ابو وليد البحيرى
2024-10-27, 11:02 AM
الإسلام هو الحياة
أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
الإسلام نظام شامل لجميع شؤون الحياة وسلوك الإنسان، فالمسلم لا يجوز له نهائيًّا أن يَسمح لغير الإسلام أن ينظِّم ولو جانبًا واحدًا من جوانب حياته؛ يقول الله تعالى: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].
لأن المسلم يجب عليه أن يسلم كيانه كله لله تعالى، ويسلم جميع أموره لخالقه، يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].
والمسلم يُمْكنه أن يجعل كلَّ حياته لله حتى الأمور الدنيوية البحتة؛ من طعام وشراب وملبس، ولعب ومزاح، وعمل وزواج، وما يلحق به مِن تعلُّمٍ وغيره من أمور الحياة؛ بأن يحوِّل العادة إلى عبادة؛ بابتغاء وجه الله تعالى في كلِّ عملٍ، على أن يكون هذا العمل مشروعًا، فهو يأكل بنيَّة التقوِّي على عبادة الله، ويلعب بنيَّة الترويح المشروع عن النفس، ويتزوَّج بنيَّة تكْوين ذريَّة صالحة تَعبُد اللهَ مِن بَعدِه، ويعمل، بل يجتهد ويكدُّ في العمل بنيَّة تقدُّمِ ورُقِيِّ أُّمَّته، وبناء وطنه، ويتعلَّم ويُعلِّم الناس، ويفقِّهُهم بنيَّة أن يعبدوا الله على بصيرة، فينجُوا مِن عذاب الله يوم القيامة، ويتصدَّق ويُنفق قربة إلى الله تعالى، ويلتزم بحُسن الأخلاق وجميلها، ويبتعد عن المذموم منها بنيَّة الاقتداء بسيِّد البشرية محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو إذا نَظر في أي جانب من جوانب حياته، يجد الإسلام قد نظَّم له هذا الجانب بما يتلاءم مع الشرع الحكيم، فها هو أحدُ النصارى يتعجَّب قائلًا لسلمان الفارسي رضي الله عنه: عجبتُ مِن نبيِّكم هذا! يُعلِّمكم كلَّ شيء حتى الخراءة، كما يعلِّمكم الآية من القرآن.
وهذا إنْ دَلَّ على شيء، فإنما يدل على شمولية الإسلام التي تتناول جميعَ حياة المسلم؛ يقول الله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38].
سبحان الله العظيم، أربعة عشرة أدبًا في قضاء الحاجة، وكلها ثابتة في السُّنَّة الصحيحة.
فإذا كان الأمرُ كذلك، فما بالنا بعظائم الأمور؛ مِن جهادٍ في سبيل الله، وأمرٍ بمعروف، ونهيٍ عن منكر وغيره!!
إنَّ الإسلام في الجانب الاقتصادي نظَّم التكافُل الاجتماعيَّ، والزكاة والصدقات، وشتَّى وسائل ومصارف الإنفاق في سبيل الله، وحذَّر الإسلامُ ومَنَع التملُّكَ بطريقٍ غير مشروع، كالربا وغيره، ومنع أيضًا الاكتناز، ونظَّم طُرق الربح والتعامل المشروع للمسلم، بعيدًا عن أي شبهة حرام.
وفي نظام الأسرة بيَّن الإسلامُ الأسسَ التي تختار بها المرأة زوجة، وهي: المال والجمال والحسَب والدِّين، ومَن يَظفَر بذات الدِّين، يكون قد ربح؛ لأن الدِّين يَبقى ويَنتفع منه المؤمن بالعمل الصالح في الآخرة، أما الأمور الأخرى فتَفنَى، بل إنَّ الدنيا كلها ستفنَى، وبيَّن الإسلامُ كيف يفرح المسلم بزواجه؛ مِن لهوٍ مباح وغيره، بعيدًا عن الصخب ولهو الحديث، وبعيدًا عن المظاهر الخليعة والماجنة.
وحتى لا يَظلِم الرجلُ زوجتَه، ولا تُقصِّر المرأةُ تجاه زوجها، بيَّن الإسلامُ حقوقَ كلٍّ منهما تجاه الآخر، ولكي يخرج النشء المسلم ذا تربية عالية، وأخلاقٍ رفيعة ورجولة، وضَّح الإسلامُ وسائلَ التربية الإسلامية التي يجب اتباعُها مع النشء؛ مِن حين إتيان الرجل زوجته إلى خروج المولود إلى الحياة، ثم كيفية تربيته إلى أن يبلغ أشُدَّه بالرعاية والنصيحة، واهتمَّ بالفرد اهتمامًا واسعًا، فبيَّن كيفية إعدادِ رجالِ الغد والمستقبل أبناء الأمَّة الإسلامية، ومَن سيَحمِلون لواءَ الدعوة والجهاد في سبيل الله؛ من خلال المنهج النبوي الذي اتبعَه رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مع هذا الصنف، وفي مجال التعامل مع غير المسلمين أَرشَدَنا الإسلامُ إلى كيفية التعامل مع الذِّمِّيِّين والمعاهدين وغيرهم، وما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وما هو النظام الذي يُطبَّق عليهم إذا أخلَّ أحدُهم بأحدِ الواجبات المفروضة عليه، أو ارتكب جريمة ما؟ وما هي الحدود الشرعية في المعاملات بينهم وبين المسلمين في مجال الزواج، والبيع والشراء، والطعام والشراب، وغير ذلك؟
وفي مجال الحُكْم والسياسة أوضحَ الإسلامُ أسسَ الحكْم والسياسة، وما هي واجبات الدول المجاورة، وأنَّ أهمَّ العواملِ في الحكْم والسياسة هي: العدل والمساواة والشورى، والله وحده هو الذي له حقُّ التشريع، وحقُّ تنظيم أمور عباده؛ لأنه الخالق قال تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].
وبيَّن الإسلامُ أن التعصُّب للطبقة أو اللون أو القومية وغيرها - ليس مِن صفات المسلم، فالمعيار الذي يميِّز اللهُ به بين العباد هو التقوى؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
ويقول الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((دَعُوهَا فإنها مُنْتِنَة)).
وبالجملة أقول: إنَّ الإسلام وَحْدَهُ هو الذي يَصْلُح أنْ يُنظِّم العلاقات بين الأفراد بعضهم بعضًا، وبين الأفراد وحكوماتهم، وبين الحكومات والحكومات الأخرى، وبين الدول والدول الأخرى، فلا يوجَد دِينٌ غير الإسلامِ صالحٌ لتطبيقه على بني البشر، بل إن الله سبحانه وتعالى لا يَقْبَل غيرَه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].
والله جل وعلا قد أَكْمَل الدِّين، وأتمَّ الرسالات، وختم بمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم الأنبياء؛ قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ ﴾ [المائدة: 3].
وصلِّ اللهمَّ على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
الإسلام نظام شامل لجميع شؤون الحياة وسلوك الإنسان، فالمسلم لا يجوز له نهائيًّا أن يَسمح لغير الإسلام أن ينظِّم ولو جانبًا واحدًا من جوانب حياته؛ يقول الله تعالى: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].
لأن المسلم يجب عليه أن يسلم كيانه كله لله تعالى، ويسلم جميع أموره لخالقه، يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].
والمسلم يُمْكنه أن يجعل كلَّ حياته لله حتى الأمور الدنيوية البحتة؛ من طعام وشراب وملبس، ولعب ومزاح، وعمل وزواج، وما يلحق به مِن تعلُّمٍ وغيره من أمور الحياة؛ بأن يحوِّل العادة إلى عبادة؛ بابتغاء وجه الله تعالى في كلِّ عملٍ، على أن يكون هذا العمل مشروعًا، فهو يأكل بنيَّة التقوِّي على عبادة الله، ويلعب بنيَّة الترويح المشروع عن النفس، ويتزوَّج بنيَّة تكْوين ذريَّة صالحة تَعبُد اللهَ مِن بَعدِه، ويعمل، بل يجتهد ويكدُّ في العمل بنيَّة تقدُّمِ ورُقِيِّ أُّمَّته، وبناء وطنه، ويتعلَّم ويُعلِّم الناس، ويفقِّهُهم بنيَّة أن يعبدوا الله على بصيرة، فينجُوا مِن عذاب الله يوم القيامة، ويتصدَّق ويُنفق قربة إلى الله تعالى، ويلتزم بحُسن الأخلاق وجميلها، ويبتعد عن المذموم منها بنيَّة الاقتداء بسيِّد البشرية محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو إذا نَظر في أي جانب من جوانب حياته، يجد الإسلام قد نظَّم له هذا الجانب بما يتلاءم مع الشرع الحكيم، فها هو أحدُ النصارى يتعجَّب قائلًا لسلمان الفارسي رضي الله عنه: عجبتُ مِن نبيِّكم هذا! يُعلِّمكم كلَّ شيء حتى الخراءة، كما يعلِّمكم الآية من القرآن.
وهذا إنْ دَلَّ على شيء، فإنما يدل على شمولية الإسلام التي تتناول جميعَ حياة المسلم؛ يقول الله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38].
سبحان الله العظيم، أربعة عشرة أدبًا في قضاء الحاجة، وكلها ثابتة في السُّنَّة الصحيحة.
فإذا كان الأمرُ كذلك، فما بالنا بعظائم الأمور؛ مِن جهادٍ في سبيل الله، وأمرٍ بمعروف، ونهيٍ عن منكر وغيره!!
إنَّ الإسلام في الجانب الاقتصادي نظَّم التكافُل الاجتماعيَّ، والزكاة والصدقات، وشتَّى وسائل ومصارف الإنفاق في سبيل الله، وحذَّر الإسلامُ ومَنَع التملُّكَ بطريقٍ غير مشروع، كالربا وغيره، ومنع أيضًا الاكتناز، ونظَّم طُرق الربح والتعامل المشروع للمسلم، بعيدًا عن أي شبهة حرام.
وفي نظام الأسرة بيَّن الإسلامُ الأسسَ التي تختار بها المرأة زوجة، وهي: المال والجمال والحسَب والدِّين، ومَن يَظفَر بذات الدِّين، يكون قد ربح؛ لأن الدِّين يَبقى ويَنتفع منه المؤمن بالعمل الصالح في الآخرة، أما الأمور الأخرى فتَفنَى، بل إنَّ الدنيا كلها ستفنَى، وبيَّن الإسلامُ كيف يفرح المسلم بزواجه؛ مِن لهوٍ مباح وغيره، بعيدًا عن الصخب ولهو الحديث، وبعيدًا عن المظاهر الخليعة والماجنة.
وحتى لا يَظلِم الرجلُ زوجتَه، ولا تُقصِّر المرأةُ تجاه زوجها، بيَّن الإسلامُ حقوقَ كلٍّ منهما تجاه الآخر، ولكي يخرج النشء المسلم ذا تربية عالية، وأخلاقٍ رفيعة ورجولة، وضَّح الإسلامُ وسائلَ التربية الإسلامية التي يجب اتباعُها مع النشء؛ مِن حين إتيان الرجل زوجته إلى خروج المولود إلى الحياة، ثم كيفية تربيته إلى أن يبلغ أشُدَّه بالرعاية والنصيحة، واهتمَّ بالفرد اهتمامًا واسعًا، فبيَّن كيفية إعدادِ رجالِ الغد والمستقبل أبناء الأمَّة الإسلامية، ومَن سيَحمِلون لواءَ الدعوة والجهاد في سبيل الله؛ من خلال المنهج النبوي الذي اتبعَه رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مع هذا الصنف، وفي مجال التعامل مع غير المسلمين أَرشَدَنا الإسلامُ إلى كيفية التعامل مع الذِّمِّيِّين والمعاهدين وغيرهم، وما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وما هو النظام الذي يُطبَّق عليهم إذا أخلَّ أحدُهم بأحدِ الواجبات المفروضة عليه، أو ارتكب جريمة ما؟ وما هي الحدود الشرعية في المعاملات بينهم وبين المسلمين في مجال الزواج، والبيع والشراء، والطعام والشراب، وغير ذلك؟
وفي مجال الحُكْم والسياسة أوضحَ الإسلامُ أسسَ الحكْم والسياسة، وما هي واجبات الدول المجاورة، وأنَّ أهمَّ العواملِ في الحكْم والسياسة هي: العدل والمساواة والشورى، والله وحده هو الذي له حقُّ التشريع، وحقُّ تنظيم أمور عباده؛ لأنه الخالق قال تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].
وبيَّن الإسلامُ أن التعصُّب للطبقة أو اللون أو القومية وغيرها - ليس مِن صفات المسلم، فالمعيار الذي يميِّز اللهُ به بين العباد هو التقوى؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
ويقول الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((دَعُوهَا فإنها مُنْتِنَة)).
وبالجملة أقول: إنَّ الإسلام وَحْدَهُ هو الذي يَصْلُح أنْ يُنظِّم العلاقات بين الأفراد بعضهم بعضًا، وبين الأفراد وحكوماتهم، وبين الحكومات والحكومات الأخرى، وبين الدول والدول الأخرى، فلا يوجَد دِينٌ غير الإسلامِ صالحٌ لتطبيقه على بني البشر، بل إن الله سبحانه وتعالى لا يَقْبَل غيرَه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].
والله جل وعلا قد أَكْمَل الدِّين، وأتمَّ الرسالات، وختم بمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم الأنبياء؛ قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ ﴾ [المائدة: 3].
وصلِّ اللهمَّ على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.