ابو وليد البحيرى
2024-12-17, 10:49 PM
منكرات الشوارع وآداب الطريق في الإسلام: أسبابها وسبل معالجتها وتعميرها
منال محمد أبو العزائم
حاجة الدولة المسلمة لتعمير الشوارع
منكرات الشوارع: أسبابها وآثارها
أبرز منكرات الشوارع
الدعاء بالشر والسبّ والشتم
التلاعن واللعن
رمي الأوساخ والقاذورات
جثث الحيوانات الميتة
التبول والتبرز في الطرقات
السخرية بمن يلتزم بالقوانين
جلوس الشباب في الطرقات للتجسس والغيبة
سرقة الطريق وقطع المسارات
التفحيط والاستعراض بالسيارات
مخالفة القوانين والاستهتار بها
اختلاط مقاعد الرجال والنساء في المواصلات العامة
تبرج النساء في الشوارع
تجول بائعات الهوى
بيع أطعمة فاسدة في الشوارع
الخلوات المحرمة بين الجنسين
انتشار المتشردين وقاذوراتهم
جريمة صدم وهروب (Hit-and-Run)
تعارك الصبيان والشباب
قطع أشجار الطريق بلا مبرر
معاكسة الفتيات والنساء
التجوال مع الكلاب دون لجام
عدم السماح للمشاة بقطع الطريق
شجار الكلكسات (أبواق السيارات)
تخريب العربات والممتلكات
سرقة المواقف والمحجوزات
اغتصاب الأرض بالتوسع في الأسوار
إيذاء المارة بالتعليقات السخيفة
الملاهي الليلية والمجون
التنافس غير الشريف بين المحلات
تسكع الفتيات في الشوارع
البصق على الطرقات
تصوير الناس دون إذن
انتشار المتسولين
ملاحقة البائعين للناس
تخريب الممتلكات العامة
بيع المواد الممنوعة (مخدرات وخمور)
اختطاف الأطفال
حقوق الطريق وآدابه في الإسلام
غض البصر
كف الأذى
رد السلام
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
آداب ومندوبات الطريق
إلقاء السلام
إماطة الأذى عن الطريق
تعمير الشوارع وتطويرها
بناء ورصف الطريق
تخطيطها وإنشاء الكباري والجسور
نظافتها وتشجيرها
تشييد البنية التحتية ومصارف المياه
إنارة الشوارع وتزيينها
تشييد المرافق العامة والمنتزهات ودورات المياه
الخاتمة
منكرات الشوارع وآداب الطريق
الشوارع والطرقات شرايين حياة المدن، بها تتم حركة الناس ونقل البضائع ونمو الاقتصاد. وفي الوقت ذاته، تتعرض هذه الشوارع لجملة من المنكرات والممارسات الخاطئة التي تخالف تعاليم الإسلام وآدابه. يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على منكرات الشوارع، وآداب الطريق، وأهمية تعمير الطرق والاعتناء بها، وفق منهج الدين الإسلامي الحنيف.
الشوارع ليست مجرّد مسارات لعبور السيارات والمشاة، بل هي شرايين حياة المدن. من خلالها تصل الأطعمة والسلع، وينتقل الناس إلى أعمالهم ومدارسهم، وينمو الاقتصاد. لذلك، على الدولة المسلمة العناية بالطرق وتطويرها وصيانتها، ووضع ميزانيات ومهندسين متخصصين لإنشائها وتوسيعها، وبناء بنية تحتية قوية لها.
حاجة الدولة المسلمة لتعمير الشوارع
والدولة المسلمة كغيرها من البلدان تحتاج إلى النمو والتطور؛ ولذا عليها بالعناية بالطرق والشوارع وتخصيص ميزانية لتطويرها وصيانها واتساعها وامتدادها في أنحاء البلاد. كما عليها تعيين مهندسين ذو كفاءة وخبرة في هندسة المساحة والمدنية وغيرها لتطوير الشوارع وتنميتها. ولا ينبغي أن تكون مجرد اسفلت يكب على تراب، بل لابد أن تكون لها بنية تحتية من طبقات مدروسة ومختبرة.
كما يجب أن يكون لها تصريف حتى لا تغرق في وقت الفيضان وتغرق معها الناس. وتهدم المباني وتدمر المرافق العامة. وهذا جزء من العمران المطلوب في الإسلام وجزء من خلافة الإنسان لله في الأرض. قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)[1]. والشوارع هامة كذلك لحماية الدولة الإسلامية من الأعداء وسد ثغرات الحدود. كما عن طريقها تنمو البلاد ويزدهر اقتصادها. ولذا كان حريا بالدولة العناية بها.
منكرات الشوارع: أسبابها وآثارها
كما هي هامة العناية الحسية بالشوارع فالعناية المعنوية أيضا هامة، وبها تسمو أخلاق الناس وتعاملهم مع بعضهم البعض في الشوارع. والمتأمل لما يدور في الشوارع في مختلف أنحاء العالم يجد فيها بعض السلبيات كما بها بعض الإيجابيات. ونفس الأمور توجد في البلاد الإسلامية؛ حيث هناك العديد من الظواهر التي تخالف تعاليم ديننا الإسلامي والتي تختلف باختلاف البلد حتى الحي. وسنتطرق لبعض منها، ثم لحقوق الشوارع وتعميرها.
أبرز منكرات الشوارع
ومن أبرز منكرات الشوارع ما يأتي:
الدعاء بالشر والسبّ والشتم
ومن العادات السيئة المنتشرة في بعض الشوارع الدعاء بالشر. ولقد لفتت نظري هذه الظاهرة عندما كنت أزور أكثر من بلد عربي ومسلم. وتفاجأت بسماع سائق تاكسي يقول للسائقين الآخرين (يخرب بيوتكم). وفي مرة أخرى سمعت آخر يقول (يا ولاد الكلب)، وآخر ينادي (يا حيوان)، وغيرها من الشتائم والألفاظ النابية والتي لا تليق بالإنسان، ناهيك عن أن تصدر من مسلم. ومعروف في الإسلام حرمة السب والشتم للمسلم. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[2]. وقال ﷺ: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه)[3].
هذه تعاليم ربانية بعدم شتم المسلمين والنهي عن ظلمهم. ورغم ذلك تجد هؤلاء السائقين يتراشقون بهذه الألفاظ النابية بسبب أو بدون سبب. وأحيانا يأتي ذلك لأتفه الأسباب مثل أن يدخل سائق الطريق أو يغير خطه.
التلاعن واللعن
وليس ما سبق ذكره هو الأسوأ، بل سمعت في بلد آخر التلاعن بين السائقين؛ كأن يقول السائق للآخر (الله يلعنك). ويتلفظون بذلك وكأنه أمر هين لا جرم فيه. واللعن هو الطرد من رحمة الله. أي هو اسوأ ما يمكن أن يحدث لأي إنسان. فالمطرود من رحمة الله مصيره إلى النار ولا ينقذه منها أحد. واللعن منهي عنه في الإسلام. قال ﷺ: (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)[4]. وقال: (إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن، فإن كان لذلك أهلا وإلا رجعت إلى قائلها)[5].
رمي الأوساخ والقاذورات
ومن المنكرات التي تخالف تعاليم ديننا هي ظاهرة رمي الأوساخ وأكياس القمامة في الشوارع. وهذا يخالف تعاليم الإسلام الذي حث على النظافة في مواطن كثيرة وإماطة الأذى عن الطريق. قال تعالى: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين َ)[6]. وقال ﷺ: (الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون، شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)[1]. وقال: (الطهور شطر الإيمان)[7]. ولا شك أن مثل هذه الأفعال تنشر القاذورات والروائح الكريهة وتجمع النفايات التي يجلب منظرها الكآبة والغم للمارة مما يتدنى بالمستوى الحضاري للدولة. كما أن نشر الأوساخ يساعد على نشر الأمراض.
جثث الحيوانات الميتة
ومن المناظر المنكرة رؤية جثث الحيوانات الميتة ملقاة على أطراف الشوارع وبجوانب حاويات القمامة. وقد يكون بعضها تعفن وانتفخ من الغازات السامة ذات الرائحة الكريهة والمتعفنة. وأحيانا تجدها وقد ملأتها الديدان والبراغيث. وكل تلك قذارة تدعو المرء الطبيعي للتقزز والاستفراغ، في حين تجد البعض يمرون بهذه المناظر ولا يحركون لها ساكناً، رغم أن مشكلتها يمكن أن تحل ببساطة بدفن تلك الجثث.
وكان ينبغي للدولة تعيين من يقوم بذلك، وفي حال عدم فعلها كان على الأهالي أن يهتموا بحل تلك المشكلة كأن يرفعوا دعوى للدولة لإتخاذ الخطوات اللازمة للتخلص منها. كما يمكنهم ببساطة في حال عدم مساعدة الدولة أن يتعاونوا هم ويقوموا بدفن تلك الجثث. وكذلك يمكنهم مطالبة الدولة بتنظيم حملات دورية للنظافة وتخصيص سيارات القمامة لأخذ النفايات أسبوعيا من المنازل أو الأماكن المخصص لجمعها والتخلص منها بطرق احترافية لا تضر بصحة البيئة.
التبول والتبرز في الطرقات
ومن المنكرات التي تحدث في بعض البلاد المتأخرة التبول في الطرقات. وأحياناً يصل الأمر للتبرز أيضاً. وهذا ينشر الروائح المنتنة والقرف ويسيء لمظهر الدولة ويجعلها تبدو من عداد الدول المتخلفة. ومن المدهش ان هذا لم يعد يقتصر على الدول المتخلفة؛ بل شوهد مؤخرا في بعض شوارع أمريكا حيث يتجمع المؤمنون والمتشردون على شوارع معين. ومع ذلك لا تلقي لهم الدولة بالا أو تحاول تصحيح الوضع. وترك تلك القاذورات على الطرقات يجلب الشياطين التي تتغذى عليها. كما أنه يساعد على جذب الذباب وتكاثره ونقله للأمراض مثل التيفويد. وأحيانا ينشر الأوبئة الخطيرة مثل الكوليرا.
ولحل تلك المشكلة ينبغي للدولة إنشاء حمامات عامة ليستعملها المارة. وتكون في الأماكن العامة الأكثر ازدحاما مثل محطات البصات والقطارات والمرافق العامة كالحدائق والمنتزهات العامة ومكاتب الحكومة، لاسيما التي يتراود عليها الكثير من الناس لقضاء مصالحهم مثل مكاتب الجوازات واستخراج الأوراق الرسمية ونحوه. وكذلك في المدارس والجامعات الحكومية ودور العلم والمساجد.
وحيثما يجتمع الناس لابد وأن يكون هناك مراحيض، لأنهم بشر ولابد لهم من أماكن مخصصة لقضاء حاجتهم عند اضطرارهم. وإن لم توفرها الدولة لهم قاموا بذلك بشكل غير لائق اضطرارا أو اختيارا من عديمي الآداب الذين يوجد القليل منهم في كل مجتمع لا محال؛ ومن ثم تظهر مثل هذه المناظر الكئيبة الجالبة للغم والقرف. وعلى الدولة أيضا تعيين عمال النظافة الذين يقومون برعاية تلك المرافق بشكل دوري. وينبغي وضع لافتات توجه الناس لأماكنها كما في الدول المتقدمة ووضع لافتات توجه مستخدمي تلك المرافق للحفاظ على نظافتها وحسن التصرف.
السخرية بمن يلتزم بالقوانين
من المنكرات أيضاً في الشوارع السخرية بمن يلتزم بقوانين الطريق وإيذائه بالكلمات والتصرفات الغير مستساغة. ومن المواقف التي ذُكرت لي من شخص حدثت له شخصياً أنه كان يسوق السيارة في أحدى المدن ثم صادفته علامة (قف)، فوقف رغم أن الطريق كان خالياً، وذلك لتعوده على الالتزام بالقوانين واحترامها في كل الظروف لعيشه لسنين طويلة في بلاد الغرب. فما كان من السائق الذي خلفه إلا أن خلعه بصوت البوري أو الكلكس العالي والذي ضغطه لوقت من الزمن. وكان به من السخرية والضيق ما لا يخفى.
وموقف آخر رأيته لامرأة عجوز تقود سيارتها ببطء ويبدو أن نظرها ضعيف؛ فقام من خلفها بضغط البوري وبالتذمر. في حين أنه كان ببساطة يمكنه تغيير خط الشارع إلى آخر. وهي سيدة كبيرة في السن تحاول أن تعتني بنفسها وتقوم بأمورها، فكان ينبغي له الاحترام والترفق بها بدلاً من إزعاجها وإخافتها. قال ﷺ: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)[8]. وقال: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا)[9].
جلوس الشباب في الطرقات للتجسس والغيبة
ومن المنكرات في الشوارع جلوس الشباب في الطرقات ومراقبة المارة والتعليق على أشكالهم وسلوكهم ومظاهرهم. فهذا فعل ليس من الذوق بمكان، كما أن به معصية القطيعة التي حرمها الله. قال ﷺ: (أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)[10].
وفيه أيضا شيء من مراقبة الناس والتجسس عليهم ومضايقتهم بذلك. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)[11]. وقال ﷺ: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا)[12].
وقد يعرض ذلك المارة للإصابة بالعين والحسد واصابتهم بأضرار بليغة من أثر ذلك. وهذا خلاف ما يصحب ذلك من النظر إلى الحرام، حيث لا شك أن من المارة نساء وفتيات. وقد أمرنا الله تعالى بغض البصر. قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِين َ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[13].
وقد نهانا النبي ﷺ عن الجلوس في الطرقات لغير ضرورة. وإن كنا لابد فاعلين فعلينا بإعطاء الطريق حقها الذي هو غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سرقة الطريق وقطع المسارات
ومن السخافات التي يفعلها بعض السائقين في الطرقات سرق الطريق ومقاطعة السيارات والتضييق عليهم في الطرقات. وفي كثير من الأحيان لا يكون هناك ضرورة لذلك أو عجلة وحالة طوارئ. فتجد السائق يقطع الطريق على الآخر بتغيير خطه وحشر عربته أمام أخرى في مسافة ضيقة وأحيانا دون أن يكون فَعَّل إشارة تغيير الطريق في سيارته. وهذا لا شك أنه يضايق كثير من السائقين ويعرضهم للحوادث أو مجرد الإخافة والتوتر. وهذا فيه أذى للناس وأذى المسلم محرم. قال ﷺ: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)[14].
وإن كان السائق في حالة طوارئ واستعجال فليحاول بقدر الإمكان تغيير خطه دون أن يقطع على الآخرين الشارع، بأن يترك مسافة كافية بينه وبين العربة التي يريد أن يدخل أمامها حتى لا يفزع السائق الآخر أو يعرضه لحادث. ويمكن أن ينير أنوار الطوارئ ويضغظ على البوري برفق دون أن يفزع الناس. وليتذكر أنه وإن كان في طوارئ فإن قطع الطريق قد يعرضه لطوارئ أشد منها بعمل حادث قد يذهب بحياته وحياة غيره. وليحاول الإنسان ألا يؤخر القيام بمهامه حتى يصبح عليه الإسراع بها ويضطر لفعل مثل تلك المواقف. وكثيرا ما ينسى الإنسان أمور مهمة أو يفسد أموره بسبب العجلة. وكما قيل “في العجل الندامة وفي التأني السلامة”.
منكرات الشوارع وآداب الطريق في الإسلام: أسبابها وسبل معالجتها وتعميرها
مراعاة قوانين الأمان واستخدام الشوارع
التفحيط والاستعراض بالسيارات
ومن المنكرات والتي تنتشر في العالم، ولكنها للأسف تنتشر بشكل أكبر في بعض بلاد المسلمين هي ما يسمى بظاهرة التفحِّيط. وهي ظاهرة خطيرة جدا وتعرض الناس للموت وخطر الحوادث. وأسوأ ما فيها أنها لا تعرض حياة السائق فقط للخطر بل حياة الآخرين من الحضور في الطريق. وفيها من الاستهانة بحياة الناس ما فيها. وهي تكاد تشبه عملية الانتحار التي تودي بصاحبها للنار، حيث من يقوم بمثل تلك التصرفات يعلم يقينا مدى خطورتها وإمكانية تأذيه وموته منها. كما أنه يمكن أن يؤذى الآخرين أيضاً فيها. فإذن هي من أخبث الأفعال وأشدها جرماً وتجاوزاً للمعقول في حقوق الناس وسلامتهم. كما أن فيها عدم احترام لتعاليم الدين الحنيف الذي أمر بحفظ النفس. قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)[15].
مخالفة القوانين والاستهتار بها
ومن المنكرات في الطرقات مخالفة القوانين والاستهتار في القيادة وعدم احترام قواعد المرور. فينتج عن ذلك فوضى وعدم نظام وتكثر الحوادث ويموت الأبرياء بلا ذنب. ومن أمثلتها أن يقود سائق عربته في اتجاه مخالف لاتجاه الشارع ليتجاوز ما أمامه من عربات. وهذه الحركة تحديداً نتجت منها حوادث فظيعة.
أحدها أن في أثناء تجاوز أحد العربات حدث حادث مروع اصطدمت فيه العربتان في الاتجاهين المخالفين بالإضافة لعربة السائق الفاعل لهذه الجريمة. فمات عن ذلك ثلاث أشخاص، اثنان بريئان وثالث قاتل تسبب في موتهما وموته بسبب استهتاره وعدم احترامه لقوانين القيادة التي تنظم السير بأمان في الشوارع. ومن يتسبب في قتل نفس عمدا فله نار جهنم. قال تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[16]. كما أنه تعالى حرم أن يقتل الإنسان نفسه. قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)[17]. وقال ﷺ: (من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)[18].
ولا شك أن المستهتر بقوانين القيادة والذي يعمل أعمال خطرة يعلم في قرارة نفسه مدى خطورة هذه الأفعال وأنها قد تهلكه وتهلك غيره؛ ومع ذلك يستمر في القيام بها، وربما أودت بحياته وحياة غيره أو تسببت في أصابته بجروح وكسور وإعاقة. فما يكون حكمه عندها؟! ومن أمثلة ذلك من يقوم بالتفحِّيط والتخطي والذي يقود بسرعة جنونية أو حتى غير جنونية ولكن في شوارع مزدحمة وبطيئة الحركة.
اختلاط مقاعد الرجال والنساء في المواصلات العامة
من الأشياء التي تخالف تعاليم ديننا والتي تحدث في بعض البلاد هو اختلاط مقاعد الرجال والنساء في المواصلات العامة. وهذا فيه من الشر ما فيه؛ حيث تلتصق أجسامهم بحكم ضيق المقاعد. وهذا منكر كبير وقد يؤدي إلى الفتن والفواحش. والاختلاط على هذا الشكل لا يجوز حيث به فتنة للناس، ويمكن أن يمهد للشر ويعطي فرص لتعارف الشباب والبنات وتبادل أرقام الهواتف وعمل علاقات غير مشروعة.
وينبغي على كل دولة مسلمة التدخل لتنظيم هذا الأمر، وأمر ملاك بصَّات المواصلات العامة بتخصيص المقاعد الأمامية للنساء والخلفية للرجال. وبفضل الله هذا النظام مطبق في بعض البلدان المسلمة ولم يجد فيه الركاب إلا كل راحة واسترخاء وحفظ مجتمعاتهم من الفتن وشرورها.
تبرج النساء في الشوارع
تبرج النساء في الشوارع من المنهيات التي نهى عنها الشارع. فالله تعالى فرض الحجاب على نساء المسلمين، والتبرج لا يتماشى مع الحجاب. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[19].
تجول بائعات الهوى
من الأمور التي رصدت في بعض المناطق السيئة تجوال بائعات الهوى في ساعات متأخرة من الليل في الشوارع. ويلبسن عادة ملابس فاضحة ويعرضن بضاعتهن الرخيصة لشرار المجتمع. وهذا لا شك أنه حرام وفاحشة؛ لأنه زنا ويصطحبه مجاهرة بالمعصية. فلا يهتم هؤلاء النساء ولا زبائنهم بالتستر على المعصية ولا بالخوف من عذاب الله.
وهؤلاء الزناة يعرضون أنفسهم لخطر عدوى الأمراض العضال كالأيدز والهيربس وغيرها. كما أنهم يفقدون الشرف والحياء ويقعون في جريمة من كبائر الذنوب التي توجب الحد وعذاب القبر وعذاب النار. قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)[20].
قال ﷺ: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)[21].
وقال: (فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور – قال: فأحسب أنه كان يقول – فإذا فيه لغط وأصوات قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا … وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني).
بيع أطعمة فاسدة في الشوارع
وكثيرا ما نجد بائعي أطعمة الشارع كالشاورما والذرة والتاكو وغيرها. ومن المؤسف أن نجد أحيانا أن هذه الأطعمة قذرة وتسبب الأمراض كالكوليرا والنزلات المعوية. ورصدت مقاطع تكشف عن قذارة تصرفات بعض البائعين. ومن أمثلتها غسل الصحون بماء البالوعة، وهذا المقطع رصد في الهند وليس في بلد مسلم ولله الحمد على نعمة الإسلام. ولكن حوادث الإسهال بعد تناول مثل هذه الوجبات تحدث في بلاد المسلمين أيضاً.
الخلوات المحرمة بين الجنسين
وفي بعض الشوارع لاسيما حول الكورنيش والسواحل والكافيتريات والمنتزهات والأماكن الترفيهية تجد الخلوات المحرمة بين الجنسين. فتجد كل شاب وفتاة يجلسون لوحدهما يتبادلون الأحاديث التي يتخللها الغزل وكلمات الحب والغرام. وكل هذا حرام قطعاً. فلا تحل الخلوة بأجنبية حتى ولو كانت خطيبة، وهي بريد للزنا ومداخل الشيطان. قال ﷺ: (لا يخلون بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان)[22]. فتجدهما يتخفيان عن الأهل والناس ليتبادلا الكلام المعسول وأحياناً القبلات ومسك الأيادي.
وربما أردفا جلستهما الشيطانية تلك باجتماع في شقة أو مكان ليقضيا لذتهما العابرة ثم بعد ذلك يعانيان من تبعاتها لبقية حياتهما.
وربما انتهى الأمر بحمل زنا وإجهاضه أو طفل برئ ألقي به في سلة القمامة. فاجتمعت الكبائر والذنوب المركبة نتيجة تلك اللقاءات الشيطانية والتي يزينها الشيطان للناس ويبديها لهم وكأنها بريئة ولا ضير فيها. فأي خير جنينا من ذلك؟ وأي خير تجنيه البلاد والمجتمع من هذا كله؟ أليس كان أفضل للدولة منع تلك الإجتماعات وفرض القوانين التي تعنى بالآداب الإسلامية ومنع الفواحش والمنكرات.
انتشار المتشردين وقاذوراتهم
انتشار المتشردين وخيمهم وأوساخهم من المنكرات التي ترى من حين لأخر في الشوارع. وعيش هؤلاء في الشوارع ينشر القاذورات فيها والفضلات التي تؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة والأمراض. كما أنها تكشف عوراتهم وخصوصياتهم على ملأ الناس مما لا يليق بمجتمع مسلم ولا أمة متحضرة.
ومن الأفضل أن توفر لهم الدولة أماكن لإيوائهم ولو مؤقتا حتى يجدوا عملا. وتساعدهم في إيجاد فرص عمل لهم يتناسب قدراتهم وخبراتهم وما يستطيعون القيام به.
وهناك الكثير من الأعمال التي لا تحتاج الكثير من الخبرة أو التعليم، كالزراعة والنظافة والتجارة ونحوها. فأي إنسان عادة يستطيع القيام بها. وإن لم تكن هناك ميزانية واسعة لذلك فيمكن حتى نصب خيام لهم في مكان مخصص لهم بعيد عن الشوارع وأعين الناس. وذلك أحفظ لكرامتهم وخصوصياتهم ويسترهم عن أعين الناس واشمئزازهم وأسلم لهم ولأطفالهم وحرماتهم.
ويمكن للدولة عمل مشاريع مختلفة مثل المشاريع الزراعية أو تربية الحيوانات أو مصانع الغزل والأواني والأدوات وغيرها. وتعيِّنَهم للعمل فيها بأجور تغطي حاجتهم ليستطيعوا الخروج من معسكرات المتشردين؛ وتتوفر بذلك الفرصة لإيواء آخرين وتساعدهم حتى يجدوا عملا. فتستفيد الدولة من عملهم ويستفيدوا هم منها ويزيد ذلك من الإنتاج ويدعم القطاع الزراعي والحيواني والصناعي.
وإن لم تقم بذلك الدولة فسينتشر ويزيد مكوث هؤلاء في الشوارع وما ينتج عنه من شرور وأضرار للمجتمع كالجرائم والأوساخ والأمراض وغيرها. وسيسوء منظر المدينة ويجعلها تبدو بائسة وفقيرة ومجلبة للغم والكآبة وينفر منها السياح ويضر ذلك باقتصادها ونموها وجمالها.
جريمة صدم وهروب (Hit-and-Run)
من الجرائم الشريرة في الحوادث هي ما يسمى في الغرب بمصطلح (Hit-and-Run) أو اصدم واهرب. وتعني أن يصدم السائق سيارته بسيارة أخرى ثم يهرب. ويكون ذلك عادة عند توقيف السيارة في الموقف أو صدم سيارة ثم الهرب. ومن اسوأ ما رصدته سجلات الجرائم حوادث صدم عربة لشخص والهروب مع تركه ملقى في الطريق ينزف حتى الموت دون مساعدته. وفي غالب الأحوال لا يكون ذلك بقصد من السائق، ولكنه لا يزال يجرم بهروبه دون أن يساعد المصدوم ويحاول إنقاذه أو دون أن يعترف بجريمته ويبحث عن سائق السيارة التي صدمها ليتفقا فيما سيفعلا. فعليه أن يصلح تلك السيارة التي صدمها إن لم يسامحه صاحبها.
ولذا كان عليه البحث عنه وطلب السماح منه أو أن يتفق معه عن كيف ومتى سيصلحها له. وهذا حق لصاحب السيارة يتغافل عنه كثير من السائقين. وذلك لما أصابه من ضرر في حق له ولأنه سيضطر يدفع من ماله لإصلاح ما كسره غيره. قال ﷺ: (لا ضرر ولا ضرار)[23]. وقال: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره … كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه)[24].
وذلك الفعل لا شك أن فيه ظلم له. وأهون على الفاعل أن يصلح السيارة من أن يقتص منه صاحبها يوم القيامة. ويتبع لذلك الباب من يقومون بعمل الحوادث المفتعلة لقتل الآخرين أن إيذاءهم في أبدانهم أو أموالهم أو غيره. وكل ذلك حرام سيسأل عنه يوم القيامة.
تعارك الصبيان والشباب
ومن الأشياء التي شُوهِدت في الشوارع، لاسيما في الأحياء الشعبية هو شجار الأولاد والشباب وتراشقهم بالشتائم. وكثيرا ما يصل الأمر إلى العراك والتضارب بالأيدى والأذى الجسدي. وهذا يخالف تعاليم الإسلام. فالمسلمون ينبغي أن يكونوا أخوة ويتسامحوا مع بعضهم ويكظموا الغيظ ويعفوا عن الناس. واتباع الغضب يورث الندم والخطأ في حق النفس وحق الآخرين مما قد يؤدي بصاحبه إلى إرتكاب الجرائم التي تنتهي بصاحبها في السجون مع المجرمين. وربما وصل الأمر إلى القتل العمد وينتهي بصاحبه إلى حبل المشنقة فيخسر حياته ويلاقي حسابه يوم القيامة. قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً)[25]. وقال: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[26].
وأحياناً يكون التعارك من اللعب ولكن لا يزال الأفضل تركه لما قد يجلبه من أذى جسدي قد يصل لحد الجروح والكسور.
قطع أشجار الطريق بلا مبرر
ومن المنكرات قيام بعض الناس بقطع الأشجار في الطريق دون سبب. وذلك رغم أنها تكون مأوى وظل المارة والمنتظرين للمواصلات وغيرهم، تحمي الناس والحيوانات من حرارة الشمس وسخونتها وتكون رحمة كبيرة لهم في الأيام الحارة. وبعضها يكون مصدر طعام وثمار، كما أن فيها زينة وجمال الطريق. وتكلف تربيتها الكثير من العناية والتعب والماء الذي قد لا يتوفر إلا بصعوبة كبيرة.
معاكسة الفتيات والنساء
معاكسة الفتيات من المنكرات التي تحدث في الشوارع وتنتشر بكثرة. وعادة تتعرض لها المتبرجات أكثر من المحجبات. وفي كل الأحوال هي تلحق أذى معنويا للفتاة. فتتوتر منها وتلاحقها ألسنة الناس وهي لا ذنب لها. وربما يصل الأمر إلى الاغتصاب والأذى الجسدي. وهذا من الكبائر. فيحرم على المسلم انتهاك أعراض الغير والوقوع في جريمة الزنا. والاغتصاب هو زنا ولكن يردفه بانتهاك أعراض الغير وهتك حقوقهم. وليفكر المغتصب مرارا قبل أن يقوم بهذه الجريمة البشعة. فهو يدمر حياة إنسانة بريئة ويلوث شرفها وسيعرض نفسه لإقامة الحد عليه أو الحبس وعقاب النار. وستأتيه تلك الضحية وتطالبه بحقها يوم القيامة.
التجوال مع الكلاب دون لجام
بعض الناس لاسيما في بلاد الغرب والأحياء الغنية يتجولون في الشوارع مع كلابهم، والتي تكون أحياناً دون لجام. فتؤذي كثير من الناس بعضها وهجومها عليهم. وهذا لابد وأنه منكر ويعرض الآخرين للأخطار. والكلب حيوان شرس في معظم الأحيان؛ ولا ينبغي التجوال معه في الشوارع دون لجام. هذا غير أن تربية الكلب في حد ذاتها داخل المنزل منهي عنها وتمنع دخول الملائكة البيت. فهو حيوان قذر ولا يستساغ أن يكون داخل المنزل ويعرض الصغار للعابه ونجاسته وعنفه.
عدم السماح للمشاة بقطع الطريق
كثيرا ما تتسارع العربات ويكون جموع من الناس وقوف يريدون قطع الطريق ولا يستطيعون. ولا تتوقف لهم السيارات ليسيروا بسلام. وينبغي على الدولة وضع مواضع لقطع الطرق وتزويدها بالإشارات التي تنظم ذلك. وهذا مكلف جدا، ولذا لا يوجد في كل الشوارع ولا في كل البلاد. وعلى المشاة في هذه الحال الاعتماد على ذوق سائقي السيارات للتوقف والسماح لهم بقطع الطريق بسلام. فليتلطفوا بهم ويتوقفوا لاسيما إن اجتمع جمع منهم. وفي هذا أجر لأن فيه تيسير على الناس.
شجار الكلكسات (أبواق السيارات)
من الظواهر المضحكة والمؤسفة في نفس الوقت هو ما اسميه مجازا بشجار الكلكسات. حيث رأينا في شوارع بعض البلاد حوادث يقوم السائقين فيها بالتخاطب بلغة الكلكسات والتي تكون في شكل شجار غالباً. وذلك ملموس من طريقة الضغط على البوري والمدة التي يستمرها والموقف بين السائقين. مثلا أن يقطع سائق الطريق على سائق آخر، فيقوم الثاني بالضغط على البوري بطريقة غضب، ويقوم الأول بالرد عليه بنفس الطريقة، وهكذا يبدأ الشجار بينهم بتلك الكلكسات وهي لا حول لها ولا قوة. فيثير ذلك التغاضب بين السائقين.
يتبع
منال محمد أبو العزائم
حاجة الدولة المسلمة لتعمير الشوارع
منكرات الشوارع: أسبابها وآثارها
أبرز منكرات الشوارع
الدعاء بالشر والسبّ والشتم
التلاعن واللعن
رمي الأوساخ والقاذورات
جثث الحيوانات الميتة
التبول والتبرز في الطرقات
السخرية بمن يلتزم بالقوانين
جلوس الشباب في الطرقات للتجسس والغيبة
سرقة الطريق وقطع المسارات
التفحيط والاستعراض بالسيارات
مخالفة القوانين والاستهتار بها
اختلاط مقاعد الرجال والنساء في المواصلات العامة
تبرج النساء في الشوارع
تجول بائعات الهوى
بيع أطعمة فاسدة في الشوارع
الخلوات المحرمة بين الجنسين
انتشار المتشردين وقاذوراتهم
جريمة صدم وهروب (Hit-and-Run)
تعارك الصبيان والشباب
قطع أشجار الطريق بلا مبرر
معاكسة الفتيات والنساء
التجوال مع الكلاب دون لجام
عدم السماح للمشاة بقطع الطريق
شجار الكلكسات (أبواق السيارات)
تخريب العربات والممتلكات
سرقة المواقف والمحجوزات
اغتصاب الأرض بالتوسع في الأسوار
إيذاء المارة بالتعليقات السخيفة
الملاهي الليلية والمجون
التنافس غير الشريف بين المحلات
تسكع الفتيات في الشوارع
البصق على الطرقات
تصوير الناس دون إذن
انتشار المتسولين
ملاحقة البائعين للناس
تخريب الممتلكات العامة
بيع المواد الممنوعة (مخدرات وخمور)
اختطاف الأطفال
حقوق الطريق وآدابه في الإسلام
غض البصر
كف الأذى
رد السلام
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
آداب ومندوبات الطريق
إلقاء السلام
إماطة الأذى عن الطريق
تعمير الشوارع وتطويرها
بناء ورصف الطريق
تخطيطها وإنشاء الكباري والجسور
نظافتها وتشجيرها
تشييد البنية التحتية ومصارف المياه
إنارة الشوارع وتزيينها
تشييد المرافق العامة والمنتزهات ودورات المياه
الخاتمة
منكرات الشوارع وآداب الطريق
الشوارع والطرقات شرايين حياة المدن، بها تتم حركة الناس ونقل البضائع ونمو الاقتصاد. وفي الوقت ذاته، تتعرض هذه الشوارع لجملة من المنكرات والممارسات الخاطئة التي تخالف تعاليم الإسلام وآدابه. يهدف هذا المقال إلى إلقاء الضوء على منكرات الشوارع، وآداب الطريق، وأهمية تعمير الطرق والاعتناء بها، وفق منهج الدين الإسلامي الحنيف.
الشوارع ليست مجرّد مسارات لعبور السيارات والمشاة، بل هي شرايين حياة المدن. من خلالها تصل الأطعمة والسلع، وينتقل الناس إلى أعمالهم ومدارسهم، وينمو الاقتصاد. لذلك، على الدولة المسلمة العناية بالطرق وتطويرها وصيانتها، ووضع ميزانيات ومهندسين متخصصين لإنشائها وتوسيعها، وبناء بنية تحتية قوية لها.
حاجة الدولة المسلمة لتعمير الشوارع
والدولة المسلمة كغيرها من البلدان تحتاج إلى النمو والتطور؛ ولذا عليها بالعناية بالطرق والشوارع وتخصيص ميزانية لتطويرها وصيانها واتساعها وامتدادها في أنحاء البلاد. كما عليها تعيين مهندسين ذو كفاءة وخبرة في هندسة المساحة والمدنية وغيرها لتطوير الشوارع وتنميتها. ولا ينبغي أن تكون مجرد اسفلت يكب على تراب، بل لابد أن تكون لها بنية تحتية من طبقات مدروسة ومختبرة.
كما يجب أن يكون لها تصريف حتى لا تغرق في وقت الفيضان وتغرق معها الناس. وتهدم المباني وتدمر المرافق العامة. وهذا جزء من العمران المطلوب في الإسلام وجزء من خلافة الإنسان لله في الأرض. قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)[1]. والشوارع هامة كذلك لحماية الدولة الإسلامية من الأعداء وسد ثغرات الحدود. كما عن طريقها تنمو البلاد ويزدهر اقتصادها. ولذا كان حريا بالدولة العناية بها.
منكرات الشوارع: أسبابها وآثارها
كما هي هامة العناية الحسية بالشوارع فالعناية المعنوية أيضا هامة، وبها تسمو أخلاق الناس وتعاملهم مع بعضهم البعض في الشوارع. والمتأمل لما يدور في الشوارع في مختلف أنحاء العالم يجد فيها بعض السلبيات كما بها بعض الإيجابيات. ونفس الأمور توجد في البلاد الإسلامية؛ حيث هناك العديد من الظواهر التي تخالف تعاليم ديننا الإسلامي والتي تختلف باختلاف البلد حتى الحي. وسنتطرق لبعض منها، ثم لحقوق الشوارع وتعميرها.
أبرز منكرات الشوارع
ومن أبرز منكرات الشوارع ما يأتي:
الدعاء بالشر والسبّ والشتم
ومن العادات السيئة المنتشرة في بعض الشوارع الدعاء بالشر. ولقد لفتت نظري هذه الظاهرة عندما كنت أزور أكثر من بلد عربي ومسلم. وتفاجأت بسماع سائق تاكسي يقول للسائقين الآخرين (يخرب بيوتكم). وفي مرة أخرى سمعت آخر يقول (يا ولاد الكلب)، وآخر ينادي (يا حيوان)، وغيرها من الشتائم والألفاظ النابية والتي لا تليق بالإنسان، ناهيك عن أن تصدر من مسلم. ومعروف في الإسلام حرمة السب والشتم للمسلم. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[2]. وقال ﷺ: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه)[3].
هذه تعاليم ربانية بعدم شتم المسلمين والنهي عن ظلمهم. ورغم ذلك تجد هؤلاء السائقين يتراشقون بهذه الألفاظ النابية بسبب أو بدون سبب. وأحيانا يأتي ذلك لأتفه الأسباب مثل أن يدخل سائق الطريق أو يغير خطه.
التلاعن واللعن
وليس ما سبق ذكره هو الأسوأ، بل سمعت في بلد آخر التلاعن بين السائقين؛ كأن يقول السائق للآخر (الله يلعنك). ويتلفظون بذلك وكأنه أمر هين لا جرم فيه. واللعن هو الطرد من رحمة الله. أي هو اسوأ ما يمكن أن يحدث لأي إنسان. فالمطرود من رحمة الله مصيره إلى النار ولا ينقذه منها أحد. واللعن منهي عنه في الإسلام. قال ﷺ: (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)[4]. وقال: (إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن، فإن كان لذلك أهلا وإلا رجعت إلى قائلها)[5].
رمي الأوساخ والقاذورات
ومن المنكرات التي تخالف تعاليم ديننا هي ظاهرة رمي الأوساخ وأكياس القمامة في الشوارع. وهذا يخالف تعاليم الإسلام الذي حث على النظافة في مواطن كثيرة وإماطة الأذى عن الطريق. قال تعالى: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين َ)[6]. وقال ﷺ: (الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون، شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)[1]. وقال: (الطهور شطر الإيمان)[7]. ولا شك أن مثل هذه الأفعال تنشر القاذورات والروائح الكريهة وتجمع النفايات التي يجلب منظرها الكآبة والغم للمارة مما يتدنى بالمستوى الحضاري للدولة. كما أن نشر الأوساخ يساعد على نشر الأمراض.
جثث الحيوانات الميتة
ومن المناظر المنكرة رؤية جثث الحيوانات الميتة ملقاة على أطراف الشوارع وبجوانب حاويات القمامة. وقد يكون بعضها تعفن وانتفخ من الغازات السامة ذات الرائحة الكريهة والمتعفنة. وأحيانا تجدها وقد ملأتها الديدان والبراغيث. وكل تلك قذارة تدعو المرء الطبيعي للتقزز والاستفراغ، في حين تجد البعض يمرون بهذه المناظر ولا يحركون لها ساكناً، رغم أن مشكلتها يمكن أن تحل ببساطة بدفن تلك الجثث.
وكان ينبغي للدولة تعيين من يقوم بذلك، وفي حال عدم فعلها كان على الأهالي أن يهتموا بحل تلك المشكلة كأن يرفعوا دعوى للدولة لإتخاذ الخطوات اللازمة للتخلص منها. كما يمكنهم ببساطة في حال عدم مساعدة الدولة أن يتعاونوا هم ويقوموا بدفن تلك الجثث. وكذلك يمكنهم مطالبة الدولة بتنظيم حملات دورية للنظافة وتخصيص سيارات القمامة لأخذ النفايات أسبوعيا من المنازل أو الأماكن المخصص لجمعها والتخلص منها بطرق احترافية لا تضر بصحة البيئة.
التبول والتبرز في الطرقات
ومن المنكرات التي تحدث في بعض البلاد المتأخرة التبول في الطرقات. وأحياناً يصل الأمر للتبرز أيضاً. وهذا ينشر الروائح المنتنة والقرف ويسيء لمظهر الدولة ويجعلها تبدو من عداد الدول المتخلفة. ومن المدهش ان هذا لم يعد يقتصر على الدول المتخلفة؛ بل شوهد مؤخرا في بعض شوارع أمريكا حيث يتجمع المؤمنون والمتشردون على شوارع معين. ومع ذلك لا تلقي لهم الدولة بالا أو تحاول تصحيح الوضع. وترك تلك القاذورات على الطرقات يجلب الشياطين التي تتغذى عليها. كما أنه يساعد على جذب الذباب وتكاثره ونقله للأمراض مثل التيفويد. وأحيانا ينشر الأوبئة الخطيرة مثل الكوليرا.
ولحل تلك المشكلة ينبغي للدولة إنشاء حمامات عامة ليستعملها المارة. وتكون في الأماكن العامة الأكثر ازدحاما مثل محطات البصات والقطارات والمرافق العامة كالحدائق والمنتزهات العامة ومكاتب الحكومة، لاسيما التي يتراود عليها الكثير من الناس لقضاء مصالحهم مثل مكاتب الجوازات واستخراج الأوراق الرسمية ونحوه. وكذلك في المدارس والجامعات الحكومية ودور العلم والمساجد.
وحيثما يجتمع الناس لابد وأن يكون هناك مراحيض، لأنهم بشر ولابد لهم من أماكن مخصصة لقضاء حاجتهم عند اضطرارهم. وإن لم توفرها الدولة لهم قاموا بذلك بشكل غير لائق اضطرارا أو اختيارا من عديمي الآداب الذين يوجد القليل منهم في كل مجتمع لا محال؛ ومن ثم تظهر مثل هذه المناظر الكئيبة الجالبة للغم والقرف. وعلى الدولة أيضا تعيين عمال النظافة الذين يقومون برعاية تلك المرافق بشكل دوري. وينبغي وضع لافتات توجه الناس لأماكنها كما في الدول المتقدمة ووضع لافتات توجه مستخدمي تلك المرافق للحفاظ على نظافتها وحسن التصرف.
السخرية بمن يلتزم بالقوانين
من المنكرات أيضاً في الشوارع السخرية بمن يلتزم بقوانين الطريق وإيذائه بالكلمات والتصرفات الغير مستساغة. ومن المواقف التي ذُكرت لي من شخص حدثت له شخصياً أنه كان يسوق السيارة في أحدى المدن ثم صادفته علامة (قف)، فوقف رغم أن الطريق كان خالياً، وذلك لتعوده على الالتزام بالقوانين واحترامها في كل الظروف لعيشه لسنين طويلة في بلاد الغرب. فما كان من السائق الذي خلفه إلا أن خلعه بصوت البوري أو الكلكس العالي والذي ضغطه لوقت من الزمن. وكان به من السخرية والضيق ما لا يخفى.
وموقف آخر رأيته لامرأة عجوز تقود سيارتها ببطء ويبدو أن نظرها ضعيف؛ فقام من خلفها بضغط البوري وبالتذمر. في حين أنه كان ببساطة يمكنه تغيير خط الشارع إلى آخر. وهي سيدة كبيرة في السن تحاول أن تعتني بنفسها وتقوم بأمورها، فكان ينبغي له الاحترام والترفق بها بدلاً من إزعاجها وإخافتها. قال ﷺ: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)[8]. وقال: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا)[9].
جلوس الشباب في الطرقات للتجسس والغيبة
ومن المنكرات في الشوارع جلوس الشباب في الطرقات ومراقبة المارة والتعليق على أشكالهم وسلوكهم ومظاهرهم. فهذا فعل ليس من الذوق بمكان، كما أن به معصية القطيعة التي حرمها الله. قال ﷺ: (أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)[10].
وفيه أيضا شيء من مراقبة الناس والتجسس عليهم ومضايقتهم بذلك. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)[11]. وقال ﷺ: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا)[12].
وقد يعرض ذلك المارة للإصابة بالعين والحسد واصابتهم بأضرار بليغة من أثر ذلك. وهذا خلاف ما يصحب ذلك من النظر إلى الحرام، حيث لا شك أن من المارة نساء وفتيات. وقد أمرنا الله تعالى بغض البصر. قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِين َ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[13].
وقد نهانا النبي ﷺ عن الجلوس في الطرقات لغير ضرورة. وإن كنا لابد فاعلين فعلينا بإعطاء الطريق حقها الذي هو غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سرقة الطريق وقطع المسارات
ومن السخافات التي يفعلها بعض السائقين في الطرقات سرق الطريق ومقاطعة السيارات والتضييق عليهم في الطرقات. وفي كثير من الأحيان لا يكون هناك ضرورة لذلك أو عجلة وحالة طوارئ. فتجد السائق يقطع الطريق على الآخر بتغيير خطه وحشر عربته أمام أخرى في مسافة ضيقة وأحيانا دون أن يكون فَعَّل إشارة تغيير الطريق في سيارته. وهذا لا شك أنه يضايق كثير من السائقين ويعرضهم للحوادث أو مجرد الإخافة والتوتر. وهذا فيه أذى للناس وأذى المسلم محرم. قال ﷺ: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)[14].
وإن كان السائق في حالة طوارئ واستعجال فليحاول بقدر الإمكان تغيير خطه دون أن يقطع على الآخرين الشارع، بأن يترك مسافة كافية بينه وبين العربة التي يريد أن يدخل أمامها حتى لا يفزع السائق الآخر أو يعرضه لحادث. ويمكن أن ينير أنوار الطوارئ ويضغظ على البوري برفق دون أن يفزع الناس. وليتذكر أنه وإن كان في طوارئ فإن قطع الطريق قد يعرضه لطوارئ أشد منها بعمل حادث قد يذهب بحياته وحياة غيره. وليحاول الإنسان ألا يؤخر القيام بمهامه حتى يصبح عليه الإسراع بها ويضطر لفعل مثل تلك المواقف. وكثيرا ما ينسى الإنسان أمور مهمة أو يفسد أموره بسبب العجلة. وكما قيل “في العجل الندامة وفي التأني السلامة”.
منكرات الشوارع وآداب الطريق في الإسلام: أسبابها وسبل معالجتها وتعميرها
مراعاة قوانين الأمان واستخدام الشوارع
التفحيط والاستعراض بالسيارات
ومن المنكرات والتي تنتشر في العالم، ولكنها للأسف تنتشر بشكل أكبر في بعض بلاد المسلمين هي ما يسمى بظاهرة التفحِّيط. وهي ظاهرة خطيرة جدا وتعرض الناس للموت وخطر الحوادث. وأسوأ ما فيها أنها لا تعرض حياة السائق فقط للخطر بل حياة الآخرين من الحضور في الطريق. وفيها من الاستهانة بحياة الناس ما فيها. وهي تكاد تشبه عملية الانتحار التي تودي بصاحبها للنار، حيث من يقوم بمثل تلك التصرفات يعلم يقينا مدى خطورتها وإمكانية تأذيه وموته منها. كما أنه يمكن أن يؤذى الآخرين أيضاً فيها. فإذن هي من أخبث الأفعال وأشدها جرماً وتجاوزاً للمعقول في حقوق الناس وسلامتهم. كما أن فيها عدم احترام لتعاليم الدين الحنيف الذي أمر بحفظ النفس. قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)[15].
مخالفة القوانين والاستهتار بها
ومن المنكرات في الطرقات مخالفة القوانين والاستهتار في القيادة وعدم احترام قواعد المرور. فينتج عن ذلك فوضى وعدم نظام وتكثر الحوادث ويموت الأبرياء بلا ذنب. ومن أمثلتها أن يقود سائق عربته في اتجاه مخالف لاتجاه الشارع ليتجاوز ما أمامه من عربات. وهذه الحركة تحديداً نتجت منها حوادث فظيعة.
أحدها أن في أثناء تجاوز أحد العربات حدث حادث مروع اصطدمت فيه العربتان في الاتجاهين المخالفين بالإضافة لعربة السائق الفاعل لهذه الجريمة. فمات عن ذلك ثلاث أشخاص، اثنان بريئان وثالث قاتل تسبب في موتهما وموته بسبب استهتاره وعدم احترامه لقوانين القيادة التي تنظم السير بأمان في الشوارع. ومن يتسبب في قتل نفس عمدا فله نار جهنم. قال تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[16]. كما أنه تعالى حرم أن يقتل الإنسان نفسه. قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)[17]. وقال ﷺ: (من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)[18].
ولا شك أن المستهتر بقوانين القيادة والذي يعمل أعمال خطرة يعلم في قرارة نفسه مدى خطورة هذه الأفعال وأنها قد تهلكه وتهلك غيره؛ ومع ذلك يستمر في القيام بها، وربما أودت بحياته وحياة غيره أو تسببت في أصابته بجروح وكسور وإعاقة. فما يكون حكمه عندها؟! ومن أمثلة ذلك من يقوم بالتفحِّيط والتخطي والذي يقود بسرعة جنونية أو حتى غير جنونية ولكن في شوارع مزدحمة وبطيئة الحركة.
اختلاط مقاعد الرجال والنساء في المواصلات العامة
من الأشياء التي تخالف تعاليم ديننا والتي تحدث في بعض البلاد هو اختلاط مقاعد الرجال والنساء في المواصلات العامة. وهذا فيه من الشر ما فيه؛ حيث تلتصق أجسامهم بحكم ضيق المقاعد. وهذا منكر كبير وقد يؤدي إلى الفتن والفواحش. والاختلاط على هذا الشكل لا يجوز حيث به فتنة للناس، ويمكن أن يمهد للشر ويعطي فرص لتعارف الشباب والبنات وتبادل أرقام الهواتف وعمل علاقات غير مشروعة.
وينبغي على كل دولة مسلمة التدخل لتنظيم هذا الأمر، وأمر ملاك بصَّات المواصلات العامة بتخصيص المقاعد الأمامية للنساء والخلفية للرجال. وبفضل الله هذا النظام مطبق في بعض البلدان المسلمة ولم يجد فيه الركاب إلا كل راحة واسترخاء وحفظ مجتمعاتهم من الفتن وشرورها.
تبرج النساء في الشوارع
تبرج النساء في الشوارع من المنهيات التي نهى عنها الشارع. فالله تعالى فرض الحجاب على نساء المسلمين، والتبرج لا يتماشى مع الحجاب. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[19].
تجول بائعات الهوى
من الأمور التي رصدت في بعض المناطق السيئة تجوال بائعات الهوى في ساعات متأخرة من الليل في الشوارع. ويلبسن عادة ملابس فاضحة ويعرضن بضاعتهن الرخيصة لشرار المجتمع. وهذا لا شك أنه حرام وفاحشة؛ لأنه زنا ويصطحبه مجاهرة بالمعصية. فلا يهتم هؤلاء النساء ولا زبائنهم بالتستر على المعصية ولا بالخوف من عذاب الله.
وهؤلاء الزناة يعرضون أنفسهم لخطر عدوى الأمراض العضال كالأيدز والهيربس وغيرها. كما أنهم يفقدون الشرف والحياء ويقعون في جريمة من كبائر الذنوب التي توجب الحد وعذاب القبر وعذاب النار. قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)[20].
قال ﷺ: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)[21].
وقال: (فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور – قال: فأحسب أنه كان يقول – فإذا فيه لغط وأصوات قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا … وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني).
بيع أطعمة فاسدة في الشوارع
وكثيرا ما نجد بائعي أطعمة الشارع كالشاورما والذرة والتاكو وغيرها. ومن المؤسف أن نجد أحيانا أن هذه الأطعمة قذرة وتسبب الأمراض كالكوليرا والنزلات المعوية. ورصدت مقاطع تكشف عن قذارة تصرفات بعض البائعين. ومن أمثلتها غسل الصحون بماء البالوعة، وهذا المقطع رصد في الهند وليس في بلد مسلم ولله الحمد على نعمة الإسلام. ولكن حوادث الإسهال بعد تناول مثل هذه الوجبات تحدث في بلاد المسلمين أيضاً.
الخلوات المحرمة بين الجنسين
وفي بعض الشوارع لاسيما حول الكورنيش والسواحل والكافيتريات والمنتزهات والأماكن الترفيهية تجد الخلوات المحرمة بين الجنسين. فتجد كل شاب وفتاة يجلسون لوحدهما يتبادلون الأحاديث التي يتخللها الغزل وكلمات الحب والغرام. وكل هذا حرام قطعاً. فلا تحل الخلوة بأجنبية حتى ولو كانت خطيبة، وهي بريد للزنا ومداخل الشيطان. قال ﷺ: (لا يخلون بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان)[22]. فتجدهما يتخفيان عن الأهل والناس ليتبادلا الكلام المعسول وأحياناً القبلات ومسك الأيادي.
وربما أردفا جلستهما الشيطانية تلك باجتماع في شقة أو مكان ليقضيا لذتهما العابرة ثم بعد ذلك يعانيان من تبعاتها لبقية حياتهما.
وربما انتهى الأمر بحمل زنا وإجهاضه أو طفل برئ ألقي به في سلة القمامة. فاجتمعت الكبائر والذنوب المركبة نتيجة تلك اللقاءات الشيطانية والتي يزينها الشيطان للناس ويبديها لهم وكأنها بريئة ولا ضير فيها. فأي خير جنينا من ذلك؟ وأي خير تجنيه البلاد والمجتمع من هذا كله؟ أليس كان أفضل للدولة منع تلك الإجتماعات وفرض القوانين التي تعنى بالآداب الإسلامية ومنع الفواحش والمنكرات.
انتشار المتشردين وقاذوراتهم
انتشار المتشردين وخيمهم وأوساخهم من المنكرات التي ترى من حين لأخر في الشوارع. وعيش هؤلاء في الشوارع ينشر القاذورات فيها والفضلات التي تؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة والأمراض. كما أنها تكشف عوراتهم وخصوصياتهم على ملأ الناس مما لا يليق بمجتمع مسلم ولا أمة متحضرة.
ومن الأفضل أن توفر لهم الدولة أماكن لإيوائهم ولو مؤقتا حتى يجدوا عملا. وتساعدهم في إيجاد فرص عمل لهم يتناسب قدراتهم وخبراتهم وما يستطيعون القيام به.
وهناك الكثير من الأعمال التي لا تحتاج الكثير من الخبرة أو التعليم، كالزراعة والنظافة والتجارة ونحوها. فأي إنسان عادة يستطيع القيام بها. وإن لم تكن هناك ميزانية واسعة لذلك فيمكن حتى نصب خيام لهم في مكان مخصص لهم بعيد عن الشوارع وأعين الناس. وذلك أحفظ لكرامتهم وخصوصياتهم ويسترهم عن أعين الناس واشمئزازهم وأسلم لهم ولأطفالهم وحرماتهم.
ويمكن للدولة عمل مشاريع مختلفة مثل المشاريع الزراعية أو تربية الحيوانات أو مصانع الغزل والأواني والأدوات وغيرها. وتعيِّنَهم للعمل فيها بأجور تغطي حاجتهم ليستطيعوا الخروج من معسكرات المتشردين؛ وتتوفر بذلك الفرصة لإيواء آخرين وتساعدهم حتى يجدوا عملا. فتستفيد الدولة من عملهم ويستفيدوا هم منها ويزيد ذلك من الإنتاج ويدعم القطاع الزراعي والحيواني والصناعي.
وإن لم تقم بذلك الدولة فسينتشر ويزيد مكوث هؤلاء في الشوارع وما ينتج عنه من شرور وأضرار للمجتمع كالجرائم والأوساخ والأمراض وغيرها. وسيسوء منظر المدينة ويجعلها تبدو بائسة وفقيرة ومجلبة للغم والكآبة وينفر منها السياح ويضر ذلك باقتصادها ونموها وجمالها.
جريمة صدم وهروب (Hit-and-Run)
من الجرائم الشريرة في الحوادث هي ما يسمى في الغرب بمصطلح (Hit-and-Run) أو اصدم واهرب. وتعني أن يصدم السائق سيارته بسيارة أخرى ثم يهرب. ويكون ذلك عادة عند توقيف السيارة في الموقف أو صدم سيارة ثم الهرب. ومن اسوأ ما رصدته سجلات الجرائم حوادث صدم عربة لشخص والهروب مع تركه ملقى في الطريق ينزف حتى الموت دون مساعدته. وفي غالب الأحوال لا يكون ذلك بقصد من السائق، ولكنه لا يزال يجرم بهروبه دون أن يساعد المصدوم ويحاول إنقاذه أو دون أن يعترف بجريمته ويبحث عن سائق السيارة التي صدمها ليتفقا فيما سيفعلا. فعليه أن يصلح تلك السيارة التي صدمها إن لم يسامحه صاحبها.
ولذا كان عليه البحث عنه وطلب السماح منه أو أن يتفق معه عن كيف ومتى سيصلحها له. وهذا حق لصاحب السيارة يتغافل عنه كثير من السائقين. وذلك لما أصابه من ضرر في حق له ولأنه سيضطر يدفع من ماله لإصلاح ما كسره غيره. قال ﷺ: (لا ضرر ولا ضرار)[23]. وقال: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره … كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه)[24].
وذلك الفعل لا شك أن فيه ظلم له. وأهون على الفاعل أن يصلح السيارة من أن يقتص منه صاحبها يوم القيامة. ويتبع لذلك الباب من يقومون بعمل الحوادث المفتعلة لقتل الآخرين أن إيذاءهم في أبدانهم أو أموالهم أو غيره. وكل ذلك حرام سيسأل عنه يوم القيامة.
تعارك الصبيان والشباب
ومن الأشياء التي شُوهِدت في الشوارع، لاسيما في الأحياء الشعبية هو شجار الأولاد والشباب وتراشقهم بالشتائم. وكثيرا ما يصل الأمر إلى العراك والتضارب بالأيدى والأذى الجسدي. وهذا يخالف تعاليم الإسلام. فالمسلمون ينبغي أن يكونوا أخوة ويتسامحوا مع بعضهم ويكظموا الغيظ ويعفوا عن الناس. واتباع الغضب يورث الندم والخطأ في حق النفس وحق الآخرين مما قد يؤدي بصاحبه إلى إرتكاب الجرائم التي تنتهي بصاحبها في السجون مع المجرمين. وربما وصل الأمر إلى القتل العمد وينتهي بصاحبه إلى حبل المشنقة فيخسر حياته ويلاقي حسابه يوم القيامة. قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً)[25]. وقال: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[26].
وأحياناً يكون التعارك من اللعب ولكن لا يزال الأفضل تركه لما قد يجلبه من أذى جسدي قد يصل لحد الجروح والكسور.
قطع أشجار الطريق بلا مبرر
ومن المنكرات قيام بعض الناس بقطع الأشجار في الطريق دون سبب. وذلك رغم أنها تكون مأوى وظل المارة والمنتظرين للمواصلات وغيرهم، تحمي الناس والحيوانات من حرارة الشمس وسخونتها وتكون رحمة كبيرة لهم في الأيام الحارة. وبعضها يكون مصدر طعام وثمار، كما أن فيها زينة وجمال الطريق. وتكلف تربيتها الكثير من العناية والتعب والماء الذي قد لا يتوفر إلا بصعوبة كبيرة.
معاكسة الفتيات والنساء
معاكسة الفتيات من المنكرات التي تحدث في الشوارع وتنتشر بكثرة. وعادة تتعرض لها المتبرجات أكثر من المحجبات. وفي كل الأحوال هي تلحق أذى معنويا للفتاة. فتتوتر منها وتلاحقها ألسنة الناس وهي لا ذنب لها. وربما يصل الأمر إلى الاغتصاب والأذى الجسدي. وهذا من الكبائر. فيحرم على المسلم انتهاك أعراض الغير والوقوع في جريمة الزنا. والاغتصاب هو زنا ولكن يردفه بانتهاك أعراض الغير وهتك حقوقهم. وليفكر المغتصب مرارا قبل أن يقوم بهذه الجريمة البشعة. فهو يدمر حياة إنسانة بريئة ويلوث شرفها وسيعرض نفسه لإقامة الحد عليه أو الحبس وعقاب النار. وستأتيه تلك الضحية وتطالبه بحقها يوم القيامة.
التجوال مع الكلاب دون لجام
بعض الناس لاسيما في بلاد الغرب والأحياء الغنية يتجولون في الشوارع مع كلابهم، والتي تكون أحياناً دون لجام. فتؤذي كثير من الناس بعضها وهجومها عليهم. وهذا لابد وأنه منكر ويعرض الآخرين للأخطار. والكلب حيوان شرس في معظم الأحيان؛ ولا ينبغي التجوال معه في الشوارع دون لجام. هذا غير أن تربية الكلب في حد ذاتها داخل المنزل منهي عنها وتمنع دخول الملائكة البيت. فهو حيوان قذر ولا يستساغ أن يكون داخل المنزل ويعرض الصغار للعابه ونجاسته وعنفه.
عدم السماح للمشاة بقطع الطريق
كثيرا ما تتسارع العربات ويكون جموع من الناس وقوف يريدون قطع الطريق ولا يستطيعون. ولا تتوقف لهم السيارات ليسيروا بسلام. وينبغي على الدولة وضع مواضع لقطع الطرق وتزويدها بالإشارات التي تنظم ذلك. وهذا مكلف جدا، ولذا لا يوجد في كل الشوارع ولا في كل البلاد. وعلى المشاة في هذه الحال الاعتماد على ذوق سائقي السيارات للتوقف والسماح لهم بقطع الطريق بسلام. فليتلطفوا بهم ويتوقفوا لاسيما إن اجتمع جمع منهم. وفي هذا أجر لأن فيه تيسير على الناس.
شجار الكلكسات (أبواق السيارات)
من الظواهر المضحكة والمؤسفة في نفس الوقت هو ما اسميه مجازا بشجار الكلكسات. حيث رأينا في شوارع بعض البلاد حوادث يقوم السائقين فيها بالتخاطب بلغة الكلكسات والتي تكون في شكل شجار غالباً. وذلك ملموس من طريقة الضغط على البوري والمدة التي يستمرها والموقف بين السائقين. مثلا أن يقطع سائق الطريق على سائق آخر، فيقوم الثاني بالضغط على البوري بطريقة غضب، ويقوم الأول بالرد عليه بنفس الطريقة، وهكذا يبدأ الشجار بينهم بتلك الكلكسات وهي لا حول لها ولا قوة. فيثير ذلك التغاضب بين السائقين.
يتبع