المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البعد التداولي في تفسير غريب القرآن الكريم عند الراغب الأصفهاني



ابو وليد البحيرى
2024-11-06, 01:39 PM
البعد التداوليُّ في تفسير "غريب القرآن الكريم" عند الراغب الأصفهاني

د. محمد زبير عباسي

دراسة لسانية نقدية:
يمكن تطبيق النظرية التداولية في كتاب "المفردات في غريب القرآن" للراغب الأصفهاني من حيث الوظيفة التي تقوم بها؛ فالتداولية تهتم بدراسة كيفية استخدام اللغة في التواصل، وما تحمله من معانٍ تتجاوز المعنى الحرفيَّ للكلمات، اعتمادًا على السياقات، والنيات، والمواقف التفاعلية، ومن هذا المنطلق يمكن القول: إن هذا الموضوع يثير إعجاب الجمهور، ويفتح آفاقًا جديدة لدراسة المفردات القرآنية من منظور أعمق يتجاوز التحليل التقليدي.

والباحث يركز على النقاط الآتية في الموضوع:
النقطة الأولى: التصوُّر والمفهوم للتداولية عند الراغب في "المفردات"، وذلك يظهر بأشتاته من خلال تحليل ضوابط الاعتماد لدى الراغب على السياق في إيضاح معاني الكلمات؛ فالتداولية تُركِّز على السياق في تحديد المعنى والدلالة، وهذا البحث يقوم بشرح السياق القرآني الذي يُغيِّر دلالة المفردة الغريبة، وباختصار هذه النقطة تتناول التداولية والسياق القرآنيَّ عند الراغب في كتابه "المفردات".

النقطة الثانية: هذه النقطة تدور حول شرح المعاني التي يقصدها المتكلم (معاني المتكلم)، ومقاصد القرآن الكريم، وهذا الأمر عظيم لعظمة نسبة الكلام إلى صاحبه، والمتكلم ها هنا هو ذات الله جل جلاله، يقوم الباحث بتحليل قضية الفَهم عند الراغب؛ أي: كيف يفهم الراغب الأصفهانيُّ أن الله (المتكلم في النص القرآني) قد استخدم بعض المفردات الغريبة لتحقيق أهداف معينة، أو لإيصال معانٍ محددة إلى المخاطب؟

النقطة الثالثة: تدرس هذه النقطة الأفعالَ الكلامية وتطبيقاتها في تفسير الراغب لبعض المفردات؛ وعلى سبيل المثال: قد تكون لبعض الكلمات الغريبة وظائفُ تداولية تتعلق بالتوجيه، أو التبليغ، أو الالتزام، فتطبيق الأفعال الكلامية يوضِّح كيف يعكس الراغب هذا الجانب التداوليَّ في تفسيره للكلمات.

النقطة الرابعة: تهتم بما يُعرَف بالاستلزام الحواري، ويعني ذلك ما يُفهَم من الكلام من غير أن يُقال بشكل مباشر، ولعله يُعين القارئ على فهم المعاني الخفية (غير الظاهرة) لبعض الكلمات الغريبة في القرآن الكريم، والباحث في ذلك يقوم بتوضيح كيفية استخدام الراغب للاستلزام الحواري لفهم معانٍ غريبة.

النقطة الخامسة: ما هو دور القارئ (المتلقي) في تفسير الكلمات الغريبة؟ (وهذا القارئ يعني ها هنا بالراغب الأصفهاني نفسه أو غيره أيًّا كان)؛ فالتداولية تعطي أهمية قصوى لدور المتلقي في فهم المعنى، وشرح الدلالة، وفي حال الجمع بين الراغب والقارئ، نقول: إن الباحث يدرس كيف قدِّم الراغب الأصفهاني تفسيراتٍ تساعد القارئ على فهم المعاني التداولية للكلمات الغريبة، وكيف كانت هذه التفسيرات مرتبطة بتوقعات القارئ وفهمه للسياق.

يضيف هذا البحث بُعْدًا تداوليًّا جديدًا لدراسة "غريب القرآن الكريم"، وهو جانب من الجوانب التي باتت غير مدروسة (مهملة) بشكل لصيق (مفصل) في الدراسات التقليدية.

وهذا التحليل التداولي سيقدم رؤية أكثر عمقًا لكيفية دراسة المفردات الغربية في القرآن الكريم، ومن ثَمَّ فإنه يعزِّز فهمنا للغة القرآن الكريم أيضًا.