذا الميزان، فلا يزيدوا ولا ينقصوا من قيم الأحداث والأشياء والأخلاق.
قال تعالى:[وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي المِيزَانِ وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا المِيزَانَ] {الرَّحمن:7-9}.
والتزام الناس بهذا الميزان الربَّاني هو مقتضى إيمانهم، ودليل صحَّة إسلامهم، فهم إما أن يلتزموا بأحكام هذا الميزان فهم مؤمنون، وإما أن يرفضوه فهم في الجاهلية ساقطون، وفي ظلماتها سادرون:[أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] {المائدة:50}.
كمال الميزان الرباني:
وهذا الميزان الربَّاني كامل لكلِّ شيء، لا تغيب عنه مسألة، ولا تندُّ عنه قضية، ولا عَجَبَ في ذلك، فهو من وضع الله ربِّ العالمين، الذي أحاط بكلِّ شيءٍ علماً، قال تعالى:[ مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ] {الأنعام:38}.
فعلى المسلمين أن يرجعوا إلى كتاب ربِّهم وسنة نبيهم، ليستخرجوا وزن كل ما يهمهم في حياتهم من الأخلاق والصفات، والقيم والأفكار، والعادات والتقاليد، والأنظمة والمعاملات، فيعطوا كل شيء الدرجة التي أعطاها القرآن دون زيادة أو نقصان.
ميزان التقوى ومنزله المتقين:
1 ـ فالتقوى مثلاً، لها في الميزان الرباني أعلى الدرجات، وصاحبها يتبوأ أرفع المراتب، قال تعالى:[ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ] {الحجرات:13}.
فيجب على المسلمين أن يُعطوا التقيَّ المرتبة التي أعطاه الله تعالى، دون النظر إلى الغنى والفقر، والعلم والشهادة، والحسب والنسب، والجمال والقبح، والجنس والوطن والبلد.
الكافر في ميزان القرآن:
2 ـ والكافر هو في ميزان القرآن الكريم أ عمى، قال تعالى:[أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ] {الرعد:19}. وهو في مستوى منحط ودَرَك هابط كالبهائم أو أحط، قال تعالى:[ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ] {محمد:12}.
وقال تعالى:[وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ] {الأعراف:179} .
وبناءً عليه يجب على المسلمين أن يعطوا الكافر حجمه ووزنه اللذين أعطاهما له القرآن الكريم، مهما كان غناه واسعاً، وشهادته عالية، واختصاصه نادراً.
الأخوة الإيمانية:
3 ـ وأخوة الإيمان في ميزان القرآن، رابطة قويَّة، تجمع بين المؤمنين على اختلاف الأنساب والبلدان والألوان. قال تعالى:[إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ] {الحجرات:10}.
ورابطة الإيمان مقدَّمة على رابطة النَّسب إذا اختلفت العقيدة، قال تعالى :[وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ] {التوبة:71}. على حين أنه لا موالاة بين الإخوان من النَّسب، ولا بين الأبناء والآباء حين تختلف العقيدة.
قال تعالى:[لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ...] {المجادلة:22}. فيجب على المسلمين أن يعطوا هذه الأخوة حقَّها من التقدير والمواساة والبر والتناصر، لا بالكلام، إنما بالسلوك العملي والوضع الاجتماعي.
الربت في ميزان القرآن:
4 ـ والربا هو في ميزان القرآن جريمة تستوجب غضب الله وانتقامه، ومرتكب هذه الجريمة عدو الله ورسوله، محاربٌ لهما، قال تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ] {البقرة:279}.
وهو في الأعراف الجاهلية والأنظمة الوضعية ضرورة اقتصادية، فما هو موقف المسلم من الربا؟ أيأخذ بميزان الله وحكمه فيرفض الربا ويهجره؟ أم ماذا؟
الزنى في ميزان القرآن :
5 ـ والزنى في ميزان القرآن فاحشة منكرة:[وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا] {الإسراء:32}. وهو قرين الكفر والقتل:[وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا] {الفرقان:68-69} .
بينما هو في ميزان الجاهلية متعةٌ يمارسها الرجل، وتمارسها المرأة كل بمقتضى حريته الشخصية، وحقه في التمتع.
وهكذا الشأن في قضية حجاب المرأة، وقضية الاختلاط، ووظيفة المرأة في الحياة، وفي سائر المعاملات المالية، والحدود والجنايات، والأخلاق والعادات، وفي كل شأن من شؤون الحياة، وكل قضية من قضاياها، يجب على المسلم أن يزن كل ذلك بميزان الله تعالى، ثم يلتزم بالنتيجة، هذا إن كان مسلماً:[أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] {المائدة:50}.
مستفاد من كتاب (زاد الدعاة) للأخ الدكتور الشيخ عبد المهيمن طحان.