ابو وليد البحيرى
2024-06-30, 05:52 PM
آداب الاستفتاء للنساء
وسؤال المرأة لأهل العلم عن أمر دينها مما لا تستغني عنه، وهو من الأسباب التي يباح من أجلها أن تخاطب الأجنبي
كان من شأن الصحابيات استخدام الكناية عند السؤال عمّا يستحى منه، أو رفع الشكوى في أمر خاص إلى من يفصل فيها
تذكري أنّ هذه الضوابط لا تعني أبداً عرقلة المرأة عن البحث والتعلم، فتاريخ أمتنا المسلمة يزدان بنماذج رائعة للمرأة العالمة الفاضلة
فقد أباح الشرع الحنيف للمرأة أن تتكلم مع الرجل الأجنبي لحاجة، أي «لسبب مشروع»، ومن الحاجة: أن تباشر البيع والشراء وسائر المعاملات المالية الأخرى، وما كان في طلب العلم تعلّماً وتعليماً، كأن تسأل المرأة الرجل العالم عن مسألة شرعية، أو أن يسألها الرجل إذا اختصت بعلم دون الرجال في زمانها أو مكانها، فعن ابن أبي مليكة أنه قال: «كانت عائشة رضي الله عنها لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه» أخرجه البخاري. ونقل عن الغزالي: «فلم تزل النساء في زمن الصحابة - رضي الله عنهم - يكلمن الرجال في السَّلام، والاستفتاء، والسؤال، والمشاورة، وغير ذلك».
وسؤال المرأة لأهل العلم عن أمر دينها مما لا تستغني عنه، وهو من الأسباب التي يباح من أجلها أن تخاطب الأجنبي (العالِم) وتسأله عمّا بدا لها، قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (المجادلة: 1)، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: تبارَكَ الَّذي وسِعَ سمعُهُ كلَّ شيءٍ، إنِّي لأسمعُ كلامَ خَولةَ بنتِ ثَعلبةَ ويخفَى علَيَّ بعضُهُ، وَهيَ تشتَكي زَوجَها إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهيَ تقولُ: يا رسولَ اللَّهِ، أَكَلَ شَبابي، ونثرتُ لَهُ بَطني، حتَّى إذا كبُرَتْ سِنِّي، وانقطعَ ولَدي، ظاهرَ منِّي، اللَّهمَّ إنِّي أشكو إليكَ، فما برِحَتْ حتَّى نزلَ جِبرائيلُ بِهَؤلاءِ الآياتِ: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ» رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وزوجها هو أوس بن الصامت رضي الله عنهم أجمعين. ومعنى قوله تعالى: {تُجَادِلُكَ}: تخاصمك وتحاورك وتراجعك في زوجها. (راجع تفسير ابن كثير).
فقد كانت المسارعة إلى استفتاء النبي صلى الله عليه وسلم عمل الصحابيات إذا نزل بهن أمرٌ يجهلنه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: طُلِّقَت خالتي فأرادت أن تجذّ نخلها – تجني ثماره –، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «بلى فجذّي نخلك» (رواه مسلم).
وكنّ يستفتين النبي صلى الله عليه وسلم في أمورهن الخاصة التي يُسْتَحَى منها: جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا رأت الماء. فغطّت أم سلمة - تعني وجهها – وقالت: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟ قال: نعم، تربت يمينك! فبمَ يُشبهها ولدها؟» (أخرجه البخاري)، وفي رواية لمسلم قالت أم سلمة رضي الله عنها: قلت: فضحتِ النساء!
وقول أم سُليم رضي الله عنها: «إنّ الله لا يستحيي من الحق» تقديم وتوطئة للسؤال الذي يُستحيا منه، بل يحسن أن يُقدّم به لمثل هذا السؤال، بدلاً من قول بعض الناس خطأ: «لا حياء في الدِّين» والصحيح: «لا حياء في العلم»، ثم إن هذا القول: «إن الله لا يستحيي من الحق» أي إن الله عز وجل لا يأمر بالحياء في مثل هذا الموضع، فقد يؤدي إلى الامتناع من السؤال والتوقف عن معرفة الحكم، وقد يترتب على ذلك أن تظل المرأة تقيم عبادتها بشكل خطأ، فتأثم بذلك.
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَال: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا». قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: تَطَهَّرِي بِهَا! قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي». فَاجْتَبَذْتُهَ ا إِلَيَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ (رواه البخاري).
ولذلك استحقت الصحابيات المدح نظراً لحرصهن على الخير، وعلى تعلم أمر دينهن مما تصلح به عبادتهن، فعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنِ الدِّينِ وَيَتَفَقَّهْنَ فِيهِ» (أخرجه مسلم).
ويعجزهن الحياء عن التصريح فيلجأن للكناية!
كان من شأن الصحابيات استخدام الكناية عند السؤال عمّا يستحى منه، أو رفع الشكوى في أمر خاص إلى من يفصل فيها، ما دام القاضي أو المفتي حصيفاً يفهم ذلك، ومن ذلك ما ورد عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما، قال: «أنكَحَني أبي امرأةً ذاتَ حسَبٍ، فكان يتعاهَدُ كَنَّتَه فيَسألهُا عن بعلِها، فتقولُ: نِعمَ الرجلُ من رجلٍ، لم يَطَأْ لنا فِراشًا، ولم يَفتِشْ لنا كنَفًا مُذ أتَيناه، فلما طال ذلك عليه، ذكَر للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: «القَني به». فلَقِيتُه بعدُ، فقال: «كيف تصومُ»؟ قلتُ: كلَّ يومٍ، قال: «وكيف تَختِمُ»؟ قلتُ: كلَّ ليلةٍ، قال: «صُمْ في كلِّ شهرٍ ثلاثةً ، واقرَأِ القرآنَ في كلِّ شهرٍ». قال: قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك، قال: «صُمْ ثلاثةَ أيامٍ في الجمُعةِ». قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك ، قال: «أفطِرْ يومينِ وصُمْ يومًا». قال : قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك، قال: «صُمْ أفضلَ الصومِ، صومَ داودَ، صيامَ يومٍ وإفطارَ يومٍ، واقرَأْ في كلِّ سبعِ ليالٍ مرةً». فلَيتَني قَبِلتُ رُخصَةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وذاك أني كَبِرتُ وضَعُفتُ، فكان يَقرَأُ على بعضِ أهلِه السُّبعَ منَ القرآنِ بالنهارِ، والذي يَقرَؤه يَعرِضُه منَ النهارِ، ليكونَ أخَفَّ عليه بالليلِ, وإذا أراد أن يتقَوَّى أفطَر أيامًا، وأحصى وصام أيامًا مثلَهن، كراهيةَ أن يَترُكَ شيئًا فارَق النبيَّ صلى الله عليه وسلم عليه» أخرجه البخاري.
ومن ذلك أيضاً ما حدث مع الإمام أبي حنيفة، فقد روي أن امرأة جاءت إلى حلقة أبي حنيفة - رحمه الله - وألقت إليه بتفاحة جانبها أحمر وجانبها الآخر أصفر، فلم يتكلم الإمام ودعا بسكين ثم شقّ التفاحة إلى نصفين ودفعها إلى المرأة، فشكرته وانصرفت، وتعجب تلاميذ الإمام من الموقف الذي حدث أمامهم، فأخبرهم الإمام أنّ المرأة جاءت تسأل عن حيضها وأنها ترى الدم أحمر تارة وأصفر تارة أخرى، فمتى تطهر؟ فكان تصرف الإمام معناه أنها تطهر إذا رأت القصة البيضاء مثل قلب التفاحة..!! ولخطاب الأجنبي حدود وضوابط.
وأما الهيئة والطريقة التي ينبغي للمرأة أن تكون عليها إذا خاطبت أجنبياً فقد بيّنها الله عزّ وجلّ بأوضح عبارة في كتابه العزيز؛ حيث قال عزّ وجلّ: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32)، قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك، قال السدّي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال؛ ولهذا قال: «فيطمع الذي في قلبه مرض»، أي: دغل، وقلن قولاً معروفاً: قال ابن زيد: قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير. ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها (راجع تفسير ابن كثير للآية)، وجاء في تفسير هذه الآية في (التحرير والتنوير): «فرعٌ على تفضيلهن وترفيع قدرهن. إرشادهن إلى دقائق من الأخلاق قد تقع الغفلة عن مراعاتها لخفاء الشعور بآثارها، ولأنها ذرائع خفية نادرة تفضي إلى ما لا يليق بحرمتهن في نفوس بعض ممن اشتملت عليه الأمة، وفيها منافقوها.
وابتدئ من ذلك بالتحذير من هيئة الكلام، فإن الناس متفاوتون في لينه، والنساء في كلامهن رقة طبيعية، وقد يكون لبعضهن من اللطافة ولين النفس ما إذا انضم إلى لينها الجبلي قربت هيئته من هيئة التدلل؛ لقلة اعتياد مثله إلا في تلك الحالة.
والخضوع: حقيقته التذلل، وأطلق هنا على الرقة لمشابهتها التذلل، وقوله عزّ وجلّ: «تخضعن بالقول»، أي تجعلنه خاضعاً ذليلاً، أي رقيقاً متفككاً. والنهي عن الخضوع بالقول إشارة إلى التحذير مما هو زائد على المعتاد في كلام النساء من الرقة، وذلك ترخيم الصوت، أي ليكن كلامكن جزلاً.
وعطف وقلن قولاً معروفاً على لا تخضعن بالقول بمنزلة الاحتراس، لئلا يحسبن أن الله كلفهن بخفض أصواتهن كحديث السرار.
والقول: الكلام، والمعروف: هو الذي يألفه الناس بحسب العرف العام، ويشمل القول المعروف هيئة الكلام، وهي التي سيق لها المقام، ويشمل مدلولاته أن لا ينتهرن من يكلمهن أو يسمعنه قولاً بذيئاً من باب: فليقل خيراً أو ليصمت. وبذلك تكون هذه الجملة بمنزلة التذييل لما قبلها.
فتنة لا بد من الانتباه لها عند مخاطبة العلماء والدعاة أختي المسلمة: إنّ محبتنا واعتزازنا بعلمائنا وإخواننا من الدعاة العاملين لنصرة دين الله فرعٌ عن محبتنا لله عزّ وجلّ، وهو أمر طيب أقرّه الله تعالى؛ حيث قال: {وَالْمُؤْمِنُو َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 71)، قال ابن كثير في تفسيره: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، أي: يتناصرون ويتعاضدون، كما جاء في الحديث المتفق على صحته: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» وشبك بين أصابعه. وفي حديث آخر: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»متفق عليه.
فغاية هذه المحبة الولاء والمناصرة والتأييد، وليس بالتعبير عنها مشافهة أبداً، كأن تتصل امرأة مسلمة بعالم أو بأحد الدعاة لتخبره على الملأ «وبمنتهى النية الطيبة» أنها تحبه في الله!! فهذا مما لا يرضاه الله عزّ وجلّ، ويخالف أدب المسلمة وحياءها اللائق بها.. فأجلّي نفسك أختي الحبيبة عن هذه الرعونات والتصرفات الطائشة، والتزمي ما زينك الله به من الأدب والصيانة.
وإليكِ -أختي المسلمة- بعض النصائح والتوجيهات المتعلقة بأدب السؤال وفقهه، لعل الله أن ينفعك بها:
- إذا لم تعرفي أمور دينك فلا تترددي في السؤال حتى لو كانت المسألة محرجة بالنسبة لك، وتذكري قول الله -تعالى-: {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } (الأنبياء: 7).
- لا بد من أن تكون لديكِ حاجة حقيقية للسؤال، وليس من باب الاستهتار وإضاعة الوقت، ولاسيما بعدما أصبح التواصل مع الشيوخ وأهل العلم ميسوراً، فقد نهينا عن السؤال لغير حاجة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم»، قال أهل العلم: قوله «كثرة مسائلهم» يعني عما لم يقع وعما لم يأتِ بيانه في الكتاب المنزل.
- هناك أنواع من الأسئلة لا فائدة من ورائها، قد نهى الشرع عنها فتجنبيها، مثل السؤال عما لا يعني، وما لا فائدة من ورائه، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات. وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» متفق عليه، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عند شرحه قوله صلى الله عليه وسلم : «وكثرة السؤال» ما نصه: «وقد ثبت عن جمع من السلف كراهتهم تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة، أو يندر جـــــداً، وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع، والقول بالظن؛ إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ». ومن ذلك أيضاً طرح غريب الأسئلة بغرض امتحان الشيوخ لا أكثر، وهذا من سوء الأدب، قال رجل للشعبي: لقد خبأت لك مسائل! فقال: خبّئها لإبليس حتى تلقاه فتسأله عنها..!
- اكتبي سؤالك قبل التوجه به للعالم بطريقة مرتبة تتضمن سرد التفاصيل المهمة التي تؤدي بتسلسل إلى موطن السؤال، ومحل الاستفتاء؛ فإنّ أسلوب الكتابة أجمع لأفكارك، وأبعد عن الانفعال أو الحرج، ومن خلاله توضحين موضوع سؤالك - وإن كان طويلاً - من دون أن تقاطعي الشيخ، ولا تحوجيه لكثرة الاستفسار عن التفاصيل المهمة، وإن كنت لا تحسنين الكتابة، فاطلبي ذلك ممن يحسن عرض سؤالك شفهياً أو كتابةً وتثقين به.
- ألقي السلام، ثم اعرضي السؤال مباشرة، هكذا.. «السلام عليكم، ما حكم الله في كذا».. من غير أن تسألي عن صحة الشيخ وأحواله أو غير ذلك من شؤونه.
- إذا كان السؤال خاصاً «مشكلة زوجية أو عائلية» فلا داعي لعرضه على الهواء، لكن اطلبي رقم الشيخ من غرفة التحكم أو(الكونترول)، وكلميه لاحقاً، وليكن السؤال بعبارة مختصرة، وألفاظ مهذبة، ولتستخدمي الكناية ما أمكن.. كما وضحنا آنفاً.
- إذا كان من الممكن أن يقوم الزوج أو الأخ أو الابن بطرح سؤالك نيابة عنكِ، فذلك أفضل، وإذا كان ذلك غير ممكن فاسألي مباشرة ولا تترددي في السؤال.
وفي الختام: تذكري أنّ هذه الضوابط لا تعني أبداً عرقلة المرأة عن البحث والتعلم، فتاريخ أمتنا المسلمة يزدان بنماذج رائعة للمرأة العالمة الفاضلة، وإلى الآن - بحمد الله تعالى - لم تتوقف المرأة المسلمة عن الاجتهاد والتفوق العلمي متمسكةً بحجابها الكامل، وحيائها وأدبها، لكن هكذا جعل الله التقوى قرينة العلم النافع، كما قال الله عزّ وجلّ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} (البقرة: 282).
اعداد: سحر شعير
وسؤال المرأة لأهل العلم عن أمر دينها مما لا تستغني عنه، وهو من الأسباب التي يباح من أجلها أن تخاطب الأجنبي
كان من شأن الصحابيات استخدام الكناية عند السؤال عمّا يستحى منه، أو رفع الشكوى في أمر خاص إلى من يفصل فيها
تذكري أنّ هذه الضوابط لا تعني أبداً عرقلة المرأة عن البحث والتعلم، فتاريخ أمتنا المسلمة يزدان بنماذج رائعة للمرأة العالمة الفاضلة
فقد أباح الشرع الحنيف للمرأة أن تتكلم مع الرجل الأجنبي لحاجة، أي «لسبب مشروع»، ومن الحاجة: أن تباشر البيع والشراء وسائر المعاملات المالية الأخرى، وما كان في طلب العلم تعلّماً وتعليماً، كأن تسأل المرأة الرجل العالم عن مسألة شرعية، أو أن يسألها الرجل إذا اختصت بعلم دون الرجال في زمانها أو مكانها، فعن ابن أبي مليكة أنه قال: «كانت عائشة رضي الله عنها لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه» أخرجه البخاري. ونقل عن الغزالي: «فلم تزل النساء في زمن الصحابة - رضي الله عنهم - يكلمن الرجال في السَّلام، والاستفتاء، والسؤال، والمشاورة، وغير ذلك».
وسؤال المرأة لأهل العلم عن أمر دينها مما لا تستغني عنه، وهو من الأسباب التي يباح من أجلها أن تخاطب الأجنبي (العالِم) وتسأله عمّا بدا لها، قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (المجادلة: 1)، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: تبارَكَ الَّذي وسِعَ سمعُهُ كلَّ شيءٍ، إنِّي لأسمعُ كلامَ خَولةَ بنتِ ثَعلبةَ ويخفَى علَيَّ بعضُهُ، وَهيَ تشتَكي زَوجَها إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهيَ تقولُ: يا رسولَ اللَّهِ، أَكَلَ شَبابي، ونثرتُ لَهُ بَطني، حتَّى إذا كبُرَتْ سِنِّي، وانقطعَ ولَدي، ظاهرَ منِّي، اللَّهمَّ إنِّي أشكو إليكَ، فما برِحَتْ حتَّى نزلَ جِبرائيلُ بِهَؤلاءِ الآياتِ: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ» رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وزوجها هو أوس بن الصامت رضي الله عنهم أجمعين. ومعنى قوله تعالى: {تُجَادِلُكَ}: تخاصمك وتحاورك وتراجعك في زوجها. (راجع تفسير ابن كثير).
فقد كانت المسارعة إلى استفتاء النبي صلى الله عليه وسلم عمل الصحابيات إذا نزل بهن أمرٌ يجهلنه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: طُلِّقَت خالتي فأرادت أن تجذّ نخلها – تجني ثماره –، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «بلى فجذّي نخلك» (رواه مسلم).
وكنّ يستفتين النبي صلى الله عليه وسلم في أمورهن الخاصة التي يُسْتَحَى منها: جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا رأت الماء. فغطّت أم سلمة - تعني وجهها – وقالت: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟ قال: نعم، تربت يمينك! فبمَ يُشبهها ولدها؟» (أخرجه البخاري)، وفي رواية لمسلم قالت أم سلمة رضي الله عنها: قلت: فضحتِ النساء!
وقول أم سُليم رضي الله عنها: «إنّ الله لا يستحيي من الحق» تقديم وتوطئة للسؤال الذي يُستحيا منه، بل يحسن أن يُقدّم به لمثل هذا السؤال، بدلاً من قول بعض الناس خطأ: «لا حياء في الدِّين» والصحيح: «لا حياء في العلم»، ثم إن هذا القول: «إن الله لا يستحيي من الحق» أي إن الله عز وجل لا يأمر بالحياء في مثل هذا الموضع، فقد يؤدي إلى الامتناع من السؤال والتوقف عن معرفة الحكم، وقد يترتب على ذلك أن تظل المرأة تقيم عبادتها بشكل خطأ، فتأثم بذلك.
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَال: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا». قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: تَطَهَّرِي بِهَا! قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي». فَاجْتَبَذْتُهَ ا إِلَيَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ (رواه البخاري).
ولذلك استحقت الصحابيات المدح نظراً لحرصهن على الخير، وعلى تعلم أمر دينهن مما تصلح به عبادتهن، فعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنِ الدِّينِ وَيَتَفَقَّهْنَ فِيهِ» (أخرجه مسلم).
ويعجزهن الحياء عن التصريح فيلجأن للكناية!
كان من شأن الصحابيات استخدام الكناية عند السؤال عمّا يستحى منه، أو رفع الشكوى في أمر خاص إلى من يفصل فيها، ما دام القاضي أو المفتي حصيفاً يفهم ذلك، ومن ذلك ما ورد عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما، قال: «أنكَحَني أبي امرأةً ذاتَ حسَبٍ، فكان يتعاهَدُ كَنَّتَه فيَسألهُا عن بعلِها، فتقولُ: نِعمَ الرجلُ من رجلٍ، لم يَطَأْ لنا فِراشًا، ولم يَفتِشْ لنا كنَفًا مُذ أتَيناه، فلما طال ذلك عليه، ذكَر للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: «القَني به». فلَقِيتُه بعدُ، فقال: «كيف تصومُ»؟ قلتُ: كلَّ يومٍ، قال: «وكيف تَختِمُ»؟ قلتُ: كلَّ ليلةٍ، قال: «صُمْ في كلِّ شهرٍ ثلاثةً ، واقرَأِ القرآنَ في كلِّ شهرٍ». قال: قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك، قال: «صُمْ ثلاثةَ أيامٍ في الجمُعةِ». قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك ، قال: «أفطِرْ يومينِ وصُمْ يومًا». قال : قلتُ: أُطيقُ أكثرَ من ذلك، قال: «صُمْ أفضلَ الصومِ، صومَ داودَ، صيامَ يومٍ وإفطارَ يومٍ، واقرَأْ في كلِّ سبعِ ليالٍ مرةً». فلَيتَني قَبِلتُ رُخصَةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وذاك أني كَبِرتُ وضَعُفتُ، فكان يَقرَأُ على بعضِ أهلِه السُّبعَ منَ القرآنِ بالنهارِ، والذي يَقرَؤه يَعرِضُه منَ النهارِ، ليكونَ أخَفَّ عليه بالليلِ, وإذا أراد أن يتقَوَّى أفطَر أيامًا، وأحصى وصام أيامًا مثلَهن، كراهيةَ أن يَترُكَ شيئًا فارَق النبيَّ صلى الله عليه وسلم عليه» أخرجه البخاري.
ومن ذلك أيضاً ما حدث مع الإمام أبي حنيفة، فقد روي أن امرأة جاءت إلى حلقة أبي حنيفة - رحمه الله - وألقت إليه بتفاحة جانبها أحمر وجانبها الآخر أصفر، فلم يتكلم الإمام ودعا بسكين ثم شقّ التفاحة إلى نصفين ودفعها إلى المرأة، فشكرته وانصرفت، وتعجب تلاميذ الإمام من الموقف الذي حدث أمامهم، فأخبرهم الإمام أنّ المرأة جاءت تسأل عن حيضها وأنها ترى الدم أحمر تارة وأصفر تارة أخرى، فمتى تطهر؟ فكان تصرف الإمام معناه أنها تطهر إذا رأت القصة البيضاء مثل قلب التفاحة..!! ولخطاب الأجنبي حدود وضوابط.
وأما الهيئة والطريقة التي ينبغي للمرأة أن تكون عليها إذا خاطبت أجنبياً فقد بيّنها الله عزّ وجلّ بأوضح عبارة في كتابه العزيز؛ حيث قال عزّ وجلّ: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (الأحزاب: 32)، قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك، قال السدّي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال؛ ولهذا قال: «فيطمع الذي في قلبه مرض»، أي: دغل، وقلن قولاً معروفاً: قال ابن زيد: قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير. ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها (راجع تفسير ابن كثير للآية)، وجاء في تفسير هذه الآية في (التحرير والتنوير): «فرعٌ على تفضيلهن وترفيع قدرهن. إرشادهن إلى دقائق من الأخلاق قد تقع الغفلة عن مراعاتها لخفاء الشعور بآثارها، ولأنها ذرائع خفية نادرة تفضي إلى ما لا يليق بحرمتهن في نفوس بعض ممن اشتملت عليه الأمة، وفيها منافقوها.
وابتدئ من ذلك بالتحذير من هيئة الكلام، فإن الناس متفاوتون في لينه، والنساء في كلامهن رقة طبيعية، وقد يكون لبعضهن من اللطافة ولين النفس ما إذا انضم إلى لينها الجبلي قربت هيئته من هيئة التدلل؛ لقلة اعتياد مثله إلا في تلك الحالة.
والخضوع: حقيقته التذلل، وأطلق هنا على الرقة لمشابهتها التذلل، وقوله عزّ وجلّ: «تخضعن بالقول»، أي تجعلنه خاضعاً ذليلاً، أي رقيقاً متفككاً. والنهي عن الخضوع بالقول إشارة إلى التحذير مما هو زائد على المعتاد في كلام النساء من الرقة، وذلك ترخيم الصوت، أي ليكن كلامكن جزلاً.
وعطف وقلن قولاً معروفاً على لا تخضعن بالقول بمنزلة الاحتراس، لئلا يحسبن أن الله كلفهن بخفض أصواتهن كحديث السرار.
والقول: الكلام، والمعروف: هو الذي يألفه الناس بحسب العرف العام، ويشمل القول المعروف هيئة الكلام، وهي التي سيق لها المقام، ويشمل مدلولاته أن لا ينتهرن من يكلمهن أو يسمعنه قولاً بذيئاً من باب: فليقل خيراً أو ليصمت. وبذلك تكون هذه الجملة بمنزلة التذييل لما قبلها.
فتنة لا بد من الانتباه لها عند مخاطبة العلماء والدعاة أختي المسلمة: إنّ محبتنا واعتزازنا بعلمائنا وإخواننا من الدعاة العاملين لنصرة دين الله فرعٌ عن محبتنا لله عزّ وجلّ، وهو أمر طيب أقرّه الله تعالى؛ حيث قال: {وَالْمُؤْمِنُو َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 71)، قال ابن كثير في تفسيره: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، أي: يتناصرون ويتعاضدون، كما جاء في الحديث المتفق على صحته: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» وشبك بين أصابعه. وفي حديث آخر: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»متفق عليه.
فغاية هذه المحبة الولاء والمناصرة والتأييد، وليس بالتعبير عنها مشافهة أبداً، كأن تتصل امرأة مسلمة بعالم أو بأحد الدعاة لتخبره على الملأ «وبمنتهى النية الطيبة» أنها تحبه في الله!! فهذا مما لا يرضاه الله عزّ وجلّ، ويخالف أدب المسلمة وحياءها اللائق بها.. فأجلّي نفسك أختي الحبيبة عن هذه الرعونات والتصرفات الطائشة، والتزمي ما زينك الله به من الأدب والصيانة.
وإليكِ -أختي المسلمة- بعض النصائح والتوجيهات المتعلقة بأدب السؤال وفقهه، لعل الله أن ينفعك بها:
- إذا لم تعرفي أمور دينك فلا تترددي في السؤال حتى لو كانت المسألة محرجة بالنسبة لك، وتذكري قول الله -تعالى-: {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } (الأنبياء: 7).
- لا بد من أن تكون لديكِ حاجة حقيقية للسؤال، وليس من باب الاستهتار وإضاعة الوقت، ولاسيما بعدما أصبح التواصل مع الشيوخ وأهل العلم ميسوراً، فقد نهينا عن السؤال لغير حاجة؛ فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم»، قال أهل العلم: قوله «كثرة مسائلهم» يعني عما لم يقع وعما لم يأتِ بيانه في الكتاب المنزل.
- هناك أنواع من الأسئلة لا فائدة من ورائها، قد نهى الشرع عنها فتجنبيها، مثل السؤال عما لا يعني، وما لا فائدة من ورائه، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات، ووأد البنات. وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» متفق عليه، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عند شرحه قوله صلى الله عليه وسلم : «وكثرة السؤال» ما نصه: «وقد ثبت عن جمع من السلف كراهتهم تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة، أو يندر جـــــداً، وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع، والقول بالظن؛ إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ». ومن ذلك أيضاً طرح غريب الأسئلة بغرض امتحان الشيوخ لا أكثر، وهذا من سوء الأدب، قال رجل للشعبي: لقد خبأت لك مسائل! فقال: خبّئها لإبليس حتى تلقاه فتسأله عنها..!
- اكتبي سؤالك قبل التوجه به للعالم بطريقة مرتبة تتضمن سرد التفاصيل المهمة التي تؤدي بتسلسل إلى موطن السؤال، ومحل الاستفتاء؛ فإنّ أسلوب الكتابة أجمع لأفكارك، وأبعد عن الانفعال أو الحرج، ومن خلاله توضحين موضوع سؤالك - وإن كان طويلاً - من دون أن تقاطعي الشيخ، ولا تحوجيه لكثرة الاستفسار عن التفاصيل المهمة، وإن كنت لا تحسنين الكتابة، فاطلبي ذلك ممن يحسن عرض سؤالك شفهياً أو كتابةً وتثقين به.
- ألقي السلام، ثم اعرضي السؤال مباشرة، هكذا.. «السلام عليكم، ما حكم الله في كذا».. من غير أن تسألي عن صحة الشيخ وأحواله أو غير ذلك من شؤونه.
- إذا كان السؤال خاصاً «مشكلة زوجية أو عائلية» فلا داعي لعرضه على الهواء، لكن اطلبي رقم الشيخ من غرفة التحكم أو(الكونترول)، وكلميه لاحقاً، وليكن السؤال بعبارة مختصرة، وألفاظ مهذبة، ولتستخدمي الكناية ما أمكن.. كما وضحنا آنفاً.
- إذا كان من الممكن أن يقوم الزوج أو الأخ أو الابن بطرح سؤالك نيابة عنكِ، فذلك أفضل، وإذا كان ذلك غير ممكن فاسألي مباشرة ولا تترددي في السؤال.
وفي الختام: تذكري أنّ هذه الضوابط لا تعني أبداً عرقلة المرأة عن البحث والتعلم، فتاريخ أمتنا المسلمة يزدان بنماذج رائعة للمرأة العالمة الفاضلة، وإلى الآن - بحمد الله تعالى - لم تتوقف المرأة المسلمة عن الاجتهاد والتفوق العلمي متمسكةً بحجابها الكامل، وحيائها وأدبها، لكن هكذا جعل الله التقوى قرينة العلم النافع، كما قال الله عزّ وجلّ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} (البقرة: 282).
اعداد: سحر شعير