تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



ابو وليد البحيرى
2024-07-05, 05:18 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن



بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يُضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ؛ والذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين , وسلم تسليما كثيرا . فهذا كتاب الشرح الممتع سؤال وجواب نسأل الله عزوجل و أن يعيننا علي الانتهاء منه ويجعل عملنا خالص لوجهه الكريم
______________________________ _________-
كِتَابُ الطَّهارة
س"مالمراد بقوله كتاب؟
«كتاب» ، فِعال بمعنى مفعول: أي مكتوب. يعني: هذا مكتوب في الطَّهارة.
س" عرف الطهارة لغةً واصطلاحاً؟
الطَّهارة لُغةً: النَّظافة. طَهُرَ الثَّوبُ من القَذَر، يعني: تنظَّفَ.
اصطلاحاً: تُطلقُ على معنيين:
الأول: أصْل، وهو طهارة القلب من الشِّرك في عبادة الله، والغِلِّ والبغضاء لعباد الله المؤمنين، وهي أهمُّ من طهارة البدن؛ بل لا يمكن أن تقومَ طهارة البدن مع وجود نَجَس الشِّرك، قال تعالى: {{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}} [التوبة: 28] .
وقال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ المؤمن لا يَنْجُسُ»[( البخاري في الغسل283)].
الثاني: فَرْع، وهي الطَّهارة الحسِّيَّةُ.
س" مالمراد بالحدث مع التمثيل؟
الحَدَثُ: وصفٌ قائمٌ بالبدن يمنع من الصَّلاة ونحوها مما تُشْتَرَطُ له الطَّهارةُ.
مثاله: رجل بَالَ واستنجى، ثم توضَّأ. فكان حين بوله لا يستطيع أن يُصلِّيَ، فلما توضأ ارتفع الحَدَثُ، فيستطيع بذلك أن يصلِّي لزوال الوصف المانع من الصَّلاة.
س" مالمقصود بالنجاسة؟
النَّجاسة: كلُّ عَينٍ يَحْرُم تناولُها؛ لا لضررها ؛ ولا لاستقذارها؛ ولا لحرمتها هكذا حدُّوها.
فقولنا: «يحرم تناولُها» خرج به المباحُ، فكلُّ مباحٍ تناولُه فهو طاهر.
وقولنا: «لا لضررها» خرج به السُّمُّ وشبهُه، فإنَّه حرام لضرره، وليس بنجس.
وقولنا: «ولا لاستقذارها»: خرج به المخاطُ وشبهُه، فليس بنجس؛ لأنَّه محرَّمٌ لاستقذاره.
وقولنا: «ولا لحرمتها» خرج به الصَّيْدُ في حال الإحرام، والصَّيْدُ داخلَ الحرمِ؛ فإِنه حرام لحرمته.
س"مالفرق بين زوال الخبث وإزالة الخبث؟
قوله: «وزوال الخَبَث» ، لم يقل: وإزالة الخَبَث، فزوال الخَبَث طهارة، سواءٌ زال بنفسه، أو زالَ بمزيل آخر، فيُسمَّى ذلك طهارة. والخَبَثُ: هو النَّجاسة فيكون قوله: «وزوال الخَبَث» أعَمَّ من إِزالة الخَبَث، لأن الخَبَث قد يزول بنفسه، فمثلاً: إذا فرضنا أن أرضاً نجسة بالبول، ثم جاء المطر وطَهَّرَها، فإِنها تَطْهُرُ بدون إزالةٍ مِنَّا، ولو أنَّ عندنا ماءً متنجِّساً بتغيُّر رائحته، ثم زالت الرائحة بنفسها طَهُرَ، .
س"مالسبب في بدأ المؤلف كتابه بالطهارة؟
بدأ المؤلِّفُ بالطَّهارة لسببين:
الأول: أنَّ الطَّهارة تخليةٌ من الأذى.
الثاني: أنَّ الطَّهارة مفتاح الصَّلاة. والصَّلاة آكدُ أركان الإسلام بعد الشَّهادتين، ولذلك بدأ الفقهاء ـ رحمهم الله ـ بكتاب الطَّهارة.
يتبع

ابو وليد البحيرى
2024-07-05, 05:21 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" عرف الماء الطَّهور مع التمثيل ومايختص به؟
الطَّهور بفتح الطَّاء على وزن فَعول، وفَعول: اسم لما يُفعَلُ به الشيءُ، فالطَّهورُ ـ بالفتح ـ: اسم لما يُتطهَّر به والطَّهور: الماء الباقي على خلقته حقيقة، بحيث لم يتغيَّر شيء من أوصافه، أو حكماً بحيث تغيَّر بما لا يسلبُه الطَّهوريَّةَ.
فمثلاً:1-الماء الذي نخرجه من البئر على طبيعته ساخناً لم يتغيَّر، .
2- الماء النَّازل من السَّماء طَهور، لأنَّه باقٍ على خلقته
س"مالمراد بالماء الباقي علي حقيقته حكما؟
كالماء المتغيِّر بغير ممازج، أو المتغيِّر بما يشقُّ صون الماء عنه، فهذا طَهور لكنه لم يبقَ على خلقته حقيقة، وكذلك الماء المسخَّن فإِنه ليس على حقيقته؛ لأنَّه سُخِّن، ومع ذلك فهو طَهور؛ لأنَّه باقٍ على خلقته حكماً.
س" هل يرفع الماء الطهور الحدث ومالدليل؟
لا يرفع الحَدَث إلا الماء الطَّهُور. فالبنزين وما أشبهه لا يرفع الحَدَثَ؛ .
والدَّليل قوله تعالى: {{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}} [المائدة: 6] ، فأمر بالعدول إلى التيمُّم إذا لم نجد الماء، ولو وجدنا غيره من المائعاتِ والسوائل.
س" هل التراب يرفع الحدث ومالذي رجحه شيخنا رحمه الله ومالدليل؟1-1- -المذهب" لا يرفع الحَدَث.
2- مارجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي" أنَّه يرفع الحَدَث.
الدليل"
1- لقوله تعالى عَقِبَ التيمُّم: {{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ }} [المائدة: 6] ، ومعنى التَّطهير: أن الحَدَث ارتفع، .
2-وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطَهُوراً»[( البخاري في باب التيمم)] بالفتح، فيكون التُّراب مطهِّراً. لكن إِذا وُجِدَ الماءُ، أو زال السَّبب الذي من أجله تيمَّم؛ كالجرح إذا برئ، فإنه يجب عليه أن يتوضَّأ، أو يغتسل إِن كان تيمَّم عن جنابة.
س"هل يزيل الماء الطهور النجس الطاريء مع ذكر الدليل؟
الأول المذهب"لا يزيل النَّجس الطارئ إلا الماء، .
الدَّليل"
1- قوله صلّى الله عليه وسلّم في دم الحيض يصيب الثَّوب: «تَحُتُّه، ثم تَقْرُصُه بالماء، ثم تَنْضَحُه، ثم تُصلِّي فيه»[( البخاري الوضوء227)].
س"ماوجه الدلالة من الحديث؟
قوله: «بالماء»، فهذا دليل على تعيُّن الماء لإزالة النَّجاسة.
2-وقوله صلّى الله عليه وسلّم في الأعرابي الذي بَالَ في المسجد: «أريقوا على بوله سَجْلاً من ماء»[( البخاري220فتح)].
3-«ولمَّا بال الصبيُّ على حِجْره؛ دعا بماء فأتْبَعَهُ إِيَّاه»[( البخاري 222فتح)]، .
الثاني مارجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي" إِذا زالت النَّجاسة بأي مزيل كان طَهُر محلُّها؛ لأنَّ النَّجاسة عينٌ خبيثة، فإذا زالت زال حكمها، فليست وصفاً كالحدث لا يُزال إِلا بما جاء به الشَّرع،.
س"ماهو رأي الفقهاء في تغير النجس الكثير والخمر إذا خللت؟
قال الفقهاء رحمهم الله: «إذا زال تغيُّر الماء النَّجس الكثير بنفسه صار طَهُوراً، وإِذا تخلَّلت الخمر بنفسها صارت طاهرة»، وهذه طهارة بغير الماء.
س"ما أقسام النجاسة مع توضيح كل قسم ؟
القسم الأول"«النَّجس الطَّارئ»، أي: الذي وَرَدَ على محَلٍّ طاهر.
فمثلاً: أن تقع النَّجاسة على الثَّوب أو البساط، وما أشبه ذلك، فقد وقعت على محَلٍّ كان طاهراً قبل وقوع النَّجاسة، فتكون النَّجاسةُ طارئةً.
القسم الثاني النَّجاسة العينيَّة" فهذه لا تطهُر أبداً، لا يطهِّرُها لا ماء ولا غيره؛ كالكلب، فلو غُسِلَ سبع مرات إِحداهن بالتُّراب فإِنَّه لا يَطْهُر؛ لأنَّ عينَه نجسة.
س" هل تطهر النجاسة بالاستحالة؟
ذهب بعض العلماء إِلى أنَّ النَّجاسة العينية إِذا استحالت طَهُرت.؛ كما لو أوقد بالرَّوث فصار رماداً؛ فإِنه يكون طاهراً، وكما لو سقط الكلب في مملحة فصار ملحاً؛ فإنه يكون طاهراً، لأنَّه تحوَّلَ إِلى شيء آخر، والعين الأولى ذهبت، فهذا الكلب الذي كان لحماً وعظاماً ودماً، صار ملحاً، فالملح قضى على العين الأولى.
يتبع

ابو وليد البحيرى
2024-07-06, 06:15 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" مالحكم لو وضع إِنسان دُهْناً في ماء، وتغيَّر به؟
لا يسلبه الطَّهوريةَ، بل يبقى طَهوراً؛ لأن الدُّهن لا يمازج الماء فتجده طافياً على أعلاه، فتغيُّره به تغيُّر مجاورة لا ممازجة.
س"مالحكم لووضعت كسرة من ملح مائي في ماء؟
الملح المائي، وهو الذي يتكوَّن من الماء، فهذا الملح لو وضعتَ كِسْرةً منه في ماء، فإِنه يُصبح مالحاً، ويبقى طَهوراً مع الكراهة خروجاً من الخلاف..
س"لماذا لا تنسلب طَهوريته؟
لأن هذا الملح أصله الماء.
والتَّعليل بالخلاف للكراهة قد تقدَّم الكلام عليه.
س"مالحكم لو تغير الماء بملح معدني يُستخرَجُ من الأرض؟
المذهب"فإنه يسلبه الطَهوريَّةَ ، فيكون طاهراً غير مطهِّر.
س"ماحكم الماء الطَهور إذا سخن بنجس وماتوجيه الشيخ في هذه المسأله؟1- إِذا سُخِّن الماءُ بنجَسٍ تَغيَّر أو لم يتغيَّر فإِنه يُكره.
مثاله: لو جمع رجلٌ روث حمير، وسخَّن به الماء فإِنه يُكره، فإِن كان مكشوفاً فإِنَّ وجه الكراهة فيه ظاهر، لأن الدُّخان يدخله ويؤثِّر فيه.
وإِن كان مغطَّى، ومحكم الغطاء كُره أيضاً؛ لأنَّه لا يَسْلَمُ غالباً من صعود أجزاء إِليه.
توجيه الشيخ رحمه الله تعالي" أنَّه إِذا كان محكم الغطاءِ لا يكره. فإِن دخل فيه دخان وغَيَّرَهُ، فإِنه ينبني على القول بأن الاستحالةَ تُصيِّرُ النَّجس طاهراً، فإِن قلنا بذلك لم يضر. وإِن قلنا بأن الاستحالة لا تُطهِّر؛ وتغيَّر أحد أوصاف الماء بهذا الدُّخان كان نجساً.
س" ماحكم الماء الطَهور إذا تغير بمكثه أو بمايشق صون الماء عنه ؟
1- «وإن تغيَّرَ بمكثه» ، أي: بطول إِقامته، فلا يضرُّ، لأنه لم يتغيَّر بشيء حادث فيه، بل تغيَّر بنفسه، فلا يكره.
2-: «أو بما يَشقُّ صون الماء عنه من نابتٍ فيه وورَقِ شَجَرٍ» ، مثل: غدير نَبَتَ فيه عُشبٌ، أو طُحلب، أو تساقط فيه ورقُ شجر فتغيَّر بها، فإنَّه طَهُورٌ غير مكروه؛ ولو تغيَّر لونُه وطعمُه وريحُه، والعِلَّة في ذلك أنه يشقُّ التحرُّز منه، فيشُقُّ ـ مثلاً ـ أن يمنع أحدٌ هذه الأشجار من الرِّياح حتى لا تُوقع أوراقها في هذا المكان. وأيضاً يشُقُّ أن يمنع أحدٌ هذا الماء حتى لا يتغيَّر بسبب طول مُكثه.
ولو قلنا للنَّاس: إِن هذا الماء يكون طاهراً غيرَ مطهِّر، لشققنا عليهم.
وإِن تغيَّر بطين كما لو مشى رجل في الغدير برجليه، وأخذ يحرِّك رجليه بشدَّة حتى صار الماء متغيِّراً جدًّا بالطِّين؛ فإِنَّ الماء طَهُورٌ غيرُ مكروه؛ لأنه تغيَّر بمُكْثِه.
س" ماحكم الماء الطَهور إذا تغير بمجاورة الميتة؟
1-المؤلِّفُ: إِنه طَهُور غير مكروه؛ لأن التغيُّر عن مجاورة، لا عن ممازجة، مثاله: غدير عنده عشرون شاةً ميتة من كُلِّ جانب، وصار له رائحة كريهة جدًّا بسبب الجِيَفِ، .
2-وبعض العلماء "حكى الإجماع على أنه لا ينجس بتغيُّره بمجاورة الميتة[( انظر حاشية الروض لإبن قاسم1\67)]، .
س"مالذي صححه الشيخ في الماء المتغير بمجاورة الميتة؟
ولا شكَّ أن الأَوْلَى التنزُّه عنه إن أمكن، فإِذا وُجِدَ ماء لم يتغيَّر فهو أفضل، وأبعد من أن يتلوَّث بماء رائحته خبيثة نجسة، وربما يكون فيه من النَّاحية الطبيَّة ضرر، فقد تحمل هذه الروائح مكروبات تَحُلُّ في هذا الماء.
س" ماحكم الماء الطاهر إذا سُخِّن بالشَّمس؟
إذا وضع الماء في الشمس ليسْخُنَ فاغتسل به، فلا حرج، ولا كراهة.
س" ماحكم الماء الطاهر إذا سخن بطاهر؟
إذا سُخِّن بطاهر مثل الحطب، أو الغاز، أو الكهرباء، فإنه لا يُكره

ابو وليد البحيرى
2024-07-08, 09:52 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" مالمراد بالماء المستعمل مع التمثيل؟
أن يُمَرَّ الماء على العضو، ويتساقط منه، وليس الماء المستعمل هو الذي يُغْتَرفُ منه. بل هو الذي يتساقط بعد الغَسْل به.
مثاله: غسلت وجهك، فهذا الذي يسقط من وجهك هو الماء المستعمل.
س"ماحكم الماء الطَهور إذا استعمل في طهارة مستحبة كتجديد وضوء؟
قوله: «في طهارة مست حبَّة» ، أي: مشروعة من غير حَدَث.
كما لو صَلَّى إنسان بوُضُوئه الأول ثم دخل وقت الصَّلاة الأُخرى، فإنه يُسنُّ أن يجدِّدَ الوُضُوء ـ وإِن كان على طهارة ـ فهذا الماء المستعمل في هذه الطَّهارة طَهُور لكنه يُكره. يكون طَهُوراً؛ لأنه لم يحصُلْ ما ينقله عن الطَّهورية، ويكون مكروهاً للخلاف في سلبه الطَّهورية؛ لأن بعض العلماء قال: لو استُعْمل في طهارة مستحبَّة فإِنه يكون طاهراً غير مطهِّروقد سبق الكلام على التَّعليل بالخلاف.
س"ماحكم الماء الطهور إذا استعمل في غسل الجمعة؟
«وغُسْل جُمُعَة» ، هذا على قول الجمهور أن غُسْل الجمعة سُنَّةٌ. فإذا استُعْمِلَ الماء في غُسْلِ الجمعة فإِنه يكون طَهُوراً مع الكراهة.
س"ماحكم الماء الطَهور إذا استعمل في غَسْلة ثانية وثالثة ؟،
الغَسْلَةُ الثانية والثالثة في الوُضُوء ليست بواجبة، والدَّليل قوله تعالى: {{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}} [المائدة: 6] والغُسْل يصدق بواحدة، ولأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ثبت أنه توضَّأ مرَّةً مرَّةً[( البخاري 157 فتح)]. فالثانية، والثالثة طهارة مستحبَّة، فالماء المستعمل فيهما يكون طَهُوراً مع الكراهة، والعِلَّةُ هي: الخلاف في سلبه الطَّهورية].
س" ما هو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه اله تعالي في استعمال الماء الطهور في الحالات المتقدمة؟
الصَّواب في هذه المسائل كلِّها: أنه لا يُكره؛ لأن الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يفتقر إِلى دليل، وكيف نقول لعباد الله: إنهُ يكره لكم أن تستعملوا هذا الماء. وليس عندنا دليلٌ من الشَّرع. ولذلك يجب أن نعرف أن منع العباد مما لم يدلَّ الشرعُ على منعه كالتَّرخيص لهم فيما دَلَّ الشَّرع على منعه؛ لأن الله جعلهما سواء فقال: {{وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ}} [النحل: 116] ، بل قد يقول قائل: إن تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام؛ لأن الأصلَ الحِلُّ، والله عزّ وجل يحبُّ التَّيسير لعباده.
س" مامفهوم الكثير من الماء واليسير في عرف الفقهاء؟
فالكثير" من الماء في عرف الفقهاء رحمهم الله ما بلغ القُلَّتين، والقلتين تَسَعُ قِربتين ونصفاً تقريباً.
واليسير: ما دون القُلَّتين.
س"ماحكم الماء إذا خالطته نجاسة غير بول آدمي أو عذرته المائعة فلم يتغير وهو قلتان وأقوال العلماء في هذه المسألة؟
إذا امتزجت بالماء الطهور نجاسة ولم تغيِّرْ طعمه، أو لونه، أو رائحته، علي ثلاثة أقوال"
القول الأول ـ وهو المذهب عند المتقدِّمين ـ
1- إذا خالطته نجاسة ـ وهو دون القُلَّتين ـ "
نَجُسَ مطلقاً، تغيَّر أو لم يتغيَّر، وسواء كانت النَّجاسة بولَ الآدميِّ أم عَذِرَتَهُ المائعةَ، أم غير ذلك.
2- إِذا خالطته نجاسة وقد بلغ القُلَّتين"
فيُفرَّق بين بولِ الآدميِّ وعَذِرَتِهِ المائعةِ، وبين سائر النجاسات، فإِذا بلغ القُلَّتين وخالطه بولُ آدميٍّ أو عَذِرَتُهُ المائعةُ نَجُسَ وإِن لم يتغيَّر، إِلا أن يَشُقَّ نَزْحُه، فإِن كان يَشُقُّ نَزحُه، ولم يتغيَّر فَطَهُورٌ، وإن كان لا يَشُقُّ نَزحُه ولو زاد على القُلَّتين فإِنَّه يَنْجُس بمخالطة بول الآدميِّ، أو عَذِرَتِهِ المائِعةِ وإِن لم يتغيَّر.
س" ماحكم الماء الطَهور إذا خالطته نجاسة(بول آدمي أو عذرته) وكان ممايشق نزحه؟
فإن كان يَشُقُّ نَزْحُه ولم يتغيَّر فطَهُور، وإن كان لا يَشُقُّ نَزْحُه فنجس بمجرد الملاقاة،
س" مالمعتبر في بقية النجاسات مع التمثيل؟
بقيَّة النَّجَاسات فالمعتبر القُلَّتان، فإِذا بلغ قُلّتين ولم يتغيَّر فطَهورٌ، وإِن لم يبلغ القُلَّتين فنجسٌ بمجرد الملاقاة.
مثال ذلك: رجل عنده قِربةٌ فيها ماء يبلغ القُلَّتين، فسقط فيها روث حمار، ولكن الماء لم يتغيَّر طعمُه، ولا لونه، ولا رائحته فَطَهُورٌ.
مثال آخر: عندنا غدير، وهذا الغدير أربع قلال من الماء، بالَ فيه شخص نقطة واحدة وهو لا يَشُقُّ نَزْحُه؛ ولم يتغيَّر؛ فإنه يكون نجساً؛ لأن العبرة بمشقَّة النَّزْحِ.
س" ماهي أدلة الفريق الأول إذا بلغ الماء قلتين لا ينجس إلا بالتغير؟
1-بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِن الماء طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ»[( صححه جمع من الأئمة وانظر كفاية الأخيار)]، .
2- قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان الماء قُلَّتين لم يحمل الخَبَثَ»[( صححه الألباني وقال الشيخ أبواسحاق الحويني حديث القلتين صحيح من جهة الرواية لاشك في ذلك عندمن أنصف في استعمال القواعد)].
س"مالذي استدل به أصحاب القول الأول علي الفرق بين بول الآدميِّ وغيره من النَّجاسات؟1-
قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يبولَنَّ أحدُكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه»[( البخاري 239 فتح)].
وجه الدلالة من الحديث"
نهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عن البول ثم الاغتسال، وهذا عام؛ لكن عُفي عما يَشُقُّ نَزْحُه من أجل المشقَّة.
القول الثاني: ـ وهو المذهب عند المتأخرين ـ:
أنه لا فرق بين بول الآدميِّ وعَذِرَتِهِ المائعةِ، وبين غيرهما من النَّجَاسات، الكُلُّ سواء فإذا بلغ الماء قُلَّتين لم يَنْجُسْ إِلا بالتَّغيُّر، وما دون القلَّتين يَنْجُسُ بمجرَّد الملاقاة.
القول الثالث: ـ وهو اختيار شيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم:
أنه لا ينجس إِلا بالتَّغيُّر مطلقاً؛ سواء بلغ القُلَّتين أم لم يبلغ، لكن ما دون القلّتين يجب على الإنسان أن يتحرَّز إذا وقعت فيه النَّجَاسة؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ ما دونهما يتغيَّر.
س"ماهو تصحيح الشيخ رحمه الله في هذه المسألة مع ذكر الدليل؟
الذي صححه الشيخ رحمه الله تعالي القول الثالث وهو الصحيح للأثر، والنَّظر."
1- من حيث الأثر" قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الماء طَهُور لا ينجِّسُهُ شيءٌ»، ولكن يُستثنى من ذلك ما تغيَّر بالنَّجَاسة فإِنه نجسٌ بالإِجماع.
وهناك إشارة من القرآن تدُلُّ على ذلك،"
قال تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}} [المائدة: 3] ،
قال تعالى: {{قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}} [الأنعام: 145]، فقوله: «فإنه رجس» معلِّلاً للحكم دليلٌ على أنه متى وُجِدَت الرِّجْسيةُ ثبت الحكم، ومتى انتفت انتفى الحكم، فإِذا كان هذا في المأكول فكذلك في الماء.
فمثلاً: لو سقط في الماء دم مسفوح فإِذا أثَّر فيه الدَّمُ المسفوح صار رجساً نجساً، وإِذا لم يؤثِّر لم يكن كذلك.
2-ومن حيث النَّظَرُ: فإنَّ الشَّرع حكيم يُعلِّل الأحكام بعللٍ منها ما هو معلوم لنا؛ ومنها ما هو مجهول. وعِلَّةُ النَّجاسة الخَبَثُ. فمتى وُجِد الخَبَثُ في شيء فهو نَجِس، ومتى لم يوجد فهو ليس بنجس، فالحكم يدور مع عِلَّته وجوداً وعدماً.
س"فإن قال قائل: من النَّجاسات ما لا يُخالف لونُه لون الماء؛ كالبول فإنه في بعض الأحيان يكون لونُه لونَ الماء.؟
فالجواب: يُقدَّر أن لونَه مغايرٌ للون الماء، فإِذا قُدِّر أنه يغيّر لونَ الماء؛ حينئذٍ حكمنا بنجاسة الماء على أن الغالب أن رائحته تغيِّر رائحة الماء، وكذا طعمه.
وأما حديث القُلَّتين فقد اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه."
1-فمن قال: إِنه ضعيف فلا معارضة بينه وبين حديث: «إن الماء طَهُور لا ينجِّسه شيء»؛ لأن الضَّعيف لا تقوم به حُجَّة.
2-وعلى القول بأنه صحيح فيقال: إِن له منطوقاً ومفهوماً.
فمنطوقه: إذا بلغ الماء قُلتين لم ينجس، وليس هذا على عمومه؛ لأنه يُستثنى منه إِذا تغير بالنَّجاسة فإِنه يكون نجساً بالإِجماع.
ومفهومه" أن ما دون القُلّتين ينجس، فيقال: ينجس إِذا تغيَّر بالنَّجاسة؛ لأن منطوق حديث: «إن الماء طهور لا يُنَجِّسُه شيء» مقدَّم على هذا المفهوم، إِذ إِنَّ المفهوم يصدق بصورة واحدة، وهي هنا صادقة فيما إِذا تغيَّر.
وأما الاستدلال على التَّفريق بين بول الآدمي وعَذِرَتِه وغيرهما من النَّجاسات"
بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدَّائم ثم يغتسل فيه»، فيقال: إِن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يقل: إِنه ينجس، بل نهى أن يبول ثم يغتسل؛ لا لأنه نجس، ولكن لأنَّه ليس من المعقول أن يجعل هذا مَبَالاً ثم يرجع ويغتسل فيه، وهذا كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجلدُ أحدُكم امرأته جَلْدَ العبد؛ ثم يضاجعُها ) البخاري 5204 فتح، فإِنَّه ليس نهياً عن مضاجعتها؛ بل عن الجمع بينهما فإِنه تناقض.
والصَّواب: ما ذهب إليه شيخ الإسلام للأدلة النَّظرية والأثريَّة.

ابو وليد البحيرى
2024-07-10, 06:52 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" أذكر رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في الماء اليسير إذا خلت به المرأة؟
الصَّحيح: أنَّ النَّهي في الحديث نهي النبي صلي الله عليه وسلم (( أن يغتسل الرجل بفضل المرأة والمرأة بفضل الرجل) صححه الألباني صحيح أبي داود 75) ليس على سبيل التَّحريم، بل على سبيل الأَوْلَويَّة وكراهة التنزيه؛ بدليل حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: اغتسل بعضُ أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في جَفْنَة، فجاء النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ليغتسل منها، فقالت: إني كنت جُنباً، فقال: «إن الماء لا يُجنب»[(61)]، وهذا حديث صحيح
وهناك تعليل"؛ وهو أن الماء لا يُجنب يعني أنها إِذا اغتسلت منه من الجنابة فإِن الماء باقٍ على طَهُوريته.
فالصَّواب: أن الرَّجل لو تطهَّر بما خلت به المرأةُ؛ فإِن طهارته صحيحة ويرتفع حدثه، وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله[( انظر الاختيارات العلمية لشيخ الإسلام ص3 تهذيب السنن لإبن القيم (1\81].
س" ماهو القسم الثاني من أقسام المياه علي المذهب؟
القسم الثاني من أقسام المياه علي المذهب الماء الطاهر
س" مالحكم إذا تغيَّر لونُ الماء أو طعْمُه، أو ريحُه ؟1
1-- المذهب" فإِنَّه يكون طاهراً غير مطهِّر". إذا تغيّر تغيراً كاملاً بحيث لا يُذاقُ معه طعمُ الماء، أو تغيَّر أكثر أوصافه: الطعم، والرِّيح، واللون.
«بطبخ» ، أي: طُبخ فيه شيء طاهر كاللحم فتغيّر طعمه، أو لونه، أو ريحه تغيُّراً كثيراً بيِّناً، فإِنَّه يكون طاهراً غير مطهِّر.
«أو ساقط فيه» ، أي: سقط فيه شيء طاهر فغيَّر أوصافه أو أكثرها فإِنه يكون طاهراً غير مطهِّر.
والتَّعليل لكون هذا طاهراً غير مطهِّر: أنَّه ليس بماء مطلق، وإِنما يُقال ماءُ كذا فيُضاف، كما يُقال: ماءُ ورد.
س" ماهو رأي الشيخ ابن عثيمين في الماء إذا تغيَّر لونُ الماء أو طعْمُه، أو ريحُه؟
لا يكفي في نقل الماء من الطَّهورية إلى الطَّهارة، إِلا إِذا انتقل اسمه انتقالاً كاملاً، فيُقال مثلاً: هذا مَرَقٌ، وهذه قهوة. فحينئذٍ لا يُسمَّى ماءً، وإِنَّما يُسمَّى شراباً؛ يُضاف إِلى ما تغيَّر به، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/25)، «الاختيارات» ص(3).)].
ومما يدلُّ على ضعف ما قاله المؤلِّف: أنهم يقولون: إِن ورق الشجر إذا كان يشقُّ صونُ الماء عنه؛ فوقع فيه وتغيَّر به الماء فهو طَهُور، ولو وضعه إِنسان قصداً فإِنه يصير طاهراً غير مطهِّر. ومعلوم أن ما انتقل حكمه بتغيُّره فإِنه لا فرق بين ما يشُقُّ صون الماء عنه وما لا يشقُّ، ولا بين ما وُضِعَ قصداً أو بغير قصد، كما نقول فيما إِذا تغيَّر الماءُ بنجاسة، فإِنه لا فرق بين ما يشقُّ صون الماء عنه من تلك النجاسة وبين ما لا يشقُّ، ولا بين ما وُضِعَ قصداً وما لم يوضع قصداً؛ ما دامت العِلَّة هي تغيُّر الماء.

ابو وليد البحيرى
2024-07-19, 04:14 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" ماحكم الماء الطَهور إذا رفع بقليله حدث؟1
1-- المذهب "إذا رُفِعَ بقليله حَدَثٌ صار طاهراً غير مطِّهر.
وليس لهذا دليل، ولكن تعليل؛ وهو أنَّ هذا الماء استُعمل في طهارة فلا يُستعمل فيها مرَّة أخرى، كالعبد إِذا أُعتق فلا يُعتق مرَّة أخرى
س"ماهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في الماء الطَهور إذا رفع بقليله حدث؟
التَّعليل الذي علل به المذهب عليل من وجهين:
الأول: وجود الفرق بين الأصل والفرع؛ لأن الأصل المقيس عليه وهو الرَّقيق المحرَّر لمَّا حرَّرناه لم يبقَ رقيقاً، وهذا الماء لمّا رُفِع بقليله حدثٌ بقي ماء فلا يصحّ القياس.
الثاني: أن الرَّقيق يمكن أن يعود إِلى رِقِّهِ، فيما لو هرب إِلى الكُفَّار ثم استولينا عليه فيما بعد؛ فإن لنا أن نسترقَّه، وحينئذٍ يعود إليه وصف الرِقِّ، ثم يصحُّ أن يحرَّر مرَّة ثانية في كفَّارة واجبة.
فالصَّواب" أن ما رُفع بقليله حدثٌ طَهورٌ؛ لأن الأصل بقاء الطَّهورية، ولا يمكن العُدُول عن هذا الأصل إلا بدليل شرعي يكون وجيهاً.
س" ماحكم الماء الطَهور إذا غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء؟
المذهب" الماء الطَهور إذا غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء فيكون طاهراً غير مطهِّر بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا استيقظ أحدُكم من نومه؛ فلا يَغمِسْ يدَهُ في الإِناء حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإِنه لا يدري أين باتت يدُه»[(أخرجه مسلم في الطهارة 278 عبد الباقي)].
مثاله: رجل قام من النَّوم في الليل، وعنده قِدْرٌ فيه ماء قليل، فغمس يده إِلى حَدِّ الذِّراع.
س" ماهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي " الماء الطَهور إذا غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء؟
الصَّواب" أنه طَهُور؛ لكن يأثم من أجل مخالفته النهي؛ حيث غمسها قبل غسلها ثلاثاً.
س" ما الحكمة في النَّهي عن غمس اليد قبل غسلها ثلاثاً لمن قام من النَّوم؟
الحكمة بيَّنها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «فإِنَّ أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ».
س"مالحكم لو قال قائل: وضعت يدي في جِراب، فأعرفُ أنها لم تمسَّ شيئاً نجساً من بدني، ثم إِنني نمت على استنجاء شرعي، ولو فُرض أنَّها مسَّت الذَّكر أو الدُّبر فإِنَّها لا تنجُس؟
فالجواب: أن الفقهاء رحمهم الله قالوا: إِن العلَّة غير معلومة فالعمل بذلك من باب التَّعبُّد المحض[(انظر: «الإِنصاف» (1/72، 75)، «شرح منتهى الإِرادات» (1/15).)].
لكن ظاهر الحديث أن المسألة معلَّلةٌ بقوله: «فإِن أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ».
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا التَّعليل كتعليله صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «إذا استيقظ أحدكم من منامه؛ فليستنثر ثلاث مرَّات؛ فإِن الشيطان يبيت على خياشيمه» ( البخاري3295 فتح )فيمكن أن تكون هذه اليد عبث بها الشيطان، وحمل إليها أشياء مضرَّة للإنسان، أو مفسدة للماء فنهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن يغمس يده حتى يغسلها ثلاثاً[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/44، 45).)].
وما ذكره الشيخ رحمه الله وَجيهٌ، وإِلا فلو رجعنا إلى الأمر الحسِّي لكان الإِنسان يعلم أين باتت يده، لكن السُّنَّة يفسِّر بعضُها بعضاً.

ابو وليد البحيرى
2024-07-23, 06:06 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"ماحكم الماء إذا كان آخر غسلة زالت بها النجاسة؟
الضَّمير يعود إِلى الماء القليل، والمعروف عند الفُقهاء أنه لا بُدَّ لطهارة المحلِّ المُتَنَجِّس أن يُغسل سبعَ مرات. فالغسلة الأولى إلى السادسة كلُّ المنفصل من هذه الغسلات نجس؛ لأنه انفصل عن محلٍّ نجس.
مثاله: رجل يغسل ثوبه من نجاسة
فالذي ينفصل من الماء من الغسلة الأولى إِلى السَّادسة نجس؛ لأنه انفصل عن محَلٍّ نجس وهو يسير، فيكون قد لاقى النَّجاسة وهو يسير، وما لاقى النَّجاسة وهو يسير فإِنه ينجس بمجرَّد الملاقاة.
أما المنفصل في الغسلة السَّابعة" فيكون طاهراً غير مطهِّر؛ لأنَّه آخر غسلة زالت بها النَّجاسة، فهو طاهر؛ لأنه أثَّر شيئاً وهو التطهير، فلما طَهُرَ به المحلُّ صار كالمستعمل في رفع حَدَث، ولم يكن نجساً لأنَّه انفصل عن محلٍ طاهر،
وأما المنفصل عن الثَّامنة فطَهُورٌ؛" لأنَّه لم يؤثِّر شيئاً ولم يُلاقِ نجاسة. وهذا إِذا كانت عين النَّجاسة قد زالت، وإِذا فُرِضَ أن النَّجاسة لم تزل بسبع غسلات، فإِن ما انفصل قبل زوال عين النَّجاسة نجسٌ لأنه لاقى النَّجاسة وهو يسير.
س"ماهو اختيار الشيخ ابن عثيمين في أقسام المياه؟
والصَّحيح أن الماء قسمان فقط: طَهُور ونجس. فما تغيَّر بنجاسة فهو نجس، وما لم يتغيَّر بنجاسة فهو طَهُور، وأن الطَّاهر قسم لا وجود له في الشَّريعة، وهذا اختيار شيخ الإِسلام والدَّليل على هذا عدم الدَّليل؛ إذ لو كان قسم الطَّاهر موجوداً في الشَّرع لكان أمراً معلوماً مفهوماً تأتي به الأحاديث بيِّنةً واضحةً؛ لأنه ليس بالأمر الهيِّن إذ يترتَّب عليه إِمَّا أن يتطهَّر بماء، أو يتيمَّم. فالنَّاس يحتاجون إِليه كحاجتهم إلى العِلْم بنواقض الوُضُوء وما أشبه ذلك من الأمور التي تتوافر الدَّواعي على نقلها لو كانت ثابتة.
س"مالمراد بالماء النجس؟1-
1-«والنَّجس ما تغيَّر بنجاسة» ، أي: تغيَّر طعمه أو لونه أو ريحه بالنَّجاسة، .
2- «أو لاقاها وهو يسير» ، أي: لاقى النَّجاسة وهو دون القُلَّتين،.
والدَّليل" مفهوم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذا بلغ الماء قُلَّتين لم ينجِّسْه شيء».
ومفهوم قوله: «وهو يسير» أنه إِن لاقاها وهو كثير فإِنَّه لا ينجس، لكن يُستثنى من هذا بول الآدمي وعَذِرَتُه كما سبق.
س"ماصححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي الصَّحيح في قوله(«أو لاقاها وهو يسير» ؟
أنَّ هذا ليس من قسم النَّجس إِلا أن يتغيَّر
3- «أو انفصل عن محلِّ نجاسة قبل زوالها» ، أي: قبل زوال حكمها.
مثاله: ماء نطهِّر به ثوباً نجساً، والنَّجاسة زالت في الغسلة الأولى وزال أثرها نهائياً في الغسلة الثانية، فغسلناه الثَّالثة والرابعة والخامسة والسَّادسة، فالماء المنفصل من هذه الغسلات نجس، لأنه انفصل عن محلِّ النَّجاسة قبل زوالها حكمها.
س"ماهي طرق تطهير الماء النجس؟
ثلاث طُرقٍ في تطهير الماء النَّجس:
الطَّريقة الأولي لتطهير الماء النَّجس(إذا كان قلتين):
1-( الإضافة) أن يضيف إِليه طَهوراً كثيراً غير تراب ونحوه، واشترط المؤلِّفُ أن يكون المضافُ كثيراً؛ لأنَّنا لو أضفنا قليلاً تنجَّس بملاقاة الماء النَّجس.
مثاله: عندنا إِناءٌ فيه ماء نجس مقداره نصف قُلَّة، وهذا الإِناء كبير يأخذ أكثر من قُلَّتين، فإِذا أردنا أن نطهِّره نأتي بقُلَّتين ثم نفرغ القُلَّتين على نصف القُلَّة، فنكون قد أضفنا إِليه ماءً كثيراً؛ فيكون طَهُوراً إِذا زال تغيُّره، فإِن أضفنا إِليه قُلَّة واحدة؛ وزال التغيُّر فإِنَّه لا يكون طَهُوراً، بل يبقى على نجاسته؛ لأنه لاقى النَّجاسة وهو يسير فينجس به ولا يطهِّره، ولا بُدَّ أن تكون إِضافة الماء متَّصلة، لأنَّنا إِذا أضفنا نصفَ قُلَّة، ثم أتينا بأخرى يكون الأول قد تنجَّس، وهكذا فيُشترط في المُضاف أن يكون طَهُوراً كثيراً، والمُضاف إِليه لا يُشترط فيه أن يكون كثيراً أو يسيراً، فإذا كان عندنا إِناءٌ فيه قُلَّتان نجستان ولكنَّه يأخذ أربع قِلال، وأضفنا إِليه قُلَّتين وزال تغيُّره فإِنَّه يَطْهُر مع أن النَّجس قُلَّتان.
الطَّريقة الثَّانية لتطهير الماء النَّجس"،"
(أن يزول تغيُّره بنفسه )
مثاله: ماء في إِناء يبلغ قُلَّتين وهو نجس، ولكنه بقي يومين أو ثلاثة وزالت رائحته ولم يبقَ للنَّجاسة أثر، ونحن لم نُضِفْ إِلَيْهِ شيئاً، فيكون طَهُوراً، لأنَّ الماء الكثير يقوى على تطهير غيره، فتطهير نفسه من باب أولى.
الطَّريقة الثالثة لتطهير الماء النَّجس(إذا كان زائداً علي القلتين)"
ما زاد على القُلَّتين يمكن تطهيره بثلاث طُرق:
1 ـ الإِضافة كما سبق.
2 ـ زوال تغيُّرِه بنفسه.
3 ـ أنْ يُنْزَح منه؛ فيبقى بعده كثير غير متغيِّر.
ففي هذه الصُّورة لا بُدَّ أن يكون الماء المتنجِّس أكثر من قُلَّتين؛ لأنَّ المؤلِّفَ اشترط أن يبقى بعد النَّزْح كثير، أي: قُلَّتان فأكثر. فإن كان عند الإنسان إِناء فيه أربع قِلال وهو نجس، ونُزِحَ منه شيء وبقي قُلَّتان، وهذا الباقي لا تغيُّر فيه فيكون طَهُوراً.
س"ماهو اختيار الشيخ في طهارة الماء النجس؟
القول الصَّحيح: أنه متى زال تغيُّر الماء النَّجس طَهُرَ بأي وسيلة كانت.

ابو وليد البحيرى
2024-07-25, 02:21 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"ماهو اختيار الشيخ في طهارة الماء النجس؟
القول الصَّحيح: أنه متى زال تغيُّر الماء النَّجس طَهُرَ بأي وسيلة كانت فإنه يكون طَهُوراً؛ لأن الحكم متى ثبت لِعِلَّة زال بزوالها. وأيُّ فرق بين أن يكون كثيراً، أو يسيراً، فالعِلَّة واحدة، متى زالت النَّجَاسة فإِنه يكون طَهُوراً وهذا أيضاً أيسر فهماً وعملاً.
س" هل تنجس المائعات بمجرد الملاقاه وماهو توجيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في هذه المسألة؟1
1-- المذهب"سائر المائعات تَنْجُس بمجرَّد الملاقاة، ولو كانت مِائة قُلَّة، فلو كان عند إِنسان إِناء كبير فيه سمن مائع وسقطت فيه شعرة من كلب؛ فإِنَّه يكون نجساً، لا يجوز بيعه؛ ولا شراؤه؛ ولا أكله أو شربه.
توجيه الشيخ رحمه الله"والصَّواب: أَن غير الماء كالماء لا يَنْجُس إِلا بالتغيُّر.
س"مالحكم إذا شك في نجاسة الماء أو غير طهارته؟
أي: في نجاسته إِذا كان أصله طاهراً، وفي طهارته إِذا كان أصله نجساً.
مثال الشَكِّ في النَّجاسة: لو كان عندك ماء طاهر لا تعلم أنَّه تنجَّس؛ ثم وجدت فيه روثة لا تدري أروثة بعير، أم روثة حمار، والماء متغيِّر من هذه الرَّوثة؛ فحصل شكٌّ هل هو نجس أم طاهر؟ فيُقال: ابْنِ على اليقين، واليقين أنه طَهُور، فتطهَّر به ولا حرج.
س" مالحكم إِذا حصل شكُّ في نجاسة غير الماء؟ مع التمثيل؟
نبني علي اليقين وهو انه طَهور "مثاله: رجل عنده ثوب فشكَّ في نجاسته، فالأصل الطَّهارة حتى يعلم النَّجاسة.
س"مالحكم لو كان عند إنسان جلد شاه ، وشكَّ هل هو جلدُ مُذَكَّاة، أم جلد ميتة، ؟
فالغالب أنه جلد مُذَكَّاة فيكون طاهراً.
س" مالحكم لو شَكَّ إنسان في الأرض عند إِرادة الصَّلاة هل هي نجسة أم طاهرة؟،
فالأصل الطَّهارة.
س" مالحكم لو كان عنده ماء نجس يعلم نجاسته؛ فلما عاد إليه شكَّ هل زال تغيُّره أم لا؟
فيُقال: الأصل بقاء النَّجاسة، فلا يستعمله.
س" عرف اليقين مع ذكر الدليل علي البناء علي اليقين؟
اليقين: هو ما لا شَك فيه، .
والدَّليل على البناء القين إما أن يكون من الأثر وإما أن يكون من النظر"
1-من الأثر "حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم شُكِيَ إِليه الرَّجل يجدُ الشيءَ في بطنه؛ فيُشكل عليه، هل خرج منه شيءٌ أم لا؟ فقال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجدَ ريحاً»[( البخاري 137 فتح)].
س" ماوجه الدلالة من الحديث؟
أمرَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالبناء على الأصل، وهو بقاء الطَّهارة.
2-من النظر"أن الأصل بقاء الشيء علي ماكان حتي يتبين التغير وبناء عليه إذا مر شخص تحت ميزاب وأصابه منه ماء فقال " لا أدري هل هذا من المراحيض أومن غسل ثياب طاهرة فنقول الأصل الطهارة حتي ولوكان الماء متغيراً ولا يجب عليه أن يشمه أو يتفقده وهذا من سعة رحمه الله
ويُروى أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرَّ هو وعمرو بن العاص بصاحب حوض، فسأل عمرو بن العاص صاحبَ الحوض: هل هذا نجس أم لا؟ فقال له عمر: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا[( مسلم 1929)].
وفي رواية: أن الذي أصابهم ماء ميزاب، فقال عمر: يا صاحب الميزاب، لا تخبرنا.

ابو وليد البحيرى
2024-07-28, 12:47 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن


س"مالحكم أذا اشتبه طَهور بنجس وماهو توجيه الشيخ رحمه الله تعالي؟1-
1-- المشهور من المذهب" فيتجنَّبُهُما حتى ولو مع وجود قرائن للنظر والأثر
من النظر"إِن اشتبه ماء طهور بماء نجس حرم استعْمَالُهُمَا ، لأن اجتناب النَّجس واجب، ولا يتمُّ إِلا باجتنابهما، وما لا يتمُّ الواجب إِلا به فهو واجب، .
من الأثر"1- بأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الرَّجُل يرمي صيداً فيقع في الماء: «إن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكلْ، فإِنك لا تدري، الماءُ قَتَله أم سهمُك؟[( مسلم1929 عبد الباقي)]».
2- «إذا وجدت مع كلبك كلباً غيره فلا تأكل، فإِنَّك لا تدري أيُّهما قتله»[( البخاري 5484 فتح)]؟. فأمر باجتنابه، لأنّه لا يُدرى هل هو من الحلال أم الحرام؟
2-وقال الشَّافعي رحمه الله: يتحرَّى وهو الصَّواب،
توجيه الشيخ إذا اشتبه طَهور بنجس ومالدليل؟
التحري
1- الدليل من الأثر" لقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسألة الشكِّ في الصَّلاة: «وإذا شَكَّ أحدُكُم في صلاته فليتحرَّ الصَّوابَ ثم ليَبْنِ عليه»[( البخاري 401 الفتح)]، .
2-الدَّليل النَّظري: أنَّ من القواعد المقرَّرة عند أهل العلم أنَّه إذا تعذَّر اليقين رُجع إِلى غلبة الظنِّ، وهنا تعذَّر اليقينُ فنرجع إِلى غلبة الظنِّ وهو التحرِّي. هذا إن كان هناك قرائن تدلُّ على أن هذا هو الطَّهور وهذا هو النَّجس، لأن المحلَّ حينئذ قابل للتحرِّي بسبب القرائن، .
س"مالحكم إذا لم يكن هناك قرائن؛ مثل أن يكون الإِناءان سواء في النَّوع واللون فهل يمكن التَّحرِّي؟1
1--قال بعض العلماء: إِذا اطمأنت نفسُه إِلى أحدهما أخذ به، وقاسوه على ما إِذا اشتبهت القِبْلة على الإِنسان؛ ونظر إلى الأدلَّة فلم يجد شيئاً، فقالوا: يصلِّي إِلى الجهة التي تطمئنُّ إِليها نفسُه. فهنا أيضاً يستعمل ما اطمأنت إِليه نفسه،
الشيخ رحمه الله تعالي" ولا شكَّ أن استعمال أحد الماءين في هذه الحال فيه شيء من الضَّعف؛ لكنَّه خير من العدول إلى التيمُّم.

ابو وليد البحيرى
2024-07-29, 10:35 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" مالحكم إِن اشْتَبَهَتْ ثيابٌ طاهرةٌ بنجسةٍ مع التمثيل؟
1- المذهب" يصلِّي بعدد النَّجس ويزيد صلاة؛ لأنَّ كلَّ ثوبٍ يُصلِّي فيه يحتمل أن يكون هو النَّجس، فلا تصحُّ الصَّلاة به،
مثال هذه المسألة: رجل له ثوبان، أحدهما نجاسته متيقَّنة، والثاني طاهر، ثم أراد أن يلبسهما فشكَّ في الطَّاهر من النَّجس، فيصلِّي بعدد النَّجس ويزيد صلاة؛ لأنَّ كلَّ ثوبٍ يُصلِّي فيه يحتمل أن يكون هو النَّجس، فلا تصحُّ الصَّلاة به، ومن شروط الصَّلاة أن يُصلّيَ بثوب طاهر، ولا يمكن أن يُصلِّي بثوبٍ طاهر يقيناً إِلا إِذا فعل ذلك.
فإِن كان عنده ثلاثون ثوباً نجساً وثوب طاهر، فإنَّه يُصلِّي واحداً وثلاثين صلاة كلَّ وقت، وهذا فرضاً، وإلا فيُمكن أن يغسل ثوباً، أو يشتريَ جديداً، .
س" أذكر اختيار الشيخ إذا اشتبهت ثياب طاهرة بثياب نجس؟
والصَّحيح: أنه يتحرَّى، وإِذا غلب على ظَنِّه طهارة أحد الثِّياب صَلَّى فيه، والله لا يكلِّف نفساً إلا وسعها، ولم يوجب الله على الإِنسان أن يُصلِّيَ الصَّلاة مرتين.
س" ألا يحتمل مع التحرِّي أن يُصلِّيَ بثوب نجس؟
فالجواب: بلى، ولكن هذه قدرته، ثم إِنَّ الصَّلاة بالثَّوب النَّجس عند الضَّرورة، الصَّواب أنها تجوز. أما على المذهب فيرون أنك تُصلِّي فيه وتُعيد
وهذا ضعيف، والرَّاجحُ أنَّه يُصلِّي ولا يعيد، وهم ـ رحمهم الله ـ قالوا: إِنَّه في صلاة الخوف إِذا اضطر إلى حمل السلاح النَّجس حَمَلَه ولا إعادة عليه للضَّرورة[(87)]، فيُقال: وهذا أيضاً للضَّرورة؛ وإِلا فماذا يصنع؟
س" مالحكم إذا اشتبهت ثياب محرمة بثياب مباحة؟
هذه المسألة لها صورتان:
الأولى: أن تكون محرَّمة لحقِّ الله كالحرير.
فمثلاً: عنده عشرة أثواب حرير طبيعي، وثوب حرير صناعي فاشتبها؛ فيُصلِّي إِحدى عشرة صلاة، ليتيقَّن أنه صَلَّى في ثوب حلال.
الثانية: أن تكون محرَّمةً لحقِّ الآدمي، مثل إِنسان عنده ثوب مغصوب وثوب ملك له، واشتبه عليه المغصوب بالمِلْك، فيُصلِّي بعدد المغصوب ويزيد صلاة.
س"كيف يُصلِّي بالمغصوب وهو مِلْكُ غيره؟ ألا يكون انتفع بملْك غيره بدون إِذنه؟
فالجواب: أنَّ استعمال مِلْكِ الغير هنا للضَّرورة، وعليه لهذا الغير ضمان ما نقص الثوبُ، وأجرتُه، فلم يُضِعْ حقَّ الغير.
س" ماهو اختيار الشيخ إذا اشتبهت ثياب طاهرة بثياب نجسة؟
الصَّحيح: أنه يتحرَّى، ويُصلِّي بما يغلب على ظَنِّه أنَّه الثَّوب المباح ولا حرج عليه؛ لأن الله لا يكلِّف نفساً إلا وسعها.
س" مالحكم إن لم يمكنه التحرِّي لعدم وجود القرينة،؟
فإِنه يصلِّي فيما شاء؛ لأنه في هذه الحال مضطر إلى الصَّلاة في الثَّوب المحرَّم ولا إعادة عليه. ثم إِن في صحة الصَّلاة في الثَّوب المحرَّم نزاعاً يأتي التَّحقيق فيه إن شاء الله.
تم بحمد الله تعالي باب المياه فما كان من صواب فمن الله وماكان من عجز أو تقصير فمن نفسي

ابو وليد البحيرى
2024-08-06, 09:20 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن
س" مالمراد بالماء المستعمل مع التمثيل؟
أن يُمَرَّ الماء على العضو، ويتساقط منه، وليس الماء المستعمل هو الذي يُغْتَرفُ منه. بل هو الذي يتساقط بعد الغَسْل به.
مثاله: غسلت وجهك، فهذا الذي يسقط من وجهك هو الماء المستعمل.
س"ماحكم الماء الطَهور إذا استعمل في طهارة مستحبة كتجديد وضوء؟
قوله: «في طهارة مست حبَّة» ، أي: مشروعة من غير حَدَث.
كما لو صَلَّى إنسان بوُضُوئه الأول ثم دخل وقت الصَّلاة الأُخرى، فإنه يُسنُّ أن يجدِّدَ الوُضُوء ـ وإِن كان على طهارة ـ فهذا الماء المستعمل في هذه الطَّهارة طَهُور لكنه يُكره. يكون طَهُوراً؛ لأنه لم يحصُلْ ما ينقله عن الطَّهورية، ويكون مكروهاً للخلاف في سلبه الطَّهورية؛ لأن بعض العلماء قال: لو استُعْمل في طهارة مستحبَّة فإِنه يكون طاهراً غير مطهِّروقد سبق الكلام على التَّعليل بالخلاف.
س"ماحكم الماء الطهور إذا استعمل في غسل الجمعة؟
«وغُسْل جُمُعَة» ، هذا على قول الجمهور أن غُسْل الجمعة سُنَّةٌ. فإذا استُعْمِلَ الماء في غُسْلِ الجمعة فإِنه يكون طَهُوراً مع الكراهة.
س"ماحكم الماء الطَهور إذا استعمل في غَسْلة ثانية وثالثة ؟،
الغَسْلَةُ الثانية والثالثة في الوُضُوء ليست بواجبة، والدَّليل قوله تعالى: {{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}} [المائدة: 6] والغُسْل يصدق بواحدة، ولأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ثبت أنه توضَّأ مرَّةً مرَّةً[( البخاري 157 فتح)]. فالثانية، والثالثة طهارة مستحبَّة، فالماء المستعمل فيهما يكون طَهُوراً مع الكراهة، والعِلَّةُ هي: الخلاف في سلبه الطَّهورية].
س" ما هو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه اله تعالي في استعمال الماء الطهور في الحالات المتقدمة؟
الصَّواب في هذه المسائل كلِّها: أنه لا يُكره؛ لأن الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يفتقر إِلى دليل، وكيف نقول لعباد الله: إنهُ يكره لكم أن تستعملوا هذا الماء. وليس عندنا دليلٌ من الشَّرع. ولذلك يجب أن نعرف أن منع العباد مما لم يدلَّ الشرعُ على منعه كالتَّرخيص لهم فيما دَلَّ الشَّرع على منعه؛ لأن الله جعلهما سواء فقال: {{وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ}} [النحل: 116] ، بل قد يقول قائل: إن تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام؛ لأن الأصلَ الحِلُّ، والله عزّ وجل يحبُّ التَّيسير لعباده.
س" مامفهوم الكثير من الماء واليسير في عرف الفقهاء؟
فالكثير" من الماء في عرف الفقهاء رحمهم الله ما بلغ القُلَّتين، والقلتين تَسَعُ قِربتين ونصفاً تقريباً.
واليسير: ما دون القُلَّتين.
س"ماحكم الماء إذا خالطته نجاسة غير بول آدمي أو عذرته المائعة فلم يتغير وهو قلتان وأقوال العلماء في هذه المسألة؟
إذا امتزجت بالماء الطهور نجاسة ولم تغيِّرْ طعمه، أو لونه، أو رائحته، علي ثلاثة أقوال"
القول الأول ـ وهو المذهب عند المتقدِّمين ـ
1- إذا خالطته نجاسة ـ وهو دون القُلَّتين ـ "
نَجُسَ مطلقاً، تغيَّر أو لم يتغيَّر، وسواء كانت النَّجاسة بولَ الآدميِّ أم عَذِرَتَهُ المائعةَ، أم غير ذلك.
2- إِذا خالطته نجاسة وقد بلغ القُلَّتين"
فيُفرَّق بين بولِ الآدميِّ وعَذِرَتِهِ المائعةِ، وبين سائر النجاسات، فإِذا بلغ القُلَّتين وخالطه بولُ آدميٍّ أو عَذِرَتُهُ المائعةُ نَجُسَ وإِن لم يتغيَّر، إِلا أن يَشُقَّ نَزْحُه، فإِن كان يَشُقُّ نَزحُه، ولم يتغيَّر فَطَهُورٌ، وإن كان لا يَشُقُّ نَزحُه ولو زاد على القُلَّتين فإِنَّه يَنْجُس بمخالطة بول الآدميِّ، أو عَذِرَتِهِ المائِعةِ وإِن لم يتغيَّر.
س" ماحكم الماء الطَهور إذا خالطته نجاسة(بول آدمي أو عذرته) وكان ممايشق نزحه؟
فإن كان يَشُقُّ نَزْحُه ولم يتغيَّر فطَهُور، وإن كان لا يَشُقُّ نَزْحُه فنجس بمجرد الملاقاة،
س" مالمعتبر في بقية النجاسات مع التمثيل؟
بقيَّة النَّجَاسات فالمعتبر القُلَّتان، فإِذا بلغ قُلّتين ولم يتغيَّر فطَهورٌ، وإِن لم يبلغ القُلَّتين فنجسٌ بمجرد الملاقاة.
مثال ذلك: رجل عنده قِربةٌ فيها ماء يبلغ القُلَّتين، فسقط فيها روث حمار، ولكن الماء لم يتغيَّر طعمُه، ولا لونه، ولا رائحته فَطَهُورٌ.
مثال آخر: عندنا غدير، وهذا الغدير أربع قلال من الماء، بالَ فيه شخص نقطة واحدة وهو لا يَشُقُّ نَزْحُه؛ ولم يتغيَّر؛ فإنه يكون نجساً؛ لأن العبرة بمشقَّة النَّزْحِ.
س" ماهي أدلة الفريق الأول إذا بلغ الماء قلتين لا ينجس إلا بالتغير؟
1-بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِن الماء طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ»[( صححه جمع من الأئمة وانظر كفاية الأخيار)]، .
2- قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان الماء قُلَّتين لم يحمل الخَبَثَ»[( صححه الألباني وقال الشيخ أبواسحاق الحويني حديث القلتين صحيح من جهة الرواية لاشك في ذلك عندمن أنصف في استعمال القواعد)].
س"مالذي استدل به أصحاب القول الأول علي الفرق بين بول الآدميِّ وغيره من النَّجاسات؟1-
قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يبولَنَّ أحدُكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه»[( البخاري 239 فتح)].
وجه الدلالة من الحديث"
نهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عن البول ثم الاغتسال، وهذا عام؛ لكن عُفي عما يَشُقُّ نَزْحُه من أجل المشقَّة.
القول الثاني: ـ وهو المذهب عند المتأخرين ـ:
أنه لا فرق بين بول الآدميِّ وعَذِرَتِهِ المائعةِ، وبين غيرهما من النَّجَاسات، الكُلُّ سواء فإذا بلغ الماء قُلَّتين لم يَنْجُسْ إِلا بالتَّغيُّر، وما دون القلَّتين يَنْجُسُ بمجرَّد الملاقاة.
القول الثالث: ـ وهو اختيار شيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم:
أنه لا ينجس إِلا بالتَّغيُّر مطلقاً؛ سواء بلغ القُلَّتين أم لم يبلغ، لكن ما دون القلّتين يجب على الإنسان أن يتحرَّز إذا وقعت فيه النَّجَاسة؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ ما دونهما يتغيَّر.
س"ماهو تصحيح الشيخ رحمه الله في هذه المسألة مع ذكر الدليل؟
الذي صححه الشيخ رحمه الله تعالي القول الثالث وهو الصحيح للأثر، والنَّظر."
1- من حيث الأثر" قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الماء طَهُور لا ينجِّسُهُ شيءٌ»، ولكن يُستثنى من ذلك ما تغيَّر بالنَّجَاسة فإِنه نجسٌ بالإِجماع.
وهناك إشارة من القرآن تدُلُّ على ذلك،"
قال تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}} [المائدة: 3] ،
قال تعالى: {{قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}} [الأنعام: 145]، فقوله: «فإنه رجس» معلِّلاً للحكم دليلٌ على أنه متى وُجِدَت الرِّجْسيةُ ثبت الحكم، ومتى انتفت انتفى الحكم، فإِذا كان هذا في المأكول فكذلك في الماء.
فمثلاً: لو سقط في الماء دم مسفوح فإِذا أثَّر فيه الدَّمُ المسفوح صار رجساً نجساً، وإِذا لم يؤثِّر لم يكن كذلك.
2-ومن حيث النَّظَرُ: فإنَّ الشَّرع حكيم يُعلِّل الأحكام بعللٍ منها ما هو معلوم لنا؛ ومنها ما هو مجهول. وعِلَّةُ النَّجاسة الخَبَثُ. فمتى وُجِد الخَبَثُ في شيء فهو نَجِس، ومتى لم يوجد فهو ليس بنجس، فالحكم يدور مع عِلَّته وجوداً وعدماً.
س"فإن قال قائل: من النَّجاسات ما لا يُخالف لونُه لون الماء؛ كالبول فإنه في بعض الأحيان يكون لونُه لونَ الماء.؟
فالجواب: يُقدَّر أن لونَه مغايرٌ للون الماء، فإِذا قُدِّر أنه يغيّر لونَ الماء؛ حينئذٍ حكمنا بنجاسة الماء على أن الغالب أن رائحته تغيِّر رائحة الماء، وكذا طعمه.
وأما حديث القُلَّتين فقد اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه."
1-فمن قال: إِنه ضعيف فلا معارضة بينه وبين حديث: «إن الماء طَهُور لا ينجِّسه شيء»؛ لأن الضَّعيف لا تقوم به حُجَّة.
2-وعلى القول بأنه صحيح فيقال: إِن له منطوقاً ومفهوماً.
فمنطوقه: إذا بلغ الماء قُلتين لم ينجس، وليس هذا على عمومه؛ لأنه يُستثنى منه إِذا تغير بالنَّجاسة فإِنه يكون نجساً بالإِجماع.
ومفهومه" أن ما دون القُلّتين ينجس، فيقال: ينجس إِذا تغيَّر بالنَّجاسة؛ لأن منطوق حديث: «إن الماء طهور لا يُنَجِّسُه شيء» مقدَّم على هذا المفهوم، إِذ إِنَّ المفهوم يصدق بصورة واحدة، وهي هنا صادقة فيما إِذا تغيَّر.
وأما الاستدلال على التَّفريق بين بول الآدمي وعَذِرَتِه وغيرهما من النَّجاسات"
بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدَّائم ثم يغتسل فيه»، فيقال: إِن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يقل: إِنه ينجس، بل نهى أن يبول ثم يغتسل؛ لا لأنه نجس، ولكن لأنَّه ليس من المعقول أن يجعل هذا مَبَالاً ثم يرجع ويغتسل فيه، وهذا كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يجلدُ أحدُكم امرأته جَلْدَ العبد؛ ثم يضاجعُها ) البخاري 5204 فتح، فإِنَّه ليس نهياً عن مضاجعتها؛ بل عن الجمع بينهما فإِنه تناقض.
والصَّواب: ما ذهب إليه شيخ الإسلام للأدلة النَّظرية والأثريَّة.

ابو وليد البحيرى
2024-08-16, 12:11 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" أذكر رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في الماء اليسير إذا خلت به المرأة؟
الصَّحيح: أنَّ النَّهي في الحديث نهي النبي صلي الله عليه وسلم (( أن يغتسل الرجل بفضل المرأة والمرأة بفضل الرجل) صححه الألباني صحيح أبي داود 75) ليس على سبيل التَّحريم، بل على سبيل الأَوْلَويَّة وكراهة التنزيه؛ بدليل حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: اغتسل بعضُ أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في جَفْنَة، فجاء النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ليغتسل منها، فقالت: إني كنت جُنباً، فقال: «إن الماء لا يُجنب»[(61)]، وهذا حديث صحيح
وهناك تعليل"؛ وهو أن الماء لا يُجنب يعني أنها إِذا اغتسلت منه من الجنابة فإِن الماء باقٍ على طَهُوريته.
فالصَّواب: أن الرَّجل لو تطهَّر بما خلت به المرأةُ؛ فإِن طهارته صحيحة ويرتفع حدثه، وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله[( انظر الاختيارات العلمية لشيخ الإسلام ص3 تهذيب السنن لإبن القيم (1\81].
س" ماهو القسم الثاني من أقسام المياه علي المذهب؟
القسم الثاني من أقسام المياه علي المذهب الماء الطاهر
س" مالحكم إذا تغيَّر لونُ الماء أو طعْمُه، أو ريحُه ؟1
1-- المذهب" فإِنَّه يكون طاهراً غير مطهِّر". إذا تغيّر تغيراً كاملاً بحيث لا يُذاقُ معه طعمُ الماء، أو تغيَّر أكثر أوصافه: الطعم، والرِّيح، واللون.
«بطبخ» ، أي: طُبخ فيه شيء طاهر كاللحم فتغيّر طعمه، أو لونه، أو ريحه تغيُّراً كثيراً بيِّناً، فإِنَّه يكون طاهراً غير مطهِّر.
«أو ساقط فيه» ، أي: سقط فيه شيء طاهر فغيَّر أوصافه أو أكثرها فإِنه يكون طاهراً غير مطهِّر.
والتَّعليل لكون هذا طاهراً غير مطهِّر: أنَّه ليس بماء مطلق، وإِنما يُقال ماءُ كذا فيُضاف، كما يُقال: ماءُ ورد.
س" ماهو رأي الشيخ ابن عثيمين في الماء إذا تغيَّر لونُ الماء أو طعْمُه، أو ريحُه؟
لا يكفي في نقل الماء من الطَّهورية إلى الطَّهارة، إِلا إِذا انتقل اسمه انتقالاً كاملاً، فيُقال مثلاً: هذا مَرَقٌ، وهذه قهوة. فحينئذٍ لا يُسمَّى ماءً، وإِنَّما يُسمَّى شراباً؛ يُضاف إِلى ما تغيَّر به، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/25)، «الاختيارات» ص(3).)].
ومما يدلُّ على ضعف ما قاله المؤلِّف: أنهم يقولون: إِن ورق الشجر إذا كان يشقُّ صونُ الماء عنه؛ فوقع فيه وتغيَّر به الماء فهو طَهُور، ولو وضعه إِنسان قصداً فإِنه يصير طاهراً غير مطهِّر. ومعلوم أن ما انتقل حكمه بتغيُّره فإِنه لا فرق بين ما يشُقُّ صون الماء عنه وما لا يشقُّ، ولا بين ما وُضِعَ قصداً أو بغير قصد، كما نقول فيما إِذا تغيَّر الماءُ بنجاسة، فإِنه لا فرق بين ما يشقُّ صون الماء عنه من تلك النجاسة وبين ما لا يشقُّ، ولا بين ما وُضِعَ قصداً وما لم يوضع قصداً؛ ما دامت العِلَّة هي تغيُّر الماء.

ابو وليد البحيرى
2024-08-21, 09:24 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" ماحكم الماء الطَهور إذا رفع بقليله حدث؟1
1-- المذهب "إذا رُفِعَ بقليله حَدَثٌ صار طاهراً غير مطِّهر.
وليس لهذا دليل، ولكن تعليل؛ وهو أنَّ هذا الماء استُعمل في طهارة فلا يُستعمل فيها مرَّة أخرى، كالعبد إِذا أُعتق فلا يُعتق مرَّة أخرى
س"ماهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في الماء الطَهور إذا رفع بقليله حدث؟
التَّعليل الذي علل به المذهب عليل من وجهين:
الأول: وجود الفرق بين الأصل والفرع؛ لأن الأصل المقيس عليه وهو الرَّقيق المحرَّر لمَّا حرَّرناه لم يبقَ رقيقاً، وهذا الماء لمّا رُفِع بقليله حدثٌ بقي ماء فلا يصحّ القياس.
الثاني: أن الرَّقيق يمكن أن يعود إِلى رِقِّهِ، فيما لو هرب إِلى الكُفَّار ثم استولينا عليه فيما بعد؛ فإن لنا أن نسترقَّه، وحينئذٍ يعود إليه وصف الرِقِّ، ثم يصحُّ أن يحرَّر مرَّة ثانية في كفَّارة واجبة.
فالصَّواب" أن ما رُفع بقليله حدثٌ طَهورٌ؛ لأن الأصل بقاء الطَّهورية، ولا يمكن العُدُول عن هذا الأصل إلا بدليل شرعي يكون وجيهاً.
س" ماحكم الماء الطَهور إذا غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء؟
المذهب" الماء الطَهور إذا غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء فيكون طاهراً غير مطهِّر بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا استيقظ أحدُكم من نومه؛ فلا يَغمِسْ يدَهُ في الإِناء حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإِنه لا يدري أين باتت يدُه»[(أخرجه مسلم في الطهارة 278 عبد الباقي)].
مثاله: رجل قام من النَّوم في الليل، وعنده قِدْرٌ فيه ماء قليل، فغمس يده إِلى حَدِّ الذِّراع.
س" ماهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي " الماء الطَهور إذا غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء؟
الصَّواب" أنه طَهُور؛ لكن يأثم من أجل مخالفته النهي؛ حيث غمسها قبل غسلها ثلاثاً.
س" ما الحكمة في النَّهي عن غمس اليد قبل غسلها ثلاثاً لمن قام من النَّوم؟
الحكمة بيَّنها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «فإِنَّ أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ».
س"مالحكم لو قال قائل: وضعت يدي في جِراب، فأعرفُ أنها لم تمسَّ شيئاً نجساً من بدني، ثم إِنني نمت على استنجاء شرعي، ولو فُرض أنَّها مسَّت الذَّكر أو الدُّبر فإِنَّها لا تنجُس؟
فالجواب: أن الفقهاء رحمهم الله قالوا: إِن العلَّة غير معلومة فالعمل بذلك من باب التَّعبُّد المحض[(انظر: «الإِنصاف» (1/72، 75)، «شرح منتهى الإِرادات» (1/15).)].
لكن ظاهر الحديث أن المسألة معلَّلةٌ بقوله: «فإِن أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ».
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا التَّعليل كتعليله صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «إذا استيقظ أحدكم من منامه؛ فليستنثر ثلاث مرَّات؛ فإِن الشيطان يبيت على خياشيمه» ( البخاري3295 فتح )فيمكن أن تكون هذه اليد عبث بها الشيطان، وحمل إليها أشياء مضرَّة للإنسان، أو مفسدة للماء فنهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن يغمس يده حتى يغسلها ثلاثاً[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/44، 45).)].
وما ذكره الشيخ رحمه الله وَجيهٌ، وإِلا فلو رجعنا إلى الأمر الحسِّي لكان الإِنسان يعلم أين باتت يده، لكن السُّنَّة يفسِّر بعضُها بعضاً.

ابو وليد البحيرى
2024-08-25, 12:04 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"ماحكم الماء إذا كان آخر غسلة زالت بها النجاسة؟
الضَّمير يعود إِلى الماء القليل، والمعروف عند الفُقهاء أنه لا بُدَّ لطهارة المحلِّ المُتَنَجِّس أن يُغسل سبعَ مرات. فالغسلة الأولى إلى السادسة كلُّ المنفصل من هذه الغسلات نجس؛ لأنه انفصل عن محلٍّ نجس.
مثاله: رجل يغسل ثوبه من نجاسة
فالذي ينفصل من الماء من الغسلة الأولى إِلى السَّادسة نجس؛ لأنه انفصل عن محَلٍّ نجس وهو يسير، فيكون قد لاقى النَّجاسة وهو يسير، وما لاقى النَّجاسة وهو يسير فإِنه ينجس بمجرَّد الملاقاة.
أما المنفصل في الغسلة السَّابعة" فيكون طاهراً غير مطهِّر؛ لأنَّه آخر غسلة زالت بها النَّجاسة، فهو طاهر؛ لأنه أثَّر شيئاً وهو التطهير، فلما طَهُرَ به المحلُّ صار كالمستعمل في رفع حَدَث، ولم يكن نجساً لأنَّه انفصل عن محلٍ طاهر،
وأما المنفصل عن الثَّامنة فطَهُورٌ؛" لأنَّه لم يؤثِّر شيئاً ولم يُلاقِ نجاسة. وهذا إِذا كانت عين النَّجاسة قد زالت، وإِذا فُرِضَ أن النَّجاسة لم تزل بسبع غسلات، فإِن ما انفصل قبل زوال عين النَّجاسة نجسٌ لأنه لاقى النَّجاسة وهو يسير.
س"ماهو اختيار الشيخ ابن عثيمين في أقسام المياه؟
والصَّحيح أن الماء قسمان فقط: طَهُور ونجس. فما تغيَّر بنجاسة فهو نجس، وما لم يتغيَّر بنجاسة فهو طَهُور، وأن الطَّاهر قسم لا وجود له في الشَّريعة، وهذا اختيار شيخ الإِسلام والدَّليل على هذا عدم الدَّليل؛ إذ لو كان قسم الطَّاهر موجوداً في الشَّرع لكان أمراً معلوماً مفهوماً تأتي به الأحاديث بيِّنةً واضحةً؛ لأنه ليس بالأمر الهيِّن إذ يترتَّب عليه إِمَّا أن يتطهَّر بماء، أو يتيمَّم. فالنَّاس يحتاجون إِليه كحاجتهم إلى العِلْم بنواقض الوُضُوء وما أشبه ذلك من الأمور التي تتوافر الدَّواعي على نقلها لو كانت ثابتة.
س"مالمراد بالماء النجس؟1-
1-«والنَّجس ما تغيَّر بنجاسة» ، أي: تغيَّر طعمه أو لونه أو ريحه بالنَّجاسة، .
2- «أو لاقاها وهو يسير» ، أي: لاقى النَّجاسة وهو دون القُلَّتين،.
والدَّليل" مفهوم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذا بلغ الماء قُلَّتين لم ينجِّسْه شيء».
ومفهوم قوله: «وهو يسير» أنه إِن لاقاها وهو كثير فإِنَّه لا ينجس، لكن يُستثنى من هذا بول الآدمي وعَذِرَتُه كما سبق.
س"ماصححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي الصَّحيح في قوله(«أو لاقاها وهو يسير» ؟
أنَّ هذا ليس من قسم النَّجس إِلا أن يتغيَّر
3- «أو انفصل عن محلِّ نجاسة قبل زوالها» ، أي: قبل زوال حكمها.
مثاله: ماء نطهِّر به ثوباً نجساً، والنَّجاسة زالت في الغسلة الأولى وزال أثرها نهائياً في الغسلة الثانية، فغسلناه الثَّالثة والرابعة والخامسة والسَّادسة، فالماء المنفصل من هذه الغسلات نجس، لأنه انفصل عن محلِّ النَّجاسة قبل زوالها حكمها.
س"ماهي طرق تطهير الماء النجس؟
ثلاث طُرقٍ في تطهير الماء النَّجس:
الطَّريقة الأولي لتطهير الماء النَّجس(إذا كان قلتين):
1-( الإضافة) أن يضيف إِليه طَهوراً كثيراً غير تراب ونحوه، واشترط المؤلِّفُ أن يكون المضافُ كثيراً؛ لأنَّنا لو أضفنا قليلاً تنجَّس بملاقاة الماء النَّجس.
مثاله: عندنا إِناءٌ فيه ماء نجس مقداره نصف قُلَّة، وهذا الإِناء كبير يأخذ أكثر من قُلَّتين، فإِذا أردنا أن نطهِّره نأتي بقُلَّتين ثم نفرغ القُلَّتين على نصف القُلَّة، فنكون قد أضفنا إِليه ماءً كثيراً؛ فيكون طَهُوراً إِذا زال تغيُّره، فإِن أضفنا إِليه قُلَّة واحدة؛ وزال التغيُّر فإِنَّه لا يكون طَهُوراً، بل يبقى على نجاسته؛ لأنه لاقى النَّجاسة وهو يسير فينجس به ولا يطهِّره، ولا بُدَّ أن تكون إِضافة الماء متَّصلة، لأنَّنا إِذا أضفنا نصفَ قُلَّة، ثم أتينا بأخرى يكون الأول قد تنجَّس، وهكذا فيُشترط في المُضاف أن يكون طَهُوراً كثيراً، والمُضاف إِليه لا يُشترط فيه أن يكون كثيراً أو يسيراً، فإذا كان عندنا إِناءٌ فيه قُلَّتان نجستان ولكنَّه يأخذ أربع قِلال، وأضفنا إِليه قُلَّتين وزال تغيُّره فإِنَّه يَطْهُر مع أن النَّجس قُلَّتان.
الطَّريقة الثَّانية لتطهير الماء النَّجس"،"
(أن يزول تغيُّره بنفسه )
مثاله: ماء في إِناء يبلغ قُلَّتين وهو نجس، ولكنه بقي يومين أو ثلاثة وزالت رائحته ولم يبقَ للنَّجاسة أثر، ونحن لم نُضِفْ إِلَيْهِ شيئاً، فيكون طَهُوراً، لأنَّ الماء الكثير يقوى على تطهير غيره، فتطهير نفسه من باب أولى.
الطَّريقة الثالثة لتطهير الماء النَّجس(إذا كان زائداً علي القلتين)"
ما زاد على القُلَّتين يمكن تطهيره بثلاث طُرق:
1 ـ الإِضافة كما سبق.
2 ـ زوال تغيُّرِه بنفسه.
3 ـ أنْ يُنْزَح منه؛ فيبقى بعده كثير غير متغيِّر.
ففي هذه الصُّورة لا بُدَّ أن يكون الماء المتنجِّس أكثر من قُلَّتين؛ لأنَّ المؤلِّفَ اشترط أن يبقى بعد النَّزْح كثير، أي: قُلَّتان فأكثر. فإن كان عند الإنسان إِناء فيه أربع قِلال وهو نجس، ونُزِحَ منه شيء وبقي قُلَّتان، وهذا الباقي لا تغيُّر فيه فيكون طَهُوراً.
س"ماهو اختيار الشيخ في طهارة الماء النجس؟
القول الصَّحيح: أنه متى زال تغيُّر الماء النَّجس طَهُرَ بأي وسيلة كانت.

ابو وليد البحيرى
2024-08-29, 10:13 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"ماهو اختيار الشيخ في طهارة الماء النجس؟
القول الصَّحيح: أنه متى زال تغيُّر الماء النَّجس طَهُرَ بأي وسيلة كانت فإنه يكون طَهُوراً؛ لأن الحكم متى ثبت لِعِلَّة زال بزوالها. وأيُّ فرق بين أن يكون كثيراً، أو يسيراً، فالعِلَّة واحدة، متى زالت النَّجَاسة فإِنه يكون طَهُوراً وهذا أيضاً أيسر فهماً وعملاً.
س" هل تنجس المائعات بمجرد الملاقاه وماهو توجيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في هذه المسألة؟1
1-- المذهب"سائر المائعات تَنْجُس بمجرَّد الملاقاة، ولو كانت مِائة قُلَّة، فلو كان عند إِنسان إِناء كبير فيه سمن مائع وسقطت فيه شعرة من كلب؛ فإِنَّه يكون نجساً، لا يجوز بيعه؛ ولا شراؤه؛ ولا أكله أو شربه.
توجيه الشيخ رحمه الله"والصَّواب: أَن غير الماء كالماء لا يَنْجُس إِلا بالتغيُّر.
س"مالحكم إذا شك في نجاسة الماء أو غير طهارته؟
أي: في نجاسته إِذا كان أصله طاهراً، وفي طهارته إِذا كان أصله نجساً.
مثال الشَكِّ في النَّجاسة: لو كان عندك ماء طاهر لا تعلم أنَّه تنجَّس؛ ثم وجدت فيه روثة لا تدري أروثة بعير، أم روثة حمار، والماء متغيِّر من هذه الرَّوثة؛ فحصل شكٌّ هل هو نجس أم طاهر؟ فيُقال: ابْنِ على اليقين، واليقين أنه طَهُور، فتطهَّر به ولا حرج.
س" مالحكم إِذا حصل شكُّ في نجاسة غير الماء؟ مع التمثيل؟
نبني علي اليقين وهو انه طَهور "مثاله: رجل عنده ثوب فشكَّ في نجاسته، فالأصل الطَّهارة حتى يعلم النَّجاسة.
س"مالحكم لو كان عند إنسان جلد شاه ، وشكَّ هل هو جلدُ مُذَكَّاة، أم جلد ميتة، ؟
فالغالب أنه جلد مُذَكَّاة فيكون طاهراً.
س" مالحكم لو شَكَّ إنسان في الأرض عند إِرادة الصَّلاة هل هي نجسة أم طاهرة؟،
فالأصل الطَّهارة.
س" مالحكم لو كان عنده ماء نجس يعلم نجاسته؛ فلما عاد إليه شكَّ هل زال تغيُّره أم لا؟
فيُقال: الأصل بقاء النَّجاسة، فلا يستعمله.
س" عرف اليقين مع ذكر الدليل علي البناء علي اليقين؟
اليقين: هو ما لا شَك فيه، .
والدَّليل على البناء القين إما أن يكون من الأثر وإما أن يكون من النظر"
1-من الأثر "حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم شُكِيَ إِليه الرَّجل يجدُ الشيءَ في بطنه؛ فيُشكل عليه، هل خرج منه شيءٌ أم لا؟ فقال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجدَ ريحاً»[( البخاري 137 فتح)].
س" ماوجه الدلالة من الحديث؟
أمرَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بالبناء على الأصل، وهو بقاء الطَّهارة.
2-من النظر"أن الأصل بقاء الشيء علي ماكان حتي يتبين التغير وبناء عليه إذا مر شخص تحت ميزاب وأصابه منه ماء فقال " لا أدري هل هذا من المراحيض أومن غسل ثياب طاهرة فنقول الأصل الطهارة حتي ولوكان الماء متغيراً ولا يجب عليه أن يشمه أو يتفقده وهذا من سعة رحمه الله
ويُروى أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرَّ هو وعمرو بن العاص بصاحب حوض، فسأل عمرو بن العاص صاحبَ الحوض: هل هذا نجس أم لا؟ فقال له عمر: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا[( مسلم 1929)].
وفي رواية: أن الذي أصابهم ماء ميزاب، فقال عمر: يا صاحب الميزاب، لا تخبرنا.

ابو وليد البحيرى
2024-09-02, 10:31 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"مالحكم أذا اشتبه طَهور بنجس وماهو توجيه الشيخ رحمه الله تعالي؟1-
1-- المشهور من المذهب" فيتجنَّبُهُما حتى ولو مع وجود قرائن للنظر والأثر
من النظر"إِن اشتبه ماء طهور بماء نجس حرم استعْمَالُهُمَا ، لأن اجتناب النَّجس واجب، ولا يتمُّ إِلا باجتنابهما، وما لا يتمُّ الواجب إِلا به فهو واجب، .
من الأثر"1- بأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الرَّجُل يرمي صيداً فيقع في الماء: «إن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكلْ، فإِنك لا تدري، الماءُ قَتَله أم سهمُك؟[( مسلم1929 عبد الباقي)]».
2- «إذا وجدت مع كلبك كلباً غيره فلا تأكل، فإِنَّك لا تدري أيُّهما قتله»[( البخاري 5484 فتح)]؟. فأمر باجتنابه، لأنّه لا يُدرى هل هو من الحلال أم الحرام؟
2-وقال الشَّافعي رحمه الله: يتحرَّى وهو الصَّواب،
توجيه الشيخ إذا اشتبه طَهور بنجس ومالدليل؟
التحري
1- الدليل من الأثر" لقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسألة الشكِّ في الصَّلاة: «وإذا شَكَّ أحدُكُم في صلاته فليتحرَّ الصَّوابَ ثم ليَبْنِ عليه»[( البخاري 401 الفتح)]، .
2-الدَّليل النَّظري: أنَّ من القواعد المقرَّرة عند أهل العلم أنَّه إذا تعذَّر اليقين رُجع إِلى غلبة الظنِّ، وهنا تعذَّر اليقينُ فنرجع إِلى غلبة الظنِّ وهو التحرِّي. هذا إن كان هناك قرائن تدلُّ على أن هذا هو الطَّهور وهذا هو النَّجس، لأن المحلَّ حينئذ قابل للتحرِّي بسبب القرائن، .
س"مالحكم إذا لم يكن هناك قرائن؛ مثل أن يكون الإِناءان سواء في النَّوع واللون فهل يمكن التَّحرِّي؟1
1--قال بعض العلماء: إِذا اطمأنت نفسُه إِلى أحدهما أخذ به، وقاسوه على ما إِذا اشتبهت القِبْلة على الإِنسان؛ ونظر إلى الأدلَّة فلم يجد شيئاً، فقالوا: يصلِّي إِلى الجهة التي تطمئنُّ إِليها نفسُه. فهنا أيضاً يستعمل ما اطمأنت إِليه نفسه،
الشيخ رحمه الله تعالي" ولا شكَّ أن استعمال أحد الماءين في هذه الحال فيه شيء من الضَّعف؛ لكنَّه خير من العدول إلى التيمُّم.

ابو وليد البحيرى
2024-09-07, 11:45 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" مالحكم إِن اشْتَبَهَتْ ثيابٌ طاهرةٌ بنجسةٍ مع التمثيل؟
1- المذهب" يصلِّي بعدد النَّجس ويزيد صلاة؛ لأنَّ كلَّ ثوبٍ يُصلِّي فيه يحتمل أن يكون هو النَّجس، فلا تصحُّ الصَّلاة به،
مثال هذه المسألة: رجل له ثوبان، أحدهما نجاسته متيقَّنة، والثاني طاهر، ثم أراد أن يلبسهما فشكَّ في الطَّاهر من النَّجس، فيصلِّي بعدد النَّجس ويزيد صلاة؛ لأنَّ كلَّ ثوبٍ يُصلِّي فيه يحتمل أن يكون هو النَّجس، فلا تصحُّ الصَّلاة به، ومن شروط الصَّلاة أن يُصلّيَ بثوب طاهر، ولا يمكن أن يُصلِّي بثوبٍ طاهر يقيناً إِلا إِذا فعل ذلك.
فإِن كان عنده ثلاثون ثوباً نجساً وثوب طاهر، فإنَّه يُصلِّي واحداً وثلاثين صلاة كلَّ وقت، وهذا فرضاً، وإلا فيُمكن أن يغسل ثوباً، أو يشتريَ جديداً، .
س" أذكر اختيار الشيخ إذا اشتبهت ثياب طاهرة بثياب نجس؟
والصَّحيح: أنه يتحرَّى، وإِذا غلب على ظَنِّه طهارة أحد الثِّياب صَلَّى فيه، والله لا يكلِّف نفساً إلا وسعها، ولم يوجب الله على الإِنسان أن يُصلِّيَ الصَّلاة مرتين.
س" ألا يحتمل مع التحرِّي أن يُصلِّيَ بثوب نجس؟
فالجواب: بلى، ولكن هذه قدرته، ثم إِنَّ الصَّلاة بالثَّوب النَّجس عند الضَّرورة، الصَّواب أنها تجوز. أما على المذهب فيرون أنك تُصلِّي فيه وتُعيد
وهذا ضعيف، والرَّاجحُ أنَّه يُصلِّي ولا يعيد، وهم ـ رحمهم الله ـ قالوا: إِنَّه في صلاة الخوف إِذا اضطر إلى حمل السلاح النَّجس حَمَلَه ولا إعادة عليه للضَّرورة[(87)]، فيُقال: وهذا أيضاً للضَّرورة؛ وإِلا فماذا يصنع؟
س" مالحكم إذا اشتبهت ثياب محرمة بثياب مباحة؟
هذه المسألة لها صورتان:
الأولى: أن تكون محرَّمة لحقِّ الله كالحرير.
فمثلاً: عنده عشرة أثواب حرير طبيعي، وثوب حرير صناعي فاشتبها؛ فيُصلِّي إِحدى عشرة صلاة، ليتيقَّن أنه صَلَّى في ثوب حلال.
الثانية: أن تكون محرَّمةً لحقِّ الآدمي، مثل إِنسان عنده ثوب مغصوب وثوب ملك له، واشتبه عليه المغصوب بالمِلْك، فيُصلِّي بعدد المغصوب ويزيد صلاة.
س"كيف يُصلِّي بالمغصوب وهو مِلْكُ غيره؟ ألا يكون انتفع بملْك غيره بدون إِذنه؟
فالجواب: أنَّ استعمال مِلْكِ الغير هنا للضَّرورة، وعليه لهذا الغير ضمان ما نقص الثوبُ، وأجرتُه، فلم يُضِعْ حقَّ الغير.
س" ماهو اختيار الشيخ إذا اشتبهت ثياب طاهرة بثياب نجسة؟
الصَّحيح: أنه يتحرَّى، ويُصلِّي بما يغلب على ظَنِّه أنَّه الثَّوب المباح ولا حرج عليه؛ لأن الله لا يكلِّف نفساً إلا وسعها.
س" مالحكم إن لم يمكنه التحرِّي لعدم وجود القرينة،؟
فإِنه يصلِّي فيما شاء؛ لأنه في هذه الحال مضطر إلى الصَّلاة في الثَّوب المحرَّم ولا إعادة عليه. ثم إِن في صحة الصَّلاة في الثَّوب المحرَّم نزاعاً يأتي التَّحقيق فيه إن شاء الله.
تم بحمد الله تعالي باب المياه فما كان من صواب فمن الله وماكان من عجز أو تقصير فمن نفسي .

ابو وليد البحيرى
2024-09-16, 11:07 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

ثانياً"باب في أحكام الآنية وثياب الكفار
س" "عرف الآنية؟" هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغيره ، سواء كانت من الحديد أو الخشب أو الجلود أو غير ذلك
س"ما الأصل في الآنية وما الدليل من الكتاب والسنة؟
الأصل في الآنية الحِلُّ.
الدليل من الكتاب" لأنها داخلة في عموم قوله تعالى: {{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا}} [البقرة: 29] ومنه الآنية؛ لأنها مما خُلِقَ في الأرض،
2-الدَّليل من السُّنَّة" قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وما سَكَتَ عنه فهو عَفْوٌ»[( ضعيف أخرجه الدار قطني4\184)].
3-: «إن الله فَرَض فرائض فلا تضيِّعوها، وحَدَّ حدوداً فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمةً بكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها»[(»[( ضعيف أخرجه الدار قطني4\184)].
س" مالأصل في العبادات ومالدليل؟
الأصل في العبادات التَّحريم؛ لأن العبادة طريقٌ موصلٌ إلى الله عزّ وجل، فإذا لم نعلم أن الله وضعه طريقاً إليه حَرُمَ علينا أن نتَّخذه طريقاً، وقد دلَّت الآيات والأحاديث على أن العبادات موقوفةٌ على الشَّرع.
الدليل"
1-قال تعالى: {{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}} [الشورى: 21]
وجه الدلالة من الآية"فدلَّ على أن ما يَدينُ العبد به ربَّه لا بُدَّ أن يكون الله أَذِنَ به.
2-وقال صلّى الله عليه وسلّم: «إيَّاكم ومحدثات الأمور، فإِن كُلَّ بدعةٍ ضلالة»[( صححه الألباني في الإرواء2455)].
س" مالذي يباح اتخاذه واستعماله من الآنية ومالا يباح مع التدليل علي ماتقول؟
مايباح استعماله:
1- «كلُّ إناءٍ طاهر» ، هذا احتراز من النَّجس، فإِنَّه لا يجوز استعماله؛ لأنَّه قذر، وفيما قال المؤلِّفُ نظر، لأن النَّجس يباح استعمالُه إِذا كان على وجه لا يتعدَّى، .
والدَّليل على ذلك حديث جابر رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال حين فتح مكَّة: «إِن الله حرَّم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام»، قالوا: يا رسول الله؛ أرأيت شُحوم الميتة، فإِنَّها تُطلى بها السُّفن، وتُدهن بها الجلود، ويَستصبح بها النَّاس، فقال: «لا، هو حرام»[( البخاري 2236 فتح)].
س" ماوجه الدلالة من الحديث؟
اقرار النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم هذا الفعل مع أنَّ هذه الأشياء نجسة، فدلَّ ذلك على أن الانتفاع بالشيء النَّجس إذا كان على وجه لا يتعدَّى لا بأس به، مثاله أن يتَّخذ «زِنْبِيلاً» نجساً يحمل به التُّراب ونحوه، على وجهٍ لا يتعدَّى.
2-«ولو ثميناً» ، «لو»: إِشارة خلاف، والمعنى: ولو كان غالياً مثل: الجواهر، والزُّمرُّد، والماس،.
1- البعض" فإنه مباح اتَّخاذه واستعماله.
2-وقال بعضُ العلماء: إِنَّ الثمين لا يُباح اتِّخاذه واستعماله، لما فيه من الخُيلاء، والإِسراف.، وعلى هذا يكون تحريمُه لغيره لا لذاته، وهو كونُه إسرافاً وداعياً إِلى الخُيلاء والفخر، لا لأنَّه ثمين
س"هل هناك فرق بين الاتِّخاذ والاستعمال، مع التمثيل ؟
الاتِّخاذ هو: أن يقتنيَه فقط إِما للزِّينة، أو لاستعماله في حالة الضَّرورة، أو للبيع فيه والشِّراء، وما أشبه ذلك.
الاستعمال: فهو التلبُّس بالانتفاع به، بمعنى أن يستعمله فيما يستعمل فيه.
فاتِّخاذها جائز، وإِن زادت على قَدْرِ الحاجة،.
مثال" فلو كان عند إِنسان إِبريق شاي وأراد أن يشتريَ إِبريقاً آخر جاز له ذلك، بمعنى أنه يجوز اتِّخاذه وإِن لم يستعمله الآن، لكن اتَّخذه لأنه رُبَّما يحتاجه فيبيعه، أو يستعيره منه أحد، أو يفسد ما عنده، أو يأتي ضيوف لا يكفيهم ما عنده.

ابو وليد البحيرى
2024-09-22, 04:58 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

ثانياً"مالا يباح ا تخاذه واستعماله"
1- «إلا آنية ذهبٍ وفضَّةٍ» يشمل الصَّغير، والكبير حتى الملعقة، والسِّكين.
2- «ومُضَبَّباً بهما، فإِنه يحرُمُ اتخاذُها واستعمالُها، ولو على أنثى» ،
س" مامفهوم الضبة وماحكمها مع ذكر الدليل؟
الضبَّةُ: التي أخذ منها التضبيب، وهي شريطٌ يَجْمَعُ بين طرفي المنكسر، فإِذا انكسرت الصَّحفَةُ من الخشب يخرزونها خرزاً، ،.
حكم التضبيب" يحرم وسواءٌ كان خالصاً أو مخلوطاً إِلا ما استُثني.
الدَّليل:
1-حديث حذيفة رضي الله عنه: «لا تشربوا في آنية الذَّهب والفضَّة، ولا تأكلوا في صحافها، فإِنَّها لهم في الدُّنيا ولكم في الآخرة..( البخاري 5426)
2-حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها: «الذي يشربُ في آنية الفضَّة فإنما يجرجرُ في بطنه نارَ جَهنَّمَ»[( مسلم 2065 عبد الباقي)] ، .
س" مالعلة من النهي في الحديث؟
العلة من النهي للتَّحريم، وفي حديث أمِّ سلمة توعَّده بنار جهنَّم، فيكون من كبائر الذُّنوب.
س"فإن قيل: الأحاديث في الآنية نفسِها، فكيف حُرِّم المضبَّبُ؟
فالجواب: أنه ورد في حديث رواه الدار قطني: «إِنَّه من شَرِب في آنية الذَّهب والفِضَّة، أو في شيء فيه منهما»[( اخرجه الدار قطني 1\ص40 وقال " اسناده حسن)].
وأيضاً: المحرَّم مفسدةٌ، فإِن كان خالصاً فمفسدتُه خالصة، وإِن لم يكن خالصاً ففيه بقدْرِ هذه المفسدة. ولهذا فكلُّ شيء حرَّمه الشَّارع فقليله وكثيره حرام؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «وما نهيتكم عنه فاجتنبوه»[( البخاري 7288)].
س" ماحكم الأكل والشرب والاتخاذ والاستعمال؟
1-الأكل والشُّرب" فيهما فهو حرام بالنَّص، وحكى بعضهم الإجماع عليه[(انظر: «المجموع شرح المهذب» (1/249).)].
2- الاتِّخاذ" فهو على المذهب حرام، وفي المذهب قول آخر[(انظر: «الإِنصاف» (1/145).
، وهو محكِيٌ عن الشَّافعي رحمه الله أنه ليس بحرام[(انظر: «المجموع شرح المهذب» (1/249)، «المغني» (1/103).)].
3- الاستعمال"فهو محرَّم في المذهب قولاً واحداً.
س" ماهو اختيار الشيخ في اتخاذ واستعمال آنية الذهب والفضة في غير الأكل والشرب مع ذكر الدليل؟
الصَّحيح: أن الاتِّخاذ والاستعمال في غير الأكل والشُّرب ليس بحرام؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن شيء مخصوص وهو الأكل والشُّرب، ولو كان المحرَّم غيرَهما لكان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو أبلغُ النَّاس، وأبينهم في الكلام ـ لا يخصُّ شيئاً دون شيء، بل إِن تخصيصه الأكل والشرب دليل على أن ما عداهما جائز؛ لأنَّ النَّاس ينتفعون بهما في غير ذلك. ولو كانت حراماً مطلقاً لأَمَر النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بتكسيرها، كما كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لا يدعُ شيئاً فيه تصاوير إلا كسره أو هتكه[( البخاري 5945)]، لأنها إِذا كانت محرَّمة في كل الحالات ما كان لبقائها فائدة.
الدليل" أن أمَّ سلمة ـ وهي راوية الحديث ـ( كان عندها جُلجُل من فِضَّة جعلت فيه شعَرات من شعر النبي صلّى الله عليه وسلّم فكان الناس يستشفون بها، فيُشفون بإِذن الله، )وهذا في «صحيح البخاري[(104)]»، وهذا استعمال في غير الأكل والشرب.

ابو وليد البحيرى
2024-09-25, 07:50 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"ماحكم التحلي بالذهب للنساء؟
يجوز للمرأة ولا يجوز للرجل
س"فما الفرق بين اتِّخاذ الحُلي واتِّخاذ الآنية واستعمالها فأُبيح الأوَّل دون الثاني؟
أنَّ الفرق أنَّ المرأة بحاجة إلى التجمُّل، وتجمُّلها ليس لها وحدها، بل لها ولزوجها، فهو من مصلحةِ الجميع، والرَّجل ليس بحاجة إِلى ذلك فهو طالب لا مطلوب، والمرأة مطلوبة، فمن أجل ذلك أُبيح لها التَّحلِّي بالذَّهب دون الرَّجل، وأما الآنية فلا حاجة إِلى إِباحتها للنِّساء فضلاً عن الرِّجال.
س" ماحكم الطهارة من آنية الذهب والفضة؟
1-تصح الطَّهارة من آنية الذَّهب والفضَّة، فلو جعل إِنسان لوضوئه آنيةً من ذهب، فالطَّهارة صحيحةٌ، والاستعمال محرَّمٌ.
2-وقال بعض العلماء: إِن الطَّهارة لا تصحُّ[(انظر: «الإِنصاف» (1/149).)]، وهذا ضعيف؛ لأنَّ التَّحريم لا يعود إِلى نفس الوُضُوء، وإِنما يعود إلى استعمال إِنائه، والإِناء ليس شرطاً للوُضُوء، ولا تتوقَّف صِحَّة الوُضُوء على استعمال هذا الإِناء.
س" كيف تصح الطَّهارة من آنية الذهب والفِضَّة، وبها، وفيها، وإِليها.?
منها: بأن يغترف من الآنية.
بها: أي يجعلها آلةً يصبُّ بها، أي: يغرف بآنية من ذهب فيصبُّ على رجليه، أو ذراعه.
فيها: بمعنى أن تكون واسعة ينغمس فيها.
إليها: بأن يكون الماء الذي ينزل منه؛ ينزل في إِناء من ذهب.
س" ماحكم اتخاذ واستعمال المضبب بالفضة ومالدليل؟
تجوز بشروط أربعةٌ:
1 ـ أن تكون ضبَّةً.
2 ـ أن تكون يسيرةً.
3ـ أن تكون من فضَّةٍ.
4 ـ أن تكون لحاجةٍ.
الدَّليل على ذلك: ما ثبت في «صحيح البخاري» من حديث أنس رضي الله عنه: «أن قدح النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم انكسر فاتَّخذ مكان الشَّعْب سلسلة من فِضَّة»[(رواه البخاري،(3109).)].
وجه الدلالة"فيكون هذا الحديث مخصِّصاً لما سبق.
س"من أين أخذتم اشتراط كونها يسيرة؟
هذا هو الغالب في القدح، يعني كونه صغيراً، والغالب أنَّه إِذا انكسر، فإِنه لا يحتاج إلى شيء كثير، والأصل التَّحريم، فنقتصر على ما هو الغالب.
س"فإن قيل: أنتم قلتم ضبَّة، وهي ما يُجْبَرُ بها الإِناء، فلو جعل الإنسان على خرطوم الإِبريق فِضَّة؛ فَلِمَ لا يجوز؟
بأن هذا ليس لحاجة، وليس ضَبَّة، بل زيادة وإِلحاق.
س"لماذا اشترطتم كونها من فضَّة: لِمَ لا تقيسون الذَّهب على الفِضَّة؟
1-النصَّ لم يرد إِلا في الفِضَّة، 2-ثم إِن الذَّهب أغلى وأشدُّ تحريماً، ولهذا في باب اللِّباس حُرِّم على الرَّجُل خاتمُ الذَّهب، وأُبيح له خاتمُ الفِضَّة، فدلَّ على أن الفِضَّة أهون، حتى إِن شيخ الإسلام رحمه الله قال في باب اللِّباس: إِن الأصل في الفِضَّة الإِباحة وأنها حلال للرِّجَال، إِلا ما قام الدَّليل على تحريمه[(انظر: «مجموع الفتاوى» (25/64، 65)،)].
3-وأيضاً: لو كان الذَّهب جائزاً لجَبَر النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم به الكسر؛ لأن الذَّهب أبعد من الصدأ بخلاف الفِضَّة، ولهذا لما اتَّخذ بعض الصَّحابة أنفاً من فِضَّة ـ لما قُطعَ أنفُه في إِحدى المعارك (يوم الكُلاب في الجاهليَّة) ـ أنتن، فأمرهُ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن يتَّخذ أنفاً من ذهب[(هو عَرفَجة بن أسعد صححه الألباني في صحيح أبي داود)] ، لأنه لا يُنتن.
4-ومأخذ اشتراط الحاجة في الحديث: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يتَّخذْها إِلا لحاجة، وهو الكسر.
س"مالمراد بالحاجة؟
قال أهل العلم: الحاجة أن يتعلَّق بها غرضٌ غير الزِّينة[(انظر: «الإِنصاف» (1/154))]، بمعنى أن لا يتَّخذها زينة.
قال شيخ الإِسلام: وليس المعنى: ألا يجدَ ما يجبر به الكسرَ سواها؛ لأن هذه ليست حاجة، بل ضرورة[(] انظر: «مجموع الفتاوى» (21/81).)]، والضَّرورة تُبيحُ الذَّهبَ والفضة مفرداً وتبعاً، فلو اضطر إِلى أن يشرب في آنية الذَّهب فله ذلك، لأنَّها ضرورة.
س" مالمراد بالمكروه عند الفقهاء وماحكمه؟
المكروه عند الفقهاء: ما نُهي عنه لا على سبيل الإِلزام بالتَّرك.
حكمه: أنه يُثابُ تاركُه امتثالاً، ولا يُعاقبُ فاعلُه، بخلاف الحرام، فإن فاعله يستحقُّ العقوبة،
في القرآن "فإن المكروه يأتي للمحرَّم، ولهذا لما عدَّد الله تعالى أشياء محرَّمة في سورة الإسراء قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا *} [الإسراء] .
في السنة"وقال صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله كَرِهَ لكم قيل وقال، وكَثْرَةَ السُّؤال، وإِضاعة المال»[(رواه البخاري(2408)، ،)].
س"ما الذي رجحه الشيخ ابن عثيمين في هذه المسألة؟
الصَّواب: أنه ليس بمكروه، وله مباشرتها؛ لأن الكراهة حكم شرعيٌّ يُحتاج في إِثباته إِلى دليل شرعي، وما دام ثبت بمقتضى حديث أنس المتقدّم أنها مباحة، فما الذي يجعل مباشرتها مكروهة. فالصَّحيح أنَّه لا كراهة؛ لأن هذا شيء مباح؛ ومباشرة المباح مباحة.

ابو وليد البحيرى
2024-09-28, 09:59 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" ماحكم استعمال آنية الكفار وماالدليل؟
ُتباحُ آنيةُ الكفَّار وثيابُهم إِن جُهِلَ حالها، ولو لم تحلَّ ذبائحهم.
س" من هم الكفار اللذين تحل ذبائحهم مع الدليل؟
«الكفَّار» يشمل الكافر الأصلي والمرتد. والكفَّار الذين تَحِلُّ ذبائحُهم هم اليهود والنَّصارى فقط.
الدليل" لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5] .
وجه الدلالة من الآية"
المراد بطعامهم ذبائحهم كما فسَّر ذلك ابن عباس رضي الله عنهما[(رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد: (5508).)]، وليس المراد خبزهم وشعيرهم وما أشبه ذلك؛ لأن ذلك حلال لنا منهم ومن غيرهم،.
س" هل تحل ذبائح المجوس والدهريين والوثنيين ومالدليل؟
ولاتحلُّ ذبائح المجوس، والدَّهريِّين، والوثنيِّين وغيرهم من الكفار،
س" ماحكم استعمال أنية المجوس والدهريين والوثنيين ومالدليل؟
يحل استعمال آنيتهم .
الدليل:1- عموم قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] ثم إن أهل الكتاب إذا أباح الله لنا طعامهم، فمن المعلوم أنهم يأتون به إلينا أحياناً مطبوخاً بأوانيهم.
2- ثم إِنَّه ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم دعاه غلام يهوديٌّ على خبز شعير، وإِهالة سَنِخَة[( صححه الألباني كما في الإرواء (35))] الإهالة" الدسم السنحة" المتغيرة فأكل منها.
3-وكذلك أكل من الشَّاة المسمومة التي أُهديت له صلّى الله عليه وسلّم في خيبر[(البخاري5777 فتح)].
4- وثبت أنَّه صلّى الله عليه وسلّم توضَّأ وأصحابه من مزادة امرأة مشركة[( البخاري 344 فتح)]،
وجه الدلالة" كلُّ هذا يدلُّ على أن ما باشر الكُفَّار، فهو طاهر.
س" ماوجه الدلالة من حديث أبي ثعلبة الخشني ؟
حديث أبي ثعلبة الخشني أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تأكلوا فيها، إلا ألا تجدوا غيرها، فاغسلوها وكلوا فيها»[( رواه البخاري5496،)].
فهذا يدلُّ على" أن الأَوْلَى التنزُّه، ولكن كثيراً من أهل العلم حملوا هذا الحديث على أناس عُرفوا بمباشرة النَّجاسات من أكل الخنزير، ونحوه، فقالوا: إن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم منع من الأكل في آنيتهم إِلا إذا لم نجد غيرها، فإِننا نغسلها، ونأكل فيها. وهذا الحمل جيد، وهو مقتضى قواعد الشَّرع.
س" هل يباح استعمال ثياب الكفار؟
نعم تُباحُ ثيابُهم، وهذا يشمل ما صنعوه وما لبسوه، فثيابهم التي صنعوها مباحة، ولا نقول: لعلهم نسجوها بمنْسَج نجس؛ أو صَبغُوها بصبغ نجس؛ لأنَّ الأصل الحِلُّ والطَّهارة، وكذلك ما لبسوه من الثياب فإنَّه يُباح لنا لُبسه، ولكن من عُرِفَ منه عدم التَّوقِّي من النجاسات كالنَّصارى فالأَوْلَى التنزُّه عن ثيابهم بناءً على ما يقتضيه حديث أبي ثعلبة الخُشني رضي الله عنه.
س" مالمراد بقوله «إن جُهل حالها»؟
له مفهومان:
الأول: أن تُعلَمَ طهارتُها.
الثاني: أن تُعلَمَ نجاستُها، فإن عُلِمَتْ نجاستُها فإِنها لا تُستعمل حتى تُغسل. وإِن عُلمتْ طهارتُها فلا إِشكال، .
ولكن الإِشكال فيما إِذا جُهل الحال، فهل نقول: إِن الأصل أنهم لا يَتَوَقَّوْنَ النَّجاسات وإِنَّها حرام، أو نقول: إِن الأصل الطَّهارة حتى يتبيّن نجاستها؟ الجواب هو الأخير.
س" هل يطهر جلد الميتة بالدباغ وما الذي صححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي؟
الدَّبغ: تنظيف الأذى والقَذَر الذي كان في الجلد بواسطة مواد تُضاف إلى الماء.. اختلَفَ في ذلك أهلُ العلم"
1- فالمذهب أنه لا يطهُر، قالوا: لأن الميتة نجسة العين، ونجس العين لا يمكن أن يطهُر، فروثة الحمار لو غُسِلت بمياه البحار ما طَهُرت، بخلاف النَّجاسة الحُكمية، كنجاسة طرأت على ثوب ثم غسلناه، فإنه يطهُر.
2- الشيخ ابن عثيمين رحمه الله" أن جلد الميتة يطهر بالدباغ.

ابو وليد البحيرى
2024-09-30, 11:09 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" هل ينجُس جلد الميتة؟
إن كانت الميتة طاهرة فإِن جلدها طاهر، وإِن كانت نجسةً فجلدها نجس.
س" هات أمثلة للميتة الطاهرة مع الدليل؟
ومن أمثلة الميتة الطَّاهرة: السَّمك.
الدليل" لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «صيده ما أُخِذَ حيًّا، وطعامه ما أُخِذَ ميتاً»
فجلدها طاهر.
س"هل ما ينجس بالموت ينجس جلده مع الدليل؟
ما ينجُس بالموت فإِن جلده ينجُس بالموت لقوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145]
أي نَجِسٌ، فهو داخل في عموم الميتة.
س"فإن قيل: إن الميتة حرام، ولا يلزم من التَّحريم النَّجاسة؟
فالجواب: أنَّ القاعدة صحيحة، ولهذا فالسُّمُ حرام، وليس بنجس، والخمر حرام وليس بنجس على القول الرَّاجح، ولكن الله لما قال: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ} [الأنعام: 145] ، علَّل ذلك بقوله: «رِجْسٌ» والرِّجس النَّجس، وهذا واضح في أن الميتة نجسة. فإِذاً الميتة نجسة؛ وجلدها نجس؛ .
س"هل يباح استعمال جلد الميتة بعد الدَّبغ في يابس.؟
1-المؤلِّفُ" أن استعماله قبل الدَّبغ لا يجوز في يابس، ولا غيره؛ لأنه نجس.
وظاهر كلامه أن الاستعمال لا يجوز ولو بعد أن نَشفَ الجلد وصار يابساً، .
س" مالذي صححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في استعمال جلد الميته إذا كان يابساً؟
إِذا كان جلد الميتة يابساً، واستُعمل في يابس فإن النَّجاسة هنا لا تتعدَّى كما لو قدَّدناه، وجعلناه حبالاً لا يباشر بها الأشياء الرَّطبة، فإن هذا لا مانع منه.
س" هل يجوز استعمال جلد الميته إذا كان رطباً بعد الدبغ؟
1- المؤلف رحمه الله" فلا يجوز استعمال الرطب ، مثل أن نجعل فيه ماءً أو لبناً، ولا أيَّ شيء رطب، ولو بعد الدَّبغ؛ لأنَّه إِذا كان نجساً، ولاقاه شيء رطب تنجَّس به، أما إذا كان في يابس، والجلد يابس فإِنه لا يتنجَّس به؛ لأن النَّجاسة لا يتعدَّى حكمها إِلا إِذا تعدَّى أثرها، فإِن لم يتعدَّ أثرها فإِن حكمها لا يتعدَّى.
مالذي صححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في استعمال جلد الميتة إذا كان رطبا بعد الدبغ مع الدليل؟
وإذا قلنا بالقول الرَّاجح: وهو طهارته بالدِّباغ فإنه يُباح استعماله في الرَّطب واليابس.
الدليل"أنَّ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم توضَّأ وأصحابه من مزادة امرأة مشركة.، وذبائح المشركين نجسة، وهذا يدلُّ على إِباحة استعماله في الرَّطب، وأنه يكون طاهراً.
س" ما الأشياء الطاهرة في الحياة؟
أولاً: كُلُّ مأكول كالإبل، والبقر، والغنم، والضَّبُعِ، ونحو ذلك.
ثانياً: كلُّ حيوان من الهِرِّ فأقلُّ خِلْقة ـ وهذا على المذهب ـ كالهِرَّة لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنها ليست بنَجَسٍ، إِنَّها من الطوَّافين عليكم»[( صححه الألباني كما في صحيح ابن ماجة والإرواء)].
ثالثاً: كُلُّ شيء ليس له نَفْسٌ سائلة، يعني إِذا ذُبِحَ، أو قُتل، ليس له دم يسيل.
رابعاً: الآدمي، ولكنه هنا غير وارد؛ لأن استعمال جلده محرَّم، لا لنجاسته، ولكن لحرمته.
س" هل يباح استعمال جلد الفأرة، أو الهِرَّة إذا دبغ وما القول الراجح؟
1- المذهب"فإِنه لا يَطْهُرُ ، لكن يُباح استعماله في يابس.
2-وقيل: يَطْهُرُ، ويُباح استعمالُه في اليابسات والمائعات[(انظر: «الإِنصاف» (1/164).)]، وعلى هذا يصحُّ أن نجعلَ جلدَ الهِرَّة سِقاء صغيراً، إِذا دبغناه لأنه طَهُرَ.
3-وقيل: إن جلد الميتة لا يطهر بالدِّباغ؛ إِلا أن تكون الميتةُ مما تُحِلُّه الذَّكاة[(انظر: «الإِنصاف» (1/163).)]، كالإبل والبقر والغنم ونحوها، وأما ما لا تحلُّه الذَّكاة فإنه لا يطهر، وهذا القول هو الرَّاجح؛ وهو اختيار شيخنا عبد الرحمن السَّعدي رحمه الله[(انظر: «المختارات الجلية» ص(11).)]، وعلى هذا فجلد الهِرَّة وما دونها في الخلقة لا يطهر بالدَّبغ.
س" فما مناط الحكم؟
1-فمناط الحُكم على المذهب هو طهارة الحيوان في حال الحياة، فما كان طاهراً فإنه يُباحُ استعمالُ جلد ميتته بعد الدَّبغ في يابس، ولا يطْهُر.
2-وعلى القول الثاني: يطْهُر مطلقاً،.
3-وعلى القول الثالث: يطْهُر إذا كانت الميتة مما تُحِلُّه الذَّكاة.
والرَّاجح: القول الثالث بدليل أنه جاء في بعض ألفاظ الحديث: «دباغُها ذكاتها»[( قال ابن حجر: «إِسناده صحيح». «التلخيص الحبير» رقم (44).)]. فعبَّر بالذكاة، ومعلوم أن الذَّكاة لا تُطَهِّر إِلا ما يُباح أكله، فلو أنك ذبحت حماراً، وذكرت اسم الله عليه، وأنهر الدَّم، فإِنه لا يُسمَّى ذكاة، وعلى هذا نقول: جلد ما يحرم أكله، ولو كان طاهراً في الحياة، لا يطهر بالدِّباغ، ووجهه: أنَّ الحيوان الطَّاهر في الحياة إِنما جُعِلَ طاهراً لمشقَّة التحرز منه لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنها من الطَّوافين عليكم»، وهذه العِلَّة تنتفي بالموت، وعلى هذا يعود إلى أصله وهو النَّجاسة، فلا يَطْهُر بالدِّباغ.
فيكون القول الرَّاجح: أن كلَّ حيوان مات وهو مما يُؤكل؛ فإن جلده يَطْهُر بالدِّباغ، وهذا أحد قولي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وله قول آخر يوافق قول من قال: إن ما كان طاهراً في الحياة فإِنّ جلده يطهر بالدَّبغ[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/95))].

ابو وليد البحيرى
2024-10-05, 11:36 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"ماحكم لبن الميتة وجميع أجزائها؟
1- المذهب" لبن الميتة نجس، وإن لم يتغيَّر بها؛ لأنه مائع لاقى نجساً فتنجَّس به، كما لو سقطت فيه نجاسة ـ وإلا فهو في الحقيقة منفصل عن الميتة قبل أن تموت ـ لكنهم قالوا: إنها لمَّا ماتت صارت نجسةً، فيكون قد لاقى نجاسةً فتنجَّس بذلك.
2-واختار شيخ الإِسلام أنَّه طاهر[(132)] بناءً على ما اختاره من أن الشيء لا ينجس إلا بالتغيُّر[(] انظر: «مجموع الفتاوى» (21/103))]، فقال: إِن لم يكن متغيِّراً بدم الميتة، وما أشبه ذلك فهو طاهر.
س" مالذي رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في لبن الميتة؟
والذي يظهر لي رجحانه في هذه المسألة هو المذهب؛ لأنَّه وإن انفصل واجتمع في الضَّرع قبل أن تموت فإنه يسير بالنسبة إلى ما لاقاه من النَّجاسة، لأنها محيطة به من كل جانب، وهو يسير، ثم إن الذي يظهر سريان عُفونة الموت إلى هذا اللَّبن؛ لأنه ليس كالماء في قُوَّة دفع النَّجاسة عنه.
والمذهب، وإن كان فيه نَظَر من حيث قاعدة: أن ما لا يتغيَّر بالنَّجاسة فليس بنجس، وهذه قاعدة عظيمة محكمة، لكن الأخذ به هنا من باب الاحتياط، وأيضاً بعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] ، واللَّبن في الضَّرع قد يكون داخلاً في هذا العموم.
س"ماحكم طهارة أجزاء الميتة ؟
1- المذهب: «وكل أجزائها نجسةٌ» ، كاليد، والرِّجل، والرَّأس ونحوها لعموم قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] ، والميتةُ تُطلَقُ على كلِّ الحيوان ظاهره وباطنه.
قوله: «غيرُ شَعْر ونحوه» ، كالصُّوف للغنم، والوبر للإِبل، والرِّيش للطيور، والشَّعر للمَعْز والبقر، وما أشبهها.
س"مالذي يستثني من الميتات؟
1 ـ ماميتته طاهرة كالسمك "وغيره من حيوان البحر بدون استثناء، فإن ميتته طاهرة حلال لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] ، وتقدَّم تفسير ابن عباس للصَّيد والطَّعام.
س"هل يلزم من الحل الطهارة ومن الطهارة الحل؟
ويلزم من الحِلّ الطَّهارة، ولا عكس، فيتلخَّص عندنا ثلاث قواعد:
أ ـ كُلُّ حلال طاهر.
ب ـ كُلُّ نجس حرام.
جـ ليس كُلُّ حرام نجساً.
2- ميتة الآدمي" لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ المؤمن لا ينجس».
ولأن الرَّجُل إذا مات يُغسَّل، ولو كان نجساً ما أفاد به التغسيل.
3ـ ميتة ما ليس له دم،" والمراد الدَّم الذي يسيل إِذا قُتل، أو جُرح، كالذُّباب، والجراد، والعقرب. والدَّليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا وقع الذُّباب في شراب أحدِكم فلْيغمسه ثم لينزعْه»[( رواه البخاري3320)].
وجه الدلالة"
فقوله: «فلْيغمسْه» يشمل غمسَه في الماء الحار، وإِذا غُمس في الماء الحار فإِنه يموت، فلو كان ينجس لأمر الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم بإِراقته.
س" تنقسم الميتة إلى ثلاثة أقسام عددها؟
1 ـ الشَّعر: ونحوه طاهر.
2 ـ اللحم،: وما كان داخل الجلد نجس، ولا ينفع فيه الدَّبغ.
3ـ الجلد: وهو طبقة بينهما، وحكمه بين القسمين السَّابقين.
س"اذكر رأي الفقهاء في جعل المصران والكرش وتراً أي_ حبالاً_ دباغ؟
1- المذهب"ذكر الفقهاء رحمهم الله، أنَّ جعلَ المُصْران والكِرْش وتَراً ـ أي حبالاً ـ دِبَاغٌ، أي بمنزلة الدِّباغ[(انظر: «الإِنصاف» (1/174).)]، وبناءً عليه لا يكون طاهراً، ويجوز استعماله في اليابسات ..
2-صاحب «الفروع» رحمه الله" وهو من أشهر تلاميذ شيخ الإسلام رحمه الله ـ ولا سيَّما في الفقه ـ يقول: «يتوجَّه لا»[( انظر: «الفروع» (1/105).)]، والمعنى: أنه يرى أن الأوجه بناءً على المذهب، أو على القول الرَّاجح عنده أنَّه ليس دباغاً،
س"ماتوجيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في هذه المسألة؟
وما قاله متوجِّه؛ لأن المُصْرَان والكِرْش من صُلب الميتة، والصَّواب ما ذهب إليه صاحب «الفروع» (جعل المصران والكرش وتراً ليس دباغاً)
س" ماحكم ما أُبِيْنَ من حي ومالذي استثناه العلماء؟
قوله: «وما أُبين من حيٍّ فهو كميتته» ، هذه قاعدة فقهية.
وأُبين: أي فُصل من حيوان حيٍّ.
وقوله: «كميتته»، يعني: طهارة، ونجاسة، حِلًّا، وحُرمة، فما أُبينَ من الآدمي فهو طاهر، حرام لحرمته لا لنجاسته، وما أُبين من السَّمك فهو طاهر حلال، وما أبين من البقر فهو نجس حرام، لأنَّ ميتتها نجسة حرام، .
استثنى فقهاؤنا رحمهم الله تعالى مسألتين"
الأولى: الطَّريدة: فعيلة بمعنى مفعولة، وهي الصيد يطرده الجماعة فلا يدركونه فيذبحوه، لكنهم يضربونه بأسيافهم أو خناجرهم، فهذا يقطع رِجْلَه، وهذا يقطع يده، وهذا يقطع رأسه حتى يموت، وليس فيها دليل عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم إلا أن ذلك أُثِرَ عن الصَّحابة رضي الله عنهم[( المحلي(7\459))].
قال الإمام أحمد رحمه الله: كانوا يفعلون ذلك في مغازيهم، ولا يرون به بأساً، والحكمة في هذا ـ والله أعلم ـ: أن هذه الطَّريدة لا يُقدَرُ على ذبحها، وإِذا لم يُقدَرْ على ذبحها، فإنها تَحِلُّ بعقرها في أي موضع من بدنها، فكما أنَّ الصَّيد إِذا أصيب في أي مكان من بدنه ومات فهو حلال؛ فكذلك الطَّريدة؛ لأنها صيد إلا أنها قطعت قبل أن تموت.
قال أحمد: «فإن بقيت»، أي: قطعنا رجلها، ولكن هربت ولم ندركها؛ فإن رجلها حينئذٍ تكون نجسة حراماً؛ لأنها بانت من حَيٍّ ميتته نجسة.
الثانية: المِسْك وفأرته، ويكون من نوع من الغزلان يُسمَّى غزال المسك.
ُقال: إنهم إذا أرادوا استخراج المِسْكِ، فإِنهم يُركِضُونه فينزل منه دم من عند سُرَّته، ثم يأتون بخيط شديد قويٍّ فيربطون هذا الدم النازل ربطاً قويًّا من أجل أن لا يتَّصل بالبدن فيتغذَّى بالدَّم، فإِذا أخذ مدَّة فإنه يسقط، ثم يجدونه من أطيب المسك رائحة.
وهذا الوعاء يُسمَّى فأرة المِسْك، والمِسْكُ هو الذي في جوفه، فهذا انفصل من حَيٍّ وهو طاهر على قول أكثر العلماء[(انظر: «الفروع» (1/249)، «المجموع شرح المهذب» (2/573).)].
ولهذا يقول المتنبي:
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنت منهم *** فإِنَّ المِسْكَ بعضُ دم الغزال.
[(ديوان المتنبي بشرح العكبري (2/21).)]
انتهي باب الآنية بحمد الله ويتبعه باب الاستنجاء

ابو وليد البحيرى
2024-10-12, 09:22 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

بابُ الاستِنْجاء
س" عرف الاستنجاء لغةً واصطلاحاً؟
في اللُّغة" القطع، يقال: نَجوت الشَّجرة، أي: قطعتها.
اصطلاحاً: إِزالةُ الخارج من السَّبيلين بماء أو حَجَر ونحوه، وفي ذلك قطع لهذا النَّجس. وهذا وجه تعلُّق الاشتقاق بالمعنى الاصطلاحي
س"هل المستحب مرادف للمسنون أم لا؟
اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ هل المستحب مرادف للمسنون، أو المستحب ما ثبت بتعليل، والمسنون ما ثبت بدليل؟
1-فقال بعضهم: الشَّيء الذي لم يثبت بدليل، لا يُقال فيه: يُسَنُّ، لأنك إِذا قلت: «يُسَنُّ» فقد أثبتَّ سُنَّة بدون دليل، أما إِذا ثبت بتعليل ونظر واجتهاد فيُقال فيه: «يُسْتَحب»؛ لأن الاستحباب ليس كالسُّنَّة بالنسبة لإِضافته إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم[(انظر: «حاشية التنقيح للحجاوي» ص(84، 88، 89، 117).)].
2-وقال أكثرهم: لا فرق بين «يُستحبُّ»، و«يُسَنُّ»[( انظر: «شرح الكوكب المنير» (1/403) )]؛ ولهذا يُعبِّر بعضهم بـ«يُسَنُّ» وبعضهم بـ«يُستحبُّ».
مارجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي"ولا شَكَّ أن القول الأول أقرب إلى الصِّحة، فلا يُعبَّر عن الشَّيءِ الذي لم يثبت بالسُّنَّة بـ«يُسنُّ»، ولكن يُقال: نستحبُّ ذلك، ونرى هذا مطلوباً، وما أشبه ذلك.
س" مالذي يستحب أن يقوله المسلم عند دخول الخلاء وعند الخروج
منه؟
1- «قول بسم الله» ، هذا سُنَّةٌ لما رواه عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «سَتْرُ ما بين أعيُنِ الجِنِّ، وعَوْرَاتِ بني آدم، إذا دخل أحدُهم الكَنيفَ أن يقول: بسم الله»[( قال الألباني بعد أن ذكر طرقه وجملة القول أن الحديث صحيح لطرقه المذكورة و الضعف المذكور في أفرادها ينجبر إن شاء الله )].
2-قوله: «أعوذ بالله من الخُبث والخبائث» ، وهذا سُنَّةٌ لحديث أنس رضي الله عنه في «الصَّحيحين» أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم كان إِذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخُبُثِ والخَبَائث»[( رواه البخاري، 142)].
س" مالفرق بين الخُبْثُ بسكون الباء وضمِّها:؟
فعلى رواية التَّسكين ـ الشَّرُّ، والخبائث: النفوس الشِّرِّيرة ـ وعلى رواية الضمِّ ـ جمع خبيث، والمراد به ذُكران الشَّياطين، والخبائث جمع خبيثة، والمراد إِناث الشَّياطين.
والتسكين أعمُّ، ولهذا كان هو أكثر روايات الشُّيوخ كما قاله الخطابي رحمه الله[( انظر: «معالم السنن» (1/10).)].
س"مافائدةُ البسملة.
والإستعاذه؟
فائدة البسملة"أنها سَتْرٌ.
فائدة الاستعاذة: الالتجاء إِلى الله عزّ وجل من الخُبث والخبائث؛ لأن هذا المكان خبيث، والخبيث مأوى الخبثاء فهو مأوى الشَّياطين، فصار من المناسب إِذا أراد دخول الخلاء أن يقول: أعوذ بالله من الخُبث والخبائث. حتى لا يصيبه الخُبث وهو الشَّرُّ، ولا الخبائث وهي النُّفوس الشِّرِّيرة.
س"مالمراد بالعندية في كلام المؤلف؟
والعندية في كلام المؤلِّف هنا تعني قبل الدُّخول، فإِن كان في البَرِّ ـ مثلاً ـ استعاذ عند الجلوس لقضاء الحاجة.
والخلاء: أصله المكان الخالي، ومناسبته هنا ظاهرة؛ لأنَّ هذا المكان لا يجلس فيه إلا واحد.
س"كيف يقول أذكار دخول الخلاء والخروج منه من كان أخرساً؟
إِلا من أخْرَس فيقول بقلبه.
س"مالمراد بالاستعاذة؟
«أعوذُ بالله»، أي: أعتصم وألتجئُ بالله عزّ وجل.
س" مالذي يستحب عند الخروج من الخلاء ومالدليل؟
يُسَنُّ أن يقول بعد الخروج منه: غفرانك،.
الدليل" للحديث الصَّحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان إِذا خرج من الغائط قال: «غُفْرانك»[( صححه الألباني في صحيح الجامع4707)]، والعندية هنا بعديَّة، أي: يقول ذلك بعد خروجه، فإِن كان في البَرِّ فعند مفارقته مكان جُلوسه.
فقوله غُفْرَانك: مصدر منصوب بفعل محذوف تقديره: أسألك غفرانك.
س"مالمراد بالمغفرة؟
والمغفرة هي سَتْر الذَّنب والتَّجاوز عنه، لأنَّها مأخوذة من المِغْفَرِ، وفي المغفر سَتْر ووقاية، وليس سَتْراً فقط، فمعنى: اغفر لي؛ أي: استُرْ ذنوبي، وتجاوز عَنِّي حتى أسَلَمَ من عقوبتها، ومن الفضيحة بها.
س"مامناسبة قوله: «غُفْرَانك» هنا؟
1-قيل: إن المناسبة أن الإنسان لما تخفَّف من أذيَّة الجسم تذكَّر أذيَّةَ الإِثم؛ فدعا الله أن يخفِّف عنه أذيَّة الإثم كما مَنَّ عليه بتخفيف أذيَّة الجسم، وهذا معنى مناسب من باب تذكُّر الشيء بالشيء[(انظر: «إِغاثة اللهفان» (1/71))].
2-قال بعض العلماء: إِنه يسأل الله غُفْرانَه، لأنه انحبس عن ذكره في مكان الخلاء، فيسأل الله المغفرة له ذلك الوقت الذي لم يذكر الله فيه[(انظر: «المجموع شرح المهذب» (2/76).)].
س" مالذي صححه الشيخ رحمه الله فيما يتعلق بمناسبة قول (غفرانك) بعد الخروج من الخلاء؟
وفي القول الثاني نظر لأنه انحبس عن ذكر الله بأمر الله، وإِذا كان كذلك فلم يعرِّض نفسه للعقوبة، بل عرَّضها للمثوبة؛ ولهذا الحائض لا تُصلِّي، ولا تصوم، ولا يُسَنُّ لها إِذا طَهُرت أن تستغفر الله بتركها الصَّلاة والصَّوم أيام الحيض. ولم يقله أحد، ولم يأتِ فيه سُنَّة. والصحيح هو القول الأول

ابو وليد البحيرى
2024-10-19, 10:20 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"مالمراد بالنتر؟
النَّتْرُ معناه: أن يحرِّك الإِنسان ذَكَره من الدَّاخل لا بيده لحديث: «إذا بَالَ أحدُكُم فَلْيَنْتُرْ ذَكَره ثلاثاً»[( ضعفه الألباني كما في الضعيفة (1621)]، قالوا: ولأجل أن يخرج بقيَّة البول إِن كان فيه شيء من البول، لكنَّ الحديث ضعيف لا يُعتمد عليه، والنَّتْرُ من باب التنطعِ المنهيِّ عنه،.
س" ما رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في النتر؟
قال شيخ الإسلام: «النَّترُ بدعة وليس سُنَّة، ولا ينبغي للإِنسان أن يَنْتُرَ ذَكَرَه»[( انظر: «مجموع الفتاوى» (21/106))].
س": ماحكم التحول من موضع قضاء الحاجة للاستنجاء في غيره وقول الشيخ في ذلك؟
«وتَحوُّلُه من موضعه؛ ليستَنْجي في غيره إِن خافَ تلوُّثاً» ، يعني: انتقاله من موضع قضاء الحاجة ليستنجي بالماء إِن خاف تلوُّثاً؛ كأن يخشى من أن يضربَ الماء على الخارج النَّجس ثم يُرشُّ على ثوبه، أو فخذه، أو ما أشبه ذلك،.
قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي" الأفضل أن تنتقلَ درءاً لهذه المفسدة. وأيضاً: مثل هذه الأمور قد تُحدث وسوسة. أما إذا لم يخَفْ، كما يوجد في المراحيض الآن، فإِنَّه لا ينتقل.
س" عدد المكروهات عند دخول الخلاء؟
1- ويُكْرَهُ دُخولُهُ بشيء فيه ذِكْرُ الله تعالى» ،
س" ماحكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله تعالي ؟
«ويُكْرَهُ دُخولُهُ بشيء فيه ذِكْرُ الله تعالى» ، الضمير في قوله: «دُخولُه» يعود إلى «قاضي الحاجة»، ويُحتمل أن يعود إلى «الخلاء».
والمُراد بذكر الله هنا «اسم الله» لا الذِّكر المعروف؛ لأنهم استدلُّوا بحديث أنس رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان إِذا دخل الخلاء وضع خَاتَمه[(أقره الألباني كما في مختصر الشمائل(75)]؛ لأنه كان منقوشاً فيه: «محمَّدٌ رسولُ الله»، وهذه ليست من الذِّكر المعروف، فيقتضي أن كُلَّ ما فيه اسمُ الله يُكرَه دُخولُ الخلاء به.
س" ماختيار الشيخ في دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله؟
الأفضل أن لا يدخُلَ.
س" ماحكم الدخول بالمصحف للخلاء؟
واستثنى بعض العلماء «المُصْحَفَ» فقال: يحرم أن يدخلَ به الخَلاء سواءٌ كان ظاهراً أم خفيًّا[(] انظر: «كشاف القناع» (1/59).)]؛ لأن «المُصْحَفَ» فيه أشرف الكلام، ودخول الخلاء فيه نوع من الإهانة.
س"ما اختيار الشيخ في الدخول بالمصحف الخلاء؟
وعلى كُلِّ حالٍ ينبغي للإِنسان في «المُصْحَفِ» خاصَّة أن يحاول عدم الدُّخول به، حتى وإن كان في مجتمع عامٍّ من النَّاس، فيعطيه أحداً يمسكه حتى يخرج.
س" مالحاجة المستثناه من الكراهة؟
قوله: «إلا لحاجة» ، هذا مستثنى من المكروه، يعنى إذا احتاج إلى ذلك كالأوراق النقديَّة التي فيها اسم الله فلا بأس بالدُّخول بها، لأنَّنَا لو قلنا: لا تدخل بها ثم أخرجَهَا ووضعها عند باب الخلاء صارت عُرضة للنسيان، وإِذا كان في محلٍّ بارح صارت عُرضة لأن يطير بها الهَواءُ، وإِذا كان في مجمع من النَّاس صارت عُرضةً لأن تُسرق.
أما «المُصْحَفُ» فقالوا: إِن خاف أن يُسرقَ، فلا بأس أن يدخل به[(نظر: «كشاف القناع» (1/59))]، وظاهر كلامهم: ولو كان غنيًّا يجدُ بَدَلَه.
2- ممايكره ورَفْعُ ثَوْبِهِ قَبلَ دُنُوِّهِ مِن الأرض ........
«ورَفْعُ ثَوْبِهِ قَبلَ دُنُوِّه مِن الأرض» ، أي: يُكره لقاضي الحاجة أن يرفَعَ ثوبَه قبل أن يدنو من الأرض، وهذا له حالان:
الأولى: أن يكون حوله من ينظره، فرفْعُ ثوبِه هنا قبل دنوِّه من الأرض محرَّم؛ لأنَّه كَشْفٌ للعورة لمن ينظر إِليها، وقد نهى النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك، فقال: «لا ينظر الرَّجُل إِلى عورة الرَّجُل»[( رواه مسلم،338)].
الثانية: كشفه وهو خالٍ ليس عنده أحد، فهل يُكرَهُ أم لا؟ هذا ينبني على جواز كشف العورة والإِنسان خالٍ.
وفيه ثلاثة أقوال للعلماء[(انظر: «الإِنصاف» (3/198)
الأول: الجواز.
الثاني: الكراهة.
الثَّالث: التَّحريم، وهو المذهب. لكن اقتصروا على الكراهة هنا؛ لأنَّ كشفها هنا لسببٍ وهو قضاءُ الحاجة، لكن كرهوا أن يرفع ثوبَه قبل دُنوِّه من الأرض؛ لعدم الحاجة إلى الرَّفْع حينئذٍ، ولم يقولوا بالتَّحريم؛ لأن أصل الكشف هنا مباح.
أما إِذا أراد أن يبولَ وهو قائم، فإِنه سيرفع ثوبه وهو واقف، ولكن نقول: إن القائم دانٍ من قضاء الحاجة؛ لأنه سيقضيها وهو قائم.
س" ماحكم البول قائما؟
والبول قائماً جائزٌ، ولا سيَّما إِذا كان لحاجة، ولكن بشرطين:
الأول: أن يأمنَ التَّلويث.
الثاني: أن يأمنَ النَّاظر.

ابو وليد البحيرى
2024-10-27, 03:33 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

قال بعض العلماء: فعل ذلك لبيان الجواز، وقال آخرون: فعله للحاجة[(] انظر: «فتح الباري» (1/330)،)]؛ لأن السُّبَاطة كانت عند قوم مجتمعين ينظرون إليه، فهو إِن قعد في أعلاها مستدبراً لهم ارتد بولُه إِليه، وإِن قعد في أعلاها مستقبلاً لهم انكشفت عورته أمامهم، فما بقي إِلا أن يقوم قائماً مستدبرًا للقوم، فيكون في ذلك محتاجاً إلى البول قائماً.
وأما حديث: «أنه فعل ذلك لجُرحٍ كان في مأبَضِه»[( رواه الحاكم (1/182))] فضعيف، وكذلك القول بأنه فعل ذلك لأن العرب يَتَطبَّبُون بالبول قياماً من وَجَعِ الرُّكَبِ فضعيف[(انظر: «فتح الباري» (1/330))].
ولكن يمكن أن يُقالَ: إِن العرب إِذا أوجعتهم ركبُهم عند الجلوس بَالوا قياماً للحاجة.
3-مما يكره«كَلامُهُ في الخلاء"
س"ماحكم الكلام في الخلاء مع الدليل؟
أي يُكره كلامُ قاضي الحاجة في الخلاء، والدَّليل: أن رجلاً مرَّ بالنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يبول؛ فسلَّم عليه فلم يردَّ عليه السَّلام[(] رواه مسلم، كتاب الحيض: باب التيمم، رقم (370). من حديث ابن عمر)].
قالوا: ولو كان الكلام جائزاً لردَّ عليه السَّلام؛ لأن ردَّ السَّلام واجب[(انظر: «المغني» (1/227).)].
لكن مقتضى هذا الاستدلال أنه يحرم أن يتكلَّم وهو على قضاء حاجته،.
ولهذا ذكر صاحب «النُّكت» ابن مفلح رحمه الله هذه المسألة وقال: وظاهر استدلالهم يقتضي التَّحريم، وهو أحد القولين في المسألة[انظر: «النكت على المحرر» (1/8، 9).)].
لكن اعتذروا عن القول بالتَّحريم بعذرين[(انظر: «كشاف القناع» (1/63)، (2/128).)]:
الأول: أن هذا المُسَلِّم لا يستحقُّ رَدًّا، لأنه لا ينبغي السَّلام على قاضي الحاجة، ومن سلَّم في حالٍ لا ينبغي أن يُسَلِّم فيها لم يستحقَّ رَدًّا. وهذا ضعيف؛ لأن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم لم يعلِّلْ عدم رَدِّ السَّلام بأنَّه سَلَّم في حالٍ لا يستحقُّ الردَّ فيها.
الثاني: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يترك الواجب؛ لأنَّه بعد أن انتهى من بوله رَدَّ عليه واعتذر منه[(رواه أحمد (4/345))].
وهذا صحيح؛ لأن تأجيلَ الردِّ لا يستلزم القول بالتَّحريم.
س" مالحكم إِذا كان قاضِيَا الحاجة اثنين، ينظر أحدهما إِلى عورة الآخر ويتحدَّثان ؟
إذا كان أما إِذا كان قاضِيَا الحاجة اثنين، ينظر أحدهما إِلى عورة الآخر ويتحدَّثان فهو حرام بلا شَكٍّ، بل إِن ظاهر الحديث الوارد فيه ـ لولا ما فيه من المقال ـ أنه من كبائر الذُّنوب؛ لأن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم أخبر أن الرَّجُلين إِذا فَعَلا ذلك فإِن الله يمقت عليه[(رواه ابن السَّكن في «صحيحه» [«بيان الوهم والإِيهام» (5/260))]. والمَقْت أشدُّ البغض، وأما إذا لم ينظر أحدهما إلى عورة الآخر؛ فأقلُّ أحواله أن يكون مكروهاً.
س" مارأي الإمام أحمد في الكلام أثناء قضاء الحاجة؟
والإِمام أحمد نصَّ على أنه يُكره الكلام حال قضاء الحاجة، وفي رواية عنه قال: «لا ينبغي»[( ] انظر: «الإِنصاف» (1/19).)]. والمعروف عند أصحابه أنه إذا قال: «أكره»، أو «لا ينبغي» أنه للتَّحريم.
س" ماترجيح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الكلام أثناء قضاء الحاجة؟
فالحاصل: أنه لا ينبغي أن يتكلَّم حال قضاء الحاجة، إلا لحاجة كما قال الفقهاء رحمهم الله، كأن يُرشِدَ أحداً،2- أو كلَّمه أحد لا بدَّ أن يردَّ عليه،3- أو كان له حاجة في شخص وخاف أن ينصرف، أو طلب ماء ليستنجي، فلا بأس[(انظر: «كشاف القناع» (1/63).)].

ابو وليد البحيرى
2024-11-02, 11:33 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

4- مما يكره وبَوْلُهُ في شَقٍّ، ونحوِهِ،...........
س"ماحكم البول في شق ونحوه ومالدليل ؟
«وبولُه في شَقٍّ» ، يعني: يُكرَهُ بولُه في شَقٍّ. والشَّقُّ: هو الفتحةُ في الأرض، وهو الجُحر للهوامِّ والدَّواب، وظاهر كلامهم أنَّه ولو كان الشَّقُ معلوم السَّبب كما لو كانت الأرض قيعاناً، ويبس هذا القَاع ففي العادة أنه يتشقَّقُ.
قوله: «ونحْوِه» ، مثَّلَ بعضهم بفم البَالوعة[(انظر: «النكت على المحرر» (1/9).)]، وهي مجتمع الماء غير النَّظيف، وسُمِّيت بهذا الاسم لأنها تبتلع الماءَ. والكراهة تزول بالحاجة، كأن لم يجدْ إلا هذا المكان المتشقق.
والدَّليل على الكراهة:
1 ـ حديث قتادة عن عبد الله بن سَرْجِس أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: «نهى أن يُبال في الجُحر»، قيل لقتادة: فما بال الجُحر؟ قال: يُقال: إِنَّها مساكن الجنّ[( صححه الألباني في صحيح الترغيب)]. وهذا الحديث من العلماء من صَحَّحه، ومنهم من ضَعَّفه، وأقلُّ أحواله أن يكون حسناً؛ لأنَّ العلماء قَبِلوه، واحتجُّوا به.
2 ـ ومن التَّعليل: أنه يُخشَى أن يكونَ في هذا الجُحر شيء ساكن فتُفْسِد عليه مسكنه، أو يخرج وأنت على بولك فيؤذيك، وربما تقوم بسرعة فلا تسلم من رَشاش البول.
وقد ذكر المؤرِّخون أنَّ سيِّدَ الخزرج سعدَ بنَ عبادة رضي الله عنه بَالَ في جُحر بالشَّام، وما إن فرغ من بوله حتى استلقى ميِّتاً، فسمعوا هاتفاً يهتف في المدينة يقول:

نحنُ قَتَلْنا سَيِّدَ الخَزْ ** رَجِ سَعْدَ بْنَ عُبَادهْ
وَرَمَيْنَاهُ بسَهْمَيْـ ** ـنِ فلم نُخْطِئ فُؤادَهْ [( قال الألباني لا يصح الإرواء(56))]
هكذا ذكر المؤرخون، والله أعلم بصحَّة هذه القِصَّة، ولكن يكفي ما ذكرنا من الدَّليل والتَّعليل، ومع هذا لو لم يجد إِلا هذا المكان المتشقِّقَ كان بوله فيه جائزاً.

ابو وليد البحيرى
2024-11-08, 07:17 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

5- ومما يكره ومَسُّ فَرْجِهِ بِيَمِينِه،........ ..
س" ماحكم مس الفرج باليمين مع الدليل؟
«ومسُّ فرجِه بيَمِينِهِ» ، يعني: يُكْرَهُ لقاضي الحاجة مسُّ فرجه بيمينه، وهذا يشمل كلا الفَرْجَين، لأن «فرج» مفردٌ مضافٌ والمفردُ المضاف يَعمُّ، والفَرْجُ يُطلق على القُبُل والدُّبُر، فيُكره أن يمسَّ فرجه بيمينه.
الدليل" لحديث أبي قتادة: «لا يُمْسِكَنَّ أحدُكُم ذَكَرَهُ بيمينه وهو يبول، ولا يَتَمَسَّحْ من الخلاء بيمينه، ولا يَتَنَفَّسْ في الإِناء»[( رواه البخاري153)].
ومن تأمَّل الحديثَ وَجَدَ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَيَّده بحال البول، فالجملة: «وهو يبول» حال من فاعل «يمسُّ».
وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في القَيد"
هل هو مرادٌ بمعنى أن النهيَ وارد على ما إِذا كان يبول فقط، لأنه رُبَّما تتلوَّث يده بالبول، وإِذا كان لا يبول فإِن هذا العضو كما قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنما هو بَضْعَة منك»، حينما سُئل عن الرَّجل يمسُّ ذكرَه في الصَّلاة هل عليه وضوءٌ؟ وإِذا كان بَضْعَة منه فلا فرق بين أن يمسَّه بيده اليُمنى أو اليُسرى[(انظر: «فتح الباري» (1/254))].
وقال بعض العلماء: إِنه إِذا نُهي عن مسِّه باليمين حال البول، فالنهيُّ عن مسِّه في غير حال البول من باب أَوْلَى؛ لأنه في حال البول رُبَّما يحتاج إِلى مسِّه، فإِذا نُهي في الحال التي يحتاجَ فيها إلى مسّه فالنهيُ في غيرها أَوْلَى[(نظر: «فتح الباري» (1/254)،)].
س" مالأحوط الذي أخذ به الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي؟
وكلا الاستدلالين له وَجْهٌ، والاحتمالان واردان، والأحوط أن يتجنَّب مسَّهُ مطلقاً، ولكن الجزم بالكراهة إِنَّما هو في حال البول للحديث، وفي غير حال البول محلُّ احتمال، فإذا لم يكن هناك داعٍ ففي اليد اليُسرى غنيةٌ عن اليد اليمنى.
وتعليل الكراهة: أنه من باب إكرام اليمين.

ابو وليد البحيرى
2024-11-11, 01:59 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

7-ومما يكره استقبَالُ النَّيِّرَيْن،.. ....
س"ماحكم استقبال الشمس والقمر حال قضاء الحاجة؟
«واستقبال النَّيِّرَين» ، يعني يُكْرَهُ استقبالُ الشَّمس والقمر حال قضاء الحاجة، وليس هناك دليل صحيح، بل تعليل وهو: لما فيهما من نور الله، وهذا النُّور الذي فيهما ليس نورَ الله الذي هو صفته، بل هو نورٌ مخلوق.
س" مالذي اختاره الشيخ في استقبَالُ النَّيِّرَيْن حال قضاء الحاجة؟
وفي هذا نَظر! لأن مقتضاه كراهة استقبال النُّجوم مثلاً، فإِذا قلنا بهذا قلنا: كلُّ شيء فيه نورٌ وإضاءةٌ يُكرهُ استقبالهُ! ثم إِن هذا التَّعليلَ منقوضٌ بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تستقبلوا القِبلةَ ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرِّقوا، أو غرِّبُوا»[( رواه البخاري 144)].
ومعلوم أن من شرَّق أو غرَّب والشَّمس طالعة فإنه يستقبلها، وكذا لو غرَّب والشمسُ عند الغروب. والرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يقل: إلا أن تكون الشمس أو القمر بين أيديكم فلا تفعلوا.
فالصحيح: عدمُ الكراهة لعدم الدَّليل الصَّحيح، بل ولثبوت الدَّليل الدَّالِّ على الجواز.

ابو وليد البحيرى
2024-11-20, 09:38 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س" عدد ما يحرم حال قضاء الحاجة؟
1- ويحرُمُ استقبالُ القبلة واستدبارُها»
س" ماحكم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة ومالدليل؟
«ويحرُمُ "استقبالُ القبلة واستدبارُها» .
الدليل"1- لحديث أبي أيُّوب رضي الله عنه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تستقبلوا القبلة ببولٍ ولا غائط، ولا تستدبروها، ولكن شَرِّقوا، أو غَرِّبوا»، قال أبو أيُّوب: فقدمنا الشَّام فوجدنا مراحيض قد بُنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله[(رواه البخاري، كتاب الصلاة:394)].
2-وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تستقبلوا ولا تستدبروا» نَهيٌ، والأصلُ في النهي التَّحريم.
وجه الدلالة"والحديث يفيد أن الانحرافَ اليسير لا يكفي؛ لأنه قال: «ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا»، وهذا يقتضي الانحراف التَّام. ولكن: «شرِّقوا أو غرِّبوا» لقوم إِذا شرَّقوا أو غربوا لا يستقبلون القِبْلة، ولا يستدبرونها كأهل المدينة، فإنَّ قبلتهم جهة الجنوب، فإِذا شرَّقوا، أو غرَّبوا صارت القبلة إما عن أيمانهم، أو عن شمائلهم، وإِذا شرَّق قوم أو غرَّبوا، واستقبلوا القبلة، فإِن عليهم أن يُشَمِّلُوا، أو يُجَنِّبوا.
وأما التَّعليل: فهو احترام القِبْلة في الاستقبال والاستدبار.
س" ماحكم استقبال القبلة واستدبارها في غير بُنْيَان ............
قوله: «في غير بُنْيَان» ، هذا استثناءٌ، يعني: إِذا كان في بنيان فيجوز الاستقبال والاستدبار؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «رَقِيْتُ يوماً على بيت أختي حفصة، فرأيت النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قاعداً لحاجته مستقبلَ الشَّام مستدبر الكعبة»[( رواه البخاري، 148)].
وهذا المشهور من المذهب، بل قالوا رحمهم الله: يكفي الحائل وإِن لم يكن بُنياناً، كما لو اتَّجه إلى كَوْمَةٍ من رمل أقامها وكان وراءها، أو إِلى شجرة ما أشبه ذلك[(انظر: «شرح منتهى الإِرادات» (1/33).)].
وقال بعض العلماء: لا يجوز استقبال القبلة، ولا استدبارها بكلِّ حال في البُنيان وغيره، وهو رواية عن أحمد[(انظر: «الإِنصاف» (1/204).)]، قالوا: وهذا مقتضى حديث أبي أيُّوب استدلالاً وعملاً.
أما الاستدلال: فبقولِ الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم.
وأما العمل: فبفعل أبي أيُّوب حين قدم الشَّام فوجد مراحيض بُنيت نحو الكعبة قال: «فَنَنْحَـرِفُ عنها ونستغفر الله»، وهذا يدلّ على أنه لم يرَ هذا كافياً، وهـذا اختيار شيخ الإِسلام[(انظر: «الاختيارات» ص(8).)].
وأجابوا عن حديث ابن عمر بما يلي:
1 ـ أنه محمولٌ على ما قبل النَّهي، والنَّهي يُرَجَّحُ عليه؛ لأن النَّهيَ ناقل عن الأصل، وهو الجواز، والنَّاقل عن الأصل أوْلَى.
2 ـ أن حديث أبي أيُّوب قول، وحديث ابن عمر فعل، والفعل لا يُعارض القولَ؛ لأن فعله صلّى الله عليه وسلّم يحتمل الخصوصية، أو النِّسيان، أو عُذْراً آخر، لكن هذا الاحتمال مردودٌ؛ لأن الأصل الاقتداء والتأسِّي به صلّى الله عليه وسلّم. ثم إِنَّه لا توجد هنا معارضة تامَّة بين القول والفعل، ولو كان كذلك لكان القول بالخُصوصية مُتَّجهاً، بل يمكن حمل حديث أبي أيُّوب على ما إذا لم يكن في البُنيان، وحديث ابن عمر في الاستدبار على ما إذا كانَ في البنيان.
س"مالذي رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة؟
والرَّاجح: أنه يجوز في البُنيان استدبارُ القِبْلة دون استقبالِها؛ لأن النهيَ عن الاستقبال محفوظٌ ليس فيه تفصيل ولا تخصيص، والنهيَ عن الاستدبار خُصِّصَ بما إِذا كان في البُنيان؛ لفعل النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم.
وأيضاً: الاستدبار أهونُ من الاستقبال؛ ولهذا جاء ـ والله أعلم ـ التخفيفُ فيه فيما إِذا كان الإِنسان في البُنْيان.
والأفضل: أن لا يستدبرها إِن أمكن.
س"متى يكون استقبل القبلة حراماً موتي يكون واجباً ومتى يكون مكروهاً ومتى يكون مستحباً؟
واستقبال القبلة قد يكون حراماً كما هنا، وقد يكون واجباً كما في الصَّلاة، وقد يكون مكروهاً كما في خطبة الجمعة، فإنه يكره للخطيب أن يستقبل القِبْلة ويجعل النَّاس وراءه، وقد يكون مستحبًّا كالدُّعاء والوُضُوء حتى قال بعض العلماء: إِن كُلَّ طاعةٍ الأفضلُ فيها استقبالُ القبلة إلا بدليل[(انظر: «الفروع» (1/152).)]. ولكن في هذا نظر! لأنَّنا إِذا جعلنا هذه قاعدةً، فإِنَّ هذا خلاف المعروف من أنَّ الأصل في العبادات الحظر.

ابو وليد البحيرى
2024-11-25, 12:45 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

2- مما يحرم ولُبْثُه فَوقَ حاجته،............
س" ماحكم اللبث فوق الحاجة مع الدليل ؟
«ولُبْثُه فوق حاجته» ، أي: يحرم، ويجب عليه أن يخرج من حين انتهائه،.
وعلَّلوا ذلك بعِلَّتين[(نظر: «كشاف القناع» (1/63)]:
الأولى: أن في ذلك كشفاً للعورة بلا حاجة.
الثَّانية: أن الحُشُوشَ والمراحيض مأوى الشَّياطين والنُّفوس الخبيثة فلا ينبغي أن يبقى في هذا المكان الخبيث.
وتحريمُ اللُّبث مبنيٌّ على التَّعليل، ولا دليلَ فيه عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا قال أحمد في رواية عنه: «إِنه يُكره، ولا يحرم»[( انظر: «الإِنصاف» (1/193).)].
3-مما يحرم وبولُه في طريقٍ، وظِلٍّ نافعٍ،............
س"ماحكم البول في الطريق والظل النافع وتحت شجرة ومالدليل؟
«وبولُه في طريق» ، أي: يحرم، والغائط من باب أَوْلَى؛.
الدليل" 1-لما رواه مسلمٌ أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «اتقوا اللَّعَّانَيْن» ، قالوا: وما اللَّعَّانان يا رسول الله؟ قال: «الذي يتخلَّى في طريق النَّاس، أو في ظلِّهم»[( رواه مسلم،269)].
2-وفي سنن أبي داود رحمه الله تعالى: «اتقوا الملاعن الثلاث: البِرَاز في الموارد، وقارعة الطَّريق، والظِّلّ»[( قال الألباني الحديث له شواهد يرقي بها إلي درجة الحسن علي أقل الأحوال الإرواء 62)].
والعِلَّة: أن البول في الطَّريق أذيَّة للمارَّة، وإِيذاء المؤمنين محرَّمٌ، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْمًا مُبِيناً *} [الأحزاب] .
قوله: «وظِلٍّ نافع» ، أي: يَحْرُمُ أن يبولَ أو يتغوَّط في ظلٍّ نافع، وليس كُلُّ ظل يحرم فيه ذلك، بل الظلُّ الذي يستظِلُّ به النَّاسُ، فلو بال أو تغوَّط في مكان لا يُجلسُ فيه؛ فلا يُقال بالتَّحريم.
والدَّليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أو في ظِلِّهم»، يعني: الظِّلَّ الذي هو محلُّ جلوسهم، وانتفاعهم بذلك.
وقال بعض أهل العلم: مثلُه مَشْمَسُ النَّاس في أيام الشِّتاء[(انظر: «كشاف القناع» (1/64).)]، يعني: الذي يجلسون فيه للتَّدفئة، وهذا قياس صحيح جَليٌّ.
وقال بعض أهل العلم: إلا إذا كانوا يجلسون لِغِيْبَة، أو فعل محرَّم جاز أن يفرِّقهم، ولو بالبول، أو الغائط. وفي هذا نظر؛ لعموم الحديث؛ ولأن لا فائدة من ذلك، لأنهم إِذا علموا أنه تغوَّط أو بال في أماكن جلوسهم فإنهم يزيدون شرًّا، وربَّما يتقاتلون معه.
والطَّريق السَّليم أن يأتي إليهم وينصحهم.

ابو وليد البحيرى
2024-11-30, 08:34 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

4- ومما يحرم البول والتغوط تحت شجرةٍ عليها ثَمرةٌ.
قوله: «وتحت شجرةٍ عليها ثَمرةٌ» ، يعني يحرم البولُ والتغوُّط تحت شجرة عليها ثمرة، وأفادنا رحمه الله بقوله: «تحت» أنه لا بُدَّ أن يكون قريباً منها، وليس بعيداً.
وقوله: «ثمرة» أطلق المؤلِّف رحمه الله الثمرة، ولكن يجب أن تُقيَّد فيُقال: ثمرة مقصودة، أو ثمرة محترمة.
والمقصودةُ هي التي يقصدها النَّاس، ولو كانت غير مطعومة، فلا يجوز التبوُّل تحتها أو التغوُّط، لأنَّه ربما تسقط فتتلوَّث بالنَّجاسة، ولأن من قصد الشَّجرة ليصعد عليها، فلا بُدَّ أن يمرَّ بهذه النَّجاسة فيتلوّثَ بها، والمحترمة كثمرة النَّخل، ولو كانت في مكان لا يقصده أحدٌ فلا يبول ولا يتغوَّط تحتها ما دامت مثمرة، لأن التَّمر طعام محترم، وكذلك غيرها من الأشجار التي تكون ثمرتها محترمة لكونها طعاماً؛ فإِنه لا يجوز التبوُّل والتغوُّط تحتها.
س"هناك أشياء لا يجوز البول فيها ولا التغوُّط غير ما ذكره المؤلِّف فما هي ومالدليل؟
1-كالمساجد" الدليل"1-ولهذا قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم للأعرابي: «إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشيءٍ من هذا البول ولا القَذَر؛ إِنَّما هي لذكر الله عزّ وجل والصَّلاة، وقراءة القرآن»[(رواه مسلم،285)]، وكذلك المدارس، فكلُّ مجتمعات النَّاس لأمر دينيٍّ أو دنيويٍّ لا يجوز للإِنسان أن يتبوَّلَ فيها أو يتغوَّط.
والعِلَّةُ: القياسُ على نهي النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عن البول في الطُّرقات، وظِلِّ النَّاس.
وكذلك: الأذيَّة التي تحصُل للمسلمين في أي عمل كان قوليًّا أو فعليًّا لعموم قوله تعالى:2- {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْمًا مُبِيناً *} [الأحزاب] .
2- ومما لايجوز البول والتغوط فيها المُسْتَحَمُّ "الذي يستحِمُّ النَّاسُ فيه فلا يجوز التغوّط فيه، لأنَّه لا يذهب. أما البول فجائز، لأنه يذهب؛ مع أنَّ الأَوْلَى عدمه، لكن قد يحتاج الإِنسان إلى البول كما لو كانت باقي الحمَّامات مشغولة.

ابو وليد البحيرى
2024-12-05, 12:59 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"الإنسان إِذا قضى حاجته لا يخلو من ثلاث حالات عددها مع الدليل؟
الأولى: أنْ يستنجيَ بالماء وحده. وهو جائز على الرَّاجح، وإِن وُجِدَ فيه خلافٌ قديم من بعض السَّلف[(انظر: «المغني» (1/207))] حيث أنكر الاستنجاء وقال: «كيف ألوِّثُ يدي بهذه الأنتان والقاذورات»[(انظر «المصنف» لابن أبي شيبة،)]، والصَّحيح الجواز، وقد انعقد الإِجماع بعد ذلك على الجواز.
ودليل ذلك: حديث أنس رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلامٌ نحوي إِداوةً من ماء وعَنَزَةً؛ فيستنجي بالماء[(رواه البخاري،152)].
وأما التَّعليل: فلأن الأصل في إزالة النَّجاسات إِنما يكون بالماء، فكما أنك تزيلُ النَّجاسة به عن رجلك، فكذلك تزيلُها بالماء إِذا كانت من الخارج منك.
الثانية: أن يستنجيَ بالأحجار وحدها.
والاستنجاءُ بالأحجار مجزئ دَلَّ على ذلك قول الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم وفعله:
1-أما قوله: فحديث سلمان رضي الله عنه قال: «نهانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن نستنجيَ بأقلَّ من ثلاثةِ أحْجَار»[(رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب الاستطابة، رقم (262).
2-وأما فعله: 1-فكما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أتى الغائط، وأمره أن يأتيه بثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين ورَوْثة، فأخذ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الحجرين، وألقى الرَّوثة وقال: «هذا رِكْسٌ»[(رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب لا يستنجي بروثٍ، رقم (156).)]، وفي رواية: «ائتني بغيرها»[(رواه الدارقطني في «سننه» (1/55))].
2-وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه جمع للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أحجاراً، وأتى بها بثوبه؛ فوضعها عنده؛ ثم انصرف[(رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب الاستنجاء بالحجارة، رقم (155).)]. فدلَّ على جواز الاستجمار.
وهذا مما يدلِّل لقول شيخ الإسلام رحمه الله أن النَّجاسة إِذا زالت بأي مزيل كان طَهُرَ المحلُّ[(انظر: «مجموع الفتاوى» (21/475))]. وهذا أقرب إلى المنقول والمعقول من قول من قال: لا يزيل النَّجس إِلا الماء الطَّهُور.
الثالثة: أن يستنجيَ بالحجر ثم بالماء.
وهذا لا أعلمه ثابتاً عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، لكن من حيث المعنى لا شكَّ أنه أكمل تطهيراً.
س" متي يجزيء الإستجمار ومتي لا يجزيء؟
اشترط المؤلِّفُ للاستجمار شروطاً: الشَّرط الأول أشار إِليه بقوله: «إِن لم يَعْدُ الخارجُ موضعَ العادةِ»، أي: الذي جرت العادة بأن البول ينتشر إليه من رأس الذَّكَر، وبأن الغائط ينتشر إليه من داخل الفَخذين، فإن تعدَّى موضع العادة فلا يجزئ إِلا الماء، وليس هناك دليلٌ على هذا الشَّرط؛ بل تعليل، وهو أن الاقتصار على الأحجار ونحوِها في إِزالة البول أو الغائط خرج عن نظائره؛ فيجب أن يُقتصر فيه على ما جرت العادة به، فما زاد عن العادة فالأصل أن يُزال بالماء.
وظاهر كلام المؤلِّفِ: أن الذي لم يتعدَّ موضع العادة يجزئ فيه الاستجمار، والمتعدِّي لا بُدَّ فيه من الماء.
وقال بعض أصحاب أحمد رحمه الله: إِذا تعدَّى موضعَ الحاجة لم يَجُزْ في الجميع إِلا الماء[(انظر: «الإِنصاف» (1/216).)]، لأنه لمَّا لم يتمَّ الشَّرطُ فسد الكُلُّ.
ولو قال قائل: إن ما يتعدَّى موضعَ العادة بكثير، مثل أن ينتشر على فخذه من البول فإِنه لا يجزئ فيه إلا الماء؛ لأنَّه ليس محلَّ الخارج ولا قريباً منه، وأما ما كان قريباً منه فإنه يُتَسامح فيه فلعلَّه لا يُعارض كلام الفقهاء رحمهم الله.
س"مالذي يشترط للإستجمار بأحجار ونحوها؟
«ويُشترَطُ للاستجمار بأحجارٍ ونحوها» ، الأحجار جمع حجر.
«ونحوها» مثل: المَدَرَ؛ وهو: الطِّين اليابس المتجمِّد، والتُّراب، والخِرَق، والورق، وما أشبه ذلك كالخشب.

ابو وليد البحيرى
2024-12-14, 10:16 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"مالذي يشترط للإستجمار بأحجار ونحوها؟
«ويُشترَطُ للاستجمار بأحجارٍ ونحوها» ، الأحجار جمع حجر.
«ونحوها» مثل: المَدَرَ؛ وهو: الطِّين اليابس المتجمِّد، والتُّراب، والخِرَق، والورق، وما أشبه ذلك كالخشب.
1-: «أن يكون طاهراً» ، يعني: لا نجساً، ولا متنجِّساً، والفرق: أن النَّجِسَ: نجس بعينه، والمتنجِّس: نجس بغيره، يعني طرأت عليه النَّجاسة.
والدَّليل: حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ألقى الرَّوثة وقال: «هذا رِكْسٌ». والرِّكْسُ: النَّجِسُ.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يُستنجى بعظمٍ أو رَوث وقال: «إِنهما لا يُطهِّران»[( رواه ابن عدي (4/356) (ترجمة سلمة بن رجاء))]، فدلَّ على أن المُسْتَنجَى به لا بُدَّ أن يكون طاهراً.
ومن التَّعليل: أن النَّجس خبيث، فكيف يكون مطهِّراً.
2- أن يكون مُنْقِياً ..........
قوله: «مُنْقِياً» ، يعني يحصُل به الإنقاء، فإِن كان غير مُنْقٍ لم يجزئ، .
لأن المقصود بالاستجمار الإِنقاء، بدليل أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نَهَى أن يُستنجى بأقلَّ من ثلاثة أحجار. ولأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الذي يُعذَّبُ في قبره: «إِنَّه لا يَسْتَنْزِهُ من بوله رقم (292) عن ابن عباس.»[( رواه مسلم)]، أو «لا يَسْتَتِرُ»[( رواه البخاري،216)]، أو «لا يَسْتَبْرِئُ من البول»[( رواه ابن عساكر، كما ذكر الحافظ ابن حجر في «الفتح» شرح حديث رقم (218).)]، ثلاث روايات.
والذي لا يُنقي: إِما لا يُنقي لملاسته، كأن يكون أملساً جدًّا، أو لرطوبته، كحجر رَطْب، أو مَدَر رطب، أو كان المحلُّ قد نَشِفَ؛ لأنَّ الحجر قد يكون صالحاً للإنقاء لكنَّ المحلَّ غير صالح للإِنقاء.
3- أن يكون غيرَ عَظْمٍ وَرَوْثٍ،..........
والدَّليل على ذلك" أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يُستنجَى بالعظم أو الروث، كما في حديث ابن مسعود، وأبي هريرة (رواه أبو داود، كتاب الطهارة36) ، وسلمان (، ورويفع، وغيرهم رضي الله عنهم.
والتَّعليل: أنه إِن كان العَظْمُ عظمَ مُذَكَّاة، فقد بَيَّنَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّ هذا العظم يكون طعاماً للجِنِّ؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: «لكم كلُّ عظم ذُكِرَ اسمُ الله عليه، يقع في أيديكم أوفَرَ ما يكونُ لحماً»[( رواه مسلم،450)]، ولا يجوز تنجيسه على الجِنِّ، وإِن كان عظم ميتة فهو نجس فلا يكون مطهِّراً.
والرَّوث: نستدلُّ له بما استدللنا به للعظم.
وأما العِلَّة" فإِن كان طاهراً فهو عَلَفُ بهائم الجِنِّ؛ وإِن كان نجساً لم يصلح أن يكون مطهِّراً.
4-أن لا يكون طعامٍ، ومُحْترمٍ، ومتَّصلٍ بحيوانٍ،...........
س" مالأشياء التي لا يجوز الإستجمار بها؟
1- «وطعامٍ» ، يعني طعام بني آدم، وطعام بهائمهم، فلا يصحُّ الاستنجاء بهما. والدَّليل: أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم" نهى أن يُستنجَى بالعظم، والرَّوث، لأنَّهما طعام الجِنِّ، ودوابهم." والإِنس أفضل، فيكون النهي عن الاستجمار بطعامهم وطعام بهائمهم من باب أوْلى.
كما أن فيه محذوراً آخر، وهو الكفر بالنِّعمة؛ لأن الله تعالى خلقها للأكل؛ ولم يخلقها لأجل أن تُمتهن هذا الامتهان.
فكُلُّ طعام لبني آدم، أو بهائمهم، فإنَّه حرام أن يُستَجْمَرَ به. وظاهر كلام المؤلِّف: ولو كان فَضْلَةَ طعام ككِسْرَةِ الخُبز.
2- «ومحترم» ، المحترم ما له حُرمة، أي تعظيم في الشَّرع، مثل: كُتب العلم الشَّرعي، والدَّليل "1-قوله تعالى: {ذَلِكَ ومَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ *} [الحج] .
2-وقوله: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] .
والتَّقوى واجبة، فمن أجل ذلك لا يجوز أن يَستجمرَ الإنسان بشيءٍ محترم.
وظاهر كلام المؤلِّف: ولو كان مكتوباً بغير العربية ما دام أنَّ موضوعه موضوعٌ محترمٌ.
3-: «ومتَّصلٍ بحيوان» ، يعني: المتَّصل بالحيوان لا يجوز الاستجمار به، لأن للحيوان حُرمة؛ مثل: أن يستجمر بذيل بقرة، أو أُذُن سَخْلة، وإِذا كان علفُها يُنهى عن الاستجمار به، فكيف بالاستجمارِ بها نفسها؟!
س"فإِن قِيل: يلزمُ على هذا التَّعليل أنْ لا يجوز الاستنجاءُ بالماء؛ لأنَّ اليد سوفَ تُباشر النَّجاسة؟
فالجواب: أن هذا قد قال به بعض السَّلف، وقال: إن الاستنجاء بالماء من غير أن يتقدَّمه أحجارٌ لا يجوز ولا يجزئ؛ لأنك تلوِّث يدك بالنَّجاسة..
تضعيف الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي للقول بأنه لا يجوز الاستنجاء من غير أن يتقدمه ماء"
وهذا قولٌ ضعيفٌ جداً، وتردُّه السُّنَّة الصَّحيحةُ الصَّريحةُ أنَّه صلّى الله عليه وسلّم كان يقتصرُ على الاستنجاء.
أما مباشرة اليد النَّجاسة فإِن هذه المباشرة ليست للتَّلوُّث بالخَبَثِ بل لإزالته والتَّخلص منه، ومباشرةُ الممنوع للتَّخلص منه ليست محظورةً بل مطلوبةً، ألا ترى أنه إذا كان الإِنسان مُحْرِماً، ووضع عليه شخص طيباً، فإِنَّ استدامة هذا الطِّيب حرام، ويجب عليه أن يُزيلَه، ولا شيء عليه بمباشرته إِيَّاه لإِزالته.
س" هل يأثم الإنسان بمباشرته الشيء المحرم للتخلص منه؟
لو أن رجلاً غصب أرضاً وأخذ يذهب ويجيء عليها، ثم تذكَّر العذاب وتاب إِلى الله توبة نصوحاً، ومن شروط التَّوبة الإِقلاعُ عن المعصية فوراً، فإن مروره على هذه الأرض إلى أن يخرجَ لا إثم فيه؛ لأنَّه للتَّخلُّص من الحرام، فمباشرة الشيء الممنوع للتَّخلُّص منه لا يمكن أن يأثم الإنسان به، لأنَّ هذا من تكليف ما لا يُطاق
5-ويشترط ثلاث مسحات.
س" ماعدد المسحات المشترطة في الإستجمارومالدل يل؟
أن يمسح محل الخارج ثلاث مرَّات.
والدَّليل على ذلك: حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه وهو في «صحيح مسلم» قال: «نهى رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم أن نستنجيَ بأقلَّ من ثلاثة أحجار».
س" مالعلة في أمر النبي _صلي الله عليه وسلم_ بثلاثة أحجار؟
والعِلَّة في أمره صلّى الله عليه وسلّم بثلاثة أحجار: لأجل أن لا يُكرِّر الإِنسانُ المسحَ على وجه واحد؛ لأنَّه إِذا فعل ذلك لا يستفيدُ، بل ربما يتلوَّث زيادة.
6- منقية
س" مالمراد بالإنقاء في الحجر؟
الإِنقاء هو أن يرجعَ الحجرُ يابساً غير مبلول، أو يبقى أثرٌ لا يزيله إلا الماء.
س"مالذي يشترط في الإنقاء؟
1-قال بعض العلماء: إذا أنقى بدون ثلاث كفى[(انظر: «المغني» (1/209)،)]؛ لأنَّ الحكم يدور مع عِلَّته.
2- ماصححه الشيخ"وهذا القول يُرَدُّ بأنَّه صلّى الله عليه وسلّم نهى أن نستنجيَ بأقلَّ من ثلاثة أحجار، وإِذا نهى عن ذلك فإِنَّه يجب أن لا نقع فيما نهى عنه.
وأيضاً: الغالب أنَّه لا إِنقاء بأقلَّ من ثلاثة أحجار؛ ولأنَّ الثَّلاثة كمِّيَّةٌ رتَّبَ عليها الشَّارع كثيراً من الأحكام.

ابو وليد البحيرى
2024-12-23, 06:06 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"مالذي يشترط في الإنقاء؟
1-قال بعض العلماء: إذا أنقى بدون ثلاث كفى[(انظر: «المغني» (1/209)،)]؛ لأنَّ الحكم يدور مع عِلَّته.
2- ماصححه الشيخ"وهذا القول يُرَدُّ بأنَّه صلّى الله عليه وسلّم نهى أن نستنجيَ بأقلَّ من ثلاثة أحجار، وإِذا نهى عن ذلك فإِنَّه يجب أن لا نقع فيما نهى عنه.
وأيضاً: الغالب أنَّه لا إِنقاء بأقلَّ من ثلاثة أحجار؛ ولأنَّ الثَّلاثة كمِّيَّةٌ رتَّبَ عليها الشَّارع كثيراً من الأحكام.
س" هل يجزيء الحجر الواحد إذا ذي شعب ومالذي رجحه الشيخ؟
1-؛ بعض العلماء قال: لا بُدَّ من ثلاثة أحجار[(انظر: «الإِنصاف» (1/230)، «المحلى» (1/95))]؛ مقتصراً في ذلك على الظَّاهر من الحديث،
والراجح" في ذلك ماذهب إليه المؤلف رحمه الله لأن العلة معلومة فإذا كان الحجر ذا شعب واستجمر بكل جهة منه صح.
وقال بعض العلماء" عن الرسول اشترط ثلاث مسحات أو أحجار لأجل أن يكون حجر للصفحة اليمني وآخر لليسري وأخر لحلقة الدبر
س" مالذي رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في عدد المسحات والأحجار المستجمر بها؟
الصحيح أنه يشترط ثلاث مسحات تعم المحل ولو كان الحجر ذا جوانب فيمسح من جانب مره ومن جانب مرة وهكذا ثلاث مسحات وذلك لأن الشرع معان لامجرد ألفاظ .
س" مالذي يسن في الإستجمار ومالدليل ؟
«ويُسَنُّ قَطْعُه على وِتْرٍ» ، يعني: قطع الاستجمار، والمُراد عددُه، فإِذا أنْقَى بأربعٍ زاد خامسة، وإِذا أنقى بستٍّ زاد سابعة، وهكذا.
والدَّليل: ما ثبت في «الصَّحيحين» أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من استجمرَ فليوتِرْ»[( رواه البخاري،161)]، واللام للأمر.
س"فإن قال قائل: الأصل في الأمر الوجوب، فهل هذا يقتضي وجوب الإِيتار.؟
فالجواب: نعم؛ الأصل في الأمر الوجوب، فإن أُريد بالإِيتار الثَّلاثُ فالأمر للوجوب؛ لحديث سلمان ، وإِن أريدَ ما زاد على الثَّلاث فالأمر للاستحباب بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من استجمرَ فليوتِرْ، مَنْ فعل فقد أحسنَ؛ ومَنْ لا فلا حَرَج»[( ضعفه الألباني كما في ضعيف الإرواء9)].
س" قال المؤلف رحمه الله «ويجبُ الاستنجاءُ لكُلِّ خارج إِلا الريحَ» هل المرادُ هنا تطهير المحلِّ بالماء أو بما هو أعمُّ من ذلك ومالدليل؟
الجواب: أَنه عامٌّ، يعني أن تطهيرَه بالماء أو بالأحجار واجب.
والدَّليل:1- أمرُهُ صلّى الله عليه وسلّم عليَّ بنَ أبي طالب أن يغسلَ ذكرَه لخروج المَذِي[(رواه البخاري،269)]، والمذيُ نجس.
2- حديث سلمان: «أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن لا نستنجيَ بأقلَّ من ثلاثة أحجار..
س" مالأشياء التي يجب الاستنجاء لها ؟
وقوله: «لكُلِّ خَارجٍ» أي من السَّبيلين، .
س" مالذي يستثني مما يجب له الاستنجاء؟
1-مما يُستثنى من ذلك الرِّيحُ؛" لأنها لا تُحدِثُ أثراً فهي هواءٌ فقط، وإِذا لم تُحدث أثراً في المحلِّ فلا يجب أن يُغسَلَ؛ لأن غسله حينئذٍ نوع من العبث، وسواء كان لها صوت أم لا فهي طاهرة، وإِن كانت رائحتها خبيثة.
س" هل الريح طاهرة أم نجسة؟
1-قال بعض العلماء: إِن الرِّيحَ نجسةٌ فيجب غَسْلُ المحلِّ منها[(انظر: «الإِنصاف» (1/234، 235).)].
2- ماصححه الشيخ رحمه الله" أنَّها طاهرةٌ؛ لأنها ليس لها جِرْمٌ.
ويترتَّب على هذا أنَّه لو خرجت منك وثيابك مبلولة فإِنها ستلاقي رطوبة.
2-يُستثنى من ذلك أيضاً المنيُّ؛" وهو خارجٌ من السَّبيل فهو داخل في عموم قوله: «لكُلِّ خَارجٍ» لكنَّه طاهرٌ، والطَّاهر لا يجب الاستنجاء له.
3-ويُستثنى أيضاً غيرُ المُلَوِّثِ ليُبُوسَتِه،" فإِذا خرج شيءٌ لا يُلوِّثُ ليُبُوسَتِه فلا يُستَنْجى له؛ لأن المقصودَ من الاستنجاء الطَّهارةُ، وهنا لا حاجة إلى ذلك.
س"هل إذا خرج شيءٌ نادرٌ كالحصاة يجب له الاستنجاء؟
إِنْ لوَّثت وجب الاستنجاءُ؛ لدخولها في عموم كلام المؤلِّف، وإِذا لم تلوِّث لم يجبْ لعدم الحاجة إليه.
س" ماحكم الوضوء والتيمم قبل الاستنجاء والإستجمار ومالدليل؟
قوله: «ولا يصحُّ قبلَه وُضُوءٌ ولا تيمُّمٌ» ، يعني: يُشترطُ لصحَّة الوُضوء والتيمُّم تقدم الاستنجاء، أو الاستجمار.
والدَّليل "فعلُ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فإِنَّه كان يُقدِّمُ الاستجمار على الوُضُوء.
س" هل مجرد الفعل يدلُّ على الوجوب؟
الرَّاجحُ عند أهل العلم" أن مجرَّد الفعل لا يقتضي الوجوب؛ إِلا إذا كان بياناً لمجمل من القول يدل على الوجوب؛ بناءً على النَّصِّ المبيَّن[(انظر: «مجموع الفتاوى» (22/567)
س" مالذي صححه الشيخ رحمه الله في ذلك؟
أما مجرَّدُ الفعل: فالصَّحيح أنَّه دالٌ على الاستحباب،.
س" بما استدل الحنابلة علي القول بالوجوب؟
استدل فقهاء الحنابلة علي الوجوب"
1-بقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لعليٍّ رضي الله عنه: «يغسُل ذَكَرَه ويتوضَّأ»[(مسلم303)]،.
وجه الدلالة" قالوا: قَدَّمَ ذِكْرَ غَسْلِ الذَّكَر، والأصل أن ما قُدِّمَ فهو أسبق[(انظر: «كشاف القناع» (1/70، 71).)]،.
2-ويدلُّ لذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم حين أقبل على الصَّفا: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}؛.
3-أبْدَأُ بما بَدَأ اللَّهُ به»[( انظر: «كشاف القناع» (1/70، 71).1218)]، ولكن هذه الرِّواية في «مسلم» يعارضها رواية «البخاري» و«مسلم» حيث قال: «توضَّأ وانضحْ فرجك»[(240)] فظاهرهما التَّعارض؛ لأنَّ إِحدى الرِّوايتين قَدَّمَتْ ما أخَّرتَه الأخرى.
س" كيف نجمع بين الروايتين( البخاري«توضَّأ وانضحْ فرجك» ومسلم أبْدَأُ بما بَدَأ اللَّهُ به» ؟
الجمع بينهما أن يُقالَ: إِن الواو لا تستلزم التَّرتيب.
فأما رواية النَّسائي: «يغسلُ ذَكَره ثم ليتوضَّأ»[( ] رواه النسائي، كتاب الغسل: باب الوضوء من المذي (الاختلاف على بُكير))]، وهذه صريحة في التَّرتيب. فقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أنها منقطعة، والانقطاع يضعِّفُ الحديث، فلا يُحتَجُّ بها.
س"للإمام أحمد في هذه المسألة روايتان اذكرهما؟
الأولى: أنَّه يصحُّ الوُضُوءُ والتيمُّمُ قبل الاستنجاء.
الثانية: أنَّه لا يصحُّ وهي المذهب.
س"ما رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في صحة الوضوء والتيمم قبل الاستنجاء؟
وهذه المسألة إِذا كان الإِنسانُ في حال السَّعَة فإِننا نأمره أولاً بالاستنجاء ثم بالوُضُوء، وذلك لفعل النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وأما إِذا نسيَ، أو كان جاهلاً فإِنه لا يجسر الإِنسان على إِبطال صلاته، أو أمره بإِعادة الوُضُوء والصَّلاة.
انتهي باب الاستنجاء بحمد الله ومنه ويتبعه إن شاء الله تعالي باب السواك

ابو وليد البحيرى
2024-12-29, 05:18 AM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

بابُ السِّواكِ وسُنَنِ الوُضُوءِ
س" مالمقصود بالسواك؟
السِّواك: فِعَال من ساك يسُوك، أو مِنْ تسوَّك يتسوَّكُ، فهو على الثَّاني اسم مصدر يُطلق على الآلة التي هي العُود فيُقال: هذا سواكٌ من أراك، كما يقال: مِسْواك، ويُطلق على الفعل ويُقال: السِّواك سُنَّةٌ، أي: التَّسوُّك الذي هو الفعل.
س"ما مناسبة قرن العلماء بين السواك وسنن الوضوء؟
1-بعضُ العلماء قال: باب السِّواكِ وسُنَنِ الفِطْرة، والمناسبة أنَّ السِّواك من الفِطْرة.
2-وبعضهم قال: باب السِّواكِ وسُنَنِ الوُضُوء؛ لأنَّه لما كان السِّواك من سُنَنِ الوُضوء قَرَنَ بقيةَ السُّنن بالسِّواك، وإِلا فالأصل أن السُّنَنَ تُذْكَرُ بعد ذِكْرِ الواجبات والأركان، كما فعلوا ذلك في كتاب الصَّلاة.
س" لما قُدِّمَ السواكُ على الوُضُوء؟
قُدِّمَ السواكُ على الوُضُوء وهو من سُنَنِه لوجهين:
الأول: أنَّ السِّواك مَسْنُون كلَّ وقت، ويتأكّد في مواضع أخرى غير الوُضُوء.
الثاني: أنَّ السِّواك من باب التطهير فله صِلَةٌ بباب الاستنجاء.
س" بما يكون التسوك ومالذي يشترط فيه؟
1-يكون التسوك«بعود»
وقوله: «بعودٍ» دخل فيه كلُّ أجناس العيدان؛ سواء كانت من جريد النَّخل، أو من عراجينها، أو من أغصان العنب أو من غير ذلك.
س" ماذا خرج بقوله(«عُود»؟
خرج بقوله: «عُود» التَّسوُّكُ بخِرْقَةٍ، أو الأصابعُ، فليس بسُنَّة على ما ذهب إليه المؤلِّف وهو المذهب.
2- «ليِّنٍ» ، خرج به بقيَّةُ الأعواد القاسية؛ فإنه لا يُتسوَّكُ بها؛ لأنها لا تفيد فائدةَ العود الليِّن، وقد تضرُّ اللِّثَةَ إِن أصابتها، والطَّبقة التي على العظم في الأسنان.
3-: «مُنْقٍ» ، خرج به العُودُ الذي لا شعر له، ويكون رطباً رطوبة قويَّة، فإنه لا يُنقي لكثرة مائه وقِلَّة شعره التي تؤثِّرُ في إِزالة الوَسَخ.
4-: «غَيْرِ مُضرٍّ» ، احترازاً مما يُضِرُّ كالرَّيحان، وكُلّ ما له رائحة طيِّبة؛ لأنَّه يؤثِّر على رائحة الفم؛ لأن هذه الريح الطيِّبة تنقلب إلى ريح خبيثة.
5- «لا يَتَفَتَّتُ» ، معناه لا يتساقط، لأنه إِذا تساقط في فمك ملأه أذى.

ابو وليد البحيرى
2025-01-02, 12:04 PM
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب)



أم محمد الظن

س"ماحكم التسوك بالإصبع والخرقة؟
1- المؤلف رحمه الله تعالي "لا يُسَنُّ التَّسوُّكُ بالأصبع، ولا تحصُل به السُّنَّةُ، سواء كان ذلك عند الوُضُوء أو لم يكن..
2-وقال بعض العلماء" ومنهم الموفَّق صاحب «المقنع»، وابن أخيه شارح «المقنع»: إِنه يحصُل من السُّنِّيَّة بقدر ما حصل من الإِنْقاء[(] انظر: «المغني» (1/137)،)].
س"ماتوجيه الشيخ ابن عثيمين رحمه_ الله_ في التسوك بالإصبع والخرقة؟
وقد رُوي عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة الوُضُوء أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: «أدخل بعضَ أصابعه في فيه...»[( رواه أحمد (1/158) وإِسناده ضعيف،)]،
وجه الدلالة" يدلُّ على أن التَّسوُّك بالأصبع كافٍ، ولكنَّه ليس كالعُود؛ لأن العود أشدُّ إِنقاءً. لكن قد لا يكون عند الإنسان في حال الوُضُوء شيء من العيدان يَستاكُ به، فنقول له: يجزئ بالأصبع.
س" كيف تكون الخرقه؟
أن يجعل الخِرْقَة على الأصبع ملفوفة ويتسوَّك بها، والإِنقاء بالخِرْقَة، أبلغُ من الإِنقاء بمجرَّد الأصبع.
س" ماقول العلماء إذا كان الإصبع خشناً؟
قال بعضُ العلماء: إن كان الإصبع خشناً أجزأ التَّسوُّك به، وإِن كان غير خشنٍ لم يجزئ[(انظر: «المجموع شرح المهذب» (1/282).)]. فَمَنْ قال: إِن الأصبع تحصُل به السُّنَّة قال: إِن الخِرْقَة من باب أولى.س"ماحكم السواك ؟
قوله: «مَسْنُون» ، هذا خبر قوله: «التَّسوُّك».
س" مالمراد بالمسنون عند العلماء ومالدليل علي سنية السواك؟
والمسنون عند العلماء: كلُّ عبادة أُمِرَ بها لا على سبيل الإِلزام.
فقولنا: لا على سبيل الإِلزام، لأنَّه إِن كان على سبيل الإِلزام فهو الواجب.
والدَّليل على سُنيَّة السِّواك"
قوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح: «لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسِّواك عند كلِّ صلاة»[( رواه البخاري،887)].
س" ماوجه الدلالة من الحديث؟
فقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتهم...»، يدلُّ على أنه ليس بواجب، لأنه لو كان واجباً لشَقَّ عليهم.
ولا يدلُّ على أنه ليس بمسنون، أو ليس مأموراً به، بل لولا المشقَّة لكان واجباً لأهميَّته.
س" متي يكون السواك ومالدليل؟
«كُلّ وقْتٍ» ، أي: بالليل والنَّهار، والدَّليل" قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في حديث عائشة: «السِّواك مطهرة للفم؛ مرضاة للرَّبِّ»[( رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم،1924)]، فأطلق النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يقيِّد في وقت دون آخر.
س" مافائدة السواك؟
فائدتان عظيمتان:
1 ـ دُنيويَّة"، كونُه مطهرةً للفم.
2 ـ أُخرويَّة"، كونُه مرضاةً للرَّبِّ.
س" مالذي رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في السواك للصائم؟
الرَّاجح أن السِّواك سُنَّةٌ حتى للصَّائم قبل الزَّوال وبعده، ويؤيِّده حديث عامر بن ربيعة ـ والذي ذَكَره البخاريُّ تعليقاً ـ: «رأيت النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَسْتَاك وهو صائمٌ، ما لا أُحصي أو أَعُدُّ»[( رواه البخاري تعليقاً بصيغة التمريض، (1934).)].
س" عدد مواضع تأكد السواك مع الدليل؟
1_: «عِنْدَ صَلاة» ، والدَّليل "قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتهم بالسِّواك عند كلِّ صلاة».
س" ماوجه الدلالة من الحديث؟
فقوله صلّى الله عليه وسلّم: «عند كُلِّ صلاة» أي قُربها، وأما قول بعضهم: «عند الصَّلاة»: إِن المراد به الوُضُوء، فغير صحيح؛ لأن الوُضُوء قد يتقدَّمُ على الصَّلاة كثيراً، ثم إِنَّ للوُضُوء استياكاً خاصًّا، وليس من شروط التَّسوُّك عند الصَّلاة أن يكون الفمُ وسخاً.
س"مالذي يشمله قول المؤلف «عند صلاةٍ»؟
يشمل الفرضَ والنفلَ، وصلاةَ الجنازة لعموم الحديث.
2-ويتأكد عند «انتباهٍ» ، أي يَتَأكَّدُ السِّواكُ عند الانتباه من النَّوم،.
الدَّليلُ" قولُ حُذيفةَ بنِ اليمان رضي الله عنه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إِذا قامَ من الليل يَشُوصُ فاهُ بالسِّواك (يشوص: يغسله ويدلكه بالسِّواك )([(رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب السِّواك، رقم (245))].
وجه الدلالة"
تأكد السواك كما قال المؤلِّف عند الانتباه من النَّوم مطلقاً، بالدَّليل في نوم الليل، وبالقياس في نوم النَّهار.
س" تحدث عن القياس الواضح الجلي ومايعبر به عند شيخ الإسلام؟
واعلم أن القياس الواضح الجليَّ يُعبِّر عنه بعضُ أهل العلم، كشيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله بالعموم المعنوي[(انظر: «مجموع الفتاوى» (6/439).)]، لأنَّ العموم يكون بالألفاظ، وقد يكون بالمعاني، بمعنى أنَّا إِذا تيقَّنَّا أو غلب على ظنِّنا أن هذا المعنى الذي جاء به النَّصُّ يشمل هذا المعنى الذي لم يدخل في النَّصِّ لفظاً؛ فإِننا نقول: دخل فيه بالعموم المعنوي. وإِذا قلنا: إِنَّه ثبت بالقياس الجليِّ فالأمر واضح؛ لأن الشَّريعة لا تفرِّق بين متماثلين.
3-ويتأكد السواك عن تغير الفم"
والدَّليل "قوله صلّى الله عليه وسلّم: «السِّواك مطهرة للفَمِ»
وجه الدلالة"، فمقتضى ذلك أنَّه متى احتاج الفَمُ إِلى تطهير كان مُتَأكّداً.

السليماني
2025-03-09, 01:21 PM
بارك الله فيك ...