المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا صاحب الرسالة



ابو وليد البحيرى
2024-11-04, 04:31 AM
يا صاحب الرسالة




أنت مسلم، تحمل رسالة فوق عاتقيك، هذه الرسالة وجِّهت لك ولغيرك، ولقد أفاء الله عليك بمنِّه وكرمه أن يجعلك من معتنقيها وحامليها، ومن مميزات هذه الرسالة أنها ربّانية، متوازنة وصادقة وفطرية، فيها التعلّق بالمتعال، وفيها محبة عمارة الأرض، وفيها حب النفس والمرأة والولد، وفيها التضحية والبذل والعطاء، وفيها النصر والشهادة، وفيها الإنفاق والإيثار، وفيها الشجاعة والصلابة والمروءة، وفيها العفّة والحياء والسِّتْر، وفيها العلم والمعرفة، وفيها الصمود والمقاومة، وفيها الهجوم والمباغتة، فيها كل ما هو مخزون فى فطرتك التي فطرك الله عليها، وفيها أيضاً شهوات وشبهات، ملذّات ورغبات، تنادي ضعفك وتسعى إليك، والنوافذ التي تطل عليك فى هذا الزمان كثيرة جداً، هاتف فى جيبك أو جهاز لوحي في يدك، يقرّبون لك البعيد، ويضعونه أمامك لتختار منه ما تشاء! وأنت بوصفك صاحب رسالة، تستخدم هذا فيما ينفعك ولا يضرك، نعم، أحياناً تقع فى حفرة ولكن رسالتك تناديك! نعم، أحياناً قد يستزلّك الشيطان ولكن رسالتك أكبر وأعمق من الاستمرار مع شهوات هذا البغيض!

نعم، أحياناً ترتبك، وأحياناً تهرب من ضغط الواقع، وأحياناً ترى أن قلبك لا يستجيب لصاعق رسالتك، فتنظر إلى روحك المفعمة بحيوية حمل الرسالة والتضحية فى سبيلها وهي تخرج منك وتظل الروح التي تتنفَّس بها، ليس لها طعم ولا لون ولا رائحة!


وفى مثل هذه الحالة ليس لك إلا أن تلجأ إلى ربّك بصدق، فلقد انقطعت بك السُّبل، وفقدت مسارك، بل قلبك يئنُّ من الجراحات، فترفع يديك إليه، لا حول لك ولا قوة إلا به سبحانه، فصاحب الرسالة يدرك جيداً من بيده كل شيء، ومن هو على كل شيء قدير، ثم تتعجّب من كرمه وغفرانه ورحمته بك؛ إذ بعد وقت ما يأتيك مدد من السماء ليُعيد إليك روحك الأولي، لتلتئم مع جوارحك،ولتبدأ مرة أخرى فى حمل رسالتك والمضي فى طريقك القديم.


يا صاحب الرسالة، يا مسلم، أنت المكلَّف بحمل الراية، تضعها فى قبضتك، بل وتحتضنها؛ فرسالتك هي حياتك، قد تمر بك مصيبة، وقد تقع بك نازلة، وقد تحاول الوحوش الضارية افتراسك، فيفشلون فى التهامك ولكنهم يسعون لكسرك وهزيمتك وزرع اليأس فى قلبك؛ لأنهم يخشون منك ومن قوتك الضخمة والتي تتلخّص فى رسالتك.

أخي... أختي. الصراع لن ينتهي، وسيظل قائماً، ورسالتك أقوى من أدواتهم، ولكن ليس بالأماني وحدها ينتصر الإنسان، ولا بالصوت العالي، ولا بالفوضي، وإنما بإيمان بالله عميق، وعلم نافع، وحركة مستمرة، وتلاحم صلب، ودعوة منتشرة، وأدوات جيدة، ونفوس صالحة أبيّة، حينها ستنتصر الرسالة على الأرض الرخوة! وأسأل الله أن يجمع شملنا ويطهِّر قلوبنا وأن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه
محمد سعد الأزهري