احمد ابو انس
2024-07-06, 10:04 PM
2390 - " نهى عن أكل الضب " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 505 :
أخرجه أبو داود ( 2 / 143 ) و الحافظ الفسوي في " التاريخ " ( 2 / 318 ) و
الطبري في " تهذيب الآثار " ( 1 / 191 / 311 ) و البيهقي ( 9 / 326 ) و ابن
عساكر ( 9 / 486 / 1 ) عن إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن
أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعا . و قال الطبري : " لا يثبت
" و بين ذلك البيهقي بقوله : " ينفرد به إسماعيل بن عياش و ليس بحجة ، و ما مضى
في إباحته أصح منه " . يعني حديث ابن عمران و ابن عباس في " الصحيحين " و
غيرهما في قصة خالد بن الوليد و أكله الضب . و امتناعه صلى الله عليه وسلم منه
و قوله : " كلوا ، فإنه ليس بحرام و لا بأس به و لكنه ليس من طعام قومي " .
رواه الشيخان و غيرهما ، و هو مخرج في " إرواء الغليل " ( 2498 ) . و لا شك أن
هذا أصح من حديث الترجمة ، و لكن ذلك لا يستلزم تضعيفه إذا كان لا علة فيه سوى
إسماعيل بن عياش ، ذلك لأنه في نفسه ثقة ، و قد ضعفوه في روايته عن غير
الشاميين ، و وثقوه في روايته عنهم ، و هذا الحديث رواته كلهم شاميون ، قال
الحافظ : " صدوق في روايته عن أهل بلده ، مخلط في غيرهم " . و على هذا التفريق
جرى كبار أئمة الحديث كأحمد و البخاري و ابن معين و يعقوب بن شيبة و ابن عدي و
غيرهم ، و هم عمدة الحافظ ابن حجر فيما قال فيه . و نحوه في " المغني " للذهبي
. فالعجب من البيهقي كيف تغافل عن هذا التفصيل ، فأطلق القول فيه بأنه ليس بحجة
؟ و نحوه قول المنذري في " مختصر أبي داود " . و أعجب منه إقرار الزيلعي في "
نصب الراية " ( 4 / 195 ) إياهما ، و سكوت ابن التركماني في " الجوهر النقي "
على تغافل البيهقي ، مع أن الحديث حجة الحنفية على تحريم الضب ، فكان عليهما أن
يبينا ما في ذلك من الحيد عن الصواب دفاعا عن الحق ، لا تعصبا للمذهب ، و هو
الموقف الذي وقفه الحافظ ابن حجر رحمه الله ، مع أن الحديث بظاهره مخالف لمذهبه
! فقال رحمه الله تعالى في " الفتح " ( 9 / 547 ) : " أخرجه أبو داود بسند حسن
... و حديث ابن عياش عن الشاميين قوي ، و هؤلاء شاميون ثقات ، و لا يغتر بقول
الخطابي ، ليس إسناده بذاك . و قول ابن حزم : فيه ضعفاء و مجهولون . و قول
البيهقي : تفرد به إسماعيل بن عياش و ليس بحجة . و قول ابن الجوزي : لا يصح .
ففي كل ذلك تساهل لا يخفى . فإن رواية إسماعيل عن الشاميين قوية عند البخاري ،
و قد صحح الترمذي بعضها ... و الأحاديث الماضية ، و إن دلت على الحل تصريحا و
تلويحا ، نصا و تقريرا ، فالجمع بينها و بين هذا يحمل النهي فيه على أول الحال
عند تجويز أن يكون الضب مما مسخ ، و حينئذ أمر بإكفاء القدور ، ثم توقف فلم
يأمر به و لم ينه عنه ، و حمل الإذن فيه على ثاني الحال لما علم أن الممسوخ لا
نسل له ، ثم بعد ذلك كان يستقذره فلا يأكله و لا يحرمه ، و أكل على مائدته فدل
على الإباحة ، و تكون الكراهة للتنزيه في حق من يتقذره ، و تحمل أحاديث الإباحة
على من لا يتقذره ، و لا يلزم من ذلك أنه يكره مطلقا " . قلت : و بالجملة ،
فالحديث ثابت ، و كونه معارضا لما هو أصح منه لا يستلزم ضعفه ، فهو من قسم
المقبول ، فيجب التوفيق بينه و بين ما هو أصح منه ، على النحو الذي عرفته في
كلام الحافظ ، و خلاصته أنه محمول على الكراهة لا على التحريم ، و في حق من
يتقذره ، و على ذلك حمله الطبراني أيضا . و الله أعلم . و قد خالف الطحاوي
الحنفية في هذه المسألة ، فقد عقد فيها بابا خاصا في كتابه " شرح المعاني " ( 2
/ 314 - 317 ) و ذكر الأحاديث الواردة فيها إباحة و كراهة - إلا هذا الحديث فلم
يسقه - ثم ختم الباب بقوله : " فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب ،
و هو القول عندنا " . فمن شاء التفصيل فليرجع إليه . و للحديث شاهد من رواية
يوسف بن مسلم المصيصي : أخبرنا خالد بن يزيد القسري أخبرنا محمد بن سوقة عن
سعيد بن جبير عن عائشة مرفوعا به . أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " ( 5 / 284 /
2 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف ، خالد بن يزيد القسري - و هو أمير العراق - ،
قال ابن عدي : " لا يتابع على أحاديثه لا إسنادا و لا متنا ... و هو عندي ضعيف
" . و قال أبو حاتم : " ليس بقوي " . و يوسف بن مسلم المصيصي لم أعرفه . ثم
تبين أنه وقع منسوبا لجده ، و أنه يوسف بن سعيد بن مسلم ، وثقه ابن أبي حاتم ،
و ابن حبان ( 9 / 281 ) ، و ذكر أنه مات سنة ( 265 ) .
( تنبيه ) : إنما اقتصر الحافظ على تحسين إسناد أبي داود مع ثقة رجاله لأن ضمضم
بن زرعة شيخ إسماعيل بن عياش فيه ضعف يسير ، و قد أشار إليه في قوله فيه في "
التقريب " : " صدوق ، يهم " . و الله أعلم .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 505 :
أخرجه أبو داود ( 2 / 143 ) و الحافظ الفسوي في " التاريخ " ( 2 / 318 ) و
الطبري في " تهذيب الآثار " ( 1 / 191 / 311 ) و البيهقي ( 9 / 326 ) و ابن
عساكر ( 9 / 486 / 1 ) عن إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن
أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعا . و قال الطبري : " لا يثبت
" و بين ذلك البيهقي بقوله : " ينفرد به إسماعيل بن عياش و ليس بحجة ، و ما مضى
في إباحته أصح منه " . يعني حديث ابن عمران و ابن عباس في " الصحيحين " و
غيرهما في قصة خالد بن الوليد و أكله الضب . و امتناعه صلى الله عليه وسلم منه
و قوله : " كلوا ، فإنه ليس بحرام و لا بأس به و لكنه ليس من طعام قومي " .
رواه الشيخان و غيرهما ، و هو مخرج في " إرواء الغليل " ( 2498 ) . و لا شك أن
هذا أصح من حديث الترجمة ، و لكن ذلك لا يستلزم تضعيفه إذا كان لا علة فيه سوى
إسماعيل بن عياش ، ذلك لأنه في نفسه ثقة ، و قد ضعفوه في روايته عن غير
الشاميين ، و وثقوه في روايته عنهم ، و هذا الحديث رواته كلهم شاميون ، قال
الحافظ : " صدوق في روايته عن أهل بلده ، مخلط في غيرهم " . و على هذا التفريق
جرى كبار أئمة الحديث كأحمد و البخاري و ابن معين و يعقوب بن شيبة و ابن عدي و
غيرهم ، و هم عمدة الحافظ ابن حجر فيما قال فيه . و نحوه في " المغني " للذهبي
. فالعجب من البيهقي كيف تغافل عن هذا التفصيل ، فأطلق القول فيه بأنه ليس بحجة
؟ و نحوه قول المنذري في " مختصر أبي داود " . و أعجب منه إقرار الزيلعي في "
نصب الراية " ( 4 / 195 ) إياهما ، و سكوت ابن التركماني في " الجوهر النقي "
على تغافل البيهقي ، مع أن الحديث حجة الحنفية على تحريم الضب ، فكان عليهما أن
يبينا ما في ذلك من الحيد عن الصواب دفاعا عن الحق ، لا تعصبا للمذهب ، و هو
الموقف الذي وقفه الحافظ ابن حجر رحمه الله ، مع أن الحديث بظاهره مخالف لمذهبه
! فقال رحمه الله تعالى في " الفتح " ( 9 / 547 ) : " أخرجه أبو داود بسند حسن
... و حديث ابن عياش عن الشاميين قوي ، و هؤلاء شاميون ثقات ، و لا يغتر بقول
الخطابي ، ليس إسناده بذاك . و قول ابن حزم : فيه ضعفاء و مجهولون . و قول
البيهقي : تفرد به إسماعيل بن عياش و ليس بحجة . و قول ابن الجوزي : لا يصح .
ففي كل ذلك تساهل لا يخفى . فإن رواية إسماعيل عن الشاميين قوية عند البخاري ،
و قد صحح الترمذي بعضها ... و الأحاديث الماضية ، و إن دلت على الحل تصريحا و
تلويحا ، نصا و تقريرا ، فالجمع بينها و بين هذا يحمل النهي فيه على أول الحال
عند تجويز أن يكون الضب مما مسخ ، و حينئذ أمر بإكفاء القدور ، ثم توقف فلم
يأمر به و لم ينه عنه ، و حمل الإذن فيه على ثاني الحال لما علم أن الممسوخ لا
نسل له ، ثم بعد ذلك كان يستقذره فلا يأكله و لا يحرمه ، و أكل على مائدته فدل
على الإباحة ، و تكون الكراهة للتنزيه في حق من يتقذره ، و تحمل أحاديث الإباحة
على من لا يتقذره ، و لا يلزم من ذلك أنه يكره مطلقا " . قلت : و بالجملة ،
فالحديث ثابت ، و كونه معارضا لما هو أصح منه لا يستلزم ضعفه ، فهو من قسم
المقبول ، فيجب التوفيق بينه و بين ما هو أصح منه ، على النحو الذي عرفته في
كلام الحافظ ، و خلاصته أنه محمول على الكراهة لا على التحريم ، و في حق من
يتقذره ، و على ذلك حمله الطبراني أيضا . و الله أعلم . و قد خالف الطحاوي
الحنفية في هذه المسألة ، فقد عقد فيها بابا خاصا في كتابه " شرح المعاني " ( 2
/ 314 - 317 ) و ذكر الأحاديث الواردة فيها إباحة و كراهة - إلا هذا الحديث فلم
يسقه - ثم ختم الباب بقوله : " فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب ،
و هو القول عندنا " . فمن شاء التفصيل فليرجع إليه . و للحديث شاهد من رواية
يوسف بن مسلم المصيصي : أخبرنا خالد بن يزيد القسري أخبرنا محمد بن سوقة عن
سعيد بن جبير عن عائشة مرفوعا به . أخرجه ابن عساكر في " التاريخ " ( 5 / 284 /
2 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف ، خالد بن يزيد القسري - و هو أمير العراق - ،
قال ابن عدي : " لا يتابع على أحاديثه لا إسنادا و لا متنا ... و هو عندي ضعيف
" . و قال أبو حاتم : " ليس بقوي " . و يوسف بن مسلم المصيصي لم أعرفه . ثم
تبين أنه وقع منسوبا لجده ، و أنه يوسف بن سعيد بن مسلم ، وثقه ابن أبي حاتم ،
و ابن حبان ( 9 / 281 ) ، و ذكر أنه مات سنة ( 265 ) .
( تنبيه ) : إنما اقتصر الحافظ على تحسين إسناد أبي داود مع ثقة رجاله لأن ضمضم
بن زرعة شيخ إسماعيل بن عياش فيه ضعف يسير ، و قد أشار إليه في قوله فيه في "
التقريب " : " صدوق ، يهم " . و الله أعلم .